رحلات زيارة الأماكن المقدسة تبدأ الخميس المقبل "القدس" تشق الصف القبطى الأرثوذكسية: الزيارة تعد تطبيعاً مع الكيان الإسرائيلى الإنجيلية: حرية شخصية ولم نعاقب أبناءنا على سفرهم الكاثوليكية: سفر الأقباط ينعش الاقتصاد الفلسطينى مؤيدون: القرار سياسى وصدر في ظرف لم يعد قائماً ويجب إلغاؤه معارضون: يخالف تعاليم الكنيسة ويتجاهل ممارسات الاحتلال الصهيوني حالة من الغضب تسيطر على عدد كبير من الأقباط سنوياً عندما يأتى موسم الذهاب إلى القدس "الحج" نتيجة رفض الكنيسة الأرثوذكسية سفرهم، فضلاً عن العقوبات الكنيسة التى يتعرضون لها فور عودتهم. ومن المقرر أن تبدأ أولى رحلات الأقباط لزيارة الأماكن المقدسة هذا العام يوم الخميس المقبل، حيث يتوجه قرابة 6 آلاف قبطى على عدة مجموعات أيام الخميس والجمعة والسبت، وذلك على متن طائرات شركتى مصر للطيران وإير سيناء (الإسرائيلية) فى ظل استمرار موقف الكنيسة الرسمى الرافض لزيارة الأقباط للقدس. ويذهب أقباط سنوياً إلى القدس لزيارة الأماكن المقدسة، مهد السيد المسيح والعائلة المقدسة التى زارت مصر، ويضربون بقرار الكنيسة الأرثوذكسية عرض الحائط، فيما تؤيد الكنيسة الكاثوليكية زيارة الأقباط للقدس، وتصفها بأنها روحية وليس لها شأن بالتطبيع مع إسرئيل. ويرغب مسيحيون كل عام في السفر إلى القدس لزيارة الأماكن المقدسة والحجّ قبيل عيد القيامة (الفصح)، وهو ما يستلزم حصول المسافرين على تأشيرات إسرائيلية، الأمر الذي ترفضه الكنيسة الأرثوذكسية معتبرة أنه تطبيع مع إسرائيل التي تحتل القدسالشرقية منذ عام 1967، وقد جددت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية رفضها سفر أتباعها إلى القدس للاحتفال بعيد القيامة طالما بقيت المدينة تحت الاحتلال الإسرائيلي، فيما لا تعترض الكنيستان الإنجيلية والكاثوليكية على السفر معتبرة أنه "حرية شخصية". ويطالب عدد كبير من الاقباط،بعد تولى البابا تواضروس الثانى سدة الكرسى المرقسية خلفاً لسلفه الراحل البابا شنودة، بتغيير هذا القرار معللين طلبهم بأن هذا القرار كان سياسياً وليس دينياَ إرضاء للدولة، ويتسائلون: ماذا لو حدث خلاف مع السعودية؟ هل يقرر شيخ الأزهر عدم الذهاب إلى الحج؟ وأكد مصدر كنسى مطلع أن البابا تواضروس سمح لكبار السن فقط بالسفر إلى القدس والعودة قبل عيد القيامة، وعدم السماح لشباب الأقباط حتى لا يقعون فريسة للأفكار اليهودية، موضحاً أن البابا لا يريد إلغاء القرار لأنه صادر من رجل عاصر أحداثاً عدوانية من إسرائيل فلا يمكن أن يخونه بإسقاط قراره. وتابع المصدر أن عدداً كبيراً من الأقباط ملتزمون بالقرار، ولكن أقلية منهم يرفضونه ويعتبرونه انتهاكاً لحق الأقباط لإرضاء الدولة. القس بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة، قال فى تصريحات ل"المشهد": "موقف الكنيسة من زيارة القدس ثابت، وهو عدم زيارة القدس إلا مع إخوتنا المسلمين المصريين، وهناك عقوبات كنسية لمن يخالف القرار، تشمل حرمان كنسى من التناول وصوم وتدريبات روحية، فور العودة من زيارة الأقباط للقدس". ومن جانبة قال كاهن الكنيسة المصرية بالقدسالشرقية، القس ميخائيل الأورشليمي، إن كنيسته "لن تستقبل المسيحيين المصريين الذين سيذهبون إلى القدس هذا العام لمخالفتهم قرار الكنيسة الأرثوذكسية بعدم السفر للقدس طالما بقيت تحت الاحتلال الإسرائيلي"، مؤكداً أن "الكنيسة تسير على قرارات البابا الراحل شنودة الثالث برفض زيارة المسحيين للقدس للحج"، موضحاً أن مئات المصريين يأتون سنويا للحج في القدس، قائلاً "لكنهم بشكل عام يمثلون أعدادًا بسيطة، وليس بيدنا أن نمنع أحدا من السفر إلى القدس". وفي المقابل قال القس رفعت فكرى،راعى الكنيسة الإنجيلية فى مصر،إن قرار الكنيسة الأرثوذكسية بمنع المسيحيين من زيارة القدس لا يمت للدين بصلة،وإن سفر الأقباط إلى القدس حرية شخصية،متسائلأ: لماذا نمنعهم من الذهاب دون إلحاق الضرر بأمن مصر القومى؟ خاصة وأن سفرهم يتم بموافقة الأجهزة الأمنية المصرية وبرعاية مصرية خالصة. وأكد المحلل السياسى القبطى ميشيل فهمى أن السفر إلى القدس أحد الحريات الدستورية المعترف بها في كل أنحاء العالم، مشيرًا إلى أن قرار البابا شنودة بمنع السفر ليس من الدين في شئ وليس في صميم العقيدة، وإسرائيل دولة لنا فيها سفير. وأضاف أن سفر الأقباط إلى القدس لزيارة الأماكن المقدسة أو حضور عيد الميلاد ليس فيه شئ، فالزمن تجاوز المفاهيم التي ما زلنا نحكي فيها فلا يوجد حرمان كنسي للأقباط الذين يسافرون للقدس، مشيرا إلى أن موقف البابا شنودة الرافض لزيارة الأقباط للقدس، والذي أعلنه منذ توليه للكرسي البابوي، جاء خشية أن يتم استثمار سفر الأقباط سياسيا في لحظة تمارس فيها ضغوط على الكنيسة، خاصة في ظل المحاولات التي تهدف إلى خلخلة الشارع القبطي والمصري. وكشف عادل كمال،صاحب إحدى الشركات السياحية،أن أغلب المسافرين إلى القدس لزيارة الأماكن المقدسة من الكاثوليك والروم الأرثوذكس والبروتستانت وكافة الطوائف المسيحية ما عدا الكنيسة الأرثوذكسية المصرية التى مازالت تلتزم بقرارها بعدم السفر إلى القدس. واضاف أنه حال إلغاء هذا القرار سوف تجد الملايين من الأقباط يذهبون لأن الكنيسة الأرثوذكسية تشكل نسبة 90% من أقباط مصر. ومن جانبه قال جمال أسعد، المفكر القبطي، إن قرار البابا شنودة بعدم سفر المسيحيين قرار سياسي اتخذه عام 1979 بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وطالما كان القرار ليس دينيًا ويتنافى مع صميم العقيدة المسيحية فإنه غير ملزم لجموع الأقباط، لافتًا إلى أن الكنيسة لن تستطيع منع أي قبطي من زيارة بيت المقدس للحج وممارسة الشعائر الدينية، ولكن في الوقت نفسه على راغبي السفر استئذان الكنيسة والبابا تواضروس الثاني، وعدم الذهاب من تلقاء أنفسهم بالسفر إلى القدس بتأشيرات إسرائيلية؛ لأن ذلك يمثل اعتراف مسيحيي مصر بالدولة الصهيونية، وهذا لا يجوز لأن التعامل الشعبي مع الكيان الإسرائيلي يختلف كليًا عن التعامل السياسي بين الرؤساء والحكومات، متخوفًا من أن يكون القرار سياسيًا وليس دينيًا واستغلال الحدث داخليًا من جانب تيار الإسلام السياسي، لذلك لابد من محاسبة المخالفين لتعليمات الكنيسة الرافضة لمثل هذه الأفعال، أو تقديم اعتذار رسمي بعد عودتهم حتى لا يقال إن تماسك الأسرة القبطية أصبح مهددًا. نجيب جبرائيل المحامى انتقد من يكسرون قرار الكنيسة بالذهاب إلى القدس، وقال: "لن توافق الكنيسة أو تسمح لأي قبطي بمخالفة قرار البابا شنودة بحظر السفر أو الحج إلى القدس طالما استمر العدو الصهيوني يحتل الأرض الفلسطينية، وكل من سافر وأخذ تأشيرة الدولة العبرية سيتحمل نتيجة قراره، والكنيسة تخلي مسئوليتها وتنأى بنفسها عن هذه الممارسات الفردية"، مشيرًا إلى أن هؤلاء الأقباط لم يستأذنوا الكنيسة وذهبوا من تلقاء أنفسهم، وهو ما يمثل قلقًا قبطيًا من استمرار تمرد بعض الأقباط على قرارات الكنيسة، مطالبًا البابا تواضروس الثاني بإنزال عقاب الحرمان من الصلوات على جميع من تمردوا على الكنيسة.