أسعار الذهب في محافظة أسوان اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025    وزراء الصناعة والتموين والاستثمار يفتتحون الدورة العاشرة لمعرض "فوود أفريكا" اليوم الثلاثاء    بدون محمد صلاح، ليفربول ضيفا ثقيلا أمام إنتر في دوري الأبطال    مواعيد القطارات المتّجهة من أسوان إلى الوجهين القبلي والبحري الثلاثاء 9 ديسمبر 2025    لقاءات دينية تعزّز الإيمان وتدعم الدعوة للسلام في الأراضي الفلسطينية    تحت شعار لا بديل عن الفوز.. اليوم منتخب مصر يواجه الأردن في ختام مباريات المجموعة    خلال 24 ساعة.. ما هى تفاصيل اقتراب العاصفة "بايرون" من الشرق الأوسط؟    طقس اليوم الثلاثاء.. اضطرابات جوية حادة تعطل الدراسة    وزير المالية الأسبق: لا خلاص لهذا البلد إلا بالتصنيع.. ولا يُعقل أن نستورد 50 ل 70% من مكونات صادراتنا    للعلماء وحدهم    العطس المتكرر قد يخفي مشاكل صحية.. متى يجب مراجعة الطبيب؟    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في ثاني وآخر أيام الاقتراع بالدوائر الملغاة    الخشيني: جماهير ليفربول تقف خلف محمد صلاح وتستنكر قرارات سلوت    برلمانيون ليبيون يستنكرون تصريحات مجلس النواب اليوناني    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 9 ديسمبر    فلوريدا تصنف الإخوان وكير كمنظمتين إرهابيتين أجنبيتين    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    عوض تاج الدين: المتحور البريطاني الأطول مدة والأكثر شدة.. ولم ترصد وفيات بسبب الإنفلونزا    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025: طقس بارد ليلًا وأمطار متفرقة على معظم الأنحاء    الرياضة عن واقعة الطفل يوسف: رئيس اتحاد السباحة قدم مستندات التزامه بالأكواد.. والوزير يملك صلاحية الحل والتجميد    محمد أبو داوود: عبد الناصر من سمح بعرض «شيء من الخوف».. والفيلم لم يكن إسقاطا عليه    أحمديات: مصر جميلة    من تجارة الخردة لتجارة السموم.. حكم مشدد بحق المتهم وإصابة طفل بري    أونروا: اقتحام مقرنا بالقدس تصعيد خطير ولن ينهي قضية اللاجئين    تعرف على عقوبة تزوير بطاقة ذوي الهمم وفقًا للقانون    الصيدلانية المتمردة |مها تحصد جوائز بمنتجات طبية صديقة للبيئة    بفستان مثير.. غادة عبدالرازق تخطف الأنظار.. شاهد    خيوط تحكى تاريخًا |كيف وثّق المصريون ثقافتهم وخصوصية بيئتهم بالحلى والأزياء؟    "محاربة الصحراء" يحقق نجاحًا جماهيريًا وينال استحسان النقاد في عرضه الأول بالشرق الأوسط    التعليم تُطلق أول اختبار تجريبي لطلاب أولى ثانوي في البرمجة والذكاء الاصطناعي عبر منصة QUREO    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    كرامة المعلم خط أحمر |ممر شرفى لمدرس عين شمس المعتدى عليه    الأهلي والنعيمات.. تكليف الخطيب ونفي قطري يربك المشهد    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    حذف الأصفار.. إندونيسيا تطلق إصلاحا نقديا لتعزيز الكفاءة الاقتصادية    الصحة: جراحة نادرة بمستشفى دمياط العام تنقذ حياة رضيعة وتعالج نزيفا خطيرا بالمخ    رئيس مصلحة الجمارك: انتهى تماما زمن السلع الرديئة.. ونتأكد من خلو المنتجات الغذائية من المواد المسرطنة    إحالة أوراق قاتل زوجين بالمنوفية لفضيلة المفتي    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مهنيًا وماليًا وعاطفيًا واجتماعيًا    طليقته مازلت في عصمته.. تطور جديد في واقعة مقتل الفنان سعيد مختار    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    نائب وزير الإسكان يلتقي وفد مؤسسة اليابان للاستثمار الخارجي في البنية التحتية لبحث أوجه التعاون    تحذير من كارثة إنسانية فى غزة |إعلام إسرائيلى: خلاف كاتس وزامير يُفكك الجيش    جريمة مروعة بالسودان |مقتل 63 طفلاً على يد «الدعم السريع»    أفضل أطعمة بروتينية لصحة كبار السن    تحرير 97 محضر إشغال و88 إزالة فورية فى حملة مكبرة بالمنوفية    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    جوتيريش يدعو إلى ضبط النفس والعودة للحوار بعد تجدد الاشتباكات بين كمبوديا وتايلاند    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة "أبو غالي موتورز" خطط توطين صناعة الدراجات النارية في مصر    محافظ سوهاج بعد واقعة طلب التصالح المتوقف منذ 4 سنوات: لن نسمح بتعطيل مصالح المواطنين    علي الحبسي: محمد صلاح رفع اسم العرب عالميا.. والحضري أفضل حراس مصر    إبراهيم صلاح: جيلي مختلف عن جيل الزمالك الحالي.. وكنا نمتلك أكثر من قائد    مجلس الكنائس العالمي يصدر "إعلان جاكرتا 2025" تأكيدًا لالتزامه بالعدالة الجندرية    أفضل أطعمة تحسن الحالة النفسية في الأيام الباردة    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس شهدي عطية الشافعي
نشر في الأهالي يوم 30 - 07 - 2010

يبدو مسار الحركة الوطنية المصرية المعاصرة ، شاهدا علي انجاز شهدي عطية الفكري والسياسي، كاستمرار لأرقي التقاليد الوطنية الراديكالية ، وتتويج لعطر فاح بندي الفقراء والصنايعية والفلاحين والطلبة والمثقفين المصريين ،
وهو ما عبر عنه في طروحاته ، تلك التي مازالت تضمر قابليتها لإنضاج ملابسات الحاضر ، وتداوم راهنيتها بتألق لدواعي الاشتراكية.
معاينة هذا الانجاز ، تضع اليد علي محطات ثلاث أساسية له ، تبدأ بانتفاضة الطلبة (1935 ) ، مرورا بلجنة العمال والطلبة (1946) ، وانتهاء بثورة يوليو (1952) ، عاصر فيها الأولي ، وشارك في الثانية ، واستشهد في الثالثة .
وعادة ما يشار إلي انتفاضة 1935 ، باعتبارها من أهم ما قدمته الحركة الطلابية ، حين لعبت دوراً بارزاً في تحريك الشارع السياسي ضد ممارسات الاحتلال ، واتفاقية صدقي - بيفن ، ومشروع تحالف الشرق الأوسط ، وفي ظل تغير جوهري في شكل العالم ، مع اشتداد الصراع بين الفاشية والرأسمالية والنازية والاشتراكية ، فيما ازدحم المشهد المصري بوقف العمل بدستور 1923 ، وحل البرلمان بمجلسيه وتزييف انتخابات 1931 ، ومصادرة حق الطبقة العاملة في إقامة تنظيماتها ، وحرمان القوي التقدمية من حق التواجد في الساحة السياسية ، وصدور قانون " حفظ النظام في معاهد التعليم " ، علق عليه شهدي بأنه صدر بهدف عزل الطلاب عن الكفاح الوطني .
وقد بدأت الانتفاضة بإضراب المدارس والكليات ، وخروج المظاهرات ، وسقوط عشرات الجرحي والشهداء ، وأسفرت عن تكوين جبهة قومية موحدة من أغلب الأحزاب ، لعب فيها الطلبة دوراً رئيسياً ، وان اخفقت مع محاولات شقها ، ليتوج كفاحها بعودة دستور 1923 ، والشروع في إجراء انتخابات جديدة ، ومهدت لإلغاء جميع الامتيازات الأجنبية ، وفتح الطريق لإنشاء نظام قضائي جديد يساوي بين كل المصريين ، ثم دخول مصر في عضوية عصبة الأمم عام 1937 ، كاعتراف بوجودها ككيان سياسي مستقل .
وفي اهاب هذه الانتفاضة ، تعلم شهدي درساً مهما ، هو ضرورة البحث عن أساليب جديدة للنضال ، وكان أيامها مستغرقا في نشر مقالات علمية في مجلة الرسالة ، وقصتين في ( مجلتي ) ، ما دفعته إلي تحديد خياراته ، لينضم تاليا إلي منظمة إيسكرا " الشرارة" .
أما المحطة الثانية ، فتمثلها انتفاضة العمال والطلبة عام 1946 ، التي قادت رفض المفاوضات ، وإدخال مصر في سياسة التكتلات ، والإبقاء علي قواعد عسكرية في مصر والسودان ، وبدت كمحاولة للافتكاك من أساليب الاستقطاب والمنافسات الحزبية .
وسبق هذه الانتفاضة ، قيام الطلبة الذين ينتمون للحركة المصرية للتحرر الوطني (حدتو ) وايسكرا والطليعة الوفدية ومنظمات يسارية أخري ، بتشكيل لجان طلابية في خريف عام 1945 ، أصبحت فيما بعد اللجنة التحضيرية للجنة الوطنية للطلبة ، وقاد شهدي مجموعة من الشباب الاشتراكي ( عبد الواحد بصيلة ، جمال غالي ، سعد زهران ، جمال شلبي ، عبد المنعم الغزالي ، محمد يوسف الجندي ، فاطمة زكي ، لطيفة الزيات ...) كان لها دور بارز في تأسيس هذه اللجنة ، التي أصدرت ما عرف بميثاق 17 فبراير 1945 ، ونص علي الجلاء التام ، وتدويل القضية المصرية ، والتحرر من العبودية الاقتصادية . وفي نفس الوقت ، أقام العمال المنتمون إلي المنظمات الشيوعية " لجنة العمال للتحرر القومي " .
واندمجت حركتا الطلبة والعمال في جبهة واسعة ، حين قمعت الحكومة اتحاد عمال النسيج ، واحتلت شبرا الخيمة بالقوات العسكرية ، واندلعت شرارة هذا التحالف بفعل مذكرة قدمتها الحكومة المصرية لبريطانيا ، تقترح فيها التفاوض بشأن معاهدة 1936 علي أساس التحالف العسكري بين البلدين .
واتخذ هذا الاندماج شكل جبهة وطنية متحدة ، عرف باسم ( اللجنة الوطنية للعمال والطلبة ) ، قادتها طلائع مختلف فصائل الحركة الشيوعية وشباب الوفد واتحاد نقابات العمال ، وضمت مندوبين منتخبين انتخابا ديمقراطيا علي جميع مستويات اتحادات الجامعات ونقابات العمال وطلاب المدارس الثانوية والفنية ، ومعهم انتخبت لطيفة الزيات أمينا عاما للجنة . وساعد علي حضور فعالياتها ، قرارات إنهاء الرقابة علي الصحف ، وإباحة الاجتماعات العامة ، ورفع الأحكام العرفية ، التي صدرت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية .
وكان لشهدي دوره القيادي في التحضير لقيام هذه اللجنة التي قادت يوم 21 فبراير 1946 ، يوم النضال الكبير ضد الاحتلال البريطاني . ومع تواصل مطالباتها بالجلاء التام عن وادي النيل كأساس للمفاوضات ، وسحب الموظفين الانجليز من البوليس المصري ، ومقاطعة اللغة الانجليزية ، قام رئيس الوزراء إسماعيل صدقي بحملته المشهورة باسم " قضية المبادئ الهدامة " أو قضية الشيوعية الكبري " وكان ضمن قراراته حل اللجنة وإغلاق دار الأبحاث العلمية التي أسسها شهدي .
ورغم قصر عمر هذه اللجنة ، يجوز القول إنها مثلت تحالفا ضد الإقطاع والسراي والرأسمالية ، وضد أي اتجاه للمساومة والتهادن مع المستعمر ، واحتضنت مشاركة المرأة وكرست زعامات لها ( لطيفة الزيات ، عائشة راتب ، ثريا أدهم ، ليلي تكلا ، فاطمة زكي ...) وأجبرت قوات الاحتلال علي الجلاء عن المدن الرئيسية والتمركز في منطقة قناة السويس ، واسهمت في تطوير الشعارات المرتبطة بقضية السودان ، وأجبرت القيادات الحزبية علي تعديل برامجها ، وهو ما ظهر في تبلور كتلة قوية من الطلبة والشباب داخل حزب الوفد وضد قياداته التقليدية والمهادنة ، عرفت بالطليعة الوفدية ، ودفعت بالحزب الوطني إلي تجديده بتأليف ( الحزب الوطني الجديد ) عام 1948 ، وتحول جمعية مصر الفتاة إلي ( الحزب الاشتراكي ) عام 1949 ، ورفض الجماهير لفكرة التفاوض ، وهو ما وضح في اعلان الكفاح المسلح في منطقة القناة عام 1951 .
الوحدة
وما يهمنا هنا ، أن هذه اللجنة دفعت بمنظمتين رئيسيتين في الحركة الشيوعية (إيسكرا، وحمتو ) إلي توحيد صفوفهما في ( الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني ) عام 1947 ، ليصبح شهدي عضوا في لجنتها المركزية ، ومحرراً سياسياً لجريدة ( الجماهير) التي صدرت في 21 ابريل 1947 عن إيسكرا ، وإن لم تكن تملكها رسميا .كلسان حال "العمال والفلاحين والطلبة والموظفين " ، وشن فيها حملته ضد الارتماء في أحضان السيد الجديد " الاستعمار الأمريكي ".
لكن شهدي انتقد هذه الوحدة ، ورآها تمت بتسرع ، وأنجزت تحت الضغط ، وأقيمت بغير برنامج واستراتيجية واضحة ، وجنب ذلك مثلت تهديدا مباشرا لمجموعة جريدة الجماهير ، التي كان عليها أن تستغني عن نصف هيئة تحريرها ، كي تخلي مكانهم لأعضاء حمتو . وكان شهدي ضحية هذه السياسة ، حين فقد عضويته باللجنة المركزية ، فتمرد علي حدتو ، وكون مع أعضاء انشق بهم ( التكتل الثوري ) . ومع إعلان الأحكام العرفية في مايو 1948 ، تم القبض علي معظم أعضاء هذا التكتل ، وصدر الأمر باعتقاله ، لكنه تمكن من الاختفاء شهوراً ثلاثة ، ليعتقل نهاية عام 1948 ، ويصدر ضده حكم بالأشغال الشاقة مدته سبع سنوات ، قضاها في ليمان طرة .
وجاءت ثورة يوليو 1952 كمحطة ثالثة وأخيرة في رحلة شهدي ، وكانفجار حتمي لوضع متفجر ، وثمرة لاحتدام المسألة الاجتماعية ، وفشل " العهد البائد " في تحقيق آمال الاستقلال والتقدم والديمقراطية ، وفي ظروف تواتر أوضاع جديدة في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية ، يقف علي رأسها قيام المنظومة الاشتراكية فيما يقرب من ثلث العالم ، واكتسابها قدرة أوسع مما كانت عليه أيام ثورة 1919 ، واندلاع حركات التحرر الوطني في آسيا وأمريكا اللاتينية ، وتقلص الإمبراطورية البريطانية ، وظهور الولايات المتحدة كوريث للاستعمار الأوروبي ، وتخطيطها للهيمنة علي مصادر الطاقة ، وتصاعد الحرب الباردة بين القوتين العظميين .
وفي مصر ، كانت الحركة الشيوعية ، ورغم القلة النسبية لأنصارها ، أهم تيار سياسي منذ الأربعينيات ، حيث نجحت عن طريق التواصل مع الحركة الوطنية ، في انتزاع قطاعات كبري من تأثير خطاب الأصالة ونفوذ النزعة الليبرالية المحافظة ، وإدماجها في خطاب التحرر الوطني الراديكالي ، وقدمت صيغاً جديدة للإشكالات المطروحة علي خلفية من البناء الديمقراطي ، وساهمت نظريا في تيسير فهم مصطلحات كالمثالية والمادية ، الوجود والوعي ، النظرية والممارسة وجعلها حاضرة في الثقافة العامة .
حدتو والجيش
وكان لحدتو وجود نشط داخل الجيش قبل الثورة ، تولته لجنة تضم خالد محيي الدين ويوسف صديق وأحمد حمروش ، وقطع التعاون بين حدتو وتنظيم الضباط الأحرار شوطاً كبيراً ، لدرجة أن منشورات هؤلاء الضباط كانت تطبع وتوزع بأجهزة حدتو ، الذي اختص وحده بمعرفة موعد قيام الثورة ، وكان أول من أيدها بمنشور تم توزيعه فجر 23 يوليو ، ووصفها بالحركة الوطنية ، وأصدر المعتقلون اليساريون ، وضمنهم شهدي ، بيانا بتأييدها عنوانه " نحن نؤيد هذه الحركة ونبتهج ".
وبعد قيام الثورة بيومين ، تم الإفراج عن معتقلين سياسيين ، واستبقي عدد من الشيوعيين ، منهم شهدي ، في المعتقلات . وفي منتصف أكتوبر نفس العام ، صدر قرار بالعفو الشامل عن المحكوم عليهم في الجرائم السياسية ، مع استثناء الشيوعيين من هذا القرار بذريعة أن الشيوعية عمل موجه ضد النظام الاقتصادي والاجتماعي للدولة .
ولقد يمكن القول إن مشروع يوليو أفاد من تراكم فعاليات الحركة الوطنية التي سبقته ومهدت له ، وبالذات حين تبني بعضا مما ورد في البرنامج الذي طرحه شهدي مع عبد المعبود الجبيلي عام 1946 في كتابهما ( أهدافنا الوطنية ) حول الإصلاح الزراعي وملكية المشروعات العامة .
علي أنه ، ورغم إجراءات وتوجهات قدمتها الثورة ، كانت أدعي للانفتاح علي إمكانات للتطور أكثر عمقا وفعالية ، إلا أنها حملت بذور إجهاضها من داخلها ، حين استهدفت التحرر لا الحرية ، وقايضت حرية المواطن بحرية الوطن ، مغفلة أن كلا المفهومين ، التحرر والحرية ، ليسا متماثلين . ذلك أن التحرر قد يكون شرطاً للحرية ، لكنه لا يقود إليها آليا . ذلك أنها وضعت أمامهما أهداف التحرر من الاستعمار والتبعية والاستغلال ، دخلت من أجلها معارك الإصلاح الزراعي وتأميم القناة والتمصير والسد العالي ، لكنها لم تول قضية الحرية اهتماماً مثيلاً ، ونحت إلي فرض وصاية علوية علي الجماهير ، مما مكن القوي المضادة من التسلل والنمو والانتعاش .
وقد تكونت هذه القوي المضادة من صفوة رجال المؤسسة العسكرية ، وعناصر من ملاك الأراضي ، وأصحاب الشركات الصناعية وكبار التجار ، والفئات التكنوقراطية والبيروقراطية التي تسللت إلي مواقع إدارة أغلب المؤسسات الإنتاجية ، واستحوذت علي الأراضي التي لم توزع وبنوك المال التي مصرت ، وحصة الأجانب في عدد من الشركات الصناعية والزراعية ، ومع حرمانها الجماهير من حق المشاركة السياسية .
ثورة وطنية
ومع ذلك ورغمه ، رأي شهدي في يوليو ثورة وطنية معادية للاستعمار ، ودعا إلي وحدة جميع فصائل القوي الوطنية والتقدمية لمؤازرة إجراءاتها ، وأيد بعد باندونج سياسة التعاون العربي ، بقدر ما يتحقق عن طريق شعوبه ، ويؤدي إلي إصلاح اجتماعي اقتصادي ، ويقاوم الاستعمار ، وشارك في الجبهة المتحدة للمقاومة الشعبية أيام العدوان الثلاثي ، وندد به في كتابه ( ماذا تريد أمريكا من الشرق الأوسط ) ، وافتتح مكتب مصر للترجمة والنشر ، وأصدر كتابه ( تطور الحركة الوطنية المصرية )، ونشر روايته ( حارة أم الحسيني ) علي صفحات جريدة ( المساء ) .
ومع معارضة الشيوعيين في مصر وسوريا والعراق للوحدة ، بدأ الهجوم عليهم في مصر ، وسيق شهدي مع مئات من المثقفين والعمال والفلاحين إلي السجن في أول يناير 1959 ، وأبعد خالد محيي الدين عن رئاسة تحرير جريدة ( المساء ) بعدها بشهرين . من داخل سجنه ، أرسل شهدي رسالة إلي عبد الناصر ، أكد له فيها أن حملة العداء للشيوعية لم تكن إلا من تدبير القوي الاستعمارية والرجعية ، لإضعاف جبهة التحرر الوطني العربي .
وهكذا ، في المسافة بين شرط التحرر ورهان الحرية ، بين الثورة والثورة المضادة ، بين تنظيم الدولة الأوحد ( هيئة التحرير ، الاتحاد القومي ) ودعوة شهدي إلي جبهة وطنية متحدة ، بين طموحه إلي ثورة قومية ديمقراطية بزعامة عبد الناصر وهجومه علي القوي الرجعية المصرية والعربية ، سقط شهدي شهيدا .
ونسجل هنا ، أن الأمر في هذه الرحلة ، يندرج في سلسلة سياقية متواشجة ، ممهورة بإسنادات متراكبة ، يضعنا شهدي قبالتها : فكر ماركسي وطني ، استعادة للمجال العام، وجبهة وطنية متحدة ، يجدر فتح بشارة وعيها الصحيح علي مصراعيها .
نحو فكر ماركسي وطني :
ومطالعة أدبيات الحركة الشيوعية المصرية منتصف الثلاثينيات ، يشي بموافقة هذه الحركة علي إدراج المسألة الوطنية ضمن برامجها ، اتساقا مع ما ذهب إليه برنامج الجبهة الشعبية الذي صاغه الحزب الشيوعي الفرنسي وقتذاك ، وهدف به تأصيل التراث الوطني في مواجهة الفاشية ، وكان قبلا يعد أمراً شوفينيا ، فيما مثل هذا التحول وسيلة لإدماج هذا الحزب في مجتمعه الفرنسي .
الاستعمار والطبقات
ونتج عن ذلك ، إسهام الحركة الشيوعية المصرية في تزويد الحركة الوطنية بأيديولوجيا متماسكة ، تربط بين العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية ، كما منحتها دفعة راديكالية وجهت نضالها من أجل التحرر الوطني ، حين ربطت بين الاستعمار والعلاقات الطبقية المحلية ، وإن تزامن هذا الإسهام مع اللحظة التي بدأت فيها الستالينية بتعليب المقولات الماركسية اللينينية ، وابتسارها الي دعاوي تنظيمية سياسية ضيقة .
وربما لهذا شهدت الأربعينيات تراوح منظمات الحركة الشيوعية المصرية من المسألة الوطنية : ففي الوقت الذي أقرّتها حمتو كأيدولوجيا وكمبدأ تنظيمي ، رفضتها ايسكرا وأعتبرتها شعاراً شوفينياً .
ورغم ما ذهب إليه رويل ماير R.Meijer من أن رشدي صالح نجح في مزج الفكر الماركسي بالحركة الوطنية ، مستشهداً بكتابة ( كرومر في مصر ) الذي أصدره عام 1945 ، وأنه أنجز فيه تكييف الفكر الماركسي بما تتناسب مع الظروف المحلية ، فإن تصوير رشدي صالح في هذا الكتاب للثورة العرابية علي أنها كفاح طبقي قام به الإقطاعيون ضد الاحتلال الأجنبي المتمثل في نظام المراقبة الثنائية ، وسعيه إلي توليد أو اشتقاق المسالة الوطنية من رحم المسألة الاجتماعية كما لو كانت كل منهما تدور في فلك مغاير ، يضع ماارتآه ماير بين قوسين .
علي أننا لا نريد بذلك الدفع بتأكيد ريادة شهدي في توطين الفكر الماركسي بمصر ، فقد يكون هناك من سبقه ، وان جازت الإشارة الي بلورته لفكر ماركسي وطني ، انطلاقاً من تمثله الماركسية نهجاً نقدياً ، ديمقراطياً ، طليقاً ، ما حدا به أن يدرجها في بنية الثقافة الوطنية ، ويمنحها خصائص وطنية وتاريخية وثقافية وحضارية عربية ، متسقاً في ذلك مع مفكرين ماركسيين سوريين سطع نجمهما في نفس الوقت أيام الأربعينات : هما سليم خياطة ورئيف خوري ، وفي وقت كان هناك من يتجاهل أية محاولة لتوطين الفكر اليساري في مناخ الثقافة الوطنية .
ويبدو هذا المنهج جليا في كتابه ( أهدافنا الوطنية ) ، كبيان ساهمت به منظمة ايسكرا في دعم الخطاب الماركسي ، وربما كان المحاولة الأكثر إحكاماًً لتكييف برنامج الجبهة الشعبية المضادة للاستعمار ، كما أقره مؤتمر الكومنترن السابع صيف 1935 ، ليتفق مع حالة مصر .
لا تقسيم فلسطين
وانطلاقاً من هذا الفكر الماركسي الوطني ، رفض شهدي قرار تقسيم فلسطين ، الصادر من الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة في نوفمبر 1947 ، وانشق عن حدتو ، وكون ( التكتل الثوري) الذي رآه هنري كورييل بسبب قرار التقسيم . وتصدر حيثية رفضه لهذا القرار ، اعتباراً من أن " الصهيونية هي استعمار ارهابي مرتبط بالاستعمار العالمي " وأن أهدفنا الوطنية تقتضي في الأساس حماية دائرة الأمة العربية من هذا الخطر الجديد إذ " ليس خطر الصهيونية وقفاً علي فلسطين وحدها إنما خطرها يهدد استقلال وحرية جميع الشعوب العربية الأخري " علي أن جهد شهدي بلورة فكر ماركسي وطني لم يتوقف عند ذلك ، بل نراه لا بداً من مقالاته التي بدأها منذ العدد الأول لجريدة ( الجماهير ) في 21 ابريل 1947 ، وكانت بعنوان " يريد الشعب حزباً من نوع جديد " وطالب فيها بإعادة تنظيم الحركة الشيوعية ، ونقل قياداتها إلي أيد مصرية ، ما يشير إلي أن خطاب شهدي كان موجهاً لإنتاج وعي مناسب بحاجات الواقع المصري والعربي ، والكشف عن آليات بعده النهوضي ( الديمقراطية ، العلمانية ، الوطنية ، الحداثة .... ) ، وليس اختزاله إلي مستوي خطاب سياسي معفر بالفاقة والبؤس ، ومحكوم باعتبارات الحرب الباردة بين المعسكرين ، فيما ركز اهتمامه علي ضرورة الوعي بإشكالات اللحظة المصرية ، وطنياً وقومياً .
استعادة المجال العام :
من هنا ، راودت شهدي فكرة تأسيس ( دار الأبحاث العلمية) كمؤسسة تابعة لايسكرا ، انطلقت عام 1942 بقياداته ، كأحدي منافذ استعادة المجال العام . وظلت لسنوات تقيم ندوتها الأسبوعية ، تنظم حلقات دراسية ومحاضرات وتصدر الكتب ، ولعبه دوراً متعدداً في جذب المثقفين المصريين للماركسية لتصبح علي مدي عمرها مدرسة كادر سياسية وثقافية : ( لجنة نشر الثقافة الجديدة ) ، مجلة (الفجر الجديد ) ، مجلة ( أم درمان ) ، وما واكبها في الطليعة الوفدية الشابة . علي أن عطاء شهدي في تفعيل المجال العام لم يتوقف عند تأسيسه هذه الدار ، بل كذلك في مقالاته التي نشرها بجريدة (الجماهير ) ، وامتلك فيها قدرة السيطرة علي "كلية الموضوعات " بتعبير جورج لوكاتش ، حين ركزت علي بلورة فكرة التغيير المناهضة لأسس السيطرة الاستعمارية ، في زمن كانت فيه كل حلقات الحركة الوطنية السابقة لا تستهدف في مجراها الرئيسي مناهضة هذه الأسس ، ولا إزالة جذورها المتمثلة في استمرار الاستغلال الرأسمالي . حين لم تتبنّ قضايا الكتلة الأساسية من الفلاحين والعمال ، وإنما جعلت هدفها الرئيسي هو الاستقلال السياسي ، ما يوحي بأنها اقتصرت علي إزاحة الاستغلال بهدف إطلاق العنان للرأسمالية المحلية ، كي تستثمر الموارد الوطنية ، وتستغل جهد العاملين .
وكان طبيعياً ألا تسفر حلقات الحركة الوطنية إلا عن استقلال صوري ، يبطن في واقع الأمر البقاء داخل المنظومة الرأسمالية ، وبالتالي داخل نطاق علاقات التبعية الحقيقية لمواطن الضعف والقوة في هذه المنظومة وهو ما يتضح في قول شهدي : " أن الاستقلال الحقيقي معناه حكومة ديمقراطية ، تستند إلي الشعب وتحرص كل الحرص علي أن يكون هذا الاستقلال وسيلة للارتفاع بمستوي المعيشة للجماهير وزيادة تقدمها ورفاهيتها . فإذا لم تستند الحكومة فعلاً إلي الشعب علي أساس برنامج ديمقراطي يتسع نطاقه باستمرار ، فمعني هذا انفصالها عن الشعب وفقدانها لثقته ، واستحالة بقائها في الحكم إلا بالاستناد إلي قوي خارجية ، وبذا يفتح الباب علي مصراعيه للمؤامرات والمكائد الاستعمارية " .
جبهة وطنية متحدة :
ومنذ بدء مسيرة الحركة الشيوعية المصرية ، مثل مفهوم الجبهة الوطنية والقائم علي فكرة الثورة الوطنية الديمقراطية مفهوماًُ محورياً بالنظر إلي إمكاناته المتعددة في توسيع الحقوق الديمقراطية ، وإقامة منظمات مستقلة مبنية علي مبادئ سياسية واضحة ، وتكوين ائتلافات مع قوي أخري .
ساعد علي ذلك ، نداء مؤتمر الكومنترن السابع عام 1935 بتكوين " جبهة متحدة مضادة للاستعمار " ، وهو ما وجد صداه في الحركة الشيوعية المصرية ، وإن تفاوتت توجهاتها فيما يتعلق بطبيعة القوي السياسية الأخري ودرجة تعاملها معها:
فالحركة لا تنسي تصدي الوفد لموجتها الأولي ، حين قامت حكومة سعد زغلول عام 1925 بحل الحزب والاتحاد العام لنقابات العمال الذي يتبعه ، وتميز الوفد خلال الفترات التي وصل فيها إلي المسئولية الحكومية بعلاقات الوصاية والموالاة ، وإن بدأ علي الجانب الآخر " أقل الأحزاب تهادناً مع المستعمر ، وأكثرها استناداً إلي الشعب " كما تم وصفه في ( أهدافنا الوطنية ) ، فيما أجازت بعض من منظمات هذه الحركة إمكان التعامل مع " الطليعة الوفدية " .
وبخلاف الوفد ، بدأ نفوذ النزعة الفاشية جليا لدي جمعية مصر الفتاة ، خاصة أيام انتفاضة 1935 ، فيما وقفت جماعة الإخوان المسلمين أثناء انتفاضة 1946 بجانب إسماعيل صدقي ، وحاولت بجوالتها بث الفرقة وصرف المظاهرات .
أما ثورة يوليو ، فإن المنظمات السياسية التي طرحتها لم تكن تنظيمات شعبية لها قوامها الذاتي وإرادتها المتميزة ، بل كانت مستوعبة في جهاز الدولة والإدارة ووظفت في مهمتي استطلاع وتعبئة الجماهير .
ما العمل إذن ؟
ذلك أن صيغة الجبهة القومية التي كونت أثناء انتفاضة 1935 ، كانت بمثابة التعبير السياسي عن تهاون الأحزاب السياسية وقتذاك ، ونداء حدتو عام 1944 بإقامة ( الجبهة الوطنية الشعبية ) في التحالف بين الحركة العمالية والوفد ، وضد أحزاب الأقلية ، لم يجد طريقة للتنفيذ بسبب من ضيق المفهوم الوفدي للديمقراطية وقصره علي الديمقراطية البرلمانية . أما اللجنة الوطنية للعمال والطلبة التي تشكلت عام 1946 ، فقد وقعت في أخطاء عدم النضج وهي أخطاء فصّلها شهدي في قصر نشاطها علي صفوف الطلبة والعمال والحرفيين في المدن ، وعدم امتدادها إلي الفلاحين في القري ، كما أنها لم تحسن تنظيم صفوفها بخلق جذور عميقة لها بين القاعدة الشعبية ، ما أحالها إلي لجنة علوية إضافة إلي انقسام قياداتها .
وفي محاولة من شهدي لدعم توجه ثورة يوليو للاستقلال السياسي والاقتصادي ، جاء طرحه للجبهة الوطنية المتحدة ، ليسجله نهاية كتابه ( تطور الحركة الوطنية المصرية ) ، وعني بها جبهة تضم الطبقات والفئات والعناصر المعادية للاستعمار والصهيونية والإقطاع والاحتكار ، من صنايعية وفلاحين ومثقفين وطلبة وصغار أصحاب المتاجر والمصانع والرأسمالية الوطنية وأثرياء الريف . وكان شهدي قد اتجه في كتابه (أهدافنا الوطنية ) الي كسب البورجوازية الوطنية ، حين ذكر " أن النظام الرأسمالي في مصر يستطيع أن يلعب دوراً كبيراً في نهضتها ، بشرط أن توجه وتشرف عليه حكومة ديمقراطية صحية " .
هدف هذه الجبهة إذن لديه ، هو المحافظة علي الاستقلال وتدعيمه ، بتطوير الاقتصاد ورفع مستوي معيشة الفقراء والكفاح من أجل السلام العالمي ، منبها إلي ضرورة ترسيخ حكم ديمقراطي تتسع فيه الحريات الشعبية ، بما يسهم في حل التناقضات سلمياً بين فئات هذه الجبهة ، والحيلولة دون تكريسها لمصالح فئوية أو أقلية .
طروحات ما زالت حاضرة :
سكة للمستقبل
وإذ بدأ تأمل معضلات الحاضر المصري كأفق للتفكير ، رهيناً بفهم الماضي واستحضاره، فلقد يجوز القول أن الانجاز الذي قدمه شهدي جدير بان يفتح سكة جديدة للحركة الوطنية المصرية ، نحو تحقيق أهدافنا في تحرير القرار السياسي ، وتكريس الديمقراطية ، وتوحيد الأمة ، وتحقيق العدالة الاجتماعية ، مايشي أن هذا الانجاز يبدو صالحاً في سياق اللحظة المصرية الراهنة ، الحبلي بنذرها . ذلك أن طرحه للجبهة الوطنية المتحدة مازال أمراً ملحاً في الحاضر ، مع تآكل مشروع الوحدة الوطنية الذي تأسس في إطار الحركة المعادية للاستعمار ، وحملته ضد الارتماء في أحضان الاستعمار الامريكي ، تمتلك حتي اليوم مشروعيتها بإزاء حالات التبعية التي نجحت مواجهاتها المتلاحقة في تطويق فعاليات الحركة الوطنية من قبل قوي محلية مرتبطة بالخارج . وإلحاحه علي مفهوم الوطنية patriotism كإنتماء وولاء ، يجب مفهوم المواطنة Citizenship المطروح راهناً ، والمرتبط بمجرد جوانب إجرائية حول الحقوق والالتزامات . وبرنامجه حول الديمقراطيات الثلاث : الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، مازال يتمثل ضرورته مع شعب يئن من الغلاء ، وأقليه تتمتع بتعبيره " بالنايلون والباكار " . ومسعاه في توحيد الأمة ، يقابله شواهد الاحتقان الطائفي الحالة . وعنايته البلاغة التي أولاها للشباب ، يهزّ خفوت صوت الحركة الطلابية .
ولهذا تعرض إنجاز شهدي للتشكيك : هناك من أعتبر تركيزه علي الخطر الأمريكي، صادر عن هدي من سياسة المنظومة الاشتراكية . ومن رأي في تمجيده للصنايعية علي حساب " بتوع المدارس والأفندية " كما ذكر نهاية روايته ( حارة أم الحسيني ) ، نكوصاً عن اعتداده بالعمل النظري أيام ايسكرا . من حاول الغمز في فكرته عن كسب البورجوازية المصرية ، وإمكانها لعب دور في النهضة الاقتصادية، وإغفال شرطه أن توجهها حكومة ديمقراطية .
والأمر في المجمل ، يتعلق بطروحات شهدي ، تلك التي ما زالت تمتلك القدرة علي توليد مناوبات من الاجتهاد حولها ، وإخفاء طابع مضاعفة وتوسيع حقل الاشتغال علي انجازها. وطبت حياً وشهيداً يا رفيق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.