أعدت وزارة الرياضة مشروع قانون لمكافحة الشغب الرياضي تحت مسمى "تنظيم الأحداث الرياضية وحماية المشاركين فيها"، وأحالته إلى قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعته وفقا للمادة 190 من الدستور. صرح المستشار محمد صلاح أبورجب، عضو قسم التشريع بمجلس الدولة، أن أولى جلسات مناقشة القانون بمواده، ستبدأ خلال الأسبوع الجاري، وسيرسل المقترحات التي سينتهي إليها بشأنه خلال الأيام القليلة المقبلة، إلى مؤسسة الرئاسة، قال: إن القانون أصبح بحوزتنا وسنناقش مواده، ونقوم بمراجعاتها تفصيليا تمهيدا لعرضه على رئيس الجمهورية. لجنة تنظيم: ذكرت مقدمة القانون أن هدفه هو "المشاركة في تنمية الرياضة باعتبارها حقا من الحقوق الإنسانية في المجتمع"، ذلك من خلال تهيئة جميع الظروف والإمكانات لتنظيم الأحداث الرياضية بما يكفل عدم خلطها بالأحداث السياسية وسلامة الجماهير والمشاركين في الحدث الرياضي والمنشأة الرياضية ونبذ التعصب والعنف. وينص المشروع على إنشاء لجنة باسم "اللجنة العليا لتنظيم الأحداث الرياضية" يكون لها الشخصية الاعتبارية العامة، وتشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء برئاسة وزير الرياضة وتضم في عضويتها أحد نواب رئيس مجلس الدولة والمدير التنفيذي للمجلس القومي للرياضة وممثلين عن وزارات الدفاع والداخلية والإعلام والصحة والتربية والتعليم والتعليم العالي والشباب والتأمينات والشئون الاجتماعية، وثلاثة من الخبراء والشخصيات العامة يتم اختيارهم بناء على ترشيح من وزير الرياضة، ويلزم المشروع جميع الاتحادات الرياضية والأندية والجهات المختصة بتنظيم الأحداث الرياضية والمشاركين فيها بتنفيذ قرارات هذه اللجنة. الخضوع للتفتيش: ويحظر المشروع خلط المشاركة في الحدث الرياضي بأي مسائل متعلقة بالسياسة أو الاختلاف الفكري والطائفي أو التمييز العنصري، مع الأمتثال للتفتيش وعدم حيازة أو استخدام أي ألعاب نارية، وعدم إتلاف أي مستندات وعدم التعرض للأشخاص المشاركين، مع حق المحكمة التي ستحاكم المخالفين في تغريمهم ماليا ومنعهم من حضور المباريات مستقبلا. عقوبات: ويعاقب المشروع المحرضين على الشغب بالسجن لمدة لا تزيد على 5 سنوات وبغرامة من 20 ألف جنيه إلى 200 ألف أو بإحدى العقوبتين، ويعاقب كل من دخل مكان الحدث الرياضي أو المنشأة الرياضية وهو حائز أو متعاطي لمسكر أو مخدر أو حائز لألعاب نارية أو مواد حارقة أو أسلحة بالسجن مدة لا تقل عن سنة وبغرامة من 20 ألف جنيه إلى 50 ألفا أو بإحدى العقوبتين، وتزيد العقوبة للحبس سنتين إذا أصاب هذا الشخص أحدا، وإلى 5 أو 10 سنوات إذا نشأ عن الإصابة عاهة مستديمة، وبالسجن المؤبد إذا سبب الوفاة. وتوقع عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تجاوز 100 ألف جنيه على كل من استخدم القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع ضد لاعب أو حكم أو أحد أعضاء الأجهزة الفنية أو الإدارية للفرق الرياضية أو أحد أعضاء مجالس إدارة الهيئات الرياضية لحملة على الامتناع عن المشاركة في الحدث الرياضي، وتكون العقوبة مدة حبس لا تقل عن سنة وغرامة لا تجاوز 100 ألف جنيه لمن استخدم العنف ضد السابق ذكرهم بغرض التأثير على النتيجة لصالح طرف دون الآخر. وعقوبة الحبس لا تزيد على 6 أشهر وبغرامه من 5 آلاف جنيه إلى 20 ألفا أو بإحدى العقوبتين لكل من سب أو قذف أو أهان بالقول أو بالإشارة أو حض على الكراهية أو التمييز العنصري بأي وسيلة من وسائل الجهر والعلانية أثناء أو بمناسبة الحدث الرياضي. وكذلك الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة من 50 ألف جنيه إلى 100 ألف لكل من أسند إليه عمل في تنظيم أو تأمين الحدث الرياضي وامتنع وأهمل في القيام بذلك وترتب على ذلك وقوع إصابات أو تلفيات، وتكون العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين إذا ترتب عن امتناعه وفاة أحد، وإذا زاد عدد المتوفين على ثلاثة تكون العقوبة بالحبس من 4 إلى 7 سنوات. كما ينص على معاقبة من يبيع أو يتداول تذاكر المباريات بالمخالفة لقواعد اللجنة العليا بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة من 20 ألف جنيه إلى 100 ألف. ويحرم المحكوم عليهم وفقا لمواد هذا القانون من الحق في الترشح لعضوية مجالس إدارات الهيئات الرياضية لمدة 4 سنوات. عقوبات قاسية: وصف المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، والفقيه الدستوري، العقوبات المالية "الغرامة" المنصوص عليها بمواد القانون ب "المُغالى فيها". واعتبر "الجمل" الغرامات التي من المفترض أن تُطبق على مخالفي القانون بحسب نصوصه، غير ملائمة أبدا مع الفئة التي ستُطبق عليها والمتمثلة في مشجعي الألعاب الرياضية كمشجعي رابطة "الألتوراس" على سبيل المثال". قال الفقيه الدستوري، في القوانين الجنائية، من المفترض أن يكون هناك تناسب بين خطورة الفعل الإجرامي والعقوبة المقررة، لكي يتحقق الردع العام الذي يمنع أي شخص من ارتكاب الجريمة مرة اخرة، ويحقق الردع الخاص الذي يمنع مرتكب الجريمة في ارتكابها مرة أخرى ". كما وصف "الجمل" العقوبات الموجودة في بعض مواد القانون ك "الحبس سنة وغرامة من 20000 جنيه إلى 50000 جنيه لمن يحوز ألعاب نارية" ب "الجسيمة" مناشدا بضرورة إعادة النظر فيها لأنها غير منطقية و"شبه مستحيلة التصديق"، بالنسبة لرواد الملاعب ذوات السن الصغيرة لذا تكون غير كافية للردع وتحقيق الهدف المنشود من مشروع القانون. غير مجدية: واتفق معه المستشار محمد ماهر أبوالعينين، نائب رئيس مجلس الدولة، الذي أعلن اعتراضه البالغ على مواد القانون المُقترحة، مؤكدا أنها لم ولن تُجدي ولا حتى تساهم في القضاء على ظاهرة شغب الملاعب. قال أبو العينين: "كلما تم تغليظ العقوبة، كلما عجز القاضي على الحكم بها"، ضاربا بمثال "عندما غُلظت عقوبة تجارة المخدرات إلى الإعدام، كانت اغلب الأحكام التي تصدر ضد المتهمين وقتها مخالفة للحكم بالإعدام". وأضاف: "كيف تكون عقوبة الشغب تبدأ من 5 سنوات ل 10، لما تلك العقوبة المغلظة!!، وأيضا كيف تكون الغرامات بداية من 20 آلاف جنيه !!"، مشيرا إلى أنه حتى كيفية ثبوت عقوبة الشغب على المتهم ستكون غير متاحة، فمن الصعب أن احدد الشخص من بين مئات الأشخاص على الأقل الذي قام بالشغب. ولفت نائب رئيس مجلس الدولة، إلى أن تلك العقوبات المغلطة ستؤدي بالقانون إلى عدم الجدية وستؤدي بالمتهم إلى "البراءة"، حيث أنه حال تغليظ العقوبة لهذه الدرجة يتم دفع القاضي إلى الحكم بالبراءة. وأبدى أبو العينين اعتراضه على سرعة وضع مواد القانون، دون حوار ودون استشارة المتخصصين من رجال القضاء، قائلا: "القانون ذو عقوبات صارمة في ظاهرة سيؤدي إلى القضاء على ظاهرة الشغل لكن باطنة يؤكد أنه سيؤدي إلى تفاقمها، لأن القضاء على ظاهرة لم ولن يكن بعقوبات مغلظة، القانون كان سريعا وبدون حوار ولا استشارة للمتخصصين". وعن مادة "تفتييش الجماهير"، اعتبرها نائب رئيس مجلس الدولة، مجرد ثغرة من الممكن الدفع بها لعدم دستورية النص، لأنه يعتبر "مساس بالحرية الشخصية". واختتم المستشار محمد ماهر أبو العينين، تصريحاته قائلا: "إذا تم إقرار هذا القانون فسيكون 80 % من التطبيق بتجاهل التنفيذ". تأييد القانون: من جانبه، أعلن المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق، تأييده لقانون مكافحة شعب الملاعب، الذي أعدته وزارة الرياضة تحت مسمى "تنظيم الأحداث الرياضية وحماية المشاركين فيها"، وتمت إحالته إلى قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعته. قال السيد: "أي قانون يتم اقتراحه يكون الهدف منه تنظيم العيش في المجتمع وإلزام المخاطبين بأحكامه بما يرد به، لا شك أن ظاهرة الشغب في ملاعب مصر ظاهرة حديثة، لم تكن موجودة خلال السنوات السابقة على خلاف ما كان يحدث في كل دول العالم التي كانت تتكبد خسائر كبيرة نتيجة تلك الظاهرة". وأضاف رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق: "كان من الواجب من إصدار قوانين تنظم الممارسات في الملاعب درء لأضرار الشغب الجماهيري، وقبل أن تظهر على السطح المشكلات التي تتنافى مع الاخلاق عامة ومع اخلاق الرياضة بصفة خاصة". واختتم قائلا: "حسن فعل المشرع عندما استقر رأيه على إصدار قانون ينظم حركة المشاهدين والمشجعين لكرة القدم بصفة خاصة وباقي الألعاب بصفة عامة، فلا بد أن يواجه كل من يرتكب أفعال من شأنها أن تخرج التشجيع الرياضي عن أهدافه للعقاب الجنائي ليكون مثل رادع لكل من تسول له نفسه أن يثير شغب أو يحرض عليه".