أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    أسعار الدواجن اليوم الجمعة 9-5-2025 في محافظة الفيوم    الجيش الهندي: القوات الباكستانية انتهكت وقف إطلاق النار في جامو وكشمير    إضاءة مبنى "إمباير ستيت" باللونين الذهبي والأبيض احتفاء بأول بابا أمريكي للفاتيكان    المهمة الأولى ل الرمادي.. تشكيل الزمالك المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا    جوميز: مواجهة الوحدة هي مباراة الموسم    خريطة الحركة المرورية اليوم بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    حفل أسطوري..عمرو دياب يشعل "الارينا" في أعلى حضور جماهيري بالكويت    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    ارتفاع صادرات الصين بنسبة 8% في أبريل    زيلينسكى يعلن أنه ناقش خطوات إنهاء الصراع مع ترامب    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    فرص تأهل منتخب مصر لربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب قبل مباراة تنزانيا اليوم    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    جدول مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تويوتا كورولا كروس هايبرد 2026.. مُجددة بشبك أمامي جديد كليًا    مصر تنضم رسميًا إلى الاتحاد الدولي لجمعيات إلكترونيات السلامة الجوية IFATSEA    بعد بيان الزمالك.. شوبير يثير الجدل برسالة غامضة    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    مستأجرو "الإيجار القديم": دفعنا "خلو" عند شراء الوحدات وبعضنا تحمل تكلفة البناء    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    بنك القاهرة بعد حريق عقار وسط البلد: ممتلكات الفرع وبيانات العملاء آمنة    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    في عطلة البنوك .. آخر تحديث لسعر الدولار اليوم بالبنك المركزي المصري    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفرجل " التفاحة الذهبية " رمز الخصوبة و الحب و الحياة
نشر في البداية الجديدة يوم 04 - 11 - 2012


السفرجل " التفاحة الذهبية "
رمز الخصوبة و الحب و الحياة
يطلق علميا على السفرجل (quince)، الذي يعتبر من أنواع الفاكهة الشتائية المعروفة في الشرق والغرب، اسم «سيدونيا اوبلونغا» (cydonia oblonga)، وهو من جنس «سيدونيا» (cydonia) من عائلة «روساكيا» (rosaceae) ومن الفصيلة الوردية، التي تعتبر من الفصائل ذوات الفلقتين والتي تضم عدة أجناس من الأشجار والشجيرات والأعشاب التي تحب البيئة الباردة عادة أو تنمو فيها. وسميت هذه الفصيلة بالوردية، لأن أزهارها تشبه أزهار الورد، ومن أنواع الفاكهة والأشجار الأخرى التي تنتمي إليها، الإجاص واللوز والتفاح والكريز، ومن الشجيرات التوت والفراولة أو الفريز والعليق على أنواعه. وهناك أنواع أو أجناس بشكل أدق تأصلت منه واستقلت، مثل السفرجل الصيني المعروف علميا ب«بسودوسيدونيا ساينينسيس» (pseudocydonia sinensis)، والسفرجل في شرق آسيا بشكل عام يعرف ب«كيانوميليس» (chaenomeles). كما أن هناك أيضا ما يعرف بالسفرجل البنغالي (bengal quince) الذي يطلق عليه اسم «بيل» (bael). لكن لا علاقة لهذا السفرجل نباتيا بالسفرجل المعروف بأي حال، فإن الأكاديين الذين عرفوه قديما في بلاد ما بين النهرين، أطلقوا عليه اسم «سبرجيلو» (supurgillu)، أما الاسم الإنجليزي «كوينس» (quince) فيعود إلى القرن الرابع عشر كما يبدو إلى اسم «كوين» (quoyn) (جمع)، المأخوذ من الفرنسية القديمة «كوين» (cooin) المتدرج من الاسم اللاتيني «سيدونيوم مالوم» (cydonium malum) الذي بدوره يعني في اليونانية «تفاحة كيدونيا» (kydonian apple).
مهما يكن، فإن النبتة الطيبة معروفة وتزرع في الكثير من البلدان وعلى رأسها تركيا التي تنتج ربع ما ينتجه العالم من السفرجل كل سنة، ويحبه الإيرانيون كثيرا منذ قديم الزمان ومنذ أيام الإمبراطورية الفارسية قبل آلاف السنين، وهناك الكثير من المناطق التي لا تزال تستهلكه بكثرة، خصوصا بعض المناطق الجبلية والشمالية. كما يعتبر من أنواع الفاكهة الوطنية - كتركيا وإيران - في أرمينيا وأذربيجان وجورجيا وباكستان وكرواتيا والبوسنة وصربيا ومقدونيا وألبانيا ورومانيا وبلغاريا وأوكرانيا واليونان، بالإضافة إلى الكثير من الدول الأخرى، ولكن بكميات أقل في أوروبا والولايات المتحدة. وكان الإغريق في قديم الزمان يقدمون السفرجل أثناء الأعراس، وكانوا يحترمونه ويقدرونه لأن أفروديتي جلبته معها إلى اليونان من الشرق، وبالتحديد من «بلاد المشرق» أو «بلاد الشام» التي يطلق عليها اسم «ليفانت»، وتضم قديما صحراء سيناء وقبرص وسورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق. وكان على العروس قبل ليلة الدخلة قضم قطعة من السفرجل، تيمنا بهدية باريس لأفروديتي التي كانت سفرجلة. كما كان الناس يرشقون موكب العروس قبل وصولها إلى المنزل بالسفرجل ويقدمون كعكة من العسل والسمسم (السمسمية) للتأكيد على خصوبتها قبل تقديم السفرجلة الطازجة إلى العروس.
كانت اطلانطا بنت ليسيوس، وهي شخصية إغريقية خرافية، تكن للسفرجل الذهبي مكانة خاصة. مهما يكن فإن اليونانيين اعتبروا السفرجل دائما رمزا للخصوبة والحب.
وقبل اليونان يقال إن بعض الكلمات التي جاءت باسم «تفاحة» في ترجمات أغاني سليمان كانت تدل على السفرجل وتم ترجمتها بالخطأ إلى تفاح لأنه درج إلى وقت طويل ربط الاسمين أو خلطهما. كما أحب الرومان أيضا السفرجل، الذي جاء ذكره وذكر وصفات طبخه في كتاب «أبيقيوس» (apicius) الخاص بالطبخ في القرن الرابع للميلاد. وتحدث الكتاب عن وصفة خاصة ليخنى السفرجل مع العسل والكراث أحيانا. وذكر المؤرخ الروماني المعروف بليني الكبير أو الأب نوعا واحدا من السفرجل الذي كان يؤكل نيئا ويعرف ب«سفرجل المولفيان» (mulvian quince). أما كولوميلا فقد ذكر عدة أسماء وأنواع، منها «التفاحة الذهبية» التي منحت اسمها أو وهبته للبندورة في الإيطالية «بومدورو». ويعتقد أن هذه التفاحة الذهبية هي السفرجل الذي جاء كما يعتقد قديما من حدائق «هيسبيريديس»، أي «حدائق التفاح الذهبي». وحسب الخرافات والحكايات القديمة، فإن الأرض أهدت هذه الحدائق إلى الإلهة اليونانية هيرا بمناسبة زواجها من كبير الآلهة زيوس. وتقول الموسوعة الحرة في هذا الشأن إن هذا الاسم في اليونانية كان يعود إلى الحوريات اللواتي لجأن إلى الحدائق الغناءة في العالم المحظوظ في ليبيا القديمة. وبينما تشير الموسوعة إلى أن موقع هذه الحدائق الخاصة بالسفرجل كان في موقع بنغازي حاليا في إقليم سيرين شرق ليبيا في القرن السادس قبل الميلاد، تشير بعض المصادر إلى أنها كانت قرب جبال الأطلس في منطقة طنجة في المغرب. وذكر الكثير من المؤرخين الأوروبيين لاحقا أنها كانت في جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية، أي البرتغال وإسبانيا.
تاريخيا، تقول المعلومات المتوافرة إن بلاد السفرجل الأصلية أو موطنه هي بين منطقة بحر قزوين والبحر الأسود والمناطق الجبلية في القوقاز التي تطال تركيا وإيران وجنوب جورجيا. ومع هذا فإن استغلاله وزراعته على نطاق واسع، كان في بلاد ما بين النهرين (mesopotamia) في القرن الأول قبل الميلاد. ومن هناك وصل إلى فلسطين وأخذه أهل اليونان لزراعته خلال زياراتهم للشرق. ولا يزال الكثير من المؤرخين يجادلون بأن الفاكهة التي أكلتها حواء في جنة عدن لم تكن تفاحة بل رمانة أو سفرجلة. وبعد الصراع بين العرب والمسلمين والإمبراطورية البيزنطية في القرن الثامن، وانتقال العاصمة من دمشق إلى بغداد، عرف العرب الكثير من المنتوجات نتيجة الازدهار الذي شهدته المدينة. فبينما كان البعض يجلب إلى بغداد القرفة من الصين كان البعض الآخر يجلب جوز الهند من الهند والسفرجل والزعفران والتفاح والملح من بلاد فارس وبالتحديد من أصفهان. وكان الملك شارلمان في فرنسا كما يبدو مسؤولا عن دخول السفرجل إلى البلاد وزراعته في الحدائق الملكية عام 812 بأوامر منه شخصيا. وفي القرن الثامن عشر انتشر السفرجل بكثرة في أستراليا ونيوزيلاندا، ويبدو أنه جاء إلى هاتين المستعمرتين الجديدتين آنذاك عبر البضائع التي كانت تصل من بريطانيا وربما الهند والصين واليابان.
وأوصل الإنجليز كما يبدو السفرجل إلى العالم الجديد، إلى الولايات المتحدة الأميركية عام 1629 في خليج ماسيتشوسيتس، ثم انتشر لاحقا في ولاية فرجينيا واعتاد الأميركيون بعدها على طعمه الحلو والمز والقاسي في الوقت نفسه. ومنها اتجه غربا في اتجاه تاكساس عام 1850، حيث كان الناس يرغبون في امتلاك شجر الفاكهة في حدائقهم وخصوصا التفاح والرمان والتين والدراق والخوخ والسفرجل.
وكان نجاح السفرجل في بعض دول أميركا اللاتينية جنوبا أكبر، كما يبدو، وذكر وجوده الإسبان في التشيلي في القرن التاسع عشر، الذين قالوا إنه يصبح حلوا طيب المذاق إذا ما ترك ينضج على شجره أو على «أمه». وربما نتيجة هذا الطعم الحلو أحبه الناس في أميركا اللاتينية، مع أن أهل المكسيك يجدونه قويا ومزا ولكنهم اعتادوا عليه منذ زمن طويل على هذه الحال. على أي حال فإن إنتاج السفرجل في الولايات المتحدة تراجع كثيرا منذ سنوات ولا تزال مناطق زراعته وإنتاجه الرئيسية هي تركيا وإيران وأميركا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام حيث يعتبر جزءا لا يتجزأ من الفاكهة المحلية.
مهما يكن، فإن للفاكهة المفيدة جدا للصحة، كجميع أنواع الخضار والفاكهة، استخدامات عدة، منها صناعة المربى وال«جلي» وشتى أنواع الحلويات. وأحيانا يضاف إلى بعض أنواع المربى لتحسين طعمها وتزكيتها. ويقال إن كلمة «مارمالاد» (marmalade) التي تعني «مربى» في الفرنسية والإنجليزية وبعض اللغات الأخرى، جاءت من كلمة «مارميلو» البرتغالية التي تعني في الأصل «مربى السفرجل». وكان البرتغاليون من عشاق السفرجل إلى درجة أن صنعوا منه الخمر والنبيذ. كما يمكن تقشير السفرجل وشيّه وطبخه. ويستخدم الألمان عصيره ويحبونه كثيرا.
أما في البلدان العربية وتركيا وإيران فيستخدم في الطبخ ومجففا وللحلوى ولمختلف أنواع العلاجات الطبية. ويكثر السفرجل في جنوب أوروبا كما سبق أن ذكرنا، وعند ولادة الطفل في كرواتيا وسلوفينيا يلجأ الأهل إلى زرع شجرة سفرجل، حيث ترمز إلى الخصوبة والحب والحياة، أخذا عن الإغريق.
وفي مالطا يستخدم كثيرا كمربى ويتم تذويب خليطه الحلو في المياه المعلبة لعلاج بعض العلل. وفي لبنان أيضا يستخدم كمربى وفي سورية أيضا لكن في سورية يطبخ مع الرمان واللحم والكبة أحيانا ويطلق عليها «كبة سفرجل». وفي إيران يطبخ ويؤكل طازجا وكحلوى وغيره، وتستخدم بذوره لعلاج أمراض الصدر كما هو الحال في أفغانستان. ويغليه الباكستانيون مع السكر حتى يصبح لونه أحمر ويطلقون عليه اسم «مربى». وفي أميركا اللاتينية، حيث يطلقون عليه اسم «مامبريلو» بالإسبانية، يستخدم ويزرع في الكثير من البلدان مثل فنزويلا والأرجنتين والتشيلي واليوراغواي والمكسيك. ويستخدمون مربى السفرجل في أميركا اللاتينية أحيانا في الساندويتشات مع الجبنة ويطلقون عليه اسم «dulce de membrillo».
على أي حال، فإن السفرجل من أنواع الفاكهة الفاخرة والمهمة التي لا يمكن لبعض الشعوب الاستغناء عنها في مطبخهم المحلي. ولجمال هذه الفاكهة أو الثمرة ولونها الأصفر المخملي الصلب، دخلت التاريخ والأسطورة وأصبحت جزءا من التراث الشعبي للكثير من الشعوب والأمم، إلى درجة أن أطفال الكاريبي يستخدمونها أحيانا في ألعابهم اليومية.
يطلق علميا على السفرجل (quince)، الذي يعتبر من أنواع الفاكهة الشتائية المعروفة في الشرق والغرب، اسم «سيدونيا اوبلونغا» (cydonia oblonga)، وهو من جنس «سيدونيا» (cydonia) من عائلة «روساكيا» (rosaceae) ومن الفصيلة الوردية، التي تعتبر من الفصائل ذوات الفلقتين والتي تضم عدة أجناس من الأشجار والشجيرات والأعشاب التي تحب البيئة الباردة عادة أو تنمو فيها. وسميت هذه الفصيلة بالوردية، لأن أزهارها تشبه أزهار الورد، ومن أنواع الفاكهة والأشجار الأخرى التي تنتمي إليها، الإجاص واللوز والتفاح والكريز، ومن الشجيرات التوت والفراولة أو الفريز والعليق على أنواعه. وهناك أنواع أو أجناس بشكل أدق تأصلت منه واستقلت، مثل السفرجل الصيني المعروف علميا ب«بسودوسيدونيا ساينينسيس» (pseudocydonia sinensis)، والسفرجل في شرق آسيا بشكل عام يعرف ب«كيانوميليس» (chaenomeles). كما أن هناك أيضا ما يعرف بالسفرجل البنغالي (bengal quince) الذي يطلق عليه اسم «بيل» (bael). لكن لا علاقة لهذا السفرجل نباتيا بالسفرجل المعروف بأي حال، فإن الأكاديين الذين عرفوه قديما في بلاد ما بين النهرين، أطلقوا عليه اسم «سبرجيلو» (supurgillu)، أما الاسم الإنجليزي «كوينس» (quince) فيعود إلى القرن الرابع عشر كما يبدو إلى اسم «كوين» (quoyn) (جمع)، المأخوذ من الفرنسية القديمة «كوين» (cooin) المتدرج من الاسم اللاتيني «سيدونيوم مالوم» (cydonium malum) الذي بدوره يعني في اليونانية «تفاحة كيدونيا» (kydonian apple).
مهما يكن، فإن النبتة الطيبة معروفة وتزرع في الكثير من البلدان وعلى رأسها تركيا التي تنتج ربع ما ينتجه العالم من السفرجل كل سنة، ويحبه الإيرانيون كثيرا منذ قديم الزمان ومنذ أيام الإمبراطورية الفارسية قبل آلاف السنين، وهناك الكثير من المناطق التي لا تزال تستهلكه بكثرة، خصوصا بعض المناطق الجبلية والشمالية. كما يعتبر من أنواع الفاكهة الوطنية - كتركيا وإيران - في أرمينيا وأذربيجان وجورجيا وباكستان وكرواتيا والبوسنة وصربيا ومقدونيا وألبانيا ورومانيا وبلغاريا وأوكرانيا واليونان، بالإضافة إلى الكثير من الدول الأخرى، ولكن بكميات أقل في أوروبا والولايات المتحدة. وكان الإغريق في قديم الزمان يقدمون السفرجل أثناء الأعراس، وكانوا يحترمونه ويقدرونه لأن أفروديتي جلبته معها إلى اليونان من الشرق، وبالتحديد من «بلاد المشرق» أو «بلاد الشام» التي يطلق عليها اسم «ليفانت»، وتضم قديما صحراء سيناء وقبرص وسورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق. وكان على العروس قبل ليلة الدخلة قضم قطعة من السفرجل، تيمنا بهدية باريس لأفروديتي التي كانت سفرجلة. كما كان الناس يرشقون موكب العروس قبل وصولها إلى المنزل بالسفرجل ويقدمون كعكة من العسل والسمسم (السمسمية) للتأكيد على خصوبتها قبل تقديم السفرجلة الطازجة إلى العروس.
كانت اطلانطا بنت ليسيوس، وهي شخصية إغريقية خرافية، تكن للسفرجل الذهبي مكانة خاصة. مهما يكن فإن اليونانيين اعتبروا السفرجل دائما رمزا للخصوبة والحب.
وقبل اليونان يقال إن بعض الكلمات التي جاءت باسم «تفاحة» في ترجمات أغاني سليمان كانت تدل على السفرجل وتم ترجمتها بالخطأ إلى تفاح لأنه درج إلى وقت طويل ربط الاسمين أو خلطهما. كما أحب الرومان أيضا السفرجل، الذي جاء ذكره وذكر وصفات طبخه في كتاب «أبيقيوس» (apicius) الخاص بالطبخ في القرن الرابع للميلاد. وتحدث الكتاب عن وصفة خاصة ليخنى السفرجل مع العسل والكراث أحيانا. وذكر المؤرخ الروماني المعروف بليني الكبير أو الأب نوعا واحدا من السفرجل الذي كان يؤكل نيئا ويعرف ب«سفرجل المولفيان» (mulvian quince). أما كولوميلا فقد ذكر عدة أسماء وأنواع، منها «التفاحة الذهبية» التي منحت اسمها أو وهبته للبندورة في الإيطالية «بومدورو». ويعتقد أن هذه التفاحة الذهبية هي السفرجل الذي جاء كما يعتقد قديما من حدائق «هيسبيريديس»، أي «حدائق التفاح الذهبي». وحسب الخرافات والحكايات القديمة، فإن الأرض أهدت هذه الحدائق إلى الإلهة اليونانية هيرا بمناسبة زواجها من كبير الآلهة زيوس. وتقول الموسوعة الحرة في هذا الشأن إن هذا الاسم في اليونانية كان يعود إلى الحوريات اللواتي لجأن إلى الحدائق الغناءة في العالم المحظوظ في ليبيا القديمة. وبينما تشير الموسوعة إلى أن موقع هذه الحدائق الخاصة بالسفرجل كان في موقع بنغازي حاليا في إقليم سيرين شرق ليبيا في القرن السادس قبل الميلاد، تشير بعض المصادر إلى أنها كانت قرب جبال الأطلس في منطقة طنجة في المغرب. وذكر الكثير من المؤرخين الأوروبيين لاحقا أنها كانت في جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية، أي البرتغال وإسبانيا.
تاريخيا، تقول المعلومات المتوافرة إن بلاد السفرجل الأصلية أو موطنه هي بين منطقة بحر قزوين والبحر الأسود والمناطق الجبلية في القوقاز التي تطال تركيا وإيران وجنوب جورجيا. ومع هذا فإن استغلاله وزراعته على نطاق واسع، كان في بلاد ما بين النهرين (mesopotamia) في القرن الأول قبل الميلاد. ومن هناك وصل إلى فلسطين وأخذه أهل اليونان لزراعته خلال زياراتهم للشرق. ولا يزال الكثير من المؤرخين يجادلون بأن الفاكهة التي أكلتها حواء في جنة عدن لم تكن تفاحة بل رمانة أو سفرجلة. وبعد الصراع بين العرب والمسلمين والإمبراطورية البيزنطية في القرن الثامن، وانتقال العاصمة من دمشق إلى بغداد، عرف العرب الكثير من المنتوجات نتيجة الازدهار الذي شهدته المدينة. فبينما كان البعض يجلب إلى بغداد القرفة من الصين كان البعض الآخر يجلب جوز الهند من الهند والسفرجل والزعفران والتفاح والملح من بلاد فارس وبالتحديد من أصفهان. وكان الملك شارلمان في فرنسا كما يبدو مسؤولا عن دخول السفرجل إلى البلاد وزراعته في الحدائق الملكية عام 812 بأوامر منه شخصيا. وفي القرن الثامن عشر انتشر السفرجل بكثرة في أستراليا ونيوزيلاندا، ويبدو أنه جاء إلى هاتين المستعمرتين الجديدتين آنذاك عبر البضائع التي كانت تصل من بريطانيا وربما الهند والصين واليابان.
وأوصل الإنجليز كما يبدو السفرجل إلى العالم الجديد، إلى الولايات المتحدة الأميركية عام 1629 في خليج ماسيتشوسيتس، ثم انتشر لاحقا في ولاية فرجينيا واعتاد الأميركيون بعدها على طعمه الحلو والمز والقاسي في الوقت نفسه. ومنها اتجه غربا في اتجاه تاكساس عام 1850، حيث كان الناس يرغبون في امتلاك شجر الفاكهة في حدائقهم وخصوصا التفاح والرمان والتين والدراق والخوخ والسفرجل.
وكان نجاح السفرجل في بعض دول أميركا اللاتينية جنوبا أكبر، كما يبدو، وذكر وجوده الإسبان في التشيلي في القرن التاسع عشر، الذين قالوا إنه يصبح حلوا طيب المذاق إذا ما ترك ينضج على شجره أو على «أمه». وربما نتيجة هذا الطعم الحلو أحبه الناس في أميركا اللاتينية، مع أن أهل المكسيك يجدونه قويا ومزا ولكنهم اعتادوا عليه منذ زمن طويل على هذه الحال. على أي حال فإن إنتاج السفرجل في الولايات المتحدة تراجع كثيرا منذ سنوات ولا تزال مناطق زراعته وإنتاجه الرئيسية هي تركيا وإيران وأميركا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام حيث يعتبر جزءا لا يتجزأ من الفاكهة المحلية.
مهما يكن، فإن للفاكهة المفيدة جدا للصحة، كجميع أنواع الخضار والفاكهة، استخدامات عدة، منها صناعة المربى وال«جلي» وشتى أنواع الحلويات. وأحيانا يضاف إلى بعض أنواع المربى لتحسين طعمها وتزكيتها. ويقال إن كلمة «مارمالاد» (marmalade) التي تعني «مربى» في الفرنسية والإنجليزية وبعض اللغات الأخرى، جاءت من كلمة «مارميلو» البرتغالية التي تعني في الأصل «مربى السفرجل». وكان البرتغاليون من عشاق السفرجل إلى درجة أن صنعوا منه الخمر والنبيذ. كما يمكن تقشير السفرجل وشيّه وطبخه. ويستخدم الألمان عصيره ويحبونه كثيرا.
أما في البلدان العربية وتركيا وإيران فيستخدم في الطبخ ومجففا وللحلوى ولمختلف أنواع العلاجات الطبية. ويكثر السفرجل في جنوب أوروبا كما سبق أن ذكرنا، وعند ولادة الطفل في كرواتيا وسلوفينيا يلجأ الأهل إلى زرع شجرة سفرجل، حيث ترمز إلى الخصوبة والحب والحياة، أخذا عن الإغريق.
وفي مالطا يستخدم كثيرا كمربى ويتم تذويب خليطه الحلو في المياه المعلبة لعلاج بعض العلل. وفي لبنان أيضا يستخدم كمربى وفي سورية أيضا لكن في سورية يطبخ مع الرمان واللحم والكبة أحيانا ويطلق عليها «كبة سفرجل». وفي إيران يطبخ ويؤكل طازجا وكحلوى وغيره، وتستخدم بذوره لعلاج أمراض الصدر كما هو الحال في أفغانستان. ويغليه الباكستانيون مع السكر حتى يصبح لونه أحمر ويطلقون عليه اسم «مربى». وفي أميركا اللاتينية، حيث يطلقون عليه اسم «مامبريلو» بالإسبانية، يستخدم ويزرع في الكثير من البلدان مثل فنزويلا والأرجنتين والتشيلي واليوراغواي والمكسيك. ويستخدمون مربى السفرجل في أميركا اللاتينية أحيانا في الساندويتشات مع الجبنة ويطلقون عليه اسم «dulce de membrillo».
على أي حال، فإن السفرجل من أنواع الفاكهة الفاخرة والمهمة التي لا يمكن لبعض الشعوب الاستغناء عنها في مطبخهم المحلي. ولجمال هذه الفاكهة أو الثمرة ولونها الأصفر المخملي الصلب، دخلت التاريخ والأسطورة وأصبحت جزءا من التراث الشعبي للكثير من الشعوب والأمم، إلى درجة أن أطفال الكاريبي يستخدمونها أحيانا في ألعابهم اليومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.