في الذكرى الرابعة والثلاثين على رحيل الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، تفتح "البوابة نيوز"، اليوم، الملف الشائك حول علاقة المثقف بالسلطة، وازدواجية المعايير التي قد تصيب الكاتب أو الشاعر وأحيانًا يتخلى عن مواقفه نتيجة لضغوط تمارسها السلطة عليه، فهل كان عبدالصبور مسالمًا يتخذ موقفًا في إبداعه ويكون على نقيضه في الحياة العامة. الأمور ملتبسة، ولهذا أجرت "البوابة نيوز" تحقيقًا صحفيًا حول أزمة مشاركة إسرائيل في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1981 لأول وآخر مرة إبان حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكانت الهيئة العامة للكتاب حينها تحت رئاسة الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، والذي واجه انتقادات لاذعة تسبب في النهاية بأزمة قلبية اودت بحياته. وفي هذا السياق أوضح الدكتور شاكر عبدالحميد الوزير الأسبق لوزارة الثقافة، أنه يتبنى مقولة إدوارد سعيد "أن المثقف يجب أن يكون على يسار السلطة حتى يكون حرًا"، ولكن هناك الكثير من المثقفين من ذوي اتجاهات مزدوجة – إلا من رحم ربي -، يعارضون الدولة في العلن وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنهم سرًا يتوددون إليها بطبع أعمالهم الكاملة، والحصول على جوائزها، موضحًا أن تلك الازدواجية مزعجة جدًا له، مؤكدًا أنه كان في صف السلطة في الماضي حين كان يتولى منصب وزير الثقافة. وأَضاف الشاعر الكبير محمد كشيك في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز"، أن صلاح عبد الصبور لم يكن ضد السلطة، ولكن علاقته بها ضعيفة، وان المعرفة الحقيقة ل"صلاح عبد الصبور"، تكون من أشعاره، فهي طلقة قوية ضد الفساد والطغيان، وكان يأخذ في شعره موقفا متعارضا مع السلطة، لكنه كان يستفيد منها. أما الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة أضاف أن الاتهامات التي نالت من صلاح عبد الصبور باطله، لأن عبد الصبور لم يتنازل عن مبادئه، وخدم الحياة الأدبية والثقافية من خلال منصبه في الهيئة العامة للكتاب، مؤكدًا أن الذين يروجون لمثل هذه الأفكار المغلوطة حول الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور في قلوبهم مرض، وللأسف هم أكثر من أساءوا إلى صلاح عبد الصبور رغم أنه احسن اليهم كثيرًا. وأكد أبو سنة، أنه كان قريبًا من الراحل لسنوات طويلة، يعرف نبله وشجاعته وتمسكه بمبادئه، وانه سوف يظل حي في ذكراه وفي اشعاره. وأكد الكاتب الكبير ناصر عراق أن صلاح عبد الصبور كان يمثل الاتجاه الثوري في الابداع، لكنه موظفا كبيرا في الدولة المصرية في عهد السادات، فهو لم يعارض السادات مطلقا رغم أن كثيرا من المثقفين والمبدعين عارضوه ووقفوا ضد سياساته التي انقلبت على سياسات عبد الناصر، والكل يذكر كيف طرد السادات الصحفيين واساتذة الجامعة واغلق صحفا وقفت ضده. ومع ذلك قبل صلاح العمل مع هذا النظام المستبد، والأنكى أنه لم يعترض على مشاركة إسرائيل في معرض الكتاب للمرة الأولى والأخيرة في يناير 1981، وكان صلاح وقتها رئيس الهيئة التي تنظم المعرض. لكن يصح القول أن موقف صلاح المسالم سياسيا لا يقلل البتة من الدور الثوري الجبار الذي لعبه في الشعر، وسينسى التاريخ المواقف والآراء السياسية وسيبقى شعره الجميل يشرق في الوجدان من قرن إلى آخر. أما المؤرخ السينمائي والناقد الفني محمود قاسم، أوضح أن أغلب الذين انتقدوا علاقة الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور، شغلوا مناصب فيها، منهم على سبيل المثال الدكتور جابر عصفور الذي كان حاضرًا في الليلة التي تسببوا فيها بوفاة صلاح عبد الصبور مع الفنان التشكيلي بهجت عثمان، والشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي حين اتهموا ببيع القضية، مؤكدًا أن جابر عصفور شغل منصب الأمين العام للمجلس الاعلى للثقافة لمدة تزيد عن عشرين عاما، ثم أصبح وزيرًا للثقافة.