الانتهاء من رصف وتطوير طريق بهرمس بمنشأة القناطر بطول 2.5 كم    المشاط: نتمنى التوفيق للرئيس الجديد للبنك لدعم مسيرة التنمية في إفريقيا التي تمرُّ بمرحلة حاسمة    إسرائيل تنتقد ماكرون بسبب تصريحاته بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية    "مبحبش حاجة تتمسك عليا".. أول رد من محمد شريف على أنباء انتقاله للزمالك    حسام حسن يطلب خوض مباراتين وديتين استعدادًا لبطولة أمم إفريقيا    فى ختام دورى الجولف بالم هيلز بنزهة.. الجزيرة يسعى لتأمين الوصافة وصراع على المركز الثالث    27 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية غدًا بأسوان    داليا البحيري وأحمد مجدي.. افتتاح منصات ب"في السيما" بحضور النجوم    سوريا تُرحب بقرار اليابان رفع العقوبات وتجميد الأصول عن 4 مصارف    وزير التعليم يبحث مع جوجل العالمية ويونيسف تعزيز دمج التكنولوجيا في المنظومة    وفد من مسئولي برامج الحماية الاجتماعية يتفقد المشروعات المنفذة بحياة كريمة في الدقهلية    استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد الجمعة والسبت كل أسبوع بالمنصورة    تراجع جديد في أسعار الذهب اليوم الجمعة 30 مايو بالتعاملات المسائية    حملة مكبرة لرفع الإشغالات بشارع 135 بحي غرب شبرا الخيمة - صور    ضمن ألبومه الجديد.. عمرو دياب يعود للتلحين من جديد    4 مشاهدين فقط.. إيرادات فيلم "الصفا ثانوية بنات"    المنطقة الشمالية العسكرية تستكمل تنفيذ حملة «بلدك معاك» لدعم الأسر الأولى بالرعاية    عالم بالأوقاف: كل لحظة في العشر الأوائل من ذي الحجة كنز لا يعوض    «من حقك تختار».. ملتقى تثقيفي عن التأمين الصحي الشامل بالأقصر    صحة المنيا: قافلة طبية مجانية بقرية البرشا بملوي تقدم خدمات لأكثر من 1147 حالة    أمجد الشوا: الاحتلال يستغل المساعدات لترسيخ النزوح وإذلال الغزيين    ألمانيا تربط تسلم أسلحة إسرائيل بتقييم الوضع الإنساني بغزة    ماكرون: إذا تخلينا عن غزة وتركنا إسرائيل تفعل ما تشاء سنفقد مصداقيتنا    ترامب: أنقذت الصين لكنها انتهكت اتفاقيتها معنا بشكل كامل    كونتي يؤكد استمراره مع نابولي    شعبة مواد البناء: أسعار الأسمنت ارتفعت 100% رغم ضعف الطلب    سقوط المتهم بالنصب على المواطنين ب«الدجل والشعوذة»    الحدائق والشواطئ بالإسكندرية تتزين لاستقبال عيد الأضحى وموسم الصيف    إنقاذ فتاة عشرينية من جلطات بالشريان الرئوي بمستشفي دمياط العام    الصحة: تقديم الخدمات الصحية الوقائية ل 50 ألفًا و598 حاجا من المسافرين عبر المطارات والموانئ المصرية    مفتى السعودية: أداء الحج دون تصريح مخالفة شرعية جسيمة    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    فى ليلة ساحرة.. مروة ناجى تبدع وتستحضر روح أم كلثوم على خشبة مسرح أخر حفلاتها قبل 50 عام    4 وفيات و21 مصابا بحادث انقلاب أتوبيس بمركز السادات    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    الإفتاء تحذر: الأضحية المريضة والمَعِيْبَة لا تجزئ عن المضحي    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    108 ساحة صلاة عيد الأضحى.. أوقاف الإسماعيلية تعلن عن الأماكن المخصصة للصلاة    وزير الزراعة يستعرض جهود قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة خلال مايو الجاري    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    طقس مائل للحرارة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 بشمال سيناء    شاهد عيان يكشف تفاصيل مصرع فتاة في كرداسة    رئيسة المجلس القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    وزير الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ضمن "سكن لكل المصريين 5 " بنتيجة ترتيب الأولويات    بري يرفض الاحتكاكات بين بعض اللبنانيين في جنوب البلاد واليونيفيل ويدعو لمعالجة الوضع بحكمة    اعلام إسرائيلي: عقد اجتماعات وزارية سرية لبحث احتمالية شن هجوم على إيران    مصر على مر العصور.. مصر القديمة 1    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    نجاحات متعددة.. قفزات مصرية في المؤشرات العالمية للاقتصاد والتنمية    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعد الدين ابراهيم يروى حكايته مع أسرة مبارك
نشر في المشهد يوم 16 - 08 - 2011


- حكايتي مع مبارك أشبه بحكاية بروتس مع القيصر
- اعترضت علي توريث الحكم لجمال مبارك فلفقوا لي قضية وألقوني في السجن
- مبارك لم يرتق إلي درجة مثقف ولم يستمع لأحد منذ منتصف التسعينات وسيطرت عليه"الأنا" وكأنه يعرف كل شئ
- جميع المرشحين المحتملين للرئاسة يصلحون لحكم مصر..وأتمني ان يكون الرئيس القادم شابا
- مظاهرات المصريين حول البيت الابيض أجبرت الادارة الأمريكية علي التخلي عن مبارك ومساندة الثورة
لم يغب د. سعدالدين ابراهيم - مديرمركز أبن خلدون في القاهرة - عن الاضواء منذ أن برز "معارضاً" لنظام الرئيس السابق حسني مبارك بعد أن خاض ضده "جولات" في التحدي، حتى بدا وكأن الرجل (الذي يحمل الجنسية الاميركية على خلفية زواجه من سيدة اميركية) يريد المنافسة وقتها على منصب الرئاسة ولم يتردد (ابراهيم) في توجيه الاتهامات والانتقادات اللاذعة لمبارك شخصياً ولنظامه وأجهزته الامنية أُجبر من خلالها على دفع "ثمن باهظ " انتهي بالقائه في السجن جراء التهمة التي وجهت اليه وهي الاضرار بسمعة مصر رغم ان التهمة هذه أُسقطت في نهاية المطاف..
سعدالدين ابراهيم واصل معارضته لنظام مبارك حتى وهو يتنقل بين العواصم الغربية واتخذ مواقف جريئة وقوية للنظام السابق عندما دأب على القول أنه سيبقى في المنفى لأنه يخشى على حياته اذا ما عاد الى مصر ملمحّاً الى ان لديه معلومات باحتمال تعرضه لعملية اغتيال.
كانت ثورة 25 يناير التي انتهت بالاطاحة بنظام الرئيس مبارك فرصة لسعد الدين ابراهيم ليتنفس نسيم الحرية ويتحرر من القيود المفروضة عليه والتي اجبرته علي الاقامة في الخارج حيث عاد الي القاهرة .
هذا الحوار يفتح مع سعد الدين ابراهيم خزائن اسراره ، حيث يكشف العديد من اسباب خلافه مع النظام السابق ورؤيته لمستقبل مصر بعد نجاح ثورة 25 يناير ورده علي اتهامه للعمالة لأمريكا وغيرها من القضايا الساخنة .
وفيما يلي نص الحوار:
· مرت علاقتك بأسرة الرئيس السابق حسني مبارك بفترات شد وجذب بحكم قربك من النظام السابق ..حدثنا عن أبرز المحطات ؟
- علاقتي بأسرة مبارك بدأت منذ أن كان مبارك نائبا لرئيس الجمهورية حيث تصادف خلال تدريسي بالجامعة الامريكية في خريف 1976 أن إلتحقت بالدراسة في نفس العام سوزان ثابت زوجة الرئيس السابق حسني مبارك ، وفي البداية لم أكن أعلم من هي لأنها في ذلك الحين كانت طالبة عادية وبعد عدة أشهر حدث موقف كشف عن هويتها الحقيقية .. حيث دارت مناقشة بيني وبين الطلبة في أحد الموضوعات انتقدت فيها الرئيس الراحل أنور السادات فإذا بهذه الطالبة والتي كان شكلها يبدو أكبر سناً مقارنة بزميلاتها تعترض بشدة رافضة اقحام كلام عن الرئيس السادات في هذا النقاش وكان ردي عليها في البداية أن رئيس الجمهورية شخصية عامة وقدوة وبالتالي انتقاده شيئ مباح ولكنها لم تقتنع و أبدت اعترضها وغضبها فقلت لها تبقي " مبتفهميش " فاحمر وجهها وانصرفت من المحاضرة وقلت لها مع السلامة وضحك عليها زملاؤها وبعد المحاضرة أتت اليَ طالبة كانت قريبة منها جدا تدعي سوزان شيحة وقالت ليَ " هي كان لازم تقول كده لأنها زوجة نائب الرئيس " .. والغريب أنها لم تتعلم من هذا الموقف فكانت دائمة الاعتراض عند انتقاد نظام السادات.
· وماسر خلافك مع زوجة الرئيس السابق سوزان ؟
- جاءت زيارة السادات للقدس وكانت محل جدل وخلاف من الجميع وكنت أحد المعترضين على تلك الزيارة وأبديت رأيئ علانيةَ ففوجئت بسوزان ثابت تأتي اليَ في مكتبي قائلة " السيد النائب "تقصد زوجها حسني مبارك"يطلب منك توضيح موقفك من الزيارة كتابة وكيف يكون التصرف في هذا الموقف أما وإن كان الرئيس السادات قام بالزيارة بالفعل " وكان موقفي وقتها في هذا الخصوص أن نحافظ علي معاهدة السلام ولكن بالحد الأدني من التطبيع .. وفي هذه الزيارة كان أول نقاش طويل دار بيني وبين سوزان حول العديد من الامور .
· هل تتذكر اول لقاء بينك وبين مبارك؟
- كان أول لقاء لي مع حسني مبارك نائب رئيس الجمهورية خلال حفل تخرج سوزان ثابت من الجامعة حيث وجهت سوزان ليَ الدعوة بالحضور وقبلتها وقال ليَ مبارك في هذا الحفل كلمة لن أنساها " أنت متقل العيار علينا شويه وعلي النظام " وقتها علمت أن الطالبة سوزان تنقل كل ما أقوله أثناء محاضراتي من انتقادات عن الرئيس السادات ونظامه لنائب الرئيس .. ولكن منذ هذا الحفل توالت الاتصالات بيني وبين مبارك وكان يطلب مني أن أضع له محاور وخطب ليلقيها في الزيارات والمناسبات المختلفة .
· لماذا ساءت علاقتك بالرئيس السابق ؟
- كانت حكايتي مع مبارك ونظامه أشبه بحكاية بروتس مع القيصر فبالرغم من حب بروتس للقيصر وقربه منه إلا أنه طعنه بخنجره مع الطاعنين وعندما التقت اعين القيصر بأعين بروتس قال له المقولة الشهيرة " حتي أنت يا بروتس " وكان رد بروتس " نعم سيدي أحبك ولكني أحب روما أكثر " وكانت هذه القصة هي لسان حالي مع مبارك، فبالرغم من قربي منه ألا أنني أختلفت معه حول قضية التوريث فأطاح بي وكان ذلك بداية أزمتي مع نظام مبارك ودخولي السجن لمدة ثلاث سنوات خرجت بعدها للحياة قعيدا ومحطما الي أن أظهر الله براءتي في درجة النقض من التهم الملفقة لي.
· مامدي صحة مايتردد من ان سوزان مبارك هي المخطط لفكرة تولي ابنها جمال الحكم بعد ابيه؟
- كانت سوزان ومنذ بداية الالفية الثانية دائمة الحديث معي عن ابنها جمال وكانت تقول ليَ دائما " ساعد جمال " وكنت افهم هذه الجملة بأن أنصحه وأرشده وأعلمه ولكن ذات مرة تكررت هذه الجملة منها فتوقفت عندها ، وبدأت المس أنه انتابها شعور بانها " أم الملك " وشعرت وقتها أنها خائفة من اليوم الذي يخرج فيه حكم مصر من أيدي العائلة فلا تكتفي بلقب سيدة مصر الأولي بل تريد أن تصبح مستقبلا أم الرئيس القادم .. وحين تفهمت هذا دار نقاش بيننا كان فحواه أنها تريد مني أن " المع جمال " وأؤهله لحكم مصر.
· لماذا غضب منك مبارك خلال لقائه بالمثقفين في افتتاح احدي دورات معرض الكتاب؟
- كان مبارك في بدايات عهده حريصا علي أن يحضر افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب وفي افتتاح أحدي الدورات حدثت مواجهة علنية حادة بيني وبينه بسبب تأخره علي الحضور لمدة ثلاث ساعات وكان الحضور يضم عددا كبيرا من المثقفين كبار السن والذين لايستطيعون تحمل كل هذا الانتظار وكان الامن يشدد علي عدم الخروج من القاعة لأسباب أمنية .. وحين اعترضت علي هذا التأخير قال ليَ " يعني يادكتور إنت مبتتأخرش علي محاضراتك واللا أنت مش عارف أن فيه تلميذه بتقولي علي كل حاجة " فإنزعجت جدا من هذا القول وردت قائلاً " لم أكن أعلم أن هناك من تلاميذي من يلعب دور الطابور الخامس".
· ماذكرياتك عن الفترة التي قضيتها في السجن؟
في السجن وبعد مرور بعض الوقت قد يتحول السجين وحارسه الي أصدقاء وأنا أمضيت في سجن طرة ثلاث سنوات ظلم مرت وكأنها 300 عام ..كان حارسي اسمه " رضا " وأطلقت عليه " رضا الشرير " نشأت بيني وبينه علاقة مودة ومنذ وقت قريب فوجئت به يأتي الي بيتي ليخبرني أن العدالة الإلهية تخلق مفارقة في غاية الغرابة وهي أن جمال وعلاء مبارك نزيلان في نفس الزنزانة التي كنت أنا أحد نزلائها في يوم من الأيام .
· كيف تري العلاقة بين المثقف والسلطة ؟
- علاقة متوترة ومعقدة ذلك لان السلطة لا تحب سوي المثقفين والمفكرين المدجنين بمعني كسر حدة الشخص حتي يصبح مثل " السكين التلمة " فلا يهاجم ولا يناقش ولا يختلف وعندما يصبح المثقف هكذا يتحول إلي موظف لدي النظام وينفذ الأوامر والتعليمات ومن أمثال هؤلاء " مصطفي الفقي " و " اسامة الباز "حيث تحولا من مثقفين الي مديري مكاتب وعندما يقبل المثقف أن يكون موظفا يصبح مدجنا ، واذكر انني اجريت دراسة تتحدث عن هذا الخصوص بعنون " المثقف والامير " وكانت تدور حول تضييق الفجوة بين صانع الافكار وصانع القرار .. وهذا الصراع سيبقي أمد الحياه ذلك لأن المفكر راْيه حر وغير ملوث بينما السياسي تحكم أفكاره ألاعيب السياسة.
· ماذا تعرف عن ثقافة مبارك وقراءاته والجانب الأخر لشخصيته الذي لا يعرفه أحد ؟
- كان متوسط الثقافة ولم يرتق الي درجة مثقف وكان في السنين الاولي من حكمة يستمع كثيراً حتي أن عبارات الخوف والتوجس كانت الأكثر استخداما في أحاديثه وخطاباته ولكن مع مرور الوقت ومنذ منتصف فترة عهده أصبح لا يستمع لأحد وبدأت عبارات "الأنا" وتأكيد الذات تغلب علي أحاديثه ، وأصبح يغتر بنفسه ويشعر أنه يعرف كل شيئ بعكس السنوات الأولي من رئاسته وكان " بيطجن في الكلام " في كثير من الاحيان خلال مناقشاتي معه وكان هذا بداية النهاية بالنسبة لمبارك ولكنه تبين لي أن هذا نمط من أنماط السلوك عندما يصل الإنسان إلي السلطة.
· متي شعرت أن نظام مبارك قارب علي الانهيار ؟
- منذ بداية الفترة الثالثة من الحكم والتي شهدت بداية توتر العلاقة بيني وبينه ذلك لأنني بدأت أكرس كتاباتي ولقاءاتي للحديث عن الديمقراطية والتحول الديمقراطي وفي عام 1999 استدعاني مبارك وقال ليَ" إنت داوشنا بموضوع الديمقراطية بتاعك ده ، طيب ورينا كده ممكن نعمله إزاي " فقلت له " اعطني فرصة مدة خمسة أشهر حتي أتمكن من دراسة تجارب الدول التي سبقتنا مع التحول الديمقراطي لكي نستفيد منها " فقال ليَ " ليه المدة دي كلها هو انت بتشتغل في الفاعل " ولم أتعجب من أسلوبه هذا في النقاش ، لأني كنت قد اعتدت عليه وتفهمت شخصيته بمرور الوقت .. وبالفعل قمت بجولة لعدة دول منها المكسيك ثم أعددت مذكرة من 25 صفحة شرحت فيها كيف تحولت هذه البلاد من حكم شمولي طويل إلي تحول ديمقراطي تدريجي يمكن تطبيقه في مصر دون إحداث هزات عنيفة في الحياه السياسية.
· وماذا كان مضمون هذه الدراسة ؟
- كانت تحت عنوان "المشاركة السياسية الفعالة وتداول السلطة "وتعتمد علي التحول التدريجي من فكرة العزل السياسي الي فكرة المشاركة الحقيقية للأحزاب بدلاَ من هيمنة حزب واحد علي السلطة فنحن لدينا مجلس للشعب وآخر للشوري ، ففكرة التحول التدريجي تأتي من خلال إجراء انتخابات "مزورة " للشعب " وأخري نزيهه وشفافة وتعبر عن الإرادة الحقيقية للشارع في الشوري وبهذا تتحقق المعادلة والتحول التدريجي .. وكان هذا النظام هو ما اعتمد عليه " كارتر" في المكسيك لتحقيق التحول الديمقراطي.
· وماذا كان موقف مبارك من هذا البرنامج آنذاك ؟
- أعجب بالفكرة وبدأ بالفعل الحديث عن مشاركة القوي السياسية في السلطة ، وكان ذلك قبل الاستفتاء الاخير وأثناء حملته الانتخابية ، وبعد انتهاء الانتخابات لم ينفذ أي شيئ من البرنامج المعد لتطوير الحياة السياسية ولم تحدث مشاركة حقيقية لباقي القوي السياسية وعاد كل شيئ لما كان عليه قبل الانتخابات، وكان الحديث عن التطور والتحول الديمقراطي مجرد " ضجيج بلا طحن " ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل نالني من الأذي ما لم أكن أتوقعه فبعدها بخمسة أشهر تقريبا كنت في السجن .
· وماذا عن قصة مقالة " الجملوكية " ؟
هي مقالة تحدثت فيها عن الجمهورية الملكية نشرتها في مجلة " المجلة " في يونيه 2000 وكانت مناسبتها رحيل الرئيس السوري حافظ الاسد ، وكنت ضيفا في برنامج عماد أديب وجاءت مداخلات تليفونية تسألني عن مصير الحكم في البلاد العربية ذات الحكم الجمهوري مثل ليبيا واليمن وسوريا ومصر والعراق فتحدثت عن قضية توريث الحكم في هذه البلاد وكيف ستطوع الأنظمة المستبدة والفاسدة القوانين والدساتير وإرادة الشعب أيضا إلي ما تحبه وترضاه نحو رغبتها في البقاء في السلطة وعدم تداولها عن طريق خروج مظاهرات تنادي بتولي إبن الرئيس الحكم خلفاَ لأبيه فيرضخ النظام لإرادة الشعب المزورة والمأجورة ويتم تنصيب إبن الرئيس حاكما علي البلاد ، وكان هذا هو السيناريو المتوقع في هذه البلاد تحديداَ .. ومن هنا كانت مقالة" الجملوكية " وجاء فيها الحديث عن التوريث بالأسماء فكان كل حاكم وابنه ، ويوم نشرها اختفت اعداد المجلة من بائعي الصحف في القاهرة في وضح النهار وفي منتصف الليل تم القبض علي .
· وماذا بعد أن تم جمع أعداد المجلة من الاسواق ؟
- قيل لي بعدها من أحد المقربين في قصر العروبة أن زكريا عزمي ذهب لمبارك بالمقال فانزعج مبارك وقال لسوزان " شايفه استاذك.. اختاري بقي بين ابنك واستاذك أهو قرب منا جدا وناقص يطلع لنا من تحت السرير "
· ومتي كانت أخر مرة التقيت فيها بسوزان مبارك؟
كان في مايو 2000 أي قبل القبض عليَ بحوالي اسبوعين تقريبا وكان اللقاء في جنيف لأعاونها في اعداد خطاب لإلقائه في مؤتمر هناك .
· ولكن ..ما ردك علي الانتقادات والهجوم الذي تعرضت له بعد التوقيع علي بيان ائتلاف دعم جمال مبارك كمرشح للرئاسة العام الماضي ؟
- كان توقيعي علي ترشيحه وليس دعمه وهذا إيمانا مني بفكرة التعددية ، فله الحق هو وغيره في الترشيح للرئاسة وعلي الشعب أن يختار رئيسه ولكن دون تزوير أو ضغوط ، فأنا لم أكن ضده هو أو أبيه ولكني كنت أدافع عن مبدأ بعينه وهو التعددية وتداول السلطة.
· نفهم من ذلك أنك لم تتعرض لأي ضغوض للتوقيع علي هذا البيان ؟
- لا لم أتعرض لأي ضغوط.
· ما تقييمك للانتقادات العنيفة ضد المرشحين للرئاسة في مصر واتهامهم بعدم الصلاحية لحكم مصر ؟
- المرشحون المحتملون للرئاسة في مصر جميعهم يصلحون لهذا المنصب ولكن علينا جميعا أن نخرج من عباءة الشخصنة ونتعلم الانتخاب بناء علي برنامج المرشح ، وذلك في أي انتخابات حتي نستطيع أن نمارس سياسة تتحلي بالديمقراطية الحقيقية .. فعلينا أن نمر بالتجربة ونخوضها جميعا " بحلوها ومرها " حتي تسفر عن نتائج وبعدها يمكننا التقييم المبني علي أسس .
· وماذا عن "عمرو موسي " بصفة خاصة وما يوجه له من هجوم شرس بإعتباره محسوبا علي النظام السابق ؟
- أنا ضد اقصاء اي أحد ..وعمرو موسي نفسه اعترف أنه كان جزءا من النظام السابق ولا يستطيع أن ينكرهذا .. ولكن مادام رغب في الترشيح للرئاسة فليكن ، وعلي الشعب أن يختار ويفاضل بينه وبين غيره .
· ما تفسيرك لتذبذب موقف الادارة الامريكية تجاه الرئيس السابق قبل اجباره علي التنحي ؟
- كنت في واشنطن في ذلك الوقت وشعرت بهذا التذبذب خلال المناقشات التي دارت بين أوباما ومساعديه ، فانقسم المساعدون الي فريقين أحدهما يقول أن مبارك كان حليفاَ لأمريكا لمدة ثلاثين عاما وكانوا يسمونه " الصديق الاستراتيجي " فلابد أن نسانده ونؤيده رغم إرادة شعبه وذلك يعد حماية للمصالح الأمريكية في المنطقة .. وفريق أخر وكنت أنا منه رأي أنه تكفي ثلاثون عاماَ من الحكم لمبارك بالإضافه الي أن شعبه ثائر عليه ويلفظه ..فضلا عن ان مظاهرات المصريين حول البيت الابيض لعبت دوراَ هاماَ في الضغط علي الإدارة الأمريكية لصالح الثورة واستغرقت هذه المداولات حوالي ثلاثة أيام .
· ماذا عن موقف الاعلام الامريكي حيال ثورة 25 يناير في ظل تذبذب الادارة الامريكية؟
- الصحافة والإعلام كانا مؤيدين تماما للثورة وخاصة ال " CNN" وكانت لسان حال الثوار هناك .
· كيف تري الحياه السياسية في مصر الأن في ظل بروز التيارات الاسلامية علي السطح ؟
- التيارات الاسلامية في مصر تمثل جزءا من المسرح والمشهد السياسي وستكون شريكة وينبغي أن تظل كذلك لأنهم في النهاية مواطنون مصريون ، ولا خوف من التيار السلفي داخل الحياه السياسية ولكن قد يمثل خطورة داخل الحياة الاجتماعية ويفسد العلاقة بين المسلمين والأقباط ..أما عن الاخوان المسلمين فلأنهم الأكثر تنظيما فسوف يحظون بنصيب لا بأس به في مقاعد البرلمان بنسبة ما بين 30 %الي 40 % لحين قيام بقية القوي بترتيب صفوفها في الانتخابات القادمة .
· ولكن .. هل تؤيد التيارات الاسلامية ؟
- لا أؤيدها ولكن أؤيد حقها في المشاركة السياسية وأراها شيئا صحيا أن تمارس السياسة فوق الأرض بعد أن عزلوا ومارسوها تحت الارض سنين طويلة ولا أتوقع وصولهم للحكم ذلك لان الناس مازالت متوجسة منهم وهذا شعور له ما يبرره خاصة عند الاقباط والطبقة المتوسطة والمثقفين .
· ما موقف الأدارة الامريكية من جماعة الاخوان المسلمين في حال وصولهم للسلطة في مصر ؟
- اذا تأملنا تصريحات السفيرة الامريكية نجدها تقر تعامل وتعاون امريكا مع اي قوي سياسية تصل الي السلطة بشكل ديمقراطي يعبر عن ارادة الشعب المصري .
· ما تقيمك للدعم المادي من بعض الدول لمصر بعد الثورة خاصة ان هذا الدعم مقرون بإملاءات وشروط ؟
- مصر لها الحق في أن تقبله أو ترفضه ، والقائمون علي مصلحة البلاد هم وحدهم من يستطيعون تقييم هذه المسألة .. ولكن حق مصر في استرداد اموالها هو حق أصيل لا يمكن التنازل عنه .
ولكن علينا أن نتفهم أن جميع العلاقات الدولية بها شروط ولا يوجد علاقة دولية بلا شروط ومصر قبلت الدعم منذ عهد جمال عبد الناصر ثم السادات ثم مبارك فهو أمر طبيعي وأنا أري أنه لا ضرر منه .
· هل تؤيد وجود نظام رئاسي ام برلماني في مصر ؟
- اؤيد النظام الرئاسي لأنه أكثر استقرارا فأنا تعايشت مع النظام البرلماني في إيطاليا وفرنسا وبلجيكا فبالرغم من توزيع السلطة بالفعل وعدم الانفراد بها في يد شخص واحد ممثل في الرئيس، إلا أن كرسيا واحدا في البرلمان كان يطيح بالحكومة ، وأري أن مصر تحتاج للنظام الرئاسي في الفترة المقبلة .
· هل تؤيد اجراء الانتخابات البرلمانية قريبا في ظل حالة التسيب والانفلات الامني الحالي وعدم اكتمال الاحزاب الجديدة ام تري انه من الافضل صياغة دستور جديد للبلاد اولاَ ؟
- أنا مع تقليص سلطات الرئيس وذلك لن يأتي الا من خلال الدستور ولذا كنت افضل صياغة دستور أولاَ من خلال لجنة تأسيسية ، ولكن في النهاية لابد أن تحدث عملية التحول الديمقراطي سواء كانت الانتخابات أولا أم الدستور ، المهم أن تتم بشكل منتظم وشفاف وتأخير الانتخابات لن يؤثر في تجنب التوترات العادية لها .
· ما تعليقك علي اتهامات بعض وسائل الاعلام في مصر لك بالخيانة والعمالة لأمريكا التي تحمل جنسيتها والإساءة لمصر ؟
- من وجهوا ليَ هذه الاتهامات اما جهلة أو موتورون أو مأجورون أو هم أنفسهم عملاء ولكن لا يملك أحد منهم أي دليل يثبت صحة ما يقوله، وهذه الاتهامات قائمة علي ثقافة السماع فقط .
· ما تعليقك علي ما يتردد بشأن التمويل الأمريكي والأوربي الذي يتلقاه مركز " ابن خلدون " ؟
- لا نتلقي أي تمويل أمريكي ..واي معونات من السوق الاوربية أو غيرها نفصح عنها وننشرها في المجلة الشهرية للمركز وكان النظام السابق هو الذي أشاع هذه الاكذوبة عن المركز وهو نفسه نظام فاسد وأكبر عميل وكان ذلك يقصد تلويث سمعتي ولكن دون جدوي .
· هل كان تعيين د. نبيل العربي في منصب امين عام الجامعة العربية مؤامرة من دول الخليج واسرائيل للتخلص منه بسبب تصريحاته الجريئة بشأن الفلسطينيين والتقارب مع ايران ؟
- نيبل العربي وافق علي هذا المنصب بكامل حريته وكان يستطيع أن يرفض لو شعر أن هناك مؤامرة ولكن مصر حرصت علي هذا المنصب لأنه كان دائما يشغله دبلوماسي مصري .
· ما موقف اسرائيل من ربيع الثورات العربية وهل تتوقع أن تقدم تنازلات لحل القضية الفلسطينية ؟
- التنازلات تتوقف علي ضغوط الثورات العربية وكذلك الضغوط العالمية.
· هل تنوي ترشيح نفسك للرئاسة ؟
لا .. وأتمني أن يأتي رئيس شاب لمصر لذلك اطالب بتخصيص نسبة 40% من المجالس المحلية ومجلسي الشعب والشوري للشباب تحت سن الاربعين وهي مبادرة أطلقت عليها " 40 لمن تحت ال40 "
· كيف أصبحت علاقتك بقطر بعد الثورة ؟
- علاقتي بأمير قطر طيبة للغاية .. فتح ليَ أبواب بلاده في وقت محنتي وسخر لي جميع الامكانيات لكي استمر في عملي العام كما أعمل مع سمو الشيخة "موزة " في المؤسسة العربية للديمقراطية وهي من أكثر الداعمين للديمقراطية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.