أثرياء الخليج أصبحوا خلال الربع قرن الأخير، بلا شك، ارتكازًا مهمًا لاقتصاديات الدول الغربية، بل وفريسة سهلة لتلك الدول التي تحاول أن تستفيد من ثرواتهم لخدمة شعوبها، عن طريق دعوتهم للاستثمار وتوفير مناخ مناسب لهم. تتسابق العديد من الدول الغربية لاستقطاب المزيد من أثرياء الخليج للاستثمار في بلادهم من أجل الاستفادة من ثرواتهم الطائلة، لتوفير خدمات مهمة لشعوبها، ومن أجل إنعاش اقتصادها، مع تطبيق قوانين جديدة في بلادهم قد تكون قاصرة فقط على هؤلاء الأثرياء. وأقرت مالطا، العضو في الاتحاد الأوربي، قانونًا جديدًا لتشجيع الاستثمار مؤخرًا، حيث يحصل بموجبه المستثمرون على جنسيتها فورًا ودون أن يضطروا للانتظار أو الإقامة مدة طويلة في البلاد، في الوقت الذي أعفت فيه بريطانيا مواطني عدة دول خليجية من شرط الحصول على التأشيرات لدخول أراضيها من أجل اجتذاب أعداد أكبر منهم، بينما تقدم إسبانيا تسهيلات كبيرة للحصول على الإقامة بالنسبة لمشتري عقاراتها من الأجانب. وحسب القانون الجديد في جزيرة مالطا بات بمقدور الأثرياء الخليجيين أو الأجانب تحويل 650 ألف يورو فقط واستثمارها هناك ليتمكنوا من الحصول فورًا على الجنسية، ودون المرور بمرحلة الإقامة في البلاد، أو اشتراط مضي مدة زمنية معينة. وبالحصول على الجنسية المالطية يصبح المستثمر مواطنًا أوربيا وبمقدوره التنقل والعيش والعمل والاستثمار في كل دول الاتحاد الأوربي دون أي قيود أو عوائق، وهو ما يعني أن مالطا تريد التحول إلى بوابة للمستثمرين العرب والأجانب الراغبين بالدخول إلى أوروبا. وقال الناشط العربي المقيم في مالطا عمار السعدي ل"العربية نت" إن مالطا تطمح لاجتذاب الأثرياء العرب وأصحاب رءوس الأموال الخليجيين لإنعاش اقتصادها وجعلها مركزا نشطا تجاريا واقتصاديا. يأتي إقرار القانون المالطي استباقًا لمشروع قانون يجري بحثه في بريطانيا وبموجبه- في حال إقراره- سيتم بيع تأشيرات الإقامة في المملكة المتحدة لأثرياء العالم بالمزاد، فضلا عن منح تأشيرات إقامة لمن يتبرع أكثر من الأجانب للقطاع التعليمي والصحي في بريطانيا. يشار إلى أن إسبانيا أيضًا أقرت قبل سنوات وبالتزامن مع أزمتها الاقتصادية، قانونًا يمنح تسهيلات كبيرة لمشتري العقارات الأجانب من أجل أن يحصلوا على الإقامات على أراضيها، وهي إقامات تخولهم بعد سنوات حق التقدم بطلب الحصول على الجنسية، في محاولة لاجتذاب الأثرياء وأصحاب رءوس الأموال وإنقاذ اقتصاد البلاد المتهاوي. لا يتوقف الأمر عند هذا الأمر، بل إن الاتحاد الأوروبي يمثل الملاذ الآمن لأموال هؤلاء الأثرياء العرب الذين يفضلون الاستثمار في دول أفضل توفر لهم مناخًا استثماريًا جيدًا وكذلك برنامج ضرائبي معقول، فقد أشار تقرير نشرته صحيفة الحياة اللندنية مؤخرًا إلى أن أموال أثرياء الخليج في البنوك السويسرية تقدر بنحو 4، 5 تريليونات دولار. من جانب آخر، تمثل روسيا المنافس الآخر للاتحاد الأوروبي في هذا المجال، خاصة أنها تحاول استقطاب هؤلاء الأثرياء للاستثمار في العديد من المجالات خاصة الغاز الطبيعي عن طريق منحهم أيضًا امتيازات مهمة. فرغم الاختلاف القوى بين دول الخليج وروسيا حيال الملف السوري، غير أن هذا لا يؤثر على استثمار رجال الأعمال الخليج في روسيا، فوفق لوكالة الأنباء الكويتية، يقوم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بزيارة إلى مجلس التعاون الخليجي الأسبوع المقبل لمناقشة العديد من القضايا التعاونية بين البلدين.