الآلاف يشاركون في احتفالات عيد «أم النور» بكنائس الأقصر (صور)    رئيس جامعة الإسكندرية يفتتح معرض أخبار اليوم للتعليم العالي في نسخته الرابعة (صور)    في مؤتمر صحفي.. قائمة المستقبل تعلن عن مرشحيها وبرنامجها لخوض انتخابات نقابة الأطباء    "حماة الوطن" يبدء أولى اجتماعات الترتيب لخوض انتخابات النواب 2025    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا؟ أعلى شهادات البنك الأهلي الآن    البترول: 3 من كل 10 لترات بنزين يستهلكها المواطن تنتجها شركة مصرية خالصة    شقق للإيجار في أكتوبر.. اختر منزلك بجانب أفضل فرص العمل والتعليم    تقارير: أمريكا طلبت من إسرائيل تقليص عملياتها في لبنان    تقارير: قاعدة صواريخ نووية سرية في كوريا الشمالية تهدد أمريكا    «الدراسات المستقبلية» بجامعة القدس: إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء ولا تهتم بأي مواقف إقليمية أو دولية    موعد مباراة الزمالك المقبلة بعد ثنائية مودرن سبورت    جماهير الزمالك توجه رسالة للاعبي الفريق خلال مباراة مودرن سبورت    عمر مرموش يكشف عن أصعب خصم واجهه في الدوري الإنجليزي    مارسيليا يوافق على رحيل جوناثان روي إلى بولونيا الإيطالي    زوجة ضحية الإسماعيلية: قلوبنا هدأت.. وعزاء زوجي السبت    تنفيذ الإعدام بحق المتهم الرئيسى فى جريمة اغتصاب سيدة أمام زوجها بالإسماعيلية    وزير البترول يشارك نجل بطل حريق العاشر فرحة زفافه بمسقط رأسه بالدقهلية (فيديو)    بالصور| رانيا يوسف وسيد رجب يحتفلان ببدء تصوير مسلسل "لينك"    بدرية طلبة تمثل أمام لجنة مجلس تأديب من 5 أعضاء.. اعرف التفاصيل    محمد فايز فرحات: إرادة مشتركة بين مصر والسعودية للحفاظ على العلاقات الثنائية وتطويرها    بالصور.. دينا الشربيني تخطف أنظار الجمهور في أحدث ظهور بفستان قصير    استخراج مقص من جمجمة مريض في جراحة دقيقة ببنها    قرارات هامة لمواجهة الإهمال الطبي داخل قطاع الصحة بالمنيا    نائب وزير الصحة: الحضانات تكلف مصر 87 مليار جنيه سنويا بسبب الولادة القيصرية    فحص 1051 متردد خلال قافلة طبية مجانية بالمنيا    مواكب المحتفلين تجوب شوارع الأقصر في ختام صوم العذراء (صور)    لم يرحمهم السيسي .. قانون الإيجار القديم يهدد بتشريد سكان المقابر فى الشوارع    تراجع جماعي للبورصة المصرية وخسائر 5 مليارات جنيه    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    مصدر ب"التعليم" يوضح موقف معلمي المواد الملغاة في الثانوية العامة    تصعيد إسرائيلي واسع في غزة.. وضغوط تهجير مضاعفة في الضفة الغربية    سلوت: نيوكاسل من أفضل فرق البريميرليج.. وهذه مزايا ليوني    خالد الجندي: الإسلام لا يقبل التجزئة ويجب فهم شروط "لا إله إلا الله"    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    تُطلقها السكة الحديد اليوم.. ما هي خدمة ""Premium"؟    تنسيق الجامعات.. برنامج متميز بكلية التربية جامعة حلوان يؤهلك لسوق العمل الدولي    خبراء سوق المال: قطاعا الأسمنت والأدوية يعززان النمو في البورصة    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    قصور القلب- دلليك الشامل للتعرف عليه    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    الإسماعيلي يتلقى ضربة جديدة قبل مواجهة الطلائع في الدوري    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    قمة الإبداع الإعلامي تناقش تحديات صناعة الأخبار في عصر الفوضى المعلوماتية    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    مصدر ليلا كورة: أعمال استاد الأهلي مستمرة والتربة الصخرية لا تعيق الحفر    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    أحكام ب8 سنوات حبس.. استمرار التحقيقات مع رجب حميدة بكفر الشيخ    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    الرئيس اللبنانى: ملتزمون بتطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة    الزمالك يناشد رئيس الجمهورية بعد سحب ملكية أرض أكتوبر    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    غلق الستار الأليم.. تشييع جثمان سفاح الإسماعيلية    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفرجل " التفاحة الذهبية " رمز الخصوبة و الحب و الحياة
نشر في البداية الجديدة يوم 04 - 11 - 2012


السفرجل " التفاحة الذهبية "
رمز الخصوبة و الحب و الحياة
يطلق علميا على السفرجل (quince)، الذي يعتبر من أنواع الفاكهة الشتائية المعروفة في الشرق والغرب، اسم «سيدونيا اوبلونغا» (cydonia oblonga)، وهو من جنس «سيدونيا» (cydonia) من عائلة «روساكيا» (rosaceae) ومن الفصيلة الوردية، التي تعتبر من الفصائل ذوات الفلقتين والتي تضم عدة أجناس من الأشجار والشجيرات والأعشاب التي تحب البيئة الباردة عادة أو تنمو فيها. وسميت هذه الفصيلة بالوردية، لأن أزهارها تشبه أزهار الورد، ومن أنواع الفاكهة والأشجار الأخرى التي تنتمي إليها، الإجاص واللوز والتفاح والكريز، ومن الشجيرات التوت والفراولة أو الفريز والعليق على أنواعه. وهناك أنواع أو أجناس بشكل أدق تأصلت منه واستقلت، مثل السفرجل الصيني المعروف علميا ب«بسودوسيدونيا ساينينسيس» (pseudocydonia sinensis)، والسفرجل في شرق آسيا بشكل عام يعرف ب«كيانوميليس» (chaenomeles). كما أن هناك أيضا ما يعرف بالسفرجل البنغالي (bengal quince) الذي يطلق عليه اسم «بيل» (bael). لكن لا علاقة لهذا السفرجل نباتيا بالسفرجل المعروف بأي حال، فإن الأكاديين الذين عرفوه قديما في بلاد ما بين النهرين، أطلقوا عليه اسم «سبرجيلو» (supurgillu)، أما الاسم الإنجليزي «كوينس» (quince) فيعود إلى القرن الرابع عشر كما يبدو إلى اسم «كوين» (quoyn) (جمع)، المأخوذ من الفرنسية القديمة «كوين» (cooin) المتدرج من الاسم اللاتيني «سيدونيوم مالوم» (cydonium malum) الذي بدوره يعني في اليونانية «تفاحة كيدونيا» (kydonian apple).
مهما يكن، فإن النبتة الطيبة معروفة وتزرع في الكثير من البلدان وعلى رأسها تركيا التي تنتج ربع ما ينتجه العالم من السفرجل كل سنة، ويحبه الإيرانيون كثيرا منذ قديم الزمان ومنذ أيام الإمبراطورية الفارسية قبل آلاف السنين، وهناك الكثير من المناطق التي لا تزال تستهلكه بكثرة، خصوصا بعض المناطق الجبلية والشمالية. كما يعتبر من أنواع الفاكهة الوطنية - كتركيا وإيران - في أرمينيا وأذربيجان وجورجيا وباكستان وكرواتيا والبوسنة وصربيا ومقدونيا وألبانيا ورومانيا وبلغاريا وأوكرانيا واليونان، بالإضافة إلى الكثير من الدول الأخرى، ولكن بكميات أقل في أوروبا والولايات المتحدة. وكان الإغريق في قديم الزمان يقدمون السفرجل أثناء الأعراس، وكانوا يحترمونه ويقدرونه لأن أفروديتي جلبته معها إلى اليونان من الشرق، وبالتحديد من «بلاد المشرق» أو «بلاد الشام» التي يطلق عليها اسم «ليفانت»، وتضم قديما صحراء سيناء وقبرص وسورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق. وكان على العروس قبل ليلة الدخلة قضم قطعة من السفرجل، تيمنا بهدية باريس لأفروديتي التي كانت سفرجلة. كما كان الناس يرشقون موكب العروس قبل وصولها إلى المنزل بالسفرجل ويقدمون كعكة من العسل والسمسم (السمسمية) للتأكيد على خصوبتها قبل تقديم السفرجلة الطازجة إلى العروس.
كانت اطلانطا بنت ليسيوس، وهي شخصية إغريقية خرافية، تكن للسفرجل الذهبي مكانة خاصة. مهما يكن فإن اليونانيين اعتبروا السفرجل دائما رمزا للخصوبة والحب.
وقبل اليونان يقال إن بعض الكلمات التي جاءت باسم «تفاحة» في ترجمات أغاني سليمان كانت تدل على السفرجل وتم ترجمتها بالخطأ إلى تفاح لأنه درج إلى وقت طويل ربط الاسمين أو خلطهما. كما أحب الرومان أيضا السفرجل، الذي جاء ذكره وذكر وصفات طبخه في كتاب «أبيقيوس» (apicius) الخاص بالطبخ في القرن الرابع للميلاد. وتحدث الكتاب عن وصفة خاصة ليخنى السفرجل مع العسل والكراث أحيانا. وذكر المؤرخ الروماني المعروف بليني الكبير أو الأب نوعا واحدا من السفرجل الذي كان يؤكل نيئا ويعرف ب«سفرجل المولفيان» (mulvian quince). أما كولوميلا فقد ذكر عدة أسماء وأنواع، منها «التفاحة الذهبية» التي منحت اسمها أو وهبته للبندورة في الإيطالية «بومدورو». ويعتقد أن هذه التفاحة الذهبية هي السفرجل الذي جاء كما يعتقد قديما من حدائق «هيسبيريديس»، أي «حدائق التفاح الذهبي». وحسب الخرافات والحكايات القديمة، فإن الأرض أهدت هذه الحدائق إلى الإلهة اليونانية هيرا بمناسبة زواجها من كبير الآلهة زيوس. وتقول الموسوعة الحرة في هذا الشأن إن هذا الاسم في اليونانية كان يعود إلى الحوريات اللواتي لجأن إلى الحدائق الغناءة في العالم المحظوظ في ليبيا القديمة. وبينما تشير الموسوعة إلى أن موقع هذه الحدائق الخاصة بالسفرجل كان في موقع بنغازي حاليا في إقليم سيرين شرق ليبيا في القرن السادس قبل الميلاد، تشير بعض المصادر إلى أنها كانت قرب جبال الأطلس في منطقة طنجة في المغرب. وذكر الكثير من المؤرخين الأوروبيين لاحقا أنها كانت في جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية، أي البرتغال وإسبانيا.
تاريخيا، تقول المعلومات المتوافرة إن بلاد السفرجل الأصلية أو موطنه هي بين منطقة بحر قزوين والبحر الأسود والمناطق الجبلية في القوقاز التي تطال تركيا وإيران وجنوب جورجيا. ومع هذا فإن استغلاله وزراعته على نطاق واسع، كان في بلاد ما بين النهرين (mesopotamia) في القرن الأول قبل الميلاد. ومن هناك وصل إلى فلسطين وأخذه أهل اليونان لزراعته خلال زياراتهم للشرق. ولا يزال الكثير من المؤرخين يجادلون بأن الفاكهة التي أكلتها حواء في جنة عدن لم تكن تفاحة بل رمانة أو سفرجلة. وبعد الصراع بين العرب والمسلمين والإمبراطورية البيزنطية في القرن الثامن، وانتقال العاصمة من دمشق إلى بغداد، عرف العرب الكثير من المنتوجات نتيجة الازدهار الذي شهدته المدينة. فبينما كان البعض يجلب إلى بغداد القرفة من الصين كان البعض الآخر يجلب جوز الهند من الهند والسفرجل والزعفران والتفاح والملح من بلاد فارس وبالتحديد من أصفهان. وكان الملك شارلمان في فرنسا كما يبدو مسؤولا عن دخول السفرجل إلى البلاد وزراعته في الحدائق الملكية عام 812 بأوامر منه شخصيا. وفي القرن الثامن عشر انتشر السفرجل بكثرة في أستراليا ونيوزيلاندا، ويبدو أنه جاء إلى هاتين المستعمرتين الجديدتين آنذاك عبر البضائع التي كانت تصل من بريطانيا وربما الهند والصين واليابان.
وأوصل الإنجليز كما يبدو السفرجل إلى العالم الجديد، إلى الولايات المتحدة الأميركية عام 1629 في خليج ماسيتشوسيتس، ثم انتشر لاحقا في ولاية فرجينيا واعتاد الأميركيون بعدها على طعمه الحلو والمز والقاسي في الوقت نفسه. ومنها اتجه غربا في اتجاه تاكساس عام 1850، حيث كان الناس يرغبون في امتلاك شجر الفاكهة في حدائقهم وخصوصا التفاح والرمان والتين والدراق والخوخ والسفرجل.
وكان نجاح السفرجل في بعض دول أميركا اللاتينية جنوبا أكبر، كما يبدو، وذكر وجوده الإسبان في التشيلي في القرن التاسع عشر، الذين قالوا إنه يصبح حلوا طيب المذاق إذا ما ترك ينضج على شجره أو على «أمه». وربما نتيجة هذا الطعم الحلو أحبه الناس في أميركا اللاتينية، مع أن أهل المكسيك يجدونه قويا ومزا ولكنهم اعتادوا عليه منذ زمن طويل على هذه الحال. على أي حال فإن إنتاج السفرجل في الولايات المتحدة تراجع كثيرا منذ سنوات ولا تزال مناطق زراعته وإنتاجه الرئيسية هي تركيا وإيران وأميركا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام حيث يعتبر جزءا لا يتجزأ من الفاكهة المحلية.
مهما يكن، فإن للفاكهة المفيدة جدا للصحة، كجميع أنواع الخضار والفاكهة، استخدامات عدة، منها صناعة المربى وال«جلي» وشتى أنواع الحلويات. وأحيانا يضاف إلى بعض أنواع المربى لتحسين طعمها وتزكيتها. ويقال إن كلمة «مارمالاد» (marmalade) التي تعني «مربى» في الفرنسية والإنجليزية وبعض اللغات الأخرى، جاءت من كلمة «مارميلو» البرتغالية التي تعني في الأصل «مربى السفرجل». وكان البرتغاليون من عشاق السفرجل إلى درجة أن صنعوا منه الخمر والنبيذ. كما يمكن تقشير السفرجل وشيّه وطبخه. ويستخدم الألمان عصيره ويحبونه كثيرا.
أما في البلدان العربية وتركيا وإيران فيستخدم في الطبخ ومجففا وللحلوى ولمختلف أنواع العلاجات الطبية. ويكثر السفرجل في جنوب أوروبا كما سبق أن ذكرنا، وعند ولادة الطفل في كرواتيا وسلوفينيا يلجأ الأهل إلى زرع شجرة سفرجل، حيث ترمز إلى الخصوبة والحب والحياة، أخذا عن الإغريق.
وفي مالطا يستخدم كثيرا كمربى ويتم تذويب خليطه الحلو في المياه المعلبة لعلاج بعض العلل. وفي لبنان أيضا يستخدم كمربى وفي سورية أيضا لكن في سورية يطبخ مع الرمان واللحم والكبة أحيانا ويطلق عليها «كبة سفرجل». وفي إيران يطبخ ويؤكل طازجا وكحلوى وغيره، وتستخدم بذوره لعلاج أمراض الصدر كما هو الحال في أفغانستان. ويغليه الباكستانيون مع السكر حتى يصبح لونه أحمر ويطلقون عليه اسم «مربى». وفي أميركا اللاتينية، حيث يطلقون عليه اسم «مامبريلو» بالإسبانية، يستخدم ويزرع في الكثير من البلدان مثل فنزويلا والأرجنتين والتشيلي واليوراغواي والمكسيك. ويستخدمون مربى السفرجل في أميركا اللاتينية أحيانا في الساندويتشات مع الجبنة ويطلقون عليه اسم «dulce de membrillo».
على أي حال، فإن السفرجل من أنواع الفاكهة الفاخرة والمهمة التي لا يمكن لبعض الشعوب الاستغناء عنها في مطبخهم المحلي. ولجمال هذه الفاكهة أو الثمرة ولونها الأصفر المخملي الصلب، دخلت التاريخ والأسطورة وأصبحت جزءا من التراث الشعبي للكثير من الشعوب والأمم، إلى درجة أن أطفال الكاريبي يستخدمونها أحيانا في ألعابهم اليومية.
يطلق علميا على السفرجل (quince)، الذي يعتبر من أنواع الفاكهة الشتائية المعروفة في الشرق والغرب، اسم «سيدونيا اوبلونغا» (cydonia oblonga)، وهو من جنس «سيدونيا» (cydonia) من عائلة «روساكيا» (rosaceae) ومن الفصيلة الوردية، التي تعتبر من الفصائل ذوات الفلقتين والتي تضم عدة أجناس من الأشجار والشجيرات والأعشاب التي تحب البيئة الباردة عادة أو تنمو فيها. وسميت هذه الفصيلة بالوردية، لأن أزهارها تشبه أزهار الورد، ومن أنواع الفاكهة والأشجار الأخرى التي تنتمي إليها، الإجاص واللوز والتفاح والكريز، ومن الشجيرات التوت والفراولة أو الفريز والعليق على أنواعه. وهناك أنواع أو أجناس بشكل أدق تأصلت منه واستقلت، مثل السفرجل الصيني المعروف علميا ب«بسودوسيدونيا ساينينسيس» (pseudocydonia sinensis)، والسفرجل في شرق آسيا بشكل عام يعرف ب«كيانوميليس» (chaenomeles). كما أن هناك أيضا ما يعرف بالسفرجل البنغالي (bengal quince) الذي يطلق عليه اسم «بيل» (bael). لكن لا علاقة لهذا السفرجل نباتيا بالسفرجل المعروف بأي حال، فإن الأكاديين الذين عرفوه قديما في بلاد ما بين النهرين، أطلقوا عليه اسم «سبرجيلو» (supurgillu)، أما الاسم الإنجليزي «كوينس» (quince) فيعود إلى القرن الرابع عشر كما يبدو إلى اسم «كوين» (quoyn) (جمع)، المأخوذ من الفرنسية القديمة «كوين» (cooin) المتدرج من الاسم اللاتيني «سيدونيوم مالوم» (cydonium malum) الذي بدوره يعني في اليونانية «تفاحة كيدونيا» (kydonian apple).
مهما يكن، فإن النبتة الطيبة معروفة وتزرع في الكثير من البلدان وعلى رأسها تركيا التي تنتج ربع ما ينتجه العالم من السفرجل كل سنة، ويحبه الإيرانيون كثيرا منذ قديم الزمان ومنذ أيام الإمبراطورية الفارسية قبل آلاف السنين، وهناك الكثير من المناطق التي لا تزال تستهلكه بكثرة، خصوصا بعض المناطق الجبلية والشمالية. كما يعتبر من أنواع الفاكهة الوطنية - كتركيا وإيران - في أرمينيا وأذربيجان وجورجيا وباكستان وكرواتيا والبوسنة وصربيا ومقدونيا وألبانيا ورومانيا وبلغاريا وأوكرانيا واليونان، بالإضافة إلى الكثير من الدول الأخرى، ولكن بكميات أقل في أوروبا والولايات المتحدة. وكان الإغريق في قديم الزمان يقدمون السفرجل أثناء الأعراس، وكانوا يحترمونه ويقدرونه لأن أفروديتي جلبته معها إلى اليونان من الشرق، وبالتحديد من «بلاد المشرق» أو «بلاد الشام» التي يطلق عليها اسم «ليفانت»، وتضم قديما صحراء سيناء وقبرص وسورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق. وكان على العروس قبل ليلة الدخلة قضم قطعة من السفرجل، تيمنا بهدية باريس لأفروديتي التي كانت سفرجلة. كما كان الناس يرشقون موكب العروس قبل وصولها إلى المنزل بالسفرجل ويقدمون كعكة من العسل والسمسم (السمسمية) للتأكيد على خصوبتها قبل تقديم السفرجلة الطازجة إلى العروس.
كانت اطلانطا بنت ليسيوس، وهي شخصية إغريقية خرافية، تكن للسفرجل الذهبي مكانة خاصة. مهما يكن فإن اليونانيين اعتبروا السفرجل دائما رمزا للخصوبة والحب.
وقبل اليونان يقال إن بعض الكلمات التي جاءت باسم «تفاحة» في ترجمات أغاني سليمان كانت تدل على السفرجل وتم ترجمتها بالخطأ إلى تفاح لأنه درج إلى وقت طويل ربط الاسمين أو خلطهما. كما أحب الرومان أيضا السفرجل، الذي جاء ذكره وذكر وصفات طبخه في كتاب «أبيقيوس» (apicius) الخاص بالطبخ في القرن الرابع للميلاد. وتحدث الكتاب عن وصفة خاصة ليخنى السفرجل مع العسل والكراث أحيانا. وذكر المؤرخ الروماني المعروف بليني الكبير أو الأب نوعا واحدا من السفرجل الذي كان يؤكل نيئا ويعرف ب«سفرجل المولفيان» (mulvian quince). أما كولوميلا فقد ذكر عدة أسماء وأنواع، منها «التفاحة الذهبية» التي منحت اسمها أو وهبته للبندورة في الإيطالية «بومدورو». ويعتقد أن هذه التفاحة الذهبية هي السفرجل الذي جاء كما يعتقد قديما من حدائق «هيسبيريديس»، أي «حدائق التفاح الذهبي». وحسب الخرافات والحكايات القديمة، فإن الأرض أهدت هذه الحدائق إلى الإلهة اليونانية هيرا بمناسبة زواجها من كبير الآلهة زيوس. وتقول الموسوعة الحرة في هذا الشأن إن هذا الاسم في اليونانية كان يعود إلى الحوريات اللواتي لجأن إلى الحدائق الغناءة في العالم المحظوظ في ليبيا القديمة. وبينما تشير الموسوعة إلى أن موقع هذه الحدائق الخاصة بالسفرجل كان في موقع بنغازي حاليا في إقليم سيرين شرق ليبيا في القرن السادس قبل الميلاد، تشير بعض المصادر إلى أنها كانت قرب جبال الأطلس في منطقة طنجة في المغرب. وذكر الكثير من المؤرخين الأوروبيين لاحقا أنها كانت في جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية، أي البرتغال وإسبانيا.
تاريخيا، تقول المعلومات المتوافرة إن بلاد السفرجل الأصلية أو موطنه هي بين منطقة بحر قزوين والبحر الأسود والمناطق الجبلية في القوقاز التي تطال تركيا وإيران وجنوب جورجيا. ومع هذا فإن استغلاله وزراعته على نطاق واسع، كان في بلاد ما بين النهرين (mesopotamia) في القرن الأول قبل الميلاد. ومن هناك وصل إلى فلسطين وأخذه أهل اليونان لزراعته خلال زياراتهم للشرق. ولا يزال الكثير من المؤرخين يجادلون بأن الفاكهة التي أكلتها حواء في جنة عدن لم تكن تفاحة بل رمانة أو سفرجلة. وبعد الصراع بين العرب والمسلمين والإمبراطورية البيزنطية في القرن الثامن، وانتقال العاصمة من دمشق إلى بغداد، عرف العرب الكثير من المنتوجات نتيجة الازدهار الذي شهدته المدينة. فبينما كان البعض يجلب إلى بغداد القرفة من الصين كان البعض الآخر يجلب جوز الهند من الهند والسفرجل والزعفران والتفاح والملح من بلاد فارس وبالتحديد من أصفهان. وكان الملك شارلمان في فرنسا كما يبدو مسؤولا عن دخول السفرجل إلى البلاد وزراعته في الحدائق الملكية عام 812 بأوامر منه شخصيا. وفي القرن الثامن عشر انتشر السفرجل بكثرة في أستراليا ونيوزيلاندا، ويبدو أنه جاء إلى هاتين المستعمرتين الجديدتين آنذاك عبر البضائع التي كانت تصل من بريطانيا وربما الهند والصين واليابان.
وأوصل الإنجليز كما يبدو السفرجل إلى العالم الجديد، إلى الولايات المتحدة الأميركية عام 1629 في خليج ماسيتشوسيتس، ثم انتشر لاحقا في ولاية فرجينيا واعتاد الأميركيون بعدها على طعمه الحلو والمز والقاسي في الوقت نفسه. ومنها اتجه غربا في اتجاه تاكساس عام 1850، حيث كان الناس يرغبون في امتلاك شجر الفاكهة في حدائقهم وخصوصا التفاح والرمان والتين والدراق والخوخ والسفرجل.
وكان نجاح السفرجل في بعض دول أميركا اللاتينية جنوبا أكبر، كما يبدو، وذكر وجوده الإسبان في التشيلي في القرن التاسع عشر، الذين قالوا إنه يصبح حلوا طيب المذاق إذا ما ترك ينضج على شجره أو على «أمه». وربما نتيجة هذا الطعم الحلو أحبه الناس في أميركا اللاتينية، مع أن أهل المكسيك يجدونه قويا ومزا ولكنهم اعتادوا عليه منذ زمن طويل على هذه الحال. على أي حال فإن إنتاج السفرجل في الولايات المتحدة تراجع كثيرا منذ سنوات ولا تزال مناطق زراعته وإنتاجه الرئيسية هي تركيا وإيران وأميركا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام حيث يعتبر جزءا لا يتجزأ من الفاكهة المحلية.
مهما يكن، فإن للفاكهة المفيدة جدا للصحة، كجميع أنواع الخضار والفاكهة، استخدامات عدة، منها صناعة المربى وال«جلي» وشتى أنواع الحلويات. وأحيانا يضاف إلى بعض أنواع المربى لتحسين طعمها وتزكيتها. ويقال إن كلمة «مارمالاد» (marmalade) التي تعني «مربى» في الفرنسية والإنجليزية وبعض اللغات الأخرى، جاءت من كلمة «مارميلو» البرتغالية التي تعني في الأصل «مربى السفرجل». وكان البرتغاليون من عشاق السفرجل إلى درجة أن صنعوا منه الخمر والنبيذ. كما يمكن تقشير السفرجل وشيّه وطبخه. ويستخدم الألمان عصيره ويحبونه كثيرا.
أما في البلدان العربية وتركيا وإيران فيستخدم في الطبخ ومجففا وللحلوى ولمختلف أنواع العلاجات الطبية. ويكثر السفرجل في جنوب أوروبا كما سبق أن ذكرنا، وعند ولادة الطفل في كرواتيا وسلوفينيا يلجأ الأهل إلى زرع شجرة سفرجل، حيث ترمز إلى الخصوبة والحب والحياة، أخذا عن الإغريق.
وفي مالطا يستخدم كثيرا كمربى ويتم تذويب خليطه الحلو في المياه المعلبة لعلاج بعض العلل. وفي لبنان أيضا يستخدم كمربى وفي سورية أيضا لكن في سورية يطبخ مع الرمان واللحم والكبة أحيانا ويطلق عليها «كبة سفرجل». وفي إيران يطبخ ويؤكل طازجا وكحلوى وغيره، وتستخدم بذوره لعلاج أمراض الصدر كما هو الحال في أفغانستان. ويغليه الباكستانيون مع السكر حتى يصبح لونه أحمر ويطلقون عليه اسم «مربى». وفي أميركا اللاتينية، حيث يطلقون عليه اسم «مامبريلو» بالإسبانية، يستخدم ويزرع في الكثير من البلدان مثل فنزويلا والأرجنتين والتشيلي واليوراغواي والمكسيك. ويستخدمون مربى السفرجل في أميركا اللاتينية أحيانا في الساندويتشات مع الجبنة ويطلقون عليه اسم «dulce de membrillo».
على أي حال، فإن السفرجل من أنواع الفاكهة الفاخرة والمهمة التي لا يمكن لبعض الشعوب الاستغناء عنها في مطبخهم المحلي. ولجمال هذه الفاكهة أو الثمرة ولونها الأصفر المخملي الصلب، دخلت التاريخ والأسطورة وأصبحت جزءا من التراث الشعبي للكثير من الشعوب والأمم، إلى درجة أن أطفال الكاريبي يستخدمونها أحيانا في ألعابهم اليومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.