تقتحم نومنا، تُفرحنا أحياناً وتقلقنا أخرى، بل إنها تزعجنا عندما لا نستطيع تذكّرها... إنها أحلامنا التي تزورنا يوميًا أو كلّما يحلو لها، لتوصل لنا رسالة معينة أو ببساطة لتعكّر صفو مزاجنا. فما حقيقة الاحلام؟ تختلف الأحلام من إنسان إلى آخر باختلاف التجارب التي مرّ بها في حياته، إذ يقال إنّ «الاحلام تعبير عن الماضي والحاضر وما مرّ به الانسان من خبرات وتجارب سارة أو حزينة، وربما قد تُوَجّه مستقبله». وبما أنّ الاحلام في غالبيتها تؤثّر كثيرا في مزاج الناس بالنظر إلى «حقيقتها وصدقها»، نسلّط الضوء على حقيقة الأحلام من خلال هذه الأسئلة: 1- هل الإنسان الذي يتذكّر حلمه بسهولة يُعاني الأرق؟ إذا كنت تتذكر حلمك بسهولة، فهذا يعني أنّك تعاني الأرق وتكون أكثر عرضة للاستيقاظ الجزئي أثناء النوم، وبالتالي لا تنام نوما عميقا. وفي الواقع فإنّ مَن يحلمون كثيرا ويتذكرون أحلامهم، يتأثرون كثيرا بالمؤثرات الخارجية كالضوضاء والضوء، فيستيقظون أثناء نومهم وهذا ما يسهّل على عقولهم تذكّر الاحداث والتفاصيل التي رأوها في نومهم. وقد اختُبرت هذه الفرضية على عدد من المتطوّعين في مختبر Perrine Ruby الباحثة في الادراك الجماعي والادراك أثناء النوم، في مركز بحوث علم الاعصاب في فرنسا. 2- هل يعوق الإجهاد تذكّرنا؟ إن القليل من الاجهاد يمحو الأحلام من ذاكرتنا في غضون ثوانٍ معدودة. فعندما يستيقظ الانسان مع كمّ من المسئوليات الضاغطة الملقاة على عاتقه، فإنه يصعب عليه تذكّر الأحلام خصوصاً أنّها تشكّل في غالبية الاحيان ذكريات عابرة يصعب تذكّرها حتّى في الاوقات العادية. 3- هل بعض الناس لا يحلمون؟ يعتقد البعض أنّهم لا يحلمون أبداً، وهذا خطأ شائع. فجميع الناس يحلمون ولكن يصعب على بعضهم تذكّر أحلامه واستعادة تفاصيلها في اليوم التالي. فقد أظهرت دراسة جديدة أنّ «الأشخاص الذين يغطون في نوم عميق يصعب عليهم تذكّر أحلامهم، على عكس أولئك الذين يكون نومهم خفيفاً». وبيّنت الدراسة أيضًا أنّ «صعوبة تذكّر الأحلام أو سهولتها مرتبط أساساً بساعة الاستيقاظ وطريقة الاستيقاظ. فمَن يستيقظ في وضع طبيعي من دون سماع رنين الهاتف أو الضجة يسهل عليه تذكّر أحلامه أكثر من ذاك الذي يستيقظ فجأة إثر مؤثّرات خارجية». 4- هل يمكن للإنسان التحكّم بأحلامه؟ بدأت القصة عام 1860 حين أعلن الماركيز في Saint-Denys ليون d›Hervey قدرته على التحكّم بأحلامه، وكأنها جزء من حياةٍ موازيةٍ يعيشها في الواقع. وفي الحقيقة، يتمكّن البعض من التحكّم في مسار أحلامه؛ إذ يبلغ حدًّا من الوعي بين الحلم والنوم. وقد بيّن الاختصاصي في علم النفس ستيفن لابيرج عام 1983 أنّه في حال «الحلم الواضح»، يتفاعل الجسم مع الحلم، كما لو أنّ أحداثه حقيقية. وقد ذهب المحلل النفسي "بول توليه" في تحليله الى أبعد من ذلك، والى حدّ القول بأنّ «من يحلم بأنّهُ يؤدّي عملاً ما، كأنّه يعزف على آلة موسيقيّة في نومه وقد ينجح بالعزف في حياته». وأوضح: «كذلك، يساعد الحلم الواضح الإنسان على تخطّي مخاوفه وكوابيسه ويحدّ من نسبة توتّره». 5- هل يُسهِّل الحلمُ التعلُّمَ؟ يساعد الحلم على تحفيز قدرات الانسان التعلّمية. ففي مرحلة النوم والحلم، يسترجع الدماغ المعلومات المتراكمة يومياً ويحفظ المهمّة. ولذلك، يقال إنّ «الأولاد الذين ينامون وقتا أطول يكتسبون القدرة على تعلّم المعلومات واستيعابها بصورة أسرع، خصوصا أنّ النوم مفيد لنموّ العقل ونضوجه». 6- هل تنضوي الأحلام المتكررة على معانٍ مهمّة؟ ثمّة أشخاص يحلمون الحلم ذاته مرّات عدّة وبصورة متكررة، فيحلمون مثلا بأنّهم يركضون من دون معرفة الوجهة، أو أنّ أحدًا ما يراقبهم ويلاحقهم، أو ربما يعيدون امتحاناتهم. فلا شكّ في أنّ الأحلام تجسّد واقعًا معيّنًا وتنضوي على رسائل واضحة، ولكن أحيانا يكون التخلّص منها سهلا ويتطلّب إجراء تعديل بسيط على الحياة اليومية، أما في أحيان أخرى فيتطلّب الامر استشارة اختصاصيين. 7- هل تفسير الاحلام متاح فعلا في المكتبات وعلى الإنترنت؟ يعتقد البعض أنّ تفسير الأحلام وتحليلها المتوافر في كتب خاصّة أو عبر مواقع إلكترونية يملك مصداقية ويساعدنا على فهم معانيها أكثر؛ ولكن يؤكد علماء النفس أنّه «لا يجوز لنا تصديق كتب تحليل الاحلام والوثوق بها، فأحياناً ثمّة أحلام تملك أكثر من تفسير أو تفسيرين متناقضين تماماً يختلفان من إنسان إلى آخر، وباختلاف تربيته والحال النفسية التي يعيشها ووضعه الاجتماعي... «فتحليل الاحلام مرتبط أساسا بما يعيشه الإنسان، ومن غير المفيد البحث عن تحليل وتفسير لها في الكتب». 8- هل يسهل تذكّر الكابوس أكثر من الحلم؟ تماماً كالأفلام الرومانسية والسعيدة والمرعبة والمخيفة، كذلك هي الأحلام التي تختلف من إنسان إلى آخر ومن يوم إلى آخر. فيمكن للأحلام أن تكون سعيدة ومريحة تارةً، فيما تنقلب إلى كوابيس مزعجة ومخيفة طورًا. الجدير بالذكر أنّه يسهل علينا تذكّر الكوابيس المزعجة أكثر من الأحلام السعيدة، «ذلك أنّ القلق الذي تسببه تلك الكوابيس يترك أثرًا واضحًا في نفوسنا».