أكد الكاتب والأديب يعقوب الشاروني أهمية تنبه الأسرة لدورها في تنمية عادة القراءة عند الأطفال، ومن ثم المساهمة في إنشاء علاقة قوية بينهم وبين الكتاب منذ الأيام والشهور الأولى من حياتهم. وقال الشاروني، في محاضرة بمنتدى عبدالحميد شومان الثقافي في عمان، حول "مستقبل كتاب الطفل العربي": إن كاتب أدب الأطفال أصبح قادرًا على تناول كل ما يخطر على البال من موضوعات، وتكمن موهبته في طريقة وأسلوب هذا التناول بما يتناسب مع قدرة الطفل على الفهم والاستيعاب. واعتبر أن مشكلة مناقشة الكتب والقراءة في العالم العربي تتمثل في قلة المعلومات الموثقة، مع أن هناك مؤشرات كثيرة على أن معدل القراءة منخفض في المنطقة العربية، لكننا لا نعرف بالضبط حجم المشكلة. وحول عدم إقبال المجتمع على القراءة أوضح أن سبب ذلك يعود إلى طريقة وضع أولويات الحياة بالنسبة للأسرة، يلي ذلك انخفاض الدخل ثم يأتي عدم وجود وقت للقراءة، وارتفاع أسعار الكتب، مؤكدًا أن الضرورة تقتضي تضافر المجتمع كله، مع أجهزة النشر والإعلام والتربية ودور الثقافة؛ لتوفير الكتب والمكتبات للأطفال، وقال: "لسنا بحاجة لأن نعلم الأطفال كيف يقرءون، لكننا بحاجة إلى أن نوقظ فيهم رغبة القراءة". واستعرض الشاروني نماذج حية لأهم أعماله القصصية، والتي من خلالها يستطيع الأهالي التعامل مع أطفالهم، مشيرًا إلى أن أدب الأطفال أمامه تحديات كثيرة ومعركته حتى الآن أنه ما زال البعض مقتنعًا بأنه وسيلة لإعطاء المعلومة والتربية ولتعليم اللغة. وقال: "بدأنا نجد أهم كلاسيكيات الأدب العالمي، مثل قصص مسرحيات شكسبير وروايات كبار الكتاب العالميين، يُعاد تقديمها في كتب من هذا النوع الذي انتشر انتشارًا هائلًا"، مضيفًا "على الرغم من أن النصوص التصويرية كانت تستهدف في أول أمرها الأطفال الصغار، فإن معظم ما يُنشر منها اليوم يستهدف القراء الأكبر سنًّا". وبحسب الشاروني فإن الوسائل المرئية عوّدت عيون الأطفال على مُشاهدة الأشياء وليس الاستماع إلى وصفها، لذلك أصبحوا في كتبهم بحاجة إلى صور ورسوم لكل ما يمكن أن تراه عيونهم. وأوضح أن أكثر من نصف الكُتب المقدمة لسن ما قبل المدرسة، أصبحت تتناول "كتب المعلومات"، التي تسهم في تنمية عدد من القدرات العقلية المهمة، لافتًا إلى أن هذه الكتب أصبحت تطلب من الأطفال القيام بنشاط أو عمل ما، أو تُلقي عليه أنواعًا من الأسئلة بحيث تخلق لديه حالة تفاعلية مهمة. وأعرب الشاروني عن تفاؤله بمستقبل كتاب أدب الأطفال، وقال: "الآن أصبح الكبار من آباء وأمهات ومدرسين ومربّين يدركون مطالب الأطفال واحتياجاتهم الفكرية والعقلية والعاطفية، وهذا التغيير في النظرة إلى مرحلة الطفولة قد حمل عددًا كبيرًا من المؤلفين على أن يقدموا للأطفال مختلف ألوان الأدب، وشجّع معظم الدول العربية على إقامة مسابقات لأدب الأطفال". وردًّا على سؤال حول عدم إقبال الطفل في مراحله الأولى على الكتاب بدلًا من التعلق بالألعاب، أوضح الشاروني أن مردّ ذلك يعود إلى عدم وجود خبرة كافية عند الطفل، وعدم استطاعته التحكم بأحاسيسه ومشاعره. وعن أنواع الكتب التي يقبل عليها الأطفال الناشئين قال الشاروني: إن معظم الأطفال يقبلون في المراحل المبكرة على قراءة القصص، يليها الكتب الدينية، مشيرًا إلى أن الدافع وراء تردد الأطفال على المكتبات المدرسية هو قراءة الكتب القصصية والمجلات. ورأى الشاروني أن أهم الأسباب التي تقف وراء أزمة القراءة في الوطن العربي، ارتفاع مستوى الأمية، إلى جانب الصعوبات الاقتصادية التي لا توفر للمواطن العربي الوقت والمال للقراءة، وكذلك نقص انتشار الكتب، إضافة إلى صعوبات انتقال الكتب من بلد عربي إلى آخر لأسباب تتعلق بالعملة والجمارك والرقابة وتكاليف الشحن. وحول طبيعة أدب الأطفال قال الشاروني: "أدب الأطفال هو نوع من أنواع الأدب الذي يُقرأ للاستمتاع الأدبي قبل كل شيء، وعلى كاتب أدب الأطفال ألا ينسى أنه يقدم هذا الكتاب لطفل صغير يتأثر بكل كلمة؛ لأنه لا يملك ملكة نقدية، ولهذا لا بد أن يراعى في خلفية العمل أنه لا يتعارض مع القيم التربوية التي لا بد أن ينقلها للأطفال".