بالرغم من إلغاء دورات بعض مهرجانات وزارة الثقافة في هذا العام مثل مهرجان سينما الطفل، والمهرجان القومي للسينما، ومهرجان المسرح التجريبي، واحتمالية إلغاء مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، نظرا إما لظروف الفوضي التي مرت بها البلاد منذ بداية العام ومازالت تعاني منها حتي الآن، أو لتعثر ميزانية وزارة الثقافة، إلا أن مهرجان الموسيقي العربية استطاع أن ينجو من سلسلة هذه الإلغاءات. فقد انطلقت فعاليات الدورة العشرين لمهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية مساء يوم الجمعة الحادي عشر من نوفمبر، في حفل قصير حاولت مخرجته أن تواكب فيه أحداث الوطن العربي بواقعه الجديد الغامض . ملحمة الافتتاح انقسم حفل الافتتاح الذي غاب عنه وزير الثقافة في عهد مابعد ثورة يناير د. عماد أبو غازي دون أسباب معلنة، إلي جزئين متتابعين الأول منه خصص لتكريم شخصيات هذه الدورة وهم : الإعلامية مشيرة كامل، عازف العود ممدوح الجبالي،الملحن عز الدين حسني، الشاعر الشاب أيمن بهجت قمر، عازف الكمان وقائد فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقي العربية صلاح غباشي، قائد الفرقة القومية للموسيقي العربية الموسيقي سليم سحاب من لبنان والذي لم يحضر لانشغاله ببروفة حفل في مسرح السيد درويش بالأسكندرية، الباحث الموسيقي محمد جمال من البحرين، وفنان الخط العربي أوس الأنصاري، وقد أعلنت اللجنة المنظمة للمهرجان عن تكريم الفنان الكويتي عبد الله الرويشد ولكن تم إلغاء تكريمه عند اعتذاره عن تقديم حفل في ليالي المهرجان كما كان متفق عليه، وتم استبداله بتكريم عازف الترومبيت رؤوف الجنايني. وفاجأتنا الفنانة رتيبة الحفني بتكريم عدة شخصيات لم ُيعلن عنها مسبقا وهم: المخرجة جيهان مرسي محتكرة عروض افتتاح المهرجان، ورئيس دار الأوبرا عبد المنعم كامل، وأحد أشهر مهندسي الصوت في مصر زكريا عامر، وجميعهم مجموعة ممن شاركوا في جميع دورات مهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية عبر تاريخه الذي تجاوز العشرين عاما . أما الجزء الثاني من حفل الافتتاح قدم فيه الملحمة الغنائية "أمة العرب" شارك فيها كل من : ريهام عبد الحكيم والتونسي محمد الجبالي في ثنائي "ياأمة العرب" كلمات عبد الرحمن الأبنودي، ألحان جمال سلامة. سومة التونسية بأغنية "تونس الخضراء" كلمات مصطفي الضمراني، ألحان خالد الأمير، نادية مصطفي بلحن سبق وغنته في حفل من الحفلات الرسمية في النظام السابق بعنوان "أدعوا لمصر" كلمات عبد الوهاب محمد، ألحان جمال سلامة. الفنان الليبي يحيي عبد الله لكحاشي قدم أغنية "تسلمي ياثورة بني غازي" من كلماته وألحانه وبدأ الأغنية بعزف من المزمار الليبي، مرتديا الزي الشعبي الليبي واتسمت أغنيته بالبدوية والأداء التلقائي الجميل، و الجدير بالذكر أن هذه هي المرة الأولي التي يستضيف فيها المهرجان فناناً من ليبيا. ثم قدم المطرب اليمني أحمد فتحي من ألحانه وكلمات محمود الحاج أغنية "ياوطني الثائر". السورية وعد البحري قدمت أغنية جميلة مست المشاعر كلمة ولحنا وصوتا بعنوان "بحبك ياشام" من كلمات أحمد البنا، وألحان محمد ضياء الذي وظف في الأغنية آهات الكورال الذي أثري العمل. المصري هاني عامرغني "نشيد الحرية" كلمات أحمد شوقي، وألحان محمد عبد الوهاب، وكذلك أمجد العطافي قدم قصيدة "لبيك ياعلم العروبة" من كلمات وألحان محمد سلمان . وأخيرا قدمت المجموعة أغنية "صوت الجماهير" كلمات حسين السيد وألحان عبد الوهاب، ثم "أحلف بسماها وبترابها" كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان كمال الطويل. صاحبهم فرقة وكورال الموسيقي العربية بقيادة عبد الحميد عبد الغفار، وفرقة باليه أوبرا القاهرة ولأول مرة يكون تصميم الاستعراضات لمجدي صابر، والإخراج لجيهان مرسي التي وظفت شاشات السينما في عمق خشبة المسرح وعلي جانبي الأفانسين بشكل جديد، حيث عرضت عليها مجموعة صور توثيقية لثورات الوطن العربي بما يتناسب مع الأغنية التي تقدم. تخلل الأغنيات مجموعة من القصائد الشعرية للشاعر جمال بخيت من إلقائه أذكر منها «افهم بقي رب يخليكا»، ودين أبوهم اسمه ايه، وان كنت أري أن القصيدة الأخيرة ليس مجالها مسارح دارالأوبرا لفجاجة بعض كلماتها . والجدير بالذكر أن إطلاق اسم ملحمة علي عرض افتتاح المهرجان كان بعيدا كل البعد عن معني الكلمة سواء اللغوي الذي يعني الواقعة العظيمة من وقائع الحروب التي يتلاحم فيها جيشان، ومعناها الأدبي الذي يشير إلي القصائد الشعرية المطولة التي تتناول التاريخ الأسطوري للأمم مثل إلياذة هوميروس، وان كانت الملاحم الشعرية عند العرب تدور موضوعاتها حول المستقبل الغيبىّ للأمة، وما شاهدناه في حفل الافتتاح لم يكن أكثر من مجموعة من الأغنيات ذات الطابع الوطني القومي يفصل بينها مجموعة من الأبيات الشعرية ليس لها وحدة درامية متصلة. المشاركون في الدورة العشرين بالرغم من مراعاة المحسوبيات في مهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية الا أنه أحد أهم الأحداث الثقافية التثاقفية في مصر حيث يحتضن كما هائلا من المطربين والمطربات والباحثين والباحثات، وأتاح الفرصة أمام ظهورالعديد من المواهب الفنية الجديدة . وفي دورته العشرين يشارك نحو اثنين وعشرين فناناً من تسع دول عربية وهم " نادية مصطفي - ريهام عبد الحكيم- مدحت صالح - محمد الحلو - غادة رجب- رحاب مطاوع - مي فاروق -أنغام - خالد سليم - هاني عامر، أحمد سعد " من مصر، "محمد الجبالي - رحاب - سومه" من تونس، علاء العبيدي من ليبيا، أحمد فتحي من اليمن، وعد البحري من سوريا ، سالمة من فلسطين، و"فؤاد زبادي - جنات - كريمة الصقلي" من المغرب. هذا إلي جانب أربعة عازفين هم عازف الكمان سعد محمد حسن من مصر، عمرو سليم علي البيانو مصاحبا غناء مدحت صالح، عازف الكولة إبراهيم كولة وجميعهم من مصر، وعازف الكمان اللبناني جهاد عقل. والجدير بالذكر أن الفنان عبد الله الرويشد اعتذر عن المشاركة في إحدي حفلات ليالي المهرجان قبل انطلاق دورة المهرجان بأسبوع تقريبا، وبناءً علي ذلك تم إلغاء تكريمه من قبل المهرجان، بينما ُمنعت المطربة الجزائرية فلة العمرفي مطار القاهرة الدولي من دخول مصر قبل افتتاح المهرجان بيومين فقط. يصاحب غناء وعزف المشاركين من الفنانين اثني عشر فرقة موسيقية من فرق دار الأوبرا ومن خارجها وهم: فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقي العربية قيادة صلاح غباشي، الفرقة القومية العربية للموسيقي قيادة سليم سحاب، فرقة أوبرا الإسكندرية للموسيقي والغناء العربي قيادة عبد الحميد عبد الغفار مصر، فرقة الإنشاد الديني قيادة ُعمر فرحات، كورال أطفال مركز تنمية المواهب بالأوبرا قيادة وتدريب الدكتور نادية عبد العزيز والدكتور عاطف عبد الحميد، فرقة التراث للموسيقي العربية قيادة فاروق البابلي . فرقة قيثارة قيادة الدكتور ألفريد جميل، فرقة نادي الصيد للموسيقي العربية قيادة طارق يوسف وهذه الفرقة تحديدا من الفرق التي تشارك في حفلات المهرجان بشكل دائم دونا عن فرق الموسيقي العربية للنوادي الرياضية ومراكز الشباب الأخري في مصر!. فرقة أنغام الموسيقية قيادة وليد فايد وهي الفرقة المصاحبة للفنانة أنغام . فرقة أم كلثوم للموسيقي العربية التي لم تشارك في حفلات المهرجان منذ خمس سنوات نظرا لتوقف نشاطها، وفرقة كوكب الشرق النسائية التي تأسست هذا العام كلاهما تابعتين لأكاديمية الفنون يقودهما عماد عاشور، وأخيرا مجموعة الحفني للموسيقي العربية التابعة لمركز الحفني للموسيقي تحت إدارة و إشراف الفنانة رتيبة الحفني، وهي أيضا من الفرق المشاركة بشكل دائم في المهرجان منذُ تأسيسها. والملاحظ أن نجوم وفرق هذا العام ليس من بينهم من يشارك في فعاليات المهرجان للمرة الأولي، ولكن من أبرز الأحداث الفنية في الدورة العشرين عودة الفنانة المتميزة أنغام إلي حفلات المهرجان بعد توقفها عن المشاركة فيه مدة خمسة عشرعاما تقريبا، ومشاركة فرقة أم كلثوم للموسيقي العربية التابعة لأكاديمية الفنون، وهي إحدي أهم فرق الموسيقي العربية في مصر ُأعيد نشاطها هذا العام . مسابقة غنائية وأربعة محاور بحثية مسابقة الدورة العشرون لمهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية تدور حول الغناء للأطفال من سن السابعة، والشباب حتي سن الثلاثين، حيث يقدم المتسابقون من الأطفال عملاً من التراث العربي، وعملاً حديثاً، بينما يقدم الشباب موشحاً مع ذكر مقامه وضربه، إلي جانب عمل حديث. وهنا ينبغي علىّ أن أشكر القائمين علي المهرجان لتبنيهم بعض اقتراحاتي التي ُنشرت عبر مقالاتي بجريدة القاهرة، فللمرة الأولي في تاريخ المهرجان تخصص آخر حفلات المهرجان لتقديم الفائزين في المسابقة وهو أول الطريق لتبني موهبتهم، وهذا ماناديت به في تغطية دورة المهرجان الثامنة عشرة عام 2009م . وعلي هامش المهرجان تنعقد جلسات المؤتمر العلمي الذي يناقش في هذه الدورة أربعة محاور هي: التكنولوجيا والموسيقي العربية، واقع الأغنية المعاصرة في مختلف البلاد العربية، مشاكل التعليم الموسيقي في العالم العربي، دور الإعلام في نشر الثقافة الموسيقية . يشارك في تلك المحاور عدد من الباحثين والمتخصصين والخبراء في مجال الموسيقي نذكر منهم اللبناني يوسف طنوس، والسوداني عباس سليمان السباعي، والليبي عبد الله مختار السباعي، والعراقيون مهيمن ابراهيم الجزاري وسامي نسيم عداي وعادل الهاشمي وحبيب ظاهر العباسي، والتونسيون محمود قطاط وحمادي بن عثمان وعبد العزيز بن عبد الجليل ومحمد الماجري، والأردنيون عبد الحميد حمام ووائل حنا حداد وشريف علي حمدي، ومن مصر تيمور أحمد يوسف وآمال مختار صادق ومها العربي. والملاحظ أن الدورة العشرين من مهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية كان ضمن أهدافها البحث عن دور بين جيل الشباب لضمان الاستمرار في عهد جديد له معايير مختلفة عن العهود السابقة وضعها جيل الشباب، فحاولت اللجنة المنظمة إتاحة مساحة أكبر لجيل الشباب من المطربين والمطربات في الحفلات، بينما مازال يسيطر الشيوخ علي التكريمات، وحلقات البحث للمؤتمر، وإدارة المهرجان.