افتتاح أول مركز للقيادات الطلابية بجامعه المنوفية    أسعار الذهب اليوم الإثنين 12 مايو بالتعاملات المسائية    دمشق: تصريحات ترامب خطوة مشجعة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري    منتخب مصر للباراسيكل يكتسح بطولة أفريقيا لمضمار الدراجات ويحصد 29 ميدالية    موعد مباريات اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025| إنفوجراف    25 مايو المقبل.. احتجاجات غاضبة من جماهير مانشستر قبل مباراة أستون فيلا    مصرع شاب داخل ماكينة حصاد القمح بكفر الشيخ    رياح وأمطار على هذه المناطق.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الثلاثاء    مصطفى عماد يوجه رسالة شكر مؤثرة ل محمد سامي | صور    بعد تألقه في أستراليا.. هاني فرحات يكتب تاريخًا جديدًا للموسيقى العربية | صور    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟| الإفتاء تجيب    إخماد حريق داخل لوحات كهربائية داخل 3 طوابق بالمريوطية دون إصابات    الأهلي يتواصل مع فنربخشة لضم عمر فايد (تفاصيل)    45 فرصة عمل برواتب تصل إلى 36 ألف جنيه.. تعرف عل وظائف المصريين بالأردن 2025    أحمد أبو الغيط: هناك احتدام مكتوم بين أمريكا وإسرائيل    بيطري كفر الشيخ: تحصين 43210 طيور متنوعة باللقاحات ضد الأمراض الوبائية    أعراض ومضاعفات تسمم الماء.. المعاناة تبدأ ب 4 لترات وقد تنتهي بغيبوبة    رئيس «الرقابة الصحية» يزور مستشفى بئر العبد النموذجي تمهيدا لتطبيق «التأمين الصحي الشامل»    فحص 1140 مواطنا وصرف العلاج مجانا خلال قافلة طبية في السويس    جولة ميدانية لإدارة الطوارئ بمستشفيات منوف وسرس الليان لمتابعة جودة الخدمات الصحية    جدول امتحانات الترم الثاني للصف الخامس الابتدائي في الغربية    أتالانتا ضد روما.. التشكيل الرسمي لقمة الدوري الإيطالي    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    ترامب يدافع عن الطائرة هدية قطر: لست غبيا لأرفضها.. وقدمنا لهم الكثير من مساعدات الأمن والسلامة    محبوس بكفر الدوار ومزور اسمه.. كيف سقط المتهم في جريمة شقة محرم بك؟    أستاذ علوم سياسية: إنهاء صفقة عيدان ألكسندر خطوة مهمة فى دعم القضية الفلسطينية    تطور جديد فى خلاف أبناء محمود عبد العزيز ضد بوسي شلبي    أمينة الفتوى: هذه أدعية السفر منذ مغادرة المنزل وحتى ركوب الطائرة لأداء الحج    ما حكم إقامة العلاقة الزوجية أثناء الحج؟.. أمين الفتوى يجيب    نادية الجندي تخطف الأنظار بإطلالة شبابية جديدة | صورة    الأمم المتحدة: سكان غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي    يونيفيل: العثور على 225 مخبأ للسلاح جنوبي لبنان    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    قطرة شيطان.. قتل خالته وسهر بجوار جثتها مخمورًا حتى طلوع الفجر (كواليس جريمة بشعة)    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    فانتازي يلا كورة.. هالاند يطرد مرموش من تشكيل المدربين    أسعار الحديد ومواد البناء اليوم الإثنين 12 مايو 2025    الكرملين: بوتين حدد موقفه بشكل واضح بشأن استئناف المفاوضات مع أوكرانيا    رئيس جامعة أسوان يتفقد امتحانات كلية التجارة    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    رئيس الوزراء يتابع الاستعداد لتنفيذ قانون الرقم القومي العقاري    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    العراق: الواقع العربي يتطلب وقفة جادة لتحقيق العدالة الاجتماعية    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    حالة الطقس اليوم في السعودية    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناء تتمرد على «الخيمة» وترفض «التهميش» و«الاشتباه»
نشر في المصري اليوم يوم 06 - 08 - 2012

تسعة وأربعون كيلومترًا هي المسافة التي سيقطعها صالح غانم، الشيخ الستيني من قرية الريسان (35 كيلومترًا جنوب العريش)، حتى مدينة الحسنة للإدلاء بصوته في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية. عناءً كبيرًا لمن هو في سنه، ومشقة قد يصعب على غيره ممن هم أصغر سنًا تحملها. إلا أن طعم الأمان والمياه العذبة الذي يحلم أن يوفره له الرئيس المقبل يستحق التضحية.
على الرمال جلس صالح غانم يقص ل«المصري اليوم» بعضًا من مأساة قريته، الريسان، التي تمثل جزءًا من مأساة سيناء ومن شواهد تهميشها. عدد قليل من المنازل التي تعود لأبناء قبيلة الترابين، ومدرسة دون سور خارجي، فقط طابق واحد يضم سبع حجرات كتب عليها ضمن أهداف المدرسة «تدريب الطلاب على التكنولوجيا الحديثة». وبعد انتهاء طلاب المدرسة من التعليم الأساسي يلتحق من يرغب منهم في الانتقال إلى المرحلة الإعدادية بأقرب مدرسة لهذه المرحلة في المنطقة، وهي تبعد عن القرية 26 كيلومترًا.
كانت أبواب فصول المدرسة مغلقة بعد انتهاء امتحانات العام الدراسي. إلا أن الإخصائي الاجتماعي الذي يعمل بها كان يجلس مع عدد من شباب قريته في «المقعد» (عريشة يجلس تحتها شباب القرى حيث لا توجد مقاهي) الذي لا يبعد عن المدرسة سوى أمتار قليلة.
يعتقد عياد غانم، الذي كان يقدم لنا «الشاي البدوي» الذي تم تحضيره بنيران الحطب، أن الحكومة المصرية تعامل الأجنبي أفضل مما تعامل المواطن السيناوي: «الحكومة تميز ضد أبناء سيناء تمييزًا سلبيًا رغم أن قبائلنا هي التي تحمي الحدود، والدولة لم تستفد من ذلك الأمر».
بدو أم مواطنون؟
على هذه الأرض دفع عشرات الآلاف من شباب مصر دماءهم ثمنًا من أجل إعادتها إلى حضن الوطن. لم يكن أيًا منهم يتخيل ولو للحظة أن هذه الأرض التي أقسموا ألا يعودوا إلا بإعادتها سيتم التعامل معها من قبل حكام مصر على أنها عبء. كانوا يعتقدون أن دماءهم التي سالت فصبغت الرمال باللون الأحمر ستكون بداية لصبغ تلك الرمال باللون الأخضر. وإذ بها، وبعد عقود من «التحرير»، مازالت محتفظة بلونها الأصفر الصحراوي.
يقول محسن الصادق، مهندس بالوحدة المحلية بالعريش، إن «تهميش أبناء سيناء مستمر منذ 30 عامًا... يصورون سيناء على أنها مجرد خيمة أمامها غنم وبدوية تغزل... لصالح من يتم تهميش سيناء؟ هل لصالح إسرائيل؟ إظهار سيناء على أنها صحراء يجعل العدو يطمع فينا».
الاكتفاء بتوصيف المواطنين المصريين في سيناء على أنهم «بدو سيناء» يعد في نظر أشرف أيوب، الناشط السياسي والعضو السابق في المجلس المحلي لمحافظة شمال سيناء، «أحد أسوأ أساليب التهميش ضد المواطنين»، خاصة أن النظام يستخدم هذه التسمية في ترسيخ فكرة أن سكان المنطقة هم «العائق أمام تنميتها». ويؤكد أيوب أن قضية التهميش تمثل «معضلة» أمام الرئيس المقبل، وأن أي رئيس «يجب ألا يتعامل مع سيناء كجغرافيا دون بشر».
تكريس وجهة النظر القائلة إن المواطنين المصريين في سيناء ليسوا إلا مجموعة من «البدو» والتعامل معهم ومع سيناء بشكل فولكلوري يترتب عليه حرمانهم من الحق في العمل. فالبدوي بحسب النظرة الفولكلورية يعيش على الرعي، ومن ثم فلا حاجة للعمل لديه.
البحث عن عمل
ثلاثة عقود مرت منذ الإعلان عن «تحرير سيناء». ثلاثة عقود لم تسمح الدولة خلالها سوى بإنشاء مصنعين للأسمنت، الأول خاص والثاني تابع للقوات المسحلة، وهما منفذ العمل الوحيد لأبناء سيناء البالغ عددهم قرابة نصف مليون مواطن. إضافة إلى ذلك يقول أبناء سيناء إن الدولة تميّز ضدهم في العمل لصالح المواطنين المصريين من أبناء وادي النيل.
يقول السيناوي سلام غانم: «نسبة البطالة ضخمة في سيناء، ومن يجد فرصة عمل يعمل باليومية. أغلبية الوظائف الحكومية يشغلها أبناء الوادي لا أبناء سيناء. أنا أعمل في شركة الكهرباء منذ ثماني سنوات. وفي بداية العام الجاري أنهوا عقودنا واستبدلونا بموظفين من وادي النيل، وهذا يزيد من إحساس أبناء سيناء بالتهميش.»
«هم فقط يطالبون بحق العمل ولا ينكرونه على أبناء وادي النيل»، يقول سلام الكاشف أحد أبناء سيناء. «أهل الوادي إخوتنا... لكن نحن أيضًا من حقنا العمل. نحن لا نجد أي مبرر لهذا التصرف. حتى مصنع الأسمنت يعمل به شباب من وادي النيل أكثر من شباب سيناء
يختلف الوضع في جنوب سيناء كثيرًا عن شمالها. مشاريع سياحية يعمل بها العديد من أبناء وادي النيل، وكذلك عمال وموظفين أجانب، فيما يحرم أبناء الشمال والوسط وحتى الجنوب.
في العريش، قال لنا حسن عبد الله (33 عامًا): «المشاريع التنموية والسياحية في جنوب سيناء مقامة لخدمة السياحة الإسرائيلية في الدرجة الأولى، ولا يستفيد منها سوى رجال الأعمال الكبار. حتى مواطني جنوب سيناء استفادتهم قليلة جدًا من هذه المشاريع.» ويضيف عبد الله: «إذا فكرنا في دخول جنوب سيناء، يتم إذلالنا على نقاط التفتيش. نحتاج لتصريح أمني لدخول الجنوب، في حين يدخل السائح الإسرائيلي ولا يستطيع أحد أن يوقفه.»
الأمن
المواطن المصري في سيناء مشتبه به طوال الوقت. هو متهم بالبلطجة وتهريب السلاح والمخدرات واللاجئين، حتى لو أثبت العكس. هكذا تعاملت معه الحكومات المتعاقبة: حرمته من العمل، ومن تملك أرضه، ولم تمنحه قطرة ماء عذب، فلم يجد بعضهم ما يسد جوعه به سوى العمل في التهريب.
قبل الثورة كان الأمن المصري يتعامل مع المواطنين في سيناء بطريقة أشبه بأساليب قوات الاحتلال؛ المدافع الرشاشة مثبتة فوق المدرعات التي تجوب الشوارع.. فرق مكافحة الإرهاب الدولي تتعامل بعنفها المعهود مع مواطنين أبرياء.. قتل واعتقال بالاشتباه بالجملة. وقد زاد الأمر بعد تفجيرات طابا وشرم الشيخ.
يقول إبراهيم الكاشف عن تفجيرات طابا: «نحن بريئون من تفجيرات طابا وشرم الشيخ براءة الذئب من دم ابن يعقوب. أبناء العريش لم يرتكبوا أي جرم في أحداث طابا. أهينت العريش وأهينت نساؤها. الأجهزة الأمنية أهانت سيناء وأبنائها. وسيناء لم تغفر لرجال الأمن ما فعلوه في أبنائها».
ما أن اندلعت الثورة حتى قامت الشرطة بما قامت به في كل مكان في مصر: انسحاب كامل لتشيع حالة من الفوضى كان لسيناء منها نصيب كبير. ومنذ هذا التاريخ، أصبح الوضع الأمني في سيناء في المربع رقم صفر، حتى إن مدن مثل الشيخ زويد ورفح لا يوجد بها شرطي واحد، وأقسام الشرطة لم تستأنف نشاطها حتى الآن، رغم دفع القوات المسلحة بحوالي 1000 جندي وبعض المدرعات إلى سيناء بموافقة وزير الدفاع الإسرائيلي فيما سُمي بالعملية «نسر» الهادفة لضبط الأوضاع الأمنية في سيناء.
يقول الناشط السياسي السيناوي علاء الكاشف: «الوضع الأمني بعد الثورة صفر. الشرطة لا تظهر إطلاقًا والأمن غائب. أنا أستشعر الخطر، والمسؤول عن هذا الوضع هي الأجهزة الأمنية قبل الثورة، وحاليًا جهاز المخابرات.» ويضيف الكاشف: «سيناء أصبحت خطرًا على مصر. مع وجود الأنفاق والتهريب وتجارة البشر تكونت مافيات، بالإضافة إلى تواجد القاعدة وحزب الله وفصائل أخرى في وسط سيناء
التنمية والتهميش
التنمية والتهميش نقيضان لا يجتمعان، والأمن هو المفتاح لأي عملية تنمية في سيناء. عندما سألت الشيخ الستيني صالح غانم عن السبب الذي سيدفعه لقطع 49 كيلومترًا للإدلاء بصوته، قال دون تردد «الأمن».
إذن، فأبناء سيناء يبحثون عن رئيس يوفر لهم الأمن.. أمن المواطن لا أمن الدولة. يقول عياد غانم، إخصائي اجتماعي بمدرسة الريسان، إن «ثقافة جهاز الشرطة في تعامله مع أبناء سيناء يجب أن تتغير. يجب أن يدخل أبناء سيناء أكاديميات الأمن، وأن يكون لهذه الأكاديميات فروع في سيناء ليدخلها أبناء القبائل».
وقف التمييز السلبي ضد المواطنين المصريين في سيناء أحد أهم ما ينتظرونه من الرئيس المقبل. يقول أشرف أيوب: «يجب وقف التعامل مع أبناء سيناء كفولكلور.. يجب أن يتوقف تكريس التنظيم القبلي.. يجب ألا يُعتمد العرف كبديل عن القانون المدني.»
لا يطلب أبناء سيناء الكثير عندما يطالبون بحقهم في العمل. يقول سلام غانم: «يجب أن تكون الأولوية في التشغيل في سيناء لأبناء سيناء، سواء في الوظائف الحكومية، أو القطاع الخاص، أو أي مشروع استثماري. نريد أن يكون هناك استيطان في سيناء من قبل إخواننا من وادي النيل، ولكننا أيضًا نحتاج للتوظيف».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.