في الوقت الذي تتعقد فيه الأوضاع الأمنية بشكل مثير للريبة في تونس وفي جل الدول العربية خاصة في الدول التي تشهد ثورات شعبية تنوعت أشكال التدخل الأجنبي في الشؤون الأمنية والسياسية والاقتصادية للمنطقة العربية. وقد كشفت تقارير أمريكية وأوروبية أن مؤسسات غربية أمنية خاصة عملاقة بدأت تفتك صفقات هائلة في مجال "حفظ الأمن" في عدد من الدول العربية وخاصة منها النفطية. وبالرغم من الضجة الكبيرة التي سبق أن قامت حول الدور"المشبوه" لمؤسسة "بلاك ووتر" التابعة لسياسيين أمريكيين بارزين من بينهم نائب الرئيس ووزير الدفاع الأسبق ديك تشيني فقد أكدت " نيويورك تايمز " الامريكية أن " بلاك ووتر" أبرمت مؤخرا صفقات أمنية عملاقة مع أمراء خليجيين وخاصة مع امارة دبي العربية؟؟
ولا يسع الوطنيين في الوطن العربي بعد أكثر من نصف قرن عن استقلال دولنا عن الاستعمار الاوروبي المباشر الا أن يتساءلوا: هل هانت دولنا وشعوبنا وأموالنا على حكامنا إلى هذه الدرجة؟ ما معنى فتح قطاع الأمن الداخلي وبقية قطاعات السيادة لقوى أجنبية أولا ثم لشركات خاصة أجنبية ثانيا؟ وما مبرر اللجوء الى شركات أمنية خاصة تابعة لصقور الادارة الامريكية في عهد بوش الابن التي تبين للساسة الامريكين قبل غيرهم أنها كانت إدارة فاشلة في كل المجالات وخاصة في سياستها الأمنية والعسكرية في المنطقة العربية والإسلامية ؟ لقد فشلت ادراة بوش بسبب اعتمادها على مؤسسات "خاصة " مثل بلاك ووتر في العراق. ولن ننسى أن الوطنيين العراقيين ورسميين في بغداد اتهموا تلك "المؤسسة الأمنية الأمريكية الخاصة" بالتورط في أعمال إرهابية راح ضحيتها مدنيون عراقيون مسالمون. وما يخشاه المرأ اليوم هو أن يبرر بعضهم الفلتان الأمني الحالي في عدة دول من بينها تونس واليمن وليبيا ومصر وسوريا..لتمرير مشاريع "صفقات أمنية" مع شركات غربية عملاقة مثل "بلاك ووتر"..وهو خيار سيرفضه الغالبية الساحقة من الرأي العام الوطني العربي الذي انخرط منذ مطلع العام في ثورة مفتوحة من أجل كرامته الشخصية والوطنية. لا شك أن دولنا في حاجة إلى شراكة وتعاون مع جل دول العالم في مختلف المجالات..لكن الشراكة لا يعني توظيف " الفلتان الامني" ليعيد بعضهم المستعمر من "النافذة" بعد عقود من التضحيات والنضالات التي أدت إلى طرده من الباب.. عن صحيفة "الصباح" التونسية