14 صورة ترصد اللحظات الأولى لحريق مصر الجديدة    "التعليم": تنفيذ برامج تنمية مهارات القراءة والكتابة خلال الفترة الصيفية    إنتهاء أزمة البحارة العالقين المصريين قبالة الشارقة..الإمارات ترفض الحل لشهور: أين هيبة السيسى ؟    نشرة التوك شو| "التضامن" تطلق ..مشروع تمكين ب 10 مليارات جنيه وملاك الإيجار القديم: سنحصل على حقوقن    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 11 مايو 2025    انتهاء هدنة عيد النصر التي أعلنها الرئيس الروسي في أوكرانيا    إعلان اتفاق "وقف إطلاق النار" بين الهند وباكستان بوساطة أمريكية    بسبب عزف الموسيقى والأغاني.. طالبان تعتقل 14 شخصاً في أفغانستان    في غياب عبد المنعم، نيس يسقط أمام ستاد رين بثنائية بالدوري الفرنسي    سامي قمصان: احتويت المشاكل في الأهلي.. وهذا اللاعب قصر بحق نفسه    انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    الأرصاد تكشف موعد انخفاض الموجة الحارة    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    إصابة شاب صدمه قطار فى أبو تشت بقنا    وزير التعليم: إجراءات مشددة لامتحانات الثانوية العامة.. وتعميم الوجبات المدرسية الساخنة    بضمان محل الإقامة، إخلاء سبيل بسطويسي عامل سيرك طنطا بعد زعمه التعرض لحادث سرقة    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    بعد الفيديو المثير للجدل، أحمد فهمي يوضح حقيقة عودته لطليقته هنا الزاهد    رئيس محكمة الأسرة الأسبق: بوسي شلبي تزوجت محمود عبد العزيز زواجا شرعيا    وزير الصحة: 215 مليار جنيه لتطوير 1255 مشروعًا بالقطاع الصحي في 8 سنوات    إجراء 12 عملية جراحة وجه وفكين والقضاء على قوائم الانتظار بمستشفيي قويسنا وبركة السبع    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    مصابون فلسطينيون في قصف للاحتلال استهدف منزلا شمال غزة    «التعاون الخليجي» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    قفزة بسعر الفراخ الساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأحد 11 مايو 2025    5 مصابين في انقلاب ميكروباص بالمنيا بسبب السرعة الزائدة    عددها انخفض من 3 ملايين إلى مليون واحد.. نقيب الفلاحين يكشف سر اختفاء 2 مليون حمار في مصر (فيديو)    رياضة ½ الليل| هزيمتان للفراعنة.. الزمالك يلجأ لأمريكا.. كلمات بيسيرو المؤثرة.. وشريف ومصطفى احتياطي    دلفي يواجه القزازين.. والأوليمبي يصطدم ب تلا في ترقي المحترفين    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    حكام مباريات الأحد في الجولة السادسة من المرحلة النهائية للدوري المصري    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    في أهمية صناعة الناخب ومحاولة إنتاجه من أجل استقرار واستمرار الوطن    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 11 مايو 2025    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروعات التطوير بمارينا وكومبوند مزارين بالعلمين الجديدة    سورلوث يُبدع وأتلتيكو مدريد يكتسح ريال سوسيداد برباعية نظيفة في الليجا    نشوب حريق هائل في مطعم شهير بمنطقة مصر الجديدة    خالد الغندور: مباراة مودرن سبورت تحسم مصير تامر مصطفى مع الإسماعيلي    بعد أيام من رحيله.. سامي قمصان يتحدث عن صفقة انتقال زيزو إلى الأهلي    تفوق كاسح ل ليفربول على أرسنال قبل قمة اليوم.. أرقام مذهلة    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    حان وقت التخلص من بعض العلاقات.. حظ برج القوس اليوم 11 مايو    «عشان تناموا وضميركم مرتاح».. عمرو أديب يوجه رسالة إلى أبناء محمود عبدالعزيز    افتتاح النسخة الثالثة لمعرض البورتريه المعاصر بجاليري قرطبة.. الأربعاء    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    باكستان تعلن إحياء "يوم الشكر" احتفالًا بنجاح عملية "البنيان المرصوص" ضد الهند    أبرزها الإجهاد والتوتر في بيئة العمل.. أسباب زيادة أمراض القلب والذبحة الصدرية عند الشباب    تبدأ قبلها بأسابيع وتجاهلها يقلل فرص نجاتك.. علامات مبكرة ل الأزمة القلبية (انتبه لها!)    منها «الشيكولاتة ومخلل الكرنب».. 6 أطعمة سيئة مفيدة للأمعاء    أخبار × 24 ساعة.. رفع معاش تكافل وكرامة ل900 جنيه يوليو المقبل    وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا يبحثان مستجدات الأوضاع    قلعة طابية الدراويش.. حصن مصري يحتضن حكاية اختطاف أعيان باريس    بوتين يعبر عن قلقه بشأن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : رسالة مفتوحة لمعالي وزير الأوقاف؟!    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البابا تواضروس يواصل عظاته عن الفرح والمحبة
نشر في البوابة يوم 08 - 07 - 2021

واصل البابا تواضروس الثاني في اجتماع الأربعاء الأسبوعي من المقر البابوي عظاته عن الفرح والمحبة
تستعرض البوابة نيوز أهم النقاط التي طرحها البابا خلال عظته الأسبوعية
بدأ البابا بمقدمة أنه يستكمل القراءة في رسالة الفرح رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل مدينة فيلبي في الأصحاح الثاني وقرأ الثلث الأول من هذا الإصحاح:
فَإِنْ كَانَ وَعْظٌ مَا فِي الْمَسِيحِ. إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ مَا لِلْمَحَبَّةِ. إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ. إِنْ كَانَتْ أَحْشَاءٌ وَرَأْفَةٌ، فَتَمِّمُوا فَرَحِي حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا، لاَ شَيْئًا بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ، بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا. فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ
وأضاف أن القديس بولس الرسول كتب رسالة فيلبي والتي هي أول قرية أو مدينة صغيرة في أوروبا تنال الإيمان بالمسيح، واسمها جاء من اسم فيليب المقدوني والد الإسكندر الأكبر وتسمّت هذه المنطقة على اسمه، وتكوّنت في هذه المنطقة رعية مسيحية صغيرة وقليلة الإمكانيات، التي كرز فيها هو بولس الرسول الذي ذهب إلى سجن روما، فابتدأ أهل فيلبي يجمعون بعض العطايا لبولس الرسول في السجن مع خادمهم أبفرودتس، وكان بولس الرسول في غاية الفرح والسعادة رغم وجوده في السجن، وبدأ يُسطّر رسالة فيلبي والتي كتبها في السجن ولكنها ممتلئة تمامًا بمشاعر الفرح، ونلمس في كل كلمة فيها مدى فرحة قلبه بأهل فيلبي وخدمته وعطيتهم وفرحان بالتاريخ، وعن طريق هذه الرسالة قدّم لنا اليوم وعبر الأجيال مفاهيم كبيرة جدًا وكثيرة جدًا في موضوع الفرح.. سنأخذ الثلث الأول في الإصحاح الثاني ونكمل في الأسابيع القادمة إذا أراد ربنا وعشنا، ولكن انتبه أن هذه
وأشار إلى أن المفاهيم المقدمة في هذه الرسالة تصلح لنا جميعًا: في الأسرة، في الخدمة، في المجتمع، في الكنيسة، في العلاقات، في الضيقات، وهكذا.. انظر معي أنه يكتب وهو في السجن ويضع لنا إطار عام "ما معنى خدمة كنيسة" برغم وجوده في السجن ولكنه مشغول بالخدمة، وخدمة بولس الرسول يُقدّمها بالشرح ويفيدنا بها اليوم كأنه يضع منهجًا أو إطار عمل.. اسمع معي "فَإِنْ كَانَ وَعْظٌ مَا فِي الْمَسِيحِ" وهذا أمر وهناك أمر آخر "إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ مَا لِلْمَحَبَّةِ" والأمر الثالث "إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ" والأمر الرابع "إِنْ كَانَتْ أَحْشَاءٌ وَرَأْفَةٌ"... فأي خدمة كنسية تُقدّمها الكنيسة يجب أن تكون خدمة متكاملة، والقديس بولس الرسول وهو يكلمنا الآن يقدم لنا شكل الخدمة المتكاملة، والخدمة المتكاملة هي التي تشبع الإنسان، لأن الإنسان فيه عقل ونفس وقلب وروح وجسد وهذه الخطوط الأربعة والعريضة فكيف تبشعها الخدمة الكنسية، فانتبه أن بولس الرسول يقول لنا أولًا على مستوى العقل "فَإِنْ كَانَ وَعْظٌ مَا فِي الْمَسِيحِ" أي أن أي عظة، تعليم، تُقدًم في الكنيسة يكون هدفها المسيح وتتكلم عن المسيح وتتأمل في أعمال السيد المسيح ولكن هناك شيئًا هامًا أن كلمة وعظة أو عظة ( sermon ) بالإنجليزي تختلف تمامًا عن كلمة محاضرة، والفرق هو أن كلمة محاضرة معناها تعليم في أي مجال من مجالات العلم بأي شكل وبأي صورة وهذا ما نجده في الكليات والمعاهد وفصول الدراسة ( lecture )، ولكن كلمة عظة أو وعظ أو موعظة لا بد أن تتميز بأمريْن، أوّلهما أن تكون بتتكلم عن المسيح وثانيهما أن تكون تحث وتحفّز الإنسان على التوبة، فإن اجتمع هذيْن الأمريْن فتكون الكلمة هي موعظة وعظة تقدّم لكي يكون الإنسان في حياته وعلاقته مع المسيح أفضل كما تكون خطوة من خطوات التوبة، "فَإِنْ كَانَ وَعْظٌ مَا فِي الْمَسِيحِ"، وهذا ما نسميه الخدمة التعليمية التي تخاطب عقل الإنسان وتخاطب فكره ورؤيته للحياة وهذا ركن.. أما الركن الثاني "إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ مَا لِلْمَحَبَّةِ"، " تسلية " كلمة يونانية في الأصل تعني عملية التعزية أو الكلمة التي تُريحك وتشبعك وتطبطب عليك، كما تعني عملية الافتقاد والمساندة لأي إنسان مثل مجاملة الآخر في فرح أو في حزن، فمثلًا لم يحصل أحدهم على تقدير جيد في أحد امتحاناته وحزين فنذهب للوقوف بجانبه، أو في تجربة أو فشل في مشروع ( المساندة )، لكن أيضًا كلمة تسلية تعني الأنشطة أو الترفيه مثال المسرح في الكنيسة أو عرض كنوع من الترفيه وكنوع من الاحتياج للنفس البشرية أو نشاط آخر كالكورال أو حفلات مرتبطة بمناسبة معيّنة، كل هذه الأنشطة وغيرها يُسمّيها بولس الرسول "إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ "، وكلمة تسلية هنا أن يكون هدف أي نشاط يؤدي إلى المزيد من المحبة وأن يخرج المشاركين والمشاهدين أكثر محبة، أحب ربنا أكثر وأشعر بالراحة والسعادة والفرح لأني قضيت وقت جيد.. "إِنْ كَانَتْ تَسْلِيَةٌ مَا لِلْمَحَبَّةِ" وهنا يُخاطب النفس أما الوعظ يُخاطب العقل.. والركن الثالث "إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ" وهنا الشركة الروحية أو ما نُسمّيه ( العبادة )، عندما أقف في القداس وأشترك، وعند حضور التسبحة وأشترك، وأقف في اجتماع صلاة وأشترك، اجتماعات الخدمة الروحية كلها، الروح تريد أن تنتعش كما يقول "إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ" ففي كل مراحل القداس بصلوات أبونا والصلوات التي يرد عليها الشماس ويشارك فيها الشعب بالألحان والقراءات وفي الآخر نقول "سبحوا الله في جميع قديسيه" فصرنا في زمرة القديسين كأننا في السماء وهكذا، "إِنْ كَانَتْ شَرِكَةٌ مَا فِي الرُّوحِ" خدمتك التعبدية، العبادة سواء الفردية في البيت وسواء الجماعية في الكنيسة وسواء في مجموعات صغيرة أو كبيرة كما في تسبحة شهر كيهك ونسهر طول الليل، فيخرج الإنسان بروحه شبعانة وفرحانة ويشعر بالمشاركة السمائية.. أما خدمة الجسد وهو الأساس وهو باللغة المعاصرة ( الخدمة الاجتماعية ) أو ( الرعاية الاجتماعية ) وهي كلمة واسعة، ولكن في تعبير بولس الرسول "إِنْ كَانَتْ أَحْشَاءٌ وَرَأْفَةٌ"، الأحشاء تعني الأحشاء الداخلية وكيف يتأثر الإنسان باحتياجات الآخرين، فالخدمة من القلب، ولذلك دائمًا نقول شيئًا هامًا وهو أن المحبة تسبق العطية، بصفة عامة كمثال تقديم الطعام بترحاب كبير وكقول المثل الشعبي ( لاقيني ولا تغديني )، وفي لاقيني يوجد التعبير النفسي والفرحة والكلمات اللطيفة وهي ما يُسمى بخدمة الرأفة (تراأف علينا)، اللهم ترأف علينا، عند تقديم طعام أو شراب أو كساء أو دواء تُقدّمها بأحشاءك ووجدانك ومشاعرك وبمحبتك... هذه الخدمات الأربعة تكتمل بخدمة أحشاء ورأفة التي قال عنها السيد المسيح "لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ"، وهي خدمة اجتماعية ومن الطبيعي أن أي مجتمع به فقراء وأغنياء والله يسمح بهذا لكي تتحرك القلوب لأن ما يعطيه الله له يمكن أن يقدم منه للآخر، في كل شيء سواء مال أو علم أو طب وهكذا، وبولس الرسول في آية واحدة يرسم لنا صورة الخدمة وهو في السجن وهذه الصورة تُطبّق في أي زمان وأي مكان ونسميها صورة الخدمة الشاملة... وهل لها شرط ؟ بالطبع، شرط مهم جدًا للإطار التكاملي الشامل ويقول: "فَتَمِّمُوا فَرَحِي" بمعنى أن لا يكون فرحي ناقص أو قليل بل اجعله كاملا وشاملًا، وذلك من خلال مبدأ هامًا وهو "حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا"، القديس بولس الرسول يريد أن يقول أن سبب الفرح الأول والوحيد لقلب المسيح هو أن نكون واحد، فالفكر الواحد يأتي من الإنجيل، ويختلف الناس لأنهم ليس لديهم الفكر الواحد ولا يعيشوا بروح الإنجيل، لذلك وكما قلنا "فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ"... "وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ" وهذه المحبة نقدمها للمسيح، كما قلنا أننا نتجه من محيط الدائرة إلى المركز الذي هو مسيحنا، ناظرين إلى المسيح ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله ربنا يسوع المسيح، "بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ"، في الكنيسة، فصلوات القداس كلها صلوات جماعية بنفس واحدة ذائبين في شخص ربنا يسوع المسيح، فكما قلنا فكر واحد للإنجيل ومحبة واحدة للمسيح ونفس واحدة في الكنيسة، و"مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا" بمعنى لكم رؤية واحدة وهو الهدف الواحد هو الملكوت، عينك على السماء... هذه الصورة المضيئة للكنيسة: فكر واحد، محبة واحدة، نفس واحدة، هدف واحد، كله مع بعضه يُشكّل الوحدانية، والمسيح يقول "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا" في يو 17 في الصلاة الوداعية، لأن مسيحنا يشتاق ليكون الجميع واحدًا... نتأمل كيف استطاع بولس الرسول برغم جو السجن استطاع أن يكتب لنا هذه الجواهر الثمينة وكيف استطاع أن يُسجّل خبرته: وعظ للمسيح، تسلية للمحبة، شركة للروح، أحشاء ورأفة، وتمموا فرحي، ويجعل هذه الخبرة كعقد من اللآلئ... ثم يحذرنا، "لاَ شَيْئًا بِتَحَزُّبٍ أَوْ بِعُجْبٍ" (أي يتعاجب الشخص بنفسه)، "بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ"، وكأن بولس الرسول يضع يده على الداء الخطير الذي نسميه "داء الكبرياء" كما يضع الطبيب يده على موضع التعب فيكتشفه، ويقول بولس الرسول "حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ" وهذا هو تعليم الإنجيل أن لا تنظر إلى نفسك وإلى الأنانية أو الفردية والذاتية والمصالح الشخصية، وحتى على مستوى الدول – فالدولة التي تنظر لنفسها فقط لا تعيش بشكل جيد لأن كل دولة تحتاج للأخرى وكذلك الإنسان يحتاج للآخر وربنا خلق كل إنسان بهدف وبرسالة وعمل، "لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا" فيضع أمامنا المفهوم الجميل أن نحذر من الكبرياء والتحزب والتباهي، فيرسم لنا بولس الرسول شكل الخدمة المتكاملة والهدف فيها أن تتمموا فرحي عن طريق سعادة وجودنا على الأرض ثم يحدد الصورة المضيئة للكنيسة وشكلها ويحددها في نقط ثم يحذرنا، لأن التحزب يقسم الكنيسة ويضيع الفرح وحتى في أي مجتمع تظهر فيه انقسامات يضيع منه الفرح، فلا تنظر لنفسك أنك أفضل من الآخرين وتفهم أفضل منهم وتعرف أكثر وعقلك هو الأفضل بين الآخرين، فانتبه أيها الحبيب لأن الكتاب يوصينا "بَلْ بِتَوَاضُعٍ، حَاسِبِينَ بَعْضُكُمُ الْبَعْضَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ" أي أن أحسب الآخر أفضل من نفسي وهذه هي الصورة الحلوة ومن أجل أن يؤكدها قدّم لنا بولس الرسول في هذا الجزء نموذج لشخص المسيح، ويُقدّم هذا النموذج في صفات متتالية وماذا فعل السيد المسيح لنفعل مثله، "فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ"، فيضعها لنا في درجات وتُسمّى درجات الإخلاء السبعة (درجات التواضع)، الأولى: أَخْلَى نَفْسَهُ، أي أن المسيح تجرّد من ذاته لأن المسيح وُلد في مذود بقر، الثانية: آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، فما هو المنصب الذي احتله وما هي المكانة التي حصل عليها بل وُلد كعبد، الثالثة: صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ، التجسد – عظيم هو سر التقوى. الله ظهر في الجسد، الرابعة: وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، صار إنسان فيطلب من المرأة السامرية اعطيني لأشرب آخذًا طبيعة الناسوت وتجسد، الخامسة: وَضَعَ نَفْسَهُ، المسيح يضع نفسه حتى في رحلة الصليب، السادسة: وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ، وجميعنا نعرف مراحل الموت، السابعة: مَوْتَ الصَّلِيبِ، والصليب في زمن المسيح كان للعار أي أنه يحمل المذلة... وهكذا هذه الخطوات تمثل صورة التضحية التي يقدمها السيد المسيح ويضعها بولس الرسول كنموذج، أخلى نفسه، أخذ صورة عبد، صار في شبه الناس، صار في الهيئة كإنسان، وضع نفسه، أطاع حتى الموت، موت الصليب... وننتبه إلى أنه قدّم عمل المسيح كمراحل ليبيّن أن المسيح صنع هذا من أجلك أنت فماذا تفعل، هل ستعيش في الكبرياء في التحزب في الانقسام، هل سترى نفسك عظيم.. ثم يُكمل، ويريد أن يشرح لنا صورة المجد، فالمسيح نزل من السموات وتجسد كما نقول في قانون الإيمان "من أجلنا ومن أجل خلاص جنسنا نحن البشر"، "لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ. لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ وصعد إلى السموات وجلس عن يمين أبيه كما نقول في فقرات قانون الإيمان، توجد درجات الإخلاء السلّم النازل وتوجد درجات المجد السلّم الصاعد، "رَفَّعَهُ اللهُ" وتعني عاد إلى مجده ومكانته الرفيعة وجلس عن يمين أبيه، "وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ" لأن المسيح هو المخلص الفادي الذي جاء من أجل خلاص جنس البشر وصار له اسم وهذا الاسم في مكانة رفيعة، "لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبة "مِمَّنْ فِي السَّمَاء" من الطغمات الملائكية "وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ" وهم النساك والعبّاد القديسين وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ" وهم القديسين الغير معروفين ومَن امتلأت بهم البراري ولكن الله يعرف قلوبهم، " ويصير على كل لسان اسم المسيح ويصير الإيمان إلى كل قلب، وهذه هي درجات السلّم الصاعد إلى السماء، رفعه الله، أعطاه اسمًا فوق كل اسم، تجثو له كل ركبة، من في السماء من على الأرض من تحت الأرض، يعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب... والقديس بولس الرسول في هذه الرحلة الجميلة وهو يقدم لنا صورة للإنسان المتضع وللكنيسة المتضعة كما يقدم صورة للخدمة
الناجحة والشاملة والمتكاملة، فنجد داخل الكنيسة الشاطر في الوعظ والشاطر في العبادة والشاطر في التسلية والشاطر في الخدمة الاجتماعية وكلهم يتكاملون مع بعضهم البعض ويتممون روح الفرح في الكنيسة الناجحة، وهذا يجعل الإنسان المتكامل الذي فكره الواحد من الإنجيل ومحبته واحدة للمسيح ونفسه واحدة داخل الكنيسة وأخيرًا هدفه واحد للملكوت.. كما يقدم الرسول بولس لنا صورة اتضاع المسيح...
انتبه أنه بدأ بشرح الخدمة وتكاملها ثم بدأ يقدم صورة الكنيسة الناجحة في وحدانيتها ثم يحذرنا من خطايا التحزب والكبرياء والانقسام ثم يعطينا الشكل المضيء
أدعوك أن تقرأ هذا الجزء في الإصحاح الثاني كلمة بكلمة وتطبقه على نفسك وتستنتج روح الفرح وتنظر لنفسك وما هو ناقص في حياتي أو في خدمتي، وما هي الخطية التي قد توجد في حياة الإنسان من ناحية التحزب أو الانقسام وكيف تكون حياة الإنسان حياة واحدة.
واختتم طالبا أن يعطينا مسيحنا أن نكون في هذه الصورة بالفكر الخاضع والمتضع والمفرح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.