عقد "مركز نيسان للتنمية السياسية والبرلمانية" الأردني، الجزء الأول لورشة حوارية بعنوان "إصلاح الحقل الديني"، تناول النقاش حول أهمية بناء الدولة المدنية والعصرية والعلمانية ودولة القانون والمؤسسات، وشارك في ورشة العمل النائب "محمد الحاج"، و"عامر الحوفي" أستاذ أصول الدين في جامعة آل البيت، و"جورج الفار" أستاذ الفلسفة في الجامعة الأردنية. واعتبر محمد الحاج أن "المجتمع بحاجة إلى خطاب ديني إنساني وإلى صدمات كهربائية عالية في العقل العربي والإسلامي لإعادة الشعور بالحياة"، موضحا أن "العرب أمام إشكالية كبيرة تتمثل في عدم منح فرصة للإصلاح الديني الشامل، داعيا إلى تجديد المناهج والمفاهيم كافة". وأشار الى أن الفرصة مواتية للوصول إلى إصلاح ديني مطلوب، ولكن المثقف المسلم عندما يتحدث عن إصلاح الحقل الديني "فكأنه يسير في حقل من الألغام"، مؤكدا على أن العقل العربي "لا يمكن أن يتطور إلا إذا حصل تطور في النص الديني لإنفاذ عوامل النهضة"، مشيرا إلى أن التسامح والتعايش المشترك متأصل في النصوص غير أن القائمين على تفعيل تلك النصوص وصياغتها في خطاب هادف لا يزالون نادرين. ومن جهته، قال جورج الفار المحاضر في الفلسفة بالجامعة الأردنية إنه "كلما كان العقل بشكل عام معاصرا وشاملا ومدركا لروح النص، استطاع إدراك النص أو الخطاب بطريقة واسعة وشاملة، وكلما ضاق العقل أو ضعف ظهرت شوائبه"، موضحا أنه من الصعب إضافة سطر أو كلمة أو نقطة إلى أي نص ديني مقدس، ولكن يمكن "أن نطور العقول المتعلقة بالنص، وأن يجري التعامل مع النص بمفهوم إصلاحي ويحول أي نص إلى إنساني، ما سيمكن من استنباط الأحكام بشكل يتناسب مع الواقع دون التعسف عليه أو التعسف على النصوص والنظريات". ووافق الفار العديد من المشاركين، مؤكدين على أهمية قاعدة ابن رشد في هذا السياق "إذا خالف النص العقل، وجب تأويل النص"، وهي محاولة أصيلة في الفكر الإسلامي العربي لتأسيس عقلانية عربية رائدة وعالمية تكون المرجع الأساسي في حل لغز التطرف والتعصب ونشر قيم المواطنة والحداثة والدولة المدنية التي تحوي مجتمعا متنوعا ومتعايشا يسوده القانون والنظام والمصلحة الوطنية. وأكد عددا من الباحثين والعلماء على أن للعرب في التاريخ نماذج عديدة وأصيلة للعلمانية والمجتمع العقلاني المنظم وفق قواعد قانونية ومؤسسات بعيدا عن الطائفية والدينية والتمييز.