الإدارية العليا: الحكم الجنائي حائز لقوة ولا يجوز النظر فيه من المحكمة التأديبية    الهيئة الوطنية تعقد مؤتمرا صحفيا غدا لإعلان نتائج الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    المشرف القومي للأشخاص ذوي الإعاقة: نحرص على التواجد الميداني في القرى    تراجع طفيف بأسعار الذهب في منتصف تعاملات الأربعاء 24 ديسمبر    البورصة المصرية تختنم تعاملات اليوم بارتفاع جماعي    محافظ قنا يتابع استعدادات انطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    سلطات الاحتلال تمنع نائب الرئيس الفلسطيني من المشاركة في قداس منتصف الليل ببيت لحم    الكنيست الإسرائيلي يصدق بقراءة تمهيدية على تشكيل لجنة تحقيق سياسية في أحداث 7 أكتوبر    اليمن يدعو مجلس الأمن للضغط على الحوثيين للإفراج عن موظفين أمميين    ليفربول يجتمع مع وكيل محمد صلاح لحسم مستقبله    تقرير سعودي: بنفيكا يضغط للتعاقد مع جناح النصر    بعد قليل.. مؤتمر صحفي لرئيس مجلس الوزراء بحضور وزير المالية    طقس الخميس.. أجواء شديدة البرودة والصغرى بالقاهرة 11 درجة    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    وفاة المخرج الفلسطيني محمد بكري بعد صراع مع المرض    «الصحة»: تقليل ساعات الانتظار في الرعايات والحضانات والطوارئ وخدمات 137    الزراعة تحذر المواطنين من شراء اللحوم مجهولة المصدر والأسعار غير المنطقية    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    جامعة قناة السويس تعلن أسماء الفائزين بجائزة الأبحاث العلمية الموجهة لخدمة المجتمع    وفاة الفنان والمخرج الفلسطينى محمد بكرى بعد مسيرة فنية حافلة    غدا.. استكمال محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته فى الإسماعيلية    تشكيل أمم إفريقيا - بلاتي توري يقود وسط بوركينا.. ومهاجم ريال مدريد أساسي مع غينيا الاستوائية    الاجتماع الختامي للجنة الرئيسية لتطوير الإعلام المصري بالأكاديمية الوطنية للتدريب، الإثنين    كوت ديفوار تواجه موزمبيق في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025.. التوقيت والتشكيل والقنوات الناقلة    تليجراف: عمر مرموش يقترب من مغادرة مانشستر سيتي في يناير    وزير التعليم العالي يعلن أسماء (50) فائزًا بقرعة الحج    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    تشييع جثمان طارق الأمير من مسجد الرحمن الرحيم بحضور أحمد سعيد عبد الغنى    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    بث مباشر.. الجزائر تبدأ مشوارها في كأس أمم إفريقيا 2025 بمواجهة نارية أمام السودان في افتتاح المجموعة الخامسة    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    وفاة أصغر أبناء موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب    سبق تداوله عام 2023.. كشفت ملابسات تداول فيديو تضمن ارتكاب شخص فعل فاضح أمام مدرسة ببولاق أبو العلا    حسام بدراوي يهاجم إماما في المسجد بسبب معلومات مغلوطة عن الحمل    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لإطلاق القافلة الطبية المجانية إلى الواحات البحرية    بالأعشاب والزيوت الطبيعية، علاج التهاب الحلق وتقوية مناعتك    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    أمم إفريقيا – مدافع السنغال: اللعب في البطولة ليس سهلا.. ونحن من ضمن المرشحين بشط    إيمان العاصي تجمع بين الدراما الاجتماعية والأزمات القانونية في «قسمة العدل»    وزير الري: الدولة المصرية لن تتهاون في صون حقوقها المائية    لتشجيع الاستثمار في الذهب.. وزير البترول يشهد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق مع آتون مايننج الكندية    كيف واجهت المدارس تحديات كثافات الفصول؟.. وزير التعليم يجيب    بدء اجتماع الحكومة الأسبوعى ويعقبه مؤتمر صحفي    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    ضبط أدمن صفحة على فيسبوك نشر شائعات عن ترويج المخدرات والبلطجة    هاني رمزي: أتمنى أن يبقى صلاح في ليفربول.. ويرحل من الباب الكبير    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    وزير الصحة: قوة الأمم تقاس اليوم بعقولها المبدعة وقدراتها العلمية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    دبابات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته تطلق النار بكثافة صوب منطقة المواصي جنوب غزة    القومي للطفولة والأمومة يناقش تعزيز حماية الأطفال من العنف والتحرش    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    حريق هائل بمنطقة صناعية في تولا الروسية بعد هجوم أوكراني بمسيرات (فيديو)    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    ويتكر: المفاوضات حول أوكرانيا تبحث أربع وثائق ختامية رئيسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراد وهبة المفكر الكبير أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس:
سأختار من أستطيع محاورته والخروج عليه دون أن يكفرني
نشر في الأخبار يوم 05 - 06 - 2012


مراد وهبة اثناء حواره مع »الأخبار
حديث الفلول خرافة لا تستهويني..!
الخوف السياسي والديني الطويل.. أوصلنا لمعضلة الاختيار دون تزوير في صناديق الانتخابات !
في حديث سابق عام (2009) أكد د.مراد وهبة المفكر الكبير بأن رافعي الشعارات الدينية "الإخوان المسلمون" سيصلون لسدة الحكم في حال اجراء انتخابات برلمانية دون تدخل من الحكومة.. وبرر ذلك بأن النظام السابق في غفلة أو عمد منه "ساب" التعليم في ايدي الاخوان واستطاعوا بذلك برمجة عقول اجيال من الشبان وقولبته في رؤية واحدة.. وبذلك تم تخريب التعليم واهم ما يصنعه وهو اعمال العقل.. ثم تمدد الإخوان في كثير من مواقع الدولة حتي اصبح المزاج العام للمصريين أصوليا - وليس دينيا - ومتقبلا لأفكار الاخوان مما قتل الفكر والإبداع ومال لتقليد القديم لقدمه فقط.. ولو كان منافيا للعقل والمنطق.. ووضع الإخوان انفسهم مكان الاله..!
وفي نفس الوقت لم يسمح النظام السابق بصنع تيار ثقافي يحمي العقل وحريته ويفند مزاعم رافعي الشعارات الاصولية من الاخوان.. فانفرد الاخوان بالعقل المصري والعربي والاسلامي فقتلوا الحياة وسودوا الدنيا امام الجميع من عذابات تنتظرنا ولا أمل في الحياة.. وبعد ذلك يصورون أنفسهم حاملين للنهضة.. ولا اعرف كيف يكونون حاملين للنهضة وهم يحاربون الدنيا بأفكارهم والعقل والقدرة علي الاختلاف.. وكيف يكونون اصحاب نهضة وهم يتصورون أنفسهم مالكين للحقيقة المطلقة والأبدية.. والآن يسعون لإعداد افراد الجماعة لتولي رئاسة تحرير الصحف القومية ومجالس إدارتها حتي تتم لهم السيطرة التامة علي العقل المصري وتشكيله وكذلك السيطرة علي ما تبقي من عقول الناس!
د.مراد وهبة استاذ الفلسفة الشهير.. كتب اسمه في موسوعة الشخصيات العالمية ضمن اهم 500 شخصية علي مستوي العالم.. وهو عضو الأكاديميات والمنظمات الدولية المرموقة.. مؤسس ورئيس الجمعية الدولية لابن رشد والتنوير العام 4991 اشتهر بدفاعه عن الفكر الحر والعقل المستنير ضد الاصولية بكل اشكالها ودعوتها لإغلاق العقل والتفكير العلمي.. عمل علي إحياء فلسفة ابن ر شد بوصفها".. أداة لسد الهوة بين الغرب والمجتمع الإسلامي.. ويري ان آراء ابن رشد الداعية لإعمال العقل في فهم النص وفي الحوار الإيجابي بين الناس الذي يجب أن يسود بين الغرب والشرق لأنها أساس السلام في أي منطقة من مناطق الأرض. من أهم مؤلفاته.. مستقبل الأخلاق.. جرثومة التخلف.. ملاك الحقيقة المطلقة الأصولية والعلمانية.
الخوف السياسي والديني
كيف يري د.مراد وهبة المشهد الانتخابي الراهن من ناحية فلسفية؟
من زمن طويل وانا اتابع المشهد الحياتي في مصر.. ومنذ أيام مبارك اتابع ما يجري علي الأرض حتي تنبأت وصرحت في اكثر من مقابلة بالمشهد الحالي.. وهو استيلاء الاخوان علي البلد.. وأنا لا ارجم بالغيب.. لكن من خلال قراءتي المنزهة عن الهوي والموضوعية تعرفت علي ما نحن فيه ومسارنا الحضاري.. وعن طريق قراءتي لتاريخ الحضارة والفكر الانساني اكون مندمجا في المسار الحضاري للتعرف علي القانون الذي يحكمه..ونحن توقفنا عند حضارة الفراعنة وتحنيطهم الجسد البشري استعدادا لعودته ومحاسبته.. ومازلنا نفكر بعقلية زراعية بدائية.. أي لم ننتقل للعالم الصناعي..ولاحظ وانظر حولك تجدنا نعيش سلسلة من الفراعين بداية من رئيس الدولة الفرعون الكبير حتي رئيس الفراشين الفرعون الصغير.. علاقة تقوم علي الخوف بين الحاكم والرعية وحتي بين الفراشين ورئيسهم.. علاقة خوف ورهبة تقتل حرية التفكير والإبداع..!
والخوف يجعل الانسان يقلد ولا يبدع .. ويعمل ما يريده الاخرون.. وتعطل ملكة التفكير عنده.. وأظن هذا ما حدث عندنا نتيجة الخوف السياسي الطويل من الحاكم الفرعون وما يمثله من بطش وسجن.. ومن الناحية الاخري الخوف الديني من التكفير والقتل وهو خوف قديم ايضا وحدث مع العالم الكبير" ابن رشد" حين تحدث عن اعلاء شأن العقل في النص الديني وتأويله له .. سياسة القمع من العهد السابق والخوف والتكفير من الجماعات الاصولية سيطرا علي الحياة المصرية وشلا حركتها.. وهكذا وصلنا باختيارنا الشعبي الحر ودون تزوير لإرادة الناخبين في الصناديق لهذين الاختيارين "الخوف السياسي والخوف الديني"نتيجة الممارسات الطويلة التي كبلت العقل المصري ..مما اربك من قاموا بالثورة وهم قلة مستنيرة.
يظل السؤال الحائر.. كيف نختار بين مرشح الاخوان مرسي والفريق شفيق.. وهناك تخوفات من الاثنين؟
حسب مساري الفكري سوف أستبعد اختيار اي مرشح يدخل بفكر اصولي متصلب علي منصب الرئيس السياسي.. لاني اعرف انه سوف يعمل علي تقويض اي فكر مناهض لفكره ولن يسمح بأي نقاش فكري حر وسوف يفرض فكره ولو بالقوة وسوف يماليء الجماهير حتي يصل لسدة الحكم ثم يتحكم بفكره المتصلب.. هذا بالنسبة لمرشح الاخوان..!
ومن الخرافات التي نعيشها حكاية الفلول.. وحديث الفلول خرافة لا تستهويني.. كلنا كنا نعيش في النظام القديم وتولينا مناصب وهذا لا يشين احدا فكنت في الجامعة وفي المجلس الاعلي للثقافة وفي لجان حكومية كثيرة..هل هذا يعني انني فلول لا أظن ذلك.. خاصة انه كانت توجد مقاومة ونضال ضد النظام القديم ولم نستسلم جميعا..ثم علينا ان نفكر قليلا لنعلم كيف يفكر الفريق احمد شفيق الذي يحسب علي النظام السابق هل يفكر بالطريقة الاخوانية بالتأكيد لا.. خاصة انه ليس لدينا حزب مناهض للفكر الاخواني الاصولي وليس الديني.. وانا اؤيد من كان ضد الاخوان بفكرهم الاصولي المتجمد.. لان من ضد الفكر الاخواني يحمل فكرا متطورا يمكن منافشته فيه.. واحمد شفيق لا يحمل فكرا يفرضه علي المجتمع.. ومرة اخري خاصة انه ليس لدينا اختيار اخر.. اما الاخوان فقد تتهم في افضل الاحوال بأنك كافر إذا راجعت افكارهم.
وانظر للاغتيالات التي تمت علي ايديهم لمجرد طرح فكر مغاير وتجد ذلك في محاولة قتل نجيب محفوظ بسبب روايته أولاد حارتنا.. انهم يعملون علي وأد العقل المصري حيث إنه ليس من حق العقل المصري أن يفكر إلا في مجالات محدودة هي التي تقع خارج الدوائر التي يحددها الاخوان.. انظر ماذا قال سارتر "مادمت احيا وسط الحرب العالمية الثانية فأنا مسئول عن إشعالها".. نحن جزء مما حدث في عصر مبارك ولا يوجد شيء نقي تماما.. نحن لا ننتخب ملائكة.. لكننا ننتخب من يستطيع التطوير واظن ان شفيق استطاع تطوير مكانه وهو مطار القاهرة وجعله علي اعلي مستوي.
اذن انت تخشي من تولي الاخوان حكم مصر؟
بالطبع لأنهم سوف يجهزون علي البقية الباقية من مصر لو تولوا الحكم فيها.. ولن تقوم للإبداع والفكر قائمة.. وقل علي مصر السلام.. وكل الدول التي هيمن فيها الاصوليون علي سدة الحكم ضاعت كما نري في السودان والصومال وأفغانستان والأمثلة كثيرة.. وحين تمحكوا في النموذج التركي قال اردوغان انه يحكم بالسياسة وليس بالدين وان الحكم علماني ولذلك غضبوا منه.
وعود وهمية
لكن الاخوان وعدوا بان يشاركوا الاطياف المختلفة في الحكم؟
لا اظن ذلك..فكل تاريخ الاخوان يبرهن انهم متعصبون لأفكارهم.. فهم أصوليون لا يمكن التحاور معهم.. لاحظ انني اقول انهم اصوليون وليسوا متدينين.. فالمتدين يقبل الحوار والمناقشة اما الاصولي فلا، فهو يحمل مسلمات وحقائق لا تقبل النقاش وهم يعتقدون انهم محتكرو الحقيقة.. لا تصدق انهم سوف يتحاورون او يشركون اطياف المجتمع معهم.. انهم اصوليون.. لديهم مخطط وحيد الاستيلاء علي العالم فبعد تدمير الاتحاد السوفيتي في افغانستان انقلبوا علي امريكا وتدمير برج التجارة العالمي ومن بعد اوروبا يتصورن انهم بعد القضاء علي الاشتراكية والرأسمالية سيدين لهم العالم بعد ذلك.. انهم يفكرون بفكر الاممية الدينية وليس بفكر مثل المواطنة.
لكن لماذا تعتقد ان الاخوان سوف يرجعون بمصر للوراء؟
للإجابة علي هذا السؤال لابد من الرجوع قليلا للحضارة الإسلامية وجذور الفكر.. فالحضارة الاسلامية تتمثل في صراع بين "ابن رشد في القرن الثاني عشر وابن تيمية".. أي صراع ما بين العقل والنقل..وتم تدمير فكر ابن رشد لصالح فكر النقل عن ابن تيمية الذي ابتلع فكره الكثيرون من ابناء الفكر الاسلامي وهم من نسميهم الاصوليون ثم التقط الخيط محمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر ثم تبني الاخوان الفكر الوهابي في القرن العشرين.. وأصبحوا تنظيما عالميا وهم اقوياء جدا بالداخل أي في مصر وفرضوا انفسهم في مجالات كثيرة وأخطرها التعليم.. وهم متربصون بمصر ليسوا بسوء نية ولكنهم ملتزمون بابن تيمية وتفكيرهم الاصولي وهو عدم اتاحة فرصة للعقل.. ولذلك لن نجد اي ابداع حقيقي ينبت في ارض مصر لو تولوا الحكم فيها.. وتم اقصاء فكر ابن رشد.. حتي انهم انهالوا عليا لانني حاولت احياء فكر العقل عند ابن رشد وأغلقوا مركز الابداع الذي اقمناه في كلية التربية.. كما انهم غير قابلين للحوار فهم اصحاب الفكرة الواحدة غير القابلة للمناقشة.
الأصوليات
في العديد من المرات عبت علي المثقفين دورهم في مواجهة تيار الأصوليات؟
نعم.. المثقفون عندنا للأسف اصحاب مصالح قريبة.. وفشلوا فشلا ذريعا في مواجهة التيار الاصولي الذي يري نفسه يمتلك الحقيقة كل الحقيقة.. بل ويمتلك الحقيقة مرة واحدة ولا تتغير.. مع أن الحياة طبيعتها التغير والتبدل.. لكنهم أصحاب التيار الاصولي متصلبون فكريا وضحايا افكار عتيقة تلبستهم.. ومن الغريب أن هناك تياراً كاملاً من المثقفين هُزم أمام تيار الأصولية وانضم إليهم.. ومع ذلك هناك أفراد تنويريون، وآخرون ليبراليون.. لكن للأسف لا يمثلون تيارا قويا يستطيع المواجهة.. وهنا تكمن المعضلة عندنا.. نحن لم نستطع خلق تيار لأصحاب الافكار الحديثة والنظرة المستقبلية يتمكن من مجابهة التيار الاصولي التقليدي.
وهذا ما حدث حين هيمن فكر الغزالي علي المشرق العربي وبدأ يهيمن علي المغرب العربي. وعندما أحس إبن رشد في القرن الثاني عشر الميلادي بخطورة هيمنة فكر الغزالي علي المغرب العربي سعي لتفنيده فكريا وذلك بتأليف ثلاثة مؤلفات.. لكن تم تكفير ابن رشد كما قلت بل وأحرقت مؤلفاته.. وهنا هيمن فكر الغزالي تماما.. ثم من بعد ابن تيمية في القرن الثالث عشر امتداداً للغزالي.. وأجهز علي البقية الباقية من إبن رشد وأصبح التاريخ الإسلامي به الغزالي وابن تيمية فقط.. وابن تيمية من القرن الثالث عشر حتي الآن هو المسيطر.. وكما اشرنا الحركة الوهابية في السعودية وحركة الأخوان المسلمين كلاهما يستند إلي إبن تيمية الذي يعتبر إعمال العقل في النص الديني كفراً وزندقة.. ونقف عند حد المسموع ويقول إن هذا المسموع هو المعقول، واذا تنافي المعقول مع المسموع فالمسموع له الكلمة النهائية.
لماذا المثقفون في بلادنا لم يقوموا بدورهم التنويري بالتحديد؟
اكبر فئة خائنة في المجتمع عندنا هم المثقفون.. وقد حاولت في كتابي »جرثومة التخلف« الوصول للسبب وذلك أثناء دراستي لطبقات الجراثيم ووصلت لتكلس الفكر عندنا نتيجة وجود طبقة تسمي المحرمات الثقافية.. وهي موضوعات محرم التفكير فيها.. وكأن هناك موضوعات ممنوع الاقتراب منها.. ومع ذلك كان في اورويا ممنوعات ايضا أي محرمات ثقافية.. إلا أنه وجد بأوروبا نخبة مسئولة دفعت الثمن.. وعندنا لا نجد من يدفع الثمن كمثقفين اصحاب دور تنويري.. واظن أنهم لم يدفعوا الثمن وإلا كنا وجدنا تيارًا..و المفكر عندما يجد نفسه مهددًا لا يدفع الثمن.. وبالتالي نحن عاجزون عن إحداث تراكم بالتقدم...والمثقف الآن يستنكف أن يقول انا معجب بفكرة مثقف آخر.. وينسب لنفسه افكار غيره أو ينسبها لشخص آخر نكاية في هذا الشخص.. وقد حدث معي أن نقل أحدهم صفحة كاملة من أحد كتبي ونسبها إلي صامويل هانتنجتون وقال: يقول هانتنجتون فإتصلت به وقلت له هل تريد أن يقولوا عني إني »حرامي« وطلبت منه أن يكتب اعتذارًا في الجريدة وفعل ذلك.
فكر متحجر
ولماذا تري ان الاخوان اصحاب فكر متحجر؟
حتي نعرف لماذا فكرهم متحجر ومتصلب لابد ان نعرف كيف تمر المسألة الدينية بالبشر.. تمر بثلاث مراحل المرحلة الاولي بمعني الايمان بالدين الجديد.. بعد الايمان تأتي المرحلة الثانية التي يحتاج فيها الانسان للفهم يعني الايمان بالعقل ويفهم حتي يتحول فيها الايمان إلي معتقد ديني اصيل اي مرحلة العقيدة.. ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي الاخطر حين يبدأ صاحب المعتقد بمحاولة فرض المعتقد الايماني علي الجميع بالقوة ومن يخالفه جاهل وكافر ويستحق القتل.. وهو ما يعيش فيه الاخوان حاليا.
وبصورة اكثر وضوحا الإيمان في اللغة العربية معناه الثقة والتصديق، وتلك مسألة قلبية وليست عقلية، ولكن بعد ذلك تريد أن تعمل عقلك فيما آمنت به، فنجد محاولات من المؤمنين في إعمال العقل في الرسالة الدينية لفهمها... ثم يأتي ما يمكن تسميته سلطة دينية تحدد بنود الإيمان وتلك العملية يقوم بها في الإسلام علم الكلام.. وفي المسيحية علم اللاهوت.. وتنشأ علوم المعتقد في مرحلة متأخرة بعد انتشار الرسالة الدينية.. فاللاهوت بدأ بعد تقريبا اربعة قرون، وعلم الكلام بعد مئة عام من الإسلام.. ويتم وضع البنود الايمانية ويتفق عليها.. ثم نجد أن من يخرج عنها يتهم بالكفر وهو ما وقع مع كثيرين، لكن إذا كانت علوم المعتقد محصورة في المؤمنين فلا مشاكل.. وحين تمتد لتشمل المجتمع والدولة وتفرض نفسها بالقوة.. وهو ما يحدث ونتنبأ به.
لماذا لا نقول دعونا نجرب الاخوان ونمر بتجربة الحكم الديني ونتطور مثلما حدث في اوروبا؟
القياس هنا واهم ولا توجد مقارنة بأوربا.. لأن في أوربا نشأ علماء ومثقفون استطاعوا الوقوف ضد التيار وضحوا بحياتهم وعلقوا علي المشانق ولم يرهبوا أو يتراجعوا.. انهم لم يخونوا الحضارة الانسانية كما يحدث عندنا.. فالمراهنة علي التجرية خاسرة.. واذكرك بجاليليو وكبرنيكوس وما تعرض له من عذابات وصلت للاعدام.. ومثلا نشأ في اوروبا في القرن الثالث عشر تيار تنويري تحت اسم "الرشدية اللاتينية".. وحين حاولت انا التجرية تم تدمير الفكرة وطالتني الاتهامات من كل جانب واين بقية المثقفين أو العلماء لا تجد.. اذن فهم سوف ينفردون بنا دون ادني مقاومة.. ولا أستبعد علي مثقفينا تربية اللحي وارتداء الجلاليب القصيرة.
خرافة الشعب
ربما يكون اختيار الشعب للإخوان راجعا اننا شعب متدين بطبعه؟
انا اتعجب من هذه المقولة التي تتنافي مع طبائع البشر كلهم (الشعب المصري متدين بطبعه).. يا سيدي معظم شعوب العالم متدينة بطبعها، الدين اصيل في الإنسان ومن يروج لمقولة المصريين بطبعهم متدينون وحدهم مؤمنون بطبعهم واهم .. لان معظم شعوب العالم متدينون.. اما محاولة ايهام الناس بأننا متدينون بطبعنا والشعوب الاخري ليست متدينة خرافة كبيرة.. فالإنسان عنده ميل فطري للايمان.. واختيار الاخوان لأننا كبلنا منذ زمن بالخوف التكفيري.
تستخدم مصطلح الاصولية نريد تعريفه وما علاقتها بالتفكير وتحجره؟
الأصولية مسألة لها علاقة بكيفية استخدام العقل في النص الديني وليس الدين نفسه.. والأصولية الدينية سواء في اليهودية أو المسيحية أو الإسلام تمنع إعمال العقل في النص الديني.. يعني تلتزم بحرفية النص الديني.. وهذا سبب مطاردة ابن رشد أنه قال إن النص الديني يحتوي علي معني ظاهر وآخر باطن.. والمعني الباطن هو المجاز.. وعلينا أن نشغل العقل في النص الديني للتعرف علي المعني الباطن.. وهو ما يسميه ابن تيمية »التأويل« ورفض وتكفير من قال بالتأويل.. وبعبارة اخري الأصولية الدينية تكفر التأويل.. وهناك مقولة شهيرة لابن تيمية بأن االتأويل بدعة من الشيطان وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النارب وابن تيمية كفّر ابن رشد، والآن الأصوليات الدينية لا تختلف عما يقوله ابن تيمية في الديانات الثلاثة.. وهي ضد العلمانية والليبرالية والتنوير.. وبالطبع الاصولية ضد التحديث والتطور والليبرالية والعلمانية.. وكل أصولية- تعتقد أنها تملك الحقيقة المطلقة، والذي يتوهم امتلاك الحقيقة المطلقة لابد إنه يعتدي علي أي مخالف لحقيقته المطلقة.
معني التخلف
ايضا نريد تحديد المقصود بمعني التخلف وهل هو مرادف للأصولية؟
اولا حين نذكر مفهوم التخلف لابد ان نستدعي مسار الحضارة وكيف تبدأ خطواتها وخط سيرها.. ويبدأ المسار من الفكر الأسطوري والخرافي إلي العقلاني.. والحضارات ومنجزاتها تقوم علي العلم وإعمال العقل.. وبالتأكيد حين توجد ثقافة تعمل علي اعاقة العلم والتفكير العقلي نعرف ان هناك تخلفا وهذا ما نقصده بالتخلف.. وأنا أنشغل دائماً في القراءة في مسار الحضارة لأعرف إلي أين نتجه، ووجدت أننا نتجه ضد مسار الحضارة.. وكوني أقول هذا فأنا لا أقف صامتا، لذا أري أن الوقت قد حان بعد الثورة لتظهر سلطة ثقافية.. وعلي المثقف الحقيقي البحث عن جذور الوهم في المجتمع الذي يعيش فيه، ويحاول أن يجتث هذه الجذور التي تعوق فكر التقدم.
أما المثقف الذي لا يريد أن يمارس سلطته فلابد أن يعلن تنازله عنها وبالضرورة نعتبره مشاركا في التخلف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.