بدأ انعقاد الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في مقر الأممالمتحدة، بنيويورك، في الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 15 سبتمبر من الشهر الجارى وسط توقعات بأن تتحول هذه الدورة بسرعة غير مسبوقة إلى أكثر دورة أمم متحدة مشحونة بالأزمات المتفاقمة والقضايا العالقة. ومن المتوقع أن تتضمن أجندة الدورة الجديدة 170 موضوعا، بما في ذلك قضايا الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، والحيلولة دون اندلاع نزاعات مسلحة، والتصدى للإرهاب والتمييز العنصرى، وحماية البيئة، والمساهمة في التنمية المستدامة، وضمان نظام منع الانتشار النووى وحماية حقوق الإنسان وضمان سيادة القانون. وفى 15 يونيو الماضى، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بانتخاب «موغنز ليكيتوفت» من الدانمرك رئيسًا لدورتها السبعين، التي تمتد من سبتمبر 2015 إلى سبتمبر 2016. وكان السيد «ليكيتوفت» وقت انتخابه، رئيسا للبرلمان الدانماركي، وهو المنصب الذي يشغله منذ عام 2011. ومن المقرر أن يلتقى رؤساء أكثر من 160 دولة بمشاركة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، والتي يحضرها بعد غياب دام 10 أعوام، حيث سينتهز الدب الروسى هذا الحدث العالمى للدفع بسياسته مقابل التراخى من نظيره الأمريكى حيال قضايا الشرق الأوسط الساخنة، خاصة أن هناك ضغوطا داخلية تحد من قدرة الأممالمتحدة على أداء مهامها، وعلى رأسها التشبث العنيد للقضايا التي عفا عليها الزمن مثل التحيز ضد إسرائيل. الدورة ال70 ستتحول إلى مسرح لمعركة خطابية حارقة يتنافس فيها رؤساء الدول الكبرى في العالم، من الرئيس الأمريكى باراك أوباما ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، والرئيس الصينى «شى جين بينج»، والرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الإيرانى حسن روحانى، وسط العديد من الصراعات الدائرة في المجتمع الدولى، التي تتمحور في معظمها حول الحرب على الإرهاب، والوضع في سوريا والعراق واليمن وليبيا، والتي تتبنى الكثير من القوى العالمية وجهات نظر حيال تلك القضايا، وعلى رأسها وجهة النظر الأمريكية والروسية والمصرية. الأولويات الروسية التي يطرحها بوتين ستتجه عيون وآذان العالم نحو الرئيس الروسى، حيث كانت الأممالمتحدة خلال ال70 عاما الماضية في عيون موسكو هي معقل العدو وأداة للدول الغربية، وسيتخذ الكرملين الجمعية العامة كمنصة انطلاق جيدة لنشر نفوذه بين الدول، إذ يكرس بوتين خطابه على مبادرته لحل الأزمة السورية ومواجهة الإرهاب، داعيا إلى ضرورة توحيد جميع الأطراف لمكافحة تنظيم داعش الإرهابى في سوريا، تحضيرا للاتفاق السياسي لحل الأزمة، ثم الدخول في الحل السلمى، وذلك على المستوى الخارجى، حيث يدعو القوى الإقليمية والدولية المؤثرة للضغط على الجماعات الإرهابية الأخرى مثل جبهة النصرة من أجل القبول بالحل السياسي، ثم توحيد الجهود الإقليمية والدولية لوقف تمويل المجموعات المسلحة، ومنع عبور الإرهابيين أو الأسلحة عبر حدود الدول المجاورة لسوريا. وتأتى القمة ال70 للأمم المتحدة في الوقت التي تتقارب فيه أوجه النظر الأمريكية والروسية على خلفية الحرب على داعش في سوريا، ومن المتوقع أن تعقد قمة أمريكية روسية في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. الأولوية الفلسطينية ومن جانب آخر، يلقى الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن خطابا في الأممالمتحدة، بعد جولة خارجية لروسيا وفرنسا للحشد لدعم القضية الفلسطينية أثناء القمة، يدعو فيه المجتمع الدولى للعمل على وقف الاعتداءات الإسرائيلية الخطيرة في القدسالمحتلة ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية، فضلا عن مناقشة توقف عملية السلام الذي تتحمل حكومة إسرائيل مسؤوليته كاملة والممارسات والجرائم الإسرائيلية، وأبرزها الاستيطان. الأولوية الإيرانية كشفت وكالة مهر الإيرانية أن الرئيس حسن روحانى يلقى خطابا فضلا عن عقد لقاءات مع رؤساء دول ومسئولين من بلدان أخرى، ويلتقى أيضا الإيرانيين الذين يعيشون في الولاياتالمتحدة، وتعد تلك الزيارة هي الثالثة لروحانى منذ توليه السلطة في أغسطس عام 2013، ويبقى لقاؤه بالرئيس الأمريكى باراك أوباما مرهونا بأجندة وجدول أوباما خلال أيام القمة. وتأتى تلك الزيارة وسط تصريحات روحانى لشبكة «سى بى إس» الأمريكية التي يتراجع فيها عن النبرة العدوانية لطهران، حيث حاول طمأنة الشعب الأمريكى من أن الهتاف الشهير الذي يقول «الموت لأمريكا» ليس مقصودا حرفيا، ولا يؤخذ بشكل شخصي، وأنه يعد رد فعل فقط على سياسة واشنطن السابقة وقراراتها التي تؤدى إلى الإضرار بالمصالح الإيرانية، مؤكدا أن الإيرانيين يحترمون الأمريكيين، وفى نبرة تراجع أضاف روحانى أن طهران لا تبحث عن حرب مع أي دولة، ولكن في الوقت نفسه، كانت سياسات الولاياتالمتحدة ضد المصالح الوطنية للشعب الإيراني، مضيفا أن طهرانوواشنطن اتخذتا الخطوات الأولى نحو خفض عداوتهما بسبب اتفاق نووى تاريخي، ولكن ما زال انعدام الثقة بين الجانبين موجودا. وجود روحانى في أمريكا سيطرح من جديد قضية تبادل الأسرى بين الولاياتالمتحدةوإيران من جديد، وستكون على رأس الملفات على هامش القمة، حيث تحتجز طهران العديد من الأمريكيين، وفى نفس الوقت أعرب مسئولون إيرانيون أنهم يريدون الحرية للإيرانيين المحتجزين في الولاياتالمتحدة بتهمة التحايل على العقوبات الأمريكية على طهران. الصراع السورى أيضا يأخذ حيزا كبيرا بين الطرفين الإيرانى والأمريكى أثناء تواجد روحانى في نيويورك، حيث يتمسك روحانى ببقاء الأسد في السلطة على الأقل حتى يتم القضاء على تنظيم داعش في سوريا. وتأتى الزيارة قبل انتهاء المهلة المحددة في 15 أكتوبر المقبل لجمع المعلومات عن أنشطة إيران لصنع أسلحة نووية، ومن المقرر أن يتم التقييم النهائى للأمم المتحدة في ديسمبر المقبل الذي يساعد على تحديد ما إذا كان سيتم رفع العقوبات على إيران أم لا. أولويات الولاياتالمتحدة أولويات واشنطن خلال الجمعية العامة تتركز في تسيير الصفقة النووية الإيرانية، وتغير المناخ، وتمويل التنمية، وجدول أعمال التنمية بعد عام 2015، والأزمة المتعاظمة للاجئين، ويتركز خطاب أوباما على أربعة أهداف رئيسية هي تأمين وتجديد الالتزام بوجود حفظ السلام للأمم المتحدة، وإشراك مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة في مكافحة داعش والتطرف العنيف، وتحقيق أهداف على المناخ والتنمية المستدامة حتى عام 2030 بما في ذلك القضاء على الفقر المدقع، ودور النساء والفتيات، والنمو الاقتصادى الشامل. الأولويات المصرية ووفقا لموقع روسيا اليوم، فإن السيسى يلقى كلمة مصر في الجلسة الافتتاحية، ويلتقى ببوتين على هامش القمة بالإضافة للعديد من رؤساء العالم، وقد تم التجهيز مسبقا عن طريق مباحثات دولية وإقليمية للتركيز على أهم القضايا العربية والإسلامية التي تؤثر على المنطقة وأهمها الحرب على الإرهاب وتنظيم داعش الذي يتوغل في سوريا والعراق ويطال سيناء، ويناقش السيسى الاتفاق النووى بين الغرب وإيران وخطورة المضى فيه ونتائجه السلبية على الشرق الأوسط. وأكد التقرير أن السيسى ينادى مجددا، ويدعو العالم للتحالف ضد الإرهاب، والعمل بشكل فاعل لوقف توغل الجماعات الإرهابية بالمنطقة، فضلا عن أن هناك خطوات جديدة لحل الأزمة السورية ستناقش للمرة الأولى، حيث يطالب السيسى بالحل السياسي للحفاظ على الشعب السورى وكيان الدولة، والعمل على وحدتها ومنعها من الانهيار. ومن أهم الملفات التي يطرحها السيسى الوضع في ليبيا واليمن والطرق الأمنية والسياسية التي يتبناها لدعم الجيش الليبى والشرعية اليمنية وذلك للقضاء على الإرهاب على أراضيهم والعمل على منع انتشار المزيد من الجماعات الإرهابية فيهم أو على الدول المجاورة. تأتى القضية الفلسطينية على رأس أجندة السيسى، حيث يطرح من جديد حلا عادلا لمصير الشعب الفلسطينى، خاصة بعد التعديات وتدنيس المسجد الأقصى الأسبوعين الماضيين من الكيان الصهيونى، مطالبا المجتمع الدولى ببذل مزيد من الجهود لوقف العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطيني.