الحاخام «مردخاى إلياهو» يقول إن صوت المرأة اليهودية عورة، ولا يجوز لرجل غريب سماعه، بينما يؤكد الحاخام «موشيه راف» أن «رقص المرأة اليهودية حلال، وأن الرقص الشرقى بالذات يحرر الجسد والروح معا، وينبغى على المرأة اليهودية تعلمه». هذه المساحة من الاختلاف بين الحاخامات أتاحت لمدربة الرقص الإسرائيلية «ياعيل موآب» فرصة ذهبية لافتتاح مدرسة كبرى لتعليم الرقص الشرقى بالقرب من الجامعة العبرية فى القدس، تخصص مواعيد يومية لليهوديات المتدينات. «ياعيل» تطلب من اليهوديات الراغبات فى تعلم الرقص أن يتركن تشددهن الدينى على باب المدرسة، فالرقص الشرقى من وجهة نظرها فن سامى ومقدس لا ينجح فى جو من الوعظ والإرشاد. صحيفة معاريف خصصت غلاف عددها الأسبوعى لمدرسة «ياعيل» التى تقع على بعد محطتى أتوبيس من أشهر المعابد اليهودية بالقدس. المدرسة مكونة من طابقين داخل مبنى أبيض تزينه نوافذ ضخمة، وتغطيها ستائر قاتمة لحجب الرؤية عن المتلصصين والجيران الفضوليين. وتنبعث من وراء النوافذ أصوات موسيقى شرقية، ويتسرب، بين الحين والآخر، صوت عبدالحليم حافظ، وفريد الأطرش وأم كلثوم مصحوبا بتوزيعات عصرية. الطريف أن عشرات النساء اليهوديات يتبارين داخل المبنى على إجادة الرقص الشرقى، لكن أكثر ما يغيظ صاحبة المدرسة، هو إصرارهن على عدم كشف رؤوسهن أثناء الرقص، ليظل المنديل على رؤوسهن خشية أن يدخل أحد الرجال فجأة أثناء التمارين! تقول «نعمى شيمر»، يهودية متشددة تعيش فى مستوطنة قريبة من القدس: «أحرص على تعلم الرقص الشرقى، وممارسته داخل المدرسة فقط، لأنى مقتنعة بأن الشريعة اليهودية تشجع على تعلم الرقص الشرقى لأنه يسمو بالروح والجسد، كما أن اليهودية تعتبر الرقص والغناء من الطقوس المقدسة. بدليل أن الرجال اليهود يرقصون فى احتفالاتهم الدينية لأن الاتصال بين السماء والأرض لا يحدث إلا بالرقص. وإذا كان الرب خلق المرأة، ووهبها قوة هائلة، فلماذا لا تنميها بالرقص الشرقى، خاصة أنه أصعب أنواع الرقص، ولا يقدر عليه الرجال، فلا يزيد دورهم فيه عن عزف الموسيقى». «دينا وهاجر وحنا» أقل جرأة من بقية الطالبات فى المدرسة، ويخفين عن أزواجهن مسألة ممارستهن للرقص. وتجد كل منهن حجة لتفادى غضب زوجها. دينا تدعى أنها تحصل على كورس لغة إنجليزية، وهاجر تتلقى دروسا فى الخياطة، وحنا تجالس الأطفال فى جمعية لرعاية الأيتام. غضب رجال الدين اليهودى على «مدرسة ياعيل» له ما يبرره، بعدما تسببت المدرسة فى ارتداد نساء متشددات دينيا، على حد تعبير معاريف، وتحولن لعلمانيات، وهربن من أزواجهن، الأمر الذى تعرضت بسببه صاحبة المدرسة لمشكلات كبيرة مع رجال دين يهود. تعانى «ياعيل» من شعور بالظلم الشديد: «تلقيت رسائل تهديد من المتطرفين، يطالبوننى بإغلاق المدرسة، لكننى تفاديت المشكلة، نسبيا، وخصصت أوقاتاً للنساء المتشددات. ولدى 300 مشتركة، منهن 60 متشددة، ولن أفرط فى اشتراكاتهن، لذلك أخصص لهن 3 ساعات يوميا». لكن هذا الحل لم يقض على متاعب «ياعيل» بالكامل، فتقول: «التعامل مع الراقصة المتدينة يختلف عن التعامل مع العلمانية، فالمتدينات أعمارهن متفاوتة تبدأ من 20 سنة، وتصل إلى 52. وتصر بعضهن على الرقص بحجاب، والمدرسة من جانبها لا تمانع، بشرط أن تكشف كل منهن عن بطنها أثناء الرقص حتى تدخل فى الحالة. فالرقص لا ينجح فى جو من التشدد والوعظ الدينى. وأطلب من كل يهودية متدينة أن تعلق تشددها على الشماعة قبل أن تدخل مدرستى». وتتوقع ياعيل أن تحقق مدرستها عائدات ضخمة، ويزيد عدد الراقصات المتدينات فى ضوء اختلاف الحاخامات حول موقف الشريعة اليهودية من الرقص الشرقى، وتشجيع بعض الحاخامات على تعلمه باعتباره حلا للمشاكل الزوجية.