أكد وانج كه جيان، نائب مدير إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا، بوزارة الخارجية الصينية، أن زيارة وزير الخارجية نبيل فهمي، لبكين، منتصف ديسمبر المقبل، تتناول بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، لافتًا إلى أنه بعد التطورات التى شهدتها مصر مؤخرًا، فإن الجانب المصرى يرى ضرورة زيادة دعم العلاقات السياسية مع الصين من خلال تبادل الزيارات. وأكد خلال لقائه الوفد الصحفى المصري، الذى يزور بكين، أن رئيس الصين، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية، أرسلوا فى يوليو الماضى برقيات تهنئة لنظرائهم في مصر، بمناسبة العيد القومي، وكان هناك اتصال هاتفي بين وزيري خارجية البلدين، كما أنهما التقيا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر الماضي، وأيضًا خلال تقديم السفير مجدي عامر، سفير مصر الجديد لدى الصين، أوراق اعتماده، التقى رئيس الجمهورية، الذي أكد استعداد الصين لمواصلة تطوير العلاقات مع مصر. وشدد على أن زيارة نبيل فهمي لبكين، تأتي في إطار التبادل المستمر بين البلدين، بالمجال السياسي، للتأكيد على العلاقات الوطيدة فضلًا عن بحث مجالات التعاون الاقتصادي. وقال، إن العلاقات الثنائية ظلت تشهد تطورًا بشكل مستمر ومتواصل، ودائمًا تعتبر الصين مصر إحدى الركائز المهمة فى الشرق الأوسط، "فهى دولة لها ثقل وتأثير فى المنطقة، بل والعالم، ونحن لدينا علاقات استراتيجية مع مصر تتميز بالمتانة سواء على المستوى السياسي أو في المجال الاقتصادي والإنساني والثقافي الذي يشهد تبادلًا مشتركًا"، مشيرًا إلى وجود تنسيق وتعاون وثيق في المحافل الدولية، خاصة بالأممالمتحدة ومسألة إصلاحها وتوسيع عضوية مجلس الأمن، وقضايا حقوق الإنسان وتغير المناخ. وحول موقف بلاده من الثورة المصرية، قال نائب مدير إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا، إن مصر شهدت خلال السنوات الثلاث الماضية تغيرات كبيرة، كما أنها تقوم الآن بتنفيذ خارطة المستقبل من أجل إعادة الأمن والاستقرار فى البلاد، ومنذ البداية ونحن فى الصين نتمسك بمبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية، ونعتبر أن ما حدث فى مصر هو شأن داخلى، ونحترم ما يختاره الشعب المصري سواء من خلال اختياره للنظم السياسية أو طريق التنمية أو قياداته. وأشار إلى أن التغيرات التى تحدث فى مصر حاليا لها مغزى أبعد مما يحدث بالقاهرة نفسها، لأنها الدولة الكبيرة ذات الثقل والتأثير، وهى من أهم الدول التى شهدت تغيرات، مؤكدًا على أن تطور الاتجاه فى مصر سيكون له تأثير على دول المنطقة الأخرى، معربًا عن أمله في أن يعود الأمن والاستقرار إلى مصر، ويتم حل الخلافات عن طريق الحوار والتشاور السياسى والتوصل لاتفاق سياسي يؤدي إلى تخفيف العملية الانتقالية. وردًا على سؤال حول زيارة الوفد الشعبي المصري للصين، فى الرابع من ديسمبر المقبل، قال، إن السفارة المصرية ببكين أجرت اتصالات بالخارجية الصينية لترتيب الزيارة، وطلب اللقاء مع مسئولين بالخارجية، وكانوا مستعدين للقاء الذي كان مفترضًا أن يتم أمس الثلاثاء، لكن جرى تأجيل الزيارة إلى الأسبوع الأول من ديسمبر، ونحن الآن نقوم بالتنسيق لوضع الترتيبات الخاصة باللقاءات. وحول إمكانية تخفيف الصين، تحذيرات سفر مواطنيها إلى مصر، أكد أنه " من الممكن إعادة النظر فيها بشكل دوري، وسوف نقوم بتعديلها حال تحسن الوضع الأمني بشكل جيد "، مشيرًا إلى وجود ما يقرب من 100 ألف صينى كانوا يتوجهون إلى مصر سنويًا بغرض السياحة، كما يوجد آلاف الصينيين الذين يعملون في مصر، لكن في ظل الاضطرابات التي شهدتها القاهرة والإسكندرية والعين السخنة وبورسعيد أصدرت الخارجية الصينية تحذيرات للمواطنين بعدم السفر إلى مصر في ظل هذه الظروف، مشيرًا إلى أن الصين لاحظت تحسن الوضع الأمني المصرى مؤخرًا، بعد رفع حالة الطوارئ وحظر التجوال. وأشار إلى أنه استمع لمخاوف بعض المستثمرين الصينيين مما يحدث بمصر نتيجة ما يشاهدونه عبر الشاشات التليفزيونية، مؤكدًا في الوقت ذاته، رغبة الصينيين في زيارة مصر. وقال: "هذه رغبة قوية جدًا، فنحن نتلقى بشكل يومي استفسارات من الصينيين حول إمكانية السفر إلى مصر الآن، ونحن من جانبنا نشجع السائحين على التوجه إلى مصر، لكن وزارة الخارجية لابد أن تأخذ بعين الاعتبار الوضع الأمني وسلامة الرعايا. وقال جيان، إن الصين دافعت عن مصر في مجلس الأمن ورفضت مناقشة التطورات التي شهدتها في جلسة عامة بالمجلس، لافتًا إلى أن "هذا ينبع من اعتقادنا الثابت أنه ليس من الممكن التدخل فى الشئون الداخلية للآخرين، لأننا كدول نامية ضعفاء بالمقارنة بالدول الغربية الأخرى، ونعتبر هذا المبدأ حاجزًا يحمي الدول النامية في الحفاظ على كرامتها واستقرارها، ولدينا تجارب شاهدناها بأنفسنا في الماضي". وتابع: " لاحظنا أن بعض الدول لديها ملاحظات وخلافات مع مصر، ومن هذه الدول تركيا، ودائمًا ما نطالب وندعو الجميع إلى الالتزام بمبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، وهذا أحد مبادئ ميثاق الأممالمتحدة ". وحول إمكانية أن تتفق الصين مع مصر على شراء السلاح الصيني، قال جيان، " لا أستطيع التحدث عن التعاون العسكري، لكن التعاون الصيني المصري في المجال العسكري مستمر ومتواصل، سواء من خلال الزيارات المتبادلة أو التعاون بين الأجهزة وتبادل الخبرات". وردًا على سؤال حول الدور الذي يمكن أن تلعبه الصين لحل أزمة حوض النيل، خاصة في ظل ما يتردد عن مشاركة شركات صينية في بناء سد النهضة الإثيوبي، قال "نعرف مدى أهمية النيل بالنسبة لمصر، ولدينا أيضا علاقات ممتازة مع كل من مصر وإثيوبيا، ومن جانبنا لن نقوم بأي شيء يضر بمصلحة أصدقائنا فى مصر أو إثيوبيا". وأكد أن الشركات الصينية لم تشارك فى إنشاء سد النهضة، لأن السد عليه خلاف مصري إثيوبي، "وأيضًا نعلم أن هناك اجتماعات ثلاثية للجنة الخبراء من مصر والسودان وإثيوبيا، ونحن من جانبنا ندعم دول الحوض في حل الخلافات عبر الحوار والمفاوضات السلمية"، مشيرا إلى التصريحات المصرية التى تؤكد الرغبة فى حل المشاكل عبر الحوار والمفاوضات، وأن مصر ليس لديها مانع من إنشاء السد حال تحقيق الاحتياجات والمطالب المصرية الخاصة بالأمن المائي ومسائل أخرى". نبذة تاريخية يجمع بين مصر والصين في مسيرة تاريخهما التي تزيد على الخمسة آلاف عام، الكثير من أوجه التشابه في الماضي والحاضر، حيث كان الاتصال بين الحضارة المصرية القديمة وحضارات بلاد الصين قائمًا عبر طرق التجارة قبل أكثر من ألفي سنة. وفي العصر الحديث، كانت مصر من أوائل الدول العربية التي كان لها تمثيل دبلوماسي مع الصين وذلك عام 1928، كما كانت من أوائل الدول التي بادرت بالاعتراف بجمهورية الصين الشعبية عام 1956، كما كان للصين الشعبية موقف رافض تجاه العدوان الثلاثي على مصر. فضلًا عن تقارب التوجهات السياسية للبلدين في دعم سياسة عدم الانحياز، إلى جانب تأييد الصين للقضايا العربية. ويرتبط البلدين بعلاقات تعاون ثنائية شملت علاقات تجارية وثقافية وزيارات لبعض المسئولين في البلدين، وهو ما ساهم فى تهيئة الظروف تمامًا لإقامة العلاقات بشكل رسمي بين البلدين. حيث أصدرت الحكومتان المصرية والصينية في الثلاثين من مايو عام 1956 بيانًا مشتركًا حول إقامة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء بين البلدين، وقد مثّل هذا الإعلان منعطفًا هامًا في خريطة العلاقات الدولية، بالنظر إلى مكانة مصر عربيًا وأفريقيًا وإسلاميًا، وفتح الباب أمام الصين لإقامة علاقات رسمية مع الدول العربية والأفريقية، وقد شهدت علاقات الصداقة والتعاون بين الصين ومصر تطورًا متواصلًا، حيث تبادل قادة الدولتين الزيارات بصورة كثيفة، إضافة إلي تعزيز التعاون بين الدولتين سياسيًا واقتصاديًا وعلميًا وتكنولوجيًا وثقافيًا. العلاقات السياسية عقب قيام ثورة الصين عام 1911الصينية، وقيام جمهورية الصين، أقامت علاقات دبلوماسية رسمية مع بعض من الدول، وبعد أن منحت بريطانيا مصر استقلالا شكليا، أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة المصرية وجمهورية الصين، وكانت مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي لها علاقات مع جمهورية الصين. تجلت علاقات الصداقة والتعاون بين الشعبين المصري والصيني عندما تعرضت الصين للغزو الياباني حيث جسد موقف مصر من العدوان الياباني على الصين عمق الصداقة المصرية الصينية. وفي الأول من ديسمبر عام 1943، صدر من العاصمة المصرية إعلان القاهرة، وهي شهادة دولية بأن تايوان جزء من أراضي الصين، ويؤكد بطلان الاحتلال اليابانيلتايوان ومطالبة اليابان بإعادة تايوان إلى الصين بعد الحرب. على هامش قمة البريكس التى عقدت فى ديربان بجنوب افريقيا فى 27/3/2013 عقد الرئيس السابق محمد مرسى اجتماعًا مع الرئيس الصينى وشى جين بينج تم خلاله بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون المشترك فى جميع المجالات كما تناول الاجتماع سبل زيادة حجم الاستثمارات الصينية فى مصر وتوسيع نطاق التعاون الثنائى بما يتناسب وخصوصية العلاقات بين البلدين، كما تم استعراض العديد من القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ومرت العلاقة المصرية الصينية خلال الخمسين سنة الأخيرة بثلاث مراحل: عقب قيام ثورة يوليو عام 1952 وأعلان أهدافها التي كانت تكاد تتفق مع أهداف الثورة الصينية، وتبع ذلك جلاء الاحتلال الإنجليزي وإعلان قيام جمهورية مصر العربية في الثامن عشر من يونيو عام 1953، قررت الحكومة المصرية الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية. كما كانت مصر من أوائل الدول التي أيدت بحماس حق الصين في استعادة مقعدها الشرعي في الأممالمتحدة وعبرت قيادة الثورة المصرية عن دهشتها لموقف الولاياتالمتحدة المتجاهل لجمهورية الصين الشعبية. وعلى الرغم من الاعتراف المصري بالصين، والزيارات المتبادلة بين بعض المسئولين في البلدين، إلا أنه لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بينهما. في أغسطس عام 1955 قام وزير الصناعة والتجارة المصري محمد أبو نصير بزيارة للصين ووقع الجانبان على اتفاق تجاري يقيم بمقتضاه كل طرف مكتبًا تجاريًا له لدى الطرف الآخر. وبعد أن تهيأت الظروف تمامًا لإقامة العلاقات بشكل رسمي بين البلدين أصدرت الحكومتان المصرية والصينية في الثلاثين من مايو عام 1956 بيانًا مشتركًا حول إقامة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء بين البلدين، وهو ما مثّل انعطافًا هامًا في خريطة العلاقات الدولية، بالنظر إلى مكانة مصر عربيا وأفريقيًا وإسلاميًا، وفتح الباب أمام الصين لإقامة علاقات رسمية مع الدول العربية والأفريقية. وعقب قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في 26 من يوليو عام 1956 بتأميم شركة قناة السويس وجعلها شركة مساهمة مصرية، بادرت الصين بتأييد هذه القرار في 4 أغسطس عام 1956، حيث أوضح رئيس مجلس الدولة الصيني شواين لاي أن الصين تدعم دعمًا تامًا تأميم مصر لشركة قناة السويس، ثم أصدرت الحكومة الصينية في الخامس عشر من أغسطس بيانًا حول قضية قناة السويس أكدت فيه على دعم الصين، حكومة وشعبًا، للخطوة التي اتخذتها الحكومة المصرية من أجل حماية سيادة الدولة واستقلالها. وفي شهر سبتمبر جددت الصين تأكيد موقفها بالنسبة لتأميم القناة في مذكرة جديدة سلمتها للحكومة المصرية، وأضافت رفضها واستنكارها لمحاولات بريطانيا وفرنسا والولاياتالمتحدة شن حرب ضد مصر لإجبارها على الرجوع عن هذه الخطة والسيطرة بالقوة على القناة. في الأول من نوفمبر 1956، أصدرت الحكومة الصينية بيانًا أدانت فيه العدوان الثلاثي على مصر من قبل (بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل) إدانة شديدة، ووصفته بأنه وحشي همجي، وأكدت على موقفها الثابت الداعم للنضال العادل الذي يخوضه الشعب المصري من أجل حماية سيادة الدولة والاستقلال الوطني. وقد تجلى موقف الشعب الصيني المؤيد لمصر والداعم لنضالها عندما خرجت واحدة من أكبر المظاهرات التي شهدتها الصين في تاريخها الحديث، تأييدًا لمصر وتنديدًا بالعدوان، حيث قام نحو 500 ألف من المواطنين الصينيين في بكين ونحو مائة مليون من الجماهير في أنحاء الصين بمظاهرات واسعة النطاق لمدة ثلاثة أيام ينددون بالاعتداء البريطاني الفرنسي الإسرائيلي ويدعمون النضال العادل للشعب المصري. وتوالت الزيارات المتبادلة بين قادة ومسئولي الدولتين بصفة مستمرة، غير أن تطور الأحداث خلال عامي 1966 و1967، أدت إلى ضعف مستوى التبادل بين البلدين، ففي الصين بدأت عام 1966 الثورة الثقافية، وفي مصر تعرضت البلاد لعدوان الخامس من يونيه 1967، حيث شنت إسرائيل عدوانها على مصر وغيرها من الدول العربية. وفي تلك الأثناء التي كان تحرير مصر لأراضيها يحتل قمة أولوياتها لم تشهد الفترة من عام 1965 حتى عام 1970، أية زيارة على مستوى عال بين البلدين، كما انخفض معدل تبادلاتهما التجارية بشكل كبير. ولكن الصين، وبرغم ظروفها الداخلية، أعلنت عن تأييدها التام لكل المواقف التي اتخذتها مصر خلال هذا العدوان، وأعربت عن تأييد وتضامن الشعب الصيني مع مصر والتنديد بالعدوان عليها. وأصدرت الحكومة الصينية بيانًا لشرح هذا الموقف، في ذات الوقت تظاهر نحو مليون فرد في بكين لمدة ثلاثة أيام دعمًا لنضال مصر والدول العربية. كان النصف الأول من عقد السبعينات من القرن الماضي مرحلة خاصة في تاريخ كل من مصر والصين. وكان جزء من أرض مصر تحت الاحتلال الإسرائيلي وكانت كافة الجهود والإمكانات موجهة لتحرير تراب الوطن، وفي الصين كانت الثورة الثقافية التي بدأت عام 1966 لا تزال مستمرة بكل الفوضى التي أحدثتها في كافة مجالات الحياة، السياسية والاقتصادية والثقافية. وسحبت الصين في هذه الفترة كل سفرائها في المنطقة للمشاركة في حركة الثورة الثقافية، باستثناء سفيرها لدى مصر، وكان ذلك إشارة بالغة الوضوح للمكانة التي تحتلها مصر في السياسة الخارجية الصينية. وقد تجسدت هذه المكانة المتميزة لمصر، من خلال الموقف الصيني من حرب أكتوبر 1973، التي سارعت فيه بإعلان تأييدها التام للجهود المصرية لاستعادة أراضيها المحتلة. وفي النصف الثاني من السبعينات كرست مصر جهودها لإعادة البناء والتعمير وتعزيز القدرات الاقتصادية، منذ انتهاجها عام 1974 سياسة الانفتاح الاقتصادي وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ مصر. وفي نفس الفترة كانت الثورة الثقافية في الصين قد وضعت أوزارها. وفي عام 1978، عقدت الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الحادية عشرة للحزب الشيوعي الصيني وطرح الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ نظرية بناء مجتمع اشتراكي ذي خصائص صينية وانتهاج سياسة الإصلاح والانفتاح، التي كانت بداية مرحلة جديدة في تاريخ الصين الحديث، أيضًا. وهكذا، ومع تغير المناخ الدولي والأوضاع الداخلية استعادت العلاقات بين البلدين قوتها وحيويتها، التي تجلت في السنوات اللاحقة. بدأ عقد الثمانينات ومصر والصين على أعتاب مرحلة جديدة، على الصعيد الداخلي، وعلى صعيد العلاقات بين البلدين. ودخلت علاقات التعاون الودية القائمة بين مصر والصين مرحلة جديدة وشهدت هذه العلاقات تطورًا شاملًا وسلسًا، ولهذه احتلت العلاقات مع الصين مكانة مهمة في السياسة الخارجية المصرية، فشهدت العلاقات تطورًا كبيرًا وشاملًا وأصبحت نموذجًا للتعاون بين الجنوب والجنوب. وخلال حقبة الثمانينيات توالت الزيارات المتبادلة بين الطرفين التي ركزت في مجملها على سبل تعزيز العلاقات لتشمل كافة المجالات علاوة على تنسيق مواقفهما في كافة القضايا المختلفة. كانت حقبة التسعينات من القرن العشرين فترة بالغة الأهمية في العلاقات المصرية الصينية، فقد تكثفت التبادلات على كافة المستويات، السياسية والاقتصادية والثقافية، وزادت حركة السفر والسياحة بين البلدين وصولًا إلى إقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية، وفي إبريل عام 1999 وضعت الأسس للعلاقات المصرية الصينية في القرن الجديد، وشهدت إعلان بيان إقامة علاقات تعاون استراتيجي بين البلدين. وتم التوقيع من قبل رئيسى الدولتين على "البيان المشترك بين جمهورية مصر العربية وجمهورية الصين الشعبية حول إقامة علاقات تعاون إستراتيجية" كما وقعا على اتفاق نوايا حول التعاون في مجالات مختلفة. وقد ركز البيان المشترك على الأتي: - ضرورة بناء نظام سياسي واقتصادي دولي جديد على نحو عادل ومنطقي. - تعزيز التضامن والتعاون بين الدول النامية وتضييق الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية. - ضرورة إصلاح مجلس الأمن لتحقيق التوازن الإقليمي مع مراعاة التمثيل العادل للدول النامية. - أهمية تحقيق السلام الشامل العادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط بما يتفق مع المصلحة الأساسية لشعوبها ويخدم أيضا السلام والتنمية في العالم، وأنه يجب الالتزام الكامل والتنفيذ الأمين للاتفاقيات الموقعة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل والتي شهد عليها المجتمع الدولي بأسره. - ضرورة العمل الدولي على سيادة مفاهيم نزع السلام وبخاصة أسلحة الدمار الشامل بحيث تشمل شتى مناطق العالم دون استثناء أية دولة أو أية منطقة. - إدانة الإرهاب بشتى أشكاله والتعاون في مجال مكافحة الأعمال الإرهابية الدولية. ووضعت الزيارات واللقاءات المتتالية، إضافة إلى زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة والتنسيق في المحافل الدولية، أسسًا متينة لعلاقات البلدين في القرن الحادي والعشرين في ظل التغيرات التي شهدتها الساحة الدولية، وأثبت أن العلاقات المصرية الصينية قادرة على مواكبة تطورات العصر ومواجهة تحدياته واغتنام الفرص الجديدة السانحة. بحلول القرن الحادي والعشرين دخلت العلاقات المصرية الصينية مرحلة جديدة قائمة على التعاون والشراكة الإستراتيجية بين البلدين. - فى عام 1999، تم التوقيع على اتفاق التعاون الاستراتيجي بين البلدين هو علامة فارقة في علاقات البلدين التي اتخذت أبعادًا جديدة، سياسية واقتصادية وبرلمانية وثقافية وسياحية وشعبية وحزبية، فقد بات التفاهم والتنسيق السياسي بينهما شاملًا، وتجسد ذلك في اللقاءات والزيارات المتعددة لكبار المسئولين، إضافة إلى اللقاء السنوي الدوري لوزيري خارجية البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي المحافل الدولية الأخرى، وخرجت العلاقات الاقتصادية عن إطارها التقليدي المتمثل في تجارة الصادرات والواردات إلى الاستثمارات المتبادلة والمشروعات المشتركة، ومنها التعاون في المنطقة الاقتصادية غرب خليج السويس وإقامة شركات مصرية لفروع لها في الصين، ومنها شركة النساجون الشرقيون، وإقامة شركات صينية فروع ومراكز لها في مصر، وتنوعت أشكال التبادل والتعاون الثقافي والتعليمي فلم يعد مقتصرًا على تبادل الوفود الفنية والطلاب المبعوثين.