إسكان النواب: إخلاء سبيل المحبوس على ذمة مخالفة البناء حال تقديم طلب التصالح    بكام الفراخ البيضاء اليوم؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 4 مايو 2024    اليوم، تطبيق أسعار سيارات ميتسوبيشي الجديدة في مصر    شهداء وجرحى في قصف لطيران الاحتلال على مناطق متفرقة بقطاع غزة (فيديو)    5 أندية في 9 أشهر فقط، عمرو وردة موهبة أتلفها الهوى    احذروا ولا تخاطروا، الأرصاد تكشف عن 4 ظواهر جوية تضرب البلاد اليوم    تفاصيل التحقيقات مع 5 متهمين بواقعة قتل «طفل شبرا الخيمة»    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    صحيفة: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    لو بتحبي رجل من برج الدلو.. اعرفي أفضل طريقة للتعامل معه    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الجونة    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم السبت في الصاغة    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    العالم يتأهب ل«حرب كبرى».. أمريكا تحذر مواطنيها من عمليات عسكرية| عاجل    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    صوت النيل وكوكب الشرق الجديد، كيف استقبل الجمهور آمال ماهر في السعودية؟    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    تعثر أمام هوفنهايم.. لايبزيج يفرط في انتزاع المركز الثالث بالبوندسليجا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصة الكاملة لأكبر عملية تزوير في التاريخ لأحاديث الرسول
نشر في البوابة يوم 18 - 03 - 2016

منشأ معظم المسائل الخلافية (قديمًا بين الصحابة ثم التابعين منذ وفاة الرسول وحديثًا بين سائر المسلمين) هو ما نُسب إليه عليه الصلاة والسلام من أقوال وأفعال، وربما كان دور الأقوال فى نشأة هذه الخلافات أقوى تأثيرًا من الأفعال. لهذا وجب أن نعرفَ القصةَ باختصار من مصادرها قبل أن نفهمَ ما يحدث الآن.
إنَّ المشكلةَ لا يمكن على الإطلاق أن تكون فى تصديق الناس أو تكذيبهم للرسول (ص)، فحتى يكون الإنسان مسلمًا لا بد أن يؤمن بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، لأنَّ تكذيب النبى –حاشا لله– يهدم فكرة إسلام أحد الناس من أساسها. لذلك فالمشكلة تكمن فى طرق وصول هذه الأحاديث لنا جيلًا بعد جيل. فمن تساءل، أو حتى شكَّك، لم يشكِّك فى أقوال النبى عليه الصلاة والسلام حين تثبت عنه، ولكن شكك فى المسار الذى انتقلت به هذه الأحاديث ومدى نقاء أو تعكُّر أو تغيُّر بعض هذه الأحاديث فى رحلة الوصول الطويلة تلك.
وهذه أولى النقاط التى يتلاعب بنا فيها أئمةُ الظلام، حيث تتعالى أصواتُهم باتهامات تكفير كل من يقترب من إرثهم الذى يحتوى هذه الأحاديث المنسوبة للرسول (ص) ويرمون هذا المتجرِّئَ بتهمة تكذيب النبى (ص) وإنكار سنَّته، وبالتالى التشكيك فى رسالته من الأساس. لهذا، وقبل عرض التفاصيل، فإننى أؤكد أننى أتناول بالحديث -وأحيانًا بالشك- كثيرًا من طرق وصول هذه الأحاديث، ولا أتعرض بحرف واحد لما يثبت قطعًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وسأعرض الآن لهذه الرحلة التاريخية الطويلة التى قطعتْها تلك الأقوالُ المنسوبةُ للرسول (ص) حتى وصلت إلينا.
لقد طالعتُ بعضَ المصادر المعتمدة عند أهل السنَّة والشيعة لكى أتتبع القصة، ونحيتُ جانبًا المصادر الضعيفة وتمسكت بالقوى منها والمتكرر والذى يعترف به أتباعُ المذهبين، وأنا هنا أتحدث عما يخص أساس القصة التاريخى وليس تفاصيلها، أتحدث عن رحلة وصول الأحاديث المنسوبة للنبى (ص)، ولا أتحدث عن تفاصيل الأحاديث نفسها، أتحدث عن التوثيق التاريخى والأكاديمى، ثم سأعرج بعدها لبعض الأمثلة القاسية.
كانت البداية فى حياة الرسول (ص). يكتب المسلمون القرآنَ على الصحف والجلد بينما يحفظون أقواله شفهيًا ويُعلِّمهم تفاصيل العبادة عمليًا. وإذا غاب أحدُهم عن مجلس الرسول (ص) يخبره الحاضرون بما كان وبما قاله الرسول (ص)، حتى علم الرسول (ص) أنَّ بعضهم، كعبد الله بن عمرو، يدوِّن كلامه فنهاهم الرسول (ص) عن ذلك نهيًا صريحًا لم يختلف فيه علماء الحديث، وأمرهم بنقله شفاهة. فى أواخر حياة الرسول (ص) قال بعضهم إنه قد أباح كتابة السنَّة، وبرروا ذلك بأنه فى البدء خشى عليهم من اختلاط القرآن بالسنَّة ثم بعد أن اطمأنَّ لعدم حدوث ذلك فأجاز لهم الكتابة. وهذا هو تفسير العلماء وليس كلامَ النبى (ص)، فكلامُه واضح بالنهى حتى لا يصبح للمسلمين، كأهل الكتاب، أكثر من كتاب (مثلما حدث مع اليهود فلهم التوراة والتلمود، وهذا الأخير هو تفاسير التوراة التى كتبها أحبارهم). ومات الرسول (ص) وتدوين أحاديثه، بشكل شخصى غير رسمى، جائزٌ حسب أغلب العلماء.
بعد موته وتولى أبى بكر الصديق إمارة المسلمين، استمر منعُه للمسلمين لكتابة أحاديث الرسول (ص)، بل قد أحرق بنفسه صحفًا كانت لديه (حسب رواية السيدة عائشة رضى الله عنهما) تحتوى أكثر من خمسمائة حديث، وكان ينهى المسلمين عن الإكثار من الرواية عن الرسول (ص) فيما عدا ما يخص ما يعملون به فى العبادات. فقد قالت عائشة: «جمع أبى الحديث عن رسول الله (ص) وكانت خمسمائة حديث، فبات يتقلب كثيراً.. فغمَّنى، فقلتُ: أتتقلَّب لشكوى أو لشيء بلغك؟ قال: أى بُنية، هلمِّى الأحاديث التى عندك، فجئته بها. فدعا بنار فأحرقها».
يحتج علماء الحديث على هذه الرواية بما قاله الذهبى حين أوردها فى كتابه بأنَّ «الحديث لا يصح والله أعلم»، لوجود راوٍ مجهول فى سلسلة الرواة. حسنًا، فماذا عن الرواية الأخرى الصحيحة التى تقول إنَّ أبا بكر الصديق رضى الله عنه بعد أن رأى كثرة الروايات عن النبى عليه الصلاة والسلام بعد وفاته، جمع الناس وقال لهم: «إنكم تحدِّثون عن رسول الله أحاديثَ تختلفون فيها، والناسُ بعدكم أشدُّ اختلافًا، فلا تحدِّثوا عن رسول الله شيئًا، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحِلُّوا حلاله، وحرِّموا حرامه».
هذا يعنى بوضوح أننا حتى لو استبعدنا –طبقًا لأصول علم الحديث- رواية حرقه للصحف التى احتوت الأحاديث فإنَّ الرواية الثانية تقول صراحةً إنَّ الصحابة قد اختلفوا حول التأكد من ثبوت الروايات عن النبى (ص) منذ فترة مبكرة جدًا بعد وفاته، وليس بعد ظهور وُضَّاع الأحاديث بعد مقتل سيدنا عثمان رضى الله عنه.
وهذا أيضا معناه أنَّ فكرة حصر مشكلة علم الحديث، بعد مرور القرون الأولى، فى موضوع الإسناد واتصاله أو انقطاعه ليست دقيقة، وأنه حتى لو اتصلت سلسلة الرواة وكانوا كلهم ثقات، فإنَّ هذا لا يعنى ثبوت الحديث عن الرسول (ص)، لأنَّ الصحابة اختلفوا فى أحاديث الرسول (ص) فى فترة مبكرة جدًا. ولا يمكن أن نشكك فى نواياهم، ولكنه الخطأ البشرى فى نقل الروايات، وأنَّ الطريقة الوحيدة للتأكد من نسبة حديث معين للرسول (ص) هى ما قال به علماء الحديث فيما بعد، وهو روايته عن عدد كبير من الصحابة وليس عن صحابى واحد كما سنرى.
فى عصر الفاروق عمر بن الخطاب كان المنع أشد، فعمر قد حبس بعض الصحابة الذين اشتهروا بكثرة الرواية، ومنهم أبو هريرة وابن مسعود وأبو الدرداء وأبو مسعود الأنصارى، رضى الله عنهم جميعًا، وقال: لقد أكثرتم من الحديث عن رسول الله (ص). ولم يشمل المنع ما يتعلق بالعبادات. ويقول من يعارض تلك الرواية إنها ضعيفة، لكنهم لا يضعِّفون ما هو أهم منها، وهو أنَّ عمر قد جمع ما عند الناس من صحائف وحرقها. حيث تقول الرواية إنه فكر فى جمع الأحاديث وطلب من الناس أن يأتوه بما عندهم منها حتى يرى فيه رأيه.. وظل هكذا لمدة شهر ثم أتى بها فأحرقها.
بعض الصحابة قد كتم بعضًا من أحاديث الرسول (ص) مخافة فتنة المسلمين، فعن أبى هريرة أنه قال: «لقد أخذت من رسول الله وعاءين من الحديث فبثثت أحدهما، أما الآخر فلو بثثته لكان قُطِع هذا البلعوم». وحينما حاول علماء أهل السنَّة والجماعة تبرير موقف أبى هريرة قالوا إنَّ ما لم يُخبر به هو من باب الفتن والملاحم مما لا يُفيد ذكره قبل حدوثه ولم يذكره مخافة فتنة المسلمين.. فهكذا رأى فريق كبير من كبار الصحابة منع تدوين بعض السنَّة لعدم فتنة المسلمين! وكتم أحد كبار رواة الحديث عن الرسول شيئًا مما أخبره به الرسول (ص) لأنه رأى أن كتمانه فيه خير للمسلمين.
وهنا لا بد أن ننتبه لما قاله عليٌّ بن أبى طالب: «حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يُكَذَّبَ الله ورسولُه؟»
سؤال: ما دام الرسول (ص) صعد للرفيق الأعلى وقد أجاز تدوين أحاديثه، فكيف لأبى بكر وعمر، بمكانتهما العظيمة فى الإسلام، أن يمنعا ما أجازه الرسول؟!
- حتى يتخلص العلماء من وطأة هذا السؤال فقد قالوا إنهما فقط أرادا التثبت من صحة نسبة هذه الأقوال للرسول الكريم. وهذا ينافى منطق الأمور لأنه ما كان أيسر القيام بهذا التثبت ساعتها مع حداثة وفاة الرسول (ص) وعدم نشوء الخلافات والأهواء السياسية بأن يفعلا ما فعله سيدنا عثمان لاحقًا من تجميع وتنقيح للمصحف، لا أن يحرق أحدُهما (على الأقل) الصحف التى تحوى ما نُسب للنبى (ص).
ثم قالوا إنهما فقط لم يريدا إشغال المسلمين بغير القرآن فى بداية أمر الإسلام. وفى هذا اتهامٌ لا يليق لجميع الصحابة بعدم قدرتهم على ترتيب أولويات الدين. هذه التبريرات وغيرها تمت صياغتها قديمًا، ورددها حديثًا بعض المعاصرين، والبعض الآخر رفض الاعتراف بحقيقة ما فعله الخليفتان جملة وتفصيلاً.. أى أنهم رفضوا الإقرار بأنَّ أبا بكر وعمر قد فعلا ذلك.
إننى أعتقد أنَّ فى بحثهم عن تبرير لما فعله الرسول (ص) أولًا ثم أكده أبو بكر وعمر، رضى الله عنهما، لم يلتفت العلماء إلى حقيقة جلية.. أنَّ أبا بكر وعمر كانا أحق الناس بعدم الحَيدة عن منهج الرسول (ص) الذى أراده للمسلمين ولم تنشرح له عقول وقلوب بعض العلماء والفقهاء فيما بعد، وهو أنَّ الرسول (ص) لم يُرد للمسلمين (لا فى أول الرسالة ولا بعد مرور السنوات، أو العقود، أو القرون عليها) أن ينشغلوا دينيًا عن كلام الله بغيره بما فيه أقوال الرسول (ص) إلا فى أُطر محدودة من تفسير ما كان مجملًا فى القرآن كأحكام الصلاة والحج والزكاة والطهارة والمعاملات التى وردت بشأنها نصوص فى كتاب الله. وهذا ما تم السماح بتدوينه فى كل الأوقات. فهذا هو دين الإسلام الذى أراده لنا الرسول (ص) وعقله أبو بكر وعمر وعثمان وأبو سعيد الخدرى وحسان بن ثابت وغيرهم كثيرون. وبعد مئات من سنوات تأليف الكتب فى علم الأحاديث ثبت هذا الكلام وأقرَّه العلماء ضمنًا فى تقسيمهم للأحاديث إلى نوعين رئيسيين: متواتر وآحاد، وهذا ما سوف أشير إليه فى وقته.
يدَّعى الشيعة أنهم قد استمروا فى تدوين الأحاديث رغمًا عن أبى بكر وعمر.. فهل يا تُرى قد دوَّنوها رغمًا عن الرسول (ص) أيضاً؟! والغريب أنَّ معظم الأحاديث التى يدَّعون أنهم قد دوَّنوها وأنهم يختلفون بها عن أهل السنَّة هى أقوال سياسية وتدور حول فكرة واحدة تتعلق بمن كان له الحق فى الجلوس على مقعد الخليفة. وهى بذلك لا تعنى عامة المسلمين فى شيء من أمور دينهم.
لا بد أن يكون هناك شيء مدوَّن فعلًا من أحاديث الرسول (ص) لبعض الصحابة أو فى بعض المواقف، وقد ورد ذكر بعض هذه الصحف كصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص. لكن لم يتم العثور على هذه الصحف، وقد نُقلت بعض أحاديثها فيما بعد فى كتب الحديث المتأخرة. وهذا المدوَّن كان خاصًا فى معظمه بتفصيل بعض الأحكام الفقهية لبعض العبادات كالزكاة مثلًا، والكثير من الأدعية.
فى التتبع التاريخى لهذه الصحف منفصلة، قال العلماء إنَّ معظمها قد انتقلت من جيل لآخر، ثم فى فترة اختفت وذاب ما بها من أحاديث مع الأحاديث المروية الأخرى، وبعضها قد احتوى على عدد قليل جدًا من الأحاديث تشتمل على أنصبة الزكاة، والصدقات. وأكبر الصحف هى صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص (الصادقة)، قيل إنَّ بها أكثر من ألف حديث، ولكن كثيرًا من علماء الحديث شككوا فى هذا العدد، وبعضهم قد رفض الكثير من الأحاديث التى رواها حفيده، وقال إنه نقلها من هذه الصحيفة، والكثير من أحاديثها كان أدعية ولم يكن أحكامًا. وخلاصة ما حدث مع هذه الصحف أنَّ الأحاديث التى قيل إنها كُتبت فيها قد خضعت للبحث من جانب علماء الحديث وخضعت لنفس المقاييس شأنها شأن المرويات الأخرى كما سنرى.. لذلك لم يعول علماء الحديث عليها كثيرا.
بعد مقتل سيدنا عثمان بن عفان اندلعت الفتنة بين المسلمين، وبدأ الصراع بينهم وتفرقوا سياسيًا إلى معسكرات متناحرة. انقسموا أولًا لمعسكرين؛ معسكر بنى أمية ومثَّله معاوية بن أبى سفيان، ومعسكر آل بيت النبوة ومثَّله على بن أبى طالب. ثم انقسم معسكر آل البيت إلى معسكرين كبيرين، الأول هو معسكر العلويين نسبةً إلى أبناء على بن أبى طالب، والثانى هو معسكر العباسيين نسبة إلى أبناء عبد الله بن عباس، أى نسبة لابنى عمَّى الرسول (ص). ثم نشأت الفرق المسلحة التى أوَّلت القرآن حسب فهمها، ومنها الخوارج بفرقهم المختلفة. وكانت نتيجة هذه الصراعات أن احتفظ كل فريق بما يعتقد ويدَّعى أنه السنَّة النبوية الصحيحة المدوَّنة عن الرسول (ص)، لأنه حتى هذه اللحظة كانت هناك بعض الصحف المكتوبة بشكل شخصى، ولكن لم يكن هناك تدوين رسمى.
ظهر وُضَّاع الحديث (الذين احترفوا وتخصصوا فى وضع الأحاديث ونسبتها للرسول (ص) مباشرة بعد مقتل سيدنا عثمان، وليس فى الخلافة الأموية والعباسية كما يعتقد البعض. لقد ظهر وُضَّاعٌ لبعض الأحاديث التى تناصر بعض الفرق المتناحرة كالتى تذكر بعض محاسن آل البيت ممن كان أبناؤهم أطرافًا فى هذا التناحر. وظهر وُضَّاعُ الأحاديث الذين أرادوا، بنيَّةٍ حسنةٍ، ردَّ المسلمين لفضائل الإسلام، فوضعوا الأحاديث فى فضائل بعض السور القرآنية وبعض العبادات. ثم بدأ جيل الصحابة الأول فى الوفاة والاختفاء تاركًا الساحة للجيل التالى ممن تمَّت تسميتهم بجيل التابعين، فالتابعون هم الجيل الذى عاصر الصحابة ولم يعاصر النبى (ص).
انقضى القرن الأول دون تدوين رسمى للسنَّة، ونتج عن ذلك وجود عشرات الآلاف من الأحاديث فى أيدى الناس وعلى ألسنتهم. كان لبنى أمية رُواتًهم، ولبنى العباس رُواتُهم، وللعلويين رُواتهم، ولغلاة الخوارج رُواتهم، ولكل طائفة أو مجموعة سياسية أو قبلية أو مذهبية رُواتُها. وكلهم يزعمون أنَّ ما لديهم هو الصحيح من أقوال النبى (ص). ويمثل هذا القرنُ أكثرَ الفترات غموضًا فى تتبع ما آلت إليه أحاديث النبى (ص) المكتوبة، على الرغم من أنه أكثر القرون ازدحامًا بالأحداث والحوادث الجسيمة فى التاريخ الإسلامى. حتى الصحف التى ذُكر أنها كُتبت فى عصر الرسول لم يتم العثور على أيٍّ منها، ولكن ذُكر أنَّ ما بها من أحاديث قد نُقل إلى بعض الكتب.
حتى جاء عصر الخليفة عمر بن عبد العزيز (الذى كان فقيهًا وحاكمًا عادلًا وبقى فى الحكم عامين وبضعة أشهر)، فأمر بتدوين السنَّة بشكل رسمى تحت رعاية بيت الخلافة الأموى، وعهد بذلك لعالم جليل هو ابن شهاب الزهرى الذى وُلد، ورأى بعض الصحابة وكبار التابعين. لكنه كان، كما كتبت عنه كُتب السير، أميرًا محاربًا من جنود بنى أمية. وذكرت بعضُ كتب علماء السنَّة أنه كان يبغض عليًا رضى الله عنه. قام الزهرى بجهد شاق، واعتُبر أنه أول من حاول تدوين السنَّة النبوية بشكل رسمى قبل البخارى بقرن ونصف القرن. وسنحت له فرصةٌ أفضل لالتقائه ببعض الصحابة فى أواخر حياتهم وكبار التابعين، لكنه أيضًا عاصرهم فى فترات النزاع والتناحر. وشهد عمرُ بن عبد العزيز قبل اغتياله بعضَ ما كتبه الزهرى وجمع فيه الآلاف من الأحاديث.
سؤال مشروع: هل المفترض أن نصدِّق أنَّ هذا العالم لم يتأثر إطلاقًا فى جمعه للسنَّة بالمعسكر السياسى الذى اختاره (معسكر بنى أمية)؟ وإن كان الأمر كذلك وهو أول كتاب رسمى للسنَّة النبوية المنسوبة للرسول (ص)، وكان الأقرب زمنًا للرسول (ص) وقابل صاحبُه كبارَ التابعين مثل القاسم بن محمد بن أبى بكر لجمع ما لديهم من أحاديث، فلماذا لم يأخذ البخارى من هذا الكتاب الذى اشتمل على 2200 حديث إلا 650 حديثًا فقط وترك الباقي؟ ولماذا لم يأخذ الإمام مسلم، بعد البخارى، منه سوى ما يزيد قليلًا على 500 حديث وترك الباقي؟
نستكمل الرحلة. انهارت دولة بنى أمية وقامت دولة بنى العباس، وكان لها أيضًا فقهاؤها. فلو أنَّ ما تم تدوينه أيام عمر بن عبد العزيز لا يأتيه الباطل أبدًا فما سبب استمرار تضاعف أعداد الأحاديث بين الناس وتزايد كتب الحديث التى كُتبت أيام الحكم العباسي؟ لقد بلغت الكثرة الحدَّ الذى قال عنه البخارى نفسه إنه قد تجمَّع لديه ما يقرب من 600 ألف حديث لم يأخذ منها غير ما دوَّنه فى كتابه (صحيح البخاري) الذى يبلغ عدد ما فيه من أحاديث 7397 حديثًا بالمكرر طبقًا لما ذكره ابن حجر، و7275 حديثًا طبقًا لما ذكره ابن صلاح والنووى.. ودون المكرر يبلغ العدد 2602 حديث.
إنَّ بدهيات الأمور ومجريات الأحداث التاريخية وظهور المذاهب الدينية وتعدد الفرق وترهُّل دولة الخلافة وظهور وتنافس الموالى مع العرب فى السيادة والسياسة.. كل ذلك جعل احتمالات مصداقية ما يتم تصنيفه من كتب الحديث تقلُّ تدريجيًا كلما مرَّت العقود والقرون وتشابكت كل تلك الخيوط. لذلك فهذه الاحتمالات تزيد كلما عدنا للوراء، فهى للزهرى أكثر منها للبخارى.
لماذا كان النهيُ عن التدوين؟
- تراكمت الأحاديث وظهر علم الحديث والعلوم المشتقة منه فى فترة مبكرة. ومن طبيعة العلوم الإنسانية النظرية أن يزداد تعقيدُها كلما طال أمدها وكثر المشتغلون بها. وهذا ما حدث مع علوم الحديث، وهذا ما حذَّر منه عمر بن الخطاب وأبو بكر وعلى بن أبى طالب صراحة، ولمح إليه أبو هريرة، وقبلهم جميعًا قد حذر منه رسول الله (ص) فى الروايات السابق ذكرها، والتى أذكِّر بها مرَّة أخرى:
فعن أبى سعيد الخدرى (صحيح مسلم) أنَّ رسول الله (ص) قال: «لا تكتبوا عنى، ومن كتب عنى غير القرآن فليمحُه، وحدِّثوا عنى ولا حرج، ومن كذب عليَّ (قال همام: أحسبه قال متعمداً) فليتبوأ مقعده من النار».
وعن أبى هريرة أنه قال: «خرج رسول الله (ص) ونحن نكتب الأحاديث فقال: ما هذا الذى تكتبون؟! قلنا أحاديث نسمعها منك. قال: كتابٌ غير كتاب الله؟ أتدرون ما ضلَّ الأمم قبلكم إلا بما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله تعالى». ولأنَّ أبا هريرة بايع الرسول (ص) عام 7، فهذا معناه أنَّ النهى امتد على الأقل حتى هذا التاريخ.
وأخرج الإمام أبو داود بسنده من حديث المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: دخل زيد بن ثابت على معاوية فسأله عن حديث؟ فأمر إنسانًا يكتبه فقال له زيد: «إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ألا نكتب شيئًا من حديثه فمحاه».
أما أبو بكر فقد قال بعد أن جمع الناس بعد وفاة النبى (ص): «إنكم تحدِّثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافًا، فلا تحدِّثوا عن رسول الله شيئًا، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه».
بينما قال عمر مستنكرًا حين حرق الصحف المكتوب بها الأحاديث المنسوبة للرسول (ص): «مثناة كمثناة أهل الكتاب؟!».
وقال على بن أبى طالب: «حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يُكَذَّبَ الله ورسولُه؟».
وقال أبو هريرة: «لقد أخذت من رسول الله وعاءين من الحديث فبثثت أحدهما، أما الآخر فلو بثثته لكان قطع هذا البلعوم».
أعتقد أنَّ هناك ما يربط كل هذه الروايات. أولًا، أنَّ الرسول الكريم (ص) ومن بعده هؤلاء الصحابة الأجلاء عرفوا أنَّ الناس سيختلفون بعد عصور طويلة حول بعض الأحاديث كما اختلف الصحابة حولها منذ وفاة الرسول (ص)، لذلك أرسَوا مبدأً مهمًا وهو تخيُّر ما يقال للناس وينفعهم فى دينهم، لأنَّ اختلافَ الظروف السياسية والاجتماعية ربما يجعلُ الناسَ تستغرب وتُكذِّب بعضَ أحاديث الرسول (ص)، ولا يمكن أن يحدث هذا مع القرآن لأنه لا خلاف عليه، أما الحديث فقد اختُلف فيه منذ البدء، وهذا معناه أنَّ القرآن ثابتٌ، وأنَّ بعض الأحاديث يمكن أن تكون متغيرة من زمان لزمان، ومن بيئة ومكان لمكان طالما أنها ليست من ثوابت الدين أو عموميات مكارم الأخلاق.
وثانيًا، أنَّ الخيط الآخر الذى يربط بين هذه الروايات كلها هو الرغبة فى الحفاظ على بساطة الإسلام من التعقيدات ومن طبقة وسطاء لاهوتية أو كهنوتية يمكنها لاحقًا أن تحتكر جزءًا معقدًا من الدين وتحتكر كيفية فك شفراته للبسطاء كما حدث فى ديانات أخرى، والرغبة فى الحفاظ على الدين الإسلامى دينًا وسطيًا علنيًا بسيطًا لكل البشر، ليس للخاصة فى قاعات الدرس المغلقة المليئة بالسفسطة، دينًا يشهد فيه الإنسان أنه لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيم الصلاة ويؤتى الزكاة، ويحج البيت إن استطاع إلى ذلك سبيلًا، ثم يستقيم أى يعمل صالحًا فى الدنيا. ومما يؤكد ذلك أنَّ من بين الأحاديث المتواترة التى تقترب بشدة من اليقين، كما سأفصل لاحقًا، حديثًا يقول إنَّ المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده. ولم أجد بينها أيًا من الأحاديث التى يمكن أن تُشتَمَّ منها رائحة الدماء أو القتل.
لقد حاول علماء الحديث بكل جهد أن يجدوا مبررًا يسوِّغ فكرةً معينة، وهى أنَّ نهيَ الرسول (ص)، ومِن بعده الخلفاء الراشدين عن تدوين الأحاديث كانت له علة مؤقتة ثم زالت. وقد اختلفوا فيما بينهم فى الاجتهاد للوصول لهذه العلة، ولكن معظمهم قال إنها الخوف من انشغال المسلمين عن القرآن بما سواه من أحاديث الرسول (ص)، ثم زالت تلك العلة بعد استقرار القرآن فى نفوس المسلمين.
ومن بين كل العلل التى اجتهدوا فى تحديدها، أتعجَّبُ من هذه العلة تحديدًا، وأعجب أكثر وأكثر من تكرارها وانتقالها من جيل إلى جيل، ومن كُتبٍ لكتبٍ دون التوقف وتأمل المعنى، ودون أن يسأل الناقلون أنفسَهم، وفى كل عصر من العصور: هل المسلمون فى عصرهم (وأنا أقصد عموم المسلمين الذين بعث الله نبيه محمدًا لهم جميعًا، وليس العلماء) قد فقهوا القرآن فعلًا، واستقر فى قلوبهم لفظًا ومعنى وعملًا حتى نصرفهم عنه إلى هذه الآلاف من الأحاديث المنسوبة للرسول (ص)؟ ألا تُعتبر تلك العلة التى توصَّلوا إليها هم أنفسُهم موجودة فى كل العصور وفى عصرنا هذا، ألا تُعتبر تلك العلة قائمة بوضوح، وأنَّ عموم المسلمين –وحتى وعَّاظهم- قد اتخذوا القرآنَ مهجوراً؟ ألا يدخل أحدُنا المسجد يوم الجمعة فيسمع من أحدهم عشرات الروايات (القوى منها والضعيف، والمدسوس) ولا يسمع غير آيات قليلة من القرآن، أو أحيانًا آية واحدة فقط فى بدء الخطبة؟
أين خطب الرسول (ص) فى كل أيام الجُمع التى صلاها بالمسلمين بعد الهجرة إلى المدينة المنورة؟ أليس هناك رأى يقول إنَّ الرسول (ص) كان يتلو القرآن الكريم حين يصعد المنبر يوم الجمعة، وكانت تلك هى خطبة الجمعة المعتادة فى معظم أيام الجمع التى أمَّ فيها المسلمين؟ بل ألم يكن ذلك هو السبب والأصل فى الرأى الفقهى الذى يقول إنَّ المسلم إذا دخل المسجد يوم الجمعة أثناء خطبة الجمعة فعليه الجلوس مباشرة دون صلاة تحية المسجد، لأنَّ الرسول (ص) ساعتها كان يقرأ القرآن الكريم؟
ولم يتوقف علماء الحديث أيضًا طويلًا أمام شيئين اقترنا دائماً.. نهى أبى بكر وعمر عن التدوين ونهيهما عن كثرة التحديث بالأحاديث المنسوبة للرسول (ص) مع اقتران ذلك بإرسالهما صحفًا مكتوبة إلى الكثير من الولاة فى مختلف ولايات الدولة الإسلامية اشتمل بعضها على بعض أحاديث الرسول (ص). إنَّ هذا الاقتران هو تأكيد لنفس الفكرة، أنهما، رضى الله عنهما، فقِها رسالةَ الإسلام حقَّ فقهها، وهى أنها ما جاء به القرآن الكريم من أوامر ونواهٍ، وما يفصِّل تلك الأوامر والنواهى من السنَّة النبوية مما يجب على المسلمين، كل المسلمين، معرفته والعمل به من عبادات ومعاملات الحياة اليومية، وما عدا ذلك فهو الذى نهيا عنه.
لكى نفهم أيضًا سرَّ الإصرار قديمًا على الإقبال الكبير على التخصص فى كتابة العلوم الدينية ومنها التحديث عن النبى (ص)، فهناك نقطة جديرة بالملاحظة. فى العصور الأولى للدولة الإسلامية الكبرى كانت علوم القرآن والحديث هى السبيل للشهرة والجاه والتقرب إلى السلطان والحصول على أعظم المناصب. لذلك فليس كل من ألَّف وصنَّف الكتب فى تلك العلوم قد ابتغى وجه الله وقد خلصت نيته، فقد حدث التنافس والطعن بين علماء الحديث أنفسهم، وقد اعترف بعضهم بذلك صراحة وقالوا إنه «لا يُعتد بطعن القرناء»، وذلك فى ردهم على تضعيف بعضهم (قال بأنها ضعيفة) لبعض الكتب أو الأحاديث التى صحَّحها (قال بأنها صحيحة) بعضهم الآخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.