غدًا الثلاثاء.. النطق بالحكم في طعن أحد مرشحي مجلس الشيوخ بقنا    مدبولي: مشروع مصدات كورنيش الإسكندرية هدفه حماية المدينة من الغرق    حملة مكبرة لإزالة التعديات على الطريق بقرية نفيشة بالإسماعيلية    البورصة المصرية تغلق تعاملات الإثنين على ارتفاع جماعي.. ومؤشر EGX30 يصعد 2.04%    مصادر: رئيس المخابرات المصرية يعقد لقاءات مع رئيس الوزراء القطري ووفود المفاوضات من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي    36 شهيدًا في غزة منذ فجر اليوم    إيطاليا: الاتحاد الأوروبى مستعد لفرض رسوم جمركية على بضائع أمريكية ب21 مليار يورو    لجنة العلاقات الأفريقية تبحث تعزيز الشراكات ومشروعات التنمية المشتركة    سأتقدم بشكوى.. محمد عمارة يرد على تصريحات شوبير ضده    تقارير: النصر لن ينسحب من السوبر السعودي    فى قضية منصة "FBC".. النيابة العامة تحيل 20 متهما إلى محكمة الجنايات الاقتصادية    لإنهاء مسلسل الانهيارات.. مدبولي: إنشاء 55 ألف وحدة سكنية لاستيعاب ساكني 7500 عقار آيل للسقوط بالإسكندرية    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد تصحيح الثانوية بسوهاج ويكرم حفظة القرآن في المشروعات الصيفية    روبي وليجي سي يحييان حفلا بالساحل الشمالي يوم الجمعة المقبلة    الموزع أحمد إبراهيم يستحوذ على نصيب الأسد في ألبوم عمرو دياب ب5 أغانى    رئيس الوزراء يشيد بمبادرة لإدخال الإسكندرية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل.. ويؤكد: نجاحها سيمكننا من تكرارها بمحافظات أخرى    أكاديميون إسرائيليون: المدينة الإنسانية برفح جريمة حرب    مقتل 4 أشخاص في تحطم طائرة ببريطانيا    نائب حافظ الدقهلية والسكرتير العام يتفقدان مركز ومدينة نبروه..صور    3 أغسطس.. أولى جلسات دعوى إبراهيم سعيد لضم حضانة ابنتيه    سحب 868 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    وزارة النقل تنفي صلة الفريق كامل الوزير بتسجيل صوتي مزيف يروج لشائعات حول البنية التحتية    رومانو: أوسيمين يغيب عن انطلاق معسكر نابولي للمرض    بطرس دانيال يكشف ل"البوابة نيوز" تفاصيل حالة الفنان لطفي لبيب الصحية    محافظ الفيوم توفير مساعدات عاجلة ومعاشات شهرية للمستحقين    ندوات للسلامة المهنية وتدريب العاملين على الوقاية من الحوادث بالأسكندرية    «قناة السويس» تبحث التعاون مع كوت ديفوار لتطوير ميناء أبيدجان    مدافع روستوف الروسي على رادار الزمالك لتدعيم الفريق    ضبط قضايا اتجار في العملات ب«السوق السوداء» بقيمة 7 ملايين جنيه    ضبط تشكيل عصابي للنصب على المواطنين عبر منصة إلكترونية بمسمى "VSA"    "التعليم العالي": 18,618 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    محافظ سوهاج يعتمد جدول تنسيق القبول بالمدارس الثانوية للتمريض 2025/2026    رئيس الوزراء يبدأ جولة تفقدية لعدد من المشروعات بمحافظة الإسكندرية    تحولات الوعي الجمالي.. افتتاح أولى جلسات المحور الفكري ل المهرجان القومي للمسرح (صور)    «الأوقاف» تُطلق الأسبوع الثقافي ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية    لفت الأنظار في المونديال.. بالميراس يرفض 3 عروض أوروبية لريتشارد ريوس    مدبولي يستعرض مقترحا للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لإنشاء شبكة رعاية صحية بالإسكندرية    توزيع 977 جهاز توليد الأكسجين على مرضى التليفات الرئوية «منزلي»    الأهلي يبدأ اتخاذ إجراءات قانونية ضد مصطفى يونس بحضور الخطيب (تفاصيل)    عمره 92 عامًا.. الرئيس الكاميروني بول بيا يعلن ترشحه لولاية ثامنة    قبل «درويش».. 3 أفلام جمعت عمرو يوسف ودينا الشربيني    ماذا قال رئيس مجلس الدولة لوزير الأوقاف خلال زيارته؟    رمضان عبد المعز: النبي غرس العقيدة في سنوات مكة.. والتشريعات نزلت في المدينة    تفاصيل ضبط قائد سيارة اعتدى على فتاة وصديقتها بالتجمع    «نيابة الغردقة» تُصرح بدفن جثة لاعب «الفلاي بورد» ونقله لدفنه ببلدته بالمنوفية    الخطيب يتفاوض مع بتروجت لضم حامد حمدان.. ومدرب الزمالك السابق يعلق: داخل عشان يبوظ    «الكشف والعلاج مجانًا».. «الصحة» تواصل حملتها للوقاية من سرطان عنق الرحم ضمن المبادرة الرئاسية    تفاصيل زيارة المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب في دمياط لمتابعة تنفيذ برنامج "المرأة تقود"    من بكوية الملك إلى تصفيق المهرجانات، يوسف وهبي فنان الشعب وأسطورة المسرح    هشام جمال: "سمعت صوت حسين الجسمي أول مرة وأنا عندي 14 سنة"    جيش الاحتلال: أكثر من 100 هجوم على مواقع مختلفة في غزة خلال الساعات الماضية    محافظ جنوب سيناء والأنبا أبوللو يناقشان قضايا الكنائس    موعد شهر رمضان المبارك 2026: فاضل فد ايه على الشهر الكريم؟    مستشار الرئيس للصحة: الالتهاب السحائي نادر الحدوث بمصر    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    بداية فترة من النجاح المتصاعد.. حظ برج الدلو اليوم 14 يوليو    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمص أنجيلوس جرجس يكتب: كنيستنا أرثوذكسية تحمل إيمانها بالتقليد
نشر في البوابة يوم 16 - 02 - 2019

مفهوم التقليد: هذه الكلمة في الإنجليزية تأتي بمعنى"Tradition" وباليونانية Paradises (بارادوسيس) والمعنى المباشر والحرفي هو التسليم من يد ليد، والإصطلاح الكنسي يعني تسليم التعليم من الرسل إلى الكنيسة، وتسليم الإيمان والأمور التنظيمية والترتيبات الكنسية الخاصة بالعبادة الجماعية وخلاص المؤمنين، ومنهم إلينا بما يحقق لنا الخلاص والاتحاد بالمسيح.
واللفظ العربي لكلمة تقليد مشتق من القلادة وهذه الكلمة تقال عند تسليم شخص شيء أو وظيفة فنقول "فلان تقلد وظيفته أو تقلد سيفه".
ويوجد خلط في أذهان البعض بين التقليد والمحاكاة Imitation"" فالتقليد ليس معناه محاكاة شخص أو شيء، ولكنه يعني أن شخصاً يسلم شخصاً وهذا هو فكر الكنيسة للخلاص.
التقليد إيماني: وهذا لم ولن يتغير عبر الزمان أو يتطور مع فكر البشر، وهذا ما أوصاهم به الرب يسوع حيث قال: "أذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها " (مر 16: 15)
وحين قال أيضاً: "أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر "(مت 28: 19)
ولاحظ معي عزيزي أنه يرسلهم إلى جميع الأمم بفكر واحد، قد أوصاهم وعلمهم به وطلب منهم أن يسلموه ويعلموه إلى جميع الأمم وهو معنا كل الأيام، وهذا يعني أنه يحفظ هذه التعاليم التي أودعت للكنيسة من إيمان لاهوتي أو حياة كنسية، وأسرار خلاصية.
ويقول روفينُس الأكيلاوي تقريباً في سنة 400م الآتي: "يروي لنا أجدادنا أن الروح القدس بعد صعود السيد لما استقر على كل واحد من الرسل بهيئة ألسنة من نار لكي يفهمهم بكل اللغات. تلقوا أمراً من السيد بأن يتفرقوا ويذهبوا إلى الأمم جميعاً ليبشروا بكلمة الله. وقبل أن يغادروا وضعوا معاً قاعدة للبشارة التي ينبغي عليهم أن يعلنوها حتى إذا ما تفرقوا لا يكون عليهم خطر أن يعلموا تعليماً مختلفاً للذين يجذبونهم إلى الإيمان بالمسيح. فإذ كانوا كلهم مجتمعين وممتلئين من الروح القدس كتبوا هذا المختصر الوجيز لبشارتهم المستقبلية مشتركين بما كان لكل واحد من عقيدة واحدة ومقرين بأن هذه القاعدة هي التي ينبغي أن يسلموها للمؤمنين ولأسباب متنوعة ومحقة أرادوا أن تُسمي هذه القاعدة قانوناً".
ويقول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: "تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته مني، في الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع" (2تي 1: 13)
إذن التقليد مع الكتاب المقدس هو الإيمان المسيحي فلا يمكن أن نتنازل عن تقليدنا الكنسي الأرثوذكسي تحت أي مسمي ولأجل أي شخص فالتقليد له أهمية قصوى للآتي:
1. بالتقليد نستطيع أن نعرف كتابنا المقدس ونؤكد صحته حينما يتطاول عليه البعض وذلك من كتابات الآباء وما استلمته الكنيسة من عصر لعصر من خلال مخطوطات القرون الأولي حتى الآباء المعاصرين. وبذلك نستطيع أن نضمن وحدة الإيمان وعدم التفريط في أي صورة من صور الكنيسة المسلمة لنا.
2. التقليد هو الذي صاغ الأمور الإيمانية والمفاهيم اللاهوتية، ولم يترك أحد يصيغ بفكره ويضيف على الإيمان المسلم من الرسل. بل ينكشف في ظل الصياغات الآبائية للإيمان. وهذا ظهر عندما تمسك البابا أثناسيوس أمام آريوس في حواره اللاهوتي بصياغات مستلمة من الرسل، إذ كان يريد أن يقول آريوس عن المسيح أنه مشابه للأب وليس مساوي، وهذا يعني أنهما كيانين مختلفين. ولو لم يحفظ لنا التقليد هذا لتشوه الإيمان المسلم لنا، لذلك تمسك البابا أثناسيوس بلفظ مساوي وليس مشابه.
3. بالتقليد تحفظ وحدة الكنيسة في صورة الجسد الواحد، العابد بطقس واحد ونظام واحد، وتحفظ وحدة الفكر والإيمان، ووحدة الصورة التي رسمها لنا السيد المسيح. فالتقليد هو الذي جعلنا نصلي قداساً واحداً وفي ساعات معينة ونصوم معاً ونعيش معاً في كنيسة واحدة.
4. بالتقليد حفظت لنا الكنيسة التعليم من التغير في ظل ظروف المجتمع، واستطاعت الكنيسة من خلال تمسكها بالتقليد وتعليم الآباء أن تواجه تيارات العصر التي تحاول أن تشق الكنيسة، وهو الذي حفظ الكنيسة ضد الأفكار الغريبة عن روح الكنيسة مثل زواج المثليين والشواذ أو كهنوت المرأة التي قبلتها الجماعات المسيحية التي لم تتمسك بالتقليد. فالذي يحتمي في الكنيسة يبقي خارج طوفان العالم المدمر.
يا أحبائي ... إن استمرار عمل الروح القدس هو الذي يضمن تنقية تعاليم الكنيسة، ولكن هل يعقل أن يكون عمل الروح القدس متناقض مع فكر الكنيسة الأولي المسلم لنا من الرسل...؟ إن استمرار قيادة روح الله لنا هو الذي يوحد التعاليم عبر الزمان. إذ يكشف لنا الأخطاء، ويحفظ لنا الإيمان، ويوحدنا عبر الزمان والمكان. فلا نجد أي شيء في التقليد يتنافى مع الكتاب المقدس أو تعاليم الرسل، ولعل أحد يعترض علي وضع الطقوس والأصوام لأنها من صنع بشر مثلنا ويقول لماذا تضاف إلى التقليد.
فنقول لهم ... لقد حدد الله في العهد القديم الأعياد التي يعيد فيها اليهود وكل الصور الطقسية، ولكن مع هذا أيضاً أضاف اليهود أعياد جديدة كانت تمثل لهم احتفالات ومناسبات عاشوها مع الله مثل عيد الفوريم (أستير 9: 26-32)، وعيد التجديد (مكابين الأول 4: 52 – 59).
والآن يا عزيزي... أتري أنهم أخطئوا في هذا...؟ فما رأيك أن السيد المسيح أحتفل مع اليهود في هذه الأعياد (يو 10: 22) أي أنه لم ينقضها أو يرفضها.
ويقول القديس أوغسطينوس: "بالروح القدس تتطهر النفس وتقتات. هذا هو روح الله الذي لا يمكن أن يكون للهراطقة والمنشقين عن الكنيسة. كذلك بالنسبة للذين لم ينفصلوا عنها علانية لكنهم انفصلوا عنها بعصيانهم لها هؤلاء صاروا قشاً لا قمحاً رغم وجودهم فيها" أفهمت يا عزيزي قول القديس أوغسطينوس فالذين يعصون الكنيسة وهم بداخلها يكونون مثل الهراطقة الذين انفصلوا عنها ولا يمكن للروح القدس أن يعمل فيهم.
فإذا تركنا الكنيسة بلا تسليم ستكون ستتحول الكنيسة إلى مؤسسة شخصية فردية، إذ يفسر كل واحد الإنجيل حسب ما يري، ويخترع طرقاً للحياة مع الله حسب ما يريد. وينفصل عن الكنيسة أشخاص يختلفون معها ويصيروا طوائف. هذا ما نراه في الكنيسة التي لا تؤمن بالتقليد إنها انشقت إلى 3600 طائفة أخرهم لا يؤمنون بلاهوت السيد المسيح وينادون بتعاليم مضللة هم شهود يهوه.
أحبائي... أريد أن أختم بشهادة للبابا أثناسيوس عن العظيم الأنبا أنطونيوس الذي كان يحترم الكنيسة وقوانينها، بالرغم من درجته العظيمة في القداسة. ولكن كلما ارتفع الإنسان في حياته الروحية كلما زاد اتحاده بالكنيسة ومن ينفصل عنها لا يمكن أن يجد حياة حقيقية، فيقول البابا أثناسيوس عن الأنبا أنطونيوس: "مع أنه وصل إلى هذه الدرجة من السمو فقد حافظ علي قانون الكنيسة بكل تدقيق وكان يميل أن يكرم كل الأكليروس أكثر منه لأنه لم يخجل من أن يحني رأسه أمام الأساقفة والقسوس. وحتى أن جاءه شماس لطلب المساعدة كان يناقش معه فيما هو ينفع ويترك له المجال ليصلي. ولم يخجل من أن يتعلم هو نفسه، لأنه كثيراً ما سأل أسئلته، ورغب أن يصغي لأولئك الذين كانوا معه وإن قال أحداً قولاً نافعاً كان يعترف بأنه قد استفاد".
يا أحبائي ... ما أروع كنيستنا التي تُثبت عيونها علي السيد المسيح ملتحفة بفكر الرسل وتعاليمهم. ولم تحد في رحلتها عبر الزمان والتاريخ عن الخط المرسوم المستقيم الأرثوذكسي، فتمسك بكنيستك لتصير أنت فيها عضواً ممتداً إلى الأبدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.