أكد الدكتور هادي إليامي رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان "لجنة الميثاق" على أن حقوق الإنسان بما تنطوي عليه من قيم أساسية تتمثل في الحرية والكرامة والمساواة والعدل والتسامح تشكل أحد مقومات الأمن القومي بمفهومه الحديث والمعاصر، ويشكل احترام حقوق الإنسان وحمايتها أحد الضمانات المهمة لحماية أمن وسلامة الشعوب والمجتمعات والأوطان والدول العربية. ونبه اليامي، في كلمته اليوم الخميس أمام مؤتمر "الآليات العربية لتعزيز حقوق الإنسان والأمن القومي العربي"، والذي ينظمه البرلمان العربي والفيدرالية العربية لحقوق الإنسان بمقر الجامعة العربية، إلى أن المنطقة شهدت تطورات عاصفة تشكل تهديدات جسيمة تنال من وحدة الوطن العربي وأمنه وسلامته واستقراره وتماسكه، وفي ذات الوقت تنتهك الحقوق والحريات الأساسية التي كفلتها الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الميثاق العربي لحقوق الإنسان. واعتبر أن انعقاد المؤتمر يشكل مدخلا حقيقيا للربط بين حقوق الإنسان والأمن، لافتا إلى أن هذه القضية المهمة تقع على رأس أولويات الإنشغالات العربية والعالمية في الوقت الراهن. وأوضح اليامي أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان كغيره من مواثيق حقوق الإنسان يعترف بحزمة من حقوق الإنسان ويعتبرها حقوقا أساسية لحياة الإنسان وغير منقوصة وغير قابلة للتقييد. وقال إن الميثاق وضع سياجا منيعا يمنع التغول على هذه الحقوق أو الانتقاص منها أو محاولة إهدارها، وفي ذات الوقت فإن أحكام الميثاق رخصت للدول في الحالات التي تستوجب إعلان حالة الطوارئ الاستثنائية أن تتخذ تدابير في أضيق الحدود التي تتطلبها الأوضاع بحيث لا تتقيد فيها الدول بالالتزمات المترتبة في الميثاق لكن شريطة ألا تتنافى هذه التدابير مع الالتزمات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي، وألا تنطوى على تمييز، كما أنه لا يجوز في حالات الطوارئ الاستثنائية التحلل من الالتزمات الأساسية لحقوق الإنسان والتي تشمل على سبيل المثال الحق في الحياة وحظر التعذيب وحظر الرق والإتجار بالأفراد والسخرة، والحق في المحاكمة العادلة، وغيرها من الحقوق الوارده في احكامه. واعتبر أن انعقاد هذا المؤتمر يعطي دلالة واضحة على أهمية الشراكات بين آليات العمل العربي المشترك ومنظمات المجتمع المدني الإقليمية في العالم العربي لتعزيز حماية وتعزيز حقوق الإنسان. وأشار إلى أن لجنة حقوق الإنسان العربية تبنت في خطتها الإستراتيجية وبرنامج عملها السنوي منذ مطلع عام 2014، هدفا مركزيا بتعزيز التعاون مع كل الآليات العربية المعنية بحقوق الإنسان بشقيها الرسمي وغير الحكومي، ونسجت علاقات واسعة في مجال تقديم المعلومات للجنة على تقارير الدول الأطراف بالميثاق التي تجري مناقشتها، وحضور دوراتها وأنشطتها المختلفة. وأكد أن توقيع مذكر التفاهم مع الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تضم كل المؤسسات الوطنية العاملة في الأقطار العربية وفقا لمباديء باريس لعام 1993 يعكس نهج اللجنة في تعزيز هذه العلاقات مع كل الشركاء في سبيل تحقيق غايات الميثاق العربي لحقوق الإنسان ومقاصده الكبرى. وقال إليامي إن هذا التنسيق واللقاءات التشاورية التي تمت في هذا الإطار أسفرت عن جملة من النتائج الإيجابية التي انعكست على عمل اللجنة مباشرة، كتشجيع الدول العربية على تنفيذ الملاحظات والتوصيات التي تصدر عن اللجنة وكذلك حث الدول الأطراف على الإسراع بتقديم التقارير الأولىة والدورية للجنة الميثاق، مشيرا إلى أن ملاحظات اللجنة وتوصياتها الختامية تصب في تعزيز الأمن القومي العربي عن طريق دعوة الدول الأطراف بالميثاق إلى تبني تدابير تشريعية وسياسات عامة تثمر عن توسيع قاعدة المشاركة وإعمال حقوق المواطنة وسيادة القانون، فضلا عن تبني قيم التسامح والمصالحة وتحقيق السلم الاجتماعي ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وغيرها من معايير حقوق الإنسان التي هي الطريق للحكم الصالح وحماية الأوطان. من ناحية أخرى، استعرض المستشار محمد فزيع عضو لجنة حقوق الإنسان العربية ورقة عمل أمام المؤتمر حول إعلان حقوق الإنسان لدول مجلس التعاون الخليجي تناولت جهود دول المجلس لترسيخ حقوق الإنسان وحمايتها على مستوى الدساتير لتعزيز السلطات التشريعية، واعطائها صلاحيات إضافية وضمان حقوق الإنسان واستقلال القضاء وتأسيس محاكم دستورية وإصدار تشريعات تضمن حقوق الإنسان خاصة في مجالات العدالة الجنائية وعدالة الأحداث، ومكافحة الإتجار بالبشر وحماية المرأة والطفل من العنف الأسري وقوانين لتعزيز مكانة المرأة. وأشار في هذا السياق أيضا إلى إنشاء بعض الدول مؤسسات وطنية لحقوق الإنسان، وواصلت جهودها في الانضمام للمواثيق الدولية الرئيسية في مجال حقوق الإنسان وتقديم تقارير إلى اللجان التعاهدية أو مراجعة أوضاع حقوق الإنسان من خلال المراجعة الدورية الشاملة أمام مجلس حقوق الإنسان، وبعثة المراقبة الدائمة لمجلس التعاون الخليجي لدى مكتب الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف والذي يعنى بالتواصل مع هيئات الأممالمتحدة خاصة المعنية بحقوق الإنسان، ومنها مجلس حقوق الإنسان وغيره من الآليات الأممية.