إحالة 32 طعنا من انتخابات الجولة الأولى بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب إلى النقض    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ البحيرة الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات التنموية والخدمية    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام | فيديو    حماية النيل من البلاستيك    وزير الاتصالات يعلن عن مشروع «إحلال كابلات الألياف الضوئية محل النحاسية»    صحيفة عبرية: نتنياهو يستهدف مؤسستي الرقابة والقضاء داخل حزب الليكود    بولتيكو: اليمين المتطرف الأوروبي يستغل الهجوم الأمريكي على بروكسيل لتعزيز أجندته    ثلاثة فى خدمة الاحتلال الإسرائيلى    الاحتلال الإسرائيلي يخطر بهدم منشآت سكنية وزراعية جنوب شرق القدس    موقف إدارة ليفربول من إقالة سلوت بعد أزمته مع محمد صلاح    إخوان أوروبا فى مصيدة الإرهاب    بوروسيا دورتموند يتخطى هوفنهايم بثنائية نظيفة في الدوري الألماني    تخفيف الحمل البدني للاعبي الزمالك قبل مباراة كهرباء الإسماعيلية    حتى لا تتكرر مأساة يوسف    الأمن يكشف حقيقة فيديو ادعاء سيدة القبض على شقيقها دون وجه حق ببني سويف    ضبط سيارة منتهية التراخيص في الزقازيق بعد حادث استعراض    تلويحة محبة إلى فاروق حسنى    نيللي كريم تعلن بدء تصوير مسلسل "علي قد الحب "    مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي يعلن عن مجموعة جديدة من النجوم المشاركين    بدعوة من الإمام الأكبر |ترميم 100 أسطوانة نادرة للشيخ محمد رفعت    وزير الصحة ينفى انتشار أى فيروسات تنفسية جديدة أو فيروس ماربورغ.. خالد عبد الغفار: الوزارة تمتلك 5500 منشأة تعمل ضمن منظومة الترصد القائم على الحدث.. ويؤكد: لا مصلحة فى إخفاء معلومات تتعلق بانتشار أى مرض    لقيمتها الغذائية العالية، قدمى الجوافة لطفلك في هذه السن    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    بعد فيديو ضرب ولي أمر.. "تعليم الإسكندرية" تفصل طالبات المدرسة التجارية والنيابة تحقق مع الأم في واقعة حيازة سلاح أبيض    خبر في الجول – مصطفى محمد يلحق بمنتخب مصر في مواجهة نيجيريا الودية    الأهلي يقترب من ضم يزن النعيمات لتعزيز الهجوم    محافظ القاهرة: تبرع بقيمة 50 مليون جنيه لدعم إنشاء المجمع الطبي لجامعة العاصمة    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    بكين تعلن عن ثالث مناورة مشتركة مع موسكو في مجال الدفاع الصاروخي    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    الدباغ وحمدان ضمن تشكيل فلسطين في كأس العرب    طب الإسكندرية تُطلق قافلة طبية شاملة لخدمة مركز التأهيل المهني بالسيوف    كمال درويش يهاجم شيكابالا: أنت معندكش خبرة إدارية عشان تتكلم عن مجلس الزمالك    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    وزير الصحة: H1N1 السلالة الأكثر انتشارا في مصر.. والموقف الوبائي مطمئن    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إزالةُ الإشكال عن كلمةِ الإمام
نشر في البوابة يوم 07 - 01 - 2017

جاءت كلمةُ فضيلةِ الإمامِ الأكبرِ الأستاذِ الدكتور أحمد الطيب في «اجتماع ميانمار» كخُطوةٍ على طريقِ صُنعِ سَلامٍ عادلٍ ودائمٍ لتخفيفِ آلامِ المسلمين في ميانمار، وتحقيقِ آمالهم، كما قال فضيلته، وقد أبى بعض المُشَغِّبين المتحمسين بعاطفة فارغة إلَّا أن يشككوا في كلام الإمام ويُحمِّلوه ما لم يحتمل، مستنكرين ثناء الإمام على ما تضمنته تعاليم البوذية من أخلاق كريمة في وقتٍ تسيل في دماء المسلمين من أبناء بورما في مجازر وصفتها هيئة الأمم المتحدة أنها أبشع مجازر الوقت، وهذا مما يقتضي من فضيلة الإمام الاجتهاد والإسهام في حلِّ هذه القضية من جذورها، بالطرق التي ترضي حماسهم، من توصيف للواقع المؤلم، وتقريع للمعتدي، وعون للمظلوم.
وهذا - بدون شك أو امتراء - إخراجٌ للكلمةِ عن سياقها؛ فالناظرُ في الكلمةِ بعين الإنصافِ يرى في مطلعها بيانًا صريحًا بشأن الخطر الماحق الذي يتهدَّد أوطانهم موصوفًا بفقدانه لكلِّ المُبرِّرات والبواعث الدينية والإنسانية والحضارية. وتأمَّل قوله: «لا أعرف فتنة أضر على الناس، ولا أفتك بأجسادهم، وأسكب لدمائهم من القتل والقتال باسم الدين تارة، وباسم العِرق تارة أخرى، فما للقتل بُعِث الأنبياء...» إلخ. فأي بيان أوضح من هذا؟! إنَّ فضيلةَ الإمام لمَّا تكلَّم عن أخلاق «بوذا» وحكمته ومودته لم يقصد إلا إقامة الحجَّة على المنتسبين إلى هذه التعاليم، وهذا أسلوب معروف في إلزام المخالفين والمعارضين بالمبادئ التي يؤمنون بها.
وقد رأينا صيحة الإمام المدوية تنادي: «إن حكمة البوذية والهندوسية والمسيحية والإسلام التي تذخر بها أرضكم تناديكم صباح مساء: لا تقتلوا، ولا تسرقوا، ولا تكذبوا...». فهل من أمانة المسلم ومروءته أن يتعامى عن كل ما بُذِل ويُبذل في هذا المسعى من أجل وقف مجازر القرن الواحد والعشرين والتي شهد العالم كله بها، وعجزت المنظمات الإسلامية بل والعالمية عن حمايتهم، هل من أمانة الأخوة في الدين أن يضرب هؤلاء صفحًا عن كل ذلك، ويتمسكون بالحماس الكاذب والغيرة الجاهلة والغوغائية الفاضحة، وهل يظن هؤلاء أن هذا العبث الذي يتزيا بزي الواعظ الخبير بدلالات الألفاظ الدينية ومعانيها، ويتعامى عن دلالات القتل والتشريد ومآسيهما؟ إن المسلمين في بورما بحاجة إلى من يقف معهم ليعصم دماءهم وينقذ نساءهم وأطفالهم، لا لمن يتباكى عليهم، ويسدي إليهم النصح الفارغ الذي يؤجج نيران المتعصبين، ويحثهم على مزيد من الولوغ في دماء المسلمين.
إن الغيبوبة الفكرية التي يغط فيها هؤلاء المتسلقون على منابر التواصل الاجتماعي تكاد تقضي على البقية الباقية من احترام هذا الدين العظيم في نفوس الناس، وتكاد ترسخ ما يتردد عن المسلمين على وسائل الإعلام الخبيثة بأنهم أمة جهل وتوحش وبربرية، وصدقت الحكمة القائلة: «عدو عاقل خير من صديق جاهل».
إن الإمام يا سادة لم يُزَيِّن باطلًا، ولم يضع شيئًا في غير موضعه؛ فإنه عندما تكلَّم عن البوذية كديانة وصفها بالإنسانية لا السماوية، وعندما ذَكَرَ صفات «بوذا» نقلها عن كبار مؤرخي الأديان، ولم ينسبها هو له، فكيف لو قال بما قال به العلامة جمال الدين القاسمي (ت.1332ه) في «محاسن التأويل»: 9/502: «استظهر بعض المعاصرين أن قوله تعالى: (والتِّينِ) يعني به: شجرة «بوذا» مؤسس الديانة البوذية، التي تحرَّفت كثيرًا عن أصلها الحقيقي؛ لأن تعاليم بوذا لم تكتب في زمنه، وإنما رويت كالأحاديث بالروايات الشفهية، ثم كتبت بعد ذلك حينما ارتقى أتباعها، ثم قال: والراجح عندنا، بل المحقق - إذا صح تفسيرنا لهذه الآية- أنه كان نبيًّا صادقًا ويسمى «سكياموني» أو «جوتاما» وكان في أول أمره يأوي إلى شجرة تين عظيمة وتحتها نزل عليه الوحي، وأرسله الله رسولًا، فجاءه الشيطان ليفتنه هناك فلم ينجح معه، ولهذه الشجرة شهرة كبيرة عند البوذيين، وتسمى عندهم «التينة المقدسة» وبلغتهم «أجابالا»؟! ا.ه. وتبقى قضية الألوهية عند «بوذا» محل خلاف في الدراسات والأبحاث المُعمَّقة عند علماء مقارنة الأديان، يثبتها قوم وينفيها آخرون، والناظر في أقوال المثبتين والنافين يرى أنها محض استنتاجات لا سبيل معها إلى الجزم بأحد الاحتمالين؛ وانظر فصل: قضية الألوهية عند «بوذا» وأتباعه من كتاب «البوذية تاريخها وعقائدها» للدكتور عبدالله مصطفى نومسوك الأستاذ بجامعة الأمير سونكلا فطاني بتايلاند.
ويقول الدكتور محمد كمال إبراهيم جعفر في كتابه «الإسلام بين الأديان»، 250: «إن من العسير جدًّا التمييز بين الحقيقة التاريخية وبين الأسطورة فيما يتصل ببوذا أو بتلاميذه وحوارييه، ولقد أظهرت الدراسات المتتابعة أن كثيرًا من التعاليم المنسوبة «لبوذا» تعتبر متأخِّرة عن عصره»، وإذا لم يكن ثَمَّة نقل صحيح نقطع معه بإيمان «بوذا» بالإله أو جحوده له، فإننا نقول على قاعدة أهل العلم: «عدم النقل ليس نقلًا للعدم». كما لا يمتنع أن يكون التحريف قد طرأ على مقالاته من قِبَل أتباعه على مرِّ السنين، وهذا أمرٌ لا ينكره عقل، وله في الواقع شواهد كثيرة. ويبقى الأمر المتفق عليه بين العلماء والباحثين والذي قرره الإمام الأكبر؛ هو أن الجانب الخلقي في تعاليم «بوذا» ثابت بدون أدنى ريب، سواء عند من أثبت أنه نبي أو إله أو من نفى ذلك، وإنكار هذا الجانب الخلقي في تعاليم «بوذا» جهل فاضح، وعورة يجب سترها.
وقد عقد الإمام الشهرستاني (ت.548ه) في كتاب «الملل والنِّحَل»: 1/228 بابًا في من لهم شبهة كتاب، ذكر فيهم جملة من الأديان كالمجوسية، والكيومرثية، الزروانية، والزردشتية، وغيرها، وكلمة «شبهة كتاب» تحمل نفس المعنى الذي قصده فضيلة الإمام وزيادة، وإن اعترض هؤلاء الشانئون على استعمال الإمام لكلمة «دين» فليعترضوا على القرآن الذي سمى عقائد الكافر بالدِّين، فياليتهم يفهمون من سورة «الكافرون» ما يفهمه صبيان الكتاتيب والنابهون من الأطفال، وسواء كان «بوذا» نبيًّا أو حكيمًا، أو حتى ملحدًا زنديقًا، وسواء ما نُقِل عنه من أخلاق كريمة كان صحيحًا أو غير صحيح فإن استعمال بعض ما نقل لإقامة الحجة وإلزام المعارض هو الموافق للعقل والحكمة.. فاللهم أحم هذا الدين المبين من أتباعه الجاهلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.