إعداد: نهى مدكور إشراف: سامح قاسم ما بين عشية وضحاها تندلع ثورات وتخفت أخرى، وتقع أحداث سياسية واجتماعية وحروب في بقاع العالم المختلفة، وتتغير البنيات المجتمعية والسمات الطوبوغرافية لمختلف بلدان العالم على مر العصور، ويظل الفنان في كل المراحل والأحداث مرآة لمجتمعه تعكس كل هذه الأحداث والتغيرات، ويخلق من فنه سلاحا يصول ويجول به ناقدا أو مواجها، ناشرا برسالته المقصودة وعيا محليا وعالميا يفتح به الأبصار على أهمية القضية التي يناقشها؛ ويأتي فن "الكاريكاتير" كواحد من أبرز الفنون الناقدة للمجتمعات، واشتهر به العديد من الرسامين حول العالم، ليوصل رسالة ناقدة للأحداث من خلال المبالغة والتي بدورها تسلط الضوء على الرسالة المنوطة بها تلك الرسمة الكاريكاتيرية الساخرة. بدأ فن الكاريكاتير في أوروبا في القرن السادس عشر بدافع نقد البروتستانت أو الرومان الكاثوليك خلال الثورة الدينة القائمة اّنذاك فيما يعرف بحركة الإصلاح الديني.وكان لايطاليا السبق في الازدهار في هذا الفن ومن أشهر رسامي الكاريكاتير الايطاليين وقتها "تيتيانوس"والذي بدأ بمسخ بعض الصور القديمة المشهورة، واعادة رسمها بأشكال مضحكة؛ وعلي مر الأحداث والأزمات صوّر رسامو الكاريكاتير بريشاتهم وأقلامهم ما وراء الأحداث وما بين السطور، فعبروا بتلك الرسومات عما عجزت عن وصفه الكلمات. ومن أشهر رسامي الكاريكاتير في الوطن العربي الفنان المصري مصطفى حسين والذي توفي أغسطس 2014 بعدما صنع وجبات فنية كاريكاتيرية دسمة أثري بها المائدة الفنية ودعم الدور النقدي للفن في مصر والوطن العربي من خلال تعبيره عن مختلف الأزمات والأحداث السياسية والاجتماعية،وقد نشر رسوماته في مختلف الصحف المصرية وعمل بالأخبار والمصري اليوم، وابتكر العديد من الشخصيات الكاريكاتيرية والتي كانت أداة استخدمها في توصيل عميق وواضح للرسالة التي يرجو توصيلها من رسمته مثل شخصية عبده مشتاق وعزيز بك الأليت ومطرب الأخبار وغيرها، وقد شكل ثنائيا فنيا بليغا مع الكاتب الساخر أحمد رجب في العديد من الرسومات التي نشرت في جريدة "الأخبار" فكان القلم ب"رجب" والريشة"لحسين"، كما حاز على العديد من الجوائز كالجائزة الفضية في مهرجان "إكشهير" بتركيا، عام 1974 وعدة جوائز تقديرية من الدولة. أيضًا السوري على فرزات، وهو من مواليد حماة عام 1951 وهو فنان عالمي حصل على العديد من الجوائز العربية والدولية ومنها جائزة ساخاروف لحرية الفكر ونشرت رسوماته في صحف عربية وأجنبية، كما أنه أول من حصل على ترخيص لإصدار صحيفة مستقلة في سوريا عام 2001 وهي صحيفة "الدومري" الساخرة والتي لاقت رواجا كبيرا بين الشعب السوري نتيجة لما لامسته رسوماته من المعاناة اليومة للمواطن السوري وأهم القضايا المطروحة في بلده ولكن توقفت الجريدة في عام 2003 نتيجة لسحب السلطات ترخيص الجريدة.وقد أشتهرت رسوماته بتجسيد أساليب التعذيب والفساد والتعصب الديني والأساليب القمعية، وله تصريحات عن مدي انخفاض سقف حرية الفكر والابداع في النظام السوري مما يعيقه عن نشر رسوماته المناهضة للنظام في الصحف السورية.وقد تعرض لضرب مبرح عام 2011 من قبل ملثمين مجهولين وركزا على وجهه واصابعه. وكذلك السوري الراحل أكرم رسلان ذاك الفنان الذي انتقد مختلف القضايا العربية بريشته كالبطالة وغرف الدردشة والجدال اللامثمر في الحوارات الفضائية وعجز العالم العربي عن التقدم وغيرهما.وبعد اندلاع الثورة السورية وقفت رسوماته الكاريكاتيرية غصة في حلق النظام السوري، فأعتقل في 2012 وجاءت الأنباء المؤكدة عن استشهاده في أواخر 2015. ولا يزال الفلسطيني ناجي العلي صاحب الشخصية الكاريكاتيرية الشهيرة "حنظلة"والذي اغتيل في ظروف غامضة في لندن عام 1987 ومن أشهر مقولاته"اللي بدو يكتب لفلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حالو: ميت" أيقونة في الرسوم الساخرة، حيث جسد عبر حنظلة الضعف والانهزام في الأنظمة العربية وأصبح بمثابة توقيعه على لوحاته.كما كان في رسوماته عدة شخصيات هامة كفاطمة التي كان يجسد بها كيف تكون المقاومة وشخصية السمين ذي المؤخرة العارية والتي جسد بها القيادات الفلسطينية والعربية المرفهة والخونة الانتهازيين وشخصية الجندي الإسرائيلي الذي صوره طويل الأنف خائفا من حجارة الأطفال الفلسطينين متظاهرا بالشراسة أمام القيادات الانتهازية. كما اشتهر مؤخرا برؤية جديدة من جيل الشباب رسام الكاريكاتير إسلام جاويش صاحب صفحة الورقة على الفيس بوك، وقد قام بوضع كتاب بنفس العنوان جمع فيه رسوماته حتى صدور الكتاب، وقد ابتكر شخصية "ظيظو"التي يستخدمها في الكثير من رسوماته لتقوم بتمثيل الموقف على الورقة.كما أن له العديد من الرسومات السياسية فضلا عن الاجتماعية الساخرة والتي يحاول فيها توجيه نظر المجتمع المصري إلى عاداته وأفكاره المجتمعية الخاطئة من خلال عرضها في شكل ساخر. وحول العالم أشتهر عدة رسامين كاريكاتير أبهروا العالم بفنهم وقدموا أبلغ ما يقدم عن الأزمات أو الأحداث التي جسدوها بلوحاتهم ومن بينهم،الإيطالي سيبستين كراجر من مواليد 1963، أشتهرت رسوماته بابراز برسوم وجوه المشاهيرو الفنانين والنجوم، وعمد إلى الزوايا النفسية في رسوماته. الأمريكي ديفيد ليفن والذي يعد أكبر رسامي الكاريكاتير خلال النصف الثاني من الفرن العشرين، أولى ديفيد في رسوماته أهمية خاصة لحياة عامة المواطنين وفي رسوماته الكاريكاتيرية اشتهر أيضا برسم وجوه المشاهير. الكولومبي إسماعيل رولدان والذي اكتشف موهبته الفنية المميزة ديفيد ليفن في الرابعة عشر من عمره، وقد بدأ ارسم منذ الثانية عشر، وتطورت موهبته بعد اكتشاف "ليفين"له، وكان يري أن التركيز على تعبيرات العين والفم أكثر ما يجذب المتلقي في الصورة الكاريكاتيرية، وقد أشتهر برسم الحيوانات وتجسيدها في مواقف بشرية.