أكد خبراء اقتصاديون على التأثيرات السلبية التى لحقت بالاقتصاد المصرى والتى ترجع إلى جملة من القرارات والسياسات والإجراءات التى اتخذتها الحكومة فى عام 2012، ومنها ما تم التراجع عنها وتأجيلها فورا كقرارات رفع الضريبة عن بعض السلع والخدمات, كمحاولة لامتصاص غضب المعارضين . وأجمع معظم الخبراء الاقتصاديين على أن انخفاض التصنيف الائتمانى لدى مصر يعتبر من أهم الأحداث الاقتصادية فى نهاية عام 2012 التى ستظهر تداعياتها السلبية على الأوضاع الاقتصادية المصرية فى العام الجديد، متوقعين مزيدا من الانخفاض في عام 2013 إذا ما استمرت, مما سينعكس ذلك سلبا على جميع تعاملات الدولة وجميع المؤسسات الاقتصادية والمالية مع العالم الخارجى، مما يتسبب فى تراجع معدلات التدفقات الاستثمارية الأجنبية داخل مصر. وصرح أحمد حمدى سبح, خبير اقتصادى, أنه توالت على مصر على مدار 2012 أحداث سياسية واقتصادية هامة كبيرة عنوانها عدم الاستقرار السياسي مما تسبب فى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية لمصر وزادت من عمق الجروح الاقتصادية التى أصابت مصر منذ الثورة حتى اليوم. وأكد أن قيام مؤسسة “,”ستادرد آند بورز“,” بخفض التصنيف الائتماني لمصر من مستوى “,”أ“,” إلى “,”أ-“,” يعد من أهم الأحداث الاقتصادية التى قد تؤثر على الاقتصا د المصرى وهو ما يعني مزيدا من الضغوطات على الاقتصاد المصري ورفع كلفة خدمة الدين وصعوبة الحصول عليه حيث يقوم المقرضون الدوليون حينئذ بالمطالبة بسعر فائدة أعلى نظير تحملهم مخاطر أعلى خاصة مع توقعات بارتفاع عجز الموازنة إلى ما يقرب 185-200 مليار جنيه مصري. وأشار إلى أن ذلك سيساهم بشكل كبير في تعطيل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حول القرض المقيم ب8.4 مليار دولار والذي سيساهم في معالجة الاختلالات الهيكلية في الموازنة العامة المصرية خاصة وأن القرض يأتي بفائدة بسيطة وقدرها 1.1% لمدة خمس سنوات مع فترة سماح مدتها 39 شهرًا، وهو بالطبع يعد أفضل من الاقتراض الداخلي الذي وصلت فائدته إلى 16%، ويسمح للبنوك المصرية من ناحية أخرى بتدبير التمويل اللازم للقطاع الخاص. وأكد على أهمية القرار السليم الذي اتخذ مؤخرا بمنع المسافر من وإلى مصر أن يحمل أكثر من عشرة آلاف دولار، وهو محاولة لدعم الجنيه المصري وتقليل الفاقد من العملة الصعبة، خاصة وأن مصر تعاني من انخفاض هائل في حجم الاحتياطات النقدية من مستوى 34 مليار دولار قبيل الثورة إلى مستوى 15 مليار دولار حاليا وهو ما يكفي بالكاد للواردات السلعية لمدة 6 أشهر مما يغل من يد الحكومة عبر البنك المركزي من التدخل في الدفاع عن الجنيه عبر سياسات السوق المفتوحة حيث يدخل البنك المركزي إما بائعا أو مشتريا للجنيه بهدف الحفاظ على سعر صرف مناسب لمصالح الدولة . كما أشار إلى أهمية صفقة شراء بنك قطر الوطني للبنك الأهلي سوستيه جنرال فى سوق الأوراق المالية، وذلك إلى جانب سعى بنك قطري آخر لشراء المصرف المصري الخليجي، وذلك رغم انخفاض قيم وأحجام التداول في البورصة المصرية، وتعرضها لأزمات عنيفة انعكاسا لتطورات الشارع السياسي المضطرب مما دفع أسعار الأسهم إلى مستويات متدنية . وناشد بضرورة تطبيق الحدين الأدنى والأعلى للأجور مع بداية عام 2013 مما يساعد على تخفيف الاحتقان وتحقيق العدالة الاجتماعية بدلا من تركيز الثروات فى يد قلة قليلة على حساب جموع الشعب، وذلك بالإضافة إلى تطبيق سياسة التقشف فى الأجهزة والإدارات الحكومية وتمويل براءات الاختراعات الموجودة فى أدراج أكاديمية البحث العلمى والتى تهتم بترشيد استهلاك الطاقة والوقود.. منوها بضرورة تطبيق سياسة تحديد هوامش الربح فى كافة القطاعات الإنتاجية والتجارية مما يحقق مصلحة الطرفين المنتج والمستهلك, بعيدا عن الجشع والاستغلال مما يساهم فى رفع مستوى المعيشة . واتفق معه عمرو فايد, مدير جمعية الصداقة المصرية اللبنانية لرجال الأعمال على أن خفض التصنيف الائتمانى لدى مصر يعد من أهم الأحداث الاقتصادية والتى سينعكس على قرار الصندوق الدولى مما يؤثر على سمعة وأداء الاقتصاد لدى مصر، لافتا إلى أن حالة عدم الاستقرار السياسى التى تفرض نفسها على الساحة الآن ستدفع إلى عزوف الكثير من المستثمرين ورجال الأعمال للاستثمار وسط الضبابية وعدم الأمن . وأشار إلى أهمية قرار رفع دعم الطاقة عن عدد من الصناعات مما يخفف العبء عن موازنة الدولة، مما يخلق نوعا من التوازن في السوق، ويعيد توظيف المبالغ المنفقة على الدعم المقدم لصالح قطاعات أخرى في حاجة لهذه المبالغ الكبيرة التي قدمت لتلك الصناعات خلال السنوات الماضية، منوها بأن إلغاء دعم الطاقة سيخفف العبء علي ميزانية الحكومة وسيساعد علي تقليل العجز المالي لمعدل الناتج المحلي الإجمالي. وأشار إلى ضرورة رسم سياسة اقتصادية جديدة ظاهرة المعالم تقوم على جذب الاستثمارات العربية والأجنبية والمتمثلة فى عقد اللقاءات الثنائية الاقتصادية التى ستشجع على العديد من الاستثمارات لمصر لتستعيد الريادة مرة أخرى، وذلك إلى جانب تفعيل دور جمعيات رجال الأعمال وذلك بالتعاون مع الحكومة فى طرح البدائل المناسبة التى تجذب المستثمرين. وأ كدت علياء المهدى, عميد كلية “,”سياسة واقتصاد“,” سابقا, إن العديد من القرارات السياسية والأحداث قد أثرت بشكل كبيرعلى الاقتصاد المصرى ،وذلك إلى جانب العديد من الوقفات الاحتجاجية والاعتداءات فى سيناء مما تسبب فى عدم الاستقرار وضرب السياحة التى تساهم بشكل كبير فى الدخل القومى . وأشارت إلى أن قرار رفض المجلس الأعلى للقوات المسلحة لقرض صندوق النقد الدولى واعتباره دينا آخر لمصر يعد من أهم القرارات التى ساهمت فى استفحال مشكلة العجز فى الموازنة المصرية خاصة وأن ذلك القرض كان معروضا بشروط تفضيلية وأقل مما هى عليه الآن، وكانت الموافقة عليه إذا تجنبت مصر الدخول فى إضرابات الغموض الذى يكتنف القرض الحالى، خاصة فى ظل التوترات السياسية والتناحرات مع القوى السياسية وهو ما ينعكس سلبا على الوضع المالى والاقتصادى لمصر. وأوضحت أن القرارات التى اتخذت مؤخرا وتم التراجع عنها قد زودت حالة البلبلة وعدم الاستقرار الذى يعانى منه الاقتصاد المصرى التى تمثلت فى قرار إلغاء الدعم عن الطاقة والذى يساهم فى تعطيل عجلة الإنتاج خاصة وأن العديد من المصانع والشركات الآن تعمل بنصف قوتها، وذلك إلى جانب وقف نشاط العديد من المصانع والشركات ومما أدى إلى تفاقم أزمة البطالة التى تعانى منها مصر . واتفق معها ماجد عثمان رئيس المركز المصرى لبحوث الرأى العام “,”البصيرة“,” على أن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر سينعكس سلبا على قرار صندوق النقد الدولى الخاص بالقرض، منوها بقدرة الاقتصاد المصرى على التعافى ومواجهة جميع التحديات التى تقف أمامه . وأشار إلى بعض القرارات المتذبذبة التى اتخذت ثم أجلت وكان آخرها قانون رفع الضريبة على بعض الأسعار والذى سبب ارتفاعا فى الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة على المواطنين مما يزيد عبئا إضافيا على المواطن المصرى، لافتا إلى أهمية مثل هذه القرارات المرتبطة بالأسعار والتى ينعكس تأثيرها اجتماعيا على جميع الشعب، لذلك من الضرورى أن تستعرض الحكومة رؤية شاملة وواضحة لكافة السياسات الاقتصادية التى تعرضها. وأكد على ضرورة حل جميع المشاكل السياسية التى تعطل المسيرة الاقتصادية بحلول عام 2013، مناشدا الحكومة بضرورة خلق التوافق مع جميع الأطراف المعارضة، وذلك بجانب إصدار قرارات خاصة بهيكلة الدعم والتشغيل الحكومى، وضخ محفزات لجذب المستثمرين داخل مصر مما يساعد على حل كثير من المشاكل الاقتصادية. أ ش أ