أسماء المرشحين بالنظام الفردي عن دوائر محافظة البحيرة بانتخابات مجلس النواب 2025    تشكيل لجنة لاختيار أفضل الكفاءات للعمل بالبوابة الإلكترونية لمحافظة الدقهلية    وزير الطيران الأسبق: افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون حدثًا يليق بتاريخ مصر    الطيران الحربي الإسرائيلي يجدد غاراته على جنوبي لبنان    غيابات الزمالك أمام ديكيداها في لقاء الإياب بالكونفدرالية    وزير الرياضة ومحافظ السويس يفتتحان مقر "اتحاد بشبابها"    ضبط 4 أطنان لحوم مجمدة مجهولة المصدر بالقليوبية    السياحة والآثار: نتوقع زيارة مليون سائح إيطالي إلى مصر هذا العام    نصائح مهمة لتجنب الإصابة بالتهاب أوتار الجسم    ورشة عمل ب«الأطباء» تحذر من التوسع العشوائي في إنشاء كليات الطب    إدخال 15 شاحنة وقود وغاز طبيعي إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم    جدول مباريات منتخب مصر في كأس أمم أفريقيا 2025    ما الدعاء الذي يفكّ الكرب ويُزيل الهم؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم بلغة الإشارة    المحكمة الإدارية العليا تؤيد استبعاد هيثم الحريرى من الترشح لمجلس النواب    انتخابات الأهلي - حازم هلال: من الخطأ الاعتقاد أن انتخابات النادي انتهت بالتزكية    مصطفى مدبولي يتابع الموقف المالي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وتعظيم إيراداتها    نظر ثانى جلسات تجديد حبس المتهم بدهس أب ونجله فى الشيخ زايد 5 نوفمبر    لقطات رومانسية تجمع حاتم صلاح وعروسه بعد كتب الكتاب.. صور    قافلة سكانية متكاملة بقرى مركز العريش    لجنة تطوير الإعلام الخاص تعقد أولى اجتماعاتها    انفجار داخل مصنع وسط روسيا يسقط 10 قتلى    «في الحركة حياة» ندوة وورشة عمل بمكتبة الإسكندرية    حنان مطاوع تكشف شعورها بعد ترشح فيلمها «هابي بيرث داي» ل الأوسكار    الزمالك يتقدم بشكوى ضد أسامة حسني للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    هل تأخير صلاة الفجر عن وقتها حرام؟| أمين الفتوى يجيب    ضبط 50 طن أعلاف منتهية الصلاحية بالغربية    نائب وزير الصحة يوجّه بإنشاء عيادات جديدة لخدمة أهالي وسط سيناء    معجنات الجبن والخضار.. وصفة مثالية لوجبة خفيفة تجمع بين الطعم وسهولة التحضير    الكشف على 1102 مواطن خلال قافلة طبية مجانية بأبو السحما بالبحيرة    عبد المنعم سعيد: الحزب الجمهوري يرفض إرسال جنود أمريكيين لمناطق نزاع جديدة    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    الشيخ خالد الجندي: الطعن فى السنة النبوية طعن في وحي الله لنبيه    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    محافظ سوهاج يتفقد فعاليات وأنشطة مبادرة " أنت الحياة " بقرية نيدة بأخميم    قرار جمهوري بضم السويدي والشريف لعضوية مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    مساعد وزير الخارجية المصري: الاتحاد الأوروبي أصبح شريكًا اقتصاديًا بمعنى الكلمة لمصر    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    موعد مباراة منتخب مصر للكرة النسائية وغانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    تعرف على أسعار الموبايلات بعد التوسع فى تصنيعها محليا    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    نقابة السجون الفرنسية تندد بوجود ضباط مسلحين لحراسة ساركوزي داخل السجن    من هو الشيخ صالح الفوزان مفتي السعودية الجديد؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء "الأسرة".. صور    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    تجدد القصف الإسرائيلي على خانيونس وغزة رغم وقف إطلاق النار    "معلومات الوزراء" يستعرض تقرير منظمة العمل الدولية حول تأثير الرقمنة على سوق العمل بالدول العربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرحيم علي يكتب: الطريق إلى 25 يناير (4).. الصاعدون فوق رُكام الفوضى
نشر في البوابة يوم 28 - 12 - 2015

«الإخوان» في «فراش الأمريكان» لتدمير المنطقة العربية
لا يمكن أن نبدأ حديثا عن 25 يناير وما حدث في مصر وعدد من الدول العربية بعد ذلك دون أن نتطرق إلى الحديث عن الأجندة الغربية تجاه الشرق الأوسط، والحديث هنا ليس حديثًا ثانويًا يمكن تجاهله أو تناوله بمعزل عما حدث ويحدث في المنطقة منذ سنوات، خاصة تلك التحولات والأحداث التي رسمت خرائط ما عرف ب«الربيع العربى»، فأمريكا ودول الغرب تعلن صراحة عن رغبتها في مزيد من التفتيت للأمة العربية في ضوء اعتبارين، الأول: يتعلق بإدراكها لقدرات الجيوش العربية وقوتها، ومدى الخطر الذي يحيط بإسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973 والموقف العربى الموحد إبانها.. خاصة قوة الجيش المصرى التي ظهرت بوضوح أثناء الحرب، والثانى: هو قيام الدول العربية بتوظيف سلاح النفط للضغط على أمريكا في موقفها تجاه إسرائيل، الأمر الذي مثل دافعًا مهمًا للسيطرة على تلك الثروات.
ولم يختلف الحال كثيرًا في المغرب التي سار فيها الحزب الإسلامى «العدالة والتنمية أيضًا»! على نفس المنوال، وبدا في موقعه من صفوف المعارضة أنه ليست لديه أي مشكلة بنيوية تجاه الغرب والأمريكان بصفة خاصة، ولم يتردد في التواصل مع المؤسسات الأمريكية المختلفة، وعلى رأسها سفيرها في الرباط الذي لا يرى الحزب حرجًا في استقباله ولقائه علنًا.
وإذا أضفنا لهذين النموذجين الإسلاميين المقبولين -في السلطة والمعارضة- نموذج الحزب الإسلامى العراقى الذي كان الحركة السنية الوحيدة التي قبلت بالمشاركة في مجلس الحكم الانتقالى الذي أسسه ورأسه بول بريمر ممثلًا عن سلطة الاحتلال الأمريكى، أمكن لنا أن نؤكد وجود مبررات قوية لأمريكا تدفعها لتغيير موقفها من الإسلاميين، بما يسمح لأن تجيب عن السؤال: هل تقبل أو تسمح بوصول الإسلاميين إلى السلطة في مصر والعالم العربى؟ لتقول: ولم لا؟
إن مأزق الأنظمة العربية أنها فقدت أهميتها لدى الأمريكان، ولم تعد فزاعة الإسلاميين التي كانت ترفعها ذات أهمية، ولم يعد هناك جدوى من تخويف الأمريكان بالنموذج الجزائرى أو من شرور الإسلاميين الذين ربما صاروا الحل الأمثل والرهان الذي يوشك أن يلعب عليه الأمريكان في المنطقة، وهو ما يمكن أن يبينه أي متابع لتقارير جهات بحثية مؤثرة في رؤية الإدارة الأمريكية، مثل مؤسسة «راند» أو «كريسس جروب»، فهى تكاد تشير صراحة إلى أهمية النظر بعين الاعتبار إلى مشاركة الإسلاميين في اللعبة السياسية.
وإذا كانت العقبة في ذلك هي موقف الإسلاميين من إسرائيل، فإننا هنا نميز بين موقفين للإسلاميين: الأول خاص بالحركات الإسلامية في البلاد البعيدة نسبيًا عن المشكلة مثل تركيا والمغرب، وسنلاحظ أن إسلاميى هذه البلاد ليست لديهم حساسية كبيرة تجاه المشكلة الإسرائيلية بما يضر بالسياسات الأمريكية أو يهددها، فهى لم تبنِ شعبيتها في الشارع السياسي على العداء لإسرائيل ولم تربط مشروعها -يومًا ما- بالقضاء على إسرائيل، وأقصى ما كانت تفعله هو التجاوب مع مشاعر الشارع السياسي والتعبير عنها.
ويمكن فهم هذا في ضوء الموقف الذي وقفته حكومة الإسلاميين الأتراك من إسرائيل، باستدعاء رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان للسفير التركى في «تل أبيب»، احتجاجًا على تصعيد إسرائيل لعمليات تصفية ناشطى الانتفاضة. برجماتية الإسلاميين الأتراك لم تتركنا طويلًا للتعجب، فقد وضح بما لا يدع مجالا للشك أن الموقف التركى ما هو إلا ورقة لم تكلفهم شيئًا في مقابل فوز مرشحهم، أكمل الدين إحسان أوغلو، بمنصب رئيس منظمة المؤتمر الإسلامى، فقد اكتسح الرجل انتخابات المنظمة التي أجريت بعد استدعاء أردوغان للسفير الإسرائيلى بيومين فقط، وهو ما تكرر لاحقًا في رسالة الرئيس المعزول مرسي في خطابه لشيمون بيريز «عزيزى وصديقى العظيم»، فما هي إلا مجرد عناوين تختبئ خلفها أقنعة زائفة (1).
أما الثانى، فهو موقف الإسلاميين في مصر وليبيا وغيرهما، فهو موقف يعتمد على إظهار العداء مع ممارسة عكس ذلك، من أجل الحصول على دعم شعبى واتخاذ صورة المدافع والمناضل عن حقوق الشعوب، من أجل اكتساب قاعدة جماهيرية، وفى سبيل الوصول للحكم، وهى ورقة يعرف الأمريكان جيدًا، كيف يلعبون بها.
العودة لخيار الإخوان
بدءًا من عام 2004، بدأ المحافظون الجدد في إدارة بوش الابن، استعادة حماستهم لتشكيل خريطة «الشرق الأوسط الكبير»، والتفكير الجاد في الاستعانة بالإخوان مجددًا، وهكذا حافظ تغيير الرئيس الأمريكى القابع في البيت الأبيض (من بوش إلى أوباما) على هدف واحد، وهو بناء «الشرق الأوسط الكبير» وهذا ليس مفاجئًا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أعضاء فريق السياسة الخارجية ل«بوش الابن» المسئولين عن سياسة التقارب مع الإخوان يمسكون بمناصب مهمة في إدارة أوباما (2).
ولهذا، قررت إدارة باراك أوباما أن الإخوان هم الذين يجب أن يحكموا في كل البلدان العربية بعد سقوط حكامها، ففى الواقع يفيد وجود الإخوان الراديكاليين مصالح واشنطن في جعل منطقة «الشرق الأوسط» أكثر حيوية، فنظام الحكم العسكري المصرى الذي ترأسه حسنى مبارك لا يفيد لتحقيق مثل ذلك الغرض، فقد بات «لينًا»، وكفّ عن أن يكون قوة إقليمية ضاربة رئيسية.
التحولات الدولية
عقب الحرب العالمية الثانية، وانتقال السيادة والزعامة للولايات المتحدة الأمريكية التي ورثت السيادة على دول النفوذ الإنجليزى، ومن بينها مصر وفلسطين والأردن ودول الخليج العربى، ظهرت ملامح الصراع العربى الإسرائيلى، وتكشفت بمرور الوقت محاولات دفع مصر إبان فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر، فيما عرف آنذاك بخطة «اصطياد الديك الرومى»، إلى معارك وبطولات وهمية، مما دفع القوات المسلحة المصرية إلى التورط في المستنقع اليمنى، وإفشال مشروع الوحدة مع سوريا، وكان من نتائجه نكسة عام 1967، وازدياد الضغط الأمريكى على كل من الأردن وفلسطين وباقى دول الخليج العربي، مع بوادر الظهور الأولى للثروات العربية، وارتباطًا بذلك، استمرت السياسات الغربية في زرع بذور الفتنة والخلاف بين مصر وباقى دول المنطقة إبان عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فضلًا عن تدخلها السافر في شئون تلك الدول، من خلال بث بذور الفتنة لإثارة النزاعات الطائفية والدينية والانفصالية بدول المنطقة.
وفى إطار ذلك المخطط «الصهيوأمريكى» انطلقت القوى الاستعمارية الجديدة لتنفيذ مخططاتها من خلال الضغط على الحكومات العربية والإسلامية واستقطابها في آن واحد وتشجيعها سرا على ممارسة الأنشطة الديكتاتورية، وقمع الحركات الإسلامية، فضلًا عن استقطابهم للعناصر الشبابية من تلك الدول من خلال أعمال استخباراتية، بعضها معلن كشبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، وبعضها غير معلن من خلال تجنيد العملاء من تلك الدول، في إطار معلن هو تعليم الأجيال والشباب ثقافة نشر الديمقراطية بدول المنطقة.
كما استمرت السياسات الغربية تجاه تفتيت عضد الدول العربية والإسلامية من خلال التخويف المستمر من النشاطات الإيرانية والمد الشيعى في الدول السنية، دونما اتخاذ أي إجراءات دولية ضد إيران، على الرغم من التصريحات الساخنة الإيرانية والأمريكية والإسرائيلية المتبادلة بينهما منذ أكثر من (15) عامًا.
وكان من أبرز ملامح النظام الدولى بعد الحرب العالمية الثانية وحتى انهيار الاتحاد السوفييتى، تعاظم الدور الأمريكى الغربى في العالم أجمع، وبصفة خاصة بمنطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد انهيار الاتحاد السوفييتى ودول الكتلة الشرقية في مطلع التسعينيات.
قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه الميزانيات التي كانت مخصصة لتفكيك الاتحاد السوفييتى إلى تمويل المنظمات والمؤسسات العلمانية بمنطقة الشرق الأوسط، في إطار محاصرة التيار الإسلامى المتنامى من خلال نشر ثقافة منظمات المجتمع المدنى ومراكز حقوق الإنسان، من خلال تعظيم الأدوار الحقوقية والقانونية للأمم المتحدة بالتواطؤ مع النظام الأمريكى.
قصور دور المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) وخضوعها للنفوذ الأمريكى والغربى
تصاعدت الأدوار الغربية بشكل عام، وبصفة خاصة الدور الألمانى في ظل تولى الحزب المسيحى مقاليد الحكم بدولة ألمانيا (وهو ما يفسر التقارب الأمريكى الألمانى خلال السنوات الأخيرة ووجود عدد كبير من منظمات المجتمع المدنى الألمانية في مصر كمنظمة فريد رتش ناومن، ومنظمة فريد رتش أبر).
قيام الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام أطرافها في المنطقة والمتمثلة في دول (قطر - إيران - إسرائيل) والمؤسسات والعناصر الموالية لها.
وتخفيفًا للأعباء التي وضعت على كاهل الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تم تفعيل آليات مختلفة لمواجهة التحديات في الشرق الأوسط، خاصة بعد التطورات الطبيعية في النظام العالمى الجديد الذي يتجه حاليًا إلى التعددية، ويلغى فكرة الأحادية، ومن هذه التطورات:
عودة العافية لروسيا الاتحادية بعد معاناة سنوات التفكيك، ومحاولاتها احتلال موقع الاتحاد السوفييتى القديم، واستعادة قوتها وارتباطاتها بالعديد من الدول في مناطق إستراتيجية على مستوى العالم، منها الشرق الأوسط، وربما تكون مساندة روسيا للنظام السورى في مواجهة قوى المعارضة في هذا البلد الذي يمثل منطقة مهمة في الشرق الأوسط، هذا إلى جانب مساندة روسيا للبرنامج النووى الإيرانى، والوقوف سياسيًا ضد توجهات الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على المنطقة، كذلك فإن معارضة روسيا لتدخل حلف شمال الأطلنطى إبان الثورة الليبية دليل على عدم ترك أمور المنطقة للغرب، بل إن سياسة روسيا الحالية هي إحداث توازن عسكري، لإيقاف التغلغل الأمريكى في العالم.
صعود القوى الناشئة بفاعليتها على مستوى العالم ومحاولاتها الوجود في مناطق إستراتيجية مهمة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وأهم هذه القوى الصين التي تحقق أكبر مستوى تنمية على مستوى العالم، كما تتجه إلى تحديث قدراتها العسكرية من خلال تكنولوجيا متقدمة في نفس الوقت، ومن خلال القوة الناعمة تمكنت من ربط المصالح الصينية مع قطاعات واسعة في أفريقيا وآسيا، من خلال الاستثمارات الاقتصادية الكبيرة، وفى هذا المجال أيضًا تأتى الهند والبرازيل وتركيا وغيرها كقوى ناشئة تحاول توسيع مجالات نفوذها في العالم، وبما يتطلب رسم سياسات جديدة للنظام العالمى الجديد، بدأته الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل بالتوجه باستراتيجيتها العسكرية نحو بناء قدرات متفوقة في جنوب شرق آسيا والمحيط الهندى، على أن تعتمد في استمرار السيطرة على الشرق الأوسط من خلال حلف شمال الأطلنطى كقوة سياسية عسكرية يلعب فيها الاتحاد الأوروبي دورًا رئيسيًا، كذلك على إسرائيل كقوة ردع تنفذ تعليمات الولايات المتحدة الأمريكية، والمحاربة بالوكالة عنها.
إذن، كل الشواهد تدل على أن منطقة الشرق الأوسط ستعود إلى ما كانت عليه إبان مرحلة الحرب الباردة، تلعب فيها الاستقطابات دورًا رئيسيًا، ويبحث كل طرف قديم أو جديد على مصالحه الذاتية التي تحقق له استراتيجياته، وأهم إستراتيجيات الولايات المتحدة في المنطقة هي: أمن إسرائيل، تدفق البترول، أمن قناة السويس وارتباط القوى الرئيسية في المنطقة بها.
في المقابل، فما يعنى وروسيا الاتحادية في المنطقة هو الوجود بالقدر الذي يؤثر على مصالح الولايات المتحدة، وترنو إلى أن تعود العلاقات القديمة على نمط الاتحاد السوفييتى القديم، بما يجعل مصر مفتاحًا لوجودها في شرق المتوسط، بينما الصين كقوة صاعدة تهدف إلى المنافسة الحقيقية والانتشار في عالم يسوده صراع القوى، وهى تعلم أن أفريقيا هي قارة المستقبل بإمكانياتها والطفرات التي تسود شعوب القارة، وبما يحقق للصين مستقبلًا زاهرًا في تحقيق مصالحها في القارة، واقتسام المصالح مع القوى الأخرى، أما الدول الأوروبية -دول الاستعمار القديم- فهى تسعى بدورها لتثبيت أقدامها في المنطقة فرادى أو من خلال المؤسسة الجامعة، وهى الاتحاد الأوروبي.
حرب الشرق الأوسط
هنا يأتى السؤال المهم، أين نحن سائرون؟ والإجابة يضعها المفكر الأمريكى «والتر هيبمان»، أمام أعيننا، حين يقول: «إن الدولة تكون آمنة عندما لا تتنازل عن حقوقها من أجل تفادى الصراع، بل إنها يجب أن تلوح بالحرب عندما تتفاوض من أجل تحقيق مصالحها»، وهذا هو مختصر ما يجب أن تسير عليه إستراتيجيات دول المنطقة إذا أرادت لنفسها تأكيد مكانها ومكانتها على خريطة العالم، وربما تكون ثورات الربيع العربى وما أفرزته من قيم ومتغيرات حادة عاملًا رئيسيًا يقود السياسات إلى أن تجد لنفسها المكان المناسب، حيث إن دول الشرق الأوسط لها تاريخها وحضارتها وتعتبر الحضارة المصرية والبابلية والأشورية والفينيقية التي ظهرت على أرض هذه المنطقة هي أقدم الحضارات التي علمت العالم، ويجب أن تعود مرة أخرى لكى تكون المنطقة منطقة إشعاع حضارى مرة أخرى، بما تمتلكه من إمكانيات كبيرة، وهو ما يتطلب بناء القوة الذاتية لكل دولة من دول المنطقة، مع إيجاد صيغة لتجمع إقليمى حاشد، يضم هذه الدول التي تعد مساحتها أكبر من مساحة أوروبا نفسها، في نفس السياق، فإن بناء القوة يحتاج إلى إستراتيجيات مدروسة تخالف تمامًا ما تسير عليه المنطقة حاليًا، خاصة في المجالين الاقتصادى والاجتماعى، بحيث تكون التنمية وامتلاك التكنولوجيا وبناء الاقتصاديات القوية هي الوازع الرئيسى في إستراتيجيات الشرق الأوسط وحتى تقاوم كل ما يقال عن إستراتيجيات الغرب في تفتيت دول هذه المنطقة أو تغيير أيديولوجيتها، لذا، فإن مصر لا بد أن تسارع في العمل لاستعادة قدراتها، حيث إنها القائد الفعلي لمنطقة الشرق الأوسط في نظام جديد مشرف على الأبواب، وهو نظام متعدد القوى، ولو اختلفت قدراتها، ولكنه سوق له استراتيجياته وآلياته التي يجب أن نكون مستعدين لها من الآن.
على الجانب الآخر، بات واضحًا أن جزءًا من النخبة السياسية للولايات المتحدة يسعى لدفع «الشرق الأوسط» للسقوط في حرب واسعة النطاق طويلة الأمد في زمن الأزمة الاقتصادية العالمية... والهدف هو حل مشكلاتها الخاصة، وتحويل اهتمام الرأى العام في الغرب بعيدًا عن مشكلة انخفاض مستوى المعيشة ونوعية الحياة، لأنه بات من المستحيل المحافظة على «مجتمع الاستهلاك» بحالته السابقة بعد الآن.
إن حربًا طويلة الأمد في الشرق الأوسط يمكن أن تعطى دفعة لازدهار الصناعة العسكرية للولايات المتحدة، وعندها يمكن لشركات الأسلحة الأمريكية التي تمارس تقليديًا تأثيرًا كبيرًا على واشنطن، أن تبيع الأسلحة للمتحاربين، وبدورها يمكن لحكومة الولايات المتحدة أن تصبح وسيطًا في محادثات السلام التي تقوى مواقفها في المنطقة.
وبذلك، فإن مجيء الإخوان للسلطة في مصر سيؤدى إلى قلبها ضد روسيا والصين والقوقاز الشمالى، وما وراء القوقاز، وآسيا الوسطى، ومقاطعة شينجيانغ (اليوغور) الصينية المستقلة سوف تصبح كلها أهدافًا للإسلاميين الراديكاليين.
إن إضعاف الصين هو الأولوية الأولى للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في المستقبل القريب، وأى وسائل يمكن تبنيها لتحقيق الهدف، ولسوف تركز الجهود الأساسية على مد وجود الولايات المتحدة إلى منطقة آسيا- المحيط الهادى، ولهذا ستقوم الولايات المتحدة بالانسحاب تدريجيًا من «الشرق الأوسط»، لكن الدوائر الحاكمة في الولايات المتحدة لا تريد أن تتركه وحده، خوفًا من أن تقوم الصين التي تكثف جهودها لتعزيز نفوذها في المنطقة من ملء الفراغ بسرعة، وإذا كان هدف الولايات المتحدة الأمريكية هو ملء فراغ النفوذ السياسي على المستوى الإقليمى، فليست ثمة أداة أفضل من الإخوان لتنفيذ مُخططات الولايات المتحدة لخلق «شرق أوسط كبير» (3).
هوامش
(1) (حسام تمام، هل تقبل أمريكا فعلا بالإسلاميين؟ 12/04/2005، موقع أون إسلام)
http://www.onislam.net/arabic/newsanalysis/analysis-opinions/rowak-alafkar/84089-2005-04-12٪2000-00-00.html
(2) (خريطة الشرق الأوسط الجديدة.. ماذا تعني؟ هل نضجت الطبخة؟ العمانية)
HYPERLINK «http://www.alomaniyah.com/print.cfm?id=24785» http://www.alomaniyah.com/print.cfm?id=24785
(3) (إيغور إيغاتشنكو، د. إبراهيم علوش «ترجمة»، الصراع المميت في أرض الفراعنة، شبكة البصرة)
انظر أيضًا: إيهاب شوقى، الشرق الأوسط الجديد بين الإشاعة والحقيقة وواقعية التنفيذ، شبكة الأخبار العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.