وزير الأوقاف: بناء جيل جديد من الأئمة المثقفين أكثر وعيًا بقضايا العصر    سعر الدولار في البنك المركزي والمصارف المصرية صباح اليوم السبت 11 مايو 2024    أسعار الفاكهة اليوم، الجوافة تسجل 35 جنيهًا في سوق العبور    وزير الإسكان يتابع تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة    توريد 164 ألف طن قمح لصوامع وشون كفر الشيخ    أستاذ قانون دولي: تدخل ليبيا يعزز دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    "لا يتمتع بأي صفة شرعية".. الإمارات تهاجم نتنياهو بسبب تصريحاته الأخيرة    خوسيلو ماتو يكشف موقفه من الاستمرار في ريال مدريد    عصام صاصا يحيي حفلًا بالإمارات رغم صدور أمر بضبطه    16 نصيحة ذهبية للإجابة على الأسئلة المقالية بامتحانات الثانوية العامة    مصرع شخص صدمته سيارة طائشة على طريق الكورنيش في بني سويف    السينما وحضارة مصر القديمة، أحدث إصدارات قصور الثقافة    "الوزراء" يكشف 5 مفاجآت جديدة للزائرين بالمتحف المصري الكبير (فيديو)    وزير الصحة: توفير البروتوكولات العلاجية الأكثر تقدما بالعالم لمرضى الأورام    رئيس الرعاية الصحية يتفقد مستشفى الكرنك الدولي    «الصحة»: نتعاون مع معهد جوستاف روسي الفرنسي لإحداث ثورة في علاج السرطان    مواجهة القمة والقاع| الهلال يلتقي الحزم للتتويج بلقب الدوري السعودي    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024.. بشاي 41 ألف جنيه    بعد قطع العلاقات الدبلوماسية.. رئيس كولومبيا يدعو «الجنائية الدولية» لإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم السبت    لعدم الانضباط .. إحالة طاقم النوبتجية بمركز طب الأسرة ب«الروافع» في سوهاج للتحقيق    وسائل إعلام فلسطينية: إطلاق وابل من القنابل الضوئية في أجواء منطقتي خربة العدس وحي النصر شمالي رفح    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحاضر في ندوة بجامعة سوهاج    غدا.. "الشيوخ" يناقش خطط التوسع بمراكز التنمية الشبابية ودور السياسات المالية لتحقيق التنمية الاقتصادية    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    تفاصيل إحالة 10 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيق العاجل في أسيوط (صور)    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    الشيبي يهدد لجنة الانضباط: هضرب الشحات قلمين الماتش الجاي    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    موعد مباراة توتنهام أمام بيرنلي في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    إصابة 13 عاملًا في حادث انقلاب سيارة بالغربية    ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    بلينكن يقدم تقريرا مثيرا للجدل.. هل ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في غزة؟    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس من حق الرقابة أن تشطب خبرا لأنه غير صحيح .. طالما لا يتعلق بالسبب الذي أعلنت من أجله الأحكام العرفية
نشر في القاهرة يوم 01 - 05 - 2012

حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: إن أعجب لشيء فإنما أعجب لهذا الاعتراض الذي أدلي به رفعة رئيس الوزراء، لأن حضرة زميلي الأستاذ «محمود بسيوني بك» قد تلا علي حضراتكم عدة مقالات ورسالات تناولت موضوعات سياسية واقتصادية وأدبية منع الرقيب نشرها، فما المسائل المعينة التي يريد أن يسمعها رفعة رئيس الوزراء بعد هذا كله حتي يقتنع بأن الرقيب قد جاوز حدوده وضيق الخناق علي حرية النقد وحرية النشر به؟ إنني سأدلي بكثير من المسائل التي يهتم بها البرلمان والرأي العام في الوقت الحاضر ومنع الرقيب نشرها. ولو أن حضرة الزميل المحترم الأستاذ «عباس الجمل» كان يعارض في الأمثلة التي كان يضربها حضرة زميلي الأستاذ «محمود بسيوني بك»، إلا أني سأقدم المزيد منها وسأتكلم في المسائل الحيوية جدا التي منع الرقيب نشرها مادام رفعة رئيس الوزراء يطلب ذلك، وقبل أن أذكر شيئا من هذا اسمحوا لي بأن أتابع كلامي السابق فأقول إن مأمورية الصحفي قد أصبحت في منتهي الصعوبة، ذلك لأنه بعد أن يجهد ذهنه في تحرير مقال يستغرق منه وقتا طويلا وهو يعتقد أن ليس فيه ما يوجب منع نشره، يأتي الرقيب ويحذفه بحكم الظروف الحاضرة، وهكذا يتكرر المنع والحذف والشطب ويترتب علي ذلك أنه إذا أراد أن يكتب مقالا فإنه يظل مدة طويلة يفكر في أي الموضوعات يكتب، حتي إذا استقر رأيه علي الكتابة في موضوع معين ظل يحاسب نفسه عند كتابة كل كلمة وكل سطر من مقالته حتي لا يمنع الرقيب نشرها، وبذلك تصبح مهمة الصحفي شاقة جدا، فالكاتب مثلا يحرر مقاله بعد التعب المضني وليس فيه ما يمس الأمور العسكرية أو يتعرض لأخبارها أو إفشاء سر من أسرارها ولكن بالرغم من ذلك يصادره الرقيب ويمنع نشره.. فهذه حالة لا يصح السكوت عليها لأنها تشل الصحافة فتصبح وليس لها كيان. (تخلي عن الرياسة حضرة صاحب العزة «محمد محمود خليل بك» رئيس المجلس وتولاها حضرة الشيخ المحترم سليمان السيد سليمان باشا وكيل المجلس). هذا فضلا عن الأضرار التي تلحق المشتغلين بها لأن الجمهور سينصرف عن قراءتها لعدم توفر المواد التي يهمه الإطلاع عليها، أكثر من هذا فإن الصحافة تعاني الأمرين من جراء غلاء الورق والمواد الأخري الأولية، وأظن أن بعض حضرات الزملاء، وهم من الصحفيين الممتازين، يوافقونني علي ذلك. وإني اتساءل: هل الغرض من هذا التضييق هو القضاء علي الصحافة حتي تزول من الوجود؟ هذه هي الحالة السيئة، يا حضرات الشيوخ المحترمين، التي تعانيها الصحافة الآن وقد شرحتها لحضراتكم. وهنا اتساءل أيضا: ما الغرض من الرقابة ؟ أعتقد أن الغرض منها هو حماية القوات العسكرية واستمد هذا الاعتقاد من السبب الذي من أجله أعلنت الأحكام العرفية ومن تصريحات رفعة رئيس مجلس الوزراء. فرفعة رئيس مجلس الوزراء لا يمكن أن يقر أن ما منع الرقيب نشره كان لضرورة عسكرية، لقد أصبحت الرقابة عاملا يستخدم الآن في سبيل تأييد الوزارة الحاضرة، أصبحت الرقابة، يا حضرات الشيوخ المحترمين، سببا من الأسباب التي تعتمد عليها الوزارة الحاضرة للبقاء في الحكم، وهذا أمر لا يصح بحال من الأحوال، وإنه ليحضرني في هذا المقام عبارة للمسيو «ليون بلوم» (1) قالها في البرلمان الفرنسي منتقدا أعمال الرقابة « يا حضرات النواب المحترمين: إننا هنا نمس أمرًا له أهمية كبري إنني أعتقد بأنني أعبر عن رأي المجلس بأسره دون تمييز بين احزابه المختلفة إذا ما قلت وأكدت بأن الرقابة لا يمكن ولا يجوز أن تكون إلا عاملا من عوامل الدفاع الوطني». ياحضرات الشيوخ المحترمين: من غير المحتمل إطلاقا أن يسمح المجلس بأن تكون الرقابة وسيلة من وسائل تأييد الوزارة الحاضرة نبئوني، ياحضرات الشيوخ المحترمين، كيف لا تكون الرقابة وسيلة من وسائل تأييد الوزارة الحاضرة إذا ما أرادت الصحافة أن تكتب عن مشروع كهربة خزان أسوان (2) وقد تكون متجهة إلي غير اتجاه الحكومة في هذا المشروع فيجيء الرقيب ويشطب هذا المقال؟ انتقد الكاتب هذا المشروع معتقدا أن الوقت الحاضر قد لا يكون مناسبا وأن التكاليف زادت والاحتياطي قل. وأنا شخصيا وإن كنت انتمي للحزب الذي تنتمي إليه هذه الصحيفة، لا أقر هذا الرأي بل كنت دائما أصرح بأن تأخير هذا المشروع يكلف البلاد خسائر فادحة، وأن من الواجب التعجيل فيه. فهل إذا أشار الكاتب - كما قلت لحضراتكم- بأن الوقت الحاضر غير مناسب لتنفيذ هذا المشروع يمنع الرقيب نشر هذا الرأي، ألا يجوز أن يكون محقا في رأيه؟ وهلا يجوز أن ترد عليه صحيفة أخري وتظهر له وجه الخطأ في رأيه فيقتنع به؟ مثل آخر: هو موضوع «البنك المركزي» (3) وأرجو من حضرات زملائي المحترمين أن يتسع صدرهم لسماع هذه الأمثلة لأن رفعة رئيس مجلس الوزراء طلب مني أن أذكر مسائل معينة، فإجابة لطلبه أذكر لحضراتكم هذه الأمثلة: مشروع البنك المركزي كان محل بحث ودعاية من سنة، وكان أخيرا موضع مناقشة في مجلس النواب، فإذا ما جاءت صحيفة وقالت إنه لا محل الآن لتحويل البنك الأهلي إلي بنك مركزي لأن امتياز البنك الأهلي سينتهي بعد ثماني سنوات، وإنه لا محل لمنح منشأة أجنبية حق امتياز إصدار «البنكنوت» في حين أنه كان في إيران بنك أجنبي له حق امتياز إصدار الورق النقدي فانتزعت منه الحكومة هذا الامتياز. إذا كتب هذا فيلم يمنعه الرقيب؟ اللهم إلا إذا كان مد امتياز البنك الأهلي يجب أن يكون بإرادة الحكومة، فكل صوت يرتفع لمعارضة المشروع يجب أن يصادر من الآن. حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا ( رئيس مجلس الوزراء): لم يكن حضرة الشيخ المحترم موفقا في اختيار هذين الموضوعين لأنهما من الموضوعات التي كانت محل عناية الحكومات السابقة، وليست الحكومة الحاضرة هي التي ابتكرتهما، ومع ذلك فالرأي فيهما متروك للبرلمان. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: كيف يقول رفعة رئيس مجلس الوزراء أنني لم أكن موفقا في اختيار هذين الموضوعين؟ لقد أخذت الحكومة الحاضرة مشروع البنك المركزي عن الحكومة السابقة، فأصبح مشروعها. فإذا جاءت صحيفة وانتقدته ومنع الرقيب نشر هذا النقد، فماذا أفهم من ذلك؟ أفهم أن الحكومة لا تريد أن يوجه أي نقد لهذا المشروع. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ لويس اخنوخ فانوس: ما فهمته من تصريح الحكومة أنها لا تتمسك بهذا المشروع. حضرة المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: من قال هذا؟ حضرة الشيخ المحترم الأستاذ لويس اخنوخ فانوس: هذا ما فهمته من أقوال رفعة رئيس مجلس الوزراء الآن. حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا (رئيس الحكومة): ما أريد أن أقوله لحضراتكم هو أن موضوع البنك المركزي معروض علي البرلمان وهو من سياسة الحكومة السابقة، كما أن مشروع توليد الكهرباء من خزان أسوان من سياسة الحكومات السابقة، والحكومة الحاضرة تؤيدهما، فإذا كان الرقيب قد أخطأ في منع نشر نقد موجه إلي هذين المشروعين فهذا النقد ليس موجها لسياسة هذه الحكومة. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: إذن أفهم أن رفعة رئيس مجلس الوزراء يشاطرنا الرأي في أن الرقيب أخطأ في حذف النقد الموجه إلي المشروعين اللذين ذكرتهما لحضراتكم، وأزيد عليه أن الرقيب قد حذف مقالات أخري لا تقل أهمية عما تقدم. مثل آخر: جري بين مندوب جريدة «الوفد المصري» وبين صاحب العزة «يوسف نحاس بك» حديث عن أسعار القطن، وأرادت الجريدة أن تنشره تحت عنوان «حول سوق القطن وأسعاره، حديث لصاحب العزة يوسف نحاس بك».. أتعرفون حضراتكم ماذا فعل الرقيب في هذا العنوان؟ جاء الرقيب وقال: اشطب كلمة «حول».. (ضحك).. كذلك قال الرقيب: احذف كلمة «حديث» واكتب بدلا منها «تصريح».. (ضحك).. أرأيتم حضراتكم أسخف من هذا؟ موضوع الحديث، يا حضرات الشيوخ المحترمين ليس فيه شيء فانظروا حضراتكم ما منع الرقيب نشره من هذا الحديث: «وفي هذا الوقت نفسه كثرت الشائعات بأن الحكومة واللجنة البرلمانية مهتمتان بمسألة الجيزة (4) وأنهما تدرسان التدخل في سوق البضاعة الحاضرة لرفع الضغط، وفي كل يوم ينشر في الصحف أن اللجنة اجتمعت وأنها توالي أبحاثها.. فاعتمادا علي هذه الأخبار تورط فريق من الزرّاع في نقل قطنه من مارس إلي مايو متحملا 15 قرشا في كل قنطار بين ريبورت وسمسرة، والفريق الآخر متردد لا يدري ماذا يفعل.. «ولم يبق من الوقت للنقل أو القطع إلا ثلاثة أيام، وإني لمشفق الآن علي الحالة التي وصلت إليها السوق بسبب أن المعلومات الحقيقية منحصرة في أشخاص معدودين هم أعضاء اللجنة البرلمانية وذووهم وأما الجمهور بأسره فيجهلها كل الجهل». كذلك شطب في نهاية الحديث العبارة الآتية: «وإذا كانت الحكومة قد اعتزمت منذ الآن عدم تعضيد السوق إلي أزيد من الحدود، وأن تتركها لعواملها الطبيعية» .. «وفي رأيي أن هذه الصراحة أفيد للجميع، وأن حالة التردد والإبهام المجتمعين الآن علي السوق مجلبة لخسائر جسيمة للزرّاع أولا ولمن تحدثهم أنفسهم بالتورط في أعمال المضاربة اعتمادا علي تدخل الحكومة». ( تولي الرياسة حضرة صاحب العزة الأستاذ محمد محمود خليل بك رئيس المجلس). لماذا يقوم الرقيب بشطب هذه العبارات؟ صاحب الحديث يري أن شائعة تدخل الحكومة في سوق القطن تؤدي إلي ارتفاع الأسعار، وهو يطلب من الحكومة أن تعجل بالبت في هذا الموضوع وينتقد تريثها فيه خوفا من المضاربات، فهل يصح أن يمنع مثل هذا الرأي؟ لا أفهم كيف تمتد يد الرقيب إلي مثل هذه المسائل الاقتصادية البحتة، وأين فيها ما تقتضيها الضرورات العسكرية؟ مثال آخر.. حضرة الشيخ المحترم عبدالسلام عبدالغفار بك: كفي. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: لا، أرجو أن يتسع صدر حضرة الشيخ المحترم لسماع كلمتي لأن رفعة رئيس مجلس الوزراء يطلب أمثلة معينة.. لهذا أقول إن هناك مقالات أخري شطبها الرقيب، منها: مقال بعنوان «علام العجلة! في مشروع البنك المركزي؟!» وآخر بعنوان «مليون جنيه لإصلاح الأراضي البور» لا أدري لماذا يمنع الرقيب نشر هذا المقال؟ إرضاء لمعالي وزير الأشغال؟ أم لغيره؟ يتلخص المقال في أن أطيان مديرية المنوفية في حاجة إلي مصارف. الرئيس (محمد محمود خليل بك): وكذلك أطيان مديرية القليوبية. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: أظن أن هذا المقال يرضي عنه حضرة الشيخ المحترم عبدالسلام عبدالغفار بك (5). حضرة الشيخ المحترم عبدالسلام عبدالغفار بك: أكثر من هذا.. (ضحك). حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: كذلك فإن مثل هذا المقال يسر سعادة رئيس المجلس (محمد محمود خليل بك) لأنه، حفظه الله، ممن لهم شفالك واسعة في مديرية القليوبية، ويسر أيضا حضرة زميلنا الدكتور «زكي ميخائيل بشارة» وهو من أعضاء مديرية قنا لأنه تناول بالتفصيل مشروع تقوية قناطر إسنا، ذلك المشروع الذي قامت حوله ضجة في العام الماضي، ووعدنا معالي «محمود غالب باشا» (6) بتنفيذه، ولكنه لم ينفذ للآن، وسأثير ذلك عند الكلام في مشروع الميزانية. حضرة صاحب المعالي محمود غالب باشا (وزير المواصلات): هذا من اختصاص معالي وزير الأشغال. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: فكاتب هذا المقال ينتقد حصر الجهود في إصلاح الأراضي البور، وهناك آراء كثيرة منها توزيع أطيان مصلحة الأملاك، فهل يصح أن يحذف هذا المقال؟ لماذا؟ أنا لا يمكنني أن أقبل علي نفسي وعلي حكومتي إساغة هذا الحذف إلا أن يكون الرقيب الذي حذف ذلك جاهلا لأقصي حدود الجهالة. حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا (رئيس مجلس الوزراء): ونحن معك في هذا الرأي إذ ليس ذلك من سياسة الحكومة ( ضحك وتصفيق). حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: مقال آخر تحت عنوان «اعتمادات الطرق اقتصاد أسوأ من الإسراف» يقول الكاتب لهذا المقال إن الطرق قسمان: عسكرية وغير عسكرية، ويقول: «إن الطرق تعمل بسمك بسيط في حين أن أرض مصر رخوة ولا تحجب تحتها طبقة صخرية تساعدها علي المقاومة، ولذلك يصيبها التلف بسرعة ويجب أن يزاد السمك» هذا المقال أيضا يشطبه الرقيب! مقال آخر عنوانه «الصحة البدنية والصحة السياسية». حضرة الشيخ المحترم الأستاذ لويس اخنوخ فانوس: يجوز أن يكون في هذا المقال تعريض. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: حتي لو كان فيه تعريض، فيلمَ لا تترك الحكومة الصحافة تفرِّج عن نفسها قليلا ولو بطريقة منحرفة؟ مقال آخر بعنوان «مشروع توليد الكهرباء وإنشاء
صناعة الحديد». كذلك الرقيب لم يسمح بنشره. كذلك حذف الرقيب نشر خبر هو أن الدكتور طه حسين بك اقترح علي وزارة المعارف (7) أن التعيين في وظائف تدريس اللغة العربية يكون بمسابقة بين خريجي الأزهر وبين خريجي كلية الآداب. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ لويس اخنوخ فانوس: هل هذا الخبر صحيح؟ حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: ليكن صحيحا أو غير صحيح، فما الذي فيه يمس الضرورات العسكرية؟ حضرة الشيخ المحترم الأستاذ لويس اخنوخ فانوس: قد يسبب نشر هذا الخبر إيجاد قلاقل في الأزهر. الرئيس (محمد محمود خليل بك): أرجو عدم المقاطعة. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: مقال آخر بعنوان «سلطة الحكومة وحق تأليف النقابات».. مشروع نقابات العمال كان معروضا علي مجلس النواب وفي إحدي مواده نص يخول وزير الداخلية حق إنشاء النقابات أو منعها، وأذكر أن حضرة النائب المحترم الأستاذ «عبدالحميد عبدالحق» (8) تناول بالنقد الشديد هذه المادة، فلما عرض المقال علي الرقيب واستشهد كاتبه بما أدلي به حضرة الأستاذ «عبدالحميد عبدالحق» بشأنه، حذف الرقيب ما قاله الأستاذ في هذا الموضوع، ولكن مما يدعو إلي السخرية والضحك أن الرقيب نفسه سمح بنشر مضبطة الجلسة التي تشمل العبارة التي حذفها من المقال..(9) ماذا أقول في هؤلاء الأشخاص الذين وكل إليهم أمر الرقابة؟.. أنا لا أريد أن أصفهم بصفة أو أنعتهم بنعت، وإنما أعرض علي حضراتكم أعمالهم ولكم أن تحكموا عليهم بما شئتم. مقال آخر بعنوان: الحكم العرفي في مصر وأثره في دوائر السياسة والاجتماع» وهذا المقال هو عبارة عن رد لما كتبه الكاتب المعروف الأستاذ «عباس المصفي» وهو من أبرز الكتاب في جريدة «الأهرام» يمتدح ما أنتجته الأحكام العرفية من تحسين لغة الصحافة وتنقيتها من العبارات غير المألوفة، فحذف الرقيب من هذا المقال ما لاحظته في المجلس من عدم السماح بنشر نص الاستجواب في الصحف، كذلك الحال بالنسبة للمقالات التي أريد نشرها تعليقا علي رحلة رفعة رئيس مجلس الوزراء إلي السودان (10). لقد سمعتم حضراتكم بيان رفعة رئيس مجلس الوزراء عن هذه الرحلة وقابلتموه في عدة مواضع بالتصفيق ورفعته يعتبر تلك الرحلة من الأعمال التي تقضي الوطنية بالقيام بها.. وطبيعي أن يتناول الكتاب هذه الرحلة بالتعليق، وليس مفروضا في تعليقهم أن يرضوا أن يغضبوا أحدا، بل يكتبوا بما يعتقدونه، حقا في المصلحة العامة، ولقد طلبت هذه الصحف بيانا عن الرحلة أكثر من مرة فلم تفز به، فلما أدلي رفعة رئيس مجلس الوزراء ببيانه أرادوا التعليق عليه ولكن الرقيب منع نشره، فهل هذا يتفق مع حرية الرأي؟ غدا (11) يقوم رئيس مجلس الوزراء برحلة إلي الصحراء الشرقية وإلي بعض المديريات، (12) فهل يصح أن يحجر علي الصحافة أن تنشر شيئا عن هذه الرحلة؟ إني أعتقد أن رفعة رئيس مجلس الوزراء وزملاءه الوزراء يربكون بأنفسهم أن يدافع عنهم بهذه الوسيلة. وفي الإحالة علي المعاش نشرت جريدة «المقطم» مذكرة لوزارة المعارف تقدمت بها لمجلس الوزراء طالبة فيها إحالة عشرة من المدرسين إلي المعاش .. وقد أحيلوا فعلا بسبب كبر سنهم أو عدم صلاحهم للعمل. فجاءت جريدة «الوفد المصري» وعلقت علي هذا الخبر منتقدة - باسم أحد المدرسين- هذه الإحالة وقالت في انتقادها إن وزارة العدل لما أرادت إحالة بعض القضاة إلي المعاش اتفقت معهم مبدئيا علي تحسين معاشهم، وقالت إن مدرسين زاولوا زمنا طويلا مهنة التدريس لا يعقل أن يكونوا ضعافا في التدريس. فجاء الرقيب وحذف المقالة من جريدة «الوفد المصري» وحذف المذكرة التي سبق أن نشرت في جريدة «المقطم» هذا مثل أذكره لحضراتكم. ومن الأمثلة المضحكة أن جريدة «الوفد المصري» أرادت نشر الخبر الآتي: سقوط طائرة مصرية في أسوان كانت تحمل بريداً للسودان، وقد نجا والحمدلله قائدها الطيار «محمد أبو رابيه أفندي». «وهذه الطائرة هي من أهم الطائرات المصرية وتقدر تكاليفها بعشرة آلاف جنيه» فحذف الرقيب هذا الخبر. حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا ( رئيس مجلس الوزراء): أظن أن حضرة الشيخ المحترم يتفق معي علي وجوب حذف هذا الخبر لأنه غير صحيح (13). حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: لا، أنا لا أتفق مع رفعة رئيس مجلس الوزراء في هذا. حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا ( رئيس مجلس الوزراء): إذا كان الصحفي في هذا الخبر متعمدا الكذب ، فهو خائن لواجبه، والواجب عدم نشر الخبر وإذا كان حضرة الشيخ المحترم يقرأ علينا ما يجري في البلاد الديمقراطية فليسمح لي بأن أذكر أن الرقابة في انجلترا اختيارية أي أنها غير إلزامية، فهم في رقابتهم هناك يكتفون بأن يقولوا:يحسن ألا ينشر هذا الخبر، ونحن نريد في مصر أن نرفع شأن الصحافة عندنا إلي هذا المستوي والخبر الذي منع نشره غير صحيح، ومع ذلك فهذه الطائرة من الطائرات الحربية، فما كان يجوز الاختلاق عليها. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: أنا من الذين ينكرون علي الصحفيين نشر أخبار كاذبة، لكن منع نشر هذه الأخبار لا يكون علي يد الرقيب، لا أقر أن يحذف الرقيب ما يريد حذفه، ولو كان كاذبا لأننا إذا أجزنا له هذا المبدأ فإن يده تمتد إلي كثير من الأخبار بالحذف بحجة أنها غير صحيحة، وبهذا يمتنع علي الصحفيين نشر أخبار كثيرة ولو كانت صحيحة. حضرة الشيخ المحترم عبدالسلام عبدالغفار بك: تكون هناك رقابة أخري. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: لا يجوز أن يكون من اختصاص الرقيب حذف الأخبار بحجة أنها غير صحيحة، فإننا نعلم أن كثيرا من الأخبار الصحيحة تقع في البلاد، وتنشرها الجرائد، ولكن الحكومات في عهود مختلفة تصدر بلاغات رسمية بتكذيب هذه الأخبار، وهي في الواقع صحيحة.. فلذلك أعارض - من حيث المبدأ- رأي رفعة رئيس مجلس الوزراء لأننا إذا أخذنا به تكون حرية الصحافة مهددة دائما. إني أبتعد في الأمثلة التي أذكرها عن المسائل التي لا توافق مزاج البعض فإنها كثيرة جدا، وإنما أذكر أمثلة سائرة. فمثلا كتب الكاتب مقالا عن إيرادات الجمارك وأثرها في ميزانية الدولة، فقال إن إيراداتها في شهر سبتمبر سنة 1939 أصابها العجز بنسبة 25%، وفي أكتوبر من السنة نفسها، مقارنا بأكتوبر من السنة السابقة، بلغ عجزها خمسين في المائة، وقال إننا لم نطلع علي إحصاء شهر نوفمبر ولكنها لا تقل عما ذكرنا من العجز. وبناء علي هذه الإحصاءات ذكر الكاتب أن الدخل من الواردات سينقص تبعا لنقص ورودها. ومضي متسائلا راعت وزارة المالية هذه الناحية الخطيرة عند وضع مشروع الميزانية للسنة القادمة؟ وحسبت لذلك حسابات نفقتها التي تستند فيها إلي اعتمادات الميزانية الحالية؟ إلي آخر ما ذكر الكاتب.. فما عيب هذا الخبر حتي لا ينشر؟ حضرة الشيخ الأستاذ لويس أخنوخ فانوس: الأولي أن يعرض مقدما علي اللجنة المالية. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: لا ياسيدي، فمن حق الجمهور أن يطلع علي الحالة تماما، كما نطلع نحن عليها. وهناك مثل آخر، مقالة بعنوان «هتلر» قال وفيها «فقد رأينا كيف فعل في بلاده وأعمل الطغيان في وطنه، ورام الرفعة علي مذلة الشعب، وحاول بالضغط والقسر والإرهاب أن يكبت كل معارضة تنهض في وجهه، وقلب الأوضاع المقررة في الحياة العامة، فلم تعد الأمة هي التي توحي إليه برغبتها، وتكل إليه مشيئتها.. إلي آخر ما قال» فهذا المقال شطب، ولماذا شطب؟ إن في هذا الحذف معني غير حسن، ولو كنت في مقام رفعة رئيس مجلس الوزراء لما أجزت هذا الحذف ولا استأت منه. حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا (رئيس مجلس الوزراء): لم أسمع بهذا إلا الآن، وكل ما ذكر من الأمثلة إنما سمعته هنا. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: إن الرقيب تصور أن الكاتب يريد من مقاله تصوير رفعة رئيس مجلس الوزراء في صورة دكتاتور، فحداه هذا إلي حذف المقال. حضرة الشيخ المحترم وهيب دوس بك: أي أن الكاتب يريد هذا من باب التورية. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: نعم إن الرقيب توهم أن الكاتب يريد تصوير رفعة رئيس مجلس الوزراء بهتلر. حضرة الشيخ المحترم عبدالسلام عبدالغفار بك: وكيف يكون دكتاتورا، ونحن هنا جالسون نناقش ونحاسب؟ حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: وهناك مثل آخر، مقال عنوانه «الحرية في معترك الحرب الحاضرة»، قال الكاتب فيه «ولن ترضي أمة ذات كرامة ولا شعب عرف معني الحرية، خطة الخسف والعيش في حمأة الذل والرق والامتهان، إن الأمم لا تفرط في حريتها لأن الحرية هي جوهر الحياة ... إلي آخر ما قال»، فهذا الكلام شطب، فلماذا يشطب؟ هل قال أحد إن الحرية شيء معيب حتي يشطب القول فيها؟ أم أن القائمين في الحكم يخشون تسرب كلمة الحرية في البلاد؟ إن هذا التصرف يدل علي مبلغ ما نزل إليه الرقباء، وإذا كان رفعة رئيس مجلس الوزراء يقول إنه لم يسمع بهذه الأمثلة التي ذكرتها من قبل فأنا أصدقه، ولكن لا يكفينا ما قال.. لا، ياسيدي، لا يكفينا القول هنا إن رفعتكم لم تعرفوا شيئا عن هذا التصرف، لا يكفينا هذا مع مصادرة الكتاب في كتاباتهم وترك عمال الرقابة يمتهنون الحرية كما امتهنوها، لا نقبل أن يصادر الكتاب في أبحاثهم الاقتصادية المهمة، سواء أثيرت في المجلسين أو خارجهما، لا يكفي أن يقول رفعة رئيس مجلس الوزراء إن مشاغله كثيرة، ولا تسمح له بأن يتتبع كل شيء يجري، كما قال ذلك في مجلس النواب وكرره.. لا يكفي لمصلحة البلاد أن يقال هذا القول، ويترك عمال الرقابة يعيثون في الكتابة هذا العيث. حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا (رئيس مجلس الوزراء): إذن نجعل هيئة استئنافية في الرقابة. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: هل يقال هذا تهكما؟ حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا (رئيس مجلس الوزراء): إني أقول هذا جادا. حضرة الشيخ المحترم يوسف أحمد الجندي: وهناك مثل آخر. مقال عنوانه «السياسة الجديدة» فكلمة الجديدة شطبها الرقيب. لقد ذكرنا في استجوابنا أننا سنناقش في ثلاث مسائل ننتقدها، والمسئول أمامنا بالطبع الحكومة لا الرقابة. فقلنا: منعت الرقابة منعا يكاد يكون شاملا كل نقد لأعمال الوزارة، سواء أكان متعلقا بالمسائل السياسية والدستورية، أم بالمسائل الاقتصادية، وفي الأمثلة التي ذكرتها ما يحقق كل ما قلناه، وأن قولنا لم يكن جزافا.. لقد ذكرنا أمثلة عن نقابات العمال، والبنك المركزي، وكهربة خزان أسوان، والطرق- فكل هذه الأمثلة تؤيد أن قولنا لم يكن جزافا.. الأمر الثاني: أن الرقابة منعت نشر الآيات القرآنية، وقد تكلم عن ذلك بإسهاب زميلي الأستاذ «بسيوني بك». والأمر الثالث: أنه لا توجد عدالة في المعاملة، ولا مساواة في الظلم.. ومن الغريب أن رءوس هذه المسائل التي ذكرناها لم يكن الأمر فيها قاصراً علي بلادنا، بل كانت محل نقد في فرنسا، فاستجواب «المسيو ليون» بلوم تعرض لها، وذكر أن الحكومة لا تساوي في الظلم. ولا أختص بالذكر جريدة «روزاليوسف» التي رسمت رفعة «النحاس باشا» تحت عنوان «الرئيس الجليل في الأقصر أمام طريق الكباش في معبدالكرنك». حضرة الشيخ المحترم وهيب دوس بك: لقد سبق أن صودر لها عدد كامل. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: رسمت «النحاس باشا» و«مكرم باشا» أمام مظاهرة من الكباش وهما يخاطبانها ويعجبان بمظاهرتها لهما (14). حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا ( رئيس مجلس الوزراء): هل يريد حضرة الشيخ المحترم منع نشر هذا؟ حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: الذي أطلبه هو المساواة حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا (رئيس مجلس الوزراء): أنا موافق علي المساواة ومنع الجميع. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: وهناك مسألة أخري تخص جريدة «الدستور» (15) وهي مسألة خطيرة، وتهم يصفه خاصة معالي «مصطفي الشوربجي بك». فقد نشرت جريدة «الدستور» مقالا تحت عنوان «نجوي، كل البلاد إلا الإسكندرية». ينتقد فيه كاتبه تنقل «النحاس باشا» وسفره إلي البلاد إلا الإسكندرية ، وأنه قد سافر إلي الأقصر، شبين الكوم، أسوان - ما عدا الإسكندرية، كل البلاد إلا الإسكندرية - إذا كان هناك واجب للرقابة، فهي أن تمنع أن يقال «كل البلاد إلا الإسكندرية- في الصيف جائز». يقول كاتب المقال «أليس في الصيف تبدأ الإجازات، ويجيء موسم الحمامات ، وتعطل
المحاكم والنيابات، ومن شهر إلي شهر، ومن سنة إلي سنة عسي الفرج يجيء، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.. « أمان وتعللات ، ومني واحتجاجات، ولكن الساعة آتية لا ريب فيها والقضاء نافذ لا شك في ذلك ولا ريب، ولن يجدي الإرجاء أو التأجيل ، وستنفد الحجج والمعاذير، والوقوع في البلاء شر من الانتظار فأقدم أيها «الزعيم المختار» .. فهل نشر هذا يجوز؟ هل يجوز للحكومة أن تسمح لرقيبها بأن ينشر لكاتب، معتديا ذلك الاعتداء الصارخ علي حرمة القضاء بهذه الصورة المفزعة ويجيز نشر هذا المقال، ولا يجاز نشر المقالات التي تتحدث عن كهربة خزان أسوان والبنك المركزي وغيرهما؟ (16) ومن هو «خلدون» الذي نشر المقال؟ هو رئيس تحرير جريدة «الدستور» (17) ويجيز الرقيب له نشر كلامه مرحبا. ولدي أمثلة عدة عن مقالات نشرت في جريدة «الدستور» و«روزاليوسف» - وهما من الصحف المؤيدة للحكومة- ولا أريد أن أطيل عليكم بذكرها، ولكن الذي استخلصه من هذا أن الرقابة تحس في عملها أنها أداة من أدوات الحزبية، وأنه مطلوب منها أن تؤيد حزبا علي حزب، وأقول إنها لا تريد أن تؤيد حكومة فقط، بل تريد أن تعين حزبا علي حزب، ولذلك أجازت نشر هذه الكتابة المهينة لحرمة القضاء، وأول من يتأذي بهذا القول هم القضاة، فما كان يصح أن ينشر هذا المقال ويتضح من ذلك أن الأمر في الرقابة فوضي، ولا أدل علي هذه الفوضي من اعتراف رفعة رئيس مجلس الوزراء. حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا (رئيس مجلس الوزراء): لا. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: لقد ذكرت أمثلة عدة علي أن الرقابة تجاوزت الحدود اللائقة، ولم يجد رفعة رئيس مجلس الوزراء سبيلا إلي رد اعتراضاتنا إلا أن يقول بأنه لم يعرف هذا إلا الآن وفي الجلسة هنا، ووافقني علي أن تصرف الرقيب في كثير من المسائل كان تصرفا معيبا، فما الذي أفهمه من هذا ؟ أفهم أن الرقابة فوضي لأن رئيس مجلس الوزراء ينقد الرقابة في كثير من الأمثلة، بل أقول في معظم الأمثلة يشاركني الرأي فيها، صراحة أو ضمنا، وفي الرقابة تعدت حدودها. فهل يصح ، ياحضرات الشيوخ المحترمين، أنكم تقبلون أن تستمر الرقابة فوضي بحالها التي هي عليها؟ بل أقول أكثر من هذا: هل تقبل الحكومة، لمصلحتها ولمصلحة البلاد، ولمصلحة الصحافة، ولكل المصالح أن تستمر هذه الحال قائمة بدون ضابط؟ إننا لم نتقدم بهذا الاستجواب رغبة في نقد أعمال الوزارة فقط، نعم تقدمنا به لنقد أعمال الوزارة ، ولكن ابتداء تقدمنا به لتحقيق مصلحة عامة قبل كل شيء، لقد خوطبنا في أن مثل هذه المسائل يمكن الاتفاق علي تلافيها، ولكن أجبنا بأن مصلحة الوزارة ، ومصلحة كل سلطة، تكون بطرح عيوب الرقابة أمام الرأي العام، حتي يعرف كيف تصرفت الرقابة هذه التصرفات المعيبة وأنها سارت في أعمالها سيرا معوجا للنهاية. حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا (رئيس مجلس الوزراء): إذا قلت أني لم أعرف بهذا إلا الآن ، فإني أقصد أن أحدا لم يشك لي، وأعمال الحكومة لا يمكن أن يقوم بها كلها رئيس الحكومة بنفسه. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي : وإذا لم نشك، فهل يجوز أن نترك الحال هكذا؟ لما قرأت الاستجواب الذي أثير في مجلس النواب الفرنسي، المشابه لاستجوابنا، وجدت أن مناقشته اختتمت باقتراحات: منها الاقتراح الذي تقدم به «المسيو ليون بلوم» وهو «أن المجلس يقرر أنه لا يسمح بأن الرقابة تفرض قيودا علي حرية الفكر والمناقشة إلا في حدود الضرورات التي يقتضيها الدفاع الوطني، وهو من جهة أخري مقتنع كل الاقتناع بأن من حق البلاد أن تقف علي الحقيقة في جميع المسائل، وهو يعتمد علي الحكومة في أن تدير الرقابة في حدود هذه القواعد بدون أدني تحيز، وبدون اهتمام لأن تجعل المسائل الداخلية هي المرشد لها في هذه الإدارة». هذا اقتراح «المسيو ليون بلوم»، وهناك اقتراح آخر تقدم به «المسيو لويس ماران». حضرة صاحب المقام علي ماهر باشا (رئيس مجلس الوزراء): وهل قبلت هذه الاقتراحات؟ حضرة الشيخ المحترم الأستاذ يوسف أحمد الجندي: هذا هو اقتراح المسيو «لويس ماران» وكان وزيرا :« إن المجلس يدعو الحكومة إلي أن تعين وتحدد بسرعة، في قرار عام طبقا لما بدا من رغبات المجلس، سلطات واختصاصات الرقابة، وأن يوضع موظفو الرقابة تحت سلطة حكومية خاصة تكون بعيدة عن رياسة مجلس الوزراء». وهذا الاقتراح نحن في أشد الحاجة إليه، كما أن الحكومة في أشد الحاجة إليه أيضا، فقد ظهر من أقوال رفعة رئيس مجلس الوزراء في مجلس النواب أثناء الدور غير العادي بأن هناك تصرفات يقوم بها الرقباء اتضح منها أنهم تعدوا الحدود اللائقة، وفيها كثير من السخافات .. من أجل هذا يجب أن تعين وتحدد سلطة الرقيب تعيينا واضحا حتي لا يتعدي صغار الموظفين المكلفين بالرقابة هذه الحدود.. وإني أسأل: كيف يساغ لموظف يتقاضي نحو خمسة عشر جنيها أن يحذف من المقالات ما يريد أن يحذف بدون أن يرجع إلي لائحة أمامه، وبدون أن يرجع إلي رئيس مسئول؟ لأن معني ما هو جار الآن أن حرية الصحافة تبقي تحت رحمة خمسة أو ستة موظفين مرتب أكبرهم لايتجاوز خمسة وعشرين جنيها - وهذا غير مستساغ. لذلك بعد أن شرحنا لكم العيوب التي ارتكبها الرقباء، وبعد تسليم الحكومة بصحة كثير مما قلنا، لابد أن يوضع للأمر علاج، وأن تعبروا عن رغبتكم في حماية حرية الصحافة والنقد، وألا يستمر هذا العبث طويلا إلي ما شاء الله ( تصفيق من اليسار).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.