رغم صعود العديد من الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش ومن قبله القاعدة إلا أن العديد من المفكرين فى جميع أنحاء العالم لا يزالون يرون أن الخطر الأكبر هم الإخوان المسلمون، ويحاولون البحث فى أفكار وأهداف الجماعة وأيديولوجيتها ربما منذ نشأتها، وقد نشر العديد من الكتب والدراسات المتعمقة حولها، والأسبوع الماضى قامت الكاتبة الأمريكية كاثى هينرز بإصدار كتاب يحمل عنوان «الإخوان المسلمين: التهديد فى الشوارع الخلفية». اللافت للنظر أن الكاتبة هى ضابط شرطة متقاعدة فى قسم نيويورك، وقامت قبل تقاعدها بتقديم دراسة بعنوان «الشرق الأوسط: الجريمة والثقافة والمجتمع»، حيث إنها عملت أيضا فى المنطقة، حيث كانت متدربة من الباطن فى الحرس الوطنى الأمريكى ووكالات أخرى وخاصة فى مجال أسلحة الدمار الشامل والمتفجرات، وقد نظمت دورات مع وزارة الخارجية وخاصة مع الأمن الداخلى، حول الحوادث الإرهابية وعمليات إطلاق النار. بعد التقاعد انتقلت كاثى إلى ولاية تينيسى، وأصبحت نشطة فى مجال التحقيق حول منظمات الإخوان ومحاولة فضحهم وخاصة استراتيجية التسلل المعروفة بها الجماعة، وهو ما يعد محتوى الكتاب. الكتاب الذى صدر فى 26 يناير فى حوالى 159 صفحة، لا يدور فقط حول الإرهاب، وإنما هو يفسر كيفية تأثير جماعة الإخوان وتسللهم فى جميع جوانب الحياة سواء فى المدارس فى الجيش داخل الحكومات ومؤسسات إنفاذ القانون، حيث تقول هينرز إن الإخوان هى الجماعة الدينية الأكثر نفوذا ليس فى الشرق الأوسط ولكن فى العالم، والتى خرجت من المعارضة إلى السلطة خلال فترة الربيع العربى. وتقول الكاتبة إنه فى حين أن جماعة الإخوان كان منشأها فى مصر إلا أنه تم تصدير أيديولوجيتها ونفوذها من قبل العديد من الأفراد والجماعات التابعة لها على مدى عقود، لدرجة أن كل جماعة دينية متشددة فى منطقة الشرق الأوسط والعالم جذورها تمتد إلى جماعة الإخوان، من حماس لتنظيمى القاعدة وداعش. وتطرقت الكاتبة إلى أن الجماعة هى عدو أمريكا المقبل، والتى تتورط فى الإرهاب والاغتيالات وأعمال العنف لما يقرب من قرن، مضيفة أن قليلا من الأمريكيين يدركون مدى قوة الجماعة الحقيقية فى الواقع، بينما تركز حكومة الولاياتالمتحدة والردارات المتعاقبة على البيت الأبيض، على تنظيم القاعدة، وداعش وحماس، وحزب الله، وهم فعلا منبثقون من جماعة الإخوان الأقدم، والأكثر تأثيرا، والتى أصبحت صوتا بارزا فى جميع أنحاء العالم. ووفقا للكتاب فإن الإخوان حاولت الاختباء وراء عباءة من الاحترام والدعوات الغربية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والتى تمكنت من خلالها من الدخول فى هياكل السلطة فى جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم، وسخرت الكاتبة من رد فعل واشنطن حيال صعودها من بعد الثورات التى اجتاحت المنطقة، وكيف هتف الأمريكان لديمقراطية الربيع العربى. وتحذر الكاتبة مما فعلته إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما حيال صعود الجماعة وتكشف كيف وضع أوباما الإخوان على أعتاب السلطة فى كل منعطف، وهو ما أدى إلى تداعيات مثيرة للقلق من صعودها السريع، واحتضان أوباما لعناصرها، وربما اتهمته الكاتبة بالسذاجة وقصر النظر ولم تتهمه مباشرة بتنفيذ خطة واتفاق معهم. وبحسب الكتاب فإنه مع الاضطرابات فى الشرق الأوسط المتزايدة والتى أصبحت أكثر سخونة، سيبقى النفوذ العالمى المتنامى لجماعة الإخوان فى الصدارة وسيشكل التحديات الكبيرة والخطيرة للأمن القومى الأمريكى فى الفترات المقبلة، ولفتت الكاتبة إلى الاختلاف بين مسار الإخوان فى مصر مع تلك الجماعات السائدة فى الأردن، والمغرب، وسوريا وباقى دول المنطقة وما تتضمنه من العديد من الانقسامات الداخلية لهذه الجماعات فى الدول الأخرى والتى جعلتها أبطأ من المسار الذى تتحرك به فى القاهرة، وهو بسبب التوترات والتناقضات العميقة التى أسفرت عن أجندات هجينة. وانطلقت الكاتبة لتسلط الضوء على تأثير ونفوذ الجماعة خارج الشرق الاوسط وتوغل عناصرها فى الولاياتالمتحدة حتى إنهم تسللوا إلى وزارة الدفاع «البنتاجون» مثلما تسللوا إلى صفوف البيت الأبيض، وهو ما يفسر تخبط الوزارة حيال التعامل مع الجماعات الإرهابية وخاصة فى حربها على داعش، وهو نتيجة لتأثير جماعة الإخوان على مجريات السياسة الأمريكية منذ وصول أوباما للرئاسة، حيث يرى البعض أن الجماعة تضع توجهاتها فقط فى منطقة الشرق الأوسط ولكن فى السنوات الأخيرة تحول اهتمامها تجاه واشنطن وكيفية التغلغل داخل مؤسساتها. وقالت الكاتبة إنه بدلا من اللعب فى الخفاء طوال السنوات الماضية عن طريق أذرعهم داخل البيت الأبيض والإدارة الأمريكية وجميع المؤسسات الحيوية فى الولاياتالمتحدة إلا أنهم يظهرون على السطح وبشكل علنى فى المشهد السياسى الأمريكى وهو ما يتجلى فى تنظيم عدة مؤتمرات لقبول تبرعات لتلك المنظمات كما يفعل الإخوان فى كل دولة من حيث الاعتماد على التبرعات كنوع من أنواع الدعم المادى. وسردت الكاتبة عدة منظمات تابعة للإخوان داخل الولاياتالمتحدة فى كتابها ومنها «CAIR» و»MAS» التى وضعتهما الإمارات العربية ضمن قائمتها للمنظمات الإرهابية، فضلا عن جماعات الإخوان البارزة بما فى ذلك (ISNA) و(ICNA)، وقالت فى كتابها إن تلك الجماعات قامت بإطلاق وثيقة تفسيرية بشأن الهدف العام الاستراتيجية للإخوان فى أمريكا والتى تقول «يجب على الإخوان فهم أن عملهم فى أمريكا هو نوع من الجهاد الكبير فى القضاء وتدمير الحضارة الغربية من الداخل وتخريبها بأيديهم وأيدى المؤمنين». ورأت هينرز فى كتابها أن الولاياتالمتحدة تغض البصر عن الإخوان من جهة وتعمل على محاربة الجهاديين من جهة أخرى فى تناقض منقطع النظير، على الجبهة الداخلية، ولم تقم بإدراج الجماعة مثلا فى قائمتها للإرهاب، ولم تقم الإدارة الأمريكية حتى بالتحقيق مع منظمات مثل «كير» و«ماس» أو وضعها للمساءلة القانونية، وتحت مزيد من التدقيق، رغم أنه تم وضع منظمة «كير» من بين المتآمرين أثناء محاكمة إرهاب 2008 فى دالاس وذلك قبيل تولى أوباما الرئاسة وأكد مكتب التحقيقات الفيدرالى «FBI» أنها فرع من فروع جماعة الإخوان فى حين رفضت الوكالات الحكومية الاستخباراتية الأمريكية الأخرى مثل ال«CIA» أن تحذو حذو ال«FBI» وقد وصف الإف بى أى أيضا منظمة «ماس» بأنها ذراع جماعة الإخوان فى الولاياتالمتحدة حيث تم رصد نشاطات للمنظمتين مع عناصر لجماعة الإخوان المسلمين وتسهيل التعاملات بينها وبين المسئولين فى الولاياتالمتحدة. وتعجبت هينرز من سياسة إدارة اوباما حيال الجماعة سواء خارج أو داخل الولاياتالمتحدة وحتى بعد أن ربطت تقارير وزارة العدل الأمريكية منظمة كير بجماعة الإخوان وحماس وأكدت وثائقها أنه تربطها أيضا بعمليات غسيل أموال وتمرير الاتصالات الأمريكية مع الإرهابيين، وقالت إنه كان قرارا متعمدا من أوباما أن ترتفع مثل تلك الجماعات. وأوضحت هينرز فى كتابها أن الخطوة الأهم فى محاولة مكافحة تنظيم داعش الإرهابى، هى محاربة جماعة الإخوان من الأساس وأن على واشنطن أن تعلن رسميا الحرب عليها، مؤكدة أن هناك قلقا متزايدا حول احتمالات عمليات عنف فى الولاياتالمتحدة تم التخطيط لها داخل المساجد والمؤسسات التابعة للإخوان وتأتى هذه الخطوة لتؤكد استراتيجية الجماعة الحقيقية، وقد تم رفع سقف المخاوف بشأن المواليد الأمريكيين المجنسين الذين تم جرهم داخل الجماعات الإرهابية. يتزامن صدور الكتاب مع زيارة تعد هى الأولى من نوعها حيث قرر أوباما زيارة مسجد فى الولاياتالمتحدة غدا فى بالتيمور بولاية مريلاند من أجل الاحتفال بالمساهمات التى يقدمها مسلمو أمريكا والتأكيد على أهمية الحرية الدينية كأسلوب حياة، وسيلقى أوباما خطابا ربما يضاهى خطابه فى 2009 بالقاهرة فى بداية فترة ولايته الأولى، أوباما زار عدة مساجد خلال جولات خارجية له فى بعض الدول بالشرق الأوسط منها مصر وتركيا، إلا أنه لم يقم بذلك داخل الولاياتالمتحدة.