أكد المهندس أسامة كمال، وزير البترول السابق، في حوار له مع "البوابة نيوز" أن الملف الاقتصادي ملف ضاغط منذ ثلاث سنوات؛ لأنه أغفل لفترة طويلة، وأخطر ما فيه هو الجزء الخاص بالدعم، وذلك لأمرين أن طريقة معالجة الدعم في مصر غير صحيحة، ومجموعة التشابكات الناتجة عن عملية الدعم أدت إلى التأثير السلبي على كل أمور الدولة وأهمها الموازنة العامة. وأضاف أن الدعم معروف في كل دول العالم أنه وسيلة لرفع العبء عن الفقراء من خلال توفير سلعة معينة لها سعر مرتفع بسعر بسيط أو بتوفير الدعم المادي لشرائها بسعرها الحقيقي، وهذا يستلزم وجود قاعدة بيانات سليمة، وفي مصر يتم دعم السلع التي يأخذها جميع المواطنين سواء مواد بترولية أو طاقة كهربائية. *ما رأيكم في سياسة الدعم المتبعة حاليًا؟ - السياسة المتبعة حاليًا ظالمة، حيث يستفيد ب 80% من الدعم الأغنياء، دعم الطاقة في مصر يذهب إلى 20% من المواطنين وهم أصحاب السيارات الفارهة وسكان الكومباوند "طبقا لتقارير البنك الدولي"، 75% من دعم الطاقة يذهب إلى 300 شخص من أصحاب المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، رغم أن أسعار المنتجات النهائية تباع طبقًا للأسعار العالمية مثل الأسمنت والحديد والسراميك. هناك بعض المناطق بمحافظات مثل "أسيوط وسوهاج" التي لا يتخطى استهلاكها الطاقة الكهربائية 100 كليو وات يتم دعمه ب 120 جنيه، بينما يستهلك الأثرياء ما بين 4 إلى 5 آلاف كيلو وات كهرباء يتم دعمه ب3500 وهو الفرق بين تكلفة الكيلو وات والسعر المدعم. ويستهلك أصحاب السيارات البسيطة نحو 200 لتر شهريًا يتم دعمه ب 1600 جنيه تقريبًا، بينما يستهلك أصحاب السيارات الفارهة 2000 لتر بمبلغ 20.000 جنيه، يتم دعمه ب16.000، وهو ما يوصف بعد العدالة الاجتماعية. *ما سبب تبادل الاتهامات الدائمة بين الكهرباء والبترول في انقطاع التيار؟ - في السابق كانت البترول تدعم الكهرباء بوقود من الإنتاج المحلي، ولكن مع التوسع في عدد المحطات التي تعمل بالوقود البترولي بدأت الزيادة في استهلاك الوقود لإدارتها وهو سبب الاستيراد من الخارج، خاصة أن 92% من محطات كهرباء مصر تعمل بالوقود البترولي في حين تعمل8% فقط بالطاقة المتولدة من السد العالي ولا توجد مصادر أخرى للطاقة، وصلنا حاليًا إلى مرحلة أن استهلاك الكهرباء المتزايد أصبح مخيفًا ومع ذلك مازالت الكهرباء تصمم محطاتها على استخدام الوقود البترولي وتزايد المديونية بعد تزايد عمليات الاستيراد لصالح الكهرباء وصلت إلى 80 مليار جنيه، وهو ما أثر على قطاع البترول خاصة تباطؤ عمليات الصيانة ودفع مستحقات الشركاء الأجانب. *كم بلغت مديونية الشريك الأجنبي.. وما الحل من وجهة نظرك؟ - بلغت حتى الآن 6 مليارات دولار، رغم أن الأسعار الحالية التي يتم بها شراء الغاز من الشريك الأجنبي 2.65 دولار منذ 2002، وهي غير ملائمة والحل بطريقتين أن يتم تحريكها فورًا بين 3 إلى 4 دولارات ليستطيع استكمال استثماراته في عمليات الاستخراج والاستكشاف بدلًا من الاتجاه إلى الاستيراد من الخارج ب 13 دولارًا وتخصيص نصف المكتشف حاليًا لصالحهم وتصديره مسالًا ويخصم من المديونية. *ما رأيكم في تحريك أسعار الطاقة الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا؟ - رفع سعر الطاقة يكشف عن الفكر التقليدي الذي تتبناه الحكومات في مصر ولابد من وضع خطة لترشيد الدعم تدريجيًا من 3 إلى 5 سنوات، خاصة أن المواطنين يعانون منذ فترة طويلة وليست لديهم القدرة النفسية أو المادية لرفع الأسعار لسلعة حيوية مثل الطاقة والحل هو تحريك الأسعار من المنبع وليس بإضافة أعباء على المواطن ولا يتم اختيار الحل السهل، وأتوقع أنه لا تحريك لأسعار الطاقة ولا تفكير فيه. *كيف يمكن ترشيد الدعم من وجهة نظركم؟ - الأمر ليس صعبًا وهناك خطة متعددة المحاور يمكن تطبيقها، إن إنتاج الكيلو وات كهرباء يحتاج إلى 200 جرام وقود بترولي بتكلفة 15 سنتًا، بالإضافة إلى تكلفة الإنتاج يجعل تكلفة الكيلو وات 135 قرشًا تقريبًا يتم بيعها ب35 قرشًا فقط، ولو استطعنا إحلال مدخلات إنتاج أرخص من الوقود البترولي تجعل تكلفة الإنتاج لكل وات أقل يجعل الدعم الموجه للكهرباء أقل بنسبة 70% دون رفع الأسعار للمواطن بإدخال الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء وتكلفة الكيلو وات منها تترواح بين 60 و65 قرشًا فقط. والتوسع في توصيل الغاز الطبيعي وتوفير 75 جنيهًا تقريبًا في كل أسطوانة يمكن استخدام الغاز بدلًا منها، وتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، حيث تبلغ تكلفة البنزين 40 لترًا لليوم 75 جنيهًا ونفس الكمية يمكن الحصول عليها ب 12 جنيهًا فقط بالغاز الطبيعي ويتم توفير 63 جنيهًا، وهو ما يوفر 80% من الدعم، كيلو السير بالطاقة الشمسية والتي تحول إلى كهربية قرش واحد فقط مقابل 125 قرشًا بنزين ودون تكلفة في أقامتها وهو ما يتطلب امتناع الفاسدين، وتطبيق الكروت الذكية يوفر من 30 إلى 40 مليار جنيه هي قيمة المواد البترولية المهربة والمهدرة، خاصة ونحن نستور 35% من احتياجاتنا اليومية، واستكمال قواعد البيانات عن الاستهلاك واحتياجات السوق من خلال البطاقات الذكية دون تحديد كميات أو تغيير في أسعار، وهذا يوفر 50 مليار سنويًا حتى يتم تحسين الخدمات العامة مثل المترو.. خط المترو يكلف الدولة 10 مليارات جنيه يستطيع نقل نصف مليون مواطن يوميًا، 1000 أتوبيس كل 3 أشهر بتكلفة 1.5 مليار يتم تكرارها 4 مرات كل عام بتكلفة سنوية 6 مليارات جنيه، يوفر كل أتوبيس في المتوسط 25 سيارة تستطيع خفض الاستهلاك من الوقود والضغط على المرور ويعطي الفرصة لتطوير الطرق والشوارع وغلق 360 مزلقانًا مسببة للموت بتكلفة 82 مليون جنيه، وكل هذا دون أي إجراء استثنائي أو إلغاء للدعم. *لماذا قمت بمهاجمة الحكومة لتأخرها في تطبيق الكرت الذكي؟ - لأن تكلفة المنظومة 120 مليون جنيه تستطيع توفير من 30 إلى 40 مليار جنيه والتأخير يعد إهدارًا. *وضح لي كيف خططتم لتطبيق الكروت الذكية؟ - تم تقديم المقترح وعرضت وزارة المالية تمويله تحت إشراف البترول، وتضمن مرحلتين المستودعات والمحطات وبدأت في 1/6 /2013 وكان من المقرر تشغيل المنظومة 2013/7/1 ولم يتم ذلك.. على أن يتم استخراج الكروت الذكية للفئات المرخصة والتي تحمل لوحات معدنية وهي تشتمل على التوك توك والدراجات البخارية والنقل بكل أنواعه والملاكي والتريسكلات، واستخراج الكروت للنشات الصيد المرخصة، الحيازات الزراعية من خلال دراسة قامت بها وزارة الزراعة تؤكد أن العمليات الزراعية لكل فدان تحتاج سنويًا 100 لتر في السنة، تعامل تجاريًا كل شركات البترول والثروة المعدنية ب6 جنيهات للسولار. * وهل شهر واحد كان كافيًا لتطبيق المنظومة بشكل كامل، خاصة أنها جديدة على المواطن تلك الثقافة؟ - نعم لأن أبسط المواطنين يتعاملون بالكرت الذكي لمعاش الضمان والمواد التموينية وصاحب المركبة لا يقل عنهم إدراكًا. *ما رأيكم في عمليات التهريب التي تمت في عهد الإخوان؟ - بيزنس قذر يفقدنا من 15 إلى 20% من المواد البترولية المدعمة تقدر قيمتها ب30 إلى 40 مليارًا، وهناك موانئ شهيرة للتهريب منها ميناء الأتكة وبحيرة البرلس ميناء عزبة البرج من خلال مراكب الصيد. *وماذا عن التهريب لغزة ؟ - كان هناك تهريب إلى غزة بشدة وعند التحدث كنت أقابل بهجوم من الرئاسة لعدم التحدث في هذا الأمر، فكانت غزة تأخد مليون لتر سولار يوميًا عبر الأنفاق لتشغيل محطة كهرباء غزة أهدرت نحو 20 مليون جنيه يوميًا، رغم أنني حزين أن تصبح غزة مُظلمة بعد غلق الأنفاق وكنت أتمنى مساعدتها دون تهريب لإنارة دولة شقيقة بشكل معلن ونقسم معهم رغيف العيش. *رأي سيادتكم فيما تردد عن استيراد الغاز من إسرائيل؟ - ما تردد يؤكد على عدم ثقافة الإعلام، وحقيقية الأمر أن لدينا شركتين أجنبيتين لإسالة الغاز مصر شريكة فيهما بنسبة 20% توقفت الآن عن العمل بسبب تحويل الغاز للشبكة المحلية، هذه الشركات تعاني أعباء مالية بدأت تبحث عن مصادر أخرى تستطيع من خلالها تشغيل محطاتها، وكانت "قبرص وإسرائيل" ومقابل ذلك تقوم الشركات بعمل الخط وتدفع الدول صاحبة الغاز مصروفات العبور والإسالة، ولكن هذه المفاوضات ليس معناها استيراد مصر للغاز، فهي ليست طرفًا في هذه العملية، وإن صح الخبر فهناك تعديلات كبيرة جدًا يجب أن تحدث على المحطتين ولا شأن للحكومة المصرية في ذلك، خاصة أن هاتين المحطتين مقامتان على نظام المناطق الحرة الخاصة. وإن كانت هناك نية مصرية لاستيراد الغاز لكان يستخدم الخط المقام ولكنه فنيًا صعب جدًا لأنه يحتاج تعديلًا وهذا لم يتم طرحه أيضًا، رغم أن النقاش حول استيراد الغاز قد يحسن موقف مصر في قضايا التحكيم الدولي المرفوعة عليها في هذا الشأن لانتفاء سبب النزاع. *ما مدى تأثير أزمة القرم على سوق الغاز الطبيعي في العالم؟ - إن ما يحدث يعتبر كارت ضغط من روسيا على أوكرانيا والمجتمع الغربي؛ لأن ثلثي احتياجات أوروبا من الغاز تأتي من الخط المار بأوكرانيا. *هل تؤثر التوترات الداخلية بالعراق على سوق النفط في العالم؟ - ما يحدث يمثل ضغطًا على المنطقة العربية بأكملها بعد فشلهم في حدوث تفتيت لجمهورية مصر العربية، وبدأ الضغط الخارجي من خلال النزاع بين جنوب وشمال السودان وليبيا وسوريا وتسخين منطقة العراق والتي يسهل إثارة القلق فيها.. لا ننسى أن دولة قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية موجودة خارج أمريكا، وهو ما يجعل الكويت والسعودية والإمارات في حالة ترقب، ولكن ما يحدث سوف يُحرك الأسعار ولكن لا يوقف التصدير. *ما رأيكم في رفع أسعار البنزين 95؟ وهل حقق وفرًا؟ - في القرارات الإصلاحية تنفيذ واحد ضمن مجموعة خطأ كبير، في نوفمبر 2012 تم الاتفاق على أن تطبق منظومة الكروت الذكية على البنزين والسولار وتحريك أسعار البنزين 95 فقط وتوقيع بروتوكول مع اتحاد الصناعات لتحريك أسعار الطاقة في المصانع كثيفة الاستهلاك ليصل من 4 إلى 6 دولارات خلال عامين، والتوسع في توصيل الغاز للمنازل لتقليل استيراد البوتاجاز، وتحديد الدعم في عدد من اللترات فقط، تم تجاهل جميع الأفكار وتم رفع بنزين 95 فقط وهو ما أفقد المنظومة القوة.. والحقيقة لم يوفر شيئًا، خاصة أن مستخدميه اتجهوا إلى البنزين 92 وقل استهلاك 95 بنسبة 50% . *وما وصف سيادتكم لقرار رفع أسعار المازوت؟ - قرار غبي، خاصة أن القرار شمل تحريك أسعار البوتاجاز والمازوت والسولار وليس المازوت فقط، وبعد صدوره ونشره بالجريدة الرسمية طلبت بتعليق القرار وإيقاف السولار والبوتاجاز ورفضت لأنه قرار رئيس جمهورية وليس من صلاحياتي ولكنه قرار. *وماذا عن الاتفاقيات ال 33 التي تم توقيعها في الفترة الأخيرة؟ وهل هي مُرضية؟ - هذه الاتفاقيات تم طرحها في شهر 11 /2012 وتم ترسيتها فقط، والبنود الحالية غير مُرضية للطرف الأجنبي لأن زمن الاستكشاف الرخيص انتهى "الاسترجاع الأولى للبترول"، وأخذنا جزءًا من المرحلة الثانية بحقن الماء أو البخار وتكلفته أعلى من الأولى، ما تم استخراجه من المرحلتين لا يتخطى 35% من الموجود بالآبار أما المرحلة الثالثة فتحتاج لتكنولوجيا عالية واستثمارات كبيرة جدًا، والآبار الجديدة في البحر على أعماق كبيرة تحتاج مصاريف إنتاج ضخمة. * ما رأي سيادتكم في استيراد الغاز من الخارج لتوفير احتياجات الكهرباء؟ - الأمر ليس بجديد، أرسلت خطابًا في 2013/3/18 للمجلس الأعلى للطاقة والمالية ومحافظ البنك المركزي باحتياجات الكهرباء في فصل الصيف والمبالغ المطلوبة ونسخة من مستندات المناقصة التي طرحت لاستيراد ومستندات المناقصة التي طرحت لاستئجار المركب العائم للفترة من شهر مايو 4 مليارات دولار، ونحن عند نفس النقطة ولن نتجاوزها ولم يتم الاستيراد. *وما رأيكم في التحول للفحم؟ - مع وضد استخدام الفحم، أنا أشجع تنوع استخدام المصادر المختلفة للطاقة، خاصة أن 40% من محطات العالم تعمل بالفحم، و58% في أمريكا، دول أخرى 75% من محطاتها تعمل بالفحم، ولكن ضد الوسيلة التي يتم بها معالجة الأمر حاليًا ولابد من وجود ضوابط ومعايير للاستخدام تضمن سلامة المجتمع، خاصة أن مصنع الحديد والصلب بالمكس الذي يعمل بالفحم تعاني المنطقة كلها من الغبار الناتج عنه ولم يتم غلقه أو أخذ أي إجراء ضده. *صناعة البتروكيماويات والغاز الطبيعي؟ - نحتاج توفير المواد البترولية لإدخالها في صناعات تحويلية ذات قيمة مضافة أعلى وصناعة البتروكيماويات لا تعتمد فقط على الغاز ولا مشتقاته ولكن في معظم الدول تعتمد على الوقود السائل؛ لأن حركة الغاز الطبيعي صعبة لصناعة الإيثلين والبروبيلين وهما قاعدة الانطلاق في صناعة البتروكيماويات الأخرى، وهو متوفر في مصر ونصدر نحو 2 مليون طن سنويًا وهو المادة الخام لتصنيع البنزين، ونستورد بنزين 95 لإضافته على النافتا لإنتاج أنواع البنزين المختلفة وإذا استطعنا السيطرة على حركة السوق في البنزين 80 و90 و92 ونوفر النافتا التي تصدر للخارج سوف نحقق نهضة في صناعة البتروكيماويات، ولكن رغم أن الغاز اقتصاديًا أفضل. *ما هي رؤيتكم للمستقبل؟ - القادم أفضل وليس لدينا رفاهية الاختيار ولابد من العمل بإخلاص، وأتمنى اكتمال مشروع الكروت الذكية ورؤية أطلس لمشروعات الطاقة الشمسية والتحول للطاقات البديلة مثل الطاقة النووية التي تحتاج لاستقرار سياسي متفائل به الفترة المقبلة .