5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوالى 60 مليون عربي «أمي» و9ملايين طفل خارج المدارس و45% من الطلاب العرب الدارسين في الخارج لا يعودون
نشر في القاهرة يوم 08 - 12 - 2009


هل هناك مجتمع محدد المعالم اسمه"مجتمع الانترنت"؟
ما سماته وما دوره في تطوير الاقتصاد العالمي والمحلي..أو ما القيم الجديدة التي يحملها..وما موقع العرب فيه؟
في الجزء الأول من كتابه المهم:"عصر المعلومات"وهو ثلاثة أجزاء ، ويحمل عنوان "مجتمع الشبكات"صدر 1998 يقول عالم الاجتماع الأمريكي مانويل كاستلس وهو أحد أبرز المنظرين لمفهوم الشبكة ووسائط الاتصال الجديدة، بجامعة بركلي الأمريكية الشهيرة
"إن التقنية هي المجتمع، والموجودون الان علي شبكة الانترنت يمثلون مجتمعا محددا يختلف عن المجتمع الذي لا يتعاطي مع الشبكة العنكبوتية .
عالم من الشك المنهجي
ويعتبر عالم الاجتماع الفرنسي آلان تورين صاحب الكتاب الشهير " المجتمع ما بعد الصناعي" "1969 "إننا علي أعتاب دخول نموذج مجتمع جديد يمتاز بالتكنولوجيا ونتائجها المباشرة في تنظيم العمل والمظاهر المهمة في الحياة الاجتماعية، ما يبرر بأثر رجعي استعمال تعبير "مجتمع ما بعد الصناعي"، نظرا لأن هذه العبارة علي الرغم من سلبيتها، لها علي الأقل شرف الإعلان عن نموذج مجتمع جديد، وبالتالي عن رهانات جديدة في السلطة والمجتمع
ان اهم مزايا مجتمع المعلوماتية هو الشك المنهجي، يقول إيليا بريجوجين الحائز علي جائزة نوبل: إن القرن العشرين حول كوكبنا من عالم متناه من الحقائق اليقينية إلي عالم لامتناه من الشكوك. وكانت هذه التحولات علي درجة من الأهمية والعمق إلي درجة أنها جعلت الدراسات المستقبلية والتخطيط الإستراتيجي موضع شك وسخرية، حتي يكاد التنبؤ الوحيد الصحيح هو استحالة التنبؤ، فلم تكن آلة التسجيل هي آلة التعليم المثلي كما تصور مخترعها، ولم تقتصر استخدامات الكمبيوتر علي الإحصاء كما توقع مهندسه الأول، ولم تقتصر مبيعاته علي أربعة أجهزة سنويا كما توقع رئيس مجلس إدارة شركة I.B.M.. فهي إذن ثقافة المجهول والمغامرة والشك!
وهو أمر له ما يبرره منطقيا بعد أن ندرك الدور الكبير والمهم الذي بدأت تلعبه " المعلوماتية" في رسم معالم مجتمع الألفية الثالثة والحال أن كاستلس يدمج وفق هذه الرؤية كليا بين التكنولوجيا والمجتمع الي حد القول أن المجتمع المعلوماتي الجديد ينتج حاليا ثقافته أو ايديولوجيته ،وربما القيم الاجتماعية التي يتسم بها ويسعي لحل المشكلات التي تواجهه مثل أي مجتمع ومنها السرقة عبر الانترنت أو التجسس أو افساد المعلومات عن طريق الفيروسات.
إن أحد أبرز سمات مجتمع المعلوماتية هي الغاء الحواجز الاقليمية والثقافية وانتاج هوية جديدة علي حساب الهويات القديمة ،وقد حقق مجتمع المعلوماتية ماحذر منه الفيلسوف الألماني هربرت ماركيوز، المجتمع ذو البعد الواحد ، أو إذا شئنا تعبير فلاسفة ما بعد الحداثة، أطلقنا عليه مجتمع " الرحل" الجدد الذي يجهز علي جميع الاختلافات والتمايزات ويوحد أفراده في نظمهم ومعاييرهم وأذواقهم داخل نمط واحد.
كيف؟
يقوم مجتمع المعلوماتية علي فكرة تقويض العلاقات الاجتماعية الهرمية والتراتبية والتصنيفات الطبقية التقليدية، لأن ثقافة الوسائط المتعددة وثقافة الإنترنت والشبكات، بمثابة أبجدية جديدة في زمننا تشجع الإنسان علي الذوبان وانصهاره في عالم الرقمنة، لا تفرض علي أعضائها انتماء أو ظهورا بعينه علي وجه الحصر، فضلا عن كون ذلك لا يخضع لتصنيف محدد بحيث تتم معرفة العالم في الشبكة انطلاقا من سيولة معلوماته ورغبات الفرد وليس من محددات أخري.
أعلي مراحل الليبرالية
علي ضوء ما سبق يمكن أن نتوقف عند ماذهب اليه دانييل بيل عالم الاجتماع الأمريكي "1976" في اعتقاده ان المعلوماتية هي واحدة من ارقي مراحل الليبرالية،فهي المجتمع المفتوح يستطيع كل من يشاء أن يقول أو يفعل مايشاء بدون حدود،حسبما يري انصار تيار الدراسات الثقافية في الولايات المتحدة وهم يعتقدون أن دور وسائط الاتصال أكبر من أن نحشره في نقل ووصل التجارب ببعضها البعض فحسب، بحيث لعب تيار الدراسات الثقافية دورا كبيرا في تحليل علاقة الجماهير الشعبية بالوسائط الاتصالية، وكيف تسعي الشرائح الفقيرة والمهمشة والأقليات الجنسية والثقافية إلي التنفيس من ضغط الثقافة السائدة عبر اختراع أشكال تعبيرية وشفهية تقاوم بها صعوبة الحياة اليومية وحِدّة الاستغلال والفقر والتهميش والحرمان الذي يعاني منه الكثيرون.
ويعتبر رواد هذا التيار " ريشارد هوجارت، رايموند ويليامس، إدوارد طومبسون، ستيوارت هال" أول من قدموا أطروحات نقدية صارمة إلي نظرية الثقافة الماركسية بغاية تطويرها، ما يجعل من العمال والفقراء والمهمشين شركاء حقيقيين في المجال الثقافي سواء عبر وسائط الاتصال الجماهيرية أو في علاقة معها.
ان اشراك الجماهير الفقيرة في عملية الاتصال هو هدف رأسمالي بحت ،أوهذه هي الرأسمالية الحقيقية التي تحلم بالسوق المفتوح ،ويحدد دانييل بيل معالم مجتمع المعلوماتية من منظور ليبرالي بحت بخمسة مظاهر أساسية:
1- إن المعلوماتية قدمت خدمة العمر للرأسمالية لجهة التدفق "المالي والمصرفي" في جميع مختلف أنحاء العالم، حيث تقوم تكنولوجيا المعلومات الجديدة بتحطيم العقبات والعراقيل الزمنية والمكانية مشجعة توسُّع الرأسمالية المالية إلي أبعد الحدود، فالمعطيات التي يدفع بها لتبرير ظهور اقتصاد المعرفة وتكنولوجيا المعلومات في وسط التسعينات، يري أنها وراء تشكيل نفس جديد في الرأسمالية وانطلاق موجة جديدة داخلها. إذ يقول مانويل كاستلس : حدثت إمكانية اندماج الأسواق المالية العالمية منذ بداية الثمانينات بفضل تكنولوجيا المعلومات الجديدة، ما كان له عظيم الأثر في الفصل بين تدفق الرأسمال والاقتصاديات الوطنية فالاستثمارات المالية الأمريكية في جنوب شرق اسيا تضاعفت 30مرة عما كانت عليه في السبعينات من القرن الماضي،ماوفر ارباحا وفرص عمل وزيادة في الدخل الأمريكي بواقع 17%عام2003مقارنة بماكان عليه عام 1995
2-الانتقال من نظام إنتاج المواد إلي اقتصاد الخدمات "خاصة في التعليم، الصحة، البحث العلمي، التدبير الإداري"،واصبح انتاج المعرفة عن طريق العقول أهم وأجدي وأربح من الانتاج الصناعي ،وتحول هياكل العمل من عمل يدوي وميكانيكي إلي تخصص تقني عالي المهارة وقائم علي الخبرة واقتصاد المعرفة. والقصد أن تكنولوجيا المعلومات أخذت دور محرك الدينامية، بمعني إن تكنولوجيا المعلومات تقمصت دور قوي الإنتاج في نموذج العصر الصناعي، بمعني إن تكنولوجيا إنتاج المعرفة " اقتصاد المعرفة" أصبحت مصدرا أساسيا في الإنتاجية وهي من تقف خلف فائض القيمة والتراكم الرأسمالي.
3- إن ما يلاحظ في نموذج مجتمع المعلومات، قيام تكنولوجيا إنتاج المعرفة ومعالجة المعلومات والتواصل بمهام الإنتاجية وخلق الفائض في القيمة، إذ " ما يمتاز به هذا النموذج الجديد، هو أن فعل المعرفة في ذاتها هو المصدر الأساسي لخلق الثروة، بحيث إن معالجة المعلومات تهدف إلي تحسين تكنولوجيا معالجة المعلومات كمصدر للإنتاجية، ما يجعل من هذه العملية دائرة تفاعلية بين المعارف التي توجد في قاعدة التكنولوجيا، وتطبيقاتها بغاية تحسين توليد المعرفة ومعالجة المعلومات".
4- تصاعد الدور المركزي للمعرفة النظرية في الإبداع الثقافي والنمو الاقتصادي،وبروز تقنيات جديدة قائمة علي العلوم الذهنية،فضلا عن المقدرة المتسعة في التحكم بالتطورات التقنية والاجتماعية.
5- إن أغلب مجتمع المعلومات الحالية رأسمالية " أي لا يمكن أن نتصور آلية اشتغالها من دون هذا النظام"، فتكنولوجيا المعلومات والتواصل تعد المصدر الأساسي للإنتاجية وقاعدة الثورة الإعلامية في نفس الوقت،والمسألة هنا لاتقاس بالاخلاق بل يمكن العودة هنا الي "قانون ميلفين كرانزبرج " في أطروحته الشهيرة: "إن التقنية ليست جيدة أو سيئة في حد ذاتها. وبالرغم من أنها غير محايدة، فهي قوة عظيمة تنفذ إلي قلب الحياة والروح، لكن انتشارها في الفعل الاجتماعي الواعي هو مثل الطابع المعقد للتفاعل بين قوي تقنية رعناء أطلقت الإنسانية عنانها بذاتها، يخضع للتحليل وليس للقدر".
نقد ايديولوجيا مجتمع الانترنت
ولعل أهم نقد وجه الي مجتمع الانترنت هو ماساقه الباحث الماركسي فريدريك جيمسن وهو يعزي أسباب التحولات الجارية إلي ظهور الموجة الثالثة من تطور الرأسمالية بعد المرحلة التجارية والمرحلة الصناعية،لكن أهم عيوبها -في نظره- هي" ضعف استقلالية الثقافة بعد ابتلاعها من قبل منطق السوق وتحولها إلي مجرد سلعة، بحيث من شأن إسقاط الحدود بين فضاء السوق وفضاء الثقافة، فقدان البوصلة النقدية التي عادة ما تميز هذه الأخيرة، الأمر الذي عجّل بظهور ما يسمي بالحروب الثقافية في الفضاءات الاجتماعية".
أما الفيلسوف الكندي شارل تايلور فيري أن اهم نقد للمعلوماتية هو"طغيان النزعة الفردية إنْ سمحت بحرية أكبر وإشباع حاجيات الإنسان، يمكن في ذات الوقت أن تؤدي إلي الانعزالية والانكفاء علي الذات بما يباعد بين الفرد والمجتمع وتجعل هذا الأخير جزرا منعزلة عن بعضها البعض.
انتقادات ماكس فيبرللمجتمع الصناعي
لاشك ان كلام تايلور يردنا الي عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، الذي حلل المجتمع الصناعي من قبل وتوصل الي حقيقة قد ترشدنا الي علاقة التحولات الثقافية الوافدة مع مجتمع الانترنت علي قيم الانتاج والانماط الاجتماعية ،يري فيبر أن مرد التحولات العميقة تكمن في أن منطق المجتمع الصناعي دفع في اتجاه تكوين مجتمعات بيروقراطية مهيكلة وخاضعة لأنظمة حسابية دقيقة وصارمة، تعتمد آليات العقلانية الأداتية في جميع مجالات الحياة الاجتماعية، بغاية النجاعة والفعالية. فالدولة الأمة مثلا وجدت نفسها معنية بإعداد التراب الوطني وتجهيزه بالبنيات التحتية، كما توفير حاجيات الساكن المختلفة بما يؤمن رفاه كل واحد منهم وقضاء حاجياتهم " سكن، صحة، تعليم، عمران، وقاية...".
ويعتبر العالم الفرنسي آلان تورين "أن الارتباط القديم بين التقنية والقيم الثقافية والسياسية في زوال، حيث لم يعد هناك من ارتباط وثيق بينهما، بل يلاحظ غلبة العقلية الأداتية ما يجعل النتائج الاجتماعية والثقافية مرتبطة باستعمالات تقنية محضة "
لماذا يكرهوننا؟
في اطار رغبة الرأسمالية الأمريكية للتوسع في الاسواق ،تقوم الولايات المتحدة الأمريكية(بإيصال المبادئ والقيم التي تشكل أسس سياستها وتحدد طبيعتها كدولة عبر البرامج التقليدية وعبر جميع الأدوات التكنولوجية بمشاركة القطاعين العام والخاص، وتعمل في الوقت نفسه للاجابة عن سؤال :لماذا يكرهوننا؟ من خلال برامج علي الانترنت لزيادة التفهم والاحترام المتبادل بين شعب الولايات المتحدة وشعوب البلدان الأخري. وبحسب باتريشيا هاريسون مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشئون التعليمية والثقافية قد وسعت بعد 11 سبتمبر 2001م من اتصالاتها إلي أبعد من النخب، إلي المجموعات الاجتماعية الاستراتيجية التي تضم الشباب والقيادات الدينية ابتداء من وزارة التربية إلي الأساتذة ورجال الدين والمدربين الرياضيين والأهالي، وتعمل علي استضافة ما يزيد علي 30 ألف زائر في برامج التبادل الثقافي مع 1500 منظمة عالمية وتعمل علي تمويل برامج تعليم اللغة الإنجليزية للشباب وتستخدم كل الوسائل الإعلامية من الإنترنت إلي المطبوعات، وأقامت العديد من اللجان مع العالمين العربي والإسلامي للتنسيق والتواصل في مقدمتها اللجنة الجديدة للتواصل مع العرب والمسلمين المعتدلين لتطوير أجندة الفرص، وقامت بتأسيس مواقع عربية علي الإنترنت وزادت أعمال الترجمة اليومية من العربية من ثلاثة أو أربعة آلاف كلمة في اليوم إلي اثنتي عشرة وخمس عشرة ألف كلمة في اليوم، والشراكة من أجل التعليم عام 2001م وما زالت منتجات التليفزيون والفيديو أدوات استراتيجية قوية للاتصال في تبليغ الرسالة السياسية الخارجية الأمريكية، وتبلغ ميزانية هذه النشاطات الموجهة إلي الشرق الأوسط 25% من مجموع الميزانية العامة لتمويل هذه النشاطات الداعية للتسامح الديني والتنوع الإثني.
أين العرب في مجتمع الانترنت؟
توجد إشارات إحصائية تشير إلي أن إجمالي مستخدمي الإنترنت حول العالم تجاوز عددهم المليار مستخدم، إلا أن المستخدمين العرب للشبكة لا يمثلون إلا 1.7% فقط من المجموع العام لمستخدميها في العالم، فمن بين حوالي مليار مستخدم في أنحاء العالم، لا يتجاوز عدد المستخدمين العرب 17مليون شخص في أكثر الإحصاءات التقديرية تفاؤلا علماً أن سكان العالم العربي الذين يكادون يصلون إلي300 مليون إنسان وأن من بينهم حوالي50 مليون أُمي حسب الإحصاءات التي أجريت مؤخراً من قبل جامعة الدول العربية، وستكون هذه النسبة الكبيرة خارج دائرة استخدام الإنترنت.
وتفسير ذلك أن الدول المتقدمة بهذا المجال أوجدت البنية التحتية القوية بأسعار في متناول الجميع.
وهكذا نري الفرق الشاسع بين الدول العربية والدول المتقدمة في نسب مستخدمي الانترنت ومثال ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة تتربع برأس القائمة بنسبة 10.2% و تليها لبنان 8% و الكويت 5.5% و الأردن 2% ومصر بنسبة 0.8% من تعداد السكان،.وليس المهم هنا هو ارقام واعداد مستخدمي الانترنت بقدر الاهتمام بالخدمات التي قدمتها الشبكة العنكبوتية للاقتصاد العربي، وتنشيط حركتي التجارة والسياحة فضلا عن المساهمة في خلق ثقافة جديدة تصب في مصلحة العقل العربي وقضاياه الاساسية.
ولاتتوفر احصاءات دقيقة عن مدي مساهمة المعلوماتية في تنشيط الاقتصاد العربي لكن هناك مؤشرات علي تنامي استخدام التكنولوجيا في الاتصال التجاري والسياحي بين العرب والعالم،كما ان مجتمع الانترنت وفر للعرب فرصة معرفة مايدور في العالم ومن دون الانترنت ماكان يمكن معرفة قصة الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول الكريم ،ولا كان ممكنا للدنمارك معرفة رد الفعل الاسلامي.
لكن من دون شك لاتزال هناك فجوة بين الانسان العربي ومجتمع المعرفة ونقصد هنا الكتل الجماهيرية وليس النخبة، ونشير الي تقرير المعرفة العربي لعام 2009، الذي يرسم صورة لحالة اقتصاد المعرفة في الدول العربية.
التقرير الذي تم إعداده بالشراكة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، قدم أرقاما مخيفة، من بينها أن خمس العرب، أي 60 مليون نسمة، أميون و45% من الطلاب العرب الدارسين في الخارج لا يعودون، كما أن ما يقارب 9 ملايين طفل في سن التمدرس يوجدون خارج أسوار المدارس، وحسب التقرير، الذي أطلق في دبي خلال المنتدي الاستراتيجي العربي، فإن الفقر ما زال يتزايد في المنطقة العربية، حيث إن أكثر من 18% من العرب فقراء، كما تصاعدت نسبة البطالة في الكثير من الدول العربية مسجلة نسبة وصلت 30%،وهذه الصورة تتناقض كليا مع قواعد مجتمع المعرفة الذي ينطلق من ثلاثية المعرفة والتنمية والحرية، وهي تعني أنه لا تقدم بدون معرفة ولا معرفة بدون حرية، إذ إن العلاقة عضوية بين العناصر الثلاثة، فلا تنمية إنسانية من دون معرفة. وهنا يجب التأكيد علي غائية المعرفة التي تخدم التنمية والمجتمع الذي تنصهر فيه، فالمعرفة في نهاية
المطاف مطلب وحق إنساني.
وينطلق التقرير من مبدأ حماية الحق في المعرفة كواحد من حقوق الإنسان الاساسية، ويبني رؤيته لتطوير مجتمع المعرفة علي ثلاثة قواعد هي الانفتاح والتواصل والحرية والتكامل مع الحاجات التنموية للمجتمع وبدون هذه القواعد الثلاث مجتمعة من الصعب أن يتحقق أي تطور نحو التنمية والمعرفة، فلا يمكن لمجتمع متردد في القبول بالانفتاح والتواصل أن يحقق الحرية المطلوبة في طرح الأفكار والحوار ،وبناء علي القواعد الثلاث يقترح التقرير أيضا ثلاثة محاور للعمل، الأول هو التوظيف في خدمة التنمية الإنسانية من خلال إقامة وتوثيق العلاقة ما بين نقل وإنتاج وتطوير المعرفة من جهة وما بين إنتاج السلع والخدمات والإنتاج الثقافي من جهة أخري.
المحور الثاني هو توفير البيئات المناسبة من خلال الحريات وسيادة القانون والتشريعات والمؤسسات الحاضنة للمعرفة والسياسات التنموية التي تشجع الإبداع وتحتفي به.
المحور الثالث يركز علي نقل وتوطين المعرفة من خلال إحياء اللغة العربية بما في ذلك الترجمة ومنهجة نقل التكنولوجيا وإقامة ودعم دور البحث العلمي ومكافأة المعرفة المنتجة محليا والاحتفاء بها. هذه المحاور تتطلب تغييرا جذريا في النمط السائد من الإدارة في العالم العربي وخاصة في مجال تمكين واحترام وتقدير البحث العلمي والمعرفة ومكانتها الاجتماعية ودورها في صناعة السياسات والقرارات.
هل يبدو ذلك حلما غير قابل للتحقق؟بالعكس هناك امكانات عربية هائلة لدخول مجتمع المعرفة بشرط توفر الارادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.