سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 20-8-2025 مع بداية التعاملات    الرهائن ال20 والإعمار، ويتكوف يكشف وصفة إنهاء حرب غزة    شهداء وجرحى جراء في غارات إسرائيلية متواصلة على خان يونس    "تفوق أبيض وزيزو الهداف".. تاريخ مواجهات الزمالك ومودرن سبورت قبل مباراة الدوري    نجم الزمالك ينعى محمد الشناوي في وفاة والده    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك ومودرن سبورت بالدوري    البيت الأبيض يُطلق حسابًا رسميًا على "تيك توك".. وترامب: "أنا صوتكم لقد عدنا يا أمريكا"    أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 20-8-2025 في بورصة الدواجن.. ثمن الدجاجة والكتكوت الأبيض    د.حماد عبدالله يكتب: كفانا غطرسة.. وغباء !!    صعبة وربنا يمنحني القوة، كاظم الساهر يعلن مفاجآت للجمهور قبل حفله بالسعودية (فيديو)    حمزة نمرة عن أحمد عدوية: أستاذي وبروفايل مصري زي الدهب»    لأول مرة .. برج المملكة يحمل أفيش فيلم درويش    المناعة الذاتية بوابة الشغف والتوازن    تبكير موعد استدعاء 60 ألف جندي احتياطي إسرائيلي لاحتلال غزة    محاكمة المتهم بابتزاز الفنان طارق ريحان اليوم    31 مليون جنيه مصري.. سعر ومواصفات ساعة صلاح في حفل الأفضل بالدوري الإنجليزي    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    مجلس القضاء الأعلى يقر الجزء الأول من الحركة القضائية    10 صور ترصد استعدادات قرية السلامية بقنا للاحتفال بمولد العذراء    6 رسائل مهمة من مدبولي أمام مجلس الأعمال المصري الياباني بطوكيو    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 ونتيجة تقليل الاغتراب (رابط)    تنسيق الثانوية العامة 2025.. كليات المرحلة الثالثة من 50% أدبي    فلكيا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة الرسمية للموظفين والبنوك    خلال بحثه عن طعام لطفلته.. استشهاد محمد شعلان لاعب منتخب السلة الفلسطيني    بعد موافقة حماس على وقف اطلاق النار .. تصعيد صهيوني فى قطاع غزة ومنظمة العفو تتهم الاحتلال يتنفيذ سياسة تجويع متعمد    الإليزيه: ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية مغالطة خطيرة    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    حسام المندوه: بيع «وحدت أكتوبر» قانوني.. والأرض تحدد مصير النادي    نبيل الكوكي: التعادل أمام بيراميدز نتيجة مقبولة.. والروح القتالية سر عودة المصري    محافظ شمال سيناء يلتقى رئيس جامعة العريش    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    ترامب يترقب لقاء بوتين وزيلينسكي: «أريد أن أرى ما سيحدث»    جولة ميدانية لنائب محافظ قنا لمتابعة انتظام عمل الوحدات الصحية    في أقل من 6 ساعات، مباحث الغربية تضبط سائق شاحنة دهس طفلا وهرب بقرية الناصرية    أكلة لذيذة واقتصادية، طريقة عمل كفتة الأرز    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    المقاولون يهنئ محمد صلاح بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب فى الدوري الإنجليزي    أحمد العجوز: لن نصمت عن الأخطاء التحكيمية التي أضرتنا    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    مصرع والد محمد الشناوي .. القصة الكاملة من طريق الواحات إلى كفر الشيخ    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    رسميا الآن بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخرجون يمدحون السادات في أفلامهم.. والنقاد يصبون عليهم غضبهم
نشر في القاهرة يوم 05 - 06 - 2012

محمود قاسم يكتب السينما تنتقد حكامها "3-4" المخرجون يمدحون السادات في أفلامهم.. والنقاد يصبون عليهم غضبهم *السينما لم تنتقد أنور السادات بما يتناسب لكنها رفعته إلي مصاف عالمية فلم يعجب ذلك النقاد فقام الكثيرون منهم بانتقاد الرجل والأفلام في مقالاتهم كنوع من تصفية الحساب * حادثان مهمان في النصف الأول من السبعينات من القرن الماضي جعلا صورة السادات تتقدم بزهو ملحوظ علي شاشات الأفلام المصرية ثورة التصحيح وحرب أكتوبر * السينما راحت تعزز المكانة السياسية للسادات من خلال فيلم "الكرنك" المأخوذ عن رواية استمدها نجيب محفوظ من حكايات الشباب الذين كانوا يجالسونه في مقهي ريش في بداية السبعينات قالوا إن أنور السادات كان يرغب في أن يعمل ممثلاً سينمائياً في بداية حياته.. ودائماً لا أحب كلمة "قالوا" وليست لدىّ وثائق بذلك، لكن الذين شاهدوا الرئيس الراحل وهو يدلي بحديث صحفي إلي مندوب إذاعة مونت كارلو - تم تصويره تليفزيونياً، ورأيناه - يتأكد أن السادات كان مغرماً بالكاميرا كثيراً.. ولعل الذين عاشوا العقد الذي حكم فيه مصر يعرفون كم يحب "شو" الكاميرا. والسادات دخل تاريخ السينما، حين وافق علي عرض أول فيلم انتقادي لثورة يوليو، وهو "ميرامار" لكمال الشيخ عام 1969، وحسبت له هذه المبادرة، أي أنه رجل مستنير، يتقبل النقد، وأنه كان يحب السينما ويتتبعها، فقد ذهب ليلة الثالث والعشرين من يوليو إلي السينما بينما زملاؤه يسعون إلي قصر عابدين، كما أن السينما استعانت كثيرا بالخطاب، البيان، الذي قرأه السادات لاعلان تولي الجيش السلطة في 23 يوليو 1952، وقد سمعنا هذا البيان بصوته في أفلام عديدة. كما أن السادات هو الرئيس المصري الأوحد الذي قدمت عنه شركة انتاج تليفزيونية عالمية فيلماً روائياً، قام ببطولته لويس جوست، وأخرجه ريتشارد مايكل، وهو الفيلم الذي أثار ضجة كبيرة في مصر، ومنع من العرض، لأنه أظهر زعماء آخرين معاصرين للسادات بشكل سلبي خاصة جمال عبدالناصر الذي لم يكن السياسيون الأمريكيون يحبونه كثيراً. ثورة التصحيح حادثان مهمان في النصف الأول من السبعينات من القرن الماضي جعلا صورة السادات تتقدم بزهو ملحوظ علي شاشات الأفلام المصرية، الأول حادث مصطنع، وهو ما أطلق عليه نفسه، وأيضاً بعض الصحفيين الذين ساندوه ومنهم موسي صبري، ثورة التصحيح عام 1971، ثم حادث مشرف وحقيقي، وهو عبور قناة السويس بواسطة القوات المسلحة، في السادس من أكتوبر وقد عزف الرجل طوال حياته علي اسمين من شهور السنة: مايو، وأكتوبر وساندته الأفلام علي أساس أنه بطل الحرب، وصانع القرار، حسبما غني له عبدالحليم حافظ "عاش اللي قال". وقد ظهرت الأفلام التي تمجد صانع قرار الحرب، قبل فترة من ظهور الأفلام التي تمجد الرجل الذي فتح أبواب المعتقلات، كي يخرج منها الذين سجنوا في عصر عبدالناصر، أو ما يسمي بأفلام "الكرنكة".. فقد حدث العبور في عام 1973، وفي الذكري الأولي لانتصارات أكتوبر، كانت السينما تعرض أربعة أفلام علي الأقل لتمجيد الحرب، والعبور، والجيش، وأيضاً صانع القرار الذي ظهر في أحد هذه الافلام، وهو يخطب أمام الناس، ويقلد أبطال الحرب النياشين، والأنوطة الشرفية، هذه الأفلام هي: "الرصاصة لا تزال في جيبي"، لحسام الدين مصطفي، و"الوفاء العظيم" لحلمي رفلة في 6 أكتوبر 1974، ثم "بدور" لنادر جلال في 14 أكتوبر 1974 و"أبناء الصمت" لمحمد راضي في 16 نوفمبر 1974، وفيما بعد عرضت أفلام مثل "حتي آخر العمر" في 5 أكتوبر 1975 لأشرف فهمي، و"لا وقت للدموع" لنادر جلال في 24 سبتمبر 1976، و"العمر لحظة" لمحمد راضي في 3 سبتمبر 1978 . تكررت قصة السينما مع الحروب المصرية الاسرائيلية من جديد بالطريقة نفسها التي حدثت عقب النصر السياسي في عام 1956، حيث سرعان ما تهافتت السينما لعمل أفلام عن النصر وعن صانع القرار، وتم تمجيد "الريس" بشكل ملحوظ، فهو صاحب قرار الحرب، وتم التعامل معه علي أنه القائد الأعلي للقوات المسلحة، وقد تولد عن قيام الحرب بشكل مفاجئ، بعد فترة انتظار طويلة، وحرب استنزاف مرهقة، وقلق اجتماعي، واحساس عام بالاحباط، نوع من الرضا السياسي علي المستوي الشعبي، واكسب ذلك القائد الأعلي شعبية واضحة، وان كانت صورته لم تبرز بنفس الوضوح الذي رأينا به المصريون يتغنون لعبدالناصر في فيلم "بورسعيد" حيث ان هذه الافلام لم تكن تتضمن أي نوع من الغناء. وحساسية هذه الافلام أنها رأت أن في عصر عبدالناصر هزيمة، وان عصر السادات ارتبط بالنصر، وقد استقبل الجميع بعض الأفلام باهتمام شديد، خاصة النقاد الذين ساندوا فيلم "أبناء الصمت" عن رواية لمجيد طوبيا، و"الرصاصة لاتزال في جيبي" وهي أفلام كانت عن الجنود الذين حاربوا، وحققوا النصر، ودفع بعضهم حياته فداء للوطن. حكايات ريش هذه السينما راحت تعزز المكانة السياسية للسادات، من خلال فيلم "الكرنك" لحلمي رفلة، الذي عرض في 29 ديسمبر 1975، المأخوذ عن رواية استمدها نجيب محفوظ، من حكايات الشباب الذين كانوا يجالسونه في مقهي ريش في بداية السبعينات. قامت فكرة الأفلام التي سميت بمراكز القوي، علي أساس أن النظام السياسي الحالي آنذاك قد قام بالقضاء علي مراكز القوي، والمعتقلات السياسية، وقد صارت مصطلحات "مراكز القوي" بمثابة "العلكة" التي تلوكها السيناريوهات في أفلام عديدة منها "امرأة من زجاج" لنادر جلال، و"طائر الليل الحزين" ليحيي العلمي، و"وراء الشمس" لمحمد راضي، صاحب أفلام عديدة عن انتصار اكتوبر، و"حافية علي جسر الذهب" لعاطف سالم، وكلها عرضت في عام 1977، عدا "وراء الشمس" وايضا فيلم "أسياد وعبيد" 1978، و"احنا بتوع الاتوبيس" لحسين كمال 1979 . هذه الأفلام راحت تفاضل عصرا عن سابقه، دون أن تشير بشكل ملحوظ إلي أسماء الرؤساء للحقبتين، لكن الأمر كان معروفا، والناس الذين شاهدوا هذه الأفلام كانوا يعرفون أن المقصود بنهاية عصر المعتقلات السياسية والتعذيب للمقبوض عليهم خاصة الأبرياء، هو أنور السادات. ومثلما حدث في عصر عبدالناصر، في أن الفيلم الأخير الذي مجد الثورة، قد عرض باسم "غروب وشروق" لكمال الشيخ قبل رحيل عبدالناصر بسبعة أشهر، ثم توقفت هذه السلسلة من الأفلام التي تمجد قيام ثورة يوليو، كما أن فيلم "احنا بتوع الاتوبيس" كان تقريبا آخر فيلم يمجد صاحب "ثورة التصحيح" كما سميت الأحداث، وقد حدث ذلك قبل مقتل السادات بعامين. أفلام المخابرات النوع الثالث من الأفلام الذي مجد الرئيس ابان حكمه، كان عن دور الاستخبارات العامة، وأيضا العسكرية، في تحقيق النصر، وقد تمت هذه القصص في عصر السادات نفسه، مثلما رأينا في "الصعود إلي الهاوية" لكمال الشيخ 1978، و"أريد حبا وحنانا" لنجدي حافظ الذي شاهده الناس قبل الفيلم السابق بأسبوعين، وقد استمرت السينما في تقديم هذا النوع من الافلام حتي نهاية القرن العشرين. من المهم أن نقول إن حسني مبارك، حين تولي الحكم، لم يبتدع لنفسه ثورة، أو حدثا ينقلب به علي سابقيه، وانه ردد ذات يوم "أنا حسني مبارك" لذا، فإن أمورا بدت معتدلة في سنوات الحكم الثلاثين، بمعني أنه كان يسمح بالتمجيد، أو الذم للحكام السابقين، كل فنان حسب رؤيته، وبرز مصطلح "ساداتي" في مواجهة "ناصري"، وفي هذا العصر، تم انتاج سير ذاتية حقيقية عن الحكام السابقين، خاصة الذين خرجوا من العسكرية المصرية، ومن بين الأفلام التي انتقدت الحقبة الناصرية، كان هناك فيلم "قانون ايكا" لأشرف فهمي عام 1991، و"اعدام قاضي" عام 1990 للمخرج نفسه، وهو الذي قدم في بداية حياته فيلمه "ليل وقضبان" عام 1973، الذي سبق أفلام الكرنكة بكشفه لأساليب التعذيب في المعتقلات. ونحن لسنا بصدد الحديث عن كيف انقلبت قصص الأفلام المصرية ضد السادات، أسوة بما فعلت مع حكام سابقين، ولكن الغريب أن انتقاد السادات سينمائياً لم يوجه إليه مباشرة فقد ساعد اغتياله علي زيادة التعاطف معه، وسط أحداث مأساوية، مصورة بشكل مباشر، وشاهدها الناس علي الهواء.. وقد بدا أن المعتقلين سياسياً في سبتمبر 1981، لم يتضمنوا سينمائيين، لذا، فلم نشاهد فيلماً واحداً عن هذه الأحداث، كما أن فيلم "عيش الغراب" لسمير سيف عام 1997، قد جعل بطله مصطفي شرف أحد الحراس الخاصين للرئيس المغتال يصاب بحالة ندم شديدة لأن تقاعسه كان سبباً في مقتل الرئيس. سمير سيف، هو أول من حاول اعادة تجسيد حادث المنصة بشكل مخفف في فيلمه "الغول" عام 1983، حين جعل الصحفي عادل يقوم ببطح رجل الأعمال فهمي الكاشف ببلطة حادة، فيردد الرجل وهو يقتل بالكلمة نفسها التي رددها السادات وهو يتلقي رصاصة القتل: " مش معقول" وعلي التو، فإن اتباع القتيل يقذفون فوقه بالمقاعد حماية له من محاولة طعن أو ضرب ثانية، وهو ما حدث ايضا في المنصة، وقد وقفت الرقابة حازمة ضد هذا المشهد فقامت بتخفيفه بشكل ملحوظ، ويعني هذا أن الرقابة لم تسمح للسينمائيين بالوقوف ضد السادات، أو السخرية مما حدث، وذلك عكس ما فعلت الرقابة في سينما الكرنكة، حيث بدت كأنها تقول "هل من مزيد"، ورغم ذلك فإننا نشاهد هذا المشهد كاملا الآن عند عرض الفيلم في القنوات الفضائية خاصة بعد ابتعاد الحادث. حاث المنصة مصطفي شرف الدين، في فيلم "عيش الغراب"، عمل حارسا ضمن الطاقم الخاص للرئيس السادات، وقد أصابه حادث المنصة بطلق ناري، ويخرج من الخدمة، فيصاب باحباط واكتئاب، ويعيش مخموراً لينسي واقعه المزري متهما نفسه باهماله الجسيم في عمله، وتسببه في قتل رئيس الجمهورية، تفشل زوجته في اصلاح حاله فتحصل علي الطلاق وتنسحب من حياته مع ابنتهما. إذن، فبعد رحيل الرئيس وبسبب وقائع الاغتيال، فإن الافلام نظرت إليه علي أنه البطل، الشهيد الا مجموعة الافلام التي تعاملت مع التطبيع المصري الاسرائيلي علي أنه جريمة خاصة في الفترة الاولي من المعاهدة الاسرائيلية المصرية، حيث لم يتم توجيه الاتهام بشكل مباشر إلي الرئيس السابق، بقدر ما هناك اشارة إلي أن هذه الزيارة هي سبب لتسلل الاسرائيليين إلي مصر، بمؤامراتهم، والمخدرات التي تم تصديرها عبر سيناء. وأغلب السينما المصرية، كان ضد المعاهدة، وقد بدا ذلك في فترة حكم مبارك، اكثر من سلفه حيث إن السادات زج بكل معارضيه في السجون، علي اختلاف انتماءاتهم ولم تجرؤ السينما علي انتقاده في حياته، وكانت فترة التطبيع في حياة السادات قصيرة، لذا فإن الافلام التي انتقدت التطبيع دارت أغلب أحداثها في عصر مبارك. أما أبرز الجوانب التي انتقد فيه عصر السادات سينمائياً، فهو صعود ردال الانفتاح إلي أعلي مكانة في المجتمع، وتحقيقهم لثروات ومكانات هائلة في فترات زمنية قصيرة، ولعل فهمي الكاشف في فيلم "الغول" هو من أبرز هؤلاء الرجال، لقد كسب كثيرا من الانفتاح وهو أقرب إلي الرأسمالي الهارب توفيق عبدالحي في رسم شخصيته، وقد رأيناه في الفيلم يقوم بتوظيف وزراء سابقين، وقضاة كبار ليعملوا في اطار مؤسساته، ويدافعون عن ابنه نشأت في قضية قتل ارتكبها، وتمكنوا من كسب القضية. فهمي الكاشف هو نموذج لعصر الانفتاح، الذي أوجده أنور السادات، وقد انتقدت السينما مراراً ولسنوات طويلة الصعود الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لهؤلاء الأشخاص الذين تم افرازهم في عصر السادات، وزاد نموهم أكثر وأكثر، إلي حد الفساد اللامتناهي في عصر حسني مبارك. هؤلاء الرجال رأيناهم في "أهل القمة" لعلي بدرخان 1981، و"الباطنية" لحسام الدين مصطفي 1980، و"شعبان تحت الصفر" لبركات 1980، و"حتي لا يطير الدخان" لأحمد يحيي 1984، و"الحب وحده لا يكفي" لعلي عبدالخالق 1981، وغيرها. الجندي ومختار واذا توقفنا عند فيلم "الغول" فإن الكاتب وحيد حامد يكاد يشير إلي شخصية سياسية واقتصادية كبيرة كانت قريبة من السادات، وقد رأينا فهمي الكاشف يقوم بتأليف كتاب بعنوان "مشوار علي الأشواك" مثل الشخصية التي يقصدها، وقد ركز الفيلم علي صور عديدة من الفساد الاجتماعي والسياسي، مثل شرطي المرور الذي يعمل لمصلحة من يدفع له رشوة، وأمين الشرطة الذي يقبض مظروفاً به نقود. لابد ان نعترف أن الثنائي نادية الجندي، ومعها المنتج محمد مختار، قد شغف بالتاريخ المصري الحديث في القرن العشرين، وقد قام الثنائي بالتعاون مع أكثر من كاتب سيناريو لاستحضار هذا التاريخ وتقديمه ممزوجا بالكثير من قصص متخيلة، وقد بدأت هذه السلسلة من الافلام عام 1988 بفيلم "ملف سامية
شعراوي" لنادر جلال الذي رأينا فيه كيف كان المشير عبدالحكيم عامر يتعامل مع ضباطه، وماذا حدث صباح يوم الخامس من يونيه، وذلك دون أن يشير إليه بشكل مباشر.. وفيما بعد تم اسناد كتابة أكثر من سيناريو تاريخي ظهرت فيه شخصيات صارت من حكام مصر، خاصة أنور السادات، الذي ظهر في شكل تخيلي في فيلمين من بطولة نادية الجندي، وانتاج محمد مختار، الأول هو عن الجاسوسة حكمت فهمي، اخراج حسام الدين مصطفي عام 1994، وأغلب شخصيات الفيلم لعبت دورا سياسيا ومنها عزيز المصري، والراقصة حكمت فهمي، والضابط أنور السادات والجاسوس الالماني جون آبلر المعروف ايضا باسم حسين جعفر. ظهر السادات في هذا الفيلم كبطل سينمائي مغوار، بما يتفق وموقف المخرج من الرئيس الراحل، فهو معجب به، وقد زار اسرائيل في الوقت نفسه، الذي شن أكثر من هجوم علي عبدالناصر، وقد كان السادات هنا أحد الضباط الذين يترددون علي الفريق عزيز المصري - عبدالناصر لم يظهر قط في الفيلم - والفريق عزيز المصري يجتمع دوما بالشباب الوطني، ابان الحرب العالمية الثانية، خاصة عام 1942، ومن بين هؤلاء بعض العسكريين مثل انور السادات، الذي يقترح أن يتم الاتصال بالألمان من خلال حكمت فهمي، حيث دس الجاسوس الالماني آبلر جهاز تجسس في عوامتها، ويوافق عزيز المصري علي الاقتراح. وحسب الواقع التاريخي الذي قرأناه في أكثر من مصدر فإن السادات كان في تلك الفترة ضابط اشارة - جسد الدور أحمد عبدالعزيز - وكل دوره هو أن قام بتركيب جهاز للتجسس في عوامة حكمت فهمي، وقد صور الفيلم مجموعة الفريق عزيز المصري علي أساس أنهم يسعون للاتصال بالألمان من أجل انقاذهم من الاحتلال البريطاني وقد سعي الفيلم إلي اظهار السادات باعتباره مغامر، وبطل وطني، ليس فقط من خلال مواقف بطولية، بل انه كلما ظهر السادات علي الشاشة تم عزف لحن "بلادي بلادي" لدرجة أن الناقد كمال رمزي قد علق علي هذه النقطة في مقال عن الفيلم قائلا: "والحق أن الموسيقي التصويرية في حكمت فهمي تتسم بالمغالاة والاسراف، وتلجأ إلي الاستسهال". علي الهامش الصورة التي ظهر بها السادات هنا أغلبها متخيل، حيث تكسوه بطولة خارقة، فهو يتسلل إلي عوامة الضابط البريطاني ساسون عن طريق قارب صغير، وقد ارتدي زي الصيادين، ومعه حكمت فهمي التي ستصعد إلي العوامة وتقوم بتصوير مستندات خاصة بخطة الهجوم البريطاني المضاد لقوات الجيش الألماني الموجود في الصحراء الغربية لمصر. أما المرة الثالثة التي ظهر بها السادات فهي عندما يقفز مع مجموعة من الاصدقاء والرفاق إلي فكان اعدام حكمت، ويحصد الرفاق برصاصاتهم الجنود والضباط الانجليز ويتمكنون من انقاذ حكمت فهمي، وذلك ايضا ونحن نستمع في خلفية المشهد اللحن الشهير لسيد درويش "بلادي. بلادي". وقد ظهرت شخصية السادات بشكل هامشي، في فيلم "جمال عبدالناصر" الذي أخرجه السوري أنور قوادري عام 1957، وجسد الشخصية طلعت زين، ومن المعروف موقف السوريين من السادات بسبب توقيع معاهدة كامب ديفيد، لذا، فإن السادات هنا، يبدو أقرب إلي الكاريكاتير، يضع البايب في فمه، ويكاد يكون شخصا ثانويا في حياة عبدالناصر، خاصة في الفترة التي يتوقف عندها الفيلم، أي بين عام 1935، و1970 وفي هذا الفيلم كان هناك تركيز علي شخصيات أخري أكثر قربا من ناصر، مثل عبدالحكيم عامر الذي تزوج من ممثلة مشهورة دون الرجوع إلي ناصر. الفيلم التالي الذي كتبه بشير الديك وكانت شخصية أنور السادات، هي إحدي الشخصيات الأساسية هو "امرأة هزت عرش مصر" الذي أخرجه نادر جلال عام 1990،\ وفيه منح الكاتب لشخصية السادات دوراً بارزاً في السياسة المصرية قبل ثورة يوليو، وقد جسد الدور الممثل جمال عبدالناصر، بينما تم تجاهل دور عبدالناصر تماما للمرة الثانية في افلام نادية الجندي - بشير الديك، رغم اختلاف المخرجين هنا، وأنور السادات هنا يلعب دورا بارزا في الاحداث السياسية فهو من المقربين لنهي وشدي المقربة بدورها من الملك فاروق، وتسعي إلي التعاون مع الضباط الأحرار للقيام بثورة ضد الحاكم، فنهي تشرف بنفسها علي تكوين تنظيم سري ضد الانجليز يسمي "الحرس الحديدي" وتضم اليه مجموعة من الضباط، منهم الضابط المستهتر مصطفي كمال، وايضا الضابط الوطني انور السادات، وايضا مجموعة من الضباط الاوفياء للملك فاروق وعندما تصدم نهي في زواج الملك من ناريمان، وطردها من القصر، فانها تصير عشيقة لمصطفي كمال، وتشارك في تكوين خلية سرية مع الضباط، وتدافع بقوة عن أنور السادات، حيث يري الفيلم أنه واحد من الأركان الاساسية لهذه الخلية السرية. أما مسألة انتاج فيلم عن السيرة الحياتية لأنور السادات منذ شبابه وحتي رحيله في أكتوبر عام 1981، فقد ظلت هاجسا لدي الممثل أحمد زكي الذي راهن نفسه انه يمكنه أن يلبس قناعا لأي من الوجوه الشهيرة، مثل جمال عبدالناصر، وأنور السادات، والمطرب عبدالحليم حافظ، وقد استعذب كثيرا نجاحه في فيلم "ناصر 56" وقرر أن يقوم ببطولة فيلم "أنور السادات" المأخوذ عن سيرته المنشورة باسم "البحث عن الذات" ودفع بالكتاب إلي كاتب ليس له باع في كتابة السيناريوهات، هو أحمد بهجت، الذي فضل أن يستعرض حياة الرئيس الراحل في مرحلتين، الشباب، ثم في مراحل أخري، وحتي وفاته، وذلك أسوة بما فعله انور قوادري مع عبدالناصر، أما محمد خان، فهو لم يألف العمل في هذا النوع من الأفلام لذا جاء غريبا عليه، وبدا الممثل كأنه تقمص شخصية السادات لدرجة المبالغة، وقد بدا ذلك في قيامه بتحريك فكيه بشكل مبالغ فيه، خاصة وهو يتكلم عن مناحم بيجن. يروي الفيلم حكاية انور السادات منذ شبابه المبكر، فظهرت عوامة حكمت فهمي من جديد ثم فترة الشباب، والتحاقه بالكلية الحربية، وتعرفه علي الفتاة جيهان التي تزوجته، وقيام ثورة يوليو.. والأحداث الكبري مثل العدوان الثلاثي، وعدوان يونيه 1967، وقد سبق عرض الفيلم اشادة كبيرة وسباق بين المجلات والصحف علي عرض صوره، ونشر أخباره، مثلما حدث في مجلة روزاليوسف الصادرة في 2 سبتمبر عام 2000، حيث خصص عن الفيلم خمس صفحات نشر بها أربع عشرة صورة. الفيلم اذن من انتاج احمد زكي الذي قوبل باستهجان شديد من الناصريين الذين وقفوا ضد السادات، لأسباب عديدة، ولأن الممثل المتنج هنا، بدا أن تمثيله لدور "ناصر 56" هو من قبيل التمثيل، وربما ليس ايمانا بالشخصية التي جسدها، وقد جاء انتاج وعرض فيلم "أيام السادات" في فترة بداية ازدهار التعامل الدرامي، والسينمائي مع السير الذاتية، لشخصيات مشهورة، منها أم كلثوم، كنوع من انعاش الذاكرة تجاه الماضي القريب، وقد بدت الدولة نفسها كأنها تعضد الفيلم، حيث شاهده رئيس الدولة، واستقبل في مكتبه طاقم العاملين بالفيلم، ومنح بعضهم أرفع أوسمة الدولة، وسام العلوم والفنون من الطبقتين الأولي والثانية وهذا أمر نادر جدا في السينما المصرية. تصفية الحسابات إذن، فالسينما لم تنتقد أنور السادات بما يتناسب وما كان متوقعاً، لكنها رفعته إلي مصاف عالمية، وان كان النقاد لم يعجبهم الفيلم كثيرا.. فقام الكثيرون منهم بانتقاد الرجل والفيلم في مقالاتهم، كنوع من كشف الحقيقة، وتصفية الحساب، ولعل المقال الذي نشره رؤوف توفيق في مجلة "صباح الخير" تحت عنوان "ايام السادات وايام الصدمات" بمثابة نقد السينمائيين لعصر السادات الذي طرد فيه صحفيون من مؤسساتهم ليعملوا في الوزارات كموظفين، وأيام اعتقال المعارضين، و"توالت الصدمات" من قرار الانفتاح الاقتصادي الذي أدي إلي تفسخ المجتمع، إليق رارات رفع الدعم عن السلع الغذائية، والمظاهرات التي اندلعت في 18 و 19 يناير وسماها السادات بانتفاضة الحرامية، بينما سماها الشارع بانتفاضة الخبز، وكان من توابعها فرض قيود جديدة علي الصحافة، ثم قرارات سبتمبر 1981، التي وضعت أكثر من 1500 مثقف ومفكر سياسي في المعتقلات. إذا كان صناع الافلام في هذه الحقبة، قد حاولوا تمجيد السادات، الذي قام بتعديل الدستور من أ جل أن يبقي إلي نهاية العمر، فاستفاد خلفه كثيرا من هذا التعديل، فإن السينمائيين متمثلين في النقاد قد تعاملوا بشكل سلبي مع الفيلم، مما فتح حلبة كبيرة للنقاش علي صفحات الجرائد، وهو أمر يحتاج دراسة منفصلة، فقد جاء في مقال لخالد السرجاني، منشور في مجلة "سطور" انه "للاسف فإن المشاهد يصاب بالاحباط الشديد من المستوي الذي عليه فيلم "ايام السادات" علي الرغم من الضجة الاعلامية الدعائية السياسية الفارغة، والضجة ايضا التي اثيرت حول الفيلم بعد عرضه، وعلي الرغم من الأوسمة التي منحت للأبطال، حتي لذلك الذي لم يظهر إلا في مشهد واحد، أي أحمد السقا، الذي لعب دور الطيار عاطف شقيق الرئيس السابق أنور السادات. بدت السينما في عصر مبارك، كأنه وريثا لسابقه، فلم تنتقده في الأفلام، ولكن ذلك لم يمنع من اكتووا بنيران الرئيس الراحل ان يكتبوا ضد الفيلم عشرات المقالات، التي قللت من قيمته السياسية والتاريخ، حيث تعمل الفيلم علي رفع قيمة السادات علي كل من كانوا حوله، ابتداء من الضباط الأحرار إلي الذين اقتلعهم من السلطة في مايو 1971، والذين اختلفوا معه فيما بعد.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.