إقبال الناخبين بلجان دمنهور للتصويت في انتخابات مجلس النواب    المشاط من اجتماع مع وزير الاقتصاد البلغاري: مصر وبلغاريا تمتلكان فرصا واسعة للتعاون المشترك    مصر واليونان تتفقان على تعزيز الاستثمارات المشتركة في الطاقة والزراعة والنقل    خروقات إسرائيل مستمرة.. شهيد بنيران الاحتلال وعمليات نسف وقصف مدفعي في غزة    مصادر: الأمم المتحدة توسع مسار دورياتها في جنوبي سوريا    الصافي تتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع لتسويق وتصدير الحلول التكنولوجية    توروب يطلب تقريرا عن إنبي قبل قمة كأس عاصمة مصر    تعرف على التشكيل المتوقع لريال مدريد أمام أتلتيك بلباو    التعليم تعلن وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف المالي والإداري    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار المرتقبة على محافظات الجمهورية    الأمن يضبط قضايا إتجار فى العملات الأجنبية تتجاوز 3 ملايين جنيه    القومي للسينما يقدم عروض نادي سينما الإسماعيلية    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    «مشوفتش رجالة في حياتي».. أبرز تصريحات زينة    زينة تثير الجدل بتصريح غريب عن الرجال.. اعرف التفاصيل    وزير الصحة خلال لقائه وفد جمجوم فارما: نعمل على تعزيز التصنيع المحلي ودعم برامج الكشف المبكر للأمراض    إرشادات جديدة لحماية المسافرين المرضى من الوقوع في شبهات الاتجار بالأدوية    إنقاذ مريضة في السبعينات بعد بلعها ملعقة صغيرة في المنوفية    محافظ قنا يتفقد عدداً من مقار اللجان في جولة إعادة انتخابات النواب    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    دخل تاريخ الدوري الإنجليزي.. هالاند أسرع لاعب يصل ل100 هدف    سليمان: فيريرا رجل سيء.. وما قاله ليس صحيحا    وزيرا التخطيط والمالية يبحثان تعديلات «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    العربية للتصنيع توقع مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون مع شركة "Sofema" الفرنسية في صيانة وعمرة محركات الطائرات    مذكرة تفاهم بين غرفة صناعة الملابس الجاهزة والوكالة الألمانية لدعم تطوير القطاع الصناعي    انقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي بعد الفيوم الجديدة    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    انقلاب ميكروباص وإصابة 7 أشخاص في مدينة 6 أكتوبر    التحقيق فى سقوط سيدة من أعلى الطريق الدائري بمنطقة بشتيل بالجيزة    وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت إشراف مالى وإدارى بعد تعدى عامل على التلاميذ    3 ديسمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    وزير قطاع الأعمال العام يشارك في حفل سفارة الإمارات بالقاهرة بمناسبة عيد الاتحاد ال 54    الإدارية العليا تواصل تلقى طعون نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «التعليم» تعلن وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    موعد صلاة الظهر.... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    رئيس الوطنى الفلسطينى: التصويت لصالح القرار الأممى يعكس إرادة دولية واضحة لدعم العدالة    وزير الخارجية يلتقي مع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني    «غني بالمعادن ومضادات الأكسدة».. الفوائد الصحية للعنب    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    وكيل الرياضة بالقليوبية يشهد الجمعية العمومية لمركز شباب الفاخورة    تشكيل آرسنال المتوقع أمام برينتفورد في البريميرليج    «ميدوزا»: كفاءة عالية رغم سوء الأحوال الجوية    بعد لقائهما المسلماني.. نقيبا السينمائيين والممثلين يؤكدان تعزيز التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    توجيه تهم القتل والاعتداء للمشتبه به في حادث إطلاق النار بواشنطن    الرئيس الكولومبي يحذر ترامب: مهاجمتنا تعني إعلان الحرب    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    سوريا تعلن إحباط محاولة تهريب ألغام إلى حزب الله في لبنان    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحضارة بين الأصولية والعلمانية
نشر في القاهرة يوم 17 - 07 - 2012


يعرف الفلاسفة الإنسان بأنه حيوان عاقل، وهذا يعني ان الإنسان كائن حي زائد ملكة الفكر والعقل التي تميز الإنسان عن سائر الخليقة الحية . والعقل يدفع الإنسان للتفسير ومحاولة الفهم، والإنسان الاول او البدائي كان كائنًا ضعيفًا ومن ثم خائفاً إزاء ظواهر الطبيعة القاهرة من زلازل وبراكين ورعد وبرق وأمطار وسيول وانهيار للتربة . في ظل هذه الحالة من القلق والترقب والخوف، شطح خيال الإنسان في سعي دؤوب لتفسير هذه الظواهر التي لا قبل له بها، فكان ان اضفي علي الطبيعة وظواهرها صفات خارقة وقدرة فائقة، ونظر إليها علي انها قوي روحية إلهية تتحكم فيه وفي مصيره كإنسان . من هنا نشوء الأسطورة كتفسير خيالي لظواهر الطبيعة وإقرار وإيمان بفاعليتها في حياة الإنسان المحكوم بها . وكان السؤال الملح كيف نتجنب غضب الآلهة وكيف نحوز رضاها عنا؟ الدين هنا ابتدع الإنسان الدين بقواعده وطقوسه وعقائده، وبالتالي رسم الطريق امام الإنسان فيما يجوز فعله وقوله ومالايجوز، بكلمة واحدة نشأت الدوجما التي تعني مجموع العقائد التي نعتقد في صحتها اعتقادًا اكيدًا جازمًا. ويترتب علي هذا ان تحكم الدوجما سلوك الإنسان العملي، ولما كانت الدوجما بهذا المعني إيمانًا جازمًا، صحته اكيدة، فإن الخروج عليها بل مجرد إعادة التفكير فيها يعد خروجًا علي الدين ومستوجبًا غضب الآلهة . من هنا يجب مقاومة المجتمع ورجال الدين لكل جديد والنظر إليه علي انه خطر علي العقيدة، فعلينا السير في طريق الآباء وبالتالي تقديس واحترام وتبجيل كل ما هو قديم ورفض كل ما هو جديد . الأصولية هنا يظهر مصطلح الاصولية وهذا اللفظ مشتق من الاصل والاصول بمعني الوقوف عند القديم وعدم تجاوزه . ولو ادي النظر العقلي والتفكير إلي رأي وحكم مخالف ما قالت به الاصولية، علينا التنكر للنظر العقلي وبراهينه والالتزام بما قررته الاصولية، ومن ثم عقاب من جرؤ علي مخالفة الاصول القديمة . وهذا ما حدث في القرن الخامس قبل الميلاد مع انكساجورس حين ذهب إلي ان القمر ارض بها جبال ووديان وان الاجرام السماوية مجرد اجسام ملتهبة لا تختلف عن الاجسام الارضية . هنا انكساجورس اصطدم مع الاصولية الدينية التي كانت تقول بأنه كل ما هو سماوي هو إلهي، فاتهم بالإلحاد مما اضطره إلي مغادرة اثينا . هنا الاصولية بالإضافة لكونها تمسكًا بالأصول والاعراف والعقائد القديمة، فإنها ضد إعمال العقل وضد التغير والتجديد مما يعني تحجر المعرفة وتجمدها وعدم تطورها، وبالتالي فإن الاصولية ضد الحضارة الإنسانية التي تعني إضافات متراكمة وتجديدا مستمرا وتطورا دائما . فهي تغلق الباب دون مسار الحضارة بتراكمها المعرفي وتجددها وتجديدها وتطورها. ولعل هذا ماحدث مع ابن رشد حين اراد إيجاد حل لمعضلة التناقض الظاهري مع بين الشرع والعقل، فأبدع نظرية التأويل كحل لهذه الإشكالية، والتي فيها ذهب إلي إمكانية رفع هذا التناقض من خلال تأويل النص الديني لينسجم مع العقل، وبالتالي يسمح ويجيز استمرارية المعرفة وتراكمها . هنا اصطدم ابن رشد بالمؤسسة الاصولية التي رأت في إبداعه الاصيل خروجًا علي صحيح الدين، فنفي إلي آليسانة وأحرقت مؤلفاته . وذات التصرف حدث مع جاليليو حين أيد نظرية كوبرنيكوس القائلة بدوران الارض حول الشمس، علي العكس من الاعتقاد السائد . فنظرت إليه الاصولية الدينية ممثلة في الكنيسة الكاثوليكية علي انه خارج علي الكتاب المقدس واجبر علي انكار القول بدوران الارض . من كل ما تقدم نخلص إلي ان الاصولية موقف يرتد إلي الماضي ويقف عنده ولايتجاوزه ومن خلاله يُنظر إلي المعرفة في تجددها وتغيرها وتطورها نظرة إنكار ورفض، مما يعني تحجر وجمود المعرفة وبالتالي فإن الاصولية ضد الحضارة الإنسانية إذا العلاقة بين الحضارة والاصولية علاقة تضاد، فماذا عن علاقة الحضارة بالعلمانية؟ العلمانية لغويا من العالم فهي علمانية بفتح اللام ويرجع هذا المصطلح إلي فترة العصور الوسطي، إذ اطلق علي الكاهن الذي يتحمل مسئولية إبراشية، فيقال عن الكاهن في هذه الحالة ان الكاهن تعلمن، وهذا يعني ان الكاهن اصبح لا يهتم فقط بالامور الروحية، بل عليه بحكم إدارته للإبراشية ان يهتم بأمور دنيوية زمنية . إذًا فالعلمانية تُرد إلي العالم وشئون وقضايا العالم المعيش، فهي منهج او مذهب في المعرفة تحصر النظر في حدود العالم المادي المعيش وبالتالي تصرف النظر عما يتجاوز هذا الواقع . فما هو وراء الوجود المادي رغم إقرارنا بوجوده لا نملك عنه معرفة علمية وعلي هذا فمجاله هو الإيمان والتسليم . بهذا المعني العلمانية ليست ضد الدين، وليست دعوة إلحادية ولكنها تفرق بين ما يستطاع معرفته معرفة علمية وبين ما لا يستطاع. الاول علم والثاني إيمان وبالتالي تنكر العلمانية إمكانية امتلاك الحقيقة المطلقة فتقر بالنسبية والتغير مما يدفع بحركية واستمرارية وتطور المعرفة وعدم تحجرها . ومن ناحية اخري يعني إنكار إمكانية امتلاك الحقيقة المطلقة إقرارًا بالتعدد والاختلاف وبالتالي الإقرار بعقائد الآخرين وحقهم في ان يختلفوا، فتنتفي الحرب والصراع باسم امتلاك الحقيقة المطلقة ومن ثم فإن العلمانية منهج للسلام والتعايش بين الشعوب المختلفة ذات العقائد المختلفة. والعلمانية بهذا المعني تنسجم مع مسار الحضارة الإنسانية، بل هي العامل الرئيسي في دفع مسار الحضارة وتطورها .العلمانية حضارة والاصولية وأد للحضارة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.