ننشر أسعار الذهب في مستهل تعاملات الثلاثاء 4 يونيو 2024    بشرى سارة.. انخفاض أسعار الدواجن اليوم في الأسواق    واشنطن تطلب دعم مجلس الأمن لمقترح بايدن حول وقف إطلاق النار في غزة    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2024، "مبروك" طلاب مطروح.. الخطوات    أول مرة منذ 6 فبراير، انخفاض سعر خام برنت لأقل من 78 دولارًا للبرميل    انتشال جثامين 3 شهداء عقب قصف إسرائيلي لمنزل في حي الدرج شرق غزة    عمرو أديب: إمام عاشور هو اللي كسر أحمد فتوح.. أنا مش هسكت    ملف يلا كورة.. مشروع القرن ينتظر الأهلي.. استدعاء عمر كمال.. وإصابة فتوح    سيف جعفر يتحدث عن سرقة العقود من الزمالك.. ماذا قال؟    الدماطي: الأهلي أول نادي أرسل الدعم لأهلنا في فلسطين.. وتعاقدات الرعاية من قبل أحداث غزة    تراجع مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    طقس اليوم.. شديد الحرارة نهارا مائل للحرارة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    اليوم، بدء قبول اعتذارات المعلمين المشاركين في امتحانات الثانوية العامة 2024    كريم محمود عبد العزيز يحيي ذكرى ميلاد والده: "في الجنة ونعيمها يا أعظم أب"    عمرو عرفة يروج لفيلم أهل الكهف    6 شروط لأداء الحج ومعنى الاستطاعة.. أحكام مهمة يوضحها علي جمعة    متى ينتهي وقت ذبح الأضحية؟.. الأزهر للفتوى يوضح    زوجى ماله حرام وعاوزة اطلق.. ورد صادم من أمين الفتوى    مصرع وإصابة 21 شخصا في المغرب تناولوا مادة كحولية    طبيبة تحذر الحجاج من المشروبات الغازية على عرفات: تزيد العطش    "في حد باع أرقامنا".. عمرو أديب معلقاً على رسائل شراء العقارات عبر الهاتف    طاعات على المسلم فعلها تعادل ثواب الحج والعمرة يومياً.. تعرف عليها    إيران: تسجيل 80 مرشحا لخوض الانتخابات الرئاسية    عمرو أديب يكشف مفاجأة بشأن زيادة مدة انقطاع الكهرباء    واشنطن تفرض عقوبات جديدة على صناعة الطائرات المسيرة بإيران    أمير هشام: جنش يرغب في العودة للزمالك والأبيض لا يفكر في الأمر    نفاذ تذاكر مباراة مصر وبوركينا فاسو    مقتل صاحب كشك على يد عامل بسبب خلافات مالية    حاكم كورسك: إسقاط 20 طائرة مسيرة أوكرانية خلال يوم    4 يوليو المقبل.. تامر عاشور يحيي حفلا غنائيُا في الإسكندرية    انطلاق تدريبات جوية لقوات الناتو فوق شمال ألمانيا    وفاة 11 شخصا جراء تسرب للغاز في منجم بمقاطعة بلوشستان الباكستانية    عبد الحفيظ: مرحلة مدير الكرة انتهت بالنسبة لي.. وبيبو يسير بشكل جيد مع الأهلي    مصطفى بكري: الرئيس حدد مواصفات الحكومة الجديدة بالتفصيل    نقابة الصحفيين تكرم الزميل محمد كمال لحصوله على درجة الدكتوراه| فيديو    مجهولون يطلقون النار على المارة وإصابة مواطن في الأقصر    رفضت ترجعله.. تفاصيل التحقيق في إضرام نجار النيران بجسده بالبنزين في كرداسة    سيد عبد الحفيظ يعتذر من خالد الغندور لهذا السبب    مجدى البدوي يشكر حكومة مدبولي: «قامت بواجبها الوطني»    وكيل مديرية الصحة بالقليوبية يترأس اجتماع رؤساء أقسام الرعايات المركزة    بمرتبات مجزية.. توفير 211 فرصة عمل بالقطاع الخاص بالقليوبية    مصطفى بسيط ينتهي من تصوير فيلم "عصابة الماكس"    «كلمة السر للمرحلة القادمة رضا المواطن».. لميس الحديدي عن استقالة الحكومة    اليوم 240 .. آخر احصاءات الإبادة الجماعية في غزة: استشهاد 15438 طفلا و17000 يتيم    وصلة ضحك بين تامر أمين وكريم حسن شحاتة على حلاقة محمد صلاح.. ما القصة؟ (فيديو)    مصرع شاب في حادث مروري بالوادي الجديد    هل الطواف بالأدوار العليا للحرم أقل ثواباً من صحن المطاف؟.. الأزهر للفتوى يوضح    عدلي القيعي يرد على تصريحات شيكابالا: قالي أنا عايز اجي الأهلي    النائب العام يلتقي وفدًا من هيئة الادعاء بسلطنة عمان الشقيقة    "الشراكات فى المنظمات غير الحكومية".. جلسة نقاشية ضمن فعاليات مؤتمر جامعة عين شمس    صحة الفيوم تنظم تدريبا لتنمية مهارات العاملين بوحدات النفايات الخطرة    متربى على الغالى.. شاهد رقص الحصان "بطل" على أنغام المزمار البلدي بقنا (فيديو)    حضور جماهيري ضخم في فيلم " وش في وش" بمهرجان جمعية الفيلم    أكرم القصاص: حكومة مدبولي تحملت مرحلة صعبة منها الإصلاح الاقتصادي    غدًا.. جلسة استئناف محامى قاتل نيرة أشرف أمام حنايات طنطا    بمشاركة 500 قيادة تنفيذية لكبريات المؤسسات.. انطلاق قمة "مصر للأفضل" بحضور وزيري المالية والتضامن الاجتماعي ورئيس المتحدة للخدمات الإعلامية    النائب العام يلتقي وفدًا رفيع المستوى من أعضاء هيئة الادعاء بسلطنة عمان الشقيقة    تقديم الخدمة الطبية ل 652 مواطنا خلال قوافل جامعة قناة السويس بقرية "جلبانة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنذار بريطاني شديد اللهجة لزعيم الأمة مصطفي النحاس
نشر في القاهرة يوم 04 - 10 - 2011

إنذار بريطاني شديد اللهجة لزعيم الأمة مصطفي النحاس:عليك أن تحول دون صدور القانون الذي يبيح المظاهرات خلال 72 ساعة.. وإلا.. أثارت المادة السادسة من القانون الخاصة بتعريف كل من الاجتماعات العامة والاجتماعات الانتخابية، مناقشة مهمة لحساسية الأمر بالنسبة للنواب.. وكان نصها الأصلي يجري علي النحو التالي: «مادة 6» يعتبر من الاجتماعات العامة فيما يتعلق بتطبيق القانون كل اجتماع في مكان أو محل عام أو خاص يدخله أو يستطيع دخوله أشخاص ليس بيدهم دعوة شخصية فردية. ويعتبر من الاجتماعات الانتخابية فيما يتعلق بتنفيذ هذا القانون كل اجتماع يكون الغرض منه اختيار مرشح أو مرشحين للوظائف الانتخابية العامة أو سماع أقوالهم، وذلك في الفترة الواقعة بين تاريخ دعوة الناخبين واليوم المحدد للانتخاب». ولأهمية المناقشة التي جرت حول هذه المادة ننشر نص ما ورد بشأنها في مضبطة الجلسة.. وقد جري علي النحو التالي: محمد يوسف بك: أرجو أن تحذف من الفقرة الأولي من المادة السادسة عبارة «أو يستطيع دخوله» لأنه مع وجود هذه العبارة يستطيع من يريد المعاكسة اعتبار المكان عاما. فمثلا يمكن لرجال البوليس أن يقولوا إنهم وجدوا بمحل الاجتماع أشخاصا ليست بأيديهم تذاكر شخصية، أو أن يقولوا إن بمكان الاجتماع فتحة أو مدخلا يمكن الدخول منه بدون تذاكر، لذلك اقترح أن تحذف هذه العبارة، كما اقترح أن تضاف فقرة جديدة بعد الفقرة الأولي ونصها: «ويستثني من هذه الأماكن الأندية والمنازل والمكاتب». أي أنني أريد أن استثني هذه الأماكن التي تعتبرها الفقرة الأولي من الأماكن العامة، لأننا إذا تركنا المادة علي أصلها مع وجود لفظ «خاص» فكأننا أجزنا للبوليس أن تكون له سيطرة علي النوادي والمنازل والمكاتب الخاصة، وهذا مالا نقبله. الرئيس (مصطفي النحاس باشا): ألا تري أنك إذا حذفت عبارة «أو يستطيع دخوله» وصلت إلي غرضك بغير احتياج إلي إضافة الجملة التي تقترح إضافتها؟ محمد يوسف بك: افرضوا أن شخصا اجتمع في منزله وآخرون يتكلمون في أمور الانتخابات، فهل يسوغ لرجال البوليس أن يعتبروا الاجتماع عاما؟ الرئيس (مصطفي النحاس باشا): سبق أن أجاب حضرة المقرر بأن الزيارات والمقابلات والاستقبالات تخرج من حكم القانون. محمد يوسف بك: إذا سمعتم من حضرة المقرر أو من الحكومة أن الحالة التي أشرت إليها لا ينطبق عليها حكم هذه المادة فإنني أوافق علي عدم ضرورة إضافة النص الذي اقترحت إضافته. المقرر (أحمد رمزي بك): ليس كل مكان خاص يعتبر الاجتماع فيه خاصا، ولا كل مكان عام يعتبر الاجتماع فيه عاما، إذ العبرة بصفة الاجتماع لا بالمكان كما ورد في التقرير، وإلا استطاع كل شخص أن يجعل منزله مجتمعا عاما، وبذلك يتفادي نصوص القانون، فمثلا إذا اجتمع أشخاص بتياترو الكورسال بتذاكر خاصة فإن الاجتماع يعتبر خاصا، وإذا حصل اجتماع في منزل وسمح بالدخول فيه لكل شخص بغير تذاكر اعتبر الاجتماع عاما وإن كان المكان خاصا. محمد يوسف بك: إذا اجتمع أشخاص في منزل وتكلموا في أمور الانتخابات ولم تكن بأيديهم تذاكر دعوة.. فهل ينطبق القانون علي هذا الاجتماع؟ المقرر (أحمد رمزي بك): توضيح الواضحات من المشكلات. الرئيس (مصطفي النحاس باشا): ظاهر من العبارة التي وردت في المذكرة ونصها: «وبديهي أن بعض الاجتماعات كاجتمعات الأفراح والمآتم والجنازات والاحتفالات الدينية والزيارات والمقابلات والاستقبالات في أي مكان، ليست باجتماعات عامة» إنها كافية للرد علي حضرة العضو المحترم. محمد يوسف بك: إذا قررت اللجنة أن الزيارات الانتخابية ينطبق عليها هذا التفسير فإنني أكتفي بذلك. المقرر أحمد رمزي بك: لا يعتبر اجتماعا انتخابيا إلا الاجتماع المنظم الذي يدعي إليه بتذاكر ويخطر به رجال الإدارة. محمد يوسف بك: إذا كان حضرة المقرر لا يجيب عن سؤالي صراحة فإنني أتمسك بوجوب إضافة العبارة التي اقترحت إضافتها. المقرر(أحمد رمزي بك): إن مثل هذه الزيارات تعتبر اجتماعا خاصا فلا ينطبق عليها القانون، فلقد ذكرنا في المذكرة التفسيرية عبارة «إن الاجتماعات الخاصة مباحة.. سواء أكان الباعث علي الاجتماع سياسيا أم انتخابيا أم دينيا». يوسف أحمد الجندي أفندي: إن تفسير حضرة المقرر لا يتفق مع القانون، لأني إذا أردت عقد اجتماع خاص للترشيح فإني أدعو في الواقع بعض الأنصار والأصدقاء وأهالي الجهة وعددا قليلا من الزعماء دون أن أرسل لهم دعوة كتابية، فبقاء المادة علي حالها يجعل للبوليس الحق في الاعتراض علي هذا الاجتماع، ولا يمكن في هذه الحالة القول بأن القصد من هذه الدعوة زيارة لأن الغرض من الزيارة الاستفسار عن الصحة، لا التحدث في مسائل الترشيحات والانتخابات، وهذا ما وقع فعلا في الانتخابات الأولي، ولعل معالي وزير الأوقاف يذكر تدخل البوليس وطلبه فض اجتماع كنا قد عقدناه في منزلي في زفتي ارتكانا علي أنه لم يكن بيدنا ترخيص، وقد كان من الصعب جدا محاولة إفهام رجال البوليس أن الاجتماع خاص. لهذا يجب أن يكون النص صريحا لا يحتمل لبسا أو تأويلا، ولا يكون ذلك إلا بحذف عبارة «أو خاص» لأن الاجتماع الخاص الذي يعقد في منزل أو مكتب أو عيادة لا يمكن أن يخشي منه علي الأمن العام، وإنما الاجتماعات العامة هي التي قد يخشي منها علي الأمن العام. المقرر (أحمد رمزي بك): لا يمكن للجنة أن توافق علي هذا الرأي إن المادة منقولة عن القانون الفرنسي (مقاطعة) يجب أن يكون بيد كل داخل إلي الاجتماع - لا للزيارة - تذكرة، هذا قصد اللجنة ولا أستطيع مخالفته وإن أردتم تغيير المادة فالرأي للمجلس. إبراهيم الهلباوي بك: استنارت اللجنة في بحثها بالتشريع المعمول به في فرنسا وانجلترا، وأرادت أن تطبقه في مصر، ولكنها نسيت أن الحالة تختلف بين مصر والبلاد الأجنبية تبعا للتقاليد المرعية والعادات المتبعة، العادة في بلاد الغرب تقضي بإقفال أبواب المنازل ولا تبيح لأحد الدخول إلا بعد الاستئذان. أما في مصر فالزيارة مباحة يحضرها كل من أراد بلا استئذان لهذا فإن في ترك المادة علي حالها شيئا من الخطر لأنها تعطي لرجال البوليس حق دخول المنازل في غير الأحوال التي ينص عليها القانون العام، وليس العهد ببعيد حتي ننسي المحاضر التي حررها البوليس ضد بعض حضرات النواب أيام الانتخابات بسبب عقدهم اجتماعات في منازل خصوصية، لهذا أري وجوب استثناء للمنازل الخاصة من حكم المادة السادسة. عبدالخالق عطية أفندي: لي سؤال إلي سعادة وكيل وزارة الداخلية: إذا فرضنا ان اجتمع عدد من الفلاحين في «دوار» أحدهم بحكم العادة وزاد عددهم علي 60 أو 100، فهل تعتبر وزارة الداخلية اجتماعهم هذا اجتماعا عاما يجيز للبوليس حق التدخل فيه؟ وكيل وزارة الداخلية (علي جمال الدين باشا): إننا نعتبر اجتماعا كهذا خاصا لا عاما، ولا يجوز للبوليس حق الدخول في محل الاجتماع. إبراهيم الهلباوي بك: إذن ينص علي ذلك في صلب مشروع القانون. المقرر (أحمد رمزي) بك: هل توافقنا الحكومة علي حذف عبارة «أو خاص»؟ وكيل وزارة الداخلية (علي جمال الدين باشا): لا مانع من حذف هذه العبارة. الرئيس (مصطفي النحاس باشا): إذن يصبح نص الفقرة الأولي من المادة السادسة كما يأتي: «يعتبر من الاجتماعات العامة فيما يتعلق بتطبيق القانون كل اجتماع في مكان أو محل عام يدخله أو يستطيع دخوله اشخاص ليس بيدهم دعوة شخصية فردية». محمد يوسف بك: طلبت أيضا ولا أزال أطلب حذف عبارة «أو يستطيع دخوله» لأنها عبارة عامة تعطي لمن كان سيئ النية من رجال البوليس بعض العذر في دخول محل الاجتماع. جعفر فخري بك: أؤيد حضرة «محمد يوسف بك» فيما طلبه وأري أن تستبدل بالعبارة المذكورة عبارة «مفتوح لدخول الأشخاص» أي يدخلونه فعلا. الدكتور محجوب ثابت بك: أنضم إلي رأي حضرة «محمد يوسف بك» إن المسألة التي أثارها حضرة الزميل «حسن نافع أفندي» تعيد إلي الذاكرة ما كان يأتيه رجال البوليس من دخول المنازل الخاصة - الأمر الذي لا يليق بالعصر الحاضر. الرئيس (مصطفي النحاس باشا): لقد انتهينا من هذه المسألة ووافقت الحكومة علي حذف عبارة «خاص». محمد يوسف بك: جاء في الفقرة الثانية ما يأتي «ويعتبر من الاجتماعات الانتخابية فيما يتعلق بتنفيذ هذا القانون، كل اجتماع يكون الغرض منه اختيار مرشح أو مرشحين للوظائف الانتخابية العامة، أو سماع أقوالهم». إن عبارة «أو سماع أقوالهم» كانت موجودة في القانون القديم، وكانت سببا في مضايقة كثيرين من المرشحين لأنها أعطت الحكومة في سنة 1925 أو 1926 الحق في منع الخطباء المنتصرين للمرشحين من الخطابة، وقد وقع لي فعلا شيء من هذا القبيل، إذ أنزلني حضرة حكمدار البوليس من محل الخطابة ارتكانا علي أن النص القديم لم يكن يجيز إلا سماع أقوال المرشحين دون المؤيدين أو المنتصرين لهم، مع أن الذي نعرفه أن لكل مرشح انصارا ومؤيدين، وهؤلاء إذا خطبوا فلا يتعرضون لذكر مناقبهم الشخصية وإنما يبينون للناخبين فضائل المرشح ومناقبه والمبادئ التي يعتنقها. لهذا اقترح أن تضاف عبارة «وأقوال أنصارهم» بعد عبارة «أو سماع أقوالهم». الدكتور أحمد ماهر: أري بدلا من أن تضاف عبارة «وأقوال أنصارهم»- التي يري حضرة النائب المحترم «محمد يوسف بك» إضافتها بعد جملة «أو سماع أقوالهم» -إضافة عبارة «وأقوال غيرهم» إذ يصح في بعض الأحيان أن يدعو المرشح خصمه إلي الاجتماع يتبادلان فيه المناقشة ويبدي كل منهما رأيه أمام الناخبين. فالنص الذي اقترحه أعم لأنه يشمل الأنصار وغيرهم. يوسف أحمد الجندي أفندي: أؤيد حضرة الدكتور «أحمد ماهر» في اقتراحه، لأنه لا يصح قصر الاجتماع علي سماع أقوال الأنصار وأضيف إلي ذلك أنني اقترح حذف العبارة الآتية من نهاية الفقرة الثانية وهي: «وذلك في الفترة الواقعة بين تاريخ دعوة الناخبين واليوم المحدد للانتخاب» لأن في جعل حرية الاجتماعات الانتخابية قاصرة علي المدة الواقعة بين تاريخ دعوة الناخبين واليوم المحدد للانتخاب تقييدا لا محل له.. إن الماضي وتجاريبه علمنا أن الحركة الانتخابية تبدأ فعلا قبل تاريخ دعوة الناخبين، فلماذا تمنع المرشح من أن يدعو لنفسه قبل هذا التاريخ؟ أحمد زكي الشيشيني أفندي: إنني مع موافقتي لما أبداه حضرات الزملاء، اقترح حذف عبارة «أو سماع أقوالهم» وإضافة عبارة «أو تأييد» بعد جملة «كل اجتماع يكون الغرض منه اختيارا». الدكتور أحمد ماهر: أريد أن أفسر غرضي مما ذكرته لأن بعض الزملاء لم يفهموه علي ما يظهر، إن الأصل في الاجتماعات الانتخابية أن تكون خاصة بتأييد مرشح معين، وهذه الاجتماعات تدير حركتها اللجنة التي أشار إليها القانون، فهي التي تعطي الإذن بالكلام للأشخاص المعينين، ولكن قد يحصل في بعض الأحوال أن تعقد اجتماعات تجري فيها مناظرة بين المتنافسين يحكم فيها الناخبون، فيؤيد كل شخص وجهة نظره كما يؤيده في ذلك أنصاره، وذلك يكون مرتبا ومنظما قبل ميعاد الاجتماع فلا اضطراب ولا إخلال بالنظام، وأظن أن مثل هذا قد حصل في دمنهور بين حضرتي «أحمد حافظ عوض بك» و«محمد بلبع بك». الرئيس (مصطفي النحاس باشا): إن ما رآه حضرة الأستاذ «أحمد زكي الشيشيني» يؤدي المعني الذي يريده حضرة العضو المحترم لأن التأييد يشمل المناقشة بين المتنافسين وأنصارهم. المقرر (أحمد رمزي بك): أوافق علي ما رآه الأستاذ «أحمد زكي الشيشيني». الدكتور أحمد ماهر: إذا فهمنا العبارة علي الوجه الذي ذكره سعادة الرئيس فإني أوافق علي هذا التعديل. محمد عبداللطيف سعودي أفندي: أنني متمسك برأي حضرة الأستاذ «محمد يوسف بك» فيما يتعلق بالنص علي الأنصار. الرئيس (مصطفي النحاس باشا): أظن أن كلمة التأييد فيها الكفاية. محمد عبداللطيف سعودي أفندي: هو كذلك وأني أرد علي حضرة الأستاذ «يوسف أحمد الجندي» فيما يراه من حذف العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة، لأن الدعوة الانتخابية قد تحيط بها ظروف استثنائية تضطرب فيها الأفكار، فيجب عدم التوسع فيها وإلغاء العبارة المقترح حذفها من أخر المادة السادسة. المقرر (أحمد رمزي بك): لدي تفسير آخر للعبارة الأخيرة من المادة وهي التي يري حضرة الأستاذ «يوسف أحمد الجندي» حذفها. إن الاجتماعات الانتخابية هي وحدها التي يتناولها القيد الذي يريد الأستاذ حذفه، ولكن ليس هناك ما يمنع من أن تعقد اجتماعات انتخابية علي الوجه الذي تحصل به الاجتماعات العامة، وكل ما هنالك أن الداعي
للاجتماع لا يتمتع في هذه الحالة بالامتيازات المعطاة للاجتماعات الانتخابية. وفي نهاية المناقشة طرحت اقتراحات التعديل، فوافق المجلس علي تغيير عبارة «أو سماع أقوالهم» في الفقرة الثانية من المادة إلي «أو تأييد ترشيحهم» ليستقر نص المادة عند: « مادة 6 يعتبر من الاجتماعات العامة فيما يتعلق بتطبيق القانون، كل اجتماع في مكان أو محل عام يدخله أو يستطيع دخوله أشخاص ليس بيدهم دعوة شخصية فردية». «ويعتبر من الاجتماعات الانتخابية فيما يتعلق بتنفيذ هذا القانون، كل اجتماع يكون الغرض منه اختيار مرشح أو مرشحين للوظائف الانتخابية العامة أو تأييد ترشيحهم، وذلك في الفترة الواقعة بين تاريخ دعوة الناخبين واليوم المحدد للانتخاب». وتوقفت مناقشات المجلس أمام المادة السابعة من القانون، التي اقترح المقرر «أحمد رمزي بك» أن يجري نصها علي النحو التالي: «مادة 7 تسري أحكام المادة (1) والفقرة الأولي من المادة (2) والمادة (3) علي المظاهرات التي تقام أو تسير في الطرق أو الميادين العامة ويكون الغرض منها سياسيا. و«للبوليس أن يفرق المظاهرات السياسية التي حصل الإخطار عنها في حالة الإخلال بالأمن العام، وله أيضا الحق في تفريق المظاهرات السياسية التي تسير في الطريق العام، بغير إخطار بعد أن يأمر المتظاهرين بالتفرق». وتساءل النائب «علي نجيب» عن سبب استخدام عبارة «الإخلال بالأمن العام» بدلا من عبارة «اضطراب شديد التي كانت واردة في النص الأصلي للمادة، قائلا: إن ذلك نفهم منه أن الإخلال بالأمن العام هو تعطيل حركة المرور مثلا. وفي رده علي هذا التساؤل قال مقرر اللجنة «أحمد رمزي بك»: لا تحتاج المظاهرات لترخيص بل يكفي إخطار عنها، والمادة العاشرة من مشروع القانون قبل تعديله تنص علي أنه:«لا يترتب علي أي نص من نصوص هذا القانون تقييد ما للبوليس من الحق في تفريق كل احتشاد أو تجمهر من شأنه أن يجعل الأمن العام في خطر، أو تقييد حقه في تأمين حرية المرور في الطرق والميادين العامة» فلما عرض هذا النص علي مجلس الشيوخ ألغي هذه المادة علي أن يثبت في المحضر «أن هذا الإلغاء سببه أن هذا الحق طبيعي للبوليس طبقا للقانون العام، فإثباته في القانون تحصيل حاصل» هذا ما قاله مجلس الشيوخ متأثرا بالطبع بحب المحافظة علي الأمن العام، وعبارة «كل احتشاد أو تجمهر» يفهم منها بالبداهة كل احتشاد أو تجمهر في غير حالة المظاهرات التي قد وضعنا لها أحكاما محددة في المادة السابقة، وهي كفيلة بتحديد سلطة البوليس في فض المظاهرات. راجعوا حضراتكم الصفحة الثالثة من تقرير اللجنة تجدوا ما نصه :«وتعترف هذه اللجنة، كما اعترف مجلس الشيوخ، بما للبوليس من الحق في منع كل تجمع في الطريق مخل بالأمن العام أو مقيد لحرية المرور، كما تعترف بما له من الحق في اتخاذ التدابير لمنع ارتكاب أية جريمة مع المحافظة علي حرية الاجتماع»، فعبارة «كل تجمع في الطريق مخل بالأمن العام» كان الغرض منها التجمهر في حد ذاته، أما إذا كانت المظاهرات سائرة في طريقها فلا يسري عليها إلا النص الوارد في المادة السابعة كما تلوته علي حضراتكم. وأعلنت الحكومة موافقتها علي تفسير المقرر للمادة، ووافق مجلس النواب، علي النص كما هو، وكذلك وافق علي نصوص المواد 8و9و10و11و12 من دون مناقشة.. وجرت نصوصها كالتالي: «المادة 8: الاجتماعات العامة أو المظاهرات التي تقام أو تسير بغير إخطار عنها يعاقب الداعون إليها والمنظمون لها، وكذلك أعضاء لجان الاجتماعات بالحبس مدة لا تزيد علي أسبوع، وبغرامة لاتتجاوز المائة قرش أو بإحدي هاتين العقوبتين. «ويعاقب بالعقوبات المذكورة في الفقرة السابقة، كل شخص يشترك، رغم تحذير البوليس في اجتماع أو مظاهرة لم يخطر عنها أن يعصي الأمر الصادر إلي المجتمعين بالتفرق». «أما المخالفات الأخري لهذا القانون فيعاقب عليها بغرامة لا تتجاوز مائة قرش، ولا يحول تطبيق أحكام الفقرات الثلاث من هذه المادة دون توقيع عقاب أشد عن الأعمال ذاتها مما يكون منصوصا عليه في قانون العقوبات». «مادة 9: يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد علي شهر أو بالغرامة من مائتي قرش إلي ثلاثة آلاف قرش» أولا: كل موظف منع أو فض اجتماعا خاصا أو عاما أو شرع في ذلك في غير الحالتين المبينتين في المادة (5) اعتمادا علي سلطة وظيفته. ثانيا: كل شخص منع أو فرق بالقوة أو التهديد اجتماعا خاصا أو عاما أو شرع في ذلك، وكل موظف ارتكب عملا من هذه الأعمال في غير الحالتين المبينتين في المادة (5). وكل هذا بدون الإخلال بالعقاب علي ما يرتكب من الجرائم الأخري. «مادة 10: لوزير الداخلية أن يصدر بقرار منه الأحكام التي يقتضيها تنفيذ هذا القانون». « مادة 11: يلغي كل نص مخالف لنصوص هذا القانون. «مادة 12: علي وزيري الداخلية والحقانية تنفيذ هذا القانون، كل منهما فيما يخصه ، ويجري العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. نأمر بأن يبصم هذا القانون بخاتم الدولة وأن ينشر في الجريدة الرسمية وينفذ كقانون من قوانين الدولة. وبمناداة الأسماء وافق مجلس النواب في جلسة 3 يناير 1928 علي مشروع قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات بأغلبية 154 صوتا ضد صوت واحد. وأحيل مشروع القانون، إلي مجلس الشيوخ الذي نظره ووافق عليه، وأحاله إلي مجلس الوزراء، ليصدق عليه، ثم يتخذ اجراءات تصديق الملك عليه، لولا أن تنبه أحد أعضاء مجلس الشيوخ - في بداية مارس 1928- إلي أن النص الذي أرسله مجلس النواب، إلي مجلس الشيوخ قد سقطت منه فقرة سهوا، كان قد اقترحها أحد النواب، ووافق المجلس علي إضافتها، فاستعاد مجلس الشيوخ القانون من رياسة مجلس الوزراء، للموافقة علي الفقرة الناقصة، في الوقت الذي كان القانون قد أصبح موضوع أزمة عنيفة بين مصر وبريطانيا. ولم تكن المناقشة التي تدور تحت قبة البرلمان، حول تعديل «قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات في الطرق العامة»، بعيدة عن أعين دار المندوب السامي، إذ كانت تعتبر إزالة القيود عن حرية الاجتماع والتظاهر تهديدا لحياة وممتلكات الأجانب، التي احتفظت بريطانيا لنفسها - بمقتضي تصريح 28 فبراير 1922، بالحق المطلق في حمايتها، وخروجا عن التعهد الذي قطعته وزارة «سعد زغلول» علي نفسها في أعقاب اغتيال السردار، بأن «تمنع كل مظاهرة شعبية، يكون من شأنها الإخلال بالنظام العام» وأن «ترجع عند الحاجة إلي البرلمان للحصول علي سلطة أوسع مما لديها الآن». ولذلك أسرع المندوب السامي البريطاني «اللورد لويد» قبل يومين من بدء مناقشة مجلس النواب لمشروع القانون، إلي تنبيه «مصطفي النحاس» -باعتباره رئيس مجلس النواب وزعيم الأغلبية البرلمانية - إلي «استياء حكومته» من مضي البرلمان في مناقشة المشروع .. لكنهم امسكوا عن توجيه النظر إليه في انتظار انتهاء المفاوضات التي كانت تجري - منذ صيف عام 1927 - بين رئيس الوزراء «عبدالخالق ثروت» ووزير الخارجية البريطاني «أوستن تشمبرلن». ولم يكن قد مر علي إحالة مشروع قانون الاجتماعات إلي مجلس الشيوخ لكي يناقشه، سوي فترة قصيرة عندما اشتبكت خيوطه، بخيوط مشروع المعاهدة التي انتهت إليها مفاوضات «ثروت/ تشمبرلن»، فقد الح الطرف البريطاني علي «ثروت» في 6 فبراير 1928 بضرورة عرض مشروع المعاهدة علي مجلس الوزراء المصري مع الاستمرار في المفاوضة حول المسائل المعلقة، وأنهي رسالته بعبارة لافتة للنظر، يقول فيها «إذا رفضت الحكومة المصرية الآن هذه التسوية، اضطرت حكومة صاحب الجلالة البريطانية أن تتشدد وتدقق فيما احتفظت به في تصريح فبراير 1922». وما كاد «مصطفي النحاس» يطلع علي نصوص المعاهدة حتي رفضها لأنها «لا تتفق في أساسها ولا في نصوصها مع استقلال البلاد وسياستها». وجاء الرد البريطاني سريعا، علي لسان «اللورد لويد» المندوب السامي البريطاني الذي قال للنحاس في لقاء بينهما جري في 22 فبراير 1928 وبعد حوار طويل حول مبررات اعتراضه علي المعاهدة: إنكم بهذا الرفض تقودون البلاد إلي أمر خطير فإن الحكومة البريطانية التي تساهلت إلي الآن في مشروعات بعض القوانين المصرية ستتشدد فيها بعد ذلك. وما كاد مجلس الوزراء يتخذ قرارا برفض مشروع المعاهدة، في 4 مارس 1920 حتي أرسل «اللورد لويد» مذكرة إلي رئيس الوزراء «عبدالخالق ثروت باشا» تعبر عما سماه «قلق الحكومة البريطانية من بعض الأعمال التشريعية التي أقرها البرلمان، والتي إذا عمل بها اضعفت اضعافا جديا من سلطة الهيئات الإدارية المسئولة عن حفظ الأمن وحماية الأشخاص والأموال». وأضافت المذكرة أن الحكومة البريطانية «أمسكت عن إبداء أي ملاحظة طالما كان لا يزال هناك أمل لعقد محالفة بين البلدين تحدد مسئوليات وحقوق كل منهما، ويمكن في ظلها الاطمئنان إلي أن الحكومة المصرية سوف تتجنب كل تشريع يحول بين الإدارة المصرية والقيام بنجاح بالمسئوليات الكبيرة التي يستلزمها النظام الذي توجبه المحالفة ». أما وقد فشلت المحادثات فإن الحكومة البريطانية - كما أضافت المذكرة تقول «ليس في وسعها أن تسمح بأن تتعرض مسئولياتها الناشئة عن تصريح 28 فبراير للخطر، سواء بتشريع شبيه بذلك الذي اشرنا إليه، أو بأي تصرف إداري، وتحتفظ لنفسها بالحق في اتخاذ أي اجراء تري في نظرها أن الحالة تقتضيه». ولأن المذكرة وصلت في اليوم الذي قدم فيه «ثروت» استقالته فقد وقع عبء الرد عليها علي عاتق «مصطفي النحاس باشا»- رئيس «حزب الوفد»- الذي كلفه الملك بتشكيل الوزارة، في 17 مارس 1928، أي بعد حوالي أسبوعين من استقالة وزارة «ثروت». وبني «مصطفي النحاس» رده - الذي أرسله إلي المندوب السامي البريطاني في 30 مارس 1928- علي أن المذكرة تعتبر «تدخلا سياسيا في سلطة الحكومة المصرية» وأنها «تهيئ السبيل لتدخل مستمر في إدارة شئون البلاد الداخلية، مما يشل سلطة البرلمان في التشريع وفي الرقابة علي أعمال الإدارة، ويجعل مهمة الحكم مستحيلة علي أية حكومة جديرة بهذا الاسم». وأكد الرد أن الحكومة المصرية «كانت ولا تزال تحرص علي أمن وراحة وحماية مصالح الأجانب في مصر الذين يتمتعون فيها بمعاملة حسنة لا تقل بوجه من الوجوه بما يلقونه في أي بلد آخر» وانتهي بالقول بأن «الحكومة المصرية لا تستطيع أن تقبل تدخلا لو أنها سلمت بمبدئه، لأسلمت ذاتها وانكرت وجودها كحكومة دولة مستقلة ذات سيادة». وعاد المندوب السامي البريطاني ليرد - في 4 إبريل 1928- علي المذكرة المصرية بمذكرة تلفت نظر الحكومة المصرية، إلي أن الإطار الذي يحكم علاقات البلدين، هو تصريح 28 فبراير 1922، الذي قيد استقلال مصر بأربعة تحفظات هي سلامة المواصلات الامبراطورية في مصر، والدفاع عنها ضد كل اعتداء خارجي أو تدخل بالذات أو بالواسطة وحماية المصالح الأجنبية والأقليات وأخيرا السودان، باعتبارها من المسائل التي تحتفظ لبريطانيا لنفسها بالسلطة المطلقة بشأنها وللحكومة المصرية أن تستعمل سلطتها المستقلة علي شرط أن يكون ذلك علي وجه مرض للحكومة البريطانية. وتجددت الأزمة في 29 إبريل 1928، عندما أرسل المندوب السامي البريطاني إنذارا صريحا إلي الحكومة المصرية، اعترض فيه علي ماسماه «رغبة الحكومة المصرية، رغبة متزايدة في المضي في تشريع يؤثر في الأمن العام، ويدخل في نطاق التحفظات التي شملت تصريح 28 فبراير 1922» وخرج من التلميح إلي التصريح فطالب باسم حكومة بلاده «باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع مشروع القانون المنظم للاجتماعات العامة والمظاهرات من أن يصبح قانونا»، وأضاف «وأني مكلَّف بأن أطلب من دولتكم اعطائي تأكيدا كتابيا قاطعا بأنه لن يستمر في نظر المشروع المذكور فإذا لم يصلني هذا التأكيد قبل الساعة السابعة من مساء يوم الأربعاء 2 مايو 1928، فإن حكومة حضرة صاحب الجلالة البريطانية تعد نفسها حرة في أن تقوم بأي عمل تري أن الحالة تستدعيه. وفي ردها علي الإنذار الذي سلم إلي دار المندوب السامي البريطاني قبل انتهاء المهلة المحددة بساعات أكدت الحكومة المصرية «أنه لا يسعها أمام واجبها في صيانة حقوق البلاد أن تسلم بما تضمنه الإنذار البريطاني الأخير من حق بريطانيا في التدخل في التشريع المصري ارتكانا علي تصريح 28 فبراير 1922 الذي صدر من جانب واحد ولا يلزم بطبيعته الطرف الآخر ولا يقيده». وكشف «مصطفي النحاس» في رده علي الإنذار وقائع الجهد الذي بذله لإقناع المندوب السامي البريطاني بحسن نوايا حكومته،
فيما يتعلق بمشروع قانون الاجتماعات والمظاهرات، وأن المشروع بما تضمنه من نصوص وما اقترن به من تصريحات الحكومة بالبرلمان، ومناقشات المجلسين المثبتة في مضابط جلساتهما، لا يعرض أمن الأجانب للخطر، بل يرمي إلي تنظيم الحريات الدستورية مع صيانة الأمن العام صيانة تامة مؤكدا أنه صرح مرارا بأنه «إذا دل العمل علي نقص في القانون بعد إصداره، فالحكومة علي أتم استعداد لاقتراح تعديله بما يتفق ومقتضيات النظام العام، وفضلا عن ذلك، «فليس في مقدور أية حكومة دستورية أن تعبث بالمبدأ الدستوري القاضي بفصل السلطات فتسحب مشروع قانون الاجتماعات والمظاهرات بعد أن وافق عليه المجلسان والحكومة معهما، فلم يبق منه أمام مجلس الشيوخ إلا فقرة تتعلق بالشكل سقطت عرضا». وعاد «النحاس» في ختام رده علي الإنذار، إلي التأكيد بأن حكومته «لا تستطيع أن تسلم به فتعبث بحق مصر الأزلي عبثا خطيرا» لكنها - مع ذلك - «مدفوعة برغبتها الصادقة في التفاهم» قد طلبت بالأمس - في حدود حقها الدستوري - إلي مجلس الشيوخ أن يؤجل المناقشة في مشروع قانون «الاجتماعات العامة والمظاهرات في الطرق العمومية إلي دور الانعقاد القادم، وقد وافقها المجلس علي ذلك» وكان هذا هو المخرج الذي وصفه «النحاس» بعد ذلك بأنه «الحل الموفق السعيد» وهو تعبير استخدمه خصومه السياسيون للتنديد به فيما تلا ذلك من أزمان وما حدث، هو أن دور الانعقاد القادم، لمجلس الشيوخ لم ينعقد فبعد أسابيع من ذلك، تفكك الائتلاف الحكومي الذي كان يجمع بين «الوفد والأحرار الدستوريين» واستقال وزراء الأحرار من الحكومة واحد بعد الآخر، وكان أحد أسباب ذلك، أن وكيل «حزب الأحرار» محمد محمود باشا كان من رأيه أن رئيس الوزراء «مصطفي النحاس» والأغلبية البرلمانية التي تنتمي لحزب الوفد، قد اشتطت حين قررت مناقشة قانون الاجتماعات العامة، خاصة أن «النحاس» - كما يقول «د. محمد حسين هيكل» في مذكراته كان قد تلقي أكثر من إشارة من دار المندوب السامي البريطاني، عن طريق المستر «كين بويد»- مدير الإدارة الأجنبية بوزارة الداخلية المصرية.. وهي إدارة كانت قد أنشئت بعد تصريح 28 فبراير 1922 تحقيقا للتحفظ الخاص بحماية الأجانب- بأن وجهة النظر البريطانية تذهب إلي ضرورة إبقاء قانون الاجتماعات والمظاهرات كما هو، أو يعدل بطريقة تكفل حماية الأجانب، ولكن «النحاس» أصر علي أن يتمسك بحق مصر الدستوري في إصدار ما تريد من تشريعات في حدود سيادتها المطلقة، بينما كان من رأي «محمد محمود» - كما يضيف «د. هيكل» أن علي الحكومة ألاّ تعرض البلاد لأزمة بسبب هذا الموضوع، وما دام «سعد باشا» قد آثر حين رئاسته مجلس النواب، إبقاء القانون معروضا علي مجلس الشيوخ لا ينظره ولا يحركه، فلتصنع وزارة «النحاس» ما صنعه «سعد» ولتترك القانون حيث هو.. وبذلك تتفادي الأزمة «د. محمد حسين هيكل/ مذكرات في السياسة المصرية/ ج 1 / ص 286- 288/ مكتبة النهضة المصرية/ القاهرة 1951». وبسبب هذا الخلاف وأسباب أخري، أقيلت وزارة «النحاس» في 27 يونية 1928- أي بعد ستة أسابيع من توجيه الإنذار البريطاني لها - وتشكلت وزارة «محمد محمود» الذي كان أول عمل لها أن استصدرت في 29 يونية 1928 مرسوماً بتأجيل اجتماع البرلمان لمدة شهر، وقبل انتهائه كانت قد استصدرت مرسوما آخر، بتعطيل الحياة النيابية لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ومع أن الحياة النيابية، عادت بعد حوالي عام، ثم ألغي الدستور بعد عودتها بشهور، فقد ظل مشروع تعديل قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات في الطرق العمومية، معروضا من ذلك التاريخ علي مجلس الشيوخ.. ولم يفكر أحد في تحريكه وظل النص الأصلي الذي صدر في ظل حكومة «يحيي إبراهيم» قبل نفاذ الدستور، قائما كما هو، ومع أن أوضاع السياسة المصرية، قد شهدت تغيرات جذرية، بل وقامت ثورة 23 يوليو، وألغت دستور 1923، إلاّ أن قانون الاجتماعات، لا يزال علي الصورة التي صدر بها، ويحتفظ بكل النصوص التي تعطي هيمنة شاملة للشرطة علي ممارسة حق التظاهر، بعد أن اكتشف الجميع، أنهم يستطيعون الاستفادة من نصوصه، التي لم يفكروا في تغييرها إلاّ إذا كان ذلك ضروريا لتقليص الحق في التظاهر.. وليس توسيع نطاقه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.