ندوة لشباب ملتقى لوجوس الخامس مع البابا تواضروس    مجلس جامعة القاهرة يهنئ الرئيس السيسي بثورة يوليو    أسعار الخضراوات والفاكهة في سوق العبور اليوم الخميس 31 يوليو 2025    مصر ترحب بإعلان رئيسي وزراء كندا ومالطا اعتزام بلديهما الاعتراف بالدولة الفلسطينية    ڤويا Passion سيارة فارهة جديدة تنضم إلى السوق المصري.. أسعار ومواصفات    البورصة تربح 22 مليار جنيه بختام تعاملات الأسبوع    الهيئة الوطنية للانتخابات: 4 ممارسات تبطل صوتك في انتخابات مجلس الشيوخ (صور)    ترامب: الطريقة الأسرع لإنهاء الأزمة بغزة هي استسلام حماس    موعد مباراة بنفيكا ضد سبورتنج في نهائي كأس السوبر البرتغالي 2025    مزق جسده ب 7 طعنات.. ضبط المتهم بقتل جاره داخل الزراعات بقنا    حماية المستهلك: ضبط 45 طن زيوت ومواد غذائية معاد تدويرها من خامات مجهولة المصدر    خروج عجلات جرار قطار عن القضبان في المنيا دون إصابات    للعام الثاني، الجونة السينمائي وبرنامج الغذاء العالمي يطلقان مسابقة "عيش" للأفلام القصيرة    أسعار الأسماك بأسواق مطروح اليوم الخميس 31-7- 2025.. البورى ب 150 جنيه    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    "إعادة تدوير" لحملات المزايدة!    تهريب ومخالفات وأحكام.. جهود أمن المنافذ 24 ساعة    التصريح بدفن جثة طفل لقى مصرعه غرقا بقرية الجبيرات فى سوهاج    رئيس اقتصادية قناة السويس يشهد وضع حجر الأساس لمشروعين صينيين جديدين    رئيس هيئة الأوقاف يوجّه مديري المناطق بالحفاظ على ممتلكات الهيئة وتعظيم الاستفادة منها    سوريا.. 47 شاحنة مساعدات تتجه من دمشق إلى السويداء    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    ئيس الهيئة الوطنية للانتخابات يعلن اكتمال الاستعدادات لانطلاق انتخابات مجلس الشيوخ    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    الأزمة تشتعل بين بتروجت وحامد حمدان بسبب الزمالك (تفاصيل)    حبس بائع خردة تعدى على ابنته بالضرب حتى الموت في الشرقية    صفقة تبادلية محتملة بين الزمالك والمصري.. شوبير يكشف التفاصيل    أساطير ألعاب الماء يحتفلون بدخول حسين المسلم قائمة العظماء    رغم تراجعه للمركز الثاني.. إيرادات فيلم الشاطر تتخطى 50 مليون جنيه    محمد رياض يكشف أسباب إلغاء ندوة محيي إسماعيل ب المهرجان القومي للمسرح    عروض فنية متنوعة الليلة على المسرح الروماني بمهرجان ليالينا في العلمين    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    انتخابات الشيوخ.. 100 ألف جنيه غرامة للمخالفين للصمت الانتخابي    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 23 مليونا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15 يوما    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات البنية الأساسية والتطوير بمدن بالصعيد    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    مجلس الآمناء بالجيزة: التعليم نجحت في حل مشكلة الكثافة الطلابية بالمدارس    خروج عربات قطار في محطة السنطة بالغربية    مسلسل «220 يوم» يتصدر التريند بعد عرض أولى حلقاته    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    وزير الخارجية يلتقي السيناتور "تيد كروز" عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي    انخفاض حاد في أرباح بي إم دبليو خلال النصف الأول من 2025    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    روسيا تعلن السيطرة على بلدة شازوف يار شرقي أوكرانيا    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حملة لوقاية النظام الاجتماعي تشمل القبض علي 14 صحفيا وإغلاق 8 صحف
نشر في القاهرة يوم 10 - 07 - 2012

في 8 مارس 1946، وفي اليوم السابق مباشرة ، علي قرار حكومة «إسماعيل صدقي» مصادرة ثلاث من الصحف الوفدية اليومية، صدر المرسوم الملكي بتشكيل الوفد المصري في المفاوضات الوشيكة بين مصر وبريطانيا، التي بدأت أولي خطواتها بالخطاب الذي وجهته حكومة «محمود فهمي النقراشي» في 26 ديسمبر 1945 إلي الحكومة البريطانية تطلب إليها فيه، الدخول في مفاوضات بين البلدين، لإعادة النظر في معاهدة 1936، علي ضوء التغيرات التي اسفرت عنها سنوات الحرب، وهو الخطاب الذي لم يرد عليه الطرف الآخر، إلا بعد شهر كامل وفي 26 يناير 1946 .. وباستقالة وزارة «النقراشي» سعي خليفته «إسماعيل صدقي» لاستكمال ما حالت الاستقالة بين سلفه وبين اتمامه، فسعي لاستصدار الأمر الملكي بتشكيل الوفد المصري في هذه المفاوضات. ونص المرسوم علي تشكيل الوفد من أحد عشر عضوا برئاسة رئيس الوزراء وعضوية ست شخصيات سياسية مستقلة هم «علي ماهر» و«حافظ عفيفي» و«شريف صبري» و«حسين سري» و«علي الشمسي» و«عبدالفتاح يحيي» وخمس شخصيات حزبية يمثل اثنان منهم «حزب الأحرار الدستوريين» هم «أحمد لطفي السيد» و«د. محمد حسين هيكل» واثنان حزب الهيئة السعدية هما «محمود فهمي النقراشي» و«إبراهيم عبدالهادي» وواحد «حزب الكتلة الوفدية المستقلة» هو «مكرم عبيد» بعد أن رفض حزب الوفد المصري المشاركة في وفد المفاوضات مشترطا أن يحتفظ بالرئاسة وأن يكون له وحده نصف عدد اعضاء الوفد، وأن يتم حل البرلمان القائم- الذي كان يتشكل من احزاب غير وفدية - فور انتهاء المفاوضات سواء نجحت أم فشلت . ولأن «صدقي» كان كبير الأمل في أن يحقق اختراقا في هذه المفاوضات، خاصة وأنها كانت تجري مع حكومة تنتمي إلي حزب العمال البريطاني، الذي كان أقل تعنتا في مفاوضاته مع مصر من حزب المحافظين، إلا أن الظروف الدولية المعقدة التي أعقبت الحرب، دفعت حزب العمال إلي اتباع سياسة سلفه، مما أدي إلي توقف المفاوضات في 23 مايو 1946، في أعقاب تقديم الوفد البريطاني لمشروع معاهدة وصفه «صدقي» بأنه «لا يختلف كثيرا عن معاهدة 1936». واعترف بأنه يمد نطاق التحالف بين مصر وبريطانيا إلي مدي أوسع مما ورد في تلك المعاهدة وفهم الجانب المصري في المفاوضات من نصوص المشروع، أن «المرغوب فيه هو إيجاد قاعدة في مصر بحيث لو وقع عدوان علي إيران أو تركيا أو حدود العراق تتحول مصر أوتوماتيكيا إلي قاعدة حربية، ويكون من حق الحكومة البريطانية المطالبة بإعلان الأحكام العرفية وإصدار التشريعات الاستثنائية لحماية ظهر قوات الحلفاء» ( إسماعيل صدقي» مذكراتي / دار الهلال / القاهرة 1950/ ص 80-81 ). وعلي امتداد هذه المرحلة من المفاوضات تعرضت الحكومة لحملات عنيفة من المعارضة التي كان يتزعمها حزب الوفد، وتضم فصائل مختلفة من القوي والأحزاب السياسية التي تأسست بعد الحرب، وخاصة المنظمات الماركسية التي نشطت لإصدار صحف خاصة بها، وأقامت خلال سنوات الحرب، منتديات ثقافية للتبشير بآرائها واجتذاب الأنصار إلي صفوفها، فضلا عن حركات عمالية نشطت لتنظيم الإضرابات والدعوة لتشكيل النقابات دفاعا عن مصالحها. وفي مواجهة هذه الحملات الصحفية، نشطت حكومة «إسماعيل صدقي» لاستصدار تشريعات تضع مزيداً من القيود علي حرية الصحافة، فعرقلت اقتراحا بمشروع قانون كانت قد تقدمت به المعارضة إلي مجلس الشيوخ ، بإلغاء الحبس الاحتياطي في جرائم النشر، في الوقت الذي قررت فيه في أوائل إبريل 1946: 1- انشاء نيابة خاصة تسمي «نيابة الصحافة» برئاسة حضرة صاحب العزة «عبدالمجيد بك التهامي» وعضوية الأستاذين «محمد أمين حماد» و«أحمد موافي» وكيل النائب العام. 2- التقدم بمشروع قانون يقضي بإحالة التحقيق في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر علي قاض ينتدب لهذا الغرض بناء علي طلب النيابة بقرار يصدر من وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلي علي أن تسري علي هذا التحقيق الإجراءات والأوضاع المقررة لقاضي التحقيق في قانون تحقيق الجنايات. 3- مشروع قانون بتعديل المادة 188 من قانون العقوبات، بحيث تشمل معاقبة كل من نشر أخبارا كاذبة أو مبالغا فيها أو مغرضة، أو علق علي الأخبار تعليقات مغرضة بالحبس مدة لا تتجاوز شهراً أو بغرامة لا تقل عن 50 جنيها ولا تزيد علي 200 جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين. 4- مشروع قانون خاص بحفظ النظام في معاهد التعليم يعاقب «كل من يذيع اخبارا صحيحة أو كاذبة عن اضراب تلاميذ أو طلبة معاهد التعليم بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر، أو بغرامة من 20 إلي 50 جنيها». وفي تعليقه علي هذه الإجراءات لم يجد «الدكتور محمد مندور» - رئيس تحرير جريدة «الوفد المصري» - في انشاء نيابة للصحافة ما يدعوه للاعتراض عليه، لكنه توقف أمام مشروع قانون إحالة تحقيقات الصحف إلي قاضي التحقيق ليذهب إلي أنه سوف يؤدي إلي ازدياد الحالة سوءا بالنسبة للحبس الاحتياطي لأن النيابة «لا تملك حق الحبس الاحتياطي في جرائم النشر إلا في حالات خاصة بينما القاضي يملكه في كل الحالات» وأضاف تدليلا علي ذلك، أن النيابة لا تملك الحبس الاحتياطي في جرائم السب، بينما القاضي يملك ذلك. أما فيما يتعلق بفرض العقوبة علي من ينشر اخبارا كاذبة أو مبالغا فيها أو يعلق علي الأخبار تعليقات مغرضة ، ومعاقبة كل من ينشر أخبارا «صحيحة أو كاذبة» عن اضراب تلاميذ أو طلبة معاهد التعليم فقد استشهد بالهجوم العنيف الذي شنته جريدة الأجبسيان جازيت علي هاتين المادتين . ( د. محمد مندور - حرية الصحافة - الوفد المصري في 9 إبريل 1946). وكان «صدقي» واثقا بأن المفاوضات سوف تستأنف من جديد، خاصة بعد أن أكدت الولايات المتحدة الأمريكية في خطاب سلمه سفيرها في القاهرة - يوم 27 مايو 1946 - إليه يؤكد فيه أن حكومته «تتابع من كثب المفاوضات بين بريطانيا ومصر، وتعبر عن رغبتها في نجاح هذه المفاوضات» وتري « أنه مازال ممكنا أن تنتهي بطريقة تكفل لمصر الضمانات المرضية لسيادتها التامة دون أن تخاطر في سبيل ذلك بالقضاء علي أمن الشرق الأوسط، أو تضعف الدفاع عن هذه المنطقة ضد اعتداء محتمل» ( إسماعيل صدقي / مذكراتي / ص 86). لكن الخوف ما لبث أن ناوشه علي نجاح هذه المفاوضات، بعد أن تسربت إلي الصحف أثناء نشرتها عن أن وفد المفاوضات المصري ، يتجه إلي قبول فكرة الدفاع المشترك التي بني عليها المشروع البريطاني، وأشار إليها خطاب السفير الأمريكي مع محاولة تخفيف أثارها بقدر الإمكان، وهو ما اتخذت منه قوي وأحزاب المعارضة، ذريعة لاستئناف حشد الجماهير ضد استئناف المفاوضات بالدعوة لتنظيم المظاهرات وعقد المؤتمرات التي تطالب بالانسحاب منها، و هي دعوة وصلت إلي ذروتها عندما أصدرت «اللجنة الوطنية للطلبة والعمال» بيانا طالبت فيه بقطع المفاوضات واتفق الجميع علي أن يكون يوم 11 يوليو 1946، يوما للحداد العام وتجديد الجهاد الوطني باعتباره ذكري اليوم الذي ضرب فيه الإنجليز الإسكندرية. وكان هذا هو ما دفع «صدقي» - كما يقول «طارق البشري» - إلي اتخاذ قرار بضرب هذه الحركة وأن يقتلع جذور الخطر علي الاتفاق الموعود، وأن يثبت للإنجليز، قبيل إبرام الاتفاق قدرته علي الهيمنة علي البلاد وضبط الأمن فيها وكفالة الاستقرار» ( طارق البشري - الحركة السياسية في مصر 1945-1952 / الطبعة الثانية دار الشروق / القاهرة / ص 123 -124). وهكذا لم تكد شمس يوم الأربعاء 10 يوليو 1946، تغرب حتي كان «صدقي باشا» قد انتهي من مراجعة الكلمات النهائية لواحدة من أكبر حملاته السياسة ضد معارضيه مع المسئولين في «القسم المخصوص» بإدارة الأمن العام - الذي كان يختص آنذاك، بمتابعة نشاط العناصر العمالية واليسارية والشيوعية ونيابة الصحافة- وهي التي حملت بعد ثورة 1952 اسم «نيابة أمن الدولة العليا»-وبعد أن انتهي من مراجعة اغلاقها، سافر إلي عزبة صديقه «أحمد صديق باشا» في المنصورية القريبة من القاهرة، لكي يتابع التنفيذ من بعد. وفي الساعة الثانية من صباح يوم الخميس 11 يوليو 1946 بدأت الحملة ، فداهم اعضاء النيابة العامة، ورجال الشرطة أكثر من مائتي منزل في القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والسويس، وقاموا بإلقاء القبض علي الذين أصدرت النيابة العامة قرارات بضبطهم وتفتيش منازلهم للبحث عن كل ما له صلة بالنشاط الشيوعي .. ثم طبقا للمادة 2/164 من قانون العقوبات. واستمرت الحملة حتي الصباح، واقتيد المقبوض عليهم إلي مختلف اقسام البوليس، حيث أودعوا في غرف الحجز بهذه الأقسام مع من وصفتهم جريدة «صوت الأمة»- في 12 يناير 1947 - ب«المجرمين من قطاع الطرق والنشالين والسفاحين وغيرهم من الخارجين علي القوانين» واقتيد الأجانب منهم وعددهم ثمانية إلي السجون المخصصة لأمثالهم. وبلغ عدد المقبوض عليهم في أول أيام الحملة 77 شخصا منهم 14 صحفيا هم «أحمد رشدي صالح» -صاحب ورئيس تحرير «مجلة الفجر الجديد»- و«فتحي الرملي» و«محمد مندور»- رئيس تحرير جريدة الوفد المصري- و«أسعد حليم» و«صادق سعد» و«أبوسيف يوسف»- سكرتير تحرير مجلة «الفجر الجديد»- و«ريمون وديك»- صاحب دار القرن العشرين للنشر، و«أنور كامل» -المحرر بجريدة الوفد المصري- و«عبداللطيف دهب مدير إدارة مجلة أم درمان»- و«سلامة موسي» و«رمسيس يونان» و«عمر رشدي» و«محمد زكي عبدالقادر» فضلا عن اسماء أخري كانت تعمل بالصحافة مع عملها بمهن أخري، منهم «عبدالرحمن الشرقاوي» و«سعد مكاوي» و«عصام الدين حقي ناصف» و«نعمان عاشور». وشملت الحملة فضلا عن ذلك 13 من أساتذة الجامعات والمعاهد ومدرسي المرحلة الثانوية و11 من الطلبة الجامعيين وخريجي الجامعات والمعاهد و8 من الموظفين و 5 من كل من المحامين والعمال و 2 من الطلبة الأزهريين وخريجي الأزهر و3من مدراء المكتبات ودور النشر وكان من بين هؤلاء جميعا 6 نساء مصريات و2 من الأجنبيات. أما الشق الثاني من الحملة، فقد شمل تفتيش ما وصفه القسم المخصوص بوزارة الداخلية ب«الأماكن التي تتخذ مركزا للدعاية الشيوعية» و«غلقها وختمها بالشمع الأحمر ووضعها تحت حراسة البوليس توطئة لتفتيشها خلال ثلاثة أيام تفتيشا دقيقا وفحص ما يوجد بها من مطبوعات أو نشرات أو كُتب أو صور أو أدوات وغير ذلك من كل ما يتعلق بترويج المذاهب التي ترمي إلي تغيير مبادئ الدستور الأساسية، أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالمملكة المصرية أو التحريض علي ارتكاب هذه الجرائم أو ما يدل علي الاشتراك فيها» وشمل القرار الذي نفذ في الوقت ذاته الذي بدأت فيه الحملة، ست من دور النشر والمكتبات هي مكتبات «الميدان» و«كادوس» و«الوعي» ودور نشر «القرن العشرين» و«التعاون الصحفي» و«الوعي» و8 من المنظمات الثقافية هي «دار الأبحاث العلمية» و«لجنة نشر الثقافة الجديدة» و«اتحاد خريجي الجامعة» و«الجامعة العربية الأهلية» و«رابطة فتيات الجامعات والمعاهد» و«مركز الثقافة الشعبية» و «مؤتمر نقابات عمال القطر المصري» و«نادي الشرقية» ودارين من دور الصحف، هما صحيفتي «الفجر الجديد» و«أم درمان». وجاء في بلاغ القسم المخصوص- الذي قدمه إلي النيابة العامة في 10 يوليو 1946-، بشأن ما سماه جماعة أو أسرة لتحرير مجلة «الفجر الجديد» أنها «مجلة اسبوعية حصل علي ترخيص بإصدارها في أوائل سنة 1945، أحمد رشدي صالح المعروف بميوله الشيوعية وقد كان المذكور موظفا بمحطة الإذاعة واستغني عن خدمته لتطرف آرائه وأفكاره والغرض الذي يرمي إليه من إصدار هذه المجلة، هو نشر المبادئ الشيوعية وتهيئة الأذهان لإثارة الرأي العام ضد نظام الحكم الحالي وإثارة حرب الطبقات ويوجه عناية خاصة لترغيب طائفة العمال في قراءتها، فتذيع أخبارهم وتؤيدهم في حركاتهم وتكتب عن اطماعهم ويطبع منها في الوقت الحالي عشرة آلاف نسخة ترسل منها للأقطار الشرقية حوالي ألف نسخة، وتوزع يوم الأربعاء وثمن النسخة الواحدة قرشان» . وذكر البلاغ أن «البارزين في هذه الجماعة الناشطين والخطرين علي الأمن العام» ثلاثة غير صاحبها ورئيس تحريرها، هم «أبو سيف يوسف» و«صادق سعد» وشهرته «إيزاك» و «محمد أبو الحسن جادالله الغنيمي» الطالب بقسم التخصص بكلية اللغة العربية بالأزهر ومؤلف كتابي «الشيوعية في الإسلام» و«دورنا في الكفاح الوطني». وأشار البلاغ إلي أن القسم المخصوص سبق له أن أخطر إدارة الأمن العام -في 17 مارس و2مايو 1946- عما سماه «مقالات خطيرة نشرت بهذه المجلة». وكان
القسم المخصوص قد قدم أول بلاغ للنيابة العامة ضد «الفجر الجديد» في 4 ديسمبر 1945 جاء به أن مجلة «الفجر الجديد» التي يصدرها «أحمد رشدي صالح» قد «دأبت علي تحبيذ وترويج النظم الشيوعية» واستشهد علي ذلك بمقال كتبه «رشدي صالح» نفسه - في العدد الثالث عشر من المجلة الذي صدر في 23 نوفمبر 1945- عن الطريق الذي يجب أن يتبع للحصول علي الحرية الاشتراكية أي الحرية الكاملة، أكد فيه أن ثمار ثورة 1919 لم تقسم بالعدل بين الطبقات التي شاركت فيها، وأن الفلاحين قد حرموا من حق تكوين النقابات وأن العمال قد حرموا من تكوين اتحاد النقابات وأن الاشتراكيين المصريين قد شردوا، ومقال آخر كتبه «صادق سعد» ذكر فيه «أن الطبقة العاملة هي دون غيرها من الطبقات التي تستطيع أن تحل المشكلة بكفاحها وانتصارها لأنها الطبقة الإنسانية التي لا يمكن أن ترتشي». أما المقال الثالث - وقد كتبه «نعمان عاشور » بعنوان «كلمة» فقد تعلق بالموضوع نفسه وهو الاحتفال بعيد ثورة أكتوبر الاشتراكية وجاء به أن انتصار هذه الثورة «قضي نهائيا في سدس الكرة الأرضية علي استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، ودخلت الإنسانية في عهد جديد واشرف ليل الرأسمالية الطويل الحالك علي النهاية». ورأي القسم المخصوص أن مقال «رشدي صالح» ينطوي علي عبارات «كلها تحريض علي كراهية النظم الأساسية للدولة كالدستور والقوانين وتوجيه لجموع الشعب لوضع عثرات تعوق الحكومة عن انجاز الأعمال المنوطة بها بما يدخل تحت حكم المادة 174 من قانون العقوبات التي تحظر التحريض علي قلب نظام الحكم المقرر في القطر المصري أو علي كراهية أو الازدراء به» أما مقال «صادق سعد» فقد نسب إليه البلاغ أنه ينطوي علي تحبيذ للسوفيتية التي قامت بروسيا، والثورة التي قام ذلك النظام علي اكتافها الأمر الذي ينطبق عليه الفقرة الثانية من المادة 1974، وهي التهمة ذاتها التي وجهها التقرير لمقال «نعمان عاشور». وفي 20 ديسمبر 1945 قامت النيابة بتفتيش المجلة، وحققت مع الصحفيين الثلاثة، وأمرت بالقبض عليهم وحبسهم أربعة أيام احتياطيا، وبعد عشرة أيام -وفي 30 ديسمبر 1945- أفرج عنهم بضمان مالي قدره عشرة جنيهات لكل منهم. وفي 17 مارس و2 مايو 1946 أرسل القسم المخصوص تقريرين آخرين إلي إدارة الأمن العام يتعلقان بما سماه «مقالات خطيرة نشرت بهذه المجلة» . كان من بينها نشر المجلة - بعدد 15 أكتوبر 1945 - نص نداء «لجنة العمال للتحرير الوطني» الذي وقعه «محمد يوسف المدرك» و«محمود العسكري» ، وأنها نشرت بالعدد نفسه مقالا بعنوان «بل قيادة شعبية» بقلم «أحمد رشدي صالح» تضمن طعنا في الرأسمالية، فضلا عن أن صاحبها دعي لتكوين جمعية شيوعية باسم «جمعية أنصار الفجر الجديد» ونشر في العدد الصادر في 15 مايو 1946 - قصيدة بتوقيع «محمد كمال عبدالحليم» تتضمن عبارات مثيرة. وكانت المجلة الثانية التي أشار إليها تقرير القسم المخصوص إلي النيابة هي مجلة «أم درمان» وطبقا لما ورد في التقرير فإن الذي قدم اخطار تأسيس هذه المجلة هو «محمد أمين حسين المحامي» وهو سوداني الأصل، حصل علي ليسانس الحقوق من «جامعة فؤاد الأول» - جامعة القاهرة الآن- سنة 1940 ثم اشتغل بالمحاماة ثم التحرير في مجلة «مصر» وقد صدرت الموافقة علي إصدار «أم درمان» في 31 ديسمبر 1944، وتمكن الشيوعي «هنري كورييل» - كما استطرد التقرير يقول- من استغلال هذه المجلة لنشر الدعاية الشيوعية واستأجرها سرا من الأستاذ «محمد أمين حسين المحامي» وعين تابعه «عبداللطيف حسنين دهب» - الشهير ب«عبده دهب» - السوداني الشيوعي المبدأ، لإدارة هذه المجلة وإصدارها. ويقوم «عبده دهب» وزملاؤه من الشيوعيين بكتابة مقالات بمجلة «أم درمان» تتضمن دعاية سافرة لإثارة الرأي العام، ضد النظام الحاضر. ويقوم «عبده دهب» بالاتصال يوميا بالشيوعي «هنري كورييل» وذلك لإخباره بنشاط مجلة «أم درمان» الشيوعي. وكذا الحصول علي التعليمات اللازمة بشأن ما يكتب فيها من مقالات. ويتقاضي منه ما يكفيه للقيام بحركته. وقد اتخذ «عبده دهب» من دار مجلة «أم درمان» مركزا للاتصال بالشبان السودانيين والشابات السودانيات وذلك لكي يعاونوه، علي بث الدعاية الشيوعية.. مما دفع «إدارة عموم الأمن العام» لأن تصدر في 15 يناير 1946، امرا بمنع عقد اجتماعات بدار مجلة «أم درمان» بدون ترخيص. وفضلا عن هاتين المجلتين اللتين خضع المسئولون عن تحريرهما لتحقيق النيابة ، فقد شملت الحملة، قرارا من مجلس الوزراء استند إلي ذيل المادة 15 من الدستور ، بإلغاء 6 صحف ومجلات أخري، هي جريدة «الوفد المصري» وهي جريدة يومية تصدر عن حزب الوفد، ويرأس تحريرها «د. محمد مندور» ومجلة «البعث» وهي مجلة إسبوعية، كان يمتلكها ويرأس تحريرها «د. مندور» كذلك مجلة «الطليعة» لسان حال «اتحاد خريجي الجامعة» و«الضمير» وهي عمالية أسبوعية كان يصدرها عمال نقابيون علي صلة بالحلقة الماركسية التي عرفت فيما بعد باسم «طليعة العمال» و«الجبهة» و«اليراع». وارتبط اسم «مجلة الضمير» - كما جاء في مذكرة تحريات القسم المخصوص المؤرخة في 10 يوليو 1946 - بإنشاء «مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية»، الذي تأسس في أوائل عام 1945، و«اللجنة التحضيرية لاتحاد عام نقابات عمال القطر المصري» التي تأسست في أغسطس عام 1945، وبرزت من بين قياداتها اسماء عدد من القادة النقابيين من أهمهم «محمد يوسف المدرك» و«محمود محمد العسكري» كانا علي صلة بالحلقة الماركسية التي كانت تسمي آنذاك مجموعة «الفجر الجديد» واطلقت علي نفسها فيما بعد اسم «طليعة العمال» والتي أسست ما عرف ب«لجنة العمال للتحرير القومي» وقام «محمود العسكري»- عامل النسيج الميكانيكي بشبرا الخيمة - باستئجار المجلة من صاحبها د.عبدالكريم السكري، حوالي شهر يوليو 1945 ليعمل علي ترويج مبادئه بين العمال، وكان يقوم بتوزيع هذه المجلة بصفة شبه اجبارية علي عمال النسيج بمصانع شبرا الخيمة ويديرها بالاشتراك مع «طه سعد عثمان» سكرتير تحريرها- وهو عامل نسيج بشبرا الخيمة أيضا، وقام «العسكري» بنقل إدارة الجريدة من «بني سويف» إلي الجيزة، وأخذ يصدرها أسبوعيا وضم إلي أسرة تحريرها «محمد يوسف المدرك» وأخذوا ينشرون فيها المقالات المتطرفة التي تضمنت دعوة العمال والفلاحين للجهاد لتحرير مصر من المستعمر الأجنبي وتحذير العمال من الثقة بالحكومات والأنظمة الحاضرة واتهام الحكومة بإهمال مطالب البلاد القومية وهو ما اسفر عن القبض علي هيئة تحريرها في يناير 1946 وتقديم صاحب امتيازها ورئيس تحريرها وسكرتير التحرير إلي محكمة الجنايات في 16 مايو 1946 بتهمة التحريض علي كراهية طائفة من الناس ، فحكمت - في 30 مايو 1946- بحبس «طه سعد عثمان» ثلاثة شهور مع الشغل وتغريم «د.عبدالكريم السكري» مبلغ عشرين جنيها، لأنه سمح بنشر المقال، وبراءة «محمد محمود العسكري» و«يوسف المدرك» وأفرج عن الثلاثة فور صدور الحكم، إذ كان المحكوم عليه بالحبس منهم وهو «طه سعد» قد أمضي بالفعل مدة العقوبة في السجن. وكانت جريدة «الوفد المصري» اليومية ومجلة «البعث» الأسبوعية هي أهم الصحف الثماني التي أغلقها «صدقي» ليس فقط لأن الصحف الست الأخري، كانت بالفعل صحفا يسارية ، تصدر عن منظمات ماركسية سرية لتكون منبرا علنيا لها، أو لأنها باستثناء «الفجر الجديد» - كانت أقل توزيعا وتأثيرا علي الرغم من لهجتها التعبوية الزاعقة ولكن كذلك لأن الجريدة التي أصدرها عام 1938 النائب الوفدي - كانت لسان حال «حزب الوفد»، ولأن رئيس تحريرها «د.محمد مندور»، كان هو صاحب ورئيس تحرير مجلة «البعث» الأسبوعية التي صدر عددها الأول في 13 ديسمبر 1945 وأغلقت بعد حوالي سبعة أشهر صدر منها خلالها ما يقرب من 27 عددا . وكان د.محمد مندور قد ولد في محافظة الشرقية، ودرس في كليتي الآداب والحقوق معا، وكان الأول علي دفعته في كلية الآداب، وحصل علي بعثة لدراسة الأدب في جامعة السوربون بباريس، وأمضي بها تسع سنوات بين عامي (1930و1939) حيث عمل لفترة ضمن هيئة التدريس بجامعتي القاهرة والإسكندرية، قبل أن يقرر الاستقالة ليتفرغ للعمل بالمحاماة والكتابة في الصحف والتحق بحزب «الوفد» عام 1944، وتولي رئاسة تحرير صحيفة «الوفد المصري» في فترة كان «الوفد» فيها خارج الحكم، فأضفي عليها طابعا يساريا، إذ كان يؤمن، كما قال في افتتاحية العدد الأول من مجلة «البعث» أن «ضمان القوت اليومي لا يقل أهمية عن ضمان الحرية، لأننا لا نعرف رقا للنفوس أشد من رق الفقر» ومع أنه كان كبير الأمل في أن تستغل الحكومات مالم يستغل بعد من مصادر الثروة في مصر بما يؤدي إلي ارتفاع مستوي معيشة المصريين، إلا أن ذلك لا ينفي - كما أضاف- «أن هناك ظلما بينا في توزيع الثروات في مصر يؤدي إلي بقاء الفقير فقيرا، والغني غنيا ومن الواجب أن تتغير تلك الحال وذلك بإصلاح الضرائب واستيلاء الدولة علي مصادر الثروة الكبيرة والمؤسسات القومية المهمة حتي لا تقع بين يدي الجشعين من الأثرياء، فتزداد الهوة اتساعا بين البذخ والبؤس في هذه البلاد المنكوبة والبذخ والبؤس كلاهما مدمر للأخلاق العامة (البعث/ العدد الأول/ 3 ديسمبر 1945 ص1). أما لماذا اختار «د. محمد مندور» حزب «الوفد» فلأنه كان أقرب الأحزاب المصرية إلي الشعب، وإلي التعبير عن طموحاته سواء في الحرية والاستقلال أو المحافظة علي الدستور أو في الإصلاحات الاجتماعية ومع ذلك فقد كان «متقدما بخطوات كبيرة عن فكر الوفد الاجتماعي، وكان أكثر جذرية وأقرب إلي الدعوة الاشتراكية» وكان يأمل أن «يجتذب حزب الوفد تدريجيا بقارئه فضلا عن جماهيره أو بضغط من تلك الجماهير إلي أفكار الجذرية» (د.محمد مندور- صفحات من تاريخ مصر المعاصرة - مقالات في السياسة والاقتصاد 1941:1948 دار المستقبل العربي/ القاهرة 1993) وبسبب مقالاته العنيفة ضد سياسات «صدقي» وآرائه حتي قبل أن يشكل الوزارة فقد كان «د. محمد مندور» أحد أهم الاهداف المباشرة لحملة «11يوليو 1946»، صحيح أن الحملة شملت أسماء لصحفيين وكُتاب، كانوا لامعين في تلك الفترة مثل «سلامة موسي» و«محمد زكي عبدالقادر» إلا أنه كان الوحيد الذي يرأس تحرير جريدة يومية كبري تنطق بلسان «حزب الوفد» وتعبر عن آرائه ويدير سياستها «محمد صبري أبوعلم» زعيم المعارضة الوفدية في مجلس الشيوخ والسكرتير العام للحزب. ومالبثت جريدة «أخبار اليوم» التي كانت الصحف الوفدية تصفها آنذاك بأنها «صحيفة الاستعمار البريطاني وبوق صدقي باشا وأعوانه» أن صدرت بعد 48 ساعة فقط من الحملة لم تكن الصحف قد نشرت عنها سوي أخبار عامة من دون تفاصيل ، بعد أن أصدرت النيابة العامة أمرا بحظر النشر عن وقائع القضية ، وبدأت في اجراء التحقيقات مع المتهمين دون حضور المحامين وقد خصصت صفحاتها الأولي لما سمته «حقائق خطيرة مستقاة من الدوائر المتصلة بالتحقيق ومن مصدر رسمي كبير» كان من بينها أن «د.محمد مندور كان الواسطة بين حزب الوفد والكومنترن، أي الدولية الثالثة التي تدير شئون الأحزاب الشيوعية في العالم ، وأنه - أي مندور- كان الواسطة في تحرير ميثاق بين الوفد والدولية وتولي مفاوضات طلب إليه فيها حتي يمكن أن تساعد الدولية الشيوعية حزب الوفد ، ضرورة أن يفصل الحزب كبار أعضاء الوفد من أصحاب رؤوس الأموال». وكان اتهام «حزب الوفد» بالشيوعية أحد الأسلحة التي يشهرها خصومه ضده كلما أعوزتهم وسيلة للتقليل من شعبيته وكان مصدر هذا الاتهام هو «سير ميلن ستيتهام» نائب المندوب السامي البريطاني في مصر أثناء ثورة 1919 الذي أرسل إلي حكومته آنذاك برقية يصف فيها الثورة ، بأنها «حركة معادية لبريطانيا، معادية للعرش، معادية للأجانب، فيها نزعات «بلشفية» تتجه إلي تخريب الأملاك والمواصلات وهي منظمة مدبرة ولابد وأن تكون «مأجورة» وتكرر هذا الاتهام عندما شرعت حكومة «الوفد» عام 1942، في وضع تشريعات الاعتراف بالنقابات العمالية. وأثار ما نشرته «أخبار اليوم» عن القضية من تفاصيل ضجة عنيفة ليس فقط لمخالفته لقرار حظر النشر عن وقائع التحقيقات الذي كانت النيابة العامة قد أصدرته أو لأنها نسبته إلي مصادر وصفها بأنها «قريبة من التحقيق» ولكن كذلك لأنها ركزت علي اتهام حزب «الوفد»، بالاتصال بالدولية الشيوعية ونسبت إلي رئيس تحرير الصحيفة التي تنطق بلسانه - أنه ضابط الاتصال بين الحزب وبين
الكومنترن. وبادر «د.محمد مندور» فأرسل من سجن الأجانب - الذي كان محبوسا به علي ذمة التحقيق - بلاغا إلي النائب العام يطلب فيه التحقيق مع «أخبار اليوم» لخروجها أولا عن قرار حظر نشر شيء عن التحقيق، ولأنها قذفت ثانيا في حقه - ولما تقاعست النيابة في التحقيق مع «مصطفي أمين» صاحب ورئيس تحرير «أخبار اليوم» لأنه كان آنذاك عضوا بمجلس النواب أقام «د.عزيز فهمي» - محامي «مندور» دعوي جنحة مباشرة علي الجريدة يطالب فيها بتعويض مدني قدره 20 ألف جنيه. ولأن الأمر كان يتعلق بتحقيقات تجريها النيابة العامة، فقد وجد «الوفد» أن المنفذ الوحيد المتاح أمامه للطعن في هذه الحملة، هو أن يلجأ إلي «مجلس الشيوخ».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.