وفاء عامر تنفي سفرها للخارج وتؤكد متابعتها للتحقيقات وثقتها في نزاهة القضاء    برلماني: المشاركة في انتخابات الشيوخ واجب وطني ورسالة لوحدة الصف    تجهيز 476 لجنة انتخابية ل«الشيوخ».. 12 مرشحا يتنافسون على 5 مقاعد فردي بالمنيا    بعد تأكيد الحكومة تجاوز الأزمة.. هل الأسعار في طريقها للانخفاض؟    الري: تنفيذ 87% من قناطر ديروط الجديدة.. وفتح بوابات قنطرة الإبراهيمية    في يوم حقلي بالبحيرة.. "الزراعة" تقدم هجن طماطم مصرية جديدة بإنتاجية عالية    عائلات المحتجزين الإسرائيليين تطالب حكومة نتنياهو بوقف «الجنون» في غزة    عبد المنعم سعيد عن منظمي الوقفات الاحتجاجية أمام سفارة مصر بتل أبيب: لا يستحقون عناء الرد    حكومة غزة: 73 شاحنة مساعدات دخلت القطاع يوم الجمعة ونهبت أغلبها    نقابة الموسيقيين تعلن دعمها الكامل للقيادة السياسية وتدين حملات التشويه ضد مصر    تفاؤل في لوس أنجلوس بإتمام صفقة سون    بدون ربيعة.. العين الإماراتي يهزم إلتشي الإسباني وديا    استقبال رسمي لبعثة التجديف بعد التألق في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    مهدد بالحبس.. القصة الكاملة لاتهام أشرف حكيمي بالاغتصاب خلال889 يوما    وزير الشباب والرياضة يفتتح ملعبًا بمركز شباب المعمورة - صور    انفاتينو يقضي إجازته في العلمين.. ومدبولي يهاتفه    إصابة 5 أشخاص إثر حادث انقلاب سيارة ميكروباص في الشرقية    تراجع منخفض الهند «عملاق الصيف».. بيان مهم بشأن حالة الطقس الأسبوع الجاري    إصابة 9 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    حكم بعدم دستورية قرار وزاري بإنهاء عقود الوكالة التجارية لمجاوزته حدود القانون    تنسيق المرحلة الأولى 2025.. قرار من التعليم العالي بشأن تقليل الاغتراب    حفل أسطوري .. عمرو دياب يحقق أعلى حضور جماهيري في مهرجان العلمين    نادية مصطفى تنعي محمود علي سليمان: رحل صاحب السيرة الطيبة والخلق الرفيع    ريستارت يصعد للمركز الرابع في شباك التذاكر.. والمشروع X يتراجع للمركز الخامس    رئيس جامعة بنها يصدر قرارات وتكليفات جديدة في وحدات ومراكز الجامعة    من الطور إلى نويبع.. عروض فنية ومواهب طفولية تضيء جنوب سيناء (صور)    لا تتسرع في الرد والتوقيع.. حظ برج الجوزاء في أغسطس 2025    أفضل أدعية جلب الرزق وقضاء الديون وفقًا للكتاب والسنة    ما حكم الدعاء داخل الصلاة بقضاء حاجة دنيوية وهل تبطل الصلاة بذلك؟.. الإفتاء تجيب    صلاة الأوابين.. الأزهر للفتوى يوضح أهم أحكام صلاة الضحى    الصحة: فحص 18.4 مليون مواطن ضمن مبادرة الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    الصحة تُطلق منصة تفاعلية رقمية بمستشفيات أمانة المراكز الطبية المتخصصة    ولادة طفل من جنين مجمد منذ 30 عاما|القصة الكاملة    3 مستشفيات تعليمية تحصد جوائز التميز من المنظمة العالمية للسكتة الدماغية    استجابة ل1190 استغاثة... رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر يوليو 2025    طعنة غادرة أنهت حياته.. مقتل نجار دفاعًا عن ابنتيه في كفر الشيخ    النقل: استمرار تلقي طلبات تأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    «الخارجية الفلسطينية» تحذر من دعوات تحريضية لاقتحام واسع للمسجد الأقصى غدا    الاستعلامات: 86 مؤسسة إعلامية عالمية تشارك في تغطية انتخابات الشيوخ 2025    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة سواحل مدينة كوشيرو اليابانية    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    تعرف على أسعار اللحوم اليوم السبت 2 أغسطس 2025    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    «خدوا بالكم منه».. إعلان عودة معلول ل الصفاقسي يهز مشاعر جماهير الأهلي    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراد وهبة المفكر الكبير أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس:
سأختار من أستطيع محاورته والخروج عليه دون أن يكفرني
نشر في الأخبار يوم 05 - 06 - 2012


مراد وهبة اثناء حواره مع »الأخبار
حديث الفلول خرافة لا تستهويني..!
الخوف السياسي والديني الطويل.. أوصلنا لمعضلة الاختيار دون تزوير في صناديق الانتخابات !
في حديث سابق عام (2009) أكد د.مراد وهبة المفكر الكبير بأن رافعي الشعارات الدينية "الإخوان المسلمون" سيصلون لسدة الحكم في حال اجراء انتخابات برلمانية دون تدخل من الحكومة.. وبرر ذلك بأن النظام السابق في غفلة أو عمد منه "ساب" التعليم في ايدي الاخوان واستطاعوا بذلك برمجة عقول اجيال من الشبان وقولبته في رؤية واحدة.. وبذلك تم تخريب التعليم واهم ما يصنعه وهو اعمال العقل.. ثم تمدد الإخوان في كثير من مواقع الدولة حتي اصبح المزاج العام للمصريين أصوليا - وليس دينيا - ومتقبلا لأفكار الاخوان مما قتل الفكر والإبداع ومال لتقليد القديم لقدمه فقط.. ولو كان منافيا للعقل والمنطق.. ووضع الإخوان انفسهم مكان الاله..!
وفي نفس الوقت لم يسمح النظام السابق بصنع تيار ثقافي يحمي العقل وحريته ويفند مزاعم رافعي الشعارات الاصولية من الاخوان.. فانفرد الاخوان بالعقل المصري والعربي والاسلامي فقتلوا الحياة وسودوا الدنيا امام الجميع من عذابات تنتظرنا ولا أمل في الحياة.. وبعد ذلك يصورون أنفسهم حاملين للنهضة.. ولا اعرف كيف يكونون حاملين للنهضة وهم يحاربون الدنيا بأفكارهم والعقل والقدرة علي الاختلاف.. وكيف يكونون اصحاب نهضة وهم يتصورون أنفسهم مالكين للحقيقة المطلقة والأبدية.. والآن يسعون لإعداد افراد الجماعة لتولي رئاسة تحرير الصحف القومية ومجالس إدارتها حتي تتم لهم السيطرة التامة علي العقل المصري وتشكيله وكذلك السيطرة علي ما تبقي من عقول الناس!
د.مراد وهبة استاذ الفلسفة الشهير.. كتب اسمه في موسوعة الشخصيات العالمية ضمن اهم 500 شخصية علي مستوي العالم.. وهو عضو الأكاديميات والمنظمات الدولية المرموقة.. مؤسس ورئيس الجمعية الدولية لابن رشد والتنوير العام 4991 اشتهر بدفاعه عن الفكر الحر والعقل المستنير ضد الاصولية بكل اشكالها ودعوتها لإغلاق العقل والتفكير العلمي.. عمل علي إحياء فلسفة ابن ر شد بوصفها".. أداة لسد الهوة بين الغرب والمجتمع الإسلامي.. ويري ان آراء ابن رشد الداعية لإعمال العقل في فهم النص وفي الحوار الإيجابي بين الناس الذي يجب أن يسود بين الغرب والشرق لأنها أساس السلام في أي منطقة من مناطق الأرض. من أهم مؤلفاته.. مستقبل الأخلاق.. جرثومة التخلف.. ملاك الحقيقة المطلقة الأصولية والعلمانية.
الخوف السياسي والديني
كيف يري د.مراد وهبة المشهد الانتخابي الراهن من ناحية فلسفية؟
من زمن طويل وانا اتابع المشهد الحياتي في مصر.. ومنذ أيام مبارك اتابع ما يجري علي الأرض حتي تنبأت وصرحت في اكثر من مقابلة بالمشهد الحالي.. وهو استيلاء الاخوان علي البلد.. وأنا لا ارجم بالغيب.. لكن من خلال قراءتي المنزهة عن الهوي والموضوعية تعرفت علي ما نحن فيه ومسارنا الحضاري.. وعن طريق قراءتي لتاريخ الحضارة والفكر الانساني اكون مندمجا في المسار الحضاري للتعرف علي القانون الذي يحكمه..ونحن توقفنا عند حضارة الفراعنة وتحنيطهم الجسد البشري استعدادا لعودته ومحاسبته.. ومازلنا نفكر بعقلية زراعية بدائية.. أي لم ننتقل للعالم الصناعي..ولاحظ وانظر حولك تجدنا نعيش سلسلة من الفراعين بداية من رئيس الدولة الفرعون الكبير حتي رئيس الفراشين الفرعون الصغير.. علاقة تقوم علي الخوف بين الحاكم والرعية وحتي بين الفراشين ورئيسهم.. علاقة خوف ورهبة تقتل حرية التفكير والإبداع..!
والخوف يجعل الانسان يقلد ولا يبدع .. ويعمل ما يريده الاخرون.. وتعطل ملكة التفكير عنده.. وأظن هذا ما حدث عندنا نتيجة الخوف السياسي الطويل من الحاكم الفرعون وما يمثله من بطش وسجن.. ومن الناحية الاخري الخوف الديني من التكفير والقتل وهو خوف قديم ايضا وحدث مع العالم الكبير" ابن رشد" حين تحدث عن اعلاء شأن العقل في النص الديني وتأويله له .. سياسة القمع من العهد السابق والخوف والتكفير من الجماعات الاصولية سيطرا علي الحياة المصرية وشلا حركتها.. وهكذا وصلنا باختيارنا الشعبي الحر ودون تزوير لإرادة الناخبين في الصناديق لهذين الاختيارين "الخوف السياسي والخوف الديني"نتيجة الممارسات الطويلة التي كبلت العقل المصري ..مما اربك من قاموا بالثورة وهم قلة مستنيرة.
يظل السؤال الحائر.. كيف نختار بين مرشح الاخوان مرسي والفريق شفيق.. وهناك تخوفات من الاثنين؟
حسب مساري الفكري سوف أستبعد اختيار اي مرشح يدخل بفكر اصولي متصلب علي منصب الرئيس السياسي.. لاني اعرف انه سوف يعمل علي تقويض اي فكر مناهض لفكره ولن يسمح بأي نقاش فكري حر وسوف يفرض فكره ولو بالقوة وسوف يماليء الجماهير حتي يصل لسدة الحكم ثم يتحكم بفكره المتصلب.. هذا بالنسبة لمرشح الاخوان..!
ومن الخرافات التي نعيشها حكاية الفلول.. وحديث الفلول خرافة لا تستهويني.. كلنا كنا نعيش في النظام القديم وتولينا مناصب وهذا لا يشين احدا فكنت في الجامعة وفي المجلس الاعلي للثقافة وفي لجان حكومية كثيرة..هل هذا يعني انني فلول لا أظن ذلك.. خاصة انه كانت توجد مقاومة ونضال ضد النظام القديم ولم نستسلم جميعا..ثم علينا ان نفكر قليلا لنعلم كيف يفكر الفريق احمد شفيق الذي يحسب علي النظام السابق هل يفكر بالطريقة الاخوانية بالتأكيد لا.. خاصة انه ليس لدينا حزب مناهض للفكر الاخواني الاصولي وليس الديني.. وانا اؤيد من كان ضد الاخوان بفكرهم الاصولي المتجمد.. لان من ضد الفكر الاخواني يحمل فكرا متطورا يمكن منافشته فيه.. واحمد شفيق لا يحمل فكرا يفرضه علي المجتمع.. ومرة اخري خاصة انه ليس لدينا اختيار اخر.. اما الاخوان فقد تتهم في افضل الاحوال بأنك كافر إذا راجعت افكارهم.
وانظر للاغتيالات التي تمت علي ايديهم لمجرد طرح فكر مغاير وتجد ذلك في محاولة قتل نجيب محفوظ بسبب روايته أولاد حارتنا.. انهم يعملون علي وأد العقل المصري حيث إنه ليس من حق العقل المصري أن يفكر إلا في مجالات محدودة هي التي تقع خارج الدوائر التي يحددها الاخوان.. انظر ماذا قال سارتر "مادمت احيا وسط الحرب العالمية الثانية فأنا مسئول عن إشعالها".. نحن جزء مما حدث في عصر مبارك ولا يوجد شيء نقي تماما.. نحن لا ننتخب ملائكة.. لكننا ننتخب من يستطيع التطوير واظن ان شفيق استطاع تطوير مكانه وهو مطار القاهرة وجعله علي اعلي مستوي.
اذن انت تخشي من تولي الاخوان حكم مصر؟
بالطبع لأنهم سوف يجهزون علي البقية الباقية من مصر لو تولوا الحكم فيها.. ولن تقوم للإبداع والفكر قائمة.. وقل علي مصر السلام.. وكل الدول التي هيمن فيها الاصوليون علي سدة الحكم ضاعت كما نري في السودان والصومال وأفغانستان والأمثلة كثيرة.. وحين تمحكوا في النموذج التركي قال اردوغان انه يحكم بالسياسة وليس بالدين وان الحكم علماني ولذلك غضبوا منه.
وعود وهمية
لكن الاخوان وعدوا بان يشاركوا الاطياف المختلفة في الحكم؟
لا اظن ذلك..فكل تاريخ الاخوان يبرهن انهم متعصبون لأفكارهم.. فهم أصوليون لا يمكن التحاور معهم.. لاحظ انني اقول انهم اصوليون وليسوا متدينين.. فالمتدين يقبل الحوار والمناقشة اما الاصولي فلا، فهو يحمل مسلمات وحقائق لا تقبل النقاش وهم يعتقدون انهم محتكرو الحقيقة.. لا تصدق انهم سوف يتحاورون او يشركون اطياف المجتمع معهم.. انهم اصوليون.. لديهم مخطط وحيد الاستيلاء علي العالم فبعد تدمير الاتحاد السوفيتي في افغانستان انقلبوا علي امريكا وتدمير برج التجارة العالمي ومن بعد اوروبا يتصورن انهم بعد القضاء علي الاشتراكية والرأسمالية سيدين لهم العالم بعد ذلك.. انهم يفكرون بفكر الاممية الدينية وليس بفكر مثل المواطنة.
لكن لماذا تعتقد ان الاخوان سوف يرجعون بمصر للوراء؟
للإجابة علي هذا السؤال لابد من الرجوع قليلا للحضارة الإسلامية وجذور الفكر.. فالحضارة الاسلامية تتمثل في صراع بين "ابن رشد في القرن الثاني عشر وابن تيمية".. أي صراع ما بين العقل والنقل..وتم تدمير فكر ابن رشد لصالح فكر النقل عن ابن تيمية الذي ابتلع فكره الكثيرون من ابناء الفكر الاسلامي وهم من نسميهم الاصوليون ثم التقط الخيط محمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر ثم تبني الاخوان الفكر الوهابي في القرن العشرين.. وأصبحوا تنظيما عالميا وهم اقوياء جدا بالداخل أي في مصر وفرضوا انفسهم في مجالات كثيرة وأخطرها التعليم.. وهم متربصون بمصر ليسوا بسوء نية ولكنهم ملتزمون بابن تيمية وتفكيرهم الاصولي وهو عدم اتاحة فرصة للعقل.. ولذلك لن نجد اي ابداع حقيقي ينبت في ارض مصر لو تولوا الحكم فيها.. وتم اقصاء فكر ابن رشد.. حتي انهم انهالوا عليا لانني حاولت احياء فكر العقل عند ابن رشد وأغلقوا مركز الابداع الذي اقمناه في كلية التربية.. كما انهم غير قابلين للحوار فهم اصحاب الفكرة الواحدة غير القابلة للمناقشة.
الأصوليات
في العديد من المرات عبت علي المثقفين دورهم في مواجهة تيار الأصوليات؟
نعم.. المثقفون عندنا للأسف اصحاب مصالح قريبة.. وفشلوا فشلا ذريعا في مواجهة التيار الاصولي الذي يري نفسه يمتلك الحقيقة كل الحقيقة.. بل ويمتلك الحقيقة مرة واحدة ولا تتغير.. مع أن الحياة طبيعتها التغير والتبدل.. لكنهم أصحاب التيار الاصولي متصلبون فكريا وضحايا افكار عتيقة تلبستهم.. ومن الغريب أن هناك تياراً كاملاً من المثقفين هُزم أمام تيار الأصولية وانضم إليهم.. ومع ذلك هناك أفراد تنويريون، وآخرون ليبراليون.. لكن للأسف لا يمثلون تيارا قويا يستطيع المواجهة.. وهنا تكمن المعضلة عندنا.. نحن لم نستطع خلق تيار لأصحاب الافكار الحديثة والنظرة المستقبلية يتمكن من مجابهة التيار الاصولي التقليدي.
وهذا ما حدث حين هيمن فكر الغزالي علي المشرق العربي وبدأ يهيمن علي المغرب العربي. وعندما أحس إبن رشد في القرن الثاني عشر الميلادي بخطورة هيمنة فكر الغزالي علي المغرب العربي سعي لتفنيده فكريا وذلك بتأليف ثلاثة مؤلفات.. لكن تم تكفير ابن رشد كما قلت بل وأحرقت مؤلفاته.. وهنا هيمن فكر الغزالي تماما.. ثم من بعد ابن تيمية في القرن الثالث عشر امتداداً للغزالي.. وأجهز علي البقية الباقية من إبن رشد وأصبح التاريخ الإسلامي به الغزالي وابن تيمية فقط.. وابن تيمية من القرن الثالث عشر حتي الآن هو المسيطر.. وكما اشرنا الحركة الوهابية في السعودية وحركة الأخوان المسلمين كلاهما يستند إلي إبن تيمية الذي يعتبر إعمال العقل في النص الديني كفراً وزندقة.. ونقف عند حد المسموع ويقول إن هذا المسموع هو المعقول، واذا تنافي المعقول مع المسموع فالمسموع له الكلمة النهائية.
لماذا المثقفون في بلادنا لم يقوموا بدورهم التنويري بالتحديد؟
اكبر فئة خائنة في المجتمع عندنا هم المثقفون.. وقد حاولت في كتابي »جرثومة التخلف« الوصول للسبب وذلك أثناء دراستي لطبقات الجراثيم ووصلت لتكلس الفكر عندنا نتيجة وجود طبقة تسمي المحرمات الثقافية.. وهي موضوعات محرم التفكير فيها.. وكأن هناك موضوعات ممنوع الاقتراب منها.. ومع ذلك كان في اورويا ممنوعات ايضا أي محرمات ثقافية.. إلا أنه وجد بأوروبا نخبة مسئولة دفعت الثمن.. وعندنا لا نجد من يدفع الثمن كمثقفين اصحاب دور تنويري.. واظن أنهم لم يدفعوا الثمن وإلا كنا وجدنا تيارًا..و المفكر عندما يجد نفسه مهددًا لا يدفع الثمن.. وبالتالي نحن عاجزون عن إحداث تراكم بالتقدم...والمثقف الآن يستنكف أن يقول انا معجب بفكرة مثقف آخر.. وينسب لنفسه افكار غيره أو ينسبها لشخص آخر نكاية في هذا الشخص.. وقد حدث معي أن نقل أحدهم صفحة كاملة من أحد كتبي ونسبها إلي صامويل هانتنجتون وقال: يقول هانتنجتون فإتصلت به وقلت له هل تريد أن يقولوا عني إني »حرامي« وطلبت منه أن يكتب اعتذارًا في الجريدة وفعل ذلك.
فكر متحجر
ولماذا تري ان الاخوان اصحاب فكر متحجر؟
حتي نعرف لماذا فكرهم متحجر ومتصلب لابد ان نعرف كيف تمر المسألة الدينية بالبشر.. تمر بثلاث مراحل المرحلة الاولي بمعني الايمان بالدين الجديد.. بعد الايمان تأتي المرحلة الثانية التي يحتاج فيها الانسان للفهم يعني الايمان بالعقل ويفهم حتي يتحول فيها الايمان إلي معتقد ديني اصيل اي مرحلة العقيدة.. ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي الاخطر حين يبدأ صاحب المعتقد بمحاولة فرض المعتقد الايماني علي الجميع بالقوة ومن يخالفه جاهل وكافر ويستحق القتل.. وهو ما يعيش فيه الاخوان حاليا.
وبصورة اكثر وضوحا الإيمان في اللغة العربية معناه الثقة والتصديق، وتلك مسألة قلبية وليست عقلية، ولكن بعد ذلك تريد أن تعمل عقلك فيما آمنت به، فنجد محاولات من المؤمنين في إعمال العقل في الرسالة الدينية لفهمها... ثم يأتي ما يمكن تسميته سلطة دينية تحدد بنود الإيمان وتلك العملية يقوم بها في الإسلام علم الكلام.. وفي المسيحية علم اللاهوت.. وتنشأ علوم المعتقد في مرحلة متأخرة بعد انتشار الرسالة الدينية.. فاللاهوت بدأ بعد تقريبا اربعة قرون، وعلم الكلام بعد مئة عام من الإسلام.. ويتم وضع البنود الايمانية ويتفق عليها.. ثم نجد أن من يخرج عنها يتهم بالكفر وهو ما وقع مع كثيرين، لكن إذا كانت علوم المعتقد محصورة في المؤمنين فلا مشاكل.. وحين تمتد لتشمل المجتمع والدولة وتفرض نفسها بالقوة.. وهو ما يحدث ونتنبأ به.
لماذا لا نقول دعونا نجرب الاخوان ونمر بتجربة الحكم الديني ونتطور مثلما حدث في اوروبا؟
القياس هنا واهم ولا توجد مقارنة بأوربا.. لأن في أوربا نشأ علماء ومثقفون استطاعوا الوقوف ضد التيار وضحوا بحياتهم وعلقوا علي المشانق ولم يرهبوا أو يتراجعوا.. انهم لم يخونوا الحضارة الانسانية كما يحدث عندنا.. فالمراهنة علي التجرية خاسرة.. واذكرك بجاليليو وكبرنيكوس وما تعرض له من عذابات وصلت للاعدام.. ومثلا نشأ في اوروبا في القرن الثالث عشر تيار تنويري تحت اسم "الرشدية اللاتينية".. وحين حاولت انا التجرية تم تدمير الفكرة وطالتني الاتهامات من كل جانب واين بقية المثقفين أو العلماء لا تجد.. اذن فهم سوف ينفردون بنا دون ادني مقاومة.. ولا أستبعد علي مثقفينا تربية اللحي وارتداء الجلاليب القصيرة.
خرافة الشعب
ربما يكون اختيار الشعب للإخوان راجعا اننا شعب متدين بطبعه؟
انا اتعجب من هذه المقولة التي تتنافي مع طبائع البشر كلهم (الشعب المصري متدين بطبعه).. يا سيدي معظم شعوب العالم متدينة بطبعها، الدين اصيل في الإنسان ومن يروج لمقولة المصريين بطبعهم متدينون وحدهم مؤمنون بطبعهم واهم .. لان معظم شعوب العالم متدينون.. اما محاولة ايهام الناس بأننا متدينون بطبعنا والشعوب الاخري ليست متدينة خرافة كبيرة.. فالإنسان عنده ميل فطري للايمان.. واختيار الاخوان لأننا كبلنا منذ زمن بالخوف التكفيري.
تستخدم مصطلح الاصولية نريد تعريفه وما علاقتها بالتفكير وتحجره؟
الأصولية مسألة لها علاقة بكيفية استخدام العقل في النص الديني وليس الدين نفسه.. والأصولية الدينية سواء في اليهودية أو المسيحية أو الإسلام تمنع إعمال العقل في النص الديني.. يعني تلتزم بحرفية النص الديني.. وهذا سبب مطاردة ابن رشد أنه قال إن النص الديني يحتوي علي معني ظاهر وآخر باطن.. والمعني الباطن هو المجاز.. وعلينا أن نشغل العقل في النص الديني للتعرف علي المعني الباطن.. وهو ما يسميه ابن تيمية »التأويل« ورفض وتكفير من قال بالتأويل.. وبعبارة اخري الأصولية الدينية تكفر التأويل.. وهناك مقولة شهيرة لابن تيمية بأن االتأويل بدعة من الشيطان وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النارب وابن تيمية كفّر ابن رشد، والآن الأصوليات الدينية لا تختلف عما يقوله ابن تيمية في الديانات الثلاثة.. وهي ضد العلمانية والليبرالية والتنوير.. وبالطبع الاصولية ضد التحديث والتطور والليبرالية والعلمانية.. وكل أصولية- تعتقد أنها تملك الحقيقة المطلقة، والذي يتوهم امتلاك الحقيقة المطلقة لابد إنه يعتدي علي أي مخالف لحقيقته المطلقة.
معني التخلف
ايضا نريد تحديد المقصود بمعني التخلف وهل هو مرادف للأصولية؟
اولا حين نذكر مفهوم التخلف لابد ان نستدعي مسار الحضارة وكيف تبدأ خطواتها وخط سيرها.. ويبدأ المسار من الفكر الأسطوري والخرافي إلي العقلاني.. والحضارات ومنجزاتها تقوم علي العلم وإعمال العقل.. وبالتأكيد حين توجد ثقافة تعمل علي اعاقة العلم والتفكير العقلي نعرف ان هناك تخلفا وهذا ما نقصده بالتخلف.. وأنا أنشغل دائماً في القراءة في مسار الحضارة لأعرف إلي أين نتجه، ووجدت أننا نتجه ضد مسار الحضارة.. وكوني أقول هذا فأنا لا أقف صامتا، لذا أري أن الوقت قد حان بعد الثورة لتظهر سلطة ثقافية.. وعلي المثقف الحقيقي البحث عن جذور الوهم في المجتمع الذي يعيش فيه، ويحاول أن يجتث هذه الجذور التي تعوق فكر التقدم.
أما المثقف الذي لا يريد أن يمارس سلطته فلابد أن يعلن تنازله عنها وبالضرورة نعتبره مشاركا في التخلف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.