أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم السبت 24-5-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 نهاية العام في محافظة الشرقية    ارتفاع درجات الحرارة بشمال سيناء.. والمحافظة ترفع درجة الاستعداد    السيطرة على حريق بحوشين فى مركز طما شمال سوهاج دون إصابات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    محافظ أسيوط يتفقد قافلة طبية مجانية ومعرضًا فنيًا لطلاب الفنون التطبيقية بجامعة بدر    وزير الخارجية الأمريكي: نتطلع إلى تعزيز العلاقات مع إريتريا    شادي محمد: التتويج بكأس مصر إنجاز تاريخي لسيدات الكرة النسائية    توافد طلاب الإعدادي بسوهاج على اللجان لأداء امتحاني الدراسات الاجتماعية و الرياضيات "فيديو"    نتيجة الصف الثاني الابتدائي بالجيزة 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام ومواعيد الامتحانات    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 24-5-2025 في مصر بعد ارتفاعه الكبير بالصاغة    السكة الحديد: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    وزير الزراعة يبحث مع محافظ الوادي الجديد ملفات التعاون المشترك    مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    ضبط عاطل بتهمة الاعتداء على طفل جنسيا في الحوامدية    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 6 متهمين فى واقعة انفجار خط غاز الواحات    تامر حسني يدعم كزبرة بعد أول حفل يجمعهما: «كمل يا وحش.. أخوك في ضهرك»    مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    اليوم.. محاكمة متهمين ب«داعش العمرانية»    أغرب حكايات اضطراب النوم من داخل معمل «السلطان»    122 ألفا و572 طالبا بالصف الثاني الإعدادي بالدقهلية يؤدون امتحاني اللغة الأجنبية والهندسة    نبيلة مكرم عن شيخ الأزهر:" ما بقلوش غير أبويا وما استحملش عليه كلمة"    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    ميلاد جديد ل«تاريخ لا يغيب».. العالم يترقب «سيمفونية الخلود» على أرض الأهرامات    «العملة الخضراء بكام النهارده؟».. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري 24-5-2025    د. هشام عبدالحكم يكتب: خد وهات.. لتبسيط المفاهيم الصحية    «ترانس جاس» تنفي شائعة تسرب الغاز بكفر الشيخ    د. حسين خالد يكتب: تنمية مهارات الخريجين.. توجه دولة    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    تعاون شبابي عربي لتعزيز الديمقراطية برعاية "المصري الديمقراطي"    "تاس": طائرة تقل 270 جندياً روسياً أُعيدوا من الأسر الأوكراني هبطت فى موسكو    هزة أرضية بقوة 3 ريختر تضرب جزيرة كريت في اليونان    «مش شبه الأهلي».. رئيس وادي دجلة يكشف رأيه في إمام عاشور    نجاح مركز طب وجراحة العيون بكفر الشيخ في إجراء جراحة دقيقة لزراعة طبقية قرنية    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خبيرة أسرية: البيت بلا حب يشبه "بيت مظلم" بلا روح    سباق سيارات ينتهى بحادث تصادم فى دمياط وإصابة 3 أشخاص    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50%    حرب شائعات.. المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي معلومات مغلوطة بشأن تصدير المانجو    الحالية أكثر| 77 عامًا على النكبة.. وفرصة أخيرة لحل الدولتين    نشرة التوك شو| الاتحاد الأوروبي يدعم مصر ماليا بسبب اللاجئين.. والضرائب تفتح "صفحة جديدة" مع الممولين    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة الصفطاوي بمدينة غزة    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    "الظروف القهرية يعلم بها القاصي والداني".. بيراميدز يوضح تفاصيل شكواه للمحكمة الرياضية بشأن انسحاب الأهلي أمام الزمالك    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    قبول 648 مدرسًا جديدًا ببني سويف ضمن مسابقة 30 ألف معلم    صور عودة 71 مصريا من ليبيا تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي    ترامب والشرق الأوسط.. خطط مخفية أم وعود حقيقية؟!    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتّي لا نعيش ربيعا جريحا
نشر في القاهرة يوم 03 - 07 - 2012


نحن أباطرةُ الذنوبِ العظيمة المتورّطونَ .. المتلبسونَ بالمعصيةِ .. المارقونَ علي القوانين الزخرفية، كما تنصّ سجلات الدولة اللادولة التي ورثت طقوس وصيغ زنازين السلطة العثمانية المترهلة، ودماء السلاطين والباشوات في مفاصلها المعطلة حتّي انتهاء الزمان .. نحنُ المذنبونَ أبدا، وحيثُ شاطئ المغفرة يبدو بعيدا، نظلّ مطرودينَ من رحمةِ الوطن، مهمّشينَ أبدا ً في الدهاليز المظلمة ل "وطن يسكنُ فينا" كما يعبّر البطريرك الراحل البابا شنودة الثالث .. تزعجهُ ملامحنا الشاحبة، وتستفزهُ أحلامنا المتراكمة، ويجدُ في براءةِ أطفالنا إثما .. ومعصية .. وعبئا، وخروجا علي قوانينه المكتوبة بحبر الظلمة .. وهوَ يلعنُ تواريخ ولادتنا، ويبتلينا بالفقر .. والقهر.. والخوف .. والضعف، يتركُ سوسَ جبروته ولامبالاته ينخرُ أجسادنا الناحلة، ويذيقنا كلّ يوم ٍ عسلَ غربتهِ المُرّ، قبل أن نتوضأ بترابهِ، ونؤدّي صلاتنا الأخيرة علي حدوده، لنتجرّعَ حنظلَ غيرهِ ونحنُ بعيدونَ عنهُ، يحرقنا الحنينُ إليه، نبعثُ برسائل الشوق و" تعودُ إلينا لخطأ في العنوان"، نتحصّن باسمهِ في لحظاتِ الخوف من المجهول، نتدفّأ بذكرياته الجارحة في ليالي البرد، ونظمأ لهوائهِ ورغيفهِ القاسي، ولمْ نخلدْ للنّوم قبلَ أنْ نصلي ركعتين لطيفهِ الذي يمرّ بنا سريعا ً، بالإضافةِ إلي صلاةِ محبتهِ، وطاعتهِ التي لا تصيرُ قضاءً، والتسبيح بحمدهِ وقسوتهِ في ليالي عذاباتنا .. وآلامنا .. وأحزاننا المزمنة !! إنّهُ بورتريه شاحب .. بخطوط وألوان حزينة لوطن ملك حاكمينَ مستبدين !!.. وطنٌ للإهداء فقط! مرحبا ً بربيع ِ الوطن ِ وهوَ يطلقُ نيرانَ مدافعهِ علي خريفِ الأزمنةِ الماضية.. القادمة! هوَ الوطنُ الجديدُ بملامح ِ طفل ٍ كونىّ، يتزىّنُ.. وىُضيءُ علي غير عادتهِ، ولا تليقُ بقامتهِ الريحانية الاستكانة .. والذبول.. والشيخوخة ، وتقيمُ لهُ - طائعة ً- كلّ ذرة تراب، بلون أجسادنا كرنفالا كونيا، وهوَ يعيشُ أعراسَ ربيعهِ الصاخب بأثواب وعطور أعيادهِ المؤجّلة، وفقا ً للوائح دولةِ الفرد الواحد و( أيديولوجيته القائمة علي أحادية التفكير) ..دولة القائد الذي لايقهرُ .. الزعيم الأوحد ..والإله في الأرض الذي أورثهُ أجدادهُ وآباؤهُ أنهارَ .. ونخلَ .. وأرضَ .. وخيرات الوطن، وهوَ لما يزلْ جنينا شيطانيا في رحم ِ أمّهِ .. الوطنُ الذي حدودهُ أرواحنا، وتضاريس جغرافيته أحلامنا .. نذكرُ أنّهُ غادرنا في ليلةٍ باردةٍ .. ممطرةٍ في حقيبة الحاكم الفرد الذي فوّضنا إليه أمرنا مُجبرين .. كارهين، وهوَ يسرقُ من بيوتنا التي بلا سقف الرغيف .. وشمسَ الأمل .. وفاكهة الأحلام .. وخرائط الصباحاتِ القادمة .. ومطالع القصائد، ويجدُ دفءَ الوطنِ وهواءَهُ علينا كثيرا! وها هوَ الوطنُ - الطفلُ يعودُ إلي بساتين أرواحنا، حاملا ً شهادة براءتهِ .. ونقائهِ، ويوقدُ النّارَ في ثكناتِ .. وقصور ِ .. ولوائح وقوانين الحاكم المستبد، مستعينا برؤي شبابٍ جهنميين ذوي " غضبٍ مكبوت علي مدي السنين" .. معلنين بقرائح صافية آياتِ الثورة المقدسة، وبخطي شجاعة لا تشبهُ إلا ّ تثاؤب الجبال، ومزاح السيول :" رفض مُطلق وصريح للاستبداد وللفساد، لسرقة ثروات البلاد، ورفض للمحاباة والمحسوبية، رفض للإذلال واللاشرعية التي تشكّل أساس الوصول إلي السلطة من قبل هؤلاء الزعماء الذين يسلكونَ سلوكَ المافية" - الطاهر بن جلون من كتابه ( بالنار) !! .. شبابٌ عقدوا قرانهم علي الحبيبة - الثورة في ليلةٍ مباركةٍ، ليسَت ككلّ الليالي، المأذون الشرعي هو القمرُ الحزين، والشهود الكواكبُ التي نزفت ضوءا، يفوقُ همومنا .. شبابٌ مزودون بأسلحةِ صبرهم غير المرئية، وراجمات قهرهم المزمن، وسيمفونية عذابات مواطنهم الملغي بحسابات وأجندة دولة الحاكم ..و" ليسَ هناك ثمّة أخلاق أوْ عدل في الحياة لوْ لمْ يكن المرءُ حرّا"- إيريك شميت! وهمُ يبعثونَ بدعوةٍ معطرة بأشواقهم .. ممغنطة بموسيقي حماسهم .. ومُلحة لربيع غير كلّ الربيعات، معلنينَ لحظة انتصار مؤكد علي خريف مخادع قاسٍ ، ليزور حقولَ أرواحنا التي هجرتها شمس البهجة، وجافاها مطرُ التأمُّلات .. وزهورَ أحلامنا الفتية التي جعلتها أفاعي التأجيل والانتظار تتوهمُ في ألوانها .. وكيمياءِ عطرها، حينَ هجرتها الفراشاتُ، وحملَ الندي كرستاله النادر بعيدا عنها ! ." أردتُ أنْ أكونَ، ولمْ أردْ غير ذلكَ، هذهِ هي الغاية الخفية ُ لحياتي" - روكنتان بطل " الغثيان" لسارتر! آيات الدهشة يأتي ربيعُ الوطن هذهِ المرّة بكلّ آيات الدهشةِ والمفاجأة، وكلّ شروط الخلاص، خارجا من مستعمرة المواسم الهجينة .. رافضا ًكلّ مناهج مدارس أيام السلاطين المتغطرسين، والحاكمين المستبدين، ويستقبلُ بالزغاريد .. والدموع .. والدماء معا ً، دموع حجرية جادت بها مُقلُ الصابرين والمتعبين من أبناء الوطن .. ودماء زكية لفتيةٍ عاهدوا الوطنَ أنْ يؤدّوا لهُ صلاة ً وضوؤها الدمُ ورمادُ الجسدِ، دماؤهم التي لوّنت سماوات مدنهم من تونس وبنغازي وعدن والقاهرة والمنامة وحتّي دمشق، لنْ تجف وهي تفتحُ نوافذَ ذهبية ً للحرية .. والاستقرار.. والسعادة.. والمستقبل الآمن، وتؤرّخُ لصباح وطنٍ جديد، ليسَ كلّ الصباحات، ووطن حنون .. مضيء .. واسع ليسَ كلّ الأوطان، وتصنع أحرفا من فسفور لأبجدية فرح لا يكرّر، وتحياتٍ طازجة لا تغيبُ .. ولا تصدأ! " أنا حرٌّ .. حُرٌّ كالهواء، إنّ العالمَ سوفَ ينفجرُ وأنا معهُ"- سارتر بقلمه ص35 . حرية ٌ وفرحٌ، وطنانِ مخمليانِ خالدانِ، ينتسبُ إليهما مواطنُ الربيع العربىّ الذي جرّبَ، حتّي الملل، كلّ أشكالَ الحزن والألم والخوف والتسلط والضياع، لتصبحَ الحرية ُ سكنهُ الدافئ، بعدَ أن كانَ سجينا َ منبوذا .. والفرحُ مهنته التي يريدُ ويستحقُ بعدَ أنْ عاني طويلا ً مهن الشقاء والمعاناة والحرمان! وفي لحظةِ عناقٍ وذوبان يملي الوطنُ دروسَه .. وتعاليمهُ .. ووصاياه علي تلاميذه اليافعين .. المُتقنين لغة َ الثورة .. الشباب الذين يكتبونَ تاريخا جديدا للوطن .. ويأتونَ بنهار بهيج لإنسانهِ، وبكلّ آياتِ الحبّ للوطن .. والإنسان .. والحرية ينهونَ تاريخ سلطة شاخت في مقاعدها - حسب تعبير الكاتب الكبير محمّد حسنين هيكل !! ربيع مثقل بالمقاومة الربيعُ العربىّ المثابرُ المثقلُ بخوفٍ خفىّ علي نسماتهِ .. ووردهِ .. وطيوره الضوئية من مؤامرات خريفٍ مُبرمج ٍ غامض ٍ، متعدّد الأشكال والهوية، لهُ ميليشياته، وسلطتهُ، وجنوده المرئيون وغير المرئيين، بتعدد خطواته الآثمة، وأتربته، وغيومه السوداء، ليصبحَ لهُ فمٌ من اسفلتٍ ودُخان، وأيد ممغنطة بالدماء البريئة، وروائح الجثث، وتراب البيوت الآمنة .. لكنْ شلا مكان لسارق ٍ محترفٍ مثل الكاتب الصهيوني- برنار هنري ليفي الذي ينسبُ جهد الشباب الثوار الليبيين الأحرار له : " وماكنتُ أقوم بذلك لوْ لم أكنْ يهودياً "و" رفعت راية الإخلاص لاسمي، والولاء للصهيونية ولإسرائيل" - كتابه ( الحرب دون أنْ نحبّها) .. وأيد خريفية أخري طامعة حوّلت هذهِ الثورات - تسونامي الحرية والجوع والفقر إلي حركات تمرّد، حاولت أن تسرق، بل سرقت بعض نيرانها المقدسة، في سباق مقيت علي كرسي السلطة الصدئ ، وشتان بينَ طالب الحرية وطالب السلطة، متناسين هؤلاء الضبابيون أنّ هذهِ الثورات " منصبّة علي مطالب ذات طابع أخلاقي ومعنوي" .. وهي أيضاً تسونامي الجوع في أسوأ تضاريسه وأشدّ حالاتهِ، لكنّ اغتيال نسائم الربيع صعبٌ، وأن ينفد عطر الحرية أو يتغير الهدف الأسمي هو الأصعب، ونحنُ لا نرضي بعيش ما بقي من سنين العمر كأوراق شجرة تحت حكم خريف شرس.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.