رغم الفقر المضجع الذي تعاني منه محافظة أسيوط خاصة وأنها مصنفة الأكثر فقرًا على مستوى محافظات جمهورية مصر العربية، إلا أن هناك ثروات مهدرة لن يتم الاستفادة منها؛ إنها القصور الأثرية التي تم تحويل غالبيتها لمقالب قمامة لحين انتظار هدمها وبنائها أبراجًا، وذلك لارتفاع سوق العقارات بمحافظة أسيوط الذي يسيطر عليه أصحاب النفوذ والمال للنيل من القصور التاريخية. ووصل سعر المتر إلى 95 ألف جنيه بمنطقة الجمهورية والنميس وتجاوز 50 ألفًا في بعض الأماكن، فهناك قصور تم تحويلها لأبراج وأخرى لمدارس، وقصور تنتظر الهدم كقصر مقر الحزب الوطني دون أي اهتمام، وخاصة أصحاب المناصب، فيضربون بقرارات الحكومة عُرض الحائط رغم صدور قرارات بمنع هدم المناطق والقصور الأثرية بالمحافظات المختلفة إلى أن أعمال الهدم بدأت في هذه القصور القديمة، التي دخلت ضمن سجلات الآثار التي لا يمكن هدمها، لأنها شاهدة على التاريخ والأحداث. فهناك نحو 68 قصرا وفيلا في مدينة أسيوط و40 بمركز ديروط والقوصية ومنفلوط والبدارى، و4 في مدينة أبوتيج، وآخر بالفتح منها "حبيب باشا شنودة" في شارع الجمهورية، وقصر آخر في شارع الهلالى، الذي أصبح مدرسة "باحثة البادية"، وتسليمه للورثة، وإخلاء المدرسة منه منذ عدة أشهر كما يوجد منزل "عمر مكرم" بمنطقة غرب، وتم هدمه وبناء مدرسة، ومقر الحزب الوطنى الديمقراطى، الذي امتدت أيادى التخريب والهدم عقب بيعه إلى بعض رجال الأعمال، الذين سارعوا إلى هدم أجزاء منه رغم صدور القرار رقم 1117 لسنة 2012 من رئيس مجلس الوزراء الأسبق، بتسجيله ضمن المبانى ذات التراث المعمارى المتميز بالمحافظة وحظر هدمه، ما اضطر رئيس الحى بتحرير محضر تخريب متعمد برقم 153 لسنة 2013م، ومحضر رقم 117 إدارى لسنة 2013م، ضد المضبوطين داخله ومالك العقار. وتضم أسيوط قصور "محمود باشا سليمان" بمركز ساحل سليم، و"الكومسيون الطبى"، ورثة وجيه لوتس، و"وجيه لورانس" و"الزق"، مبنى كلية الخدمة الاجتماعية حاليًا، و"صلاح خشبة"، و"ورثة أدوار مقار مشرقى"، مبنى محكمة الاستئناف حاليًا، وفيلتى "وقف الدير المحرق"، و"رقم 28" وقصر رقم خمسة، وهو محل نزاع بين مالكيه وجمعية إسكان الزراعيين بأسيوط، بهدف هدمه وتحويله إلى أبراج سكنية لأعضاء الجمعية. أما قصر رقم 5 في شارع الجمهورية، اشترته جمعية إسكان الزراعيين، تمهيدًا لهدمه وبناء أبراج سكنية، ويرجع تاريخ إنشائه إلى النصف الأول من القرن العشرين، وفيلا دار الصفا في شارع ثابت، بخمسينيات القرن الماضى. ويعد قصر "آل كسان باشا"، الذي يرجع إنشاؤه إلى عام 1910، تحفة معمارية ذات قيمة حضارية وجمالية وأثرية متميزة، وتم بناؤه بمشاركة فنانين إيطاليين وفرنسيين وإنجليز، ما أكسبه تنوعًا فنيًا وحضاريًا وجماليًا، جعل القصر يتفرد به بين معالم أسيوط الأثرية، وصدور قرار من المجلس الأعلى للآثار في شهر ديسمبر عام 1995، بضمه وتسجيله إلى قائمة الآثار الإسلامية، تلاه قرار آخر من مجلس الوزراء، بتحويله إلى متحف لمحافظة أسيوط، وتخصيص 18 مليون جنيه للإنشاءات ومن جانبه أوضح المهندس ياسر الدسوقي محافظ أسيوط أنه تم تشكيل لجنة لحصر القصور والفيلل التاريخية تسمي لجنة فحص البناء ذات الطراز المعماري القديم وتوصلت حتى الآن لوجود ما يقرب من 100 قصر تاريخي وفيلل، وما تم تحويلهم إلى مباني بطريقة مخالفة للقانون بعد صدور محاضر كثيرة للعمل على تفعيلها خلال الفترة المقبلة واستكمال ترميم قصر ال كسان باشا باعتباره ذا قيمة حضارية كبيرة مضيفا أن وراء ما يحدث هو ارتفاع سوق العقارات الجنوني بالمحافظة يكون الطمع دائمًا لتحويل القصور إلى أبراج سكنية، وذلك لأن أسعار الوحدات السكنية وصلت إلى مليون جنيه وأكثر.