«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الباز يكتب.. كيف وضعت مصر حذاءها على رأس قطر؟
نشر في البوابة يوم 21 - 09 - 2016

وقف تميم بن حمد، حاكم إمارة قطر، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يلقح الكلام على طريقة نساء النواصى.
حاول أن يسرق لنفسه مجدا لم يصنعه فى ليبيا، وإذا أردتم الحق فهو لم يصنع إلا عارا أعتقد أنه سيلاحقه حتى نهاية حياته هو وأبيه، وكل من لحق بصفهم بضلال إلى يوم الدين، لكن بانت نواياه وظهر هزاله.
قال تميم إن قطر ساهمت فى إنجاح الحل السياسى الدولى، وإنها تجدد دعمها لكل الجهود التى من شأنها تعزيز التوافق الليبيى، وبلهجة لا تتناسب مع تواضع شخصيته، قال: «نحذر من أن عدم الاستقرار سيلحق ضررا بالغا بما أنجز، وسيقوض جهود الأمم المتحدة الرامية لتعزيز التوافق الوطنى الذى أكد عليه مجلس الأمن».
هل يهتم تميم بالتوافق الوطنى الليبى؟
حاول هو أن يظهر ذلك، لكن الحقيقة التى أكلت قلبه، وأرقت منامه، وأرهقته، كشفتها كلماته المبهمة حول استغرابه من قيام دول بدعم قوى ترفض الحل الدولى، وتعمل على إفشال قرار مجلس الأمن بالقوة، مع أن القرار ينص على معاقبة هذه القوى.
يقترب تميم أكثر مما يريد أن يفصح عنه بشكل كامل.
فالغلام القطرى يرى أنه فى الوقت الذى تنشغل فيه قوات وضعت نفسها تحت تصرف المجلس الرئاسى فى مكافحة الإرهاب، انتهزت قوى أخرى رافضة للحل الدولى الفرصة، لكى تحتل موانئ تصدير النفط فى ظل صمت دولى.. ثم تساءل: هل هكذا نشجع الليبيين على مكافحة الإرهاب؟
وجه تميم سهامه إلى مصر إذن، عاب عليها موقفها المساند للجيش الليبى، ودعا إلى معاقبتها دوليا.
لن أتوقف هنا عند تعقيدات الموقف فى لييبا الآن، ولكننى سأبحث فقط عن أسباب المرارة التى يتحدث بها تميم، حرقة القلب التى اعتصرته وهو يضع نفسه فى مواجهة جديدة مع مصر.
لا ينكر أحد على قطر أنها بذلت جهودا ضخمة وأنفقت أموالا هائلة فى ليبيا، لا تصدقهم إذا قالوا لك إنهم فعلوا ذلك من أجل تحرير الليبيين من القذافى واستبداده وسطوته، فقد كانت المعركة بين حمد بن خليفة أمير قطر السابق والقذافى شخصية أكثر منها سياسية، والعالمون ببواطن الأمور يعرفون جانبا من أسبابها، التى تأتى الشيخة موزة حاكمة قطر الفعلية فى القلب منها «لكن هذا حديث يطول».
لم تنفق قطر لوجه الله، كانت تسعى خلف طموحها الجامح ومغانمها فى البترول الذى لا ينفد.
تحتاجون إلى دليل على ما أقول.
دعونى أعد بكم إلى ديسمبر 2011، هناك فى الدوحة جلس تميم الذى كان لا يزال وقتها وليا للعهد مع عدد من المفكرين والإعلاميين العرب بالدوحة، قال لهم إن قطر لا تتدخل فى الشأن الداخلى لأى دولة عربية، وخص بالذكر مصر، التى قال عنها إن إمارته ستتعاون مع أى حكومة أو نظام يختاره المصريون.
لم يكن الأمير الصغير وقتها صادقا فيما قاله، ليس لأن الساسة لا يقولون فى الاجتماعات المعلنة الحقيقة، بل هناك ما يخفونه دائما، لكن لأن هناك شهادة موثقة من سياسى ليبى كبير تكشف حقيقة ما فعلته قطر ليس فى ليبيا وحدها.. ولكن فى دول ما سمى ب«ثورات الربيع العربى»، تؤكد أن قطر التى هى قولا وفعلا إمارة الشيطان لم تدعم هذه الثورات إلا من أجل أن تحصد وحدها كل شىء.
السياسى الليبى هو عبد الرحمن شلقم.. الذى كان مندوبا لليبيا فى الأمم المتحدة، وأعلن من فوق منصتها انضمامه للثوار وخلع القذافى جملة واحدة.
شلقم أصدر كتابا مهما هو «نهاية القذافى» عن دار الفرجانى للنشر، ليكشف كثيرا مما جرى فى الثورة الليبية، لكن أهم ما يستوقفك ما كتبه عن قطر.
يعترف شلقم أن قطر وقفت مع ثورة ليبيا بلا حدود، وكان يعتقد هو أن الدافع وراء هذا الدعم هو الانتصار للحرية وإيقاف القتل، وفتح باب التقدم أمام الشعب الليبى، كما وقفت الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية وتونس، إضافة إلى دول أخرى، وأبرزها فرنسا وبريطانيا وأمريكا وإيطاليا.
لكن حدث ما جعل كل ذلك بالنسبة لعبدالرحمن شلقم مجرد رومانسية حالمة لا قيمة لها على الإطلاق، فمنذ شهر يوليو 2011 بدأت مؤشرات على وجود حسابات غير معلنة لقطر تجاه ليبيا، وأصبحت تلك المؤشرات تكبر بسرعة لتصبح علنية.
فمنذ اندلاع الثورة فى ليبيا، ركزت قطر على فئة ليبية معينة ذات أيديولوجية محددة، تقدم لها المال والسلاح، تدعم عناصر محددة تنتمى إلى تلك الفئة (لغة شلقم الدبلوماسية منعته ربما من تحديد هذه الفئة والإشارة إليها بأنها جماعة الإخوان المسلمين فى ليبيا)، تتدخل لفرض أسماء معينة لوظائف ومراكز مفصلية فى الدولة الجديدة، واستضافة بعض الليبيين ودفع رشوة لهم مقابل الولاء لقطر.
يرصد شلقم ما فعلته قطر فى الثورة الليبية، يقول: «نقلت الحكومة القطرية بالطائرات كميات ضخمة من السلاح إلى بنغازى، سلمتها إلى تنظيم سياسى أيديولوجى، وسلمت لزعماء هذا التنظيم مئات الملايين من الدولارات، وأرسلت ضباطا قطريين إلى منطقة الرواغة بين الجفرة وسرت.. حيث توجد مخازن بها بقايا من مواد كيماوية، تدخل فى صناعة الأسلحة الكيماوية، بهدف الاستيلاء عليها ونقلها، وأرسلت عددا من الضباط القطريين بصحبة مأجورين ليبيين إلى منطقة البوانيس فى جنوب ليبيا، وتحديدا إلى منطقة تمنهنت، حيث يوجد مهبط طائرات قديم بهدف استخدامه كأساس لإقامة قاعدة عسكرية قطرية، وقام ضباط قطريون بالتسلط على مدينة طبرق شرق ليبيا، وفرضوا هيمنتهم عليها، وكان جنود قطريون يفتشون الليبيين الذين يدخلون فندق المسيرة، مستعملين الكلاب».
قد يدخل هذا كله فى باب المساعدات التى رأت قطر أنها مهمة لإنجاح الثورة الليبية، لكن المفزع أن عبدالرحمن شلقم يكشف جانبا أكثر انحطاطا فيما فعله القطريون، يقول نصا فى صفحة 502 من كتابه: «يتباهى الجنود والضباط القطريون بالليالى الجميلة التى يقضونها مع الفتيات الليبيات».. كأن جنود قطر -رغم أننا لم نعرف لها جنودا على الإطلاق- يتعاملون على أنهم احتلوا ليبيا ففعلوا فيها وبها كل ما أرادوا.
حتى الآن نحن أمام مشاهدات لعبدالرحمن شلقم، لكنه ينقلنا نقلة مهمة، عندما بدأت مقابلاته مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة وابنه ولى العهد الشيخ تميم.
يقول شلقم: «اتصل بى الدكتور محمود جبريل وقال: إن أمير قطر يدعونى لزيارة الدوحة، والهدف من الزيارة هو مناقشة الأوضاع فى ليبيا بعد التحرير، ومن أجل تقريب وجهات النظر بين التيارات الليبية. سافرت إلى الدوحة، قابلت الشيخ تميم بن حمد آل ثانى ولى العهد، كان معى السيد محمود شمام».
فى هذا اللقاء تحدث ولى عهد قطر الشيخ تميم عن الدعم الهائل الذى قدمته قطر للثوار فى ليبيا، ركز على الدعم المادى، تحدث عن ثلاثة مليارات دولار، وأضاف ما معناه أن قطر لا يمكن بعد كل ما قدمته أن تنفض يدها من ليبيا، ولا تقبض الثمن، رد عليه شلقم بهدوء -كما يقول هو- وقال: «نحن فى ليبيا نقول الجميل عده أو رده، ونحن على استعداد للاثنين، أن نعد الجميل ونرده أيضا، أى أننا على استعداد أن نرد لكم المبلغ».
تحدث شلقم مع الشيخ تميم طويلا عن طبيعة الشعب الليبى، الذى لا يقبل أن يتدخل أحد فى شأنه الداخلى، وعن تحسسه من أى نوع من أنواع الإهانة، وتحدث محمود شمام بكل صراحة قائلا، موجها كلامه إلى تميم: «أنا واحد منكم.. لحم أكتافى من خيركم، لكن ومن منطلق الأخوة والصداقة، أرجوكم ألا تخطئوا فهم الشعب الليبى، حاذروا ردة فعله، لا تتدخلوا فى شئونه فتخربوا كل ما فعلتموه».
هنا تحدث ولى عهد قطر قال لشلقم: «الدكتور على الصلابى يجلس الآن فى الصالون القريب، نحن نريدكم أن تتحدثوا معا هنا، من أجل تقريب الأفكار.. فرد عليه شلقم: نحن كليبيين لا نحتاج لوساطة كى نتحدث مع بعضنا.. فأنا أتكلم يوميا مع الدكتور الصلابى ونناقش كل شىء».
الصلابى من رموز التيار الإسلامى فى ليبيا، مثله فى ذلك مثل عبدالحكيم الحاج، الذى نصح تميم شلقم بأن يتحدث معه أيضا ويتفاهم، لكن شلقم قال له: «كل الليبيين إخوتى والأخ عبدالحكيم هو أخى، وليس لدى مشكلة فى الحديث معه»، أصر الشيخ تميم، وطلب من مدير مكتبه أن يعطيه تليفون عبدالحكيم الحاج، لكن شلقم رفض ولم يأخذ التليفون.
ومن مقابلة ولى العهد إلى مقابلة الأمير حمد شخصيا.
يقول شلقم: «فى شهر سبتمبر 2011 وعلى هامش دورة الأمم المتحدة قابلت أنا والدكتور محمود جبريل الأمير حمد بن خليفة بمنزله فى نيويورك بدعوة منه، تحدث الأمير مطولا عن الوضع فى ليبيا، وكأنه يتحدث عن حمام بيته، أو عن إبله، لا بد أن يعين فلانًا وزيرا للداخلية وفلانًا وزيرًا للدفاع، وبالنسبة للأسلحة سأعطى التعليمات لجمعها خلال أربع وعشرين ساعة، أنت يا دكتور محمود تكون رئيس الوزراء، ولكن اترك لى تسمية وزيرى الدفاع والداخلية، إذا قررت أن تترك الحكومة سأعينك مستشارا عندى».
خرج عبدالرحمن شلقم من اللقاء متمالكا نفسه، وفى السيارة قال لمحمود جبريل: «مسكينة بلادنا ليبيا، لقد هزلت حتى بان من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس، هل أمست بلادنا بهذا الرخص حتى يتحدث عنها أمير قطر بهذا الغرور والتعالى»، وأضاف: «إن أموال النفط فيها فيروس جنون العظمة وجراثيم الوهم، هذا ما حدث لمعمر القذافى».
يذكر عبد الرحمن شلقم ما هو أخطر، فى الأسبوع التالى للقائه مع حمد فى الأمم المتحدة، اتصل به رجل أمريكى يعمل بقطاع النفط، كان شلقم قد تعرف عليه عندما كان وزيرا لخارجية ليبيا، وكان الأمريكى يعمل بمكتب الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الابن، قال له الأمريكى: أريد أن أراك.
يقول شلقم: «زارنى فى نيويورك، دعوته إلى الغداء فى أحد مطاعم نيويورك، قال إن شركته تريد أن تعمل فى ليبيا، وإنهم على استعداد لضخ استثمارات كبيرة فى ليبيا، لكن واجهتهم مشكلة وهى قطر، سألته: وما علاقة قطر بعمل شركة نفط أمريكية فى ليبيا. قال إن الحكومة القطرية أبلغتهم أنهم لا يستطيعون الحصول على أى امتياز نفطى فى ليبيا إذا لم يقوموا بمشاركة قطر، وإن هناك أربعة ملفات ليبية فى يد قطر وحدها، وهذه الملفات هى النفط والأمن والاستثمارات والجيش».
يفسر شلقم ما جرى بأنه بعد انهيار نظام القذافى لا يوجد فى ليبيا من يفقه فى هذه الأمور، إن قطر هى من يقوم بإدارة هذه الملفات الأربعة، حاول أن يعرف من رجل الأعمال الأمريكى من هى الجهة أو الشخص فى قطر الذى سمع منه هذا الكلام، لكنه اعتذر عن ذلك، لأن له مصالح مع الحكومة القطرية.
هل تريدون ما هو أخطر؟
الأمر كله لا يزال بيد عبدالرحمن شلقم الذى يقول: «فى حفل استقبال أقامه مندوب الكويت، تقدم نحوى رجل وقور، قال لى وهو يبتسم أهلا أستاذ عبدالرحمن، لقد شوقنى سمو الأمير حمد بن خليفة أمير قطر للقائك، قلت له أعرف الأمير جيدا، ومنذ سنوات طويلة، وقد وقف معنا فى حربنا ضد القذافى».
تحدث الرجل الوقور عن عمله، حيث يتولى إدارة بعض أعمال أمراء وشيوخ فى الخليج العربى، وقال إنه مطلع وبالتفصيل على ما قامت به إمارة قطر من أجل إسقاط القذافى، وأن الأمير كان مستعدا أن يدفع كل ثروة قطر من أجل تحقيق ذلك الهدف.
سأله شلقم عن الدافع لكل ذلك الإصرار من طرف أمير قطر على إسقاط نظام معمر؟ وهل هناك مشكلات شخصية جدا بين الأمير ومعمر القذافى؟
فرد الرجل الوقور: «الأمر أبعد وأوسع من المشكلات الشخصية، الأمير حمد بن خليفة آل ثانى له مشروع استراتيجى بعيد المدى، لن يتحقق إلا بتغيير النظام فى ليبيا، وتنصيب حكومة إسلامية موالية له بالكامل».
سأل شلقم: «وما هذا المشروع الاستراتيجى البعيد المدى الذى لن يتحقق إلا بتنصيب حكومة إسلامية موالية للأمير فى ليبيا؟».
فرد الرجل الوقور: «لقد فاز الإسلاميون فى تونس ومصر، وليبيا تقع بين البلدين، ويمكن أن تكون حلقة الوصل بين البلدين أو خط فصل بينهما، فإذا استولى الأمير على ليبيا ونصب فيها حكومة إسلامية، ستقوم كتلة إسلامية متواصلة، ويقوم بين هذه الدول الثلاث الاتحاد الإسلامى فى شمال إفريقيا، ويصبح الأمير حمد بن خليفة آل ثانى هو أمير المؤمنين الذى يقود هذا الاتحاد».
رد شلقم: «هذا أمر لا يصدق هذا مجرد خيال مريض، من هى قطر ومن هو أميرها، حتى يقود دولا تضم أكثر من مائة مليون إنسان، فيهم عتاة السياسيين وكبار المثقفين، أنا لا أصدق أن أموال النفط والغاز تملك فيروسات الجنون بهذا القدر».
رد الرجل الوقور الذى قدم نفسه على أنه مدير أعمال لعدد من الأمراء العرب: «إن الأمير وابنه يريدان رفع إنتاج ليبيا من النفط إلى خمسة ملايين برميل يوميا، يوزع ثمنها بين مصر وتونس وليبيا، وهكذا تحقق الدول الثلاث نهضة اقتصادية باهرة تؤكد أن الإسلاميين لهم قدرة الأقدار التى ترفع هذا الاتحاد الإسلامى إلى مصاف النمور الاقتصادية».
يعلق عبد الرحمن شلقم على ما سمعه بقوله: «ذهلت من الحديث الذى يتجاوز الخيال، لكننى سمعت نفس الحديث من إعلاميين وسياسيين، عربا وأجانب، بل إن أحدهم قال لى إن عملاء ليبيين المأجورين يعلمون مشروع الأمير، وأنهم يعملون بقوة من أجل تحقيقه، وللأسف فإن الأيام أكدت لى حقائق مرعبة، وأن الملايين القطرية تدفع إلى منفذى مشروع أمير المؤمنين قائد الاتحاد الإسلامى بشمال إفريقيا».
لا يزال شلقم يتحدث: «تحدثت عن كل هذه التفاصيل مع عدد من الإخوة الليبيين، وذكرت لهم الأسماء التى أمدتنى بتلك المعلومات، لقد أصبح السكوت على مخططات قطر وأفعالها خيانة ظاهرة، بل أكبر من الخيانة، إنه تآمر على ليبيا شعبا وأرضا، وخيانة لأرواح الشهداء ودمائهم، وحرق لأحلام الليبيين وآمالهم».
يجزم شلقم بأن أمير قطر قرر إما أن يحكم ليبيا ضمن الاتحاد الإسلامى فى شمال إفريقيا وينهب ثروتها ويعطيها للآخرين من أجل تجسيد وهمه، وإما أن يخربها بالفوضى وعدم الاستقرار بأيدى عملائه المأجورين».
لم تكن هذه أول مرة ينفجر فيها شلقم من خلال كتابه الصادم، فقد دعى يوم الجمعة 4 نوفمبر 2011 إلى محطة التليفزيون الألمانية (DW) لحوار حول ليبيا فى مكتبها بنيويورك، وهناك انفجر غضبا، قال: «من هى قطر التى تريد أن تقود الدول الكبرى فى العالم، لتوطيد الأمن فى ليبيا، يضم ذلك الفريق أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من الدول ذات العيار الثقيل».
قال شلقم أيضا: «إن مساحة قطر لا تساوى مساحة حارة فى ليبيا، وإن عدد الشهداء والجرحى فى ليبيا أكثر من سكان قطر، وإن قطر ليس لديها جيش، وإنما مجموعة من المرتزقة من نيبال وبنجلاديش وغيرهما»، وختم شلقم كلامه الكاشف بقوله: «أمير قطر لا يعرف معنى الجهاد والمقاومة والثورة، لأن دولة قبيلته لم تقاوم استعمارا ولم تجاهد محتلا ولم يثر شعبه ضد حاكم ظالم».
هل تريدون شيئا بعد هذا؟
هل عرفتم لماذا يكره تميم وأبوه مصر كل هذه الكراهية؟
هل أدركتم لماذا يواصلون تآمرهم وهجومهم وسفالتهم ضد مصر ونظامها ورئيسها؟
لقد أفقدناهم كل شىء.
ثورة يونيو التى ساندها الجيش قضت على حلم الخليفة الخائب، عندما حررت مصر من حكم الإخوان، ومساندة الجيش الليبى الذى سيطر على الهلال النفطى جعلت أموال الدوحة التى أنفقتها لتضع يدها على نفط الليبيين فى مهب الريح.
تميم لم يكن يتحدث أمام الأمم المتحدة، لكنه كان يهذى من أثر الصدمة، يستعدى العالم على مصر، معتقدا أن عجلة التاريخ يمكن أن تعود إلى الوراء مرة أخرى.
اعذروه فما فعلته مصر به وبمشروع أبيه ليس هينا، إنه لا يزال يتحسس أثر الحذاء الذى وضعته مصر على رقبته، ولن يباركها أبدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.