سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك وبداية موسم الحج    مصرع أكثر من 29 شخصا وفقد 60 آخرين في فيضانات البرازيل (فيديو)    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    الخضري: البنك الأهلي لم يتعرض للظلم أمام الزمالك.. وإمام عاشور صنع الفارق مع الأهلي    جمال علام: "مفيش أي مشاكل بين حسام حسن وأي لاعب في المنتخب"    "منافسات أوروبية ودوري مصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين في غزة جائزة حرية الصحافة لعام 2024    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    أيمن سلامة ل«الشاهد»: القصف في يونيو 1967 دمر واجهات المستشفى القبطي    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    مصطفى شوبير يتلقى عرضًا مغريًا من الدوري السعودي.. محمد عبدالمنصف يكشف التفاصيل    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    محمد هاني الناظر: «شُفت أبويا في المنام وقال لي أنا في مكان كويس»    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    ملف رياضة مصراوي.. هدف زيزو.. هزيمة الأهلي.. ومقاضاة مرتضى منصور    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    الغانم : البيان المصري الكويتي المشترك وضع أسسا للتعاون المستقبلي بين البلدين    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    خالد منتصر منتقدًا حسام موافي بسبب مشهد تقبيل الأيادي: الوسط الطبي في حالة صدمة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصرى اليوم» تحصل على مستندات خطيرة عن تهجير «الفلاشا» ودفن النفايات وبيع الثروة.. فى عهد «نميرى»: (الحلقة الخامسة)

حصلت «المصرى اليوم» على وثائق ومستندات سرية وخطيرة، تكشف العديد من الأسرار حول فساد نظام الرئيس السودانى الراحل جعفر نميرى ورجاله ودورهم فى عمليات تهجير يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل فى ثمانينيات القرن الماضى، وهى العمليات التى بسببها واجه الرئيس نميرى تهمة الخيانة، إلى جانب دفن النفايات الذرية فى الأراضى السودانية، وبيع ثروات السودان لرجل الأعمال عدنان خاشقوجى.. وغيرها من وقائع الفساد، التى شهدها البلد الشقيق خلال عهد الرئيس الراحل.
وجاء الحصول على المستندات عن طريق مصدر مهم، قضى وقتاً من عمره فى السودان وتحديداً فى منطقة «القضارف» التى شهدت أهم مرحلة من مراحل ترحيل يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل، استطاع أن يحتفظ بهذا الملف أكثر من ربع قرن، لكنه طلب عدم الإشارة إليه من قريب أو بعيد، واستحلفنا بشرف المهنة وأمانتها أن نحافظ على سريته طوال الحياة،
وأن نلتزم بضمير وشرف المهنة فى نشر الوثائق، دون زيادة أو اختصار فى المعلومات وهو ما التزمنا به فلم نضف إلى محتوى الوثائق شيئاً وفضلنا الابتعاد عن التفسير أو التحليل، رغم ما يحتويه من أسرار خطيرة، تزيح الستار عن فترة حكم رئيس بلد عربى، أثار الكثير من الجدل حوله، فهو أول رئيس يطبق الشريعة الإسلامية، وهو الرئيس المتهم بالمشاركة فى توطين اليهود فى أرض فلسطين.
وقد يسأل البعض: ولماذا فتح هذا الملف الآن؟.. أو قد يتطوع البعض الآخر بالتحليل والتفسير، كلٌ حسب أهوائه وأغراضه، وقد يتساءل آخرون: ولماذا السودان ونميرى؟ ولماذا لا يكون هذا أو ذاك؟
ونرد بأن الحسابات السياسية والنظرة التآمرية لا مجال لها عند البحث فى مهنة الصحافة، والهدف وحده هو تقديم معلومات موثقة بمستندات رسمية عن فترة مهمة من تاريخ السودان، أثّرت بشكل مباشر فى مسيرة الأمة العربية والإسلامية كلها، لأنها تتعلق بالصراع العربى - الإسرائيلى، خاصة أن هذه المستندات هى نفسها التى استند إليها السودان عندما طلب من مصر تسليم الرئيس نميرى، لكن مصر رفضت.
ليبيا وسوريا واليمن تعارض عملية «يهود الفلاشا».. ونائب نميرى يصفها ب«الأعداء»
بذلت لجنة التحقيق، جهداً كبيراً فى استجواب المتهمين والضباط الذين تحوم حولهم الشبهات، وساعد التصنيف الذى وضعه العقيد عمر حسن البشير فى إنجاز التحقيقات بسرعة، حيث وضع تصوراً كاملاً أمام اللجنة لكل الضباط الذين تورطوا فى عملية نقل وترحيل يهود الفلاشا، تلك العملية التى تمت بتنسيق على أعلى المستويات بين أمريكا والسودان، ومن بعيد كانت إسرائيل تراقب وتترقب وصول المزيد من هولاء اليهود الأفارقة أصحاب البشرة السمراء، فى ظلام الليل وغفلة إثيوبية وسرعة تنظيمية فائقة قادها وأدارها اللواء عمر محمد الطيب النائب الأول لرئيس الجمهورية وبمساعدة عدد من الضباط الذين يعملون تحت قيادته.
ويكشف اللواء عمر الطيب فى التحقيقات عن أنه نصح الرئيس نميرى بضرورة إخطار الأخ سوار الذهب بصفته نائب القائد أو الشخص المسؤول مباشرة بعد الرئيس، وبالفعل أمسك نميرى السماعة أمام اللواء عمر وطلب عبدالرحمن سوار الذهب وفتح الميكروفون وقال له: يا عبدالرحمن إحنا عندنا البرنامج اللى ابتدينا فيه، بتاع ترحيل اللاجئين، وفيه طيارات C 130 «حتيجى» إذا سمح الطقس وعلى متنها مواد إغاثة وهتاخد الناس دول إلى أوروبا.
وبعدها بيوم واحد تقابل اللواء عمر مع عبدالرحمن سوار الذهب، وأخبره سوار الذهب، بأنه سيبلغ القائد فى القضارف، وبالفعل تمت العملية، وكان دور اللواء عمر- حسبما قال فى استجوابه- مقتصراً على عملية التأمين، والمسؤول عن العملية اللواء عثمان والعقيد الفاتح عروة والعقيد موسى إسماعيل.
وكشف اللواء عمر محمد الطيب عن واقعة هروب ضابط المخابرات عبدالله عبدالقيوم الذى يعمل فى أهم مكتب، وهو مكتب إثيوبيا، موضحا أنه فى يناير 1985 سافر اللواء عمر إلى تنزانيا لحضور العيد القومى وكان معه العميد الجعلى والرائد عبدالله عبد القيوم، وبعد وصولهم بيومين أو ثلاثة، كان هناك اجتماع بين اللواء عمر وبعض الوزراء، وجاءه العميد الجعلى منزعجاً، وقال له: «والله أنا عندى ضابط هرب وهو «عبدالله عبدالقيوم» وركب الطيارة التونسية المتجهة إلى جدة بعد أن ترك سيارته فى المطار وسلم المفاتيح إلى مكتب الخطوط الجوية التونسية.
واتصل العميد الجعلى بسلطات الأمن فى مطار جدة وطلب منهم إعادة عبدالله عبدالقيوم، لأن معه قنابل وممكن يعمل حادث تخريبى، وبالفعل تم القبض عليه فى السعودية، وكانت معه تأشيرة لتونس، وبعد سؤاله وافق على أن يعود إلى السودان.
ولم ينتظر اللواء عمر عودته، لكنه اتصل باللواء عثمان وأخبره بما حدث فاستقل عثمان طائرة الرئاسة وأحضر الرائد عبدالله عبدالقيوم، وتم تشكيل لجنة تحقيق برئاسة العميد خضر الحسن مسؤول شؤون الجنوب الذى تم تغييره بعد هذا التحقيق بإبراهيم محمد الحسن.
وطلب اللواء عمر محمد الطيب من لجنة التحقيق التعليق على موضوع التحقيق وعدم محاكمة الرائد عبدالله عبدالقيوم، وعندما سمحت له اللجنة قال: إن الرائد عبدالله تأثر بالإذاعات الأجنبية الخارجية فى موضوع الفلاشا، وانعكاسات ذلك فى الداخل وما صاحبه من شائعات وهو لم يكن يعلم أن الجهاز أوكل إليه مهمة ترحيل اللاجئين.
ويكمل اللواء عمر: الشىء المهم أننا وجدنا شخصاً تونسى الجنسية اسمه علوان وهو الذى ساعد عبدالله على الهرب واستخرج له فيزا الدخول وفيزا الخروج، وأعطاه عناوين ناس هناك، وبعد القبض على الرجل التونسى والتحقيق معه اكتشفنا أنه بيعمل مع المخابرات الليبية، وكان عايزه يسافر تونس علشان يعمل مؤتمرات ويفضح السودان، وعرف اللواء عمر أن علوان هو الذى أخبر الصحافة التونسية بواقعة هروب ضابط المخابرات المضادة عبدالله عبدالقيوم.
وطلب اللواء عمر من الرئيس جعفر نميرى عدم محاكمة الضابط عبدالله لظروفه الصحية، لأنه كان مصاباً بمرض خطير فى الأعصاب، ووافق الرئيس بعد ثلاثة لقاءات، كان فى كل مرة يطلب والنميرى يرفض إلى أن استجاب فى المرة الأخيرة.
ويؤكد اللواء عمر الطيب أن السودان واجه حملة إعلامية مسعورة من ثلاث دول أعداء وهى ليبيا واليمن الجنوبى وسوريا بسبب عملية تهجير الفلاشا، وعندما تحدث مع الرئيس نميرى تم الاتفاق على تكذيب الحملة بإطلاق بيان رسمى من وزارة الخارجية، وبعدها حضروا بعض المؤتمرات الهامة، منها مؤتمر القمة الأفريقى ومؤتمر القمة العربى بتونس، وأن الجامعة العربية بتونس لما حصل نقاش قررت قفل هذا الملف، وعرفت والكلام للواء عمر الطيب، أن الذين تم ترحيلهم من السودان حوالى 25 ألفاً من يهود الفلاشا، والسودان ليس سجناً، وأى لاجئ دخل ممكن يطلع من السودان بشرط ألا يكون متجها إلى إسرائيل، لأننا ملتزمون عربياً بمقاطعة إسرائيل، وكان هذا كل ما يعرفه عن الموضوع ووصف الدول الثلاث ب «الأعداء».
واللواء عمر محمد الطيب تخرج فى الكلية الحربية عام 1955، وعمل بجنوب السودان، ثم نُقل إلى القيادة الشرقية بالقضارف، وذهب إلى دورة تدريبية فى إنجلترا لمدة سنة وعاد معلماً فى الكلية الحربية، وذهب إلى أمريكا لمدة سنة وعاد معلماً بمدرسة المشاه، وعمل مندوباً للسودان بالقيادة العربية الموحدة 65 1966، وكان أركان حرب عمليات الجنوب، وبعد ثورة مايو عمل قائداً للمدرعات ونقل إلى الجنوب 1970 وبعد توقيع اتفاقية أديس أبابا عمل مديراً للقوات المسلحة السودانية فى 1973، ثم حصل على الدكتوراه فى الاستراتيجيات والعلوم العسكرية من أكاديمية ناصر، ثم عين رئيساً لجهاز الأمن بدرجة وزير، فنائباً لرئيس الجمهورية 1979 ونائبا أول عام 81، وكان سبب اختياره رئيساً لجهاز الأمن رغبة الرئيس النميرى فى عمل المصالحة الوطنية، لأن اللواء عمر كان صديقاً لكل الناس وكان صبوراً، وهذا الكلام على مسؤوليته كما جاء بالتحقيقات.
لم تنتظر اللجنة كثيراً واستدعت العقيد أمن موسى إسماعيل لسماع أقواله فى القضية التى أصبحت مثار اهتمام الرأى العام الدولى- والعربى خصوصاً- بعد التسريبات التى بثتها الإذاعات الغربية، وقال موسى أمام لجنة التحقيق: أثناء العملية الأولى لترحيل الفلاشا من مطار الخرطوم أفادنى الفاتح عروة بأن اللواء عمر أخطره بأنه لا داعى لإحضار بقية أجهزة الاتصال التى تم الاتفاق عليها مع جيرى ويفر، وأن أحضر للجهاز من أمريكا لتيسير عملية ترحيل الفلاشا، وأن يطلب الفاتح عروة من الأمريكيين باقى قيمة أجهزة الاتصال نقداً.
وبعد توقف عملية الترحيل اتصل جيرى ويفر بالعقيد موسى، وأكد له أن مبلغ ال150 ألف دولار باقى قيمة الأجهزة جاهزة للتسليم، واتصل موسى باللواء عثمان السيد وزير الدفاع ورئيس جهاز المخابرات وأخبره بهذا الكلام وانتظر التعليمات، وبعدها اتصل به اللواء عثمان، مؤكداً له أن اللواء عمر أصدر توجيهاته بتسلم ال150 ألف دلار وأن يعطيها للعقيد هاشم أبورنات مدير مكتبه، وبالفعل أحضر جيرى ويفر المبلغ وسلمه للعقيد موسى الذ ى أعطاه بدوره لهاشم أبورنات ثم أخبر اللواء عثمان بذلك.
وكشف موسى فى التحقيقات أنه أثناء زيارة بوش للسودان تقابل مع جيرى ويفر بالصدفة فى الطريق بشارع السكة الحديد ودار حديث بينهما أوضح جيرى من خلاله أن موضوع الفلاشا تمت مناقشته وحسمه فى اجتماع الرئيس نميرى بنائب الرئيس الأمريكى بوش، وحضر الاجتماع- حسب إفادته- اللواء عمر محمد الطيب النائب العام لر ئيس الجمهورية ورئيس جهاز أمن الدولة، والدكتور بهاء الدين محمد إدريس والسفير الأمريكى،
واعترف له جيرى ويفر بأنه سيسافر إلى جنيف لإحضار مبلغ ال2 مليون دولار التى طلبها اللواء عمر كمساعدة للجهاز، وطلب أيضاً وضعها فى حسابه الخاص بلندن، وكشف العقيد موسى فى اعترافاته أمام لجنة التحقيق أنه سافر إلى أمريكا مع اللواء عمر المقدم صلاح دفع الله، وكان برفقتهم أحد معاونى مستر ميلتون ونزلوا الثلاثة بفندق «ووترجيت»، وفى اليوم الثانى جاءهم ميلتون، واجتمع معهم بعض الوقت قبل أن يصحبهم لمبنى رئاسة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بسيارة خاصة.
وعند وصول الأربعة للمبنى [C.I.A] اجتمع اللواء عمر محمد الطيب مع مستر كاس مدير المخابرات المركزية لمدة نصف ساعة، وكان العقيد موسى والمقدم صلاح دفع الله فى الانتظار بغرفة السكرتارية، وبعد خروجه اصطحبهم إلى أحد المكاتب الموجودة بمبنى المخابرات المركزية وكان به مجموعة من ضباط سلاح الطيران الأمريكى وأحد ضباط المخابرات الأمريكية، هو نفس الضابط الذى كان فى استقبالهم لدى وصولهم المطار على متن الطائرة الحربية الأمريكية 130C،
وأثناء الاجتماع أخرج اللواء عمر مجموعة أوراق من جيبه مكتوبة باللغة الانجليزية، كانت عبارة عن خطة لاحتمالات نقل بقية اليهود الفلاشا، وتتضمن احتمالات عدة للنقل ورد منها طريق مطار «بورسودان» و«مطار الخرطوم»، ورجحت الخطة مطار «العزازة» بالقضارف لنقلهم، وتم بواسطة اللواء عمر تحديد موعد هبوط الطائرات وتوقيت زمن الهبوط لكل طائر ة وراء الأخرى. والأمريكان ذكروا أن هذه الطائرات ستحضر من القاعدة الأمريكية فى قبرص وتعود إليها من القضارف مباشرة، وانتهى الاجتماع على هذا الاتفاق.
وفى اليوم التالى التقى اللواء عمر مع بوش على الإفطار وبعد توقف العملية الأولى اتصل جيرى ويفر بموسى إسماعيل واستفسر منه عن صدور أى توجيهات بالسماح للاجئين الفلاشا بالحضور من القضارف إلى الخرطوم للسفر عبر قناة I.C.M. «Inter Goverment Al Commiteefor Imegraion»
لكن موسى أخبره بأنه لم تصدر أى توجيهات بهذا الشأن، وتحدث جيرى مع موسى وأخبره أن السفير الأمريكى تقابل مع نميرى وبحضور الدكتور بهاء الدين مجد إدريس بخصوص السماح للفلاشا بالحضور إلى الخرطوم، وأن النميرى كلف الدكتور بهاء الدين بمتابعة هذا الموضوع مع اللواء عمر محمد الطيب.
وكشف دانيال فى التحقيقات أن الفاتح عروة عقد اجتماعاً تنويرياً بخصوص العملية، وقال: إن الترحيل سيتم تحت ستار إعادة التوطين للاجئين، ودارت مناقشات فى الاجتماع عن خطورة العملية، وقال جيرى ويفر أثناء المناقشات: نحن من الممكن أن «نثبط» كل الضغوط ونضمن أجهزة الإعلام حتى لا تكشف سرية العملية وحتى لا يضار موقف السودان ويهتز وضعه مع الدول العربية.
واستجوبت لجنة التحقيق محمد دفع الله وداعة الله باعتباره شاهداً وليس متهماً فى القضية، واعترف بأن اللواء عمر اتصل به وطلب منه أن يذهب إلى مكتبه ويأخذ جواز سفره ويعطيه لموسى إسماعيل بالإضافة إلى جوازه هو أيضاً.
ثم قام موسى بإعطاء الجوازات إلى مستر ميلتون من أجل إحضار تأشيرة دخولهم إلى أمريكا، وسافروا جميعاً على متن الطائرة الحربية الأمريكية التابعة لسلاح الجو الأمريكى ووصلوا إلى قاعدة جزيرة صقلية ثم ركبوا طائرة حربية أمريكية أخرى واتجهو إلى القاعدة الأمريكية فى فرانكفورت، واستقبلهم هناك مندوب من القاعدة ومكثوا بها حوالى ثلاث ساعات ثم غادروها إلى أمريكا،
وفى واشنطن كان السفير عمر صالح عيسى فى استقبالهم والقنصل صفوت حسن صديق وبعض أعضاء السفارة وعدد من الأمريكان وذهبوا جميعاً إلى فندق «ووترجيت»، وفى الصباح حضر إليهم مستر ميلتون واصطحبهم إلى مبنى الC.I.A ودخلوا المبنى من الباب الخلفى المخصص والمصمم لدخول مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، حيث وقفت السيارة فى المدخل وأخذها المصعد رأساً إلى مكتب مدير الوكالة، وانتظر محمد دفع الله والعقيد موسى فى خارج المكتب بينما دخله اللواء عمر للاجتماع مع مستر كاس واستمرت المقابلة من نصف ساعة إلى حوالى 45 دقيقة.
وكشف محمد دفع الله فى شهادته أمام لجنة التحقيق أنه سافر إلى السعودية يوم 3 أبريل 1985 ميلادية لظروف أسرية خاصة به، وأنه حمل رسالتين من اللواء عمر للأمير تركى بن عبدالعزيز، الرسالة الأولى خاصة ببعض الطلاب أراد اللواء عمر قبولهم بجامعة البترول واحد منهم ولد كلثوم العبيد، والثانى اسمه طارق عمر حسب الله، وثلاثة آخرون، والرسالة الثانية كانت مقفولة.
وسلم محمد دفع الله الرسالتين للأمير تركى، وذكر دفع الله أن العقيد هاشم أبورنات سلمه مبلغ 70 ألف ريال تخص جبهة إنقاذ ليبيا، سلمها محمد دفع الله للقنصل قاسم أحمد قاسم، ثم قامت الانتفاضة وهو فى جدة فتوجه إلى القاهرة، وبعد فتح المطار رجع إلى الخرطوم يوم 14 أبريل 1985، وفى القاهرة قابل دفع الله أولاد اللواء عمر، ولد وبنت، يدرسان فى القاهرة، والمقابلة كانت بقصد المجاملة.
وأكد دفع الله أن مبلغ ال70 ألف ر يال أخذه بدون مستندات رسمية، ولم يتم تفتيشه بالمطار، وأنه كان يتقابل مع الأمير تركى عند حضوره للخرطوم.
وكان اللواء عمر محمد الطيب، النائب الأول هو الذى يدير الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، ويتذكر أبورنات فى أقواله وصول بعض الأموال من الجانب الأمريكى قبل الانتفاضة بحوالى شهر أو شهرين، وأخبره اللواء عمر بأن هذا المبلغ من أجل مشروع أمنى خاص بإقليم دارفور وعليه أن يتسلمه، ووضعها أبورنات فى الخزينة وبعد حوالى أربعة أسابيع حدثت الانتفاضة واتصل مستر ميلتون بالعقيد هاشم أبورنات وطلب منه الأمانة التى لديه، واتصل أبورنات باللواء عمر وأخبره بطلب اللواء عمر فلم يمانع، وقال له أعطه ما يريده،
وبالفعل حضرميلتون فى صباح السابع من أبريل 1985 وتسلم الأمانة، وكان اللواء عمر فى هذا التوقيت معفياً من مسؤوليته كنائب لرئيس الجمهورية ورئيس للجهاز، ورغم ذلك أعطى التعليمات للعقيد هاشم أبورنات بأن يعطى الأموال التى لديه فى الخزينة لمستر ميلتون «العقيد هاشم أبورنات هو الذى اعترف بذلك فى التحقيقات»، وفى اليوم التالى حضر ميلتون وأخذ المبالغ دون إيصال استلام، وأكد أبورنات أنه أخرج هذه الأموال دون مستندات مثلما أدخلها دون مستندات وكانت حجته فى ذلك أن الأموال المخصصة للأعمال الأمنية لا تدخل بمستند وبالتالى لا تخرج بمستند.
واستجوبت لجنة التحقيق اللواء عثمان السيد وزير الدفاع السودانى ورئيس جهاز الأمن الخارجى «المخابرات» الذى قال: بعد تصريح نميرى بأن الأمريكان إذا كانوا عايزين يشيلوا الفلاشا الباقين ييجوا يشيلوهم، جاء ميلتون وقابلنى ومعاه نفى تصريح نميرى للصحفية الأمريكية، وقال لى إن السفير الأمريكى سوف يقابل نميرى من أجل التحدث فى أمر هؤلاء الفلاشا وكيفية ترحيلهم، ويضيف اللواء عثمان السيد: ميلتون طلب منى التحدث مع اللواء عمر نائب الرئيس بخصوص هذا الموضوع وأنا رفضت لأن الأمريكان كانوا عايزين يدخلونى فى هذا الموضوع بأى شكل ولكن أنا رفضت.
وفى هذه الأثناء تقابل اللواء عثمان مع العقيد موسى إسماعيل والعقيد الفاتح عروة وقالوا له: لو كان الرئيس نميرى عايز يعمل العملية دى تانى يبقى خليه يشوف ضباط تانيين غيرنا من أى حته إن شاالله يشتريهم من السوق، وحتى لو كلف ضباط تانيين إحنا «بنحوشهم» ونمنعهم من الاشتراك فى مثل هذه العملية حتى لا يشربوا المقلب الذى شربناه نحن.
وكشف اللواء عثمان السيد أن جيرى ويفر فى إحدى المقابلات معه قال عن نميرى إنه Istoo، وأنه سمع من الخواجات الأمريكان جيرى ويفر وميلتون أن اللواء عمر طلب مبلغ 2 مليون دولار مقابل عملية ترحيل الفلاشا، وأن العقيد القذافى أذاع بيانا يوم 5 إبريل فى حوالى الساعة 12 منتصف الليل طلب فيه من الجماهير السودانية التحرك نحو الإذاعة والقصر.
وفى هذه الأثناء وبعد لحظات من إذاعة البيان التقى اللواء عثمان باللواء عمر وكان معه الشريط الخاص ببيان القذافى، وقال اللواء عمر: ربما يكون هذا البيان تمهيدا لتدخل ليبى، وطلب اللواء عمر من اللواء عثمان السيد الذهاب معاً إلى مستر ميلتون فى بيته لبيان مدى صحة هذه المعلومات، وعندما قابلوه وجدوا أن المعلومات ذاتها متوفرة لديه.
من بين الاعترافات التى أدلى بها اللواء عثمان السيد أمام لجنة التحقيق أنه أثناء لقاء مع اللواء عمر بمكتبه وقبل دخوله إليه أخبره العقيد موسى اسماعيل بأن الخواجات الأمريكان أحضروا مبلغ 150 ألف دولار وطلبوا منه توصيلها للواء عمر وعندما التقى اللواء عثمان مع اللواء عمر أخبره بما ذكره موسى قبل دخوله إليه، فرد عمر قائلاً: قل له أعطه للعقيد هاشم أبورنات مدير مكتبى،
وأكد اللواء عثمان أن العقيد موسى تسلم الأموال من جيرى ويفر ومسترميلتون وسلمها فى اليوم التالى للعقيد هاشم أبورنات، ثم ذهب عثمان إلى اللواء عمر بمكتبه وقال له العملية من أساسها كان من المفروض ألا يتورط فيها الجهاز لأنها خلقت رأيا عاما عنيفا ولها ردود أفعال داخلية وخارجية، فرد عليه اللواء عمر لم أكن أعرف أن الأمريكان حيورطونى بالشكل ده، وكان ذلك ختام وثائق عملية تهجير يهود الفلاشا.
الحلقة القادمة «السودان مقبرة للنفايات الذرية»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.