كتبت ناريمان ناجى منذ قيام الثورة و حتى الآن ،خرج ملايين الناخبين المصريين مرتين إلى صناديق الاقتراع ، الأولى كانت يوم 19 مارس للاستفتاء على التعديلات الدستورية و الثانية في 28 نوفمبر من أجل الانتخابات البرلمانية بفرعيها الشعب و الشورى. في الأولي شعرنا بالتحرر من استعباد الدكتاتور و من بيروقراطية عملية التصويت؛ فكلُ من خرج للاستفتاء توجه إلى أي لجنة تروق لها نفسها أو مناسبة له و للتجمع الأسري أو الشللي الذي خرج معه ،لكن مع الانتخابات البرلمانية و مع تحديد لجنة لكل مواطن فلا يجوز و لا يحق له غيرها، انتاب البعض شعوراً بأن الحكومة و المجلس العسكري عادوا لتقييد الحريات ،لدرجة أن عدد لا بأس به من المواطنين البسطاء لم يخرجوا للتصويت إلا لإسقاط الغرامة المزمعة. فهذا الذي ظنه البعض تقييداً انتخابياً نطلق عليه "الموطن الانتخابي" أي أن لكل مواطن مقر انتخابي محدد و لجنة محددة و كشف محدد و رقم مسلسل أيضاً محدد و كل ذلك وفقا للرقم القومي و لمحل سكن الناخب المدون بالبطاقة. و كمعلومة لكم يتم تحديد اللجان وفقاً للتنسيق بين اللجنة العليا للانتخابات و مديريات الأمن في كل محافظة. و بما أننا في ثورة تسعى لاستكمال أهدافها ، فمن المفترض أن منحنى المسار الديمقراطي في تقدم وعلو مستمر و حتى و إن حدث تراجع فيجب أن يكون محدوداً جداً، لكن ما حدث أن بداية الحديث عن التصويت في الانتخابات الرئاسية كان بداية العودة للبداية " انتخابات بلا موطن انتخابي " أي تقييد حرية الانتخابات، إطلاق عنان من يخشون مسار ديمقراطي سليم وعمليات تزوير و أصوات باطلة لا يمكن حصرها. و حتى لا يكون الكلام مرسلاً وغير قائم على أي حجج مقنعة. فلتتفضلوا معي لأوضح لكم بمقارنة بسيطة، ما الفارق بين انتخابات بموطن انتخابي و أخرى بدونه؟ أولاً مستوى نزاهة الانتخابات: الموطن الانتخابي = صوت لكل ناخب و كما عرَفناه أعلى هو (مقر انتخابي محدد و لجنة محددة و كشف محدد و رقم مسلسل أيضاً محدد و كل ذلك وفقا للرقم القومي و لمحل سكن المواطن المدون بالبطاقة ولا يجوز و لا يحق له غيره). أما مع غياب هذا الموطن، فالناخب غير مقيد بلجنة أو بكشف، فلكلٍ حق التوجه لأي صندوق اقتراع. و مع غياب هذا التقييد و قلة جودة الحبر الفوسفوري، سيلجأ مرشحو الفلول دون أدنى شك إلى البطاقة الدوارة، تلك التي تدخل عشرات اللجان دون عائق و تحشد آلاف الأصوات. وعلى سبيل المثال و بعملية حسابية بسيطة: 1000 فلولي (أٌقل تقدير وكل فرد يأتي ب2 معه) * 5 صناديق اقتراع = 2000*5=10.000 و مع تكرار هذه العملية في اليوم التالي يعني على أقل تقدير 20.000 صوت . ثانيا : تأمين المقار الانتخابية: توزيع قوات الأمن و تأمينها بالأسلحة اللازمة في أي مكان لا يتم عشوائياً بل بطريقة منظمة جداً تعتمد على سعة المكان المطلوب تأمينه و طبيعته و عدد المترددين عليه وكم ساعة ستمكث هذه القوات هناك؟ و قد شهدنا في الانتخابات البرلمانية أن كل شئ كان محسوب فكل مقر معروف عدد اللجان الموجودة به، وكل لجنة بها كشف لا يقل عن ألف ناخب و مواعيد العمل محددة، لكن إذا انتزعنا الموطن الانتخابي من الانتخابات الرئاسية معني ذلك أن الكثافة التأمينية لن تكون محسوبة بطريقة سليمة لأن عدد الناخبين المترددين على أي لجنة غير معلوم و كذلك عدد ساعات العمل فمن الوارد جداً أن تزدحم لجنة و أخرى لا. .و بما أن أعمال البلطجة والأمن بالريموت كنترول، فالوضع إذن بدون موطن انتخابي لا يحتمل المغامرة على الإطلاق، فنحن لا نريد أي عمل تلكيكي وهمي يؤجل لنا انتخابات الرئاسة ويزيد من الفترة الانتقالية التي تطول تلقائيا. ثالثاُ: الإعداد اللوجيستي: إعداد لجنة سيصوت بها 1000 ناخب أمر واضح وصريح يجعلك تأتي بكل العدة المساعدة التي تكفي هذا العدد :حبر-ورق -موظفون مساعدون للقاضي المشرف على اللجان – صناديق اقتراع تحت سيطرة القاضي . أما لجنة بلا موطن انتخابي أي بلا عدد محدد من الناخبين تعني ورق و حبر وارد نفاذهما في أي وقت و بالتالي سيتوقف سير عملية التصويت في هذه اللجنة إلى ما شاء الله،أو قاضي من الممكن أن يفقد سيطرته على اللجنة و على الورق الذي يمكن أن يتم سحبه دون ختم و بالتبعية أصوات باطلة ، ناهيك مشاكل كثيرة من الممكن أن تقع بين المواطنين و الموظفين. و لقد شاهدت ذلك بنفسي في لجنة المركز القومي للبحوث بالدقي حيث أدليت بصوتي في الاستفتاء على التعديلات الدستورية،أربع صناديق في لجنة واحدة، حوار مرح بين كل ناخب و كل موظف بعد عملية التصويت، الناس تخرج دون الحبر الفوسفوري و أوراق غير مختومة. و أخيرا لا ننسى أننا سنخرج إلى صناديق الاقتراع لأول مرة في الصيف فما سبق كله كان في الشتاء، إذن عامل السرعة و الهدف المحدد واجبين. إذا كان الشعب حقاً يريد..فهو يريد رئيس منتخب من صناديق انتخابات نزيهة...أولها شرف و أوسطها عدل و آخرها حرية...ادعم الموطن الانتخابي حتى لو كان سيقيدك لمدة يوم، فقيد يوم ولا قيد سنوات مع رئيس آتي من انتخابات مشكوك في نزاهتها...موطنك الانتخابي هو بداية لوطنك الديمقراطي لا تتخل عنه... عن نفسي لن أكتفي بالمقالة...سأسعي لتطبيق و تفعيل هذا الموضوع بكل الوسائل و الوسائط الممكنة من إعلاميين و سياسيين و أعضاء برلمانيين و حتى مرشحي الرئاسة. فضمان نزاهة انتخاباتنا أقل حقوقنا و أهمها... الموضوع ليس صعباً على الإطلاق، فما تم تطبيقه في الانتخابات البرلمانية يمكن تطبيقه في الرئاسية. و لنا لقاء قريب بإذن الله مع " عمليات فرز الانتخابات "... الشعب ينادي بموطن انتخابي ...الشعب يحتاج موطن انتخابي ...