لا يمكن أن يمر يوم عرفة على القلوب مرور الكرام، فهو اليوم الذي ترتفع فيه الأرواح إلى أسمى درجات الصفاء، وتنحني فيه القلوب بخشوع بين يدي الله، تُنقش فيه صور لا تمحى من الذاكرة، تلامس الروح قبل العين، إنه اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، الذي يقف فيه الحجيج على صعيد جبل عرفات، في مشهد من أبهى مشاهد الإيمان والتجرد والرجاء. من بين أجمل الصور التي يخلدها يوم عرفة، صورة الحجاج بملابس الإحرام البيضاء، وقد توحدوا رغم اختلاف لغاتهم وألوانهم وأوطانهم، يجتمعون على جبل عرفات، الأيدي مرفوعة، والعيون دامعة، والقلوب معلقة بالرحمة والمغفرة. لا صوت يعلو على الدعاء، ولا ظلّ يغني عن ظلال الرحمة. وتبقى من أروع مشاهد هذا اليوم، صورة الشمس عند الغروب خلف جبل الرحمة، حيث تسكن الريح، وتغمر السكينة المكان، والكل يترقب نهاية أعظم ساعات اليوم، في وداع روحاني تتخلله دموع الصادقين. هي لحظة يتساوى فيها الضعيف والقوي، الغني والفقير، في التذلل إلى الخالق. أما خارج حدود عرفات، فتتزين المساجد حول العالم بالتكبيرات، وتلتقط العدسات صورًا لا تقل بهاء، لأناس في الساحات والبيوت، يرفعون أكفهم بالدعاء، في لحظة اتحاد روحي عالمي. وتبقى صورة الأم وهي تدعو لأولادها، والعجوز الذي يهمس بأدعية خفية، والشاب الذي يلجأ إلى الله بتضرع، من أجمل ما يُرى في هذا اليوم المبارك. صور يوم عرفة ليست فقط ما تلتقطه الكاميرات، بل ما ينعكس في القلوب من خشوع، وفي العيون من دموع، وفي الأرواح من صفاء، إنها صور يعيشها المسلم في وجدانه كل عام، في انتظار لحظة تتكرر، لكنها لا تشبه أي يوم آخر. IMG_2923 IMG_2924 IMG_2925 IMG_2927 IMG_2926 IMG_2928 IMG_2929 IMG_2930