تأتي الذكرى ال125 لمولد عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، فيما حضوره يزداد جلالا وتتجدد اسئلة هذا الأب الثقافي المصري الذي ولد يوم 15 نوفمبر 1889 وقضي يوم 28 أكتوبر عام 1973. فها هي مصر تخوض معركتها الكبرى دفاعا عن هويتها وثقافتها، وهي في الحقيقة معركة وجود في مواجهة قوى تستغل سلاح الإرهاب لمسخ الهوية وإعادة هندسة الثقافة المصرية بصورة تفقدها سماتها الجوهرية من تسامح واعتدال وتعدد خلاق وتعايش بناء بين مختلف مكونات المجتمع. سنوات طويلة مضت منذ غاب جسد طه حسين لكن سؤاله التاريخي يتردد مجددا في لحظات مفصلية في الحياة المصرية وخيارات المستقبل: "أي مستقبل للثقافة في مصر؟"، ومن هذا السؤال الكبير تتوالد أسئلة جديدة. ولعل من أهم هذه الأسئلة: ماذا عن التحديات الجديدة والمتغيرات الجذرية المعولمة التي لم تكن حاضرة عندما طرح عميد الأدب العربي رؤيته الشهيرة حول مستقبل الثقافة المصرية؟ ومع أن كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" صدر عام 1938 فإن بعض أسئلته كما طرحها الدكتور طه حسين تبقى متجددة في واقع متجدد، فيما يعتبر هذا الكتاب من أهم كتب صاحب "الأيام" و"حديث الأربعاء" و"دعاء الكروان"، الذي كان مفخرة ثقافية مصرية دالة على فضيلة التفكير والبحث والنقد وقبل ذلك التأمل العميق والحب الكبير لوطنه وشعبه والاهتمام بمستقبل هذا الشعب وهو اهتمام يتجلى في الكثير من أعمال الآباء الثقافيين لمصر. ويقول أحد هؤلاء الآباء الدكتور مصطفى سويف في كتابه:"نحن والمستقبل" أن "تصورنا الذي يتناول المستقبل يسهم في صناعته، فتكوين التصورات حول أي مسألة من المسائل العملية جزءا من شحذ الإرادة، والإرادة البشرية جزء من عوامل صنع التاريخ". ولعل السؤال الذي يسمح به هذا السياق: "ماذا لو عاد عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين للحياة المصرية الراهنة؟ وماذا عن أفكاره في المشهد المصري الراهن بأصواته المتعددة والمتنافرة أحيانا والمتصارعة في أحيان أخرى حتى تكاد بعض الصور توحي بأنها الفتنة الكبرى في أرض الكنانة". واذا كان البعض قد ذهب في غمار لحظة يأس إلى أن العقل المصري العام قد اصيب بالشيخوخة بعد أن فعلت الأيام افاعيلها في المصريين واحتلت الأفكار النافقة قلب المشهد وحجبت عن البصائر سماء الإبداع، فإن حراك الثلاثين من يونيو الثوري كتصحيح لثورة 25 يناير 2011 يكشف عن أن هذا العقل مازال شابا عاشقا للحرية ومنفتحا على الإبداع ورافضا الانغلاق والتقوقع بعيدا عن العالم وجديد أفكاره وابداعاته الإنسانية. وخلافا لبعض المنسوبين للنخب الثقافية في مصر اليوم، لم يكن صاحب كتاب مستقبل الثقافة يخشى السباحة ضد التيار في ذروة علوه وقوة أمواجه، كما أنه لم يكن ليأنف من مراجعة أفكاره وقناعاته في ضوء الواقع المتغير بنسبيته ودروسه، محذرا المصريين من نفر يسعون لاحتكار الدين واضفاء عصمة على أنفسهم وقداسة على أفكارهم، فيما حذر طه حسين مرارًا "من تقديس ما لايجوز تقديسه". ومع متغيرات جذرية أحدثتها ثورة المعلومات والاتصالات وما يسمى برقمنة العالم والاقتصاد المعرفي، فلعل أهم ما يبقى من كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" ذلك التأكيد على ضرورة أن "تبقى الهوية حرة دون جمود تشكل ذاتها دون أن يشكلها أحد عنوة أو بالقهر". وفيما يتعلق بالخوف من أن يؤدي التواصل مع "الآخر" لفقد هويتنا- يقول الدكتور مصطفى سويف في كتابه "نحن والمستقبل": "لا جدال في أن ابداء الاعتراض على هذا النحو مسألة تستحق النظر، فإذا انصرفنا عن غير المخلصين في ابداء الاعتراض وتوجهنا بالقول إلى الصادفين فالحقيقة أن بعض الظواهر قد تبرر هذا الخوف". وفي اضاءة مطلوبة الآن بشدة- يضيف استاذ علم النفس مصطفى سويف: "لكن هذه الظواهر تظل مظاهر جزئية وتظل قصيرة العمر ولن تلبث على المدى الطويل أن تتقهقر لتحل محلها تركيبات قيمية جديدة تمثل تصالحا خلاقا بين منظومات قيمية نألفها ونرتضيها وضرورات حيوية جديدة تفرضها متغيرات لا سبيل إلى الوقوف في وجهها". وسواء في عام 1938 عندما صدر كتاب "مستقبل الثقافة في مصر"، أو في اواخر عام 2014، تبقى الحاجة ملحة رغم هذا الفارق الزمني لاستعادة أفكار طه حسين حول "ضرورة التفرقة بين المقدس والنسبي، بين الأصيل والمنتحل،.بين المعقول والمنقول حتى لا يتحول النص المقدس إلى مطية لمن لا برهان عنده ولا جدارة". وإذا كان جل كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" عن التعليم وأهمية الإصلاح التعليمي، فإن حالة التعليم في مصر لا يمكن أن ترضي الرجل الذي أراد أن يكون "التعليم كالماء والهواء"، كما أن تلك الحالة أن استمرت لا يمكن أن تسمح بالحديث عن مستقبل مشرق للثقافة المصرية. كيف نكون طرفا فاعلا في المشهد العالمي المهموم بصراعات المستقبل بينما تكشف ارقام وتقديرات كان قد أعلنها المجلس القومي للسكان عن أن نحو ثلث المصريين في الفئة العمرية 15 عاما فأكثر أميون وان نسبة تصل إلى 40 في المائة من ذوي المؤهلات الجامعية أو فوق الجامعية متعطلون، فيما فشل التعليم في اعداد الطلاب لسوق العمل، ناهيك عن نزعته المزمنة نحو مصادرة العقل بصورة لا يمكن إلا أن تؤدي لتراجع الابداع مقابل تغول الانحطاط الحضاري؟! وفيما يدق البعض في الغرب أجراس الخطر محذرين من ظاهرة "الاقطاع الجديد في العصر الرقمي"، هل نجلس في انتظار ما سيأتي به المستقبل؟ ننضم لسلالة الأقنان في نظام الاقطاع الجديد للعصر الرقمي والسماسرة الجدد؟! هل ننتظر الثمر المخاتل للشبكة المراوغة والعناكب الفظة التي لن تبقي على حدائق للأبناء والأحفاد؟ ام نستعيد نداء طه حسين صاحب "الوعد الحق" للمصريين بإعلاء العقل المبدع على العقل الحافظ واخضاع كل ما هو نسبي من أفكار ووقائع في الحياة الدنيا للعقل الناقد والحر الذي لا يمكن أن يتصادم مع الضمير والروح المؤمنة ؟! وفي عالم رقمي جديد تربطه شبكة معلوماتية جبارة لم يعد هناك موضع لانغلاق، كما أن السؤال الذي طرحه طه حسين في كتابه "مستقبل الثقافة" حول ما إذا كانت مصر من الشرق أو الغرب قد تتراجع أهميته بعد أن أسقطت شبكة الإنترنت حواجز المكان وطرحت تحديات جديدة وأسئلة مغايرة بشأن مستقبل الثقافة. هذا عالم يندفع بإيقاع شبكة الإنترنت نحو مستقبل تتصارع القوى الكبرى الآن على تحديد ملامحه وقد تتفق على صيغة ما لتقاسم غنائمه، فيما يجد مثقفون كبار في البحث عن معنى أكثر إنسانية لهذا المستقبل ومحاولة اضفاء طابع اخلاقي على الاقتصاد الرقمي. وفيما لن تغيب دلالة قطع رأس تمثال طه حسين في المنيا في مطلع عام 2013 وعلى مقربة من مسقط رأسه في "عزبة الكيلو" ببلدة مغاغة، إما عن جهل أو عن تطرف ظلامي حاقد، وبتزامن مع عدوان على تمثال الشاعر والفيلسوف أبو العلاء المعري في بلدته معرة النعمان بسوريا والذي تأثر به طه حسين ثقافيا، فإن السؤال: ماذا عن قضايا الحرية والابداع في المشهد العربى الراهن؟! ولم يكن من الغريب أن يلفت عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين للأهمية الثقافية لفنون التلاوة والتجويد والانشاد والموسيقى على وجه العموم كتشكيل للزمان، وهو مجال اسهم فيه المتصوفة بالكثير بقدر ما تتوزع اسهاماتهم الثقافية على مجلات عدة وبعضها لا يخلو من تداخل وتشابك مثل مجالات البلاغة والفن والجمال. فطه حسين صاحب السيرة الذاتية الممتعة "الأيام" التي صدرت لأول مرة عام 1929 هو أيضا صاحب كتابين من اشهر الكتب في السيرة النبوية الشريفة: "الشيخان"، و"على هامش السيرة"، كما أنه من أبرز دعاة التنوير في العالم العربي قاطبة، وكان من كبار المدافعين عن حقوق المرأة وفي مقدمتها الحق في التعليم. ورأى عميد الأدب العربي أن اتاحة التعليم الجيد هو الطريق للنهضة بقدر ما نبه ولفت الأنظار إلى أن "اصل الوجع تغييب الحرية باسم الدين والدين براء من هذا العدوان على الحرية". ومن يقرأ ويتأمل مليا كلمات طه حسين، سيدرك أن جذور المآساة تضرب في تاريخ بعيد سعى فيه البعض للاستثمار السياسي للدين وتوظيفه لصالح الاستبداد بما يحقق مكاسب دنيوية لهذا الفصيل أو ذاك من المتشحين بشعارات دينية في لعبة السياسة والسلطة. فالقضية الجوهرية في ربوع العالم الإسلامي ودوله هي العدوان على الحرية والعدل معا بتوظيف للدين معاد لجوهر هذا الدين العظيم، ومن ثم كان للمفكر المصري طه حسين أن يحاول حل هذه الاشكالية برؤية فحواها تحرير العقل المصري عن طريق التعليم وان يطلق فيما بعد شعاره الخالد عن التعليم الذي هو كالماء والهواء. أن الإسلام لا يعرف سلطة لكهنوت خلافا لما عرفه الغرب وهذا ما أدركه طه حسين مبكرا عندما اطلع تاريخيا على ما كان يمارسه ملوك أوروبا وحكامها من تسلط باسم الدين. عرف طه حسين الذي درس في الأزهر ثم في الجامعة المدنية أن نظام الحكم في المجتمه الإسلامي لا يعرف ما يوصف في الغرب "بالحكم الثيوقراطي" الذي يزعم لنفسه الحكم باسم السماء، وهو مفهوم أدى لرد فعل مضاد في الغرب تمثل في العلمانية التي تقضي بفصل الدين عن الدولة. ومن هنا، فالفارق أيضا كبير على مستوى الدلالات والمفاهيم بين مصطلح "الدولة العلمانية" القادم من الغرب، ومصطلح "الدولة المدنية" التي ناضل من أجلها طه حسين معتبرا أن الحل لكثير من مشكلات مصر يكمن في تغليب مفهوم الدولة المدنية وان جوهر الحكم في الإسلام هو الحكم المدني البعيد عن أي صبغة استبدادية بتلاوين الاستبداد ومن بينها الحكم على الأرض باسم السماء. وبعد سنوات من عصر طه حسين مازالت الاشكالية قائمة سواء في مصر أو غيرها من دول العالم الإسلامي ومازال ضمير كل مخلص للأمة ينبض بالألم وتلاوينه وهو يرى العنف الذي تمارسه فئة ظلامية باسم الإسلام! وعميد الآدب العربي الذي لم يتنازل أبدا عن ايمانه الراسخ بقيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، لم يكن بعيدا عن أنين رجل الشارع وزادت معاناته في أوجه الحياة اليومية. ومن الدال أن يكتب الشاعر الكبير الراحل صالح جودت في مطلع شهر فبراير عام 1972 بمجلة "الكواكب" القاهرية ليؤكد أنه تتلمذ على فكر عميد الأدب العربي ثم يضيف: "لا أحسب أن طه حسين موفور الدخل أو على الأقل لا أحسب أن دخله يعتبر جزاء وفاقا لما أسدى إلى الفكر". وبمناسبة إطلاق لقب "فنان الشعب" على ثلاثة من الفنانين الكبار حينئذ وهم: أم كلثوم ويوسف وهبي ومحمد عبد الوهاب، تمنى صالح جودت لقبا آخر على غرار فنان الشعب، وهو "اديب الشعب" وان يتوج بهذا اللقب المقترح كل من طه حسين وأحمد رامي وتوفيق الحكيم جزاء ما أحسنوا إلى الفكر وما بذلوا لمصر. ولعل ابتسامة هذا الأب الثقافي المصري العظيم تتسع بكل عذوبتها في مناسبات وفعاليات ثقافية هامة مثل معرض القاهرة الدولي للكتاب في مطلع كل عام، فيما لروح عميد الأدب العربي ورائد التنوير الدكتور طه حسين أن تطمئن وتحلق راضية مرضية في ضوء الاقبال الكبير والملحوظ من الشباب على كتبه مثلما حدث في الدورة الأخيرة لهذا المعرض الذي كان شعاره "الثقافة والهوية" وناقش تراث طه حسين. وكانت الهيئة المصرية العامة للكتاب قد طرحت باقة متنوعة من البستان الثقافي لطه حسين بمناسبة اختياره شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والأربعين واعادت طبع 20 كتابا له. وكان للمراقب للحياة الثقافية المصرية أن يلحظ أن شمس عميد الأدب العربي وصاحب كتاب "من بعيد" بدت ساطعة بأكبر معرض في العالم العربي للكتاب والذي بات أهم احتفالية وحدث ثقافي على مدى العام بمصر. ولن يكون من الصعوبة بمكان على أي حال ايجاد الكثير من الروابط بين أفكار طه حسين وتصوراته كأحد كبار الآباء الثقافيين المصريين وبين راهن اللحظة المصرية وهموم المصريين وآمالهم وأشواقهم لغد أفضل بعد طول معاناة. وفيما تضيء كتب طه حسين ملامح المشهد الثقافي المصري حتى اليوم وتتألق عناوينه مثل "تقليد وتجديد"، و"قادة الفكر"، و""نقد وإصلاح"، و"مرآة الضمير الحديث"، فإن للعين أن تلحظ الشباب الذين يقبلون على شراء هذه الكتب في وقت اجتازت فيه مصر أزمة عاتية طالت هوية الوطن ووجود الدولة التي تعد الأقدم في التاريخ. والهوية كانت دوما في صميم اهتمامات صاحب "جنة الشوك"، تماما كما أن مستقبل مصر كان في عين اهتماماته البصيرة وهو بلا جدال أحد رواد التنوير وثقافة دولة المواطنة والحريات والحقوق الديمقراطية. ولعل روحه ترفرف الآن بسعادة على وطنه بعد أن صوت المصريون في استفتاء حر لصالح دستور يتسق إلى حد كبير مع المنظومة الثقافية- الحضارية التي تبناها الدكتور طه حسين، وكما ذكر الدكتور جابر عصفور فإن فكر طه حسين يتأسس على العقلانية والحرية والنزعة الإنسانية والنظرة المستقبلية، فيما أكد دوما على أن العلم لا يزدهر الا في مجتمع حر، كما أن العدل لا يكتمل إلا بالجانب المعرفي. وأفكار صاحب "دعاء الكروان" حاضرة في اللحظة المصرية الراهنة بدلالات التلاحم الوطني واستدعاء مواقف تاريخية توحد فيها شعب مصر في مواجهة تحديات جسام. فالحزن ليس قدر مصر والأمة وليس من المطلوب البحث عن دليل "المسلم الحزين في القرن الواحد والعشرين"، كما أنه ينبغي التأكيد على أن المظالم التي ترتكبها الأنظمة هي أكبر خدمة تسديها هذه الأنظمة للجماعات الظلامية التي تتقاتل معها. ولعل طه حسين ببصيرته الوثابة ورؤيته الثاقبة كان يشير إلى هذه القضية عندما ألح على أهمية اعتماد المبدأ الديمقراطي داخل المجتمع الذي لا يسمح بنظام الغالب والمغلوب بقدر ما لفت دوما لأهمية الانفتاح على ثقافات العالم. وقال الدكتور جابر عصفور أن صائغي دستور 2014 كانوا يكتبون بروح طه حسين، لافتا لما يتضمنه هذا الدستور من حريات، وهو يعد تحقيقا لحلم طه حسين القديم، بينما وصف الباحث الكبير السيد ياسين عميد الأدب العربي بأنه "نهر في المنهج النقدي التقويمي"، موضحا أن كتاباته الإسلامية "توطد انتصار حركة التنوير والتثقيف الإسلامي". إن صيحة: "اننا نعرف كيف نكافح وكيف ندافع عن حقوقنا"، هي ابنة شرعية لكفاح الآباء الثقافيين في العالم الإسلامي وفي الطليعة يشمخ طه حسين المناضل الصلب من أجل الدولة المدنية الديمقراطية. دولة: الشعب فيها هو مصدر السلطات، ودولة تحمي الحريات ومن بينها حرية الفكر والعقيدة والرأى، ودولة تكفل العدالة والمساواة بين ابناء الوطن الواحد وحتى يشعر كل فرد، كما قال طه حسين، بأنه خلق للعزة لا للذلة، وللقوة لا للضعف وللسيادة لا للاستكانة. في ذكرى مولده يزداد حضوره جلالا.. فتحية لروح الأب الثقافي المصري وعميد الأدب العربي طه حسين.. مصر على الدرب والعهد مهما يمر الزمان وتنأى المسافات.. وطن للمعرفة الخضراء والحرية المبدعة كما تمنى طه حسين.. وطن يحيل بعبقريته جراحة نورا.