قيل لأرسطو كيف تحكم على إنسان ؟ فأجاب أسأله كم كتابا يقرأ وماذا يقرأ؟ الذى يتأمل هذه المقولة يدرك جيدا قيمة وأهمية القراءة فى تكوين الإنسان وبناء شخصيته وبناء عقليته وهو ما جعلنى أكتب عن هذه المبادرة الرائعة التى أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة فى دبى بعنوان (تحدى القراءة العربى) التى تهدف لتشجيع طلاب المدارس على القراءة عبر التزام أكثر من مليون طالب بقراءة 50 مليون كتاب خلال عامهم الدراسى. ومن المعروف أن العالم العربى يمر بأزمة قراءة ومعرفة والأرقام التى نسمعها فى هذا المجال صادمة فالوطن العربى من أقل المناطق فى العالم من حيث القراءة وتشير بعض التقارير والدراسات إلى وجود خلل كبير فى معدلات القراءة فى العالم العربى حيث يبلغ معدل قراءة الطفل العربى ست دقائق فى العام مقارنة ب12 ألف دقيقة فى الغرب وذلك حسب تقرير التنمية الثقافية الذى تصدره مؤسسة الفكر العربى كما يبلغ معدل القراءة للفرد العربى ربع صفحة سنوياً مقارنة مع 11 كتاباً فى أمريكا وسبعة كتب فى بريطانيا حسب دراسة للمجلس الأعلى للثقافة فى مصر. وهذه المبادرة هى خطوة أولى نتمنى أن يكون لها تأثيرها على المدى البعيد فى إصلاح هذا الخلل لأن القراءة هى مفتاح المعرفة والمعرفة هى مفتاح النهضة الحضارية وتعزيز الانفتاح المعرفى والثقافى يبدأ من الطفولة وغرس حب القراءة فى نفوس الصغار هو غرس لأسس التقدم والتفوق لبلادنا العربية وبدأت بالفعل المراحل التنفيذية للمشروع عبر التنسيق مع كافة المدارس المشاركة فى الوطن العربى ودخل الطلاب فى تحدى قراءة خمسين مليون كتاب مع بداية شهر أكتوبر الماضى وحتى شهر مارس من العام 2016 عبر الانتقال فى خمس مراحل تضم كل مرحلة قراءة وتلخيص عشر كتب للأطفال لتبدأ بعدها مراحل التصفيات على مستوى المدارس والمناطق التعليمية ثم مستوى الأقطار العربية وصولاً للتصفيات النهائية والتى ستعقد فى دبى نهاية شهر مايو من العام 2016. ويضم تحدى القراءة العربى نظاماً متكاملاً للحوافز والمكافآت المالية والتشجيعية، حيث سيتم منح 150 ألف دولار مكافأة للطالب الفائز بتحدى القراءة العربى يُخصص 100 ألف منها كمنحة لدراسته الجامعية والباقى لأسرته مكافأة لهم على توفير الجو التحفيزى المناسب له كما تم تخصيص جائزة بقيمة مليون دولار لأكثر المدارس مشاركة على مستوى الوطن العربى ويضم تحدى القراءة العربى مكافآت للمشرفين المتميزين على مستوى الوطن العربى بقيمة إجمالية تبلغ 300 ألف دولار وحوافز تشجيعية للمدارس المشاركة ومكافآت مختلفة للطلاب تتجاوز قيمتها المليون دولار. فهيا أقبلوا يا شباب العرب واغتنموا هذه الفرصة وابنوا عقولكم واوطانكم بمعرفتكم وثقافتكم حتى تسترد الأمة العربية مجدها وريادتها عن طريق الثقافة والعلم والمعرفة.