يعتبر مارس من الشهور المميزة للمرأة، والذى اتخذته المرأة المصرية شهرًا لها، حيث تستقبل فيه 3 أعياد مهمة تحتفل بهم بكونها جزءًا أساسيًا من المجتمع، ففى يوم 8 مارس يحتفل العالم أجمع، باليوم العالمى للمرأة، ثم الاحتفال بعيدها الثانى يوم 16 مارس، وهو يوم المرأة المصرية، فضلًا عن احتفال المجتمع المصرى ب«عيد الأم» فى 21 من نفس الشهر، والذى يُعد يومًا يُعبر فيه الرجال والشباب والفتيات عن مدى حبهم وتقديرهم للأم. واختارت المرأة المصرية يوم 16 مارس تحديدًا من كل عام، نظرًا لارتباطه بالعديد من الأحداث التى كانت شاهدة على مدى نضال المرأة المصرية وكفاحها سواء من أجل الوطن أو من أجل الحصول على حقوقها المشروعة، حيث كافحت ونضالت المرأة المصرية على مدار التاريخ، وأثبتت أنها قادرة على العمل وتحملها للمسئولية وإثبات نفسها فى سوق العمل بجهد مثلها مثل الرجل تمامًا، فضلًا عن قدرتها على التغيير للأحداث والمواقف المختلفة. وترجع بداية اختيار يوم 16 مارس ليكون يومًا للمرأة المصرية، إلى ثورتها ضد الاستعمار ونضالها من أجل الاستقلال فى ثورة 1919، بعد استشهاد «حميدة خليل» أول شهيدة مصرية من أجل الوطن، وتظاهرت فى هذا اليوم أكثر من 300 سيدة بقيادة «هدى شعراوى» رافعات أعلام الهلال والصليب كرمز للوحدة الوطنية، حيث سقطت مجموعة من الشهيدات المصريات هن: «نعيمة عبدالحميد، حميدة خليل، فاطمة محمود، نعمات محمد، حميدة سليمان، يمنى صبيح». وفى 16 مارس عام 1923، دعت هدى شعراوى لتأسيس أول اتحاد نسائى فى مصر، وكان على رأس مطالبه رفع مستوى المرأة لتحقيق المساواة السياسية والاجتماعية للرجل من ناحية القوانين، وضرورة حصول المصريات على حق التعليم العام الثانوى والجامعى، وإصلاح القوانين فيما يتعلق بالزواج، وتحقق بالفعل فى عام 1928، حيث دخلت أول مجموعة من الفتيات إلى جامعة القاهرة. كما حصلت المرأة فى نفس اليوم عام 1956 على حق الانتخاب والترشيح، وهو أحد المطالب التى ناضلت المرأة المصرية من أجلها وهى التى تحققت بفعل دستور 1956، كما أصبحت أيضًا المرأة المصرية عضوًا برلمانيًا ولها الحق أيضًا فى التصويت. وتواصل المرأة نضالها حتى الوقت الراهن للحصول على كل حقوقها المشروعة، وتحقيق النجاحات من أجل تقدم الوطن والنهوض بالمجتمع المصري، حتى وصلت إلى أعلى المناصب. الدكتور سعيد صادق ويقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، إن المرأة تواجدت فى قطاعات ومناصب لم تحصل عليها من قبل، مثل منصب أول محافظ سيدة، وكذلك أكبر تمثيل لها فى البرلمان ومجلس الوزراء أيضًا، مشيرًا إلى أن المرأة العادية فى الشارع ما زالت تعانى من العنف فى الشوارع، حيث إن مصر الأولى فى ظاهرة «التحرش»، وعدم احترام للمرأة وعدم الدفاع عنها ووجود الأمن لها، وما يعيقها من الإجراءات والقوانين، والعنف الذى يمارس ضدهن فى المنازل والتحرش فى العمل، وثقافة المجتمع المصرى تجاه المرأة بأنها كائن ضعيف لا تستطيع الدفاع عن نفسها. وتابع «صادق»، أن المرأة المصرية تعانى أيضًا من ارتفاع نسبة الأمية، حيث تصل نسبة الأمية للنساء حوالى 25%، فضلًا عن انعدام الثقافة، وتشبعها بالثقافة الذكورية الأبوية ضد المرأة، لافتًا إلى وجود عوائق ثقافية واجتماعية وفكرية ضد المرأة، فهناك ما يسمى بمؤشر «المساواة» بين الجنسين فى العالم فيما يخص التعليم وفرص العمل والمشاركة السياسية والعنف وغيرها، ووصل ترتيب مصر 131 فى هذا المؤشر. وأشار إلى أنه قبل عام 2011 لم يشارك الشباب والمرأة فى السياسة إلى حد كبير، ولكن مع ثورة 30 يونيو وجدت المرأة خطورة لعدم مشاركتها فى السياسة، موضحًا أن المرأة حصلت بعدها على بعض حقوقها فى الحياة السياسية، ولكنها لم تكن كاملةً، حيث إن المرأة تشكل فى مقاعد البرلمان حوالى 25% بما يمثل الربع، ولكن لا بد أن تحصل على 50% فى التمثيل السياسى بصفة عامة. بينما قالت الدكتورة عبلة إبراهيم، رئيس إدارة المرأة والطفل بجامعة الدول العربية سابقًا، إنه يتم عمل دورات تدريبية للمرأة الريفية عن كيفية تربية أبنائها وتأهيلهم، وتغيير مفهوم الصعيد والأرياف عن الفتيات، وكذلك فى قضية ختان الإناث وبرنامج كامل لتوعية المواطنين بخطورة القضية، فضلًا عن وجودهن على المستوى السياسي، ولكن يجب أن يتم تكثيف الجهود فى الصعيد والريف كى تحصل المرأة على حقوقها، وذلك بالتعاون بين القيادة السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والمؤسسات المعنية بحقوق المرأة. وأوضحت أن الرئيس السيسى خصص عامًا كاملًا للمرأة، وكرم سيدات كثيرات، فضلًا عن وجود 6 وزيرات فى الحكومة الحالية، ويمثلن وزارات أساسية ومهمة، مضيفة أن الوزيرات نجحن وأثبتن وجودهن خلال الفترة الأخيرة بما قاموا به من إنجازات عدة. كما أوضحت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم النفس الاجتماعي، أنه عندما تتحرك المرأة المصرية بخطوات تجعلها شريكة فى التنمية، فهى تبحث عن أعباء أكثر من امتيازات، بكونها قادرة على المشاركة والعمل والجهد ولكن مع توفير الفرصة الملائمة لذلك الأمر. وتابعت، أن المرأة حصلت على فرص للمشاركة فى الحياة السياسية حاليًا من خلال الترشح للمناصب المختلفة، والقيادة لعدد من القطاعات والمؤسسات الرسمية الحكومية أو الخاصة أيضًا، مؤكدة أن المرأة حصلت على حقوقها إلى حد ما فى النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث إن القانون أو التشريع لم يكن ضد المرأة من البداية، ولكن الثقافة التقليدية والعادات والتقاليد للمجتمع كانت ضدها وتعتبر العائق الذى تشكل لمنعها من ممارسة حقوقها المشروعة. وأكدت، أن المرأة المصرية حاليًا أثبتت بجدارة قدرتها على تحمل المسئولية وبذل الجهد، ولكنها تعانى من استثمار الجهد، وتحتاج إلى قدر من تكافؤ الفرص بدلًا من تحميل الأعباء، موضحة أن نظرة المجتمع إلى المرأة تغيرت إلى حد ما، ولكن نماذج المرأة التى تطفو على الساحة الإعلامية إما أن تكون محفزة ومقنعة لجدارة المرأة، ولكن عندما تخفق المرأة لم يتم اتهام امرأة بعينها ولكن يُقال «الستات مينفعوش»، عكس الرجال فى حالة فشل أو إخفاق رجل ما يُقال «فلان أخفق»، وإذا أبدعت إحدى السيدات يُقال «هى مبدعة» وليست السيدات مبدعات. وأشارت إلى أن المجلس القومى للمرأة يحاول الاجتهاد بقدر كبير فيما يخص الأزمات والمشكلات التى تعانى منها المرأة فى الوقت الحالي، باعتباره مؤسسة اجتماعية سياسية تحاول النهوض بالمرأة وتكافؤ الفرص لها فى كل المجالات، والسعى لحل كل المشكلات التى تعانى منها النساء، أو دعم الفرص التى من الممكن أن تستثمرها السيدات، لافتة إلى أن المجلس ليس هيئة تنفيذية ولكنه جهة تُنبه الجهات المعنية للتحرك فيما يخص ملف المرأة، فهو ليس بيده «عصا سحرية» لإخفاء المشكلات التى تواجه المرأة، ولكن يعمل من أجل تحسين النسب وتقليل الأزمات، مطالبة بالتعاون بين المجلس وكل مؤسسات التربية والتوعية الاهتمام بمبدأ تكافؤ الفرص، تحت شعار «ضد المحاباة للمرأة وضد التعنت للمرأة»، والنظرة إلى الإنسان كونه إنسانا، وليس بناءً على النوع أو الجنس، وصاحب الجدارة يأخذ مكانه. فيما قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن المرأة فى البداية لم تكن تمتلك المشاركة فى الحياة السياسية، ثم أصبحت تشارك سياسيًا، وتواجد هذا الأمر بقدوم أول وزيرة فى الحكومة «حكمت أبوزيد»، ثم إنشاء المجلس القومى للمرأة، وتواجد بعض النائبات داخل البرلمان، مشيرة إلى أنه فى الوقت الحالى هناك نسبة لا بأس بها للمرأة داخل القطاعات والتمثيلات السياسية المختلفة. وترى الدكتورة هبة هجرس، عضو المجلس القومى للمرأة، عضو مجلس النواب، أن المرأة لم تحصل على كل حقوقها السياسية على مستوى العالم سوى فى دولة أو اثنتين على الأكثر، موضحة أن كل الدول تسعى وتعمل على تمكين المرأة من الحصول على حقوقها سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، مما يحسن من وضعها من عام لآخر ومن فترة إلى أخرى، وهذه هى الخريطة التى تسير عليها كثير من دول العالم. وأكدت أن أحوال المرأة المصرية تحسنت كثيرًا مقارنة بأى وقت سابق، فكانت لم تشارك فى الحياة السياسية إلا بشكل طفيف جدًا.