الإدارة والتخطيط السليم أصبحا عصب كرة القدم الحديثة فبهما تستطيع أن تحقق ما تريد وبدونهما لن تحصل علي أي شيء.. وهناك ستة أندية مصرية هذا العام يعكس حالها مدي تأثير الإدارة.. ثلاثة منها اجتهدت وحاربت كل الظروف لتحقيق الحلم هي وادي دجلة وسموحة والمقاصة.. تلك الأندية جمعتهما إدارة خططت ودعمت وأضفت الاستقرار علي الفريق والنتيجة هي تحقيق الهدف ونجاح وحجز تذكرة الصعود إلي الدوري الممتاز. وفي المقابل ثلاثة أندية أخري (غزل المحلة والمنصورة وبترول أسيوط) فقدت التركيز وغرقت في مشاكلها الإدارية والفنية ولم تجد الدعم الملائم بعد أن فقد المسئولون حماسهم واهتمامهم... فداهمتهما سكرات الموت لتعلن الوفاة رسميا في الدوري الممتاز. وما بين الصعود إلي دوري الذوات والهبوط إلي دوري الغلابة ابحث دائمًا عن الإدارة! وادي دجلة... تجربة أوروبية بنكهة مصرية بكل جدارة واستحقاق قطع نادي وادي دجلة تذكرة الصعود للدوري الممتاز ليلحق بتوأمه ليرس البلجيكي الذي صعد للدوري الممتاز البلجيكي بعد صدارته للمجموعة الثانية بدوري الدرجة الأولي ليتأهل للدوري الممتاز لأول مرة في تاريخه رغم أنها المشاركة الأولي له بعد أن نجح في شق طريقه من الدرجة الرابعة في دوري (الحناكيش) عام 2006 إلي دوري الملايين والشهرة عام 2010 في أربع سنوات في معجزة كروية فريدة لم تتحقق منذ عام 1981. نادي وادي دجلة الذي تكون عبر مجموعة من رجال الأعمال تشاركوا لإقامة نادٍ اجتماعي رياضي في ضاحية المعادي لخدمة سكان المنطقة من الطبقة الراقية في المجتمع المصري، ورغم كثرة أندية الشركات في الدوري المصري سواء الدرجة الأولي أو الثانية إلا أن تجربة وادي دجلة تعد الأولي من نوعها في مصر. فأغلب أندية الشركات في مصر يخضع لجهات حكومية من وزارات وهيئات كأندية البترول أو القوات المسلحة أو الشركات الحكومية كالمقاولون العرب، أما دجلة فهو أول ناد خاص في مصر يتكون من شركاء ومستثمرين. استعان ماجد سامي رئيس النادي بتجربته في أوروبا وجلب العديد من الأندية الأجنبية لتتولي الإشراف علي قطاعات الناشئين بالنادي قبل تكوين فريق أول ينافس في مسابقات الدوري المصري من الدرجة الرابعة. وتميز الفريق بطابع أوروبي منذ بدايته إذ يمتلك موقعا رسميا علي شبكة الإنترنت يتفوق بمراحل علي نظيره في الأندية المصرية الكبري في الدوري الممتاز. كما أن مدرجات ملعب الفريق امتلأت بجماهير من سكان المنطقة وفرق الناشئين يرتدون قمصان وادي دجلة في مشهد جديد علي المدرجات المصرية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلي امتلاك النادي قناة فضائية خاصة علي قمر النايل سات تحمل اسمه ليصبح ثاني ناد مصري يملك قناة خاصة بعد الأهلي. من جانبهم عبر لاعبو وادي دجلة عن فرحتهم الشديدة بالصعود مؤكدين أن دعم الإدارة والاستقرار والاحترام وراء النجاح. بركات علام كابتن الفريق الذي شهد رحلة الكفاح مع النادي منذ الدرجة الرابعة إلي الدوري الممتاز وهداف الفريق علي مر تاريخه ب37 هدفًا بالرغم من أن مركزه جناح أيمن... قال ل«روزاستاد» من الممكن ألا نكون الفريق الأفضل في مجموعتنا ولكننا الأكثر تنظيما، لا تهزنا النتائج ولا نهتم بنتائج المنافسين لأننا وضعنا الصعود نصب أعيننا منذ بداية الموسم، لا فرق بين أساسي وبديل، لدرجة أن المباريات الودية مع فرق كبري مثل إنبي كانت تلعب بالفريق الاحتياطي كما أن لدينا إدارة قادرة علي احتواء الأزمات توفر كل الدعم، بعيدًا عن التدخلات، أما عن استمراره مع الفريق من عدمه قال إنه يتبقي عام في عقده مع النادي وأنه يرغب في الاستمرار بالرغم من توافر عروض من أندية الداخلية وتليفونات بني سويف، وحتي إذا رغب وادي دجلة في الاستغناء عن خدماتي دون إعطائي بقية عقدي لن أعترض فهذا النادي فضله علي. رجل الأعمال ماجد سامي رئيس نادي وادي دجلة وليرس البلجيكي الذي وصفه موقع «بلجيكا سوكر» المتخصص في كرة القدم ب«المجنون» عندما خاطر بأمواله في شراء نادي ليرس رغم أنه كان في حالة يرثي لها سواء من الناحية المالية أو الفنية، لكنه أثبت للجميع أن قراره جاء موفقًا وناجحًا بعدما قاد الفريق من المنافسة علي الهبوط للقسم الثالث إلي الدوري البلجيكي الممتاز، بل وكرر الأمر مع وادي دجلة في مصر وتحدث عن الإنجاز التاريخي قائلاً: «النجاح يبدأ دائمًا بحلم»، وأنه كان يحلم عندما كان يتحدث عن دخول مجال كرة القدم، ولكن الآن الحلم تحول إلي حقيقة. وعن ملعب دجلة في الممتاز قال إنه يفاضل بين ثلاثة ملاعب في مقدمتها ملعب المقاولون العرب لاختيار أحدها واعتماده ملعبًا رسميًا للفريق، مشيرًا إلي أنه سيكافئ الفريق بإنشاء استاد جديد علي أفضل طراز بمدينة السادس من أكتوبر، خلال ثلاث سنوات وأنه يبحث إقامة معسكر إعداد في بلجيكا. وعن التعاقدات الجديدة أكد أنه سيسعي لتجديد وتحديث قوام الفريق بالتعاقد مع العديد من اللاعبين الجدد لقيادة الفريق في الممتاز الموسم المقبل، أملاً في الانضمام لمجموعة الفرق التي صعدت من الدرجة الثانية وأثبتت قدراتها في المنافسة علي مراكز متقدمة أمثال بتروچيت والإنتاج الحربي واتحاد الشرطة. سموحة حفيد عروس البحر المتوسط صعد نادي سموحة إلي الدوري الممتاز هذا الموسم لأول مرة في تاريخه، بعد تصدره مجموعة بحري، في الدرجة الأولي بجدارة بفارق 12 نقطة عن أقرب منافسيه الكروم. تأسس نادي سموحة عام 1949، وترجع تسميته إلي تأسيسه في حي سموحة بمدينة الإسكندرية ولأن أول رؤساء النادي في تاريخه يسمي جوزيف سموحة. ويشارك سموحة بكافة الرياضات الفردية والجماعية، مثل كرة اليد وكرة الطائرة (الدرجة الأولي) ويرأسه رجل الأعمال الشهير المهندس فرج عامر منذ عام 1998حتي الآن. يضم نادي سموحة العديد من النجوم أبرزهم المدافع الغاني الدولي الحبيب محمد ودانيال مهاجم المنتخب الموزمبيقي (29 عامًا) بالإضافة إلي المعارين في الانتقالات الشتوية علاء إبراهيم نجم الأهلي السابق من بتروجيت، وحسن سوستة القادم من الاتحاد السكندري. من جانبه قال رئيس سموحة فرج عامر إنه سعيد جدًا بالصعود وأنه يأتي تكليلاً للمجهودات التي بذلت من الجميع. وأضاف أن الإدارة استقرت علي إسناد المهمة للمخضرم محسن صالح المدير الفني السابق للمنتخب الوطني لمدة موسمين مقابل 100 ألف جنيه شهريًا، ويعاونه حمزة الجمل لقيادة سموحة في الدوري الممتاز نحو مراكز متقدمة. عريس الفرح الكابتن مشير عثمان الذي نجح فيما فشل فيه الآخرون.. الصعود بسموحة إلي دوري الأضواء والشهرة والذي جاء قرار إقالته صادما للجميع تحدث ل«روزاستاد» عن أسباب النجاح قائلاً: إنها منظومة عمل متكاملة بدءًا من مجلس الإدارة والجهازين الفني والطبي، كان هناك التزام من الجميع فأصبح تركيز اللاعب منصبا علي تحقيق حلم الصعود الذي تحقق بالفعل بلاعبين متوسط قيمة عقودهم 140 ألف جنيه وهو رقم هزيل جدًا. أضاف مشير أنه استلم الفريق هذا الموسم بعد المباراة الرابعة، وكان في المركز الثامن وقام بتعديل اللائحة لتتناسب مع حلم الصعود. أما عن اللاعبين فيؤكد المدير الفني السابق للفريق أنه قام بتصعيد 7 لاعبين من فريق الشباب لعب منهم 3 لاعبين 19 عامًا . مصر المقاصة .. عملاق الصعيد احتفل أكثر من 30 ألف مشجع بمحافظة الفيوم حتي ساعات مبكرة من الصباح بصعود فريق مصر للمقاصة الذي يمثلها إلي الدوري الممتاز للمرة الأولي في تاريخ المحافظة وطافت الجماهير شوارع المدينة وحملت اللاعبين علي الأعناق. نادي مصر المقاصة هو حلم الفيومية البالغ عددهم (2.5 مليون نسمة).. حلم محافظة كبيرة لم تسعد في يوم من الأيام بأن يكون لها فريق في الدوري الممتاز. جاء فريق مصر المقاصة ليحقق حلم جماهير الفيوم الكبيرة والعظيمة والعاشقة لكرة القدم والولادة للنجوم الكبار الذين أسعدوا الكثير من الشعب المصري مثل نجم الأهلي سيد معوض ونجم الأهلي السابق سيد عبد الحفيظ والراحل محمد عبد الوهاب وصبري رحيل نجم الزمالك. مصر المقاصة الحديث العهد أثبت أن كرة القدم لا تعترف بالتاريخ وازاح فرقًا كبري كالمنيا واسوان وسوهاج والالمونيوم واثبت أن الجهد والعرق داخل الملعب بجانب الامكانيات المادية هما السبيل الوحيد للنجاح. أنشئ عام 2003 باسم هويدي منتسبا لعائلة هويدي التابعة لمحافظة الفيوم ثم تغير إلي اسم الفراعنة ثم تغير في بداية الموسم الماضي لاسم مصر المقاصة التي ترعي الفريق. تعتبر شركة مصر المقاصة من أكبر شركات الأموال في مصر رأس مالها حوالي 60 مليار جنيه وهي شركة مصرفية رئيس مجلس ادارتها الاستاذ محمد عبد السلام. كما يعتبر اللواء محمد عبد السلام من كبار رجال الأعمال في مصر ويدير شركة مصر المقاصة منذ فترة كبيرة ويعتبر هو المسئول عن النشاط الإداري بالفريق ويعاونه المحاسب وليد هويدي. ويضم الفريق العديد من اللاعبين المتميزين الذين صالوا وجالوا مع الفريق وأثبتوا للجميع انهم الأجدر للوصول هذا الموسم للدوري الممتاز، كان من نجوم الفريق اللاعب أيمن كمال صاحب الرقم 10 الذي تهافت عليه الزمالك للحصول علي خدماته لكن ادارة نادي مصر المقاصة اصرت علي بقاء اللاعب بالفريق. واكد د. جلال مصطفي محافظ الفيوم أن فريق مصر المقاصة يستحق الصعود لأدائه الرجولي والتصميم حتي يحقق حلم شعب الفيوم، واشار إلي أنه سيساند بقوة فريق المقاصة خلال مباريات الدوري الممتاز في الموسم الجديد وطالب بعودة الطيور المهاجرة التي تلعب في أندية الدوري الممتاز للعب ضمن مصر المقاصة خاصة أنه يمثل محافظة الفيوم. كما صرح اللواء محمد عبد السلام رئيس نادي المقاصة بأن الفريق: «سيستمر الموسم المقبل في اللعب علي ملعبه بالفيوم لأن الجمهور ذواقة وعاشقة للفريق حيث صنع الجمهور ملحمة للفريق عقب الفوز والتأهل .. ونأمل أن نصبح من الفرق التي لها شأن وبصمة في الممتاز». الغياب عن الأضواء وكما كان هناك كفاح للاقلاع من دوري الظل والهبوط علي دوري الأضواء والشهرة كان هناك صراع من أجل البقاء.. تحت شعار اخدم نفسك بنفسك، أفلت منه المقاولون العرب والمصري والجونة في اللحظات الأخيرة ووقع في الفخ بترول أسيوطوالمنصورة والمحلة ليعلن هبوطها رسميا.. وبالطبع كما كانت الإدارة هي كلمة السر في صعود أندية للأضواء كانت نفسها هي سبب تدهور وسقوط أندية أخري. هبط نادي غزل المحلة إلي دوري الدرجة الثانية محتلا المركز الرابع عشر بعد أن تدهورت الأوضاع داخل نادي الفلاحين ووصلت إلي حالة ترثي لها مدينة المحلة كبري مدن محافظة الغربية وهي أكثر المدن صناعة للغزل والنسيج ومن إحدي شركات الغزل التي أسسها طلعت حرب عام 72 انبثق نادي غزل المحلة الذي طالما صال وجال في السبعينيات وحصل علي بطولة الدوري العام عام 73/72 ووصل لنهائي افريقيا عام 74، المحلة الذي أخرج شوقي غريب والسياجي وعمر عبد الله وعبد الرحيم خليل وعماشة. ولم يكن هبوط المحلة هذا الموسم هو الأول له فقد سبق أن هبط في موسم97/96 ثم عاد للأضواء ليهبط ثانية في عام 2000/99 ثم في العام التالي يعود مجددا هذا الموسم إلي الهبوط وكأنه علي موعد مع القدر. عاش 463 ألف - مواطن ومواطنة محلاوية (هم عدد سكان المحلة الكبري) ليلة حزينة، خرجت الجماهير الغاضبة إلي شوارع المحلة تطالب باقتلاع الفساد ورحيل مجلس الإدارة وتسريح اللاعبين المقصرين، وسارع مجلس الإدارة بإعطاء مسكن للجماهير بإقالة المدير الفني للفريق محمد رضوان وتعيين ابن المحلة أحمد حسن خلفا له. وأما أبناء غزل المحلة فقد اعربوا عن حزنهم الشديد لهبوط ناد عريق يمتلك تاريخا مشرفا. وصرح شريف الخشاب أحد أبناء غزل المحلة ومدرب منتخب تشاد الحالي بأن الأوضاع في النادي مليئة بالفساد وأنه أراد أن يأخذ موقفا لمصلحة النادي التي فضلها علي مصلحته الشخصية وقدم استقالته ومعه 10 أفراد من الجهاز الفني والإداري في سابقة هي الأولي من نوعها، وبالرغم من تأكيد اللاعبين لكل الفساد الذي تم كشفه لم يتحرك المسئولون وحمل الخشاب مسئولية ما حدث لرئيس النادي الذي جاء بسيد خير الله الذي يحمل (دبلوم تجارة) للاشراف علي الكرة والتعاقدات في النادي أما المنصورة ثاني الهابطين إلي دوري القسم الثاني، فهو الممثل الشرعي والوحيد لمدينة المنصورة (عاصمة الدقهلية)، صعد المنصورة العام الماضي وسط فرحة وابتهاج من الجماهير ولكن سرعان ما خيب المنصورة الآمال وعاد سريعا إلي دوري المظاليم كعادته في المركز قبل الأخير برصيد 19 نقطة، هبط المنصورة عدة مرات منها عام59/58 وظل لموسمين في القسم الثاني ثم عاود الهبوط في عام 65/64 بعد اعتزال معظم نجوم الفريق وظل موسمًا واحدًا بالدوري، وهبط مرة أخري عام 87، 1988 وظل في دوري الظل لموسمين وعام 91، 1992 هبط المنصورة مرة أخري بعد هروب لاعبيه إلي دوري الشركات بالإمارات، وبالرغم من أن المنصورة ولادة وغنية بمواهبها ونجومها إلا أن السياسة الفاشلة في بيع اللاعبين التي تتبعها مجالس الإدارات المتعاقبة لتحقيق عائد مادي ينفق علي شئون الفريق في ظل قلة الموارد وتخاذل كل رجال الأعمال من أبناء المنصورة في دعم الفريق ماديا، تعود بالنادي إلي النقطة صفر. وعن أسباب هبوط المنصورة صرح اللواء إبراهيم مجاهد رئيس النادي ل «روزاستاد» بأن: ضعف الإمكانات والموارد المالية والتحكيم الظالم في 7 مباريات كانت كفيلة بمنح المنصورة 21 نقطة تكفيه ليس للبقاء فقط ولكن لاحتلال مراكز متقدمة . أما بترول اسيوط ثالث الهابطين فهو أحد أندية الشركات التي تمثل محافظة أسيوط تأسس عام 1990 ومنذ تأسيسه يتأرجح ما بين صعود وهبوط ويعد الموسم الحالي هو أسوأ مواسمه علي الإطلاق بعد أن تخلي عنه التوفيق مثلما تخلت الإدارة عن تدعيمه بالشكل المناسب واتجاهها لتوفير النفقات في عالم كروي لا يرحم الضعيف فخسر معظم مبارياته علي ارضه، وحاول مديره الفني الكفء الدكتور جمال محمد علي (أن يصنع من الفسيخ شربات) ولكن بلا جدوي فهبط إلي القسم الثاني متذيلا جدول المسابقة حاملا 19 نقطة . وقد حصلت «روزاستاد» علي نسخة من التقرير الفني لنهاية الموسم للمدير الفني جمال محمد علي الذي يشرح فيه أسباب الهبوط. وما بين أهازيج وأفراح الصعود ودموع وحزن الهابطين يظل رأس المال والإدارة هما رأسا الحربة وسط غابة البقاء فيها للأقوي.