اختارت الدكتورة لميس جابر الكاتبة الروائية التى تسبح عكس التيار، سواء فى أعمالها أو فى تصريحاتها الإعلامية، وهى لا تعبأ بتعليقات الغاضبين، منذ أن كتبت مسلسل «الملك فاروق» الذى اعتبره الكثيرون انتصارا للحقبة الملكية وانتقاصا من قدر ثورة يوليو. تصريحات «لميس» فى هذا الحوار قد تكون صادمة للكثيرين ولا تقل فى حدتها عن مواقفها السابقة، فهى ترى أنه لم يكن هناك عزوف بالشكل الكبير الذى ضخمه الإعلام فى الانتخابات البرلمانية مؤكدة أن الناس خرجت للتصويت تلبية لدعوة الرئيس السيسى، مطالبة اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية بإلغاء تصويت المصريين بالخارج وأصوات الناخبين الذين لا يجيدون القراءة أو الكتابة وإعادة فتح لجان المغتربين أمام المغتربين بين المحافظات. ونفت خلال حوارها ل«البوابة»، انخفاض شعبية الرئيس السيسى مشيرة إلى أن توجيه الانتقادات له بشكل كبير وتحميله مسئولية الأخطاء التى يقع فيها بعض المسئولين هى ما أوهمت البعض بهذا الأمر، موضحة أن استخدام المال السياسى بالعملية الانتخابية كان متوقعا. الإقبال على التصويت فى انتخابات مجلس النواب «جيد جدًا».. والناس خرجت تلبية لدعوة «السيسى» البرلمان المقبل لن يمثل أى خطر على «سلطات الرئيس».. ولست نادمة على الانسحاب من «حب مصر».. والشعب أسقط «النور» ■ من خلال متابعتك للشأن السياسى ما ملاحظاتك على الانتخابات فى ضوء الحديث عن عزوف الناخبين خلال المرحلة الأولي؟ - أرى أن الإقبال كان جيدا جدا، ولم تكن نسبة المشاركة فى أى من الانتخابات البرلمانية السابقة أكثر من هذا، وأحب أن أوضح نقطه مهمة جدا لكل من يدعى أن هناك عزوفا عن التصويت أن مرحلة الإعادة شهدت إقبالا كثيفا خاصة فى الأماكن التى شهدت عصبية قبلية بين العائلات فى العديد من الأقاليم، حيث تخطت نسبة الإقبال ال40٪، والناس خرجت للتصويت فى الانتخابات البرلمانية حبا فى الرئيس السيسى. ■ ما سبب الحديث عن وجود عزوف كبير مقارنة بنسبة الإقبال على الدستور أو الانتخابات الرئاسية؟ - هذا جهل، فلا يجوز مقارنة نسبة الإقبال فى الانتخابات البرلمانية بالدستور أو الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى أن عدد اللجان زاد وهو أمر منع تكدس المواطنين أمام اللجان، وهو أمر لم ينتبه إليه المدعون بوجود عزوف على الانتخابات، وقياساً على ما قبل 25 يناير، فإن نسبة المشاركة فى البرلمان لم تتجاوز 30٪، وبالتالى الحديث عن ضعف المشاركة غير حقيقى. ■ كيف ترين حصد عدد من الأحزاب لعدد من مقاعد البرلمان خلال الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية؟ - كلها أحزاب ضعيفة لن ولم تستطيع حصد الأغلبية فى البرلمان المقبل فعلى سبيل المثال نجيب ساويرس الذى كان يردد أن حزبه «المصريين الأحرار» سيحصد غالبية مقاعد البرلمان وأنا أسأله: إزاى يعني؟ وكمان ليه تصريح مستفز بأن ثورة 25 يناير تخلصت من الحكم الديكتاتورى وأنا بقوله إن الحكم ده أنت أصبحت بفضله من أكبر رجال الأعمال فى مصر. ■ كيف ترين تصريحاته الأخيرة؟ - يحاول أن يلعب سياسة، لكنه فاشل، وبالمقاعد التى حصدها حزبه لن يستطيع أن يمثل أى خطر على الحياة السياسية بمصر. ■ كيف ترين استخدام بعض المرشحين للمال السياسى خلال إجراء الانتخابات البرلمانية؟ - نحن نعيش ديمقراطية بهذا الشكل منذ عام 1952، والأمثلة بسيطة وموجودة واستخدام المال السياسى كان متوقعا ولن تتغير ديمقراطية المال السياسى أبدا فى مصر، إلا فى حالة واحدة وهى إلغاء ناخبين ومرشحين على طريقة «الجردل والكنكة». ■ ماذا تعنين بمرشحى «الجردل والكنكة»؟ - أقصد أن هناك من يترشح ويستغل الناس بالزيت والسكر، كما فعل الإخوان، وهناك أيضا من ينتفع بهم من الناخبين الذين لا يجيدون القراءة والكتابة، وكل ما أطلبه من اللجنة العليا للانتخابات هو إلغاء جميع أصوات الناخبين الذين لا يجيدون القراءة والكتابة. ■ لكن البعض سيعتبر أن هذا الأمر من الديكتاتورية خاصة بعد قيام ثورتى 25 يناير و30 يونيو؟ - نعم، وأتوقع هجوما شديدا، ولكن هل كل ما يحدث من الديمقراطية فى شيء؟ قبل ثورة 1952 لم يكن التصويت متاحا للجميع، لكن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر هو من جعل الانتخاب حقا للجميع، ولم يراع الأميين، فعلى سبيل المثال الإخوان نجحوا فى برلمان 2012 بالزيت والسكر والأموال واستكمال بناء البيوت، فالإخوان ضحكوا على عدد من الأميين وأوهموهم أن الفريق أحمد شفيق كان رمز الميزان. ■ كنت ضمن المؤسسين ومن المرشحين بقائمة فى حب مصر ثم تراجعت عن الترشح فما السبب؟ - فعلا كنت من مؤسسيها وكان الدكتور كمال الجنزورى هو أول من دشنها وضمنى إلى القائمة بعد إلحاح شديد منه إلى أن تركها بعد توجيه الأحزاب انتقادات كثيرة له، إلى أن تسلمها اللواء سامح سيف اليزل فقررت أن أبتعد عنها لأنى ببساطة لا أحب السلطة ولا أحب أن أكون قريبة منها، وأحسست أنى سأكون مقيدة بضوابط ومبادئ القائمة. ■ هل ندمت على الانسحاب بعد فوز «فى حب مصر»؟ - لم أندم أبدا على انسحابى من القائمة بل بالعكس أنا أشجعها من بعيد، وأتمنى له التوفيق فهى تضم أسماء ورموز وطنية محترمة. ■ هل تتوقعين نجاح مرشحى القائمة داخل البرلمان؟ - نعم سينجحون جدا، فهم وطنيون مخلصون وسينجحون داخل البرلمان. ■ ما رأيك فى التخوف من قائمة «فى حب مصر» باعتبارها تضم نوابا كانوا أعضاء فى الحزب الوطنى المنحل؟ - أولا، إن كنت تريد أن تقصى فصيلا سياسيا كبيرا بعد قيام ثورة فأنت لا تعرف عن الديمقراطية شيئا، لأن هذا الإقصاء من الأمور الديكتاتورية. ■ لكن هذا ما حدث مع الإخوان بعد ثورة 30 يوينو؟ - لا تستطيع أن تقارن بين 25 يناير و30 يونيو، فالأخيرة ثورة عظيمة خرج لها الملايين من الشعب لطرد الاحتلال الإخوانى لمصر بعد ثورتهم التى قاموا بها فى 25 يناير، والتى كانت نكبة على مصر، فهناك فرق كبير بين نظام مبارك ونظام الإخوان، و30 يونيو هى الثورة الشعبية الحقيقية التى قامت بعد ثورة 1919. ■ وما الفرق بين النظامين؟ - مبارك رجل وطنى مخلص حارب من أجل البلد، وشارك فى حرب أكتوبر العظيمة، لكن المعزول وجماعته كانوا خونة واحتلالا ابتُليت به مصر، ولن تستطيع أن تقصى أعضاء الوطنى لما لهم من شعبية كبيرة بين أبناء دوائرهم بدليل ضم الأحزاب لعدد كبير منهم. ■ صرحتِ أنك لن تنتخبى إلا نواب الوطنى فما سبب هذا؟ - لم أقل هذا، بل قلت أتمنى أن يفوز أعضاء الوطنى فى تلك الانتخابات فهناك أحزاب كثيرة ضمت أعضاء الوطنى على رأسهم نجيب ساويرس الذى يدعى الثورجية ويمتدح فى 25 يناير ويهاجم نظام مبارك، والذى كان نواب الوطنى جزءا منه، وهو معترف بهذا. ■ كنتِ من أوائل المطالبين بتعديل الدستور لماذا؟ - نعم، بل أطالب البرلمان المقبل بأن يلغيه ويعيد دستور 71، وهناك مواد بعيدا عن صلاحيات الرئيس والبرلمان قد تتسبب فى ضياع الحياة السياسية، فعلى سبيل المثال هناك مادة تنص على أن الحزب الذى يحصل على أغلبية البرلمان يشكل الحكومة، والسؤال هنا لمن وضع تلك المادة هل هو متخيل أن هناك حزبا مصريا قادرا على حصد أغلبية مقاعد البرلمان؟ لقد تم وضع تلك المادة دون أن يكون هناك رؤية لتطبيقها، وكل من أطلق لفظ عبيد على المطالبين بتعديل الدستور أرد عليه وأقول له كلنا عبيد، فهم عبيد لثورة الإخوان فى 25 يناير ونحن عبيد ل30 يونيو. ■ وماذا تتوقعين للبرلمان المقبل تجاه الحكومة؟ - البرلمان المقبل لن يكون هناك تخوف منه، ولن يمثل أى خطر على سلطات الرئيس بل سيكون برلمانا مطيعا ولن يشكل حكومة وسيوافق على استمرار الحكومة الحالية. ■ أفهم من كلامك أن الأحزاب لن يكون لها دور فى البرلمان المرتقب ولن يكون لأى حزب أغلبية؟ - نعم لن يكون لأى حزب دور فعال داخل البرلمان، وأمامنا عشرات السنين لتكون الأحزاب السياسية بمصر قوية حتى تستطيع أن تمارس سياسة حقيقية بمصر، وأتوقع نجاح حزب مستقبل وطن خلال الفترة المقبلة، فهو حزب لديه طموح ولكنه لا يملك مقومات. ■ كيف ترين أداء الحكومة خلال الفترة الماضية؟ وكيف ترين مقارنتها بحكومة المهندس إبراهيم محلب؟ - لا نستطيع أن نقيم أداء الحكومة الحالية، لأنها لم يمر على تشكيلها سوى شهر وبضعة أيام، أما تقييمى لحكومة المهندس إبراهيم محلب فأرى أن أداءها كان جيدا جدا، لكنه كان لا يملك رؤية سياسية، فحركة المحافظين التى أجراها قبل تركه رئاسة الحكومة كانت شديدة السوء، فجاء فيها بمحافظ أمريكى ليتولى أمر محافظة كبيرة كمحافظة الإسكندرية، لكن أسوأ شيء فعلته الحكومة الحالية هو زيادة أسعار الكهرباء قبل الانتخابات البرلمانية بأيام قليلة، وكانت هى أيضا من أسباب عزوف بعض الناس عن المشاركة فى الانتخابات البرلمانية، وأيضا تعويم الجنيه قبل الانتخابات البرلمانية، ولكن بعض التجاوزات التى ارتكبها أمناء الشرطة أساء لوزارة الداخلية والحكومة، فهؤلاء هم من شوهوا سمعة الداخلية. ■ ما تعليقك على فشل حزب النور فى الانتخابات البرلمانية؟ - كنت متخوفة جدا من فوز النور فى الانتخابات، ولكن بعد ظهور النتيجة النهائية للانتخابات بالجولة أيقنت أن الشعب المصرى أصبح شعبا واعيا.