تجددت مطالب مصر للمرة الرابعة خلال السنوات الخمس الأخيرة، للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، وفى كل مرة تتجدد المخاوف من شروط الصندوق، والتي اعتبرت بمثابة فزاعة للعامة، خوفا من التدخل الدولى في القرارات السيادية. وتستهدف الحكومة من وراء الحصول على القرض تمويل عجز الموازنة، ودعم الاحتياطي الأجنبي. وتتلخص المخاوف من شروط القرض في تعويم الجنيه، وخفض عجز الموازنة، وخفض الدعم، ما يرفع الأسعار ويحمل الأسر المصرية أعباء إضافية، وزيادة حجم الإيرادات وخفض الدين المحلي، الذي تجاوزت نسبته 90٪ من الناتج القومي. ويقع على عاتق المواطن محدود الدخل أحمال مضاعفة، في حالة رفع الدعم والعمل على تخفيض عجز الموازنة، لما يتبع ذلك من ارتفاع في أسعار السلع والخدمات، يتحملها المواطن. وفى هذا السياق، يرى الخبير المصرفى، أحمد آدم، أنه لا يوجد أي فوائد تعود على مصر من حصولها على قرض صندوق النقد الدولي، لافتا إلى أن المفاوضات لم تنته بعد، ولم ينم إلى علمنا هل تم بالفعل الموافقة على طلب مصر بالحصول على القرض من عدمه. وأضاف آدم، أن التفاوض يستغرق وقتا طويلا، والشروط المقررة للحصول على القرض تؤدى إلى تفاقم المشكلات، لافتا إلى أن مصر زادت من حصتها لدى صندوق النقد الدولى لتصل إلى 2.9 مليار دولار، بما يمكنها من الحصول على 9.7 مليار دولار. وأوضح أنه في حالة الموافقة للحصول على القرض، يتم الحصول عليه في صورة أقساط ودفعات كل ستة أشهر، بما يعنى عدم الحصول على المبلغ الإجمالى دفعة واحدة، مشيرا إلى أن الحصول على قرض صندوق النقد الدولى يرفع من أعباء الدين الخارجى ويؤدى إلى تفاقمه، ولا يضع حلولا جذرية للأزمات التي يعانى منها الاقتصاد المصرى. وقال آدم: إن تفاقم الدين الخارجى يؤثر بشكل سلبى على القرار السيادي، وفى حالة العجز عن السداد تعلن المؤسسات إفلاس مصر. من جانبه، قال عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادى والمصرفى: إن حصول مصر على نحو 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، من شأنه أن يحدث استقرارا مؤقتا في سوق الصرف الرسمية وغير الرسمية. وأوضح حسانين، في تصريح خاص ل«البوابة» أن قرض الصندوق له العديد من المزايا بجانب الآثار السلبية التي سيشعر بها المواطن البسيط جراء تطبيق شروط صندوق النقد الدولى للموافقة على القرض، وتتمثل مميزات القرض في توفير الدولار في السوق المصرفية من شأنه تلبية احتياجات المستوردين من التجار والاعتمادات المستندية للكثير من المصانع التي تستورد مستلزمات إنتاجها من الخارج، كما أنه سيقلل الفجوة السعرية بين سعر الدولار في السوق الرسمية وسعره في السوق الموازية الذي بلغ نحو أكثر من 12 جنيها. وأضاف قائلا: «إن تعطل الأنشطة الرئيسية الجالبة للدولار في مصر دون السعى نحو إنعاشها سيجعل من قرض الصندوق مسكنا مؤقتا لسعر الدولار والذي ما يلبث أن يعاود الصعود مرة أخرى في السوق السوداء فور نفاد المعروض منه». وذكر حسانين، أن الشروط التي يفرضها صندوق النقد والمتمثلة في تقليل الإنفاق العام والذي من شأنه التسبب في رفع يد الدولة عن دعم العديد من القطاعات أبرزها البنزين والخدمات الحكومية الأساسية من الغاز والكهرباء والمياه والتي ستتسبب في غضب شعبى كبير هذا إلى جانب فرض مزيد من الضرائب بعد تطبيق قانون الضريبة المضافة وتقليل عدد العاملين في الجهاز الإدارى الحكومى بعد إقرار قانون الخدمة المدنية، كل هذه الإجراءات ستفاقم الأزمات الداخلية التي يتعرض لها المواطن البسيط من ارتفاع الأسعار في ظل ثبات الدخل، وبعد زيادة معدل التضخم ما سينتج عنه توقف الاستثمارات وإغلاق المصانع وزيادة نسبة البطالة. من جهته، قال محمد الدشناوي، خبير أسواق المال، إن حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى سينعكس بشكل إيجابى على رفع الثقة في الاقتصاد المصرى وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، بجانب أنه سيساهم إلى حد كبير في استقرار سعر الدولار بالقرب من السعر الرسمى وبالتالى لن يلجأ البنك المركزى إلى تخفيض الجنيه في الفترة الحالية. وأضاف في تصريح خاص ل«البوابة» أنه فيما يتعلق بشروط صندوق النقد الدولى من أجل الموافقة على القرض الدولارى، فلن تكون هذه الشروط مؤلمة للمواطن المصرى خاصة أن الحكومة تكاد تكون تطبق نفس الشروط التي سيفرضها الصندوق والمتمثلة في رفع الدعم التدريجى عن الطاقة وعن غالبية القطاعات الأخرى مثل الكهرباء والمياه من أجل زيادة الموارد الحكومية وتقليل عجز الموازنة العامة، مشيرا إلى أن المشكلة الأكبر ستتعلق بمطالبة الصندوق بتعويم الجنيه الذي أصبح أكثر ضررا على المصريين، في غياب العدالة الاجتماعية بسبب تراخى الحكومة وتقاعسها لحد كبير في هذا الملف، وهذا سيجعل من إجراءات الصندوق وشروطه قاسية على المصريين.