في إطار عناد المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، تتصاعد المأساة الإنسانية التي تحيط بالناشط السياسي المصري علاء عبد الفتاح، الذي يظل في السجن رغم انتهاء مدة محكوميته، وكأن الإفراج عنه بات مسألة "كرامة سلطوية" أكثر منه احترامًا للقانون أو استجابة للمطالب الإنسانية والدولية. فعلاء، الذي يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة المصرية، يختلف جذريًا عن طيف من "اليساريين" و"العلمانيين" الذين استطاع النظام احتواءهم بالمناصب، أو شراء صمتهم بالمنح وعضوية المجالس الشكلية. لكن علاء بقي شوكة في حلق السلطة، يرفض المساومة على المبادئ، ما جعله عرضة للتنكيل المتواصل.
اليوم، يتجسد عناد السيسي ليس فقط في الإبقاء على علاء خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته، ولكن أيضًا في تجاهل نداءاتٍ تأتي من أعلى المستويات الدولية، وعلى رأسها الحكومة البريطانية، التي عبرت عن "قلق بالغ" على الوضع الصحي لوالدته، ليلى سويف، المضربة عن الطعام منذ أكثر من 240 يومًا. هذه الأم، التي نقلت مؤخرًا إلى مستشفى في لندن بعد تدهور حاد في صحتها، مستعدة لدفع حياتها ثمنًا لحرية ابنها، بينما يواصل النظام المصري تجاهله المستفز لكل هذه التحذيرات والمطالبات.
رغم تدخل وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، ومناشداته المباشرة لنظيره المصري، يبدو السيسي عازمًا على المضي قدمًا في عناده، في تجاهل سافر للضغوط الدبلوماسية وللأبعاد الإنسانية والأخلاقية للقضية. فهل يكون هذا العناد مجرّد إصرار على كسر إرادة المعارضين الحقيقيين؟ أم أن النظام يخشى أن يفتح الإفراج عن علاء بابًا لمطالب مماثلة قد تهدد استقراره القائم على القمع والسيطرة؟
السؤال المطروح اليوم أمام القاهرة: هل يُقدم السيسي على خطوة عقلانية تُنهي هذا الملف الذي بات يحرج النظام دوليًا؟ أم يستمر في سياسة العناد والمكابرة التي لا تُفضي سوى إلى مزيد من العزلة والتنديد؟