ضبط سائق استخدم إضاءة تُعرض حياة المواطنين أعلى الدائري| فيديو    رئيس البرلمان منتقدًا غياب "نواب": أقول أسماء الغائبين بصوت عال لأهمية الجلسة وليس لإحراجهم    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان المعهد الفني للتمريض الجديد بمنشأة سلطان    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    إزالة 7 تعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في حملات ب الشرقية    العربية: إيران تعتقل عشرات الجواسيس المرتبطين بإسرائيل    زيلينسكي يزور فيينا للمرة الأولى منذ بداية الحرب الروسية - الأوكرانية    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    سفير إيران لدى الكويت: لسنا بصدد توسيع الحرب ولن نتوانى في الدفاع عن سيادة بلادنا بحزم    ترتيب مجموعة الأهلي فى كأس العالم للأندية قبل مواجهة بالميراس البرازيلي    «خيالكم مريض».. رئيس تحرير الأهلي يشن هجوما ضد هؤلاء بسبب تريزيجيه    جامعة أسوان تنظم ورشة عمل لمناهضة العنف ضد المرأة    مصرع طفل أسفل عجلات قطار الصعيد عند مزلقان دماريس بالمنيا    محافظ قنا ينتقل لموقع انهيار منزل بقرية دندرة ويتابع جهود الإنقاذ    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    وزير الثقافة: لا مساس بحرية الإبداع.. والتوصيات تركز على جودة المحتوى ودعم الإنتاج والتوزيع الدرامي    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    «وحشتنا القاهرة».. إلهام شاهين تعلن عودتها من العراق    انطلاق برنامج «مصر جميلة» لاكتشاف ودعم الموهوبين بقصر ثقافة أبوسمبل (صور)    «حسبي الله في اللي بيقول أخبار مش صح».. لطيفة تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاة شقيقها    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    «الصحة»: الدولة تسير في مسار مالي لتحفيز الأطباء وتحسين بيئة العمل بالمستشفيات الحكومية منذ 11 عامًا    محافظ المنوفية يدشن قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان ضمن احتفالات العيد القومي    بعد هروبها.. أب يقيد ابنته في أحد شوارع حدائق أكتوبر    رئيس الوزراء يستعرض خطوات تنفيذ برنامج الطروحات بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    الوكالة الدولية للطاقة الذرية:التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل يؤخر العمل نحو حل دبلوماسي    «الداخلية» تقرر السماح ل42 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    «هيئة الدواء» تقدم.. نصائح لتقليل الإصابة بمرض النقرس    رئيس مجلس النواب يعلن قواعد مناقشة الموازنة العامة    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    عميد «علوم سياسية الإسكندرية» يُكرّم الملحقين الدبلوماسيين الجدد من خريجي الكلية (صور)    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    الصحة: لا نعاني من أزمة في أعداد الأطباء.. وبدء تحسين أوضاع الكوادر الطبية منذ 2014    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    الاثنين 16 يونيو 2025.. البورصة المصرية تعاود الارتفاع في بداية التعاملات بعد خسائر أمس    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    مدرب بالميراس يتوعد الأهلي قبل مواجهته في مونديال الأندية    النفط يرتفع مع تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    عمرو أديب: كنت أتمنى فوز الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد الإسرائيلى جنوب طهران    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوالى 60 مليون عربي «أمي» و9ملايين طفل خارج المدارس و45% من الطلاب العرب الدارسين في الخارج لا يعودون
نشر في القاهرة يوم 08 - 12 - 2009


هل هناك مجتمع محدد المعالم اسمه"مجتمع الانترنت"؟
ما سماته وما دوره في تطوير الاقتصاد العالمي والمحلي..أو ما القيم الجديدة التي يحملها..وما موقع العرب فيه؟
في الجزء الأول من كتابه المهم:"عصر المعلومات"وهو ثلاثة أجزاء ، ويحمل عنوان "مجتمع الشبكات"صدر 1998 يقول عالم الاجتماع الأمريكي مانويل كاستلس وهو أحد أبرز المنظرين لمفهوم الشبكة ووسائط الاتصال الجديدة، بجامعة بركلي الأمريكية الشهيرة
"إن التقنية هي المجتمع، والموجودون الان علي شبكة الانترنت يمثلون مجتمعا محددا يختلف عن المجتمع الذي لا يتعاطي مع الشبكة العنكبوتية .
عالم من الشك المنهجي
ويعتبر عالم الاجتماع الفرنسي آلان تورين صاحب الكتاب الشهير " المجتمع ما بعد الصناعي" "1969 "إننا علي أعتاب دخول نموذج مجتمع جديد يمتاز بالتكنولوجيا ونتائجها المباشرة في تنظيم العمل والمظاهر المهمة في الحياة الاجتماعية، ما يبرر بأثر رجعي استعمال تعبير "مجتمع ما بعد الصناعي"، نظرا لأن هذه العبارة علي الرغم من سلبيتها، لها علي الأقل شرف الإعلان عن نموذج مجتمع جديد، وبالتالي عن رهانات جديدة في السلطة والمجتمع
ان اهم مزايا مجتمع المعلوماتية هو الشك المنهجي، يقول إيليا بريجوجين الحائز علي جائزة نوبل: إن القرن العشرين حول كوكبنا من عالم متناه من الحقائق اليقينية إلي عالم لامتناه من الشكوك. وكانت هذه التحولات علي درجة من الأهمية والعمق إلي درجة أنها جعلت الدراسات المستقبلية والتخطيط الإستراتيجي موضع شك وسخرية، حتي يكاد التنبؤ الوحيد الصحيح هو استحالة التنبؤ، فلم تكن آلة التسجيل هي آلة التعليم المثلي كما تصور مخترعها، ولم تقتصر استخدامات الكمبيوتر علي الإحصاء كما توقع مهندسه الأول، ولم تقتصر مبيعاته علي أربعة أجهزة سنويا كما توقع رئيس مجلس إدارة شركة I.B.M.. فهي إذن ثقافة المجهول والمغامرة والشك!
وهو أمر له ما يبرره منطقيا بعد أن ندرك الدور الكبير والمهم الذي بدأت تلعبه " المعلوماتية" في رسم معالم مجتمع الألفية الثالثة والحال أن كاستلس يدمج وفق هذه الرؤية كليا بين التكنولوجيا والمجتمع الي حد القول أن المجتمع المعلوماتي الجديد ينتج حاليا ثقافته أو ايديولوجيته ،وربما القيم الاجتماعية التي يتسم بها ويسعي لحل المشكلات التي تواجهه مثل أي مجتمع ومنها السرقة عبر الانترنت أو التجسس أو افساد المعلومات عن طريق الفيروسات.
إن أحد أبرز سمات مجتمع المعلوماتية هي الغاء الحواجز الاقليمية والثقافية وانتاج هوية جديدة علي حساب الهويات القديمة ،وقد حقق مجتمع المعلوماتية ماحذر منه الفيلسوف الألماني هربرت ماركيوز، المجتمع ذو البعد الواحد ، أو إذا شئنا تعبير فلاسفة ما بعد الحداثة، أطلقنا عليه مجتمع " الرحل" الجدد الذي يجهز علي جميع الاختلافات والتمايزات ويوحد أفراده في نظمهم ومعاييرهم وأذواقهم داخل نمط واحد.
كيف؟
يقوم مجتمع المعلوماتية علي فكرة تقويض العلاقات الاجتماعية الهرمية والتراتبية والتصنيفات الطبقية التقليدية، لأن ثقافة الوسائط المتعددة وثقافة الإنترنت والشبكات، بمثابة أبجدية جديدة في زمننا تشجع الإنسان علي الذوبان وانصهاره في عالم الرقمنة، لا تفرض علي أعضائها انتماء أو ظهورا بعينه علي وجه الحصر، فضلا عن كون ذلك لا يخضع لتصنيف محدد بحيث تتم معرفة العالم في الشبكة انطلاقا من سيولة معلوماته ورغبات الفرد وليس من محددات أخري.
أعلي مراحل الليبرالية
علي ضوء ما سبق يمكن أن نتوقف عند ماذهب اليه دانييل بيل عالم الاجتماع الأمريكي "1976" في اعتقاده ان المعلوماتية هي واحدة من ارقي مراحل الليبرالية،فهي المجتمع المفتوح يستطيع كل من يشاء أن يقول أو يفعل مايشاء بدون حدود،حسبما يري انصار تيار الدراسات الثقافية في الولايات المتحدة وهم يعتقدون أن دور وسائط الاتصال أكبر من أن نحشره في نقل ووصل التجارب ببعضها البعض فحسب، بحيث لعب تيار الدراسات الثقافية دورا كبيرا في تحليل علاقة الجماهير الشعبية بالوسائط الاتصالية، وكيف تسعي الشرائح الفقيرة والمهمشة والأقليات الجنسية والثقافية إلي التنفيس من ضغط الثقافة السائدة عبر اختراع أشكال تعبيرية وشفهية تقاوم بها صعوبة الحياة اليومية وحِدّة الاستغلال والفقر والتهميش والحرمان الذي يعاني منه الكثيرون.
ويعتبر رواد هذا التيار " ريشارد هوجارت، رايموند ويليامس، إدوارد طومبسون، ستيوارت هال" أول من قدموا أطروحات نقدية صارمة إلي نظرية الثقافة الماركسية بغاية تطويرها، ما يجعل من العمال والفقراء والمهمشين شركاء حقيقيين في المجال الثقافي سواء عبر وسائط الاتصال الجماهيرية أو في علاقة معها.
ان اشراك الجماهير الفقيرة في عملية الاتصال هو هدف رأسمالي بحت ،أوهذه هي الرأسمالية الحقيقية التي تحلم بالسوق المفتوح ،ويحدد دانييل بيل معالم مجتمع المعلوماتية من منظور ليبرالي بحت بخمسة مظاهر أساسية:
1- إن المعلوماتية قدمت خدمة العمر للرأسمالية لجهة التدفق "المالي والمصرفي" في جميع مختلف أنحاء العالم، حيث تقوم تكنولوجيا المعلومات الجديدة بتحطيم العقبات والعراقيل الزمنية والمكانية مشجعة توسُّع الرأسمالية المالية إلي أبعد الحدود، فالمعطيات التي يدفع بها لتبرير ظهور اقتصاد المعرفة وتكنولوجيا المعلومات في وسط التسعينات، يري أنها وراء تشكيل نفس جديد في الرأسمالية وانطلاق موجة جديدة داخلها. إذ يقول مانويل كاستلس : حدثت إمكانية اندماج الأسواق المالية العالمية منذ بداية الثمانينات بفضل تكنولوجيا المعلومات الجديدة، ما كان له عظيم الأثر في الفصل بين تدفق الرأسمال والاقتصاديات الوطنية فالاستثمارات المالية الأمريكية في جنوب شرق اسيا تضاعفت 30مرة عما كانت عليه في السبعينات من القرن الماضي،ماوفر ارباحا وفرص عمل وزيادة في الدخل الأمريكي بواقع 17%عام2003مقارنة بماكان عليه عام 1995
2-الانتقال من نظام إنتاج المواد إلي اقتصاد الخدمات "خاصة في التعليم، الصحة، البحث العلمي، التدبير الإداري"،واصبح انتاج المعرفة عن طريق العقول أهم وأجدي وأربح من الانتاج الصناعي ،وتحول هياكل العمل من عمل يدوي وميكانيكي إلي تخصص تقني عالي المهارة وقائم علي الخبرة واقتصاد المعرفة. والقصد أن تكنولوجيا المعلومات أخذت دور محرك الدينامية، بمعني إن تكنولوجيا المعلومات تقمصت دور قوي الإنتاج في نموذج العصر الصناعي، بمعني إن تكنولوجيا إنتاج المعرفة " اقتصاد المعرفة" أصبحت مصدرا أساسيا في الإنتاجية وهي من تقف خلف فائض القيمة والتراكم الرأسمالي.
3- إن ما يلاحظ في نموذج مجتمع المعلومات، قيام تكنولوجيا إنتاج المعرفة ومعالجة المعلومات والتواصل بمهام الإنتاجية وخلق الفائض في القيمة، إذ " ما يمتاز به هذا النموذج الجديد، هو أن فعل المعرفة في ذاتها هو المصدر الأساسي لخلق الثروة، بحيث إن معالجة المعلومات تهدف إلي تحسين تكنولوجيا معالجة المعلومات كمصدر للإنتاجية، ما يجعل من هذه العملية دائرة تفاعلية بين المعارف التي توجد في قاعدة التكنولوجيا، وتطبيقاتها بغاية تحسين توليد المعرفة ومعالجة المعلومات".
4- تصاعد الدور المركزي للمعرفة النظرية في الإبداع الثقافي والنمو الاقتصادي،وبروز تقنيات جديدة قائمة علي العلوم الذهنية،فضلا عن المقدرة المتسعة في التحكم بالتطورات التقنية والاجتماعية.
5- إن أغلب مجتمع المعلومات الحالية رأسمالية " أي لا يمكن أن نتصور آلية اشتغالها من دون هذا النظام"، فتكنولوجيا المعلومات والتواصل تعد المصدر الأساسي للإنتاجية وقاعدة الثورة الإعلامية في نفس الوقت،والمسألة هنا لاتقاس بالاخلاق بل يمكن العودة هنا الي "قانون ميلفين كرانزبرج " في أطروحته الشهيرة: "إن التقنية ليست جيدة أو سيئة في حد ذاتها. وبالرغم من أنها غير محايدة، فهي قوة عظيمة تنفذ إلي قلب الحياة والروح، لكن انتشارها في الفعل الاجتماعي الواعي هو مثل الطابع المعقد للتفاعل بين قوي تقنية رعناء أطلقت الإنسانية عنانها بذاتها، يخضع للتحليل وليس للقدر".
نقد ايديولوجيا مجتمع الانترنت
ولعل أهم نقد وجه الي مجتمع الانترنت هو ماساقه الباحث الماركسي فريدريك جيمسن وهو يعزي أسباب التحولات الجارية إلي ظهور الموجة الثالثة من تطور الرأسمالية بعد المرحلة التجارية والمرحلة الصناعية،لكن أهم عيوبها -في نظره- هي" ضعف استقلالية الثقافة بعد ابتلاعها من قبل منطق السوق وتحولها إلي مجرد سلعة، بحيث من شأن إسقاط الحدود بين فضاء السوق وفضاء الثقافة، فقدان البوصلة النقدية التي عادة ما تميز هذه الأخيرة، الأمر الذي عجّل بظهور ما يسمي بالحروب الثقافية في الفضاءات الاجتماعية".
أما الفيلسوف الكندي شارل تايلور فيري أن اهم نقد للمعلوماتية هو"طغيان النزعة الفردية إنْ سمحت بحرية أكبر وإشباع حاجيات الإنسان، يمكن في ذات الوقت أن تؤدي إلي الانعزالية والانكفاء علي الذات بما يباعد بين الفرد والمجتمع وتجعل هذا الأخير جزرا منعزلة عن بعضها البعض.
انتقادات ماكس فيبرللمجتمع الصناعي
لاشك ان كلام تايلور يردنا الي عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، الذي حلل المجتمع الصناعي من قبل وتوصل الي حقيقة قد ترشدنا الي علاقة التحولات الثقافية الوافدة مع مجتمع الانترنت علي قيم الانتاج والانماط الاجتماعية ،يري فيبر أن مرد التحولات العميقة تكمن في أن منطق المجتمع الصناعي دفع في اتجاه تكوين مجتمعات بيروقراطية مهيكلة وخاضعة لأنظمة حسابية دقيقة وصارمة، تعتمد آليات العقلانية الأداتية في جميع مجالات الحياة الاجتماعية، بغاية النجاعة والفعالية. فالدولة الأمة مثلا وجدت نفسها معنية بإعداد التراب الوطني وتجهيزه بالبنيات التحتية، كما توفير حاجيات الساكن المختلفة بما يؤمن رفاه كل واحد منهم وقضاء حاجياتهم " سكن، صحة، تعليم، عمران، وقاية...".
ويعتبر العالم الفرنسي آلان تورين "أن الارتباط القديم بين التقنية والقيم الثقافية والسياسية في زوال، حيث لم يعد هناك من ارتباط وثيق بينهما، بل يلاحظ غلبة العقلية الأداتية ما يجعل النتائج الاجتماعية والثقافية مرتبطة باستعمالات تقنية محضة "
لماذا يكرهوننا؟
في اطار رغبة الرأسمالية الأمريكية للتوسع في الاسواق ،تقوم الولايات المتحدة الأمريكية(بإيصال المبادئ والقيم التي تشكل أسس سياستها وتحدد طبيعتها كدولة عبر البرامج التقليدية وعبر جميع الأدوات التكنولوجية بمشاركة القطاعين العام والخاص، وتعمل في الوقت نفسه للاجابة عن سؤال :لماذا يكرهوننا؟ من خلال برامج علي الانترنت لزيادة التفهم والاحترام المتبادل بين شعب الولايات المتحدة وشعوب البلدان الأخري. وبحسب باتريشيا هاريسون مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشئون التعليمية والثقافية قد وسعت بعد 11 سبتمبر 2001م من اتصالاتها إلي أبعد من النخب، إلي المجموعات الاجتماعية الاستراتيجية التي تضم الشباب والقيادات الدينية ابتداء من وزارة التربية إلي الأساتذة ورجال الدين والمدربين الرياضيين والأهالي، وتعمل علي استضافة ما يزيد علي 30 ألف زائر في برامج التبادل الثقافي مع 1500 منظمة عالمية وتعمل علي تمويل برامج تعليم اللغة الإنجليزية للشباب وتستخدم كل الوسائل الإعلامية من الإنترنت إلي المطبوعات، وأقامت العديد من اللجان مع العالمين العربي والإسلامي للتنسيق والتواصل في مقدمتها اللجنة الجديدة للتواصل مع العرب والمسلمين المعتدلين لتطوير أجندة الفرص، وقامت بتأسيس مواقع عربية علي الإنترنت وزادت أعمال الترجمة اليومية من العربية من ثلاثة أو أربعة آلاف كلمة في اليوم إلي اثنتي عشرة وخمس عشرة ألف كلمة في اليوم، والشراكة من أجل التعليم عام 2001م وما زالت منتجات التليفزيون والفيديو أدوات استراتيجية قوية للاتصال في تبليغ الرسالة السياسية الخارجية الأمريكية، وتبلغ ميزانية هذه النشاطات الموجهة إلي الشرق الأوسط 25% من مجموع الميزانية العامة لتمويل هذه النشاطات الداعية للتسامح الديني والتنوع الإثني.
أين العرب في مجتمع الانترنت؟
توجد إشارات إحصائية تشير إلي أن إجمالي مستخدمي الإنترنت حول العالم تجاوز عددهم المليار مستخدم، إلا أن المستخدمين العرب للشبكة لا يمثلون إلا 1.7% فقط من المجموع العام لمستخدميها في العالم، فمن بين حوالي مليار مستخدم في أنحاء العالم، لا يتجاوز عدد المستخدمين العرب 17مليون شخص في أكثر الإحصاءات التقديرية تفاؤلا علماً أن سكان العالم العربي الذين يكادون يصلون إلي300 مليون إنسان وأن من بينهم حوالي50 مليون أُمي حسب الإحصاءات التي أجريت مؤخراً من قبل جامعة الدول العربية، وستكون هذه النسبة الكبيرة خارج دائرة استخدام الإنترنت.
وتفسير ذلك أن الدول المتقدمة بهذا المجال أوجدت البنية التحتية القوية بأسعار في متناول الجميع.
وهكذا نري الفرق الشاسع بين الدول العربية والدول المتقدمة في نسب مستخدمي الانترنت ومثال ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة تتربع برأس القائمة بنسبة 10.2% و تليها لبنان 8% و الكويت 5.5% و الأردن 2% ومصر بنسبة 0.8% من تعداد السكان،.وليس المهم هنا هو ارقام واعداد مستخدمي الانترنت بقدر الاهتمام بالخدمات التي قدمتها الشبكة العنكبوتية للاقتصاد العربي، وتنشيط حركتي التجارة والسياحة فضلا عن المساهمة في خلق ثقافة جديدة تصب في مصلحة العقل العربي وقضاياه الاساسية.
ولاتتوفر احصاءات دقيقة عن مدي مساهمة المعلوماتية في تنشيط الاقتصاد العربي لكن هناك مؤشرات علي تنامي استخدام التكنولوجيا في الاتصال التجاري والسياحي بين العرب والعالم،كما ان مجتمع الانترنت وفر للعرب فرصة معرفة مايدور في العالم ومن دون الانترنت ماكان يمكن معرفة قصة الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول الكريم ،ولا كان ممكنا للدنمارك معرفة رد الفعل الاسلامي.
لكن من دون شك لاتزال هناك فجوة بين الانسان العربي ومجتمع المعرفة ونقصد هنا الكتل الجماهيرية وليس النخبة، ونشير الي تقرير المعرفة العربي لعام 2009، الذي يرسم صورة لحالة اقتصاد المعرفة في الدول العربية.
التقرير الذي تم إعداده بالشراكة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، قدم أرقاما مخيفة، من بينها أن خمس العرب، أي 60 مليون نسمة، أميون و45% من الطلاب العرب الدارسين في الخارج لا يعودون، كما أن ما يقارب 9 ملايين طفل في سن التمدرس يوجدون خارج أسوار المدارس، وحسب التقرير، الذي أطلق في دبي خلال المنتدي الاستراتيجي العربي، فإن الفقر ما زال يتزايد في المنطقة العربية، حيث إن أكثر من 18% من العرب فقراء، كما تصاعدت نسبة البطالة في الكثير من الدول العربية مسجلة نسبة وصلت 30%،وهذه الصورة تتناقض كليا مع قواعد مجتمع المعرفة الذي ينطلق من ثلاثية المعرفة والتنمية والحرية، وهي تعني أنه لا تقدم بدون معرفة ولا معرفة بدون حرية، إذ إن العلاقة عضوية بين العناصر الثلاثة، فلا تنمية إنسانية من دون معرفة. وهنا يجب التأكيد علي غائية المعرفة التي تخدم التنمية والمجتمع الذي تنصهر فيه، فالمعرفة في نهاية
المطاف مطلب وحق إنساني.
وينطلق التقرير من مبدأ حماية الحق في المعرفة كواحد من حقوق الإنسان الاساسية، ويبني رؤيته لتطوير مجتمع المعرفة علي ثلاثة قواعد هي الانفتاح والتواصل والحرية والتكامل مع الحاجات التنموية للمجتمع وبدون هذه القواعد الثلاث مجتمعة من الصعب أن يتحقق أي تطور نحو التنمية والمعرفة، فلا يمكن لمجتمع متردد في القبول بالانفتاح والتواصل أن يحقق الحرية المطلوبة في طرح الأفكار والحوار ،وبناء علي القواعد الثلاث يقترح التقرير أيضا ثلاثة محاور للعمل، الأول هو التوظيف في خدمة التنمية الإنسانية من خلال إقامة وتوثيق العلاقة ما بين نقل وإنتاج وتطوير المعرفة من جهة وما بين إنتاج السلع والخدمات والإنتاج الثقافي من جهة أخري.
المحور الثاني هو توفير البيئات المناسبة من خلال الحريات وسيادة القانون والتشريعات والمؤسسات الحاضنة للمعرفة والسياسات التنموية التي تشجع الإبداع وتحتفي به.
المحور الثالث يركز علي نقل وتوطين المعرفة من خلال إحياء اللغة العربية بما في ذلك الترجمة ومنهجة نقل التكنولوجيا وإقامة ودعم دور البحث العلمي ومكافأة المعرفة المنتجة محليا والاحتفاء بها. هذه المحاور تتطلب تغييرا جذريا في النمط السائد من الإدارة في العالم العربي وخاصة في مجال تمكين واحترام وتقدير البحث العلمي والمعرفة ومكانتها الاجتماعية ودورها في صناعة السياسات والقرارات.
هل يبدو ذلك حلما غير قابل للتحقق؟بالعكس هناك امكانات عربية هائلة لدخول مجتمع المعرفة بشرط توفر الارادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.