المخرجة والمنتجة المصرية النشطة "ماريان خوري" نجحت في استقطاب أفلام مهمة ضمن فعاليات "بانوراما الفيلم الأوروبي في الفترة من 16 إلي 22 ديسمبر الجاري، ومنها "رسول" ل"جاك أودريارد"،"الزمن الباقي" ل"إيليا سليمان"، "الأحضان المكسورة" لبيدرو ألمودوفار"، "أجورا" ل"أليخاندرو أمينابار" مخرج رائعتي "الآخرون" و"البحر داخلنا"، والفيلم الألماني "أربع دقائق" للمخرج "كريس كرواس"، الحائز علي 21 جائزة موزعة بين السيناريو والإخراج وأداء بطلتيه النساء وأكثر من جائزة كأفضل فيلم من مهرجانات سينمائية دولية إلي جانب تسعة ترشيحات آخري. الدورة الثانية مُجدداً وبعد غياب خمسة أعوام تُواصل "ماريان خوري" - تنظيم الدورة الثانية "لبانوراما الفيلم الأوروبي" بمساعدة "يوروسينمد" في إطار برنامج ميديا إنترناشيونال التحضيري. تعرض أحد عشر عملاً سينمائياً لنخبة من أهم وأكبر مخرجي الدول الأوروبية. تتنوع مضامينها ما بين الدراما التاريخية والحقيقة والخيال، ما بين الكوميديا والمأساة. منها الفيلم الهولندي الكوميدي "الأيام الأخيرة في حياة إيما بلانك" 2009 للمخرج وكاتب السيناريو "ألكس فان وارمردام" رُشح لثلاث جوائز وحصل علي جائزتي أحسن سيناريو في مهرجان هولندا السينمائي وجائزة «Label Europe Cinemas » في مهرجان "فينسيا". تدور أحداثه حول شخصية امرأة مريضة تعيش أيامها الأخيرة اسمها "إيما بلانك". تعتقد أنها طالما تتنفس اللحظات الأخيرة في حياتها يصبح من حقها أن تأخذ كل ما تُريد. تحت هذا الستار تتصرف "إيما" كطاغية إزاء الذين يعملون عندها. تُصبح - في إطار كوميدي - كثيرة الطلبات، كثيرة النزوات التي تتخذ أشكالاً متزايدة العبثية، لكن السؤال المطروح: إلي متي يستطيع العاملون في البيت أن يتحملوها؟ ولماذا يستمرون في عملهم هذا؟ الفيلم مقتبس عن مسرحية بعنوان "أديل بلانك"، من تأليف مخرج الفيلم، يحلل فيها العلاقات بين الناس في هذا البيت الغريب الشاذ. من الأفلام الكوميدية أيضاً فيلم "تيراميسو"، نال جائزتي أحسن ممثلة وأحسن موسيقي، للمخرجة الهولندية "باولا فان دير أويست". يحكي قصة "آن" الممثلة الهولندية المشهورة المُغرمة بوقوفها علي خشبة المسرح، وبكل مُتع الحياة والحفلات. إنها لاتزال تُحب طليقها سراً بينما هو مُولع بفتاة صغيرة السن. فجأة تُطالبها الضرائب ببيع العوامة التي تسكن فيها مع ابنتها لتسديد ديونها. تستأجر محاسباً جديداً لينقذها من السجن، لكنها في الوقت نفسه ترفض نصائحه لها بأن تُغير نمط حياتها وبأن تعيش بطريقة أقل متعة وأكثر تقشفاً. تنبع الكوميديا من التناقض والمفارقة بين شخصيتي "آن" و"جاكوب" المحاسب الخجول الإنطوائي الذي تنقلب حياته رأساً علي عقب بعد لقائه بعميلته الجديدة. رسول "رسول" للمخرج "جاك أودايارد" اعتبره البعض مُسيئاً للعرب والمسلمين. حصل علي الجائزة الكبري للجنة التحكيم في مهرجان "كان" 2009، وجائزة أحسن فيلم في مهرجان "لندن". يروي قصة "مالك" الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات في فرنسا. شاب عمره 19 عاماً من أصول عربية، لا يعرف القراءة أو الكتابة، خجول، بلا أصدقاء، أصغر المسجونين سناً وأضعفهم قوة، لكنه يتمتع بشجاعة وفِطنة، وبفضل سرعته في اكتساب الأساليب والألاعيب المُهمة في عالم الجريمة يصبح زعيم عصابة. تتعرض الأحداث لقضية المهاجرين العرب، والتطرف الديني، وحروب المافيا بين جدران الزنازين، فتكشف عن واقع السجون الفرنسية وسيطرة مجموعة من المافيا عليها. الزمن الباقي "رُشح الزمن الباقي"، إنتاج فرنسي بلجيكي إيطالي مشترك، لجائزة السعفة الذهبية، وجائزة أحسن فيلم في مهرجان "مار دُول بلاتا" السينمائي. "الفيلم لا يرصد الواقع الحالي أو الانتفاضة الفلسطينية، لكنه يعود إلي جذور الصراع وتحديدا منذ عام 1948. يبرز التدهور الثقافي الكبير، وإطلاق اسم "عرب إسرائيل" علي الفلسطينيين، وكيف أصبحوا يعيشون بوصفهم أقلية داخل وطنهم. في حين تجري وقائع الفيلم الأسباني "أجورا" في مصر الرومانية، فيروي قصة تحول أحد العبيد نحو المد المسيحي الصاعد في تلك الفترة علي أمل أن ينال حريته، لكنه يقع في حب "هيباتيا"، أستاذة الفلسفة الشهيرة. بينما يتناول الفيلم الفرنسي "كوكو قبل شانل" للمخرجة "آن فونتان"، قصة "جابرييل "كوكو" شانل، التي بدأت حياتها طفلة يتيمة متمردة، وعاشت رحلة حياة استثنائية تمكنت خلالها أن تمتلك مؤسسة رائعة لتصميم الأزياء. نموذج يجسد المرأة الحديثة، ورمز للنجاح والحرية ولأسلوب إبداعي في الحياة. أربع دقائق الفتاة "جيني" بطلة الفيلم الألماني "أربع دقائق"، للمخرج "كريس كرواس"، معجزة موسيقية صغيرة السن. كانت عازفة بيانو تقدم حفلاتها علي نطاق العالم منذ كان عمرها عشر سنوات. لكنها الآن قاتلة محكوم عليها بالسجن. في السجن تلتقي بمُدَرِسة البيانو السيدة "كروجر" تقوم بدورها "مونيكا بليبترو" التي قضت سنين من حياتها في تدريس البيانو الكلاسيكي لنزلاء السجن. تُري كيف يمكن تطويق الصدام العنيف بين هاتين المرأتين بشخصياتهما الجافة الحادة، "كروجر" العانس المليئة بالمرارة، و"جيني" الميالة للعنف والاعتداء بالضرب المبرح لحد القتل؟ وما طبيعة الصفقة المُبرمة بينهما حتي تُوافق "جيني" أخيراً علي أن تعزف أربع دقائق رائعة في المسابقة الموسيقية. الأحضان المكسورة "بيدرو ألمودوفار" هو دون شك أكثر المخرجين السينمائيين الأسبان شهرة علي النطاق الدولي منذ "لويس بونيل". كان نجم "بانوراما الفيلم الأوروبي" في دورتها الأولي برائعته "تحدث إليها". من بين الأفلام المعروضة له في الدورة الثانية فيلمه "الأحضان المكسورة" بطولة "بينلوب كروز" وهو الفيلم الذي أُثير من حوله اختلاف، وتحيزات كثيرة سواء معه أو ضده. يحكي قصة رجل جذاب أعمي. رغم الظلام تمكن من تنمية حواسه ليستمتع بالحياة، معتمداً علي السخرية وقدر من فقدان الذاكرة للتخلص من سيرته الأولي. وقع له حادث سيارة قاس وعنيف فقد خلاله بصره و"لينا" حب حياته. عبر الفلاش باك وتطور الأحداث نتعرف علي أطراف القصة بكل ما ينشب بينها من صراعات، وما تمتلكه من أحاسيس الغيرة والخيانة، وما يشوب مشاعرها من عقدة الذنب. "هذه إنجلترا" للمخرج "شين ميدوز" حصل علي جائزة "البافتا" كأحسن فيلم بريطاني، بالإضافة إلي فوزه بسبع جوائز في مهرجانات أخري منها جائزة أحسن فيلم أوروبي وأحسن مخرج. تعتمد الأحداث علي الخبرات الشخصية للمخرج. تدور في إنجلترا عام 1983، حول صبي عمره 12 سنة اسمه "شون". في طريق عودته من المدرسة يلتقي بمجموعة من الشباب حليقي الرأس. بعد عراك معهم يصبحون أفضل أصدقائه. أما الفيلم الفرنسي "يوم التنورة" 2009، للمخرج "جين بول ليلنفيلد"، والذي حصلت بطلته علي جائزة أحسن ممثلة في مهرجان "مونت كارلو"، فيه تعمل "سونيا" في مدرسة لتعليم الأطفال الأشقياء. في أحد الأيام، بعد أن فاض بها الكيل من استمرار عنف الطلاب وعدم اهتمامهم بالدراسة، تفقد "سونيا" سيطرتها وتحتجز الطلاب كرهائن. الفيلم الهولندي "دنيا وديزي" إخراج دانا نتشوشتان، حصل علي جائزتين وثلاثة ترشيحات. يحكي قصة صديقتين حميمتين. تعرف "دنيا" في عيد ميلادها أنها ستتزوج من قريب لها يعيش في المغرب. في الوقت نفسه تعرف "ديزي" أنها حامل وترغب في رؤية والدها الحقيقي. عندما تكتشف أنه يعيش في المغرب تُقرر الصديقتان السفر إلي هناك بحثاً عنه. في حين يحكي الإيطالي "غذاء في منتصف أغسطس"، للمخرج "جياني جريجوريو"، عن رجل في منتصف العمر اسمه "جياني". يعيش في روما مع والدته العجوز كثيرة الطلبات. عندما يغادر الجميع المدينة للاحتفال بعيد 15 أغسطس تدق الفرصة علي باب "جياني" بطريقة غير متوقعة علي الإطلاق. حصل "جريجوريو" علي ثماني جوائز كأحسن مخرج إلي جانب أربعة ترشيحات آخري. تُقام ندوات، ومناقشات مع عدد من نجوم الأفلام ومخرجيها. أما التحدي الذي يواجه "ماريان خوري" فيتمثل في إقامة هذه العروض في دار عرض "سيتي ستارز" بضاحية "مدينة نصر"، وهي من واقع التجارب السابقة لم تكن جاذبة للمثقفين والمهتمين بالسينما بعكس "جالكسي" القريبة من وسط البلد. لكن "ماريان" بتلك الروح العنيدة المثابرة التي تُسيطر عليها، وبتلك الإرادة والعزيمة التي لاتكل من العمل المتواصل، وبشخصيتها التي تجمع بين الشجاعة والثقة بالنفس والجرأة وعشق السينما، تُؤكد أنها ستعتمد علي رواد الموول الذي أثبتت الإحصاءات أن عدد زواره يبلغ 65 ألف شخص يومياً.