محمد موسى: مصر تصعد بقوة في مؤشر الطاقة العالمي وتخطط لتكون مركزًا إقليميًا    رئيس جهاز السوفيس بالجيزة: ضبط 300 مخالفة متنوعة    محافظ القليوبية يتابع رصف الطرق الداخلية بقرى شبين القناطر ضمن "حياة كريمة"    ارتفاع الدولار وانخفاض العملة البرازيلية بعد تهديدات الرسوم الجمركية    الكرملين: عملية السلام في أوكرانيا مستمرة وروسيا تنتظر إشارات إيجابية من كييف    مستشار أوكراني: الحرب كبّدت بلادنا 500 مليار دولار.. والمساعدات الأوروبية لا تكفي    وائل القباني: أنصح مصطفى شلبي بالرحيل عن الزمالك    السيطرة على حريق محدود في سنترال رمسيس بعد تجدد اشتعال النيران    متحدث الوزراء: استعادة الخدمة بكامل طاقتها في نطاق سنترال رمسيس خلال ساعات    في ذكرى راعي الجيل.. تعرف على زيجات سامي العدل وآخر أعماله    إيهاب توفيق يطرح أحدث أغنياته "حد شافنا"    المهرجان القومي للمسرح يختتم فعاليات جولاته بالغربية ويكرم منهدس الديكور سمير زيدان    1 أغسطس.. عمرو دياب يحيي حفلا غنائيا في العلمين    ولادة نادرة لتوأم ملتصق بمستشفى الفيوم العام    بسبب زيزو.. نجم الأهلي يطالب بتعديل عقده أو مناقشة العروض الخليجية    غلق باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ في الغربية بعد تقدم 17 مرشحًا    "تنظيم الاتصالات" يعلن عن كيفية تعويض المتضررين من انقطاع خدمات الاتصالات    - بعد فوزها بلقب إكس فاكتور.. حنين الشاطر تطرح أول ألبوماتها بعنوان "بياع كلام"    محافظ الجيزة يشهد فعاليات إطلاق معسكر صحح مفاهيمك لأعضاء اتحاد بشبابها    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 229 صحفيًا    الصور الأولى ل تارا عماد من «ما تراه ليس كما يبدو»    بعد تألقها بدور ريحانة.. إشادات واسعة لسارة التونسي في «مملكة الحرير»    استشارية أسرية: حفظ أسرار البيت واجب شرعي وأخلاقي    ملك إسماعيل ومحمد حسن يتوجان بذهبية المختلط للناشئين ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 دبلوم سياحة وفنادق.. الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    الحوثيون: استهدفنا إسرائيل بصواريخ باليستية ونواصل منع الملاحة نحو إيلات    «حضرت له العشاء ثم خنقها».. المؤبد لقاتل جدته بالبدرشين    خالد الجندي: بشاشة الوجه والضحك سُنة نبوية    سعرها نصف مليار جنيه وتحتوي على «ساونا وسينما».. قصة فيلا محمد صلاح الفاخرة في تركيا    إطلاق الدليل التدريبي لمبادرة "دوي" الوطنية بطريقة برايل    انتبه- 5 علامات مبكرة تكشف عن وجود ورم في معدتك    تعزز صحة الكبد- 3 توابل أضفها إلى طعامك    بن غفير يحمل الحكومة الإسرائيلية ومفاوضاتها مع "حماس" مسؤولية هجوم "غوش عتصيون"    مباحثات مصرية كندية للتعاون بمجال تطوير عمليات البحث والتنقيب عن البترول والغاز    شيكابالا يوجه رسالة دعم لإبراهيم سعيد: "لا شماتة في الأزمات"    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لبحث تعزيز التعاون المشترك    أوبك تخفض توقعات الطلب العالمي على النفط للسنوات الأربع المقبلة    آرسنال يضم الدنماركي كريستيان نورجارد كصفقة ثالثة في الميركاتو الصيفي    تحرير 521 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 943 رخصة خلال 24 ساعة    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب بالعاصمة الإدارية الجديدة    تعليم البحيرة تعلن بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي الفني    «قصر العيني» تستقبل سفير كوت ديفوار لبحث التعاون في إطلاق البرنامج الفرنسي الطبي «KAF»    تقارير تونسية: انتقال غربال إلى الزمالك يبدو صعبًا.. وأوروبا أولوية اللاعب    مصرع سيدة وإصابة 6 آخرون إثر سقوط سيارة فى ترعة بالمنوفية    ضبط 43 قضية «أمن عام» وتنفيذ 347 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة (تفاصيل)    المفتي السابق يوضح حدود الاستمتاع بين الزوجين أثناء الحيض    لله درك يا ابن عباس.. الأوقاف تنشر خطبة الجمعة المقبلة    وكالة الأنباء المغربية: إعادة فتح سفارة المملكة المغربية في دمشق    الهيئة العليا للوفد تطالب عبد السند يمامة بالاستقالة    كامل الوزير يبحث مع نائب رئيس وزراء الكونغو تدعيم التعاون في مجالات النقل    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    الصحة تعلن توفير خدمات مبادرة فحص الأمراض المزمنة بمقرها في العاصمة الإدارية بالتزامن مع اليوم العالمي    أهالي القنطرة شرق ينتظرون تشييع جثمان الفنان محمد عواد وسط أجواء من الحزن    باريس سان جيرمان ينهي سجل ريال مدريد المثالي في كأس العالم للأندية    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 4 محافظات    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير يكشف عن الوضع المائي في دول حوض النيل
نشر في المشهد يوم 28 - 04 - 2014

قال الدكتور أحمد السيد النجار خبير اقتصادي، إن مصر تنظر دائما إلى حقوقها التاريخية فى مياه نهر النيل وحصتها منه، والارتباط العميق بين الحياة الإنسانية والنباتية والحيوانية فيها بتلك الحصة التى تستهلك مصر كل قطرة منها، كأساس لأى جدل حول قضية المياه فى حوض نهر النيل. وتنطلق هذه النظرة من حقيقة أن كل قطرة من حصة مصر فى مياه النيل تساوى حياة.
وأوضح، خلال مقاله بجريدة الأهرام، أن حجم استهلاك مصر من المياه يصل إلى أكثر من 68 مليار متر مكعب، منها 55.5 مليار متر مكعب حصتها من مياه النيل، والباقى عبارة عن استخدام جائر للمياه الجوفية، واستخدام غير آمن لمياه الصرف المعالج وغير المعالج. ومع التأكيد حقوق مصر غير القابلة للإنقاص مطلقا، لابد من النظر للوضع المائى لباقى دول حوض النيل لنرى هل تجور مصر على الحقوق المائية لتلك الدول، أم أنها كلها لديها الفرصة لتطوير إيراداتها لو قامت، على غرار مصر، بتنفيذ مشروعات مائية تزيد إيراداتها المائية من النيل دون أن تضر بأى دولة أخرى من دول حوض النهر.
وتابع: بداية سجلت دول حوض النيل إجمالا، زيادات كبيرة فى عدد سكانها وفى احتياجاتها المائية المترتبة على هذه الزيادة السكانية. ورغم تفاوت الحالة المائية من دولة لأخرى، فإنه ليست هناك أزمة مائية حقيقية فى تلك الدول إجمالا، لأنها لا تفتقر إلى الموارد المائية لمواجهة احتياجات سكانها، بقدر ما تفتقر لإستراتيجية مائية تنقذ الموارد المائية المتاحة من التبدد وتعمل على توظيفها دون المساس بحقوق باقى دول حوض النهر. ووفقا لبيانات البنك الدولى فى تقريريه عن التنمية فى العالم، وعن مؤشرات التنمية فى العالم، ارتفع عدد سكان دول حوض النيل بما فيها مصر، من 230.4 مليون نسمة عام 1988، إلى 416.7 مليون نسمة عام 2011، بنسبة زيادة بلغت نحو 80.9% خلال 23 عاما فقط. ولو أخرجنا مصر من حساب عدد السكان، فإن عدد سكان دول حوض النيل (بدون مصر)، ارتفع من 180.2 مليون نسمة عام 1988، إلى 334.2 مليون نسمة عام 2011، بنسبة زيادة بلغت 85.5%.
أضاف: لكن من بين دول حوض النيل هناك دولة علاقتها هامشية بالنهر مثل بوروندي، وأخرى علاقتها محدودة للغاية هى رواندا، ودولة علاقتها بالنيل محدودة هى كينيا، ودولة علاقتها بالنيل متوسطة هى تنزانيا، ودولة لديها تخمة مائية نهرية ومطرية هى الكونغو الديمقراطية، لتبقى الدول الأعمق فى علاقتها بتشكيل نهر النيل وبإيراداته المائية، وبفرص إقامة مشروعات لتطوير تلك الإيرادات هى إثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان. وهذا التقسيم هو مجرد توصيف حالة، لكنه لا يعنى بأى حال من الأحوال استبعاد أى دولة من هذه الدول من أى استراتيجية مصرية لبناء وتطوير العلاقات مع دول حوض النيل والدول الإفريقية عموما، على قاعدة تبادل المنافع بصورة عادلة ومتوازنة قائمة على أخوة النهر والقارة.
وأكد أن بيانات البنك الدولى تشير إلى أن الموارد المائية العذبة المتجددة فى العالم تبلغ نحو 42383 مليار متر مكعب سنويا، ويستخدم منها نحو 3908 مليارات متر مكعب فقط، بنسبة 7.3% من المياه العذبة المتاحة لكل دول العالم. وهذا يعنى أن العالم فى مجمله لو سادته روح التعاون فى مجال المياه، فإن المياه تكفى للجميع، وأن هناك فرصا كبيرة لتنمية الإيرادات المائية المستخدمة على قاعدة التعاون الإيجابى فى هذا الشأن.
وقال: صحيح أن الموارد المائية فى العالم تتوزع بصورة غير متوازنة، حيث توجد مناطق تخمة مائية هائلة، ومناطق عطش مروعة، إلا أن إمكانيات تحسين هذا التوزيع عبر مشروعات تنمية الإيرادات المائية والتوزيع العادل للوفر المائى الناتج عنها، يمكن أن تحل غالبية المشاكل المائية على خريطة العالم بصورة سلمية، بدلا من سعى بعض مراكز الأبحاث الغربية المخابراتية الطابع، ومن ورائها بعض الدول لإذكاء روح الصراع على المياه عالميا، بدفع هذه الدولة أو تلك للاعتداء على الحصص المائية التاريخية لدول أخرى، بدلا من التعاون المشترك لتطوير موارد المياه واقتسام الوفر بشكل عادل.
وأكد أن الوضع المائى لدول حوض النيل يتفاوت من دولة لأخرى، ووفقا لبيانات البنك الدولي، يبلغ حجم تدفقات المياه الداخلية فى إثيوبيا نحو 122 مليار متر مكعب، ويستخدم منها نحو 5.6 مليار متر مكعب فقط، بنسبة استخدام تبلغ 4.6% من تلك الموارد. ويستهلك قطاع الزراعة نحو 94% من إجمالى استهلاك إثيوبيا من المياه، بينما يبلغ الاستهلاك المنزلى نسبة ال6% الباقية.
واستكمل حديثه قائلاً: "ورغم أن نحو 83.6 مليار متر مكعب من تلك الموارد المائية تتدفق إلى جنوب وشمال السودان ومصر، إلا أنه يبقى لإثيوبيا 38.4 مليار متر مكعب من المياه السطحية التى تجرى فى أنهارها والتى لا يستغل منها سوى 14.6% فقط. وإضافة لهذه الموارد المائية السطحية، هناك المياه الجوفية التى يوجد لدى إثيوبيا مخزون هائل ومتجدد منها بفعل الأمطار الموسمية الغزيرة. كما أن هناك كميات هائلة من الأمطار التى تتبدد بالبخر أو التشرب والتسرب والتى يمكن إنقاذها ببناء خزانات صغيرة لجمع مياه الأمطار من مخرات السيول المتاخمة للمناطق السهلية القابلة للزراعة أو الرعى لاستخدام تلك المياه على مدار العام".
من ناحية أخرى، أكد أن نهرى جوبا وشبيلى اللذين ينبعان من إثيوبيا ويتدفقان إلى الصومال، وتبلغ الإيرادات المائية لهما قرابة 20 مليار متر مكعب، لا تستغل مياههما، ويصبان فى المحيط الهندى عند مقديشو بالنسبة للأول الأقل أهمية والذى لا يصل فى بعض الأحيان للمحيط عندما تسد مجراه النهائى الكثبان الرملية، وعند كسمايو بالنسبة للثانى الأكثر أهمية بحجم إيراداته المائية الأكبر وانخفاض الملوحة فيها. ويمكن لكل من إثيوبيا والصومال الاستفادة منهما، خاصة أنهما متاخمان لمناطق قابلة للزراعة والرعى فى كليهما، ومنها جزء كبير سهلى منبسط.
وتابع: إذن أى حديث عن حاجة إثيوبيا لمياه النيل التى تتدفق إلى مصر، والتى ترتبت عليها حياة البشر والنبات والثروة الحيوانية بصورة كلية فى مصر، هو حديث بعيد عن الحقائق ويثيره البعض وبالذات فى بعض مراكز الأبحاث المخابراتية فى الغرب لإذكاء الصراع بين مصر وإثيوبيا، ولدفع الأخيرة إلى التوجه للاعتداء على حصة مصر بدلا من استخدام المصادر الأخرى للمياه المتوافرة لديها. ويبقى حديث حاجة إثيوبيا إلى الطاقة الكهربائية من مساقط المياه التى يمر بها النيل الأزرق والروافد المختلفة لنهر النيل، هو الحديث الذى يمكن قبوله وتنظيم الاستفادة بتلك الطاقة بالاتفاق مع مصر والسودان دون أى إضرار بمصالحهما المائية مع الإقرار الإثيوبى الرسمى بحصة كل منهما فى مياه النهر.
وقال: أما إريتريا فإن مواردها المائية الداخلية تبلغ 3 مليارات متر مكعب، ويبلغ متوسط نصيب الفرد منها نحو 549 متراً مكعباً. ويأتى جزء من إيرادات نهر عطبرة من إريتريا، فضلا عن كونها معبراً شديد الأهمية لمياه ذلك النهر إلى النيل الرئيسي. وتعتبر موانئ إريتريا وجيبوتى هى المعابر الوحيدة للتجارة الخارجية الإثيوبية، نظرا لأن إثيوبيا منذ انفصال إريتريا عنها، أصبحت دولة داخلية مغلقة لا توجد لها أية منافذ على البحر. ويستهلك قطاع الزراعة فى إريتريا نحو 95% من موارد المياه المتاحة لها، بينما يشكل الاستهلاك المنزلى نحو 5% من إجمالى استهلاك المياه العذبة فى ذلك البلد الشديد الأهمية لمصر من كل الزوايا المائية والإستراتيجية، دون أن يلقى الاهتمام الذى يستحقه من الدولة المصرية حتى الآن.
وأشار إلى أن الكونغو الديمقراطية تبلغ مواردها المائية الداخلية 900 مليار متر مكعب، ويبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من المياه أكثر من 14 ألف متر مكعب سنويا. ويستهلك قطاع الزراعة نحو 18% من إجمالى استهلاك المياه فى الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا)، بينما تستهلك الصناعة نحو 20%، ويشكل الاستهلاك المنزلى النسبة الباقية أى 62%. وتستخدم الكونغو 12.8 مليار متر مكعب فقط من المياه المتاحة لديها، بنسبة 1.4% من إيرادات المياه السطحية الداخلية، دون النظر لرصيدها الضخم من المياه الجوفية، ومياه الأمطار التى لا تدخل لمجرى نهر الكونغو الجبار وروافده. وأكد أنه بالتالى فإن هذه الدولة التى تقع بعض روافد نهر سمليكى (أحد روافد نهر النيل) ضمن حدودها، ليس من المتوقع أن يكون لديها أى مطالبات من أى نوع بالنسبة لمياه النيل.
أما أوغندا فإن مواردها المائية الداخلية المتجددة تبلغ 39 مليار متر مكعب، ويبلغ متوسط نصيب الفرد نحو 1205 أمتار مكعبة، وهى تستخدم 0.3 مليار متر مكعب فقط، بنسبة 0.5% من تلك الموارد الداخلية المتاحة لها. ويستهلك قطاع الزراعة نحو 36% من إجمالى استهلاك أوغندا من المياه العذبة، بينما تستهلك الصناعة 18%، ويمثل الاستهلاك المنزلى نحو 46% من إجمالى استهلاك المياه العذبة فى أوغندا.
وأشار إلى أن هناك إيرادات مائية كبيرة تأتى لأوغندا من خارج حدودها، إضافة إلى مواردها المائية الداخلية. وتعتمد أوغندا وهى واحدة من الجنان الاستوائية، على مياه الأمطار فى الزراعة، حيث تسقط الأمطار نحو ثمانية أشهر فى العام. وهناك تعاون تاريخى إيجابى بين مصر وأوغندا فى مجال المياه والكهرباء. وكانت مصر قد تكفلت بتمويل إنشاء سد أوين على نيل فيكتوريا من مخرجه من بحيرة فيكتوريا لتوليد الكهرباء لصالح أوغندا وتخزين المياه فى بحيرة فيكتوريا لصالح مصر. لكن كينيا وتنزانيا رفضتا تخزين المياه لصالح مصر لأن ذلك سيرفع منسوب المياه فى البحيرة ويغرق مساحات من الأراضى لدى كل منهما، وبالتالى كانت النتيجة أن اقتصر دور السد الذى أنشأته مصر كليا، على توليد الكهرباء لصالح أوغندا. فضلا عن الاتفاقيات التى عقدت فى العهد الاستعمارى والتى تحصن تدفق مياه النيل من أوغندا إلى مصر. وتعتبر أوغندا موقعا لعدد من المشروعات الممكنة لتطوير إيرادات نهر النيل من خلال إنقاذ مياه النيل التى تتبدد بالبخر والتسرب والتشرب فى منطقة بحيرة ومستنقعات كيوجا والتى تبلغ نحو 20 مليار متر مكعب سنويا، ومن خلال زيادة إيرادات نهرى كاجيرا وسمليكي.
أما تنزانيا فإن موارد المياه الداخلية بها تبلغ نحو 84 مليار متر مكعب، ويبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من المياه نحو 1930 متراً مكعباً سنويا. ويستهلك قطاع الزراعة نحو 89% من إجمالى استهلاك تنزانيا من المياه العذبة، وتذهب النسبة الباقية للاستهلاك المنزلي. وتستخدم تنزانيا نحو 5.2 مليار متر مكعب فقط من مواردها الداخلية. وتسقط الأمطار فيها من ستة إلى ثمانية أشهر، وهى ليست مصدرا رئيسيا لنهر النيل، فضلا عن أن موارد المياه السطحية والجوفية لديها تجعلها بعيدة عن الدخول فى مطالبات مائية مع دول حوض النيل بالنسبة لنهر كاجيرا الذى يمر فيها.
أما كينيا فإن مواردها المائية الداخلية فتبلغ 21 مليار متر مكعب، ويبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من المياه نحو 525 متراً مكعباً سنويا. ويستهلك قطاع الزراعة نحو 79% من إجمالى استهلاك كينيا من المياه العذبة، بينما تستهلك الصناعة نحو 4%، والمنازل نحو 17%. وتستخدم كينيا نحو 2.7 مليار متر مكعب فقط، بنسبة 8.9% من موارد المياه الداخلية السطحية المتاحة لها. لكن كينيا تملك مخزونا كبيرا من المياه الجوفية المتجددة والتى تغذيها الأمطار فى ذلك البلد. وتعتبر كينيا مصدرا هامشيا لمياه النيل، كما أن لديها موارد داخلية متاحة وغير مستخدمة، بما يبعدها منطقيا عن المطالبة بأية حصص من مياه النيل.
أما السودان بجنوبه وشماله فإن موارده الداخلية تبلغ نحو 30 مليار متر مكعب، ويبلغ متوسط نصيب الفرد منها نحو 706 أمتار مكعبة. ويستأثر قطاع الزراعة بنحو 97%من إجمالى استهلاك السودان من المياه العذبة، بينما تستهلك الصناعة 1%، والمنازل 2%. ويستهلك السودان نحو 37.1 مليار متر مكعب، حيث يستكمل احتياجاته من الموارد المائية الخارجية التى تتدفق إليه من إثيوبيا ودول هضبة البحيرات الاستوائية. وبعد انقسام السودان إلى دولتين، يمكن القول إن كلتيهما معبر للمياه التى تتدفق لمصر وليست مصدرا لها. ومن الضرورى التأكيد على أن أهم المشروعات الممكنة لتنمية إيرادات نهر النيل تقع فى جنوب السودان وأوغندا، يليهما إثيوبيا وتنزانيا.
أما بورندى فإن مواردها المائية الداخلية تبلغ نحو 10 مليارات متر مكعب، ويبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من المياه، نحو 1231 متراً مكعباً. وتستخدم بورندى نحو 0.3 مليار متر مكعب فقط. ويستهلك قطاع الزراعة نحو 77% من إجمالى استهلاك بوروندى من المياه، وتستهلك الصناعة 6%، والمنازل 17%. وتعتبر هذه الدولة شريكاً هامشياً تماما فى نهر النيل، فضلا عن أن لديها إيرادات مائية كبيرة وغير مستغلة تبعدها عن أى مطالبات فى أى حصة من مياه النيل.
ولافت إلى أن الإيرادات المائية الداخلية لرواندا تبلغ نحو 10 مليارات متر مكعب، ويبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من المياه، نحو 921 متراً مكعباً. وتستهلك الزراعة نحو 68% من إجمالى استهلاك رواندا من المياه العذبة، بينما يبلغ استهلاك الصناعة 8%، والمنازل 24%. وتعتبر رواندا مصدرا أقل أهمية نسبيا من بلدان مثل أوغندا أو تنزانيا أو الكونغو التى تتدفق منها الروافد الاستوائية لنهر النيل.
وأوضح أن مصر تعتبر من أفقر بلدان العالم فى مواردها المائية الداخلية، حيث تبلغ الإيرادات المائية الداخلية المتجددة المتوفرة لها حسب بيانات البنك الدولي، نحو 2 مليار متر مكعب فقط، ومتوسط نصيب الفرد منها يبلغ نحو 23 متراً مكعباً فقط. وتعتمد الحياة فى مصر كليا على المياه الواردة إليها من خارج حدودها عبر نهر النيل. وهذا يعنى أن أى انتقاص للموارد المائية التى تتدفق إلى مصر من نهر النيل، يساوى تهديداً للحياة بصورة مباشرة. ويستهلك قطاع الزراعة نحو 86% من إجمالى استهلاك مصر من المياه العذبة، بينما تستهلك الصناعة 6%، والمنازل 8%.
وقد ارتفع حجم استهلاك مصر من المياه بشكل مطرد مع تزايد عدد سكانها والتوسع الزراعى الضرورى لمواجهة الحاجات المتزايدة للسكان من السلع الزراعية وعلى رأسها الأغذية. وقد أدى تزايد استهلاك المياه فى مصر إلى وصول حجم الاستهلاك إلى 68.3 مليار متر مكعب حاليا، بواقع 794 متراً مكعباً للفرد بعد أن وصل عدد السكان فى داخل مصر إلى نحو 86 مليون نسمة، علما بأن هذه الحصة من المياه للفرد تتضمن مياهاً رديئة النوعية هى مياه الصرف المعالج وغير المعالج التى يجرى استخدامها فى مصر. أما لو أخذنا الحصة السنوية للفرد من مياه النيل وحدها، فإنها تبلغ نحو 645 مترا مكعباً فقط.
وهذا المستوى من حصة الفرد من المياه، يضع مصر بين الدول التى تعانى من ندرة فى المياه أو الفقر فى المياه وفقا لتصنيف خبراء المياه، حيث تعتبر الدول التى يتراوح نصيب الفرد فيها من المياه بين 1000 متر مكعب، و500 متر مكعب كدول تعانى من ندرة المياه، أما إذا قل نصيب الفرد من المياه عن 500 متر مكعب فإن ذلك يعنى أن البلد يعانى من ندرة تامة أو فقر مدقع فى موارد المياه.
وهذا الوضع يضطر مصر إلى الاستخدام الجائر للمياه الجوفية بصورة تهدد الخزان الجوفى بالتملح والنضوب فى الكثير من الأماكن، وتضطرها أيضا لاستخدام مياه الصرف الزراعى الملوثة والتى يزداد تلوثها بسبب صب الصرف الصحى والصناعى فيها فى الكثير من الأماكن دون أى عمليات معالجة مثلما هو الحال فى مصرف الرهاوى الذى يحمل كميات ضخمة من المياه الملوثة بالصرف الصحى والزراعى والصناعى من محافظتى بنى سويف والجيزة ويصب فى فرع رشيد مباشرة عند قرية نكلا مسببا مستوى مروعاً من التلوث لفرع رشيد دون أن تتحرك الحكومات المتعاقبة لمواجهة هذه الكارثة التى تسمم الأسماك النيلية فى فرع رشيد والترع المتفرعة منه بمستويات تلوث مدمرة صحيا، فضلا عن تلويثه للإنتاج الزراعى والحيواني، والتأثيرات المدمرة لكل ذلك على صحة البشر، وذلك على الرغم من وضوح الحل الممكن لهذه المشكلة وانخفاض تكلفته، من خلال محطة لتنقية مياه المصرف وعدم صبها فى فرع رشيد، بل سحبها إلى المناطق المتاخمة للطريق الصحراوى لزراعة أشجار خشبية او نبات الخروع الذى يجود فى تلك الأراضى باستخداماته المتنوعة وعلى رأسها إنتاج زيوته التى تستخدم طبيا.
وتابع: أنه يمكن القول إجمالا إن دول حوض النيل لديها ما يزيد كثيرا عن استهلاكها وبالتالى يمكن أن تتوسع فى استهلاك المياه دون أن تمس حصة مصر أو السودان، إلا إذا كان الهدف هو إشعال صراع مائى بتحريض خارجى أو نزوع عدوانى داخلي. كما أن المياه التى تضيع فى تلك الدول فى مناطق المستنقعات، تشكل موضوعا لمشروعات ممكنة لزيادة إيرادات نهر النيل، بحيث يمكن لكل دول الحوض أن تقتسم تلك الزيادة بصورة تقوم على قواعد العدالة. كما أن هناك كميات ضخمة من مياه الأمطار لا تدخل مجرى النيل وروافده الاستوائية بالذات فى تنزانيا وأوغندا، ويمكن إدخالها لمجرى النهر من خلال مشروعات لإقامة خزانات متوسطة وصغيرة تأسر مياه الأمطار وتقوم بتخزينها فى مواسم المطر، وتطلقها للنهر فى مواسم الجفاف، بما يؤدى لرفع إيرادات النيل من المياه وتحسين انتظام تدفقها على مدار العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.