أكد الدكتور القس أندرية زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، أن خطاب الكراهية يُعد من أخطر القضايا المحورية التي يواجهها العالم المعاصر، لما له من تداعيات مباشرة على الاستقرار المجتمعي والأوضاع الأمنية والاقتصادية، مشددًا على أن جذور كثير من الصراعات العالمية تعود إلى أنماط مختلفة من هذا الخطاب. جاء ذلك خلال كلمته في لقاء موسع حول «خطاب الكراهية: الأسباب والتداعيات والمواجهة»، بحضورالدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، و الأنبا ميخائيل أسقف حلوان والمعصرة وممثل قداسة البابا تواضروس الثاني، إلى جانب وسيم حداد ممثل مركز الحوار العالمي، وعدد من القيادات الدينية والفكرية. خطاب الكراهية قضية عالمية تهدد الاستقرار
وأوضح رئيس الطائفة الإنجيلية أن العالم يعاني تصاعدًا ملحوظًا في خطاب الكراهية بين أتباع الثقافات والانتماءات المختلفة، مشيرًا إلى أن هذا الخطاب يسهم في زعزعة الاستقرار، وتراجع الأوضاع الاقتصادية، وإضعاف فرص التنمية المستدامة، ما يجعله من أولويات الدراسة والمعالجة الجادة. تعريف المفهوم وفقًا للأمم المتحدة
وأشار زكي إلى أن تحديد المفهوم يمثل الخطوة الأولى لفهم أبعاده، لافتًا إلى تعريف استراتيجية الأممالمتحدة وخطة عملها بشأن خطاب الكراهية، التي تعتبره كل تواصل شفهي أو كتابي أو سلوكي يتضمن هجومًا أو لغة ازدرائية أو تمييزية ضد فرد أو جماعة على أساس الهوية، سواء الدينية أو العرقية أو القومية أو الجندرية أو غيرها من محددات الهوية. وأضاف أن خطاب الكراهية يتكون من عنصرين أساسيين: الكراهية كمشاعر غير عقلانية قائمة على الازدراء والبغض، والخطاب بوصفه أداة للتعبير عن أفكار تمييزية انفعالية. أسباب انتشار خطاب الكراهية
وتطرق رئيس الطائفة الإنجيلية إلى أبرز أسباب انتشار خطاب الكراهية، وفي مقدمتها اختلاط المفاهيم بين حرية التعبير والتحريض على الكراهية، موضحًا أن حرية الرأي حق أصيل من حقوق الإنسان، لكنها لا تمتد إلى الإساءة للآخرين أو التحريض ضدهم أو ممارسة العنف اللفظي. كما أشار إلى غياب الوعي الناتج عن قصور في التربية الأسرية، أو التأثر بخطابات دينية متطرفة تُغيب الوعي وتزرع تصورات خاطئة عن الآخر، مؤكدًا مسؤولية القيادات الدينية في دعم قيم التسامح واحترام التعددية. وتناول كذلك غياب الردع القانوني في بعض الدول، وعدم وجود أطر تشريعية واضحة لمواجهة خطاب الكراهية والعنف اللفظي، ما يفاقم من خطورته. العلاقة بين خطاب الكراهية والعنف
وأكد زكي أن خطاب الكراهية يُعد شكلًا من أشكال العنف اللفظي، وقد يتطور إلى عنف جسدي، موضحًا أن العنف لا يقتصر على الإيذاء البدني، بل يشمل الأذى النفسي واللفظي، والتهديد والتنمر والازدراء على أساس الانتماء الديني أو الفكري أو الجندري، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للسلم المجتمعي. آليات المواجهة: التعليم والإعلام والتشريعات
وأوضح أن المؤتمر يمثل إحدى الآليات المهمة لمواجهة خطاب الكراهية من خلال تضافر الجهود والشراكات المؤسسية، وتشكيل مجموعات عمل متخصصة، مشددًا على دور التعليم في مراجعة المناهج وتحويل المدرسة إلى بيئة عملية لترسيخ قيم التسامح والعيش المشترك. كما أكد أهمية الإعلام، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي، التي قد تسهم في انتشار خطاب الكراهية، لكنها في الوقت ذاته تمتلك القدرة على نشر خطاب بديل يدعم التماسك المجتمعي، مشيرًا إلى دور أدوات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق. وشدد كذلك على ضرورة تفعيل القوانين والتشريعات الرادعة وتطبيقها بجدية للحد من خطاب الكراهية وتقويضه. السِّلم المجتمعي أساس التنمية والحوار
واختتم رئيس الطائفة الإنجيلية كلمته بالتأكيد على أن أي جهد تنموي أو حواري لا يمكن أن ينجح دون ترسيخ السلم المجتمعي، محذرًا من أن العنف الناتج عن الكراهية قادر على تدمير مكتسبات التنمية ونسف جهود الحوار، في حين أن بناء الجسور وإيجاد أرضية مشتركة يمثلان الطريق الأمثل لتحقيق تنمية مستدامة وحوار فعّال.