"س. ج" كل ما تود معرفته عن مدارس السيمي انترناشونال في مصر؟    لم يصل إليها منذ شهر، قفزة في أسعار الذهب بعد تراجع الدولار وتهديد إسرائيل لإيران    على طريقة حماس، قوات روسية تحرر بلدة في دونيتسك بعملية مباغتة باستخدام الدراجات النارية    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    4 حالات وفاة و9 مصابين في انقلاب ميكروباص بالمنيا    "دكتور زكي نجيب محمود وتجديد الفكر العربي" على طاولة الأعلى للثقافة    في يومه العالمي.. احتفالية بعنوان «شاي وكاريكاتير» بمكتبة مصر العامة بالدقي    «التنسيق الحضاري» يطلق حفل تدشين تطبيق «ذاكرة المدينة» للهواتف الذكية    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    مصر ضمن أكثر 10 دول حول العالم استهدافًا بالهجمات الرقمية    ذهبت للمذاكرة.. السجن 4 سنوات لمتهم اعتدى على ابنة جاره في الإسكندرية    جيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ أٌطلق من اليمن    حقيقة انفصال مطرب المهرجانات مسلم ويارا تامر بعد 24 ساعة زواج    بسمة وهبة لمها الصغير: مينفعش الأمور الأسرية توصل لأقسام الشرطة    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    سقوط مروجي المواد المخدرة في قبضة مباحث الخانكة    تكريم سكرتير عام محافظة قنا تقديراً لمسيرته المهنية بعد بلوغه سن التقاعد    صبحي يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة ويؤكد: الشباب محور رؤيتنا للتنمية    لجنة التقنيات بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تعقد اجتماعها الأول    شيخ الأزهر يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    بصورة قديمة وتعليق مثير، كيف احتفت هالة صدقي بخروج عمر زهران من السجن    مراجعة مادة العلوم لغات للصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني (فيديو)    لاعب الأهلي السابق: «الأحمر هيعاني من غير إمام عاشور»    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة «كريت» اليونانية (بؤرة الزلازل)    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. النيران تلتهم عشرات السيارات والمنازل بكاليفورنيا جراء تحطم طائرة.. نتنياهو يتحدى القضاء ويعين رئيسا جديدا للشاباك.. بوتين يعلن منطقة عازلة مع أوكرانيا    بقيمة 19 ألف جنيه.. كنيسة بالسويس تساهم في مشروع صكوك الأضاحي تعبيراً عن الوحدة الوطنية    مصرع 4 أشخاص وإصابة آخر في تصادم سيارتي نقل على طريق إدفو مرسى علم    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    وكيله: لامين يامال سيجدد عقده مع برشلونة    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    "مياه الفيوم" تنفي شائعة تسرّب الصرف الصحي.. وتؤكد: مياه الشرب آمنة 100%"    تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بداية تعاملات الجمعة 23 مايو 2025    دينا فؤاد: مفيش خصوصيات بيني وبين بنتي.. بتدعمني وتفهم في الناس أكتر مني    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 23 مايو 2025    تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين    مصرع وإصابة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بطريق إدفو مرسى علم    الكشف عن موقف تشابي ألونسو من رحيل مودريتش عن ريال مدريد    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    صراع ناري بين أبوقير للأسمدة وكهرباء الإسماعيلية على آخر بطاقات الصعود للممتاز    وزير الشباب ومحافظ الدقهلية يفتتحان المرحلة الأولى من نادي المنصورة الجديد بجمصة    تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري    فلسطين.. 4 شهداء وعشرات المفقودين إثر قصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    قباء.. أول مسجد بني في الإسلام    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سامح قاسم يكتب: بين بحيرتين.. صراع الهوية والاغتراب في رواية أماني القصاص
نشر في البوابة يوم 05 - 01 - 2025

الأدب هو الجسر الذي نعبر به من حاضرنا المثقل بالقيود إلى عوالم الحلم والانعتاق، هكذا تبدو رواية "فتاة وبحيرتان" للكاتبة أماني القصاص، نصا بديعا يجسد هذا الجسر بكل تفاصيله. تُلقي الرواية الضوء على أشواق الإنسان وأحلامه وتطلعاته، وتغوص في أعماقه لتكشف عن تناقضاته وصراعاته والبحث في الماضي لينجو من الحاضر، وعن الحرية للتخلص من القيود.
من خلال الرواية، تصحبنا الكاتبة في رحلة نتعرف فيها على ذواتنا وما يحيط بها من ظلال وأغلال. تقول البطلة: "بحيرتنا كانت تغمرها الظلال، بينما بحيرة جنيف تسبح في النور". بهذا التباين، ترسم الرواية صورة لعالمين متناقضين يعكسان حالة الاغتراب والتشتت التي تعيشها البطلة.
رواية "فتاة وبحيرتان" ليست مجرد نص أدبي، بل هي شهادة على التحولات الثقافية والاجتماعية التي يعيشها إنسان هذا العصر. بلغة رائقة وناصعة وسرد متقن، تقدم الكاتبة أماني القصاص عملًا يلامس أوجاع القارئ وتساؤلاته حول الهوية، الاغتراب. تقول البطلة: "هل أنا حقًا هنا؟ أم أنني مجرد امتداد لذاكرتي التي لا ترحل؟". هذا التساؤل يختزل روح النص، مما يجعله جديرا بالقراءة.
تتمحور الرواية حول حياة البطلة التي نشأت في قرية تحكمها القيود المجتمعية والتقاليد الصارمة. على الرغم من انتقالها إلى جنيف، حيث تعيش حياة تبدو أكثر حرية، يبقى الماضي حاضرًا في أحلامها وكوابيسها. تقول البطلة: "لا أعلم لماذا اعتدت الصحو في نفس الموعد وفي أذني نفس الهمسات والخطوات". هذه الكلمات تعبر عن الصراع الذي تعيشه بين أغلالها الإجتماعية وتوقها للحرية.
تستخدم الكاتبة ضمير المتكلم الذي يسمح للقارئ بالغوص في أعماق الشخصيات والوقوف على أبعادهاالمختلفة والمتعددة. كما تعتمد الرواية على المونولوج الداخلي بكثرة، مما يضفي أبعادًا عميقة على النص. الزمن في الرواية يتنقل بين الماضي والحاضر، مما يعكس طبيعة الصراع الذي تعيشه البطلة.
تنقسم الرواية إلى مراحل متباينة، حيث تُبرز كل مرحلة تحولًا في شخصية البطلة أو صراعًا داخليًا. تبدأ الرواية بوصف مرحلة الطفولة كإطار يمثل القيود الاجتماعية، ثم تنتقل إلى المرحلة الثانية في جنيف، والتي تعكس وعود الحرية والانفتاح. هذا البناء يجعل الرواية أشبه بسيرة ذاتية مشحونة بالتوتر والحنين.
البطلة هي المحور الرئيسي للرواية، شخصية تعيش حالة من الاغتراب الدائم. تقول البطلة عن نفسها: "رغم الجمال والسحر الذي يحيطني في جنيف، إلا أنني أرى بحيرتي القديمة في كل مكان". هذه الكلمات تعكس تمزقها بين ماضيها وحاضرها.
يمثل الزوج نموذجًا للرجل الذي يعيش في حالة من الفوضى والفشل رغم محاولاته للسيطرة على محيطه. يظهر ذلك بوضوح في مشاهد الخلاف بينه وبين البطلة، حيث تقول له: "من يرتضي بالزواج من ساقطة يكون أحط إنسان في الدنيا". هذا الحوار يعكس الصراع بينهما كرمز لصراع أكبر بين السلطة الذكورية والبحث عن الحرية.
الأب في الرواية هو شخصية مضيئة، يقدم الحنان والدعم الذي تفتقده البطلة في علاقاتها الأخرى. في ذكرياتها عنه، تقول: "كان أبي يأخذنا إلى البحر، وكان يحمل لنا الشوكولاتة من سفراته البعيدة". يمثل الأب الحلم الجميل، البعيد عن القيود.
تمثل الشخصيات الثانوية في الرواية أدوات سردية تعزز من فهم القارئ للصراع الذي تعيشه البطلة. الأصدقاء والزملاء في جنيف يقدمون وجهات نظر مغايرة للحياة، لكنهم لا ينجحون في سد فجوة الحنين لدى البطلة.
تمثل البحيرتان رمزًا للصراع في الرواية. البحيرة الأولى، المرتبطة بالقرية، تعكس القيود والتقاليد، بينما تمثل البحيرة الثانية، بحيرة جنيف، الحرية والانفتاح. تقول البطلة: "لا تطغى مياه بحيرتنا المالحة والحلوة على الأخرى، ولا تتجانس رغم الاتصال". هذه العبارة تختزل جوهر التوتر الذي تعيشه البطلة.
يمثل الحنين ثيمة أساسية في الرواية. تعيش البطلة حالة من الانفصال عن حاضرها بسبب ذكرياتها القوية. تقول: "أمر يوميًا بجوار بحيرة جنيف، لكنني أبحث عن بحيرتي القديمة في عيون الناس". هذه الثنائية تبرز استحالة الهروب من الماضي.
تناقش الرواية مفهوم الحرية بشكل معقد، حيث تظهر أن الحرية ليست غيابًا للقيود فقط، بل هي عراك مستمر مع الذات والمجتمع. في جنيف، تشعر البطلة بأنها محاصرة بغربتها، حيث تقول: "جمال الطبيعة هنا يحاصرني أكثر مما يحررني".
تُبرز الرواية سؤال الهوية من خلال شخصية البطلة التي تجد نفسها ممزقة بين جذورها وحياتها في أوروبا. تقول البطلة: "لدي حب وبساطة انتماء النشأة، ولدي حب النور والرقى والحرية". وهو ما يجعل من البحث عن الذات موضوعًا مركزيًا.
تعتمد الرواية على السرد غير الخطي، حيث يتنقل الزمن بين الماضي والحاضر بشكل متكرر. كما تستخدم الكاتبة تقنيات الحلم والتداعي الحر للأفكار كأدوات تُبرز من خلالها تداخل الوعي واللاوعي.
اللغة في الرواية ثرية وتزخر بالصور البديعة. تصف البطلة بحيرة جنيف قائلة: "مساحات زرقاء مفتوحة تحتضن الأفق، لكنها لا تملك دفء بحيرتي الصغيرة المغلقة". هذه العبارة تعكس مهارة الكاتبة في تحويل الطبيعة إلى استعارات تعبر عن مشاعر البطلة
تتنوع الحوارات في الرواية بين الداخلي، الذي يكشف عن أعماق البطلة وأزماتها، والخارجي، الذي يبرز الصراعات مع الشخصيات الأخرى. تقول البطلة: "هل أنا حقًا هنا؟ أم أنني مجرد امتداد لذاكرتي التي لا ترحل؟".
تشير الرواية إلى أن الحرية ليست مجرد غياب القيود، بل هي عملية معقدة تتطلب التوازن بين الطموحات والواقع. تقول البطلة: "حتى الحرية المطلقة تحتاج إلى سياج من القبول".
تقدم الرواية نقدًا حادًا للمجتمع الشرقي وتقاليده التي تُثقل كاهل المرأة. تقول البطلة عن قريتها: "العيب كان يملأ الهواء، حتى أننا كنا نتنفسه دون أن ندري".
بأسلوب فني مميز. تُبرز الرواية أهمية تناول موضوع الهوية والبحث عن الجذور في سياق العولمة، مما يجعلها وثيقة تعكس التحولات الثقافية والاجتماعية التي يمر بها الإنسان في لادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.