فتح باب الترشح لرئاسة 5 جامعات أهلية.. الجدول الزمني والأوراق المطلوبة    محافظ أسوان يكرم "إبتسام" خامس الجمهورية في الثانوية الأزهرية (صور)    وزير البترول يبحث مع رئيس "إنرجين" تعزيز التعاون في مجالات الغاز والتقاط الكربون    فيديو.. متحدث الكهرباء: العمل جارٍ على خطة لتأمين مصدر تغذية بديل لمحطة محولات جزيرة الذهب لعدم تكرار العطل السابق    كييف تعلن إسقاط صاروخين كروز 309 طائرات مسيرة روسية خلال الليل    ترامب: إسرائيل تتحمل مسئولية كبيرة لوصول المساعدات إلى غزة    مصدر يوضح.. هل يتعاقد الزمالك مع الروماني أندريا كورديا؟    "التعليم" تمد فترة تغيير المسمى الوظيفي للمعلمين حتى 7 أغسطس    ترامب وستارمر: مراكز مساعدات مفتوحة لغزة    أربعة حرائق كبيرة لا تزال مشتعلة في تركيا    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    موسكو تبدأ رحلات مباشرة إلى كوريا الشمالية وسط تراجع الخيارات أمام السياح الروس    توجيهات رئاسية بمواصلة التنسيق مع الجهات المعنية لتعزيز قدرات الأئمة وتأهيل الكوادر    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    خريطة معامل تنسيق المرحلة الأولى الإلكتروني بالجامعات 2025    كمال حسنين: كلمة الرئيس السيسى كانت "كشف حقائق" ومصر أكبر داعم لفلسطين    «الأعلى للإعلام» يُلزم 3 مواقع بسداد غرامات مالية بسبب مخالفة «الضوابط والمعايير والأكواد»    ضغوط على بريطانيا للاعتراف بفلسطين.. صحيفة: سيكون له ثقل خاص بسبب وعد بلفور    الغرف التجارية: تطوير قطاع العزل والنسيج خطوة نحو استعادة مكانة مصر الرائدة    بعد تخطيها 2 مليون مشاهدة.. شمس الكويتية تكشف كواليس أغنيتها الجديدة "طز"    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    التحقيق في وفاة فتاة خلال عملية جراحية داخل مستشفى خاص    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    لعلاج مشاكل الحموضة وصحة الأمعاء.. اتبع هذه النصائح    البربون ب320 جنيهًا والقاروص ب450.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم في مطروح    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    الداخلية تضبط سائق سيارة نقل لاتهامه بتعريض حياة المواطنين للخطر    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    الإسكان تُعلن تفاصيل مشروعات محافظة بورسعيد    بأحدث الإصدارات وبأسعار مخفضة.. قصور الثقافة تشارك في معرض الإسكندرية العاشر للكتاب    «الصحة» تحذر من الإجهاد الحراري وضربات الشمس وتوجه نصائح وقائية    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    كل عبوة مساعدات مجهزة لتلبية احتياجات الأسرة في غزة لمدة 10 أيام    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    الكرتي يترك معسكر بيراميدز ويعود للمغرب    ثروت سويلم: ضوابط صارمة لتجنب الهتافات المسيئة أو كسر الكراسي في الإستادات (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحضارة بين الأصولية والعلمانية
نشر في القاهرة يوم 17 - 07 - 2012


يعرف الفلاسفة الإنسان بأنه حيوان عاقل، وهذا يعني ان الإنسان كائن حي زائد ملكة الفكر والعقل التي تميز الإنسان عن سائر الخليقة الحية . والعقل يدفع الإنسان للتفسير ومحاولة الفهم، والإنسان الاول او البدائي كان كائنًا ضعيفًا ومن ثم خائفاً إزاء ظواهر الطبيعة القاهرة من زلازل وبراكين ورعد وبرق وأمطار وسيول وانهيار للتربة . في ظل هذه الحالة من القلق والترقب والخوف، شطح خيال الإنسان في سعي دؤوب لتفسير هذه الظواهر التي لا قبل له بها، فكان ان اضفي علي الطبيعة وظواهرها صفات خارقة وقدرة فائقة، ونظر إليها علي انها قوي روحية إلهية تتحكم فيه وفي مصيره كإنسان . من هنا نشوء الأسطورة كتفسير خيالي لظواهر الطبيعة وإقرار وإيمان بفاعليتها في حياة الإنسان المحكوم بها . وكان السؤال الملح كيف نتجنب غضب الآلهة وكيف نحوز رضاها عنا؟ الدين هنا ابتدع الإنسان الدين بقواعده وطقوسه وعقائده، وبالتالي رسم الطريق امام الإنسان فيما يجوز فعله وقوله ومالايجوز، بكلمة واحدة نشأت الدوجما التي تعني مجموع العقائد التي نعتقد في صحتها اعتقادًا اكيدًا جازمًا. ويترتب علي هذا ان تحكم الدوجما سلوك الإنسان العملي، ولما كانت الدوجما بهذا المعني إيمانًا جازمًا، صحته اكيدة، فإن الخروج عليها بل مجرد إعادة التفكير فيها يعد خروجًا علي الدين ومستوجبًا غضب الآلهة . من هنا يجب مقاومة المجتمع ورجال الدين لكل جديد والنظر إليه علي انه خطر علي العقيدة، فعلينا السير في طريق الآباء وبالتالي تقديس واحترام وتبجيل كل ما هو قديم ورفض كل ما هو جديد . الأصولية هنا يظهر مصطلح الاصولية وهذا اللفظ مشتق من الاصل والاصول بمعني الوقوف عند القديم وعدم تجاوزه . ولو ادي النظر العقلي والتفكير إلي رأي وحكم مخالف ما قالت به الاصولية، علينا التنكر للنظر العقلي وبراهينه والالتزام بما قررته الاصولية، ومن ثم عقاب من جرؤ علي مخالفة الاصول القديمة . وهذا ما حدث في القرن الخامس قبل الميلاد مع انكساجورس حين ذهب إلي ان القمر ارض بها جبال ووديان وان الاجرام السماوية مجرد اجسام ملتهبة لا تختلف عن الاجسام الارضية . هنا انكساجورس اصطدم مع الاصولية الدينية التي كانت تقول بأنه كل ما هو سماوي هو إلهي، فاتهم بالإلحاد مما اضطره إلي مغادرة اثينا . هنا الاصولية بالإضافة لكونها تمسكًا بالأصول والاعراف والعقائد القديمة، فإنها ضد إعمال العقل وضد التغير والتجديد مما يعني تحجر المعرفة وتجمدها وعدم تطورها، وبالتالي فإن الاصولية ضد الحضارة الإنسانية التي تعني إضافات متراكمة وتجديدا مستمرا وتطورا دائما . فهي تغلق الباب دون مسار الحضارة بتراكمها المعرفي وتجددها وتجديدها وتطورها. ولعل هذا ماحدث مع ابن رشد حين اراد إيجاد حل لمعضلة التناقض الظاهري مع بين الشرع والعقل، فأبدع نظرية التأويل كحل لهذه الإشكالية، والتي فيها ذهب إلي إمكانية رفع هذا التناقض من خلال تأويل النص الديني لينسجم مع العقل، وبالتالي يسمح ويجيز استمرارية المعرفة وتراكمها . هنا اصطدم ابن رشد بالمؤسسة الاصولية التي رأت في إبداعه الاصيل خروجًا علي صحيح الدين، فنفي إلي آليسانة وأحرقت مؤلفاته . وذات التصرف حدث مع جاليليو حين أيد نظرية كوبرنيكوس القائلة بدوران الارض حول الشمس، علي العكس من الاعتقاد السائد . فنظرت إليه الاصولية الدينية ممثلة في الكنيسة الكاثوليكية علي انه خارج علي الكتاب المقدس واجبر علي انكار القول بدوران الارض . من كل ما تقدم نخلص إلي ان الاصولية موقف يرتد إلي الماضي ويقف عنده ولايتجاوزه ومن خلاله يُنظر إلي المعرفة في تجددها وتغيرها وتطورها نظرة إنكار ورفض، مما يعني تحجر وجمود المعرفة وبالتالي فإن الاصولية ضد الحضارة الإنسانية إذا العلاقة بين الحضارة والاصولية علاقة تضاد، فماذا عن علاقة الحضارة بالعلمانية؟ العلمانية لغويا من العالم فهي علمانية بفتح اللام ويرجع هذا المصطلح إلي فترة العصور الوسطي، إذ اطلق علي الكاهن الذي يتحمل مسئولية إبراشية، فيقال عن الكاهن في هذه الحالة ان الكاهن تعلمن، وهذا يعني ان الكاهن اصبح لا يهتم فقط بالامور الروحية، بل عليه بحكم إدارته للإبراشية ان يهتم بأمور دنيوية زمنية . إذًا فالعلمانية تُرد إلي العالم وشئون وقضايا العالم المعيش، فهي منهج او مذهب في المعرفة تحصر النظر في حدود العالم المادي المعيش وبالتالي تصرف النظر عما يتجاوز هذا الواقع . فما هو وراء الوجود المادي رغم إقرارنا بوجوده لا نملك عنه معرفة علمية وعلي هذا فمجاله هو الإيمان والتسليم . بهذا المعني العلمانية ليست ضد الدين، وليست دعوة إلحادية ولكنها تفرق بين ما يستطاع معرفته معرفة علمية وبين ما لا يستطاع. الاول علم والثاني إيمان وبالتالي تنكر العلمانية إمكانية امتلاك الحقيقة المطلقة فتقر بالنسبية والتغير مما يدفع بحركية واستمرارية وتطور المعرفة وعدم تحجرها . ومن ناحية اخري يعني إنكار إمكانية امتلاك الحقيقة المطلقة إقرارًا بالتعدد والاختلاف وبالتالي الإقرار بعقائد الآخرين وحقهم في ان يختلفوا، فتنتفي الحرب والصراع باسم امتلاك الحقيقة المطلقة ومن ثم فإن العلمانية منهج للسلام والتعايش بين الشعوب المختلفة ذات العقائد المختلفة. والعلمانية بهذا المعني تنسجم مع مسار الحضارة الإنسانية، بل هي العامل الرئيسي في دفع مسار الحضارة وتطورها .العلمانية حضارة والاصولية وأد للحضارة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.